google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
160-180 خطبه شرح وترجمه میر حبیب الله خوئیخطبه ها شرح و ترجمه میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره 164 (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه 165 صبحی صالح

165- و من خطبة له ( عليه ‏السلام ) يذكر فيها عجيب خلقة الطاوس‏

خلقة الطيور

ابْتَدَعَهُمْ خَلْقاً عَجِيباً مِنْ حَيَوَانٍ وَ مَوَاتٍ
وَ سَاكِنٍ وَ ذِي حَرَكَاتٍ
وَ أَقَامَ مِنْ شَوَاهِدِ الْبَيِّنَاتِ عَلَى لَطِيفِ صَنْعَتِهِ وَ عَظِيمِ قُدْرَتِهِ مَا انْقَادَتْ لَهُ الْعُقُولُ مُعْتَرِفَةً بِهِ وَ مَسَلِّمَةً لَهُ
وَ نَعَقَتْ فِي أَسْمَاعِنَا دَلَائِلُهُ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ
وَ مَا ذَرَأَ مِنْ مُخْتَلِفِ صُوَرِ الْأَطْيَارِ الَّتِي أَسْكَنَهَا أَخَادِيدَ الْأَرْضِ وَ خُرُوقَ فِجَاجِهَا وَ رَوَاسِيَ أَعْلَامِهَا
مِنْ ذَاتِ أَجْنِحَةٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ هَيْئَاتٍ مُتَبَايِنَةٍ
مُصَرَّفَةٍ فِي زِمَامِ التَّسْخِيرِ وَ مُرَفْرِفَةٍ بِأَجْنِحَتِهَا فِي مَخَارِقِ الْجَوِّ الْمُنْفَسِحِ وَ الْفَضَاءِ الْمُنْفَرِجِ
كَوَّنَهَا بَعْدَ إِذْ لَمْ تَكُنْ فِي عَجَائِبِ صُوَرٍ ظَاهِرَةٍ وَ رَكَّبَهَا فِي حِقَاقِ مَفَاصِلَ مُحْتَجِبَةٍ
وَ مَنَعَ بَعْضَهَا بِعَبَالَةِ خَلْقِهِ أَنْ يَسْمُوَ فِي الْهَوَاءِ خُفُوفاً
وَ جَعَلَهُ يَدِفُّ دَفِيفاً
وَ نَسَقَهَا عَلَى اخْتِلَافِهَا فِي الْأَصَابِيغِ بِلَطِيفِ قُدْرَتِهِ وَ دَقِيقِ صَنْعَتِهِ
فَمِنْهَا مَغْمُوسٌ فِي قَالَبِ لَوْنٍ لَا يَشُوبُهُ غَيْرُ لَوْنِ مَا غُمِسَ فِيهِ
وَ مِنْهَا مَغْمُوسٌ فِي لَوْنِ صِبْغٍ قَدْ طُوِّقَ بِخِلَافِ مَا صُبِغَ بِهِ

الطاوس‏

وَ مِنْ أَعْجَبِهَا خَلْقاً الطَّاوُسُ الَّذِي أَقَامَهُ فِي أَحْكَمِ تَعْدِيلٍ وَ نَضَّدَ أَلْوَانَهُ فِي أَحْسَنِ تَنْضِيدٍ
بِجَنَاحٍ أَشْرَجَ قَصَبَهُ وَ ذَنَبٍ أَطَالَ مَسْحَبَهُ
إِذَا دَرَجَ إِلَى الْأُنْثَى نَشَرَهُ مِنْ طَيِّهِ وَ سَمَا بِهِ
مُطِلًّا عَلَى رَأْسِهِ كَأَنَّهُ قِلْعُ دَارِيٍّ عَنَجَهُ نُوتِيُّهُ يَخْتَالُ بِأَلْوَانِهِ وَ يَمِيسُ بِزَيَفَانِهِ
يُفْضِي كَإِفْضَاءِالدِّيَكَةِ وَ يَؤُرُّ بِمَلَاقِحِهِ أَرَّ الْفُحُولِ الْمُغْتَلِمَةِ لِلضِّرَابِ
أُحِيلُكَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مُعَايَنَةٍ لَا كَمَنْ يُحِيلُ عَلَى ضَعِيفٍ إِسْنَادُهُ
وَ لَوْ كَانَ كَزَعْمِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُلْقِحُ بِدَمْعَةٍ تَسْفَحُهَا مَدَامِعُهُ فَتَقِفُ فِي ضَفَّتَيْ جُفُونِهِ
وَ أَنَّ أُنْثَاهُ تَطْعَمُ ذَلِكَ ثُمَّ تَبِيضُ لَا مِنْ لِقَاحِ فَحْلٍ سِوَى الدَّمْعِ الْمُنْبَجِسِ
لَمَا كَانَ ذَلِكَ بِأَعْجَبَ مِنْ مُطَاعَمَةِ الْغُرَابِ
تَخَالُ قَصَبَهُ مَدَارِيَ مِنْ فِضَّةٍ وَ مَا أُنْبِتَ عَلَيْهَا مِنْ عَجِيبِ دَارَاتِهِ وَ شُمُوسِهِ خَالِصَ الْعِقْيَانِ وَ فِلَذَ الزَّبَرْجَدِ
فَإِنْ شَبَّهْتَهُ بِمَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ قُلْتَ جَنًى جُنِيَ مِنْ زَهْرَةِ كُلِّ رَبِيعٍ
وَ إِنْ ضَاهَيْتَهُ بِالْمَلَابِسِ فَهُوَ كَمَوْشِيِّ الْحُلَلِ أَوْ كَمُونِقِ عَصْبِ الْيَمَنِ
وَ إِنْ شَاكَلْتَهُ بِالْحُلِيِّ فَهُوَ كَفُصُوصٍ ذَاتِ أَلْوَانٍ قَدْ نُطِّقَتْ بِاللُّجَيْنِ الْمُكَلَّلِ
يَمْشِي مَشْيَ الْمَرِحِ الْمُخْتَالِ وَ يَتَصَفَّحُ ذَنَبَهُ وَ جَنَاحَيْهِ
فَيُقَهْقِهُ ضَاحِكاً لِجَمَالِ سِرْبَالِهِ وَ أَصَابِيغِ وِشَاحِهِ
فَإِذَا رَمَى بِبَصَرِهِ إِلَى قَوَائِمِهِ زَقَا مُعْوِلًا بِصَوْتٍ يَكَادُ يُبِينُ عَنِ اسْتِغَاثَتِهِ وَ يَشْهَدُ بِصَادِقِ تَوَجُّعِهِ
لِأَنَّ قَوَائِمَهُ حُمْشٌ كَقَوَائِمِ الدِّيَكَةِ الْخِلَاسِيَّةِ
وَ قَدْ نَجَمَتْ مِنْ ظُنْبُوبِ سَاقِهِ صِيصِيَةٌ خَفِيَّةٌ
وَ لَهُ فِي مَوْضِعِ الْعُرْفِ قُنْزُعَةٌ خَضْرَاءُ مُوَشَّاةٌ
وَ مَخْرَجُ عَنُقِهِ كَالْإِبْرِيقِ وَ مَغْرِزُهَا إِلَى حَيْثُ بَطْنُهُ كَصِبْغِ الْوَسِمَةِ الْيَمَانِيَّةِ أَوْكَحَرِيرَةٍ مُلْبَسَةٍ مِرْآةً ذَاتَ صِقَالٍ
وَ كَأَنَّهُ مُتَلَفِّعٌ بِمِعْجَرٍ أَسْحَمَ
إِلَّا أَنَّهُ يُخَيَّلُ لِكَثْرَةِ مَائِهِ وَ شِدَّةِ بَرِيقِهِ أَنَّ الْخُضْرَةَ النَّاضِرَةَ مُمْتَزِجَةٌ بِهِ
وَ مَعَ فَتْقِ سَمْعِهِ خَطٌّ كَمُسْتَدَقِّ الْقَلَمِ فِي لَوْنِ الْأُقْحُوَانِ
أَبْيَضُ يَقَقٌ فَهُوَ بِبَيَاضِهِ فِي سَوَادِ مَا هُنَالِكَ يَأْتَلِقُ
وَ قَلَّ صِبْغٌ إِلَّا وَ قَدْ أَخَذَ مِنْهُ بِقِسْطٍ
وَ عَلَاهُ بِكَثْرَةِ صِقَالِهِ وَ بَرِيقِهِ وَ بَصِيصِ دِيبَاجِهِ وَ رَوْنَقِهِ
فَهُوَ كَالْأَزَاهِيرِ الْمَبْثُوثَةِ لَمْ تُرَبِّهَا أَمْطَارُ رَبِيعٍ وَ لَا شُمُوسُ قَيْظٍ
وَ قَدْ يَنْحَسِرُ مِنْ رِيشِهِ وَ يَعْرَى مِنْ لِبَاسِهِ فَيَسْقُطُ تَتْرَى وَ يَنْبُتُ تِبَاعاً فَيَنْحَتُّ مِنْ قَصَبِهِ انْحِتَاتَ أَوْرَاقِ الْأَغْصَانِ
ثُمَّ يَتَلَاحَقُ نَامِياً حَتَّى يَعُودَ كَهَيْئَتِهِ قَبْلَ سُقُوطِهِ
لَا يُخَالِفُ سَالِفَ أَلْوَانِهِ وَ لَا يَقَعُ لَوْنٌ فِي غَيْرِ مَكَانِهِ
وَ إِذَا تَصَفَّحْتَ شَعْرَةً مِنْ شَعَرَاتِ قَصَبِهِ أَرَتْكَ حُمْرَةً وَرْدِيَّةً وَ تَارَةً خُضْرَةً زَبَرْجَدِيَّةً وَ أَحْيَاناً صُفْرَةً عَسْجَدِيَّةً
فَكَيْفَ تَصِلُ إِلَى صِفَةِ هَذَا عَمَائِقُ الْفِطَنِ أَوْ تَبْلُغُهُ قَرَائِحُ الْعُقُولِ أَوْ تَسْتَنْظِمُ وَصْفَهُ أَقْوَالُ الْوَاصِفِينَ
وَ أَقَلُّ أَجْزَائِهِ قَدْ أَعْجَزَ الْأَوْهَامَ أَنْ تُدْرِكَهُ وَ الْأَلْسِنَةَ أَنْ تَصِفَهُ
فَسُبْحَانَ الَّذِي بَهَرَ الْعُقُولَ عَنْ وَصْفِ خَلْقٍ جَلَّاهُ لِلْعُيُونِ
فَأَدْرَكَتْهُ مَحْدُوداً مُكَوَّناً وَ مُؤَلَّفاً مُلَوَّناً
وَ أَعْجَزَ الْأَلْسُنَ عَنْ تَلْخِيصِ صِفَتِهِ وَ قَعَدَ بِهَا عَنْ تَأْدِيَةِ نَعْتِهِ

صغار المخلوقات‏

وَ سُبْحَانَ مَنْ أَدْمَجَ قَوَائِمَ الذَّرَّةِ وَ الْهَمَجَةِ
إِلَى مَا فَوْقَهُمَا مِنْ خَلْقِ الْحِيتَانِ وَ الْفِيَلَةِ
وَ وَأَى عَلَى نَفْسِهِ أَلَّا يَضْطَرِبَ شَبَحٌ مِمَّا أَوْلَجَ فِيهِ الرُّوحَ إِلَّا وَ جَعَلَ الْحِمَامَ مَوْعِدَهُ وَ الْفَنَاءَ غَايَتَهُ

منها في صفة الجنة

فَلَوْ رَمَيْتَ بِبَصَرِ قَلْبِكَ نَحْوَ مَا يُوصَفُ لَكَ مِنْهَا لَعَزَفَتْ نَفْسُكَ عَنْ بَدَائِعِ مَا أُخْرِجَ إِلَى الدُّنْيَا مِنْ شَهَوَاتِهَا وَ لَذَّاتِهَا وَ زَخَارِفِ مَنَاظِرِهَا
وَ لَذَهِلَتْ بِالْفِكْرِ فِي اصْطِفَاقِ أَشْجَارٍ غُيِّبَتْ عُرُوقُهَا فِي كُثْبَانِ الْمِسْكِ عَلَى سَوَاحِلِ أَنْهَارِهَا
وَ فِي تَعْلِيقِ كَبَائِسِ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ فِي عَسَالِيجِهَا وَ أَفْنَانِهَا
وَ طُلُوعِ تِلْكَ الثِّمَارِ مُخْتَلِفَةً فِي غُلُفِ أَكْمَامِهَا
تُجْنَى مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ فَتَأْتِي عَلَى مُنْيَةِ مُجْتَنِيهَا وَ يُطَافُ عَلَى نُزَّالِهَا فِي أَفْنِيَةِ قُصُورِهَا بِالْأَعْسَالِ الْمُصَفَّقَةِ وَ الْخُمُورِ الْمُرَوَّقَةِ
قَوْمٌ لَمْ تَزَلِ الْكَرَامَةُ تَتَمَادَى بِهِمْ حَتَّى حَلُّوا دَارَ الْقَرَارِ وَ أَمِنُوا نُقْلَةَ الْأَسْفَارِ
فَلَوْ شَغَلْتَ قَلْبَكَ أَيُّهَا الْمُسْتَمِعُ بِالْوُصُولِ إِلَى مَا يَهْجُمُ عَلَيْكَ مِنْ تِلْكَ الْمَنَاظِرِ الْمُونِقَةِ لَزَهِقَتْ نَفْسُكَ شَوْقاً إِلَيْهَا
وَ لَتَحَمَّلْتَ مِنْ مَجْلِسِي هَذَا إِلَى مُجَاوَرَةِ أَهْلِ الْقُبُورِ اسْتِعْجَالًا بِهَا
جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَسْعَى بِقَلْبِهِ إِلَى مَنَازِلِ الْأَبْرَارِ بِرَحْمَتِهِ

تفسير بعض ما في هذه الخطبة من الغريب‏
قال السيد الشريف رضي الله عنه قوله ( عليه ‏السلام ) يؤر بملاقحه الأر
كناية عن النكاح يقال أر الرجل المرأة يؤرها إذا نكحها.
و قوله ( عليه‏ السلام ) كأنه قلع داري عنجه نوتيه القلع شراع السفينة و داري منسوب إلى دارين و هي بلدة على البحر يجلب منها الطيب
و عنجه أي عطفه يقال عنجت الناقة كنصرت أعنجها عنجا إذا عطفتها و النوتي الملاح.
و قوله ( عليه‏السلام ) ضفتي جفونه أراد جانبي جفونه
و الضفتان الجانبان. و قوله ( عليه‏السلام ) و فلذ الزبرجد الفلذ جمع فلذة و هي القطعة.
و قوله ( عليه‏السلام ) كبائس اللؤلؤ الرطب الكباسة العذق و العساليج الغصون واحدها عسلوج

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج10  

و من خطبة له عليه السّلام يذكر فيها خلقة الطاوس و هى المأة و الرابعة و الستون من المختار فى باب الخطب

و شرحها فى ضمن فصلين:

الفصل الاول

ابتدعهم خلقا عجيبا من حيوان و موات، و ساكن و ذي حركات، و أقام من شواهد البيّنات على لطيف صنعته و عظيم قدرته ما انقادت له العقول معترفة به، و مسلّمة له، و نعقت في أسماعنا دلائله على وحدانيّته، و ما ذرء من مختلف (إختلاف) صور الأطيار الّتي أسكنها أخاديد الأرض و خروق فجاجها، و رواسي أعلامها، من ذوات أجنحة مختلفة، و هيئات متباينة، مصرّفة في زمام التّسخير، و مرفرفة بأجنحتها في مخارق الجوّ المنفسح، و الفضاء المنفرج، كوّنها بعد إذ لم تكن في عجائب صور ظاهرة، و ركّبها في حقاق مفاصل محتجبة و منع بعضها بعبالة خلقه أن يسمو في السّماء (الهواء) خفوفا، و جعله يدفّ دفيفا، و نسقها على اختلافها في الأصابيغ، بلطيف قدرته، و دقيق صنعته، فمنها مغموس في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه، و منها مغموس في لون صبغ قد طوّق بخلاف ما صبغ به. و من أعجبها خلقا ألطّاوس الّذي أقامه في أحكم تعديل، و نضّد ألوانه في أحسن تنضيد، بجناح أشرج قصبه، و ذنب أطال مسحبه، و إذا درج إلى الانثى نشره من طيّه، و سما به مظلّا على رأسه، كأنّه قلع داريّ عنجه نوتيّه، يختال بألوانه، و يميس بزيفانه، يفضي كإفضاء الدّيكة، و يورّ بملاقحة أرّ الفحول المغتلمه للضرّاب، أحيلك من ذلك على معاينة لا كمن يحيل على ضعيف أسناده، و لو كان كزعم من يزعم أنّه يلقح بدمعة تسفحها (تنشجها) مدامعه فتقف في ضفّتي جفونه و أنّ أنثاه تطعّم ذلك ثمّ تبيّض لا من لقاح فحل سوى الدّمع المتبجّس (المنبجس) لما كان ذلك بأعجب من مطاعمة الغراب، تخال قصبه مدارى من فضّة، و ما أنبتت عليها من عجيب داراته و شموسه خالص العقيان و فلذ الزّبرجد. فإن شبّهته بما أنبتت الأرض قلت جنيّ جني من زهرة كلّ‏ ربيع، و إن ضاهيته بالملابس فهو كموشيّ الحلل أو مونق عصب اليمن، و إن شاكلته بالحليّ فهو كفصوص ذات ألوان قد نطّقت باللّجين المكلّل، يمشي مشي المرح المختال، و يتصفّح ذنبه و جناحه فيقهقه ضاحكا لجمال سرباله، و أصابيغ وشاحه، فإذا رمى ببصره إلى قوائمه زقا معولا بصوت يكاد يبين عن استغاثته، و يشهد بصادق توجّعه، لأنّ قوائمه حمش كقوائم الدّيكة الخلاسيّة، و قد نجمت من ظنبوب ساقه صيصية خفيّة.

و له في موضع العرف فنزعة خضراء موشاة (موشّاة)، و مخرج عنقه كالإبريق، و مغرزها إلى حيث بطنه كصبغ الوسمة اليمانيّة، أو كحريرة ملبّسة مراتا ذات صقال، و كأنّه متلفّع بمعجر أسحم إلّا أنّه يخيّل لكثرة ماءه و شدّة بريقه أنّ الخضرة النّاضرة ممتزجه به، و مع فتق سمعه خطّ كمستدقّ القلم في لون الاقحوان أبيض يقق فهو ببياضه في سواد ما هنالك يأتلق. و قلّ صبغ إلّا و قد أخذ منه بقسط، و علاه بكثرة صقاله و بريقه، و بصيص ديباجه و رونقه، فهو كالأزاهير المبثوثة لم تربّها أمطار ربيع و لا شموس قيظ، و قد يتحسّر من ريشه و يعرى من‏لباسه فيسقط تترى و ينبت تباعا فينحتّ من قصبه انحتات أوراق الأغصان، ثمّ يتلاحق ناميا حتّى يعود كهيئته قبل سقوطه، لا يخالف سالف ألوانه، و لا يقع لون في غير مكانه، و إذا تصفّحت شعرة من شعرات قصبه أرتك حمرة وردّية، و تارة خضرة زبرجديّة، و أحيانا صفرة عسجديّة. فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن، أو تبلغه قرائح العقول، أو تستنظم وصفه أقوال الواصفين، و أقلّ أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه، و الألسنة أن تصفه. فسبحان الّذي بهر العقول عن وصف خلق جلاه للعيون فأدركته محدودا مكوّنا، و مؤلّفا ملوّنا، و أعجز الألسن عن تلخيص صفته، و قعد بها عن تأدية نعته، و سبحان من أدمج قوائم الذّرّة و الهمجة إلى ما فوقهما من خلق الحيتان و الفيلة، و واى على نفسه ألّا يضطرب شبح ممّا أولج فيه الرّوح إلّا و جعل الحمام موعده، و الفناء غايته.

قال السيد (ره) بعد إيراد الخطبة بتمامها: تفسير ما جاء فيها من الغريب «و يؤرّ بملاقحة» ألارّ كناية عن النّكاح يقال أرّ المرأة يؤرّها إذا نكحها، و قوله: «كأنّه قلع داري عنجه نوتيّة» القلع شراع السفينة، و دارىّ منسوب إلى دارين و هى بلدة على البحر يجلب منها الطّيب، و عنجه أى عطفه يقال: عنجت النّاقةأعنجها عنجا إذا عطفتها، و النوتىّ الملّاح و قوله: «ضفّتى جفونه» أراد جانبي جفونه، و الضّفتان الجانبان و قوله: «و فلذ الزّبرجد» الفلذ جمع فلذة و هي القطعة و قوله: «كبائس اللّؤلؤ الرطب» الكباسة العذق «و العساليج» الغصون واحدها عسلوج.

اللغة

(الحيوان) محرّكة جنس الحىّ أصله حييان و قد تكون بمعنى الحياة و المراد هنا الأوّل و (نعق) بغنمه من بابي ضرب و منع نعقا و نعيقا و نعاقا صاح بها و زجرها هكذا في القاموس، و في مصباح اللّغة للفيومى من باب ضرب إلّا أنّ الموجود فيما رأيته من نسخ النهج نعقت بكسر العين.

و (رفرف) الطائر بسط جناحيه عند السقوط على الشي‏ء يحوم عليه لتقع فوقه و (حقاق المفاصل) بكسر الحاء جمع حقّ بالضمّ رأس الورك الّذي فيه عظم الفخذ و رأس العضد الذى فيه الوابلة قال الشّارح المعتزلي: هو مجمع المفصلين من الأعضاء فيكون أعمّ و (سحبه) على الأرض سحبا من باب منع جرّه عليها فانسحب و (طوى) الصّحيفة يطويها طيّا قال سبحانه «يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ» و انّه لحسن الطيّة بالكسر و في بعض النسخ من طيه بالكسر.
و (قلع داريّ) قال الفيومى: القلاع شراع السفينة، و الجمع قلع، مثل كتاب و كتب، و القلع مثله، و الجمع قلوع مثل حمل و حمول، و في القاموس القلع بالكسر الشراع كالقلاعة ككتابة، و الداري المنسوب إلى دارين قال البحراني: و هي جزيرة من سواحل القطيف من بلاد البحرين يقال إنّ الطيب كان يجلب اليها من الهند و هي الان خراب لا عمارة بها و لا سكنى، و فيها آثار قديمة و في القاموس الدّارين موضع بالشام.

و (ماس) في مشيه تبختر و (الزّيفان) التبختر في المشى و (الملاقحة) مفاعلة من ألقح الفحل الناقة أى أحبلها، و في بعض النسخ (بملاقحه) بصيغة الجمع‏مضافا إلى الضمير أى بالات التناسل و الأعضاء و (غلم) كفرح غلما و غلمة بالضمّ و اغتلم غلب شهوة، و غلم البعير و اغتلم أى هاج من شهوة الضرّاب، فهو غلّم و غلّيم و الاثنى غلّمة و غلّيمة و مغتلمة.

و (سفحت) الدّم أى أرقته و الدّمع أسلته و في بعض النّسخ تنشجها بدل تسفحها مضارع نشج من باب ضرب يقال نشج القدر أى غلا ما فيه حتّى سمع له صوت قال العلّامة المجلسى: و لعلّ الأوّل أوضح، فانّ الفعل ليس متعدّيا بنفسه على ما في كتب اللّغة و (تطعّم) على صيغة التفعّل بحذف إحدى التّائين و (بجّس) الماء تبجيسا فجره فتبجّس و انبجس، و في بعض النّسخ المنبجس من باب الانفعال.

و (المدارى) بالدال المهملة جمع المدرى قال ابن الأثير: المدرى و المدراة شي‏ء من حديد أو خشب على شكل سنّ من أسنان المشط و أطول منه يسرح به الشعر الملبّد و يستعمله من لا مشط له، و في نسخ الشّارح البحراني بالذّال المعجمة قال: و هي خشبة ذات أطراف كأصابع الكفّ ينقى بها الطّعام.

و (دارات) جمع الدّارة دارة القمر و غيره سمّيت بذلك لاستدارتها و (العقيان) بالكسر كما في القاموس و قال العلّامة المجلسيّ بالضمّ: الذّهب الخالص أو الذّهب النّابت من الأرض و (جنيت) التّمرة و الزّهرة و اجتنيتها و الجنيّ فعيل منه، و فى بعض النّسخ جنى كحصى و هو ما يجنى من الشّجر ما دام غصنا بمعنى فعيل و لفظة الفعل المجهول ليست في بعض النّسخ.

و (زهر) النّبات بالفتح نوره، و الواحدة زهرة كتمر و تمرة قالوا و لا يسمّى زهرا حتى تفتح و (وشيت) الثوب وشيا من باب رمى نقشته فهو موشىّ وزان مرمىّ أى منقّش، و الأصل على مفعول و (الحلل) كصرد جمع حلة بالضمّ و هي إزار و رداء من برد أو غيره فلا تكون حلّة إلّا من ثوبين أو ثوب له بطانة.

و (العصب) وزان فلس قال الفيومى برد يصنع غزله ثمّ ينسج، و لا يثنى و لا يجمع و إنّما يثنى و يجمع ما يضاف إليه فيقال: برد عصب و برود عصب، و الاضافة للتخصيص، و يجوز أن يجعل وصفا فيقال: شريت ثوبا عصبا، و قال السهلي: العصب‏صبغ لا ينبت إلّا باليمن.

و (الفصوص) جمع فصّ كفلس و فلوس قال ابن السكيت: كسر الفاء ردىّ، و كذا قال الفارابي، و في القاموس الفص الخاتم مثلثة و الكسر غير لحن و (كلل) فلانا أى ألبس الاكليل و هو بالكسر التاج و شبه عصابة زين بالجوهر و (الوشاح) ككتاب شي‏ء ينسج من أديم و يرصّع شبه القلادة تلبسه النساء.
و رجل (أحمش) الساقين أى أدقّهما و (الخلاسى) بكسر الخاء المعجمة الديك بين دجاجتين هندية و فارسية، و الولد بين أبوين أبيض و أسود و (الظنبوب) حرف العظم اليابس من قدم الساق و (الوسمة) بكسر السين كما في بعض النسخ و هي لغة الحجاز و أفصح من السكون، و أنكر الأزهرى السكون، و بالسكون كما في بعضها و (اللفاع) ككتاب الملحفة أو الكساء أو كلما تتلفّع به المرأة، و تلفع الرّجل بالثوب إذا اشتمل به و تغطى، و في بعض النسخ متقنّع من القناع و (أبيض يقق) بالتحريك و بالكسر أيضا وزان كتف شديد البياض.

و (يتحسّر) في بعض النسخ مضارع تفعل يقال: تحسّر البعير أى سقط من الاعياء، و في بعض النّسخ تنحسر على صيغة الانفعال تقول: حسره كضربه فانحسر أى كشفه فانكشف و (سالف ألوانه) في بعض النسخ بدلها ساير ألوانه و الأوّل أظهر و (العسجد) كجعفر الذّهب و (العمق) بالضمّ و الفتح قعر البئر و نحوها و (الفطن) كعنب جمع فطنة بالكسر و هي الحذق و العلم بوجوه الامور و (جلّاه) بالتّشديد و التخفيف على اختلاف النّسخ أى كشفه و (الهمجة) محرّكة واحدة الهمج بالتّحريك أيضا و هو ذباب صغير كالبعوض يسقط على وجوه الغنم و الحمير و النعاج الهرمة.

الاعراب

قوله: و نعقت جملة مستأنفة، و تحتمل أن تكون معطوفة على جملة انقادت و على الأوّل فالضمير في دلائله راجع إلى اللّه، و على الثّاني فهو راجع إلى ما، و قوله: و ما ذرأ، عطف على قوله: ما انقادت، أو على الضّمير في دلائله كما قاله‏ الشّارح البحراني و قوله: من ذوات، بيان للأطيار، و مصرّفة، و مرفرفة منصوبان على الحال، و في بعض النّسخ بالجرّ على أنّهما صفتان لذوات أجنحة.

و جملة كوّنها في المعنى تأكيد لجملة ذرأ، و لكمال الاتصال ترك العاطف بينهما، و تحتمل الاستيناف البياني، و قوله: في لون صبغ، بجرّلون مضافا إلى صبغ على الاضافة البيانيّة، و في بعض النّسخ بالجرّ و التّنوين و صبغ على صيغة الماضي المجهول، أى صبغ ذلك المغموس، و الواو في قوله: و من أعجبها، استينافيّة و قوله: بجناح، إمّا بدل من أحكم تعديل أو عطف بيان، و يحتمل تعلّقه بقوله أحسن تنضيد.

و جملة عنجه، مرفوعة المحل صفة لقلع، و مغرزها، مبتدأ خبره كصبغ الوسمة، و بطنه بالرّفع مبتدأ محذوف الخبر أى مغرزها إلى حيث بطنه موجودا و ممتدّا و منتهى إليه كصبغ.
و حيث تضاف إلى الجملة غالبا و إضافتها إلى المفرد تشذّ في الشّعر، و هو في المعنى مضافة إلى المصدر الّذي تضمّنته الجملة قالوا: حيث و إن كانت مضافة الى الجملة في الظّاهر، لكن لمّا كانت في المعنى مضافة إلى المصدر فاضافتها إليها كلا إضافة، و لذا بنيت على الضمّ كالغايات على الأعرف قال نجم الأئمة: قد حذف خبر المبتدأ الّذي بعد حيث غير قليل، و التّنوين في قوله: بقسط، للتّفخيم، و جملة: علاه عطف على جملة أخذ.

المعنى

اعلم أنّ هذه الخطبة الشّريفة على غاية بلاغتها و بديع اسلوبها و عجيب نظمها مسوقة لشرح أوصاف الطّير لا سيّما الطّاؤوس، و الغرض منه التّنبيه على عظيم قدرته سبحانه و لطيف صنعته و الاشارة إلى عجايب ما أبدعه سبحانه في الملك و الملكوت، لتنبّه من رقدة الغفلة، و يتحصّل لك كمال المعرفة.

و افتتح عليه السّلام بمطلق دلائل القدرة ثمّ تخلّص إلى ذكر الطّاؤوس فقال (ابتدعهم) أى أبدع الموجودات لا عن مادّة أو على غير مثال سابق (خلقا عجيبا)على أصناف مختلفة و أنواع متكثّرة و هيئات عجيبة و أوصاف بديعة (من حيوان و موات و ساكن و ذى حركات) أى بعضها ذو حيات كأصناف الملائكة و الحيوان و الجنّ و الانس، و بعضها ذو ممات كالشّجر و الجماد و النّبات و غيرها ممّا ليس لها حياة، و بعضها متّصفة بالسكون كالأرض و الجبال، و بعضها متّصفة بالحركة الاراديّة كالانسان و الحيوان و نحوهما، أو طبيعيّة كالماء و النّار و الكواكب و الأفلاك.

(و أقام من شواهد البيّنات على لطيف صنعته و عظيم قدرته ما) أي شاهد صدق و برهان حتّى (انقادت له) أى لذلك الشّاهد (العقول معترفة به) أى بهذا الشّاهد أو باللّه سبحانه (و مسلّمة له) غير جاحدة لحقيّته (و نعقت) أى صاحت (في أسماعنا دلائله) سبحانه (على وحدانيّته) قال الشّارح البحراني استعار لفظ النّعيق في الأسماع لظهور تلك الدّلائل في صماخ العقل (و ما ذرأ) أى أقام من شواهد البيّنات أو نعقت دلائل ما ذرئه و خلقه (من اختلاف صور الأطيار الّتي أسكنها أخاديد الأرض) كالقطا و نحوه ممّا يسكن الشّقوق في الأرض (و خروق فجاجها) كالقبج و شبهه ممّا يسكن الفجاج أى الطرق الواسعة بين الجبلين (و رواسى أعلامها) كالعقبان و الصّقور تأوى في الجبال الرّاسيات أى الثّابتات المستقرّات (من ذوات أجنحة مختلفة و هيئات متباينة) فهذا غراب، و هذا عقاب، و هذا حمام، و هذا نعام خلقها اللّه سبحانه على أشكال مختلفة و طبايع متضادّة.

و لكنّها كلّها على تباين طبائعها و تضادّ أجناسها مقهورة تحت ذلّ القدرة مشدودة بربق الطّاعة (مصرّفة) و متقلّبة (في زمام التسخير) كما قال عزّ من قائل: أَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.

قال الرّازي: هذا دليل على كمال قدرة اللّه و حكمته: فانّه لولا أنّه تعالى خلق الطّير خلقة معها يمكنه الطّيران فيها لما أمكن ذلك، فانّه أعطى الطّير جناحا يبسطه مرّة و يكسره اخرى، مثل ما يعمل السّابح في الماء، و خلق الهواء خلقة لطيفة رقيقة يسهل خرقه و النّفاذ فيه و لو لا ذلك لما كان الطّيران ممكنا، و جسد الطّير جسم ثقيل و الجسم الثّقيل يمتنع بقاؤه في الجوّ معلّقا من غير دعامة و لا علاقة فوقه، فوجب أن يكون الممسك له في ذلك الجوّ هو اللّه سبحانه.

(و مرفرفة بأجنحتها في مخارق الجوّ المنفسح و الفضاء المنفرج) أى باسطة جناحيها في أمكنتها الّتي تخرق الهواء الواسع فتدخلها قال تعالى: أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَ يَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ بَصِيرٌ».

قيل في تفسيره: أى باسطات أجنحتهنّ في الجوّ عند طيرانها، فانّهنّ إذا بسطنها صففن قوادمها- و يقبضن- أى و يضممنها إذا ضربن بها جنوبهن وقتا بعد وقت للاستظهار به على التّحرّك، و لذلك عدل به إلى صيغة الفعل للتّفرقة بين الأصيل في الطيران و الطّارى عليه- ما يمسكهنّ- في الجوّ على خلاف طبعهنّ- إلّا الرّحمن- الشّامل رحمته كلّشي‏ء بأن خلقهنّ على اشكال و خصايص هيئاتهنّ للحركة فى الهواء- إنّه بكلّ شي‏ء بصير- يعلم كيف يخلق الغرائب و يدبّر العجائب.

(كوّنها) كساير المكوّنات و المخلوقات (بعد اذ لم تكن في عجائب صور ظاهرة) و هيئات بديعة غير مستورة (و ركّبها في حقاق مفاصل محتجبة) مستترة باللّحم و الجلد و نحوهما (و منع بعضها بعبالة خلقه) و ضخامة جثّته كالنّعامة و اللّقلق و نحوهما (أن يسمو في السّماء خفوفا) أى يعلو في جهة العلوّ بسرعة (و جعله يدفّ دفيفا) أى يحرّك جناحيه للطّيران قال الفيومى: معناه ضرب بهما دفّيه و هما جنباه، يقال ذلك إذا أسرع مشيا و رجلاه على وجه الأرض ثمّ يستقلّ طيرانا (و نسقها) أى نظمها (على اختلافها في الاصابيغ) و الألوان (بلطيف قدرته و دقيق صنعته) أى جعل كلّا منها على لون خاصّ على وفق حكمته البالغة (فمنها مغموس في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه) أى بعضها ذو لون واحد كالأسود و الأبيض و الأحمر، فعبر عنه بالغمس في قالب اللّون إشارة إلى‏إحاطة اللّون الواحد به بجميع أجزائه كما يحيط القالب بالأشياء المصنوعة بالصبّ فيه من نحاس و نحوه.

(و منها مغموس في لون صبغ قد طوّق بخلاف ما صبّغ به) أى بعضها ذو لونين فما زاد كالقبج و الفاختة و البلبل و نحوها ممّا يخالف لون عنقه لون ساير جسده، و الغرض بذلك كلّه حسبما عرفت التّنبيه على عظمة اللّه سبحانه و كمال قدرته و لطيف صنعته و بديع حكمته.

و قد شرحه الصّادق عليه السّلام و أفصح عنه في حديث المفضّل.

قال عليه السّلام: تأمّل يا مفضّل جسم الطّاير و خلقته فانّه حين قدر أن يكون طائرا في الجوّ خفّف جسمه و ادمج خلقه فاقتصر به من القوايم الأربع على اثنتين، و من الأصابع الخمس على أربع، و من منفذين للزّبل و البول على واحد يجمعهما، ثمّ خلق ذا جؤجؤ محدّد يسهل عليه أن يخرق الهواء كيف ما أخذ فيه كما جعل السّفينة بهذه الهيئة لتشقّ الماء و تنفذ فيه، و جعل في جناحيه و ذنبه ريشات طوال متان لينهض بها للطّيران، و كسى كلّه الرّيش ليداخله «ليتداخله خ ل» الهواء فيقلّه.

و لما قدّر أن يكون طعمه الحبّ و اللّحم يبلعه بلعا بلا مضغ نقص من خلقة الأسنان و خلق له منقار صلب«» جاس يتناول به طعمه فلا ينسحج من لقط الحبّ و لا يتقصّف«» من نهش اللّحم، و لما عدم الأسنان و صار يزدرد الحبّ صحيحا و اللّحم غريضا أعين بفضل حرارة في الجوف تطحن له الطعم طحنا يستغنى به عن المضغ.
و اعتبر بأنّ عجم العنب و غيره يخرج من أجواف الانس صحيحا و يطحن في أجواف الطير لا يرى له أثر.
ثمّ جعل مما يبيض بيضا و لا يلد ولادة لكيلا يثقل عن الطيران، فانه لو كانت الفرخ في جوفه تمكث حتى تستحكم لأثقلته و عاقته عن النهوض و الطيران فجعل‏كلّ شي‏ء من خلقه شاكلا للأمر الذي قدّر أن يكون عليه.

ثمّ صار الطائر السابح في هذا الجوّ يقعد على بيضه فيخرّ له اسبوعا و بعضها اسبوعين و بعضها ثلاثة أسابيع حتى يخرج الفرخ من البيضة، ثمّ يقبل عليه فيزقّه لتتّسع حوصلته للغذاء، ثمّ يربّيه و يغذيه بما يعيش به، فمن كلّفه أن يلفظ الطعم و يستخرجه بعد أن يستقرّ في حوصلته و يغذو به فراخه و لأىّ معنى يحتمل هذه المشقة و ليس بذى رويّة و لا تفكّر و لا يأمل في فراخه ما يأمل الانسان في ولده من العزّ و الرّفد و بقاء الذكر و هذا من فعل هو يشهد بأنه معطوف على فراخه لعلّة لا يعرفها و لا يفكّر فيها و هى دوام النسل و بقاؤه لطفا من اللّه تعالى ذكره.

انظر إلى الدّجاجة كيف تهيج لحضن البيض و التفريخ و ليس لها بيض مجتمع و لا وكر موطى‏ء بل تنبعث و تنتفخ و تقوقى و تمتنع من الطعم حتّى يجمع لها البيض فتحضنه و تفرخ، فلم كان ذلك منها إلّا لاقامة النّسل، و من أخذها باقامة النسل و لا رويّة و لا فكر لولا أنها مجبولة على ذلك.

و اعتبر بخلق البيضة و ما فيها من المخّ الأصفر الخاثر، و الماء الأبيض الرّقيق فبعضه لينتشر منه الفرخ، و بعضه ليغذي به إلى أن تنقاب عنه البيضة، و ما في ذلك من التدبير، فانه لو كان نشوء «نشق خ ل» الفرخ في تلك القشرة المستحضنة التي لا مساغ لشي‏ء اليها لجعل معه في جوفها من الغذاء ما يكتفى إلى وقت خروجه منها كمن يحبس في حبس حصين لا يوصل النفقة إلى من فيه فيجعل معه من القوت ما يكتفى به إلى وقت خروجه منه.
فكّر في حوصلة الطائر و ما قدّر له، فانّ مسلك الطعم إلى القانصة ضيّق لا ينفذ فيه الطعام إلّا قليلا قليلا، فلو كان الطائر لا يلقط حبة ثانية حتى تصل الاولى القانصة لطال عليه و متى كان يستوفي طعمه، فانما يختلسه اختلاسا لشدّة الحذر، فجعلت الحوصلة كالمخلاة المعلقة أمامه ليوعى فيها ما أدرك من الطعم بسرعة ثمّ تنفذه إلى القانصة على مهل، و في الحوصلة أيضا خلّة اخرى فانّ من الطائر ما يحتاج إلى أن يزقّ فراخه فيكون ردّه للطعم من قرب أسهل عليه.

قال المفضل: فقلت إنّ قوما من المعطلة يزعمون أنّ اختلاف الألوان و الأشكال في الطير إنما يكون من قبيل امتزاج الأخلاط و اختلاف مقاديرها بالمزج و الاهمال.
فقال عليه السّلام: يا مفضّل هذا الوشى الّذي تراه في الطواويس و الدّراج و التدارج على استواء و مقابلة كنحو ما يخطّ بالأقلام كيف يأتي به الامتزاج المهمل على شكل واحد لا يختلف، لو كان بالاهمال لعدم الاستواء و لكان مختلفا.

تأمّل ريش الطير كيف هو فانّك تراه منسوجا كنسج الثّوب من سلوك دقاق قد ألّف بعضه إلى بعض كتأليف الخيط إلى الخيط و الشّعرة إلى الشّعرة، ثمّ ترى ذلك النّسج إذا مددته ينفتح قليلا و لا ينشق لتداخله الرّيح فيقلّ الطّائر إذا طار، و ترى في وسط الرّيشة عمودا غليظا معيّنا قد نسج عليه الذي هو مثل الشّعر ليمسكه بصلابته، و هو القصبة التي في وسط الرّيشة، و هو مع ذلك أجوف ليخف على الطّائر و لا يعوقه عن الطيران.

هل رأيت يا مفضّل هذا الطّاير الطّويل السّاقين و عرفت ما له من المنفعة في طول ساقيه فانّه أكثر ذلك في ضحضاح«» من الماء، فتراه لساقين طويلين كانه ربيئة«» فوق يرقب و هو يتأمّل ما يدبّ في الماء، فاذا رأى ممّا يتقوّت به خطا خطوات رقيقا حتّى يتناوله، و لو كان قصير السّاقين و كان يخطو نحو الصّيد ليأخذه تصيب بطنه الماء فيثور و يذعر منه فيتفرّق عنه، فخلق له ذلك العمودان ليدرك بهما حاجته و لا يفسد عليه مطلبه.

تأمّل ضروب التّدبير في خلق الطّاير فانّك تجد كلّ طاير طويل السّاقين طويل العنق، و ذلك ليتمكّن من تناول طعمه من الأرض، و لو كان طويل السّاقين قصير العنق لما استطاع أن يتناول شيئا من الأرض، و ربما اعين مع تطول العنق بطول المناقير ليزداد الأمر عليه سهولة له و إمكانا، أفلا ترى أنّك لا تفتّش شيئامن الخلقة إلّا وجدته في «على» غاية الصّواب و الحكمة و إذا عرفت وجه التدبير و الحكمة في مطلق الطير فلنعد إلى شرح عجائب خلقة الطاوس على ما فصّله الامام عليه السّلام بقوله (و من أعجبها خلقا الطاوس الذي أقامه) اللّه سبحانه (في أحكم تعديل) أى أعطى كلّ شي‏ء منه في الخلق ما يستحقّه و خلقه على وجه الكمال خاليا من نقص (و نضّد) أى رتّب (ألوانه في أحسن تنضيد) و ترتيب كما قال الشّاعر:

سبحان من من خلقه الطاوس
طير على أشكاله رئيس‏

كأنّه في نقشه عروس‏
في الرّيش منه ركّبت فلوس‏

تشرق في داراته شموس
في الرّأس منه شجر مغروس‏

كأنّه بنفسج يميس‏
أو هو رهو«» حرم يبيس‏

فقد رتّب تعالى ألوانه (بجناح أشرج قصبه) أى ركّب عروق جناحه و اصولها بعضها في بعض كما يشرج العيبة أى يداخل بين أشراجها (و ذنب أطال مسحبه) على وجه الأرض (و إذا) أراد السفاد و (درج إلى الانثى نشره) أى نشر ذنبه (من طيّه و سما به مطلّا) أى رفعه مشرفا (على رأسه كأنه قلع داري) شبّه عليه السّلام ذنبه بشراع السفينة من باب تشبيه المحسوس بالمحسوس، لأنه عند ارادة السفاد يبسط ذنبه و ينشره ثمّ يرفعه و ينصبه فيسير كهيئة الشراع المرفوع.

و أوضح وجه الشبه بقوله (عنجه نوتيّه) و ذلك لأنّ الملّاح الذي يدبّر أمر السفينة يعطف الشراع و يصرفه تارة بالجذب و تارة بالارخاء و تارة بتحويله يمينا و شمالا بحسب انصرافه من بعض الجهات إلى بعض (يختال) أى يتكبّر و يعجب (بألوانه و يميس) أى يتبختر (بزيفانه) و التبختر بمشيته.
ثمّ وصف عليه السّلام هيئة جماعه بقوله (يفضى) و يسفد (كافضاء الدّيكة و يأرّ) أى يجامع (بملاقحة) مثل (أرّ الفحول المغتلمة) و ذات الغلم و الشبق.

ثمّ أكّد كون سفاده مثلى سفاد الدّيك و الفحل بالات التناسل كساير أصناف‏الحيوان تنبيها به على ردّ من زعم أنّ سفاده بتطعم الدّمع فقال (احيلك من ذلك على معاينة) أى مشاهدة برأى العين (لا كمن يحيل على ضعيف اسناده) و يزعم أن لقاحه بالتطعم اعتمادا على سند ضعيف و إحالة عليه.

ثمّ دفع الاستبعاد عن ذلك الزعم الفاسد بقوله (و لو كان) الأمر (كزعم من يزعم أنّه يلقح) أى يحبل (بدمعة تسفحها) و تسكبها (مدامعه فتقف في ضفّتى جفونه) و جانبيها (و أنّ انثاه تطعم ذلك ثمّ تبيض لا من لقاح فحل سوى الدّمع المتبجّس) المنفجر (لما كان ذلك بأعجب من مطاعمة الغراب) قال الشّارح المعتزلي: و اعلم أنّ قوما زعموا أنّ الطاوس الذّكر يدمع عينه فتقف الدّمعة بين أجفانه فتأتي الانثى فتطعمها فتلقح من تلك الدّمعة، و أمير المؤمنين عليه السّلام لم يحل ذلك و لكنّه قال: ليس بأعجب من مطاعمة الغراب، و العرب تزعم أنّ الغراب لا يسفد، و من أمثالهم: أخفى من سفاد الغراب، فيزعمون أنّ اللّقاح من مطاعمة الذّكر و الانثى و انتقال جزء من الماء الذي في قانصته إليها من منقاره، و أمّا الحكماء فقلّ أن يصدقوا بذلك، على أنّهم قد قالوا في كتبهم ما يقرب من هذا قال ابن سينا: و القبجة تحبلها ريح تهبّ من ناحية الحجل الذّكر و من سماع صوته، انتهى.

أقول: أمّا كلام أمير المؤمنين عليه السّلام فلا يخفى أنّ ظهوره في كون سفاد الطاوس باللّقاح، حيث شبّهه بافضاء الدّيكة و بأرّ الفحول، و عبّر عن القول الاخر بالزّعم كظهوره في كون سفاد الغراب بالمطاعمة، و أمّا المثل فلا يدلّ على أنّ الغراب لا يسفد بل الظّاهر منه خلافه، على أنّي قد شاهدت عيانا غير مرّة سفاد الغراب الأبقع، فلا بدّ من حمل كلام أمير المؤمنين عليه السّلام على ساير أصناف الغراب و إن كان ظاهره الاطلاق و اللّه العالم بحقايق الخبيئات و أولياؤه عليهم السّلام.

ثمّ أخذ عليه السّلام في وصف اجنحة الطاوس فقال (تخال قصبه) أي عظام أجنحته (مداري من فضّة) في الصّفاء و البياض (و ما أنبتت عليها من عجيب داراته و شموسه) التي في الرّيش (خالص العقيان) أى الذّهب في الصّفرة الفاقعة و الرّونق و البريق‏و الجلا (و فلذ الزبرجد) في الخضرة و النّضارة.

(فان شبّهته بما أنبتت الأرض) من الأزهار و الأنوار (قلت جنيّ جنى من زهرة كلّ ربيع) و نوره في اختلاف ألوانه و أضباعه (و إن ضاهيته) أى شاكلته و شبّهته بالملابس (فهو كموشىّ الحلل) المنقّشة بكلّ نقش في البهجة و النضارة (أو) ك (مونق عصب اليمن) أى كبرد يمانيّ مصبوغ معجب (و ان شاكلته بالحليّ فهو كفصوص ذات ألوان) مختلفة (قد نطّقت باللّجين المكلّل) أى جعلت الفضّة كالنّطاق لها.

قال الشارح البحراني: شبّهه بالفصوص المختلفة الألوان المنطّقة في الفضة أى المرصّعة في صفايح الفضّة و المكلّل الذي جعل كالاكليل بذلك الترصيع، فيكون حاصل كلامه عليه السّلام تشبيهه قصب ريشه بصفايح من فضّة رصّعت بالفصوص المختلفة الألوان، فهى كالاكليل بذلك الترصيع، و لكنّ الأظهر أنّ المكلّل وصف للّجين فافهم.

ثمّ أخذ في وصف مشيه و ضحكه فقال عليه السّلام (يمشى مشى المرح المختال) أى كمشى الفرحان المعجب بنفسه (و يتصفّح) أى يقلب جناحه و ذنبه (فيقهقه ضاحكا لجمال سرباله) أى حسن قميصه (و أصابيغ وشاحه) أى ألوان لباسه (فاذا رمى ببصره نحو قوائمه) و رأى سماحتها (زقا) و صاح (معولا بصوت) أى رافعا صوته بالبكاء و النّياح (يكاد يبين) أى يظعن و يرتحل و هو كناية عن الموت (عن استغاثته و يشهد) عويله (بصادق توجّعه) و يفصح عن شدّة تفجّعه و ذلك (لأنّ قوائمه حمش) دقاق (كقوائم الدّيكة الخلاسيّة) التي عرفت معناها (و قد نجمت) أى طلعت (من ظنبوب ساقه صيصية) و هي في الأصل شوكة الحائك التي يسوّى بها السّداة و اللّحمة، فاستعيرت لصيصية الطائر الّتي في رجله (خفيّة) ليست بجليّة كما للدّيك.

ثمّ أخذ في وصف قنزعته بقوله: (و له في موضع العرف) مستعار عن عرف الدّابة و هو شعر عنقه (قنزعة) و هى رويشات يسيرة طوال في مؤخّر رأسه بارزةعن ريش رأسه استعارة عن قنزعة الصّبي و هي الخصلة من الشّعر يترك على رأسه (خضراء موشاة).

ثمّ أخذ في وصف عنقه بقوله: (و مخرج عنقه كالابريق) أى محلّ خروج عنقه كمحلّ خروج عنق الابريق فيشعر بأنّ عنقه كالابريق أو أنّ خروجه كخروج عنق الابريق على أنه مصدر فيكون الاشعار أقوى (و مغرزها) أى مثبت عنقه، و تأنيث الضمير على لغة أهل الحجاز (إلى حيث بطنه كصبغ الوسمة اليمانيّة) في الخضرة الشديدة الضاربة إلى السواد (أو كحريرة سوداء ملبسة مرآتا ذات صقال) في لونها المخصوص و مخالفة بصيص المرآة لها (و كأنه متلفّع) أى مكتس (بمعجر أسحم) أى بثوب كالعصابة ذي سحم و سواد (إلّا أنّه يخيّل لكثرة مائه و شدّة بريقه أنّ الخضرة النّاضرة ممتزجة به).

ثمّ وصف الخطّ الأبيض عند محلّ سمعه فقال: (و مع فتق سمعه خطّ) دقيق (كمستدقّ القلم في) لون مثل (لون الاقحوان) أى البابونج (أبيض يقق فهو) أى ذلك الخطّ (ببياضه في سواد ما هنالك يأتلق) و يلمع.
ثمّ أجمل في تعديد ألوانه فقال: (و قلّ صبغ إلّا و قد أخذ منه بقسط) وافر (و علاه) أى زاد على الصبغ و غلب عليه (بكثرة صقاله و بريقه) أى جلائه و لمعانه (و بصيص ديباجه و رونقه) أى حسنه و بهائه (فهو كالأزاهير المبثوثة) المتفرّقة (لم تربّها أمطار ربيع و لا شموس قيظ) لما كان من شأن الأزاهير أنّ تربيتها و كمالها بالشّمس و المطر، و شبّه عليه السّلام ألوان هذا الطائر بالأزاهير المبثوثة أتى بهذه الجملة تنبيها على أن تربيتها ليست بالشّموس و الأمطار و إنّما هي بتدبير الفاعل المختار ففيه من الدّلالة على عظمة الصانع تعالى و قدرته ما لا يخفى.

و الظاهر أنّ الجمع في الأمطار باعتبار الدّفعات، و في الشّموس بتعدّد الاشراق في الأيام، أو باعتبار أنّ الشّمس الطالع في كلّ يوم فرد على حدة لاختلاف التّأثير في تربية الأزهار و النباتات باختلاف الحرّ و البرد و غير ذلك.
ثمّ بيّن له حالة اخرى هى محل الاعتبار في حكمة الصّانع و قدرته فقال: (و قد يتحسّر) و يتعرّى (من ريشه و يعرى من لباسه) و ذلك في الخريف عندسقوط أوراق الأشجار (فيسقط تترى) أى شيئا بعد شي‏ء (و ينبت تباعا) بدون فترة بينهما (فينحت) أى يسقط (من قصبه انحتات أوراق الأغصان ثمّ يتلاحق ناميا) و ذلك في الرّبيع إذا بدء طلوع الأوراق (حتّى يعود كهيئته قبل سقوطه لا يخالف) لون ريشه الثّاني (سالف ألوانه و لا يقع لون في غير مكانه).
ثمّ أشار إلى ما هو ألطف و أدقّ مما مضى و أعظم في الدّلالة على قدرة الصّانع المتعال فقال: (و إذا تصفّحت شعرة واحدة من شعرات قصبه أرتك) تلك الشعرة من شدّة بصيصها ألوانا مختلفة فتارة (حمرة ورديّة و تارة) أخرى (خضرة زبرجديّة و احيانا صفرة عسجديّة).

ثمّ عقّب ذلك باستبعاد وصول الأذهان الثاقبة إلى وصفه و قال: (فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن) أى الفطن العميقة التي من شأنها إدراك دقايق الأشياء و العلم بوجوه الامور على ما ينبغي (أو تبلغه قرائح العقول) أى تناله العقول بجودة الطّبيعة من قولهم لفلان قريحة جيّدة يراد استنباط العلم بجودة الطبع (أو تستنظم وصفه أقوال الواصفين و) الحال أنّ (أقلّ أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه و الألسنة أن تصفه) و لا ريب أنّ الشّعرة أقلّ الأجزاء الّتي بها قوام الحيوان.

و المراد بيان عجزها عن ادراك علل هذه الألوان على اختلافها و اختصاص كلّ من مواضعها بلون غير الاخر و علل هيئاتها و ساير ما أشار إليه، أو إظهار عجزها عن إدراك جزئيّات الأوصاف المذكورة و تشريح الهيات الظاهرة و الخصوصيات الخفيّة في خلق ذلك الحيوان، فانّ ما ذكره عليه السّلام في هذه الخطبة تشريحه و إن كان على غاية البلاغة و فوق كلّ بيان في وصف حاله إلّا أنّ فيه وراء ذلك جزئيّات لم يستثبتها الوصف.

و هذا هو الأقرب و الأنسب بما عقّبه به من تنزيهه تعالى أعني قوله: (فسبحان الّذي بهر العقول) و غلبها (عن وصف خلق جلاه للعيون فأدركته محدودا مكوّنا) أى موصوفا بالحدود و التكوين و (مؤلّفا) من الأجزاء (ملوّنا) بالألوان المختلفة(و أعجز الألسن عن تلخيص صفته و قعد بها عن تأدية نعته) و الغرض الدّلالة على عجز العقول عن إدراك ذاته سبحانه، فانّها إذا عجزت عن إدراك مخلوق ظاهر للعيون على الأوصاف المذكورة فهى بالعجز عن إدراكه سبحانه و وصفه أحرى، و كذلك الألسن عن تلخيص صفته و تأدية نعته أعجز.

(و سبحان من أدمج) أى أحكم (قوائم الذّرة) و هي صغار النّمل (و الهمجة) و هو صغير الذّباب (إلى ما فوقهما من خلق) البرّ و البحر من (الحيتان و الفيلة) و نحوها (و وأى) أى وعد و ألزم (على نفسه ألّا يضطرب شبح) و لا يتحرّك شخص (مما أولج) أى أدخل (فيه الرّوح إلّا و جعل الحمام) و الموت (موعده و الفناء غايته).

تتميم فى نوادر وصف الطاوس

روى في الكافي عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال: الطاوس مسخ، كان رجلا جميلا فكابر امرئة رجل مؤمن تحبّه فوقع بها، ثمّ راسلته بعد، فمسخهما اللّه عزّ و جلّ طاوسين انثى و ذكرا فلا تأكل لحمه و لا بيضه.
و في البحار من الخرائج عن محمّد بن إبراهيم الحرث التّميمي، عن الحسين عليه السّلام أنّه قال: إذا صاح الطاوس يقول: مولاى ظلمت نفسى و اغتررت بزينتي فاغفر لي.

قال الدّميري في حياة الحيوان: الطاوس طاير معروف و تصغيره طويس بعد حذف الزّوايد، و كنيته أبو الحسن و أبو الوشى، و هو في الطير كالفرس في الدّواب عزّا و حسنا و في طبعه العفّة و حبّ الزّهو بنفسه و الخيلاء و الاعجاب بريشه، و عقده لذنبه كالطّاق لا سيّما إذا كانت الأنثى ناظرة إليه، و الأنثى تبيض بعد أن يمضي لها من العمر ثلاث سنين، و في ذلك الأوان يكمل ريش الذّكر و يتمّ لونه، و تبيض الانثى مرّة واحدة في السنة اثنتى عشرة بيضة و أقلّ و أكثر، لا تبيض متتابعا، و يسفد في أيّام الرّبيع، و يلقى ريشه في الخريف كما يلقى الشّجر ورقه، فاذا بدأ طلوع الأوراق في الشّجر طلع ريشه، و هو كثير العبث بالأنثى إذا حضنت، و ربّما كسر البيض و لهذه العلّة يحضن بيضه تحت الدّجاج و لا تقوى الدّجاجة على‏حضن أكثر من بيضتين منه، و ينبغي أن تتعاهد الدّجاجة بجميع ما تحتاج إليه من الأكل و الشّرب مخافة أن تقوم عنه فيفسده الهواء، و الفرخ الذي يخرج من حضن الدّجاجة يكون قليل الحسن و ناقص الجثّة، و مدّة حضنه ثلاثون يوما، و فرخه يخرج من البيضة كالفروخ كاسيا كاسيا، و أعجب الأمور أنّه مع حسنه يتشأمّ به، و كان هذا و اللّه أعلم إنّه لما كان سببا لدخول إبليس الجنّة و خروج آدم عليه السّلام منها و سببا لخلوّ تلك الدّار من آدم مدّة دوام الدّنيا كرهت إقامته في الدّور لذلك

الترجمة

از جمله خطب بلاغت نظام آن امام است كه ذكر مى‏ فرمايد در آن عجايب و غرايب خلقت طاوس را باين مضامين.
اختراع كرد و آفريد خداى تعالى مخلوقات را آفريدني عجيب از ذي روح و از غير ذي روح، و از ساكن و از صاحب حركت، و برپا داشت از علامات باهرات بر لطيف صنعت و عظيم قدرت خود شاهد صادقى را كه انقياد نمود مر او را عقلها در حالتى كه اعتراف كننده بودند باو، و گردن نهنده بودند بر او، و صدا كرد در گوشهاى ما دليلهاى او بر وحدانيّت و يگانگى او سبحانه، و دليلهاى آنچه كه آفريده از صورتهاى مختلفه مرغ‏هائى كه ساكن گردانيد آنها را در شكافهاى زمين، و در فرجه‏هاى واقعه در ميان كوههاى آن و در سرهاى كوههاى بلند از صاحبان بالهاى گوناگون، و هيئتهاى متباين در حالتى كه متقلبند در افسار تسخير، و گستراننده‏اند بالهاى خود را در شكافهاى هواى فسيح و فضاى وسيع.

ايجاد فرمود آنها را بعد از اين كه موجود نبودند در عجايب صورتهاى آشكار و تركيب داد آنها را در مجامع مفصلهائى كه پوشيده‏ اند در تحت پردها، و منع فرمود بعض از مرغان را بجهة سنگيني و ضخامت جثّه آن از آنكه بلند شود بهوا بسرعت و خفّت، و گردانيد آن را كه مى‏پرد بر روى زمين پريدني كه نزديك باشد بزمين تا بلند شود، و منظّم نمود مرغان را با اختلاف ايشان در رنگها با قدرت‏لطيفه خود و صنعت دقيقه خود.

پس بعضي از آنها غوطه و رشده در قالب يكرنگى كه أصلا مخلوط نيست بان غير رنگى كه غوطه‏ور شده در آن، و بعضى از آنها فرو برده شده در رنگى كه طوق گردن آن بخلاف رنگى است كه رنگ داده شده بان.
و از عجب‏ترين مرغان از حيثيّت خلقت طاوس است كه برپا داشته او را حق تعالى در محكم‏ترين تعديل أجزاء، و ترتيب داده رنگهاى آن را در أحسن ترتيب با بالى كه درهم كرده قصبها و أصلهاى آن را، و با دمى كه دراز كرده جاى كشيدن آن را، وقتي كه بگذرد طاوس نر بر طاوس ماده پراكنده سازد آن دم را از پيچيدگى آن، و بلند مى‏ كند آن را در حالتى كه مشرف باشد بر سر آن گويا كه آن دم بادبان كشتى است كه منسوبست بشهر دارين كه ميل داده است آنرا كشتيبان آن مى ‏نازد برنگهاى مختلفه خود، و مى‏ خرامد بنازشهاى خود، مباشرت ميكند همچو مباشرت خروسان، و مجامعت مى‏ كند با آلات تناسل مثل مجامعت نرهاى شديد الجماع، حواله مى‏ كنم تو را از اين أمر مذكور بر ديدن رأى العين نه مانند كسى كه حواله مى ‏كند بر سندهاى ضعيف خود، و اگر باشد اين امر مثل گمان كسى كه گمان مي كند كه طاوس آبستن مى‏ سازد ماده خود را با اشكى كه مى ‏ريزد آن را كنجهاى چشم آن پس مى‏ ايستد آن أشك در پلكهاى چشم او و آنكه ماده او مى ‏ليسد آن را پس از آن تخم مى ‏نهد نه از جماع طاوس نر غير از اشك بيرون آمده از چشم هر آينه نمى ‏باشد اين گمان عجبتر از مطاعمه زاغها كه نر و ماده منقار بمنقار مى‏ گذارند، و جزئى از آب كه در سنگدان نر است بدهن ماده مى ‏رسد و از آن آبستن مى ‏شود چنانچه اعتقاد عربها اينست، خيال مى ‏كني أصل پردهاى طاوس را شانه ‏ها از نقره بيضا و آنچه رسته بر آن از دايره‏هاى عجيبه و شمسه‏ هاى غريبه آن طلاى خالص و پارهاى زبرجد.

پس اگر تشبيه كنى طاوس را بچيزى كه رويانيده است آنرا زمين گوئى كه گلهائيست چيده شده از شكوفه هر بهارى، و اگر تشبيه كنى آن را بلباسهاپس آن همچو حلّهاى زينت داده شده است باطلا، يا همچو جامهاى برد خوش آينده يمن است، و اگر تمثيل كني آنرا بزيورها پس او مانند نگينهائيست صاحب رنگها كه كشيده در أطراف آن، يعنى مدور شده مانند نطاق بنقره مزيّن بجواهر.

راه مى‏ رود طاوس مثل راه رفتن شادى كننده متكبّر خرامان، و مى ‏نگرد بنظر دقّت بدم و بال خود پس قهقهه مى ‏زند در حالتى كه خندانست از جهة حسن پيراهن رنگين خود و رنگهاى لباس خود، پس چون اندازد نظر خود را بسوى پايهاى سياه باريك خود بانگ كند در حالتى كه گريه كننده باشد باو از بلند كه نزديك باشد روح از بدنش مفارقت نمايد از شدّت فرياد خود، زيرا كه پاهاى او زشت است و باريك همچو پاهاى خروسان خلاسى كه متولّد مى‏ شوند ميان مرغ هندى و فارسى در حالتى كه برآمده است از طرف ساق او خارى كه پنهانست چنانچه در پاى خروسان مى ‏رويد.

و مر او راست در موضع پس گردن كاكلى سبز مزيّن با نقش و نگار و موضع بيرون آمدن گردن او مانند ابريق است و جاى فرو رفتن گردن آن تا كه منتهى شود بشكم او مثل رنگ وسمه يماني است يا همچو حرير پوشيده شده بر آينه صاحب صيقل و جلا و گويا كه طاوس پيچيده است بمقنعه سياه لكن خيال كرده مى‏شود از جهة كثرت تر و تازگى او و شدت برّاقى او اين كه سبزى با طراوت آميخته است بان.

و با شكاف گوش او است خطّى مثل باريكى سر قلم در رنگ گل بابونج كه سفيد است در غايت روشنى، پس آن خط بسفيدى خود در ميان سياهى آنچه كه آن جاست مى‏درخشد، و كم رنگى است از رنگها مگر اين كه اخذ نموده است از آن بنصيب كامل، و بلند برآمده و تفوّق پيدا كرده آن رنگ بر او به بسيارى روشنى و درخشيدن آن و برّاقي زيباى آن و خوبى آن.

پس طاوس مانند شكوفهائيست گسترانيده كه تربيت نداده آنرا بارانهاى بهارى و نه آفتابهاى تابستاني، و گاهى هست كه عارى مى‏شود از پر خود و برهنه مى‏ شوداز لباس خود پس مى‏افتد آن پرها پياپى، و مى‏ رويد روئيدني، پس مى‏ريزد آن پرها از قلم پر او همچو ريختن برگهاى شاخهاى درخت، بعد از آن متلاحق مى‏شود در عقب يكديگر در حالتى كه نمو كننده است تا آنكه بر مى‏گردد بهيئت و صورتى كه پيش از ريختن داشت، مخالف نمى‏باشد رنگهاى لاحق برنگهاى سابق، و واقع نمى‏شود هيچ رنگى در غير جاى خود و چون نظر كنى بتأمّل در هر موئى از موهاى قلم أو مى‏نماياند آن موى تو را سرخى كه بلون گل سرخست و بار ديگر سبزى كه برنگ زبرجد است و گاهى زردى برنگ طلاى خالص.

پس چگونه مى‏رسد بصفت اين مرغ خوش رنگ فكرهاى عميقه، يا چگونه مى‏رسد بكنه معرفت او عقلهاى با ذكاوت، يا چگونه بنظم مى‏آورد وصف آن را أقوال وصف كنندگان و حال آنكه كمترين جزئهاى او عجز آورده است و همها را از ادراك آن و زبانها را از وصف آن.

پس پاكا پروردگارى كه غالب شد بعقلها از وصف كردن مخلوقى كه روشن و آشكار گردانيد آن را به چشمها، پس ادراك كردند آن چشمها آن مخلوق را در حالتى كه صاحب حدّ معينى بود آفريده شده و صاحب تركيبى بود برنگهاى گوناگون.

پس منزّه پروردگارى كه محكم ساخت پاهاى مورچه و پشه كوچك را با آنچه فوق آنها است از خلق ماهيها و فيلها، و وعده كرده و لازم نموده بر نفس خود كه نجنبد هيچ جنبنده از موجوداتى كه داخل فرموده روح را در آن مگر اين كه گردانيده مرگ را وعده گاه او، و فنا را پايان كار او.

الفصل الثاني منها فى صفة الجنة

فلو رميت ببصر قلبك نحو ما يوصف لك منها، لعزفت نفسك من بدايع ما أخرج إلى الدّنيا من شهواتها و لذّاتها، و زخارف مناظرها و لذهلت بالفكر في اصطفاق أشجار غيّبت عروقها في كثبان المسك على سواحل أنهارها، في تعليق كبائس اللّؤلؤ الرّطب في عساليجها و أفنانها، و طلوع تلك الثّمار مختلفة في غلف أكمامها، تجنى من غير تكلّف فتأتي على منية مجتنيها، و يطاف على نزّالها في أفنية قصورها بالأعسال المصّفقة، و الخمور المروّقة، قوم لم تزل الكرامة تتمادى بهم حتّى حلوّا دار القرار، و أمنوا نقلة الأسفار، فلو شغلت قلبك أيّها المستمع بالوصول إلى ما يهجم عليك من تلك المناظر المونقة، لزهقت نفسك شوقا إليها، و لتحمّلت من مجلسي هذا إلى مجاورة أهل القبور استعجالا بها، جعلنا اللّه و إيّاكم ممّن سعى بقلبه إلى منازل الأبرار برحمته. قال السيد (ره): قوله «كبائس اللّؤلؤ الرّطب» الكباسة العذق «و العساليج» الغصون واحدها عسلوج. «ج 4»

اللغة

(عزفت) بالعين المهملة و الزّاء المعجمة أى زهدت و انصرفت و (اصطفاق) الأشجار اضطرابها من الصّفق و هو الضّرب يسمع له صوت يقال: صفق يده على يده صفقة أى ضربها عليها، و ذلك عند وجوب البيع، و في بعض النسخ اصطفاف أشجار أى انتظامها صفّا، و في بعضها اصطفاف أغصان بدل أشجار.
و (الكباسة) العذق التام بشماريخه و رطبه و (الاكمام) كالأكمة و الكمام جمع كم و كمامة بالكسر فيهما و هو وعاء الطّلع و غطاء النّور و (فناء) البيت ما اتّسع من أمامه و الجمع أفنية و (التّصفيق) تحويل الشّراب من إناء إلى إناء ممزوجا ليصفو و (الرّواق) الصّافي من الماء و غيره و المعجب و (النّقلة) بالضمّ الانتقال.

الاعراب

قوله: رميت ببصر قلبك، الباء زايدة، و في تعليق، عطف على قوله في اصطفاق أشجار، و جملة تجنى منصوبة المحلّ حال من الثّمار، و قوم، خبر محذوف المبتدأ و جملة جعلنا اللّه، دعائيّة لا محلّ لها من الاعراب، و قوله: برحمته، متعلّق بقوله جعلنا أو بقوله: سعى.

المعنى

اعلم أنّ هذا الفصل من الخطبة حسبما ذكره الرضيّ وارد في صفة الجنّة دار النّعيم و الرّحمة قال عليه السّلام (فلو رميت ببصر قلبك) أى نظرت بعين بصيرتك (نحو ما يوصف لك منها) أى إلى جهة ما وصف اللّه لك و رسوله في الكتاب و السنّة من نعيم الجنّة و ما أعدّ اللّه فيها لأوليائه المؤمنين (لعزفت نفسك) و اعرضت (عن بدايع ما أخرج إلى الدّنيا من شهواتها و لذّاتها و زخارف مناظرها) و لم تجد لشي‏ء منها وقعا عندها (و لذهلت) مغمورة (بالفكر في) عظيم ما اعدّ في دار الخلد من (اصطفاق أشجار) و اهتزازها بريح (غيّبت عروقها في كثبان المسك) أى في تلال من المسك بدل الرّمل (على سواحل أنهارها) و لذهلت بالفكر (في تعليق‏كبائس اللّؤلؤ الرّطب في عساليجها و أفنانها) أى فروعها و اغصانها.

(و) في (طلوع تلك الثمار) و ظهورها (مختلفة في غلف أكمامها) يجوز أن يراد باختلاف الثمار اختلافها باعتبار اختلاف الأشجار بأن يحمل كلّ نوع من الشّجر نوعا من الثمر كما في أشجار الدّنيا فيكون ذكر الاختلاف اشارة إلى عدم انحصار ثمر الجنّة بنوع أو نوعين، و أن يراد به اختلافها مع وحدة الشّجرة، فذكر الاختلاف للدّلالة على عظيم قدرة المبدأ سبحانه.

و يدلّ على الاحتمال الأوّل ما في البحار من تفسير الامام عليه السّلام في قوله تعالى وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ قال عليه السّلام: هي شجرة تميّزت بين ساير أشجار الجنّة إنّ ساير أشجار الجنّة كان كلّ نوع منها يحمل نوعا من الثمار و المأكول و كانت هذه الشّجرة و جنسها تحمل البرّ و العنب و التين و العنّاب و ساير أنواع الفواكه و الثمار و الأطعمة، فلذلك اختلف الحاكون بذكر الشجرة فقال بعضهم: هى برّة و قال آخرون: هي عنبة، و قال آخرون: هى عنّابة.

و على الثاني ما في الصّافي من العيون باسناده إلى عبد السّلام بن صالح الهروي قال: قلت للرّضا عليه السّلام يا ابن رسول اللّه أخبرني عن الشّجرة الّتى نهي منها آدم و حوّاء ما كانت فقد اختلف النّاس فيها، فمنهم من يروي أنّها الحنطة، و منهم من يروى أنّها العنب، و منهم من يروى أنّها شجرة الحسد، فقال عليه السّلام: كلّ ذلك حقّ، قلت: فما معنى هذه الوجوه على اختلافها فقال عليه السّلام: يا أبا الصلت إنّ شجرة الجنّة تحمل أنواعا، و كانت شجرة الحنطة، و فيها عنب ليست كشجرة الدّنيا فافهم.

(تجنى من غير تكلّف فتأتى على منية مجتنيها) حسبما تشتهيه نفسه لا يترك له منية أصلا كما قال سبحانه وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا قال عليّ بن إبراهيم القمّي: قال: دليت عليهم ثمارها ينالها القائم و القاعد.
و في الصافي من الكافي عن النبيّ وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار و هو متّكى‏ء.

و قال تعالى أيضا وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ قال في مجمع البيان: الجنى الثمر المجنىّ أى تدنو الثمرة حتّى يجنيها ولىّ اللّه إن شاء قائما و إن شاء قاعدا عن ابن عباس، و قيل أثمار الجنّتين دانية إلى أفواه أربابها، فيتناولونها متّكئين، فاذا اضطجعوا نزلت بازاء أفواههم فيتناولونها مضطجعين، لا يردّ أيديهم عنها بعد و لا شوك عن مجاهد.
(و يطاف على نزّالها في أفنية قصورها بالأعسال المصفقة) المصفاة (و الخمور المروّقة) المتّصفة بالصفاء.
كما أخبر به سبحانه في كتابه العزيز بقوله «وَ يُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَ أَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً، وَ يُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا، عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا».

و قوله «يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ لا فِيها غَوْلٌ وَ لا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ» أى يطوف عليهم ولدان مخلّدون بكأس من خمر معين ظاهر للعيون جارية في أنهار ظاهرة، و قيل شديدة الجرى، و وصفها بكونها بيضاء لأنها في نهاية الرقّة و الصفاء و اللّطافة النورية الّتي بها لذيذة للشاربين ليس فيها ما يعترى خمر الدّنيا من المرارة و الكراهة، لا فيها غول أى لا يغتال عقولهم فيذهب بها، و لا يصيبهم منها وجع في البطن و لا في الرّأس و يقال للوجع غول لأنّه يؤدّى إلى الهلاك، و لا هم عنها ينزفون من نزف الرّجل فهو منزوف و نزيف إذا ذهب عقله بالسكر.
و لما وصف نعيم الجنة و ما منّ اللّه بها على نازليها أشار إلى نزّالها فقال عليه السّلام (قوم) أى هم قوم (لم تزل الكرامة تتمادى بهم) أى متمادية بهم ممتدّة لهم متوسّعة في حقّهم (حتّى حلّوا) و نزلوا (دار القرار و أمنوا نقلة الأسفار) أى من انتقالها.

و هو كناية عن خلاصهم عن مكاره عوالم الموت و البرزخ و القيامة و شدايدها و أهوالها روى في البحار من معاني الأخبار عن ابن عباس أنه قال: دار السلام الجنّة و أهلها.
لهم السلامة من جميع الافات و العاهات و الأمراض و الأسقام، و لهم السلامة من الهرم و الموت و تغيّر الأحوال عليهم، و هم المكرّمون الّذين لا يهانون أبدا، و هم‏الأعزّاء الّذين لا يذلّون أبدا، و هم الأغنياء الّذين لا يفقرون أبدا، و هم السعداء الّذين لا يشقون أبدا، و هم الفرحون المسرورون الّذين لا يغتمّون و لا يهتمون أبدا، و هم الأحياء الّذين لا يموتون أبدا فمنهم من في قصور الدرّ و المرجان أبوابها مشرعة إلى عرش الرّحمان، و الملائكة يدخلون عليهم من كلّ باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار.

ثمّ أخذ في تحضيض المخاطبين و تشويقهم إلى طلب الجنّة و القصد اليها بقوله (فلو شغلت قلبك أيّها المستمع بالوصول إلى ما يهجم عليك) أى يدخل عليك على غفلة منك (من تلك المناظر المونقة) المعجبة (لزهقت نفسك) أى بطلت و هو كناية عن الموت (شوقا إليها) و حرصا عليها (و لتحملت) و ارتحلت (من مجلسى هذا إلى مجاورة أهل القبور استعجالا بها) أى بتلك المناظر المونقة.

و محصّل المراد أنك لو تفكّرت في درجات الجنان و ما أعدّ اللّه سبحانه فيها لأوليائه المقرّبين، و عباده الصالحين من جميع ما تشتهيه الأنفس و تلذّ الأعين لمتّ من فرط الشوق و الشعف و لازعجت بكلّيتك عن الدّنيا، و ساكنت المقابر و جاورت أهل القبور انتظارا للموت الممدّ اليها.
ثمّ دعا عليه السّلام له و لهم بقوله (جعلنا اللّه و إيّاكم ممن سعى إلى منازل الأبرار) و مساكن الأخيار (برحمته) و منّته إنّه وليّ الاحسان و الكرم و الامتنان.

تبصرة

آيات الكتاب العزيز و الاخبار المتضمّنتان لوصف الجنة و التشويق إليها فوق حدّ الاحصاء و لنورد بعض الاخبار المتضمّنة له و المشتملة على مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام و بعض فضايل شيعته لعدم خلوّه عن مناسبة المقام فأقول: روى الشارح المعتزلي عن الزمخشري في ربيع الأبرار قال: و مذهبه في الاعتزال و نصرة أصحابنا معلوم و كذا في انحرافه عن الشيعة و تسخيفه لمقالاتهم إنّ رسول اللّه قال: لما اسري بي أخذني جبرئيل فأقعدني على درنوك من درانيك الجنة ثمّ ناولني سفرجلة فبينما أنا أقلبها انقلقت فخرجت منها جارية لم أر أحسن‏منها فسلّمت فقلت من أنت قال أنا الرّاضية المرضيّة خلقني الجبّار من ثلاثة أصناف أعلاي من عنبر و أوسطي من كافور و أسفلي من مسك ثمّ عجنني بماء الحيوان و قال لي كوني فكنت خلقنى لأخيك و ابن عمّك عليّ بن أبي طالب.

أقول و رواه في غاية المرام من كتاب مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام لموفق بن أحمد أخطب خوارزم مثله، و عن عيون الأخبار للصّدوق نحوه و من أمالي الصّدوق بتفاوت يسير و زيادة قليلة.
و روى في البحار من كشف الغمّة عن موفّق بن أحمد الخوارزمي أيضا بسنده عن بكر بن أحمد عن محمّد بن عليّ عن فاطمة بنت الحسين عليه السّلام عن أبيها و عمّها الحسن بن عليّ عليهما السّلام قالا أخبرنا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لما أدخلت الجنّة رأيت الشجرة تحمل الحليّ و الحلل أسفلها خيل بلق، و أوسطها حور العين، و في أعلاها الرّضوان قلت يا جبرئيل لمن هذه الشجرة قال هذه لابن عمّك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب إذا أمر اللّه الخليقة بالدّخول إلى الجنة يؤتى بشيعة عليّ عليه السّلام حتّى ينتهى بهم إلى هذه الشجرة، فيلبسون الحليّ و الحلل، و يركبون الخيل البلق و ينادى مناد: هؤلاء شيعة عليّ صبروا في الدّنيا على الأذى فحبوا هذا اليوم.

و في البحار من تفسير فرات بن إبراهيم عن الحسين بن سعيد معنعنا عن ابن عبّاس قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إنّ في الجنّة لشجرة يقال لها طوبى ما في الجنّة دار إلّا فيها غصن من أغصانها أحلى من الشّهد و ألين من الزّبد أصلها في داري و فرعها في دار عليّ بن أبي طالب.

و فيه منه أيضا عن إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم الفارسي معنعنا عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عن آبائه عليهم السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لما اسرى بي إلى السّماء فصرت في سماء الدّنيا حتّى صرت في السماء السّادسة فاذا أنا بشجرة لم أر شجرة أحسن منها فقلت لجبرئيل يا حبيبي ما هذه الشجرة قال هذه طوبى يا حبيبي، قال: قلت:

ما هذا الصوت العالى الجهوري قال: هذا صوت طوبى قلت: أىّ شي‏ء يقول قال: يقول وا شوقاه إليك يا عليّ بن أبي طالب.
و فيه منه أيضا عن الحسين بن القاسم و الحسين بن محمّد بن مصعب و عليّ بن حمدون و زاد بعضهم الحرف و الحرفين و نقص بعضهم الحرف و الحرفين و المعنى واحد إنشاء اللّه.
قالوا حدّثنا عيسى بن مهران معنعنا عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال لمّا نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله «طُوبى‏ لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ» قام مقداد بن الأسود الكندي إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال يا رسول اللّه و ما طوبى قال يا مقداد شجرة في الجنّة لو يسير الرّاكب الجواد لسار في ظلّها مأئة عام قبل أن يقطعها، ورقها و قشورها برد خضر و زهرها رياش صفر، و أفنانها سندس و استبرق و ثمرها حلل خضر، و طعمها زنجبيل و عسل و بطحائها ياقوت أحمر و زمرّد أخضر و ترابها مسك و عنبر و حشيشها منيع و النجوج«» يتأجّج من غير وقود، و يتفجّر من أصلها السلسبيل و الرّحيق و المعين و ظلّها مجلس من مجالس شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام يألفونه و يتحدّثون بجمعهم و بيناهم في ظلّها يتحدّثون إذ جائتهم الملائكة يقودون نجباء جبلت من الياقوت ثمّ نفخ الروح فيها مزمومة بسلاسل من ذهب كأنّ وجوهها المصابيح نضارة و حسنا و بزّها حزّ أحمر و مزعزى«» أبيض مختلطتان لم ينظر الناظرون إلى مثله حسنا و بهاء و ذلّل من غير مهلة نجباء من غير رياضة عليها رحال ألواحها من الدّر و الياقوت المفضّضة باللّؤلؤ و المرجان صفايحها من الذهب الأحمر ملبّسة بالعبقريّ و الارجوان فأناخوا تلك النجائب إليهم.

ثمّ قالوا لهم: ربّكم يقرئكم السلام و يريكم و ينظر إليكم و يحبّكم و تحبّونه و يزيدكم من فضله و رحمته فانّه ذو رحمة واسعة و فضل عظيم فيتحوّل كلّ رجل منهم على راحلته فينطلقون صفا واحدا معتدلا و لا يمرّون بشجرة من أشجار الجنّة إلّا أتحفتهم بثمارها و رحلت لهم عن طريقهم كراهية أن يثلم بطريقتهم و أن يفرّق‏بين الرّجل و رفيقه.
فلما وقعوا إلى الجبّار جلّ جلاله قالوا ربّنا أنت السلام و لك يحقّ الجلال و الاكرام فيقول اللّه تعالى مرحبا بعبادى الّذين حفظوا وصيّتي في أهل بيت نبيّي و رعوا حقّي و خافوني بالغيب و كانوا منّي على كلّ حال مشفقين قالوا و عزّتك و جلالك ما قدرناك حق قدرك، و ما أدّينا لك كلّ حقك فأذن لنا بالسجود قال لهم ربهم إنى وضعت عنكم مؤنة العبادة و أرحت عليكم أبدانكم و طال ما نصبتم لي الأبدان، و عنتّم الوجوه فالان أفضيتم إلى روحي و رحمتي فاسئلوني ما شئتم، و تمنّوا عليّ اعطكم أمانيكم فاني لن اجزيكم اليوم بأعمالكم و لكن برحمتي و كرامتي و طولي و ارتفاع مكاني و عظيم شأني و لحبكم بأهل بيت نبيّي.

فلا يزال يرفع أقدار محبّي عليّ بن أبي طالب في العطايا و المواهب حتى انّ المقصر من شيعته ليتمنّى في امنيته مثل جميع الدّنيا منذ خلقها اللّه إلى يوم فنائها فيقول لهم ربّهم لقد قصرتم في أمانيكم و رضيتم بدون ما يحقّ لكم فانظروا إلى مواهب ربّكم.

فاذا بقباب و قصور في أعلا علّيّين من الياقوت الأحمر و الأخضر و الأصفر و الأبيض يزهو نورها فلو لا أنها مسخّرة إذا للمعت«» الأبصار منها فما من تلك القصور من الياقوت الأحمر فهو مفروش بالعبقري الأحمر و ما كان منها من الياقوت الأخضر فهو مفروش بالسندس الأخضر و ما كان منها من الياقوت الأبيض فهو مفروش بالحرير الأبيض و ما كان فيها من الياقوت الأصفر فهو مفروش بالرياش الأصفر«» مبثوثة مطرّزة بالزمرّد الأخضر، و الفضّة البيضاء و الذّهب الأحمر، قواعدها و أركانها من الجوهر يثور من أبوابها و أعراصها نور، شعاع الشمس عندها مثل الكوكب الدّري في النهار المضي‏ء.

و إذا على باب كل قصر من تلك القصور جنّتان مُدْهامَّتانِ، فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ، و فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ.

فلمّا أرادوا أن ينصرفوا إلى منازلهم ركبوا على برازين من نور بأيدي ولدان مخلّدين، بيد كلّ واحد منهم حكمة«» برزون من تلك البرازين، لجمها و أعنّتها من الفضّة البيضاء، و أثفارها من الجوهر.

فلمّا دخلوا منازلهم وجدوا الملائكة يهنّؤنهم بكرامة ربّهم، حتّى إذا استقرّوا قرارهم، قيل لهم هل وجدتم ما وعدكم ربّكم حقّا قالوا نعم ربّنا رضينا فارض عنّا قال برضاى عنكم و بحبّكم أهل بيت نبيّي أحللتم داري، و صافحتم الملائكة فهنيئا هنيئا غير محذور و ليس فيه تنغيص فعندها قالوا الحمد للّه الذي أذهب عنّا الحزن إنّ ربّنا لغفور شكور.

قال أبو موسى فحدّثت به أصحاب الحديث عن هؤلاء الثمانية فقلت لهم أنا أبرأ اليكم من عهدة هذا الحديث لأنّ فيه قوما مجهولين و لعلّهم لم يكونوا صادقين فرأيت ليلتي أو بعده كأنّه أتاني آت و معه كتاب فيه من مخول بن إبراهيم و الحسن بن الحسين، و يحيى بن الحسن بن فرات و عليّ بن القاسم الكندي، و لم ألق عليّ بن القاسم، و عدّة بعد لم أحفظ أساميهم كتبنا إليك من تحت شجرة طوبى و قد انجز لنا ربّنا ما وعدنا فاستمسك بما عند الكتب، فانك لن تقرء منها كتابا إلّا أشرقت له الجنّة.

الترجمة

فصل ثاني از اين خطبه در فضل بهشت عنبر سرشت است مى‏ فرمايد: پس اگر بيندازي تو ديده قلب خود را بجانب چيزى كه وصف كرده مى ‏شود از براى تو از بهشت هر اينه اعراض كند نفس تو از عجايب آنچه كه بيرون آورده بسوى دنيا از پرده غيب از شهوات و لذات آن و زينتهاى منظره ‏هاى آن و هر اينه غفلت كنى بسبب فكر كردن در آواز كردن و بهم خوردن درختاني كه غايب شده‏اند ريشه‏ هاى آنها در تلّهاى مشك بر اطراف نهرهاى آن و در آويختن خوشه‏ هاى مرواريد تر و تازه در شاخهاى بزرگ آنها و شاخهاى كوچك آنها و در ظاهر شدن آن ميوه‏ها در حالتى كه مختلفند در لون و طعم در غلافها و غنچه‏ هاى آن ميوه‏ها در حالتي كه چيده مي شوند بي زحمت و مشقت پس مى‏آيند آن ميوه‏ها بر خواهش چيننده‏هاى خود و طواف كرده مى‏ شوند بر نازلان آن پيرامن قصرهاى آن با عسلهاى صاف كرده شده از كدورات و خمرهاى صافيه، ايشان جماعتى هستند كه هميشه كرامت كشيده مى‏ شود بايشان تا فرود آيند بسراى برقرارى، و ايمن شوند از انتقال جائى بجائى پس اگر مشغول گردانى قلب خود را اى گوش دهنده برسيدن بسوى آنچه هجوم آور مى‏ شود از آن منظرهاى تعجب آورنده خوش آينده هر آينه بر آيد جان تو بجهة اشتياق بسوى آن و هر آبنه متوجه مى ‏شوى از اين مجلس من بهمسايگى أهل قبرستان از جهة شتافتن بان نعيم بي‏پايان، بگرداند خداى تعالى ما را و شما را از كسانى كه سعى مى‏ كند بمنزلهاى نيكوكاران برحمة بي‏نهايت و بخشش بي‏غايت خود.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

Show More

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

Back to top button
-+=