48 و من كتاب له ع إلى معاوية
فَإِنَّ الْبَغْيَ وَ الزُّورَ يُوتِغَانِ الْمَرْءَ فِي دِينِهِ وَ دُنْيَاهُ- وَ يُبْدِيَانِ خَلَلَهُ عِنْدَ مَنْ يَعِيبُهُ- وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ غَيْرُ مُدْرِكٍ مَا قُضِيَ فَوَاتُهُ- وَ قَدْ رَامَ أَقْوَامٌ أَمْراً بِغَيْرِ الْحَقِّ- فَتَأَلَّوْا عَلَى اللَّهِ فَأَكْذَبَهُمْ- فَاحْذَرْ يَوْماً يَغْتَبِطُ فِيهِ مَنْ أَحْمَدَ عَاقِبَةَ عَمَلِهِ- وَ يَنْدَمُ مَنْ أَمْكَنَ الشَّيْطَانَ مِنْ قِيَادِهِ فَلَمْ يُجَاذِبْهُ- وَ قَدْ دَعَوْتَنَا إِلَى حُكْمِ الْقُرْآنِ وَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ- وَ لَسْنَا إِيَّاكَ أَجَبْنَا وَ لَكِنَّا أَجَبْنَا الْقُرْآنَ فِي حُكْمِهِ- وَ السَّلَامُ يوتغان يهلكان و الوتغ بالتحريك الهلاك- و قد وتغ يوتغ وتغا أي أثم و هلك- و أوتغه الله أهلكه الله و أوتغ فلان دينه بالإثم- . قوله فتألوا على الله أي حلفوا من الألية و هي اليمين- و في الحديث من تألى على الله أكذبه الله- و معناه من أقسم تجبرا و اقتدارا لأفعلن كذا- أكذبه الله و لم يبلغ أمله- . و قد روي تأولوا على الله- أي حرفوا الكلم عن مواضعه- و تعلقوا بشبهة في تأويل القرآن انتصارا لمذاهبهم و آرائهم- فأكذبهم الله بأن أظهر للعقلاء فساد تأويلاتهم- و الأول أصح- .
و يغتبط فيه يفرح و يسر و الغبطة السرور- روي يغبط فيه أي يتمنى مثل حاله هذه- . قوله و يندم من أمكن الشيطان من قياده فلم يجاذبه- الياء التي هي حرف المضارعة عائدة على المكلف- الذي أمكن الشيطان من قياده- يقول إذا لم يجاذب الشيطان من قياده فإنه يندم- فأما من جاذبه قياده فقد قام بما عليه- . و مثله قوله و لسنا إياك أجبنا- قوله و الله ما حكمت مخلوقا و إنما حكمت القرآن- و معنى مخلوقا بشرا لا محدثا
شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد) ج 17