حکمت 147 صبحی صالح
147- وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ ( عليه السلام ) لِكُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ النَّخَعِيِّ قَالَ كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ أَخَذَ بِيَدِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ( عليه السلام ) فَأَخْرَجَنِي إِلَى الْجَبَّانِ فَلَمَّا أَصْحَرَ تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ ثُمَّ قَالَ
يَا كُمَيْلَ بْنَ زِيَادٍ إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا فَاحْفَظْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَالنَّاسُ ثَلَاثَةٌ فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ وَ مُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ وَ هَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ وَ لَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ
يَا كُمَيْلُ الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ وَ أَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ وَ الْمَالُ تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ وَ الْعِلْمُ يَزْكُوا عَلَى الْإِنْفَاقِ وَ صَنِيعُ الْمَالِ يَزُولُ بِزَوَالِهِ
يَا كُمَيْلَ بْنَ زِيَادٍ مَعْرِفَةُ الْعِلْمِ دِينٌ يُدَانُ بِهِ بِهِ يَكْسِبُ الْإِنْسَانُ الطَّاعَةَ فِي حَيَاتِهِ وَ جَمِيلَ الْأُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَ الْعِلْمُ حَاكِمٌ وَ الْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ
يَا كُمَيْلُ هَلَكَ خُزَّانُ الْأَمْوَالِ وَ هُمْ أَحْيَاءٌ وَ الْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ وَ أَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ
هَا إِنَّ هَاهُنَا لَعِلْماً جَمّاً وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةً بَلَى أَصَبْتُ لَقِناً غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَيْهِ مُسْتَعْمِلًا آلَةَ الدِّينِ لِلدُّنْيَا وَ مُسْتَظْهِراً بِنِعَمِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَ بِحُجَجِهِ عَلَى أَوْلِيَائِهِ
أَوْ مُنْقَاداً لِحَمَلَةِ الْحَقِّ لَا بَصِيرَةَ لَهُ فِي أَحْنَائِهِ يَنْقَدِحُ الشَّكُّ فِي قَلْبِهِ لِأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ أَلَا لَا ذَا وَ لَا ذَاكَ
أَوْ مَنْهُوماً بِاللَّذَّةِ سَلِسَ الْقِيَادِ لِلشَّهْوَةِ أَوْ مُغْرَماً بِالْجَمْعِ وَ الِادِّخَارِلَيْسَا مِنْ رُعَاةِ الدِّينِ فِي شَيْءٍ أَقْرَبُ شَيْءٍ شَبَهاً بِهِمَا الْأَنْعَامُ السَّائِمَةُ كَذَلِكَ يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَامِلِيهِ
اللَّهُمَّ بَلَى لَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً وَ إِمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً لِئَلَّا تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ وَ بَيِّنَاتُهُ وَ كَمْ ذَا وَ أَيْنَ
أُولَئِكَ أُولَئِكَ وَ اللَّهِ الْأَقَلُّونَ عَدَداً وَ الْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ قَدْراً يَحْفَظُ اللَّهُ بِهِمْ حُجَجَهُ وَ بَيِّنَاتِهِ حَتَّى يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ وَ يَزْرَعُوهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ
هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْبَصِيرَةِ وَ بَاشَرُوا رُوحَ الْيَقِينِ وَ اسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرَفُونَ وَ أَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ وَ صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى
أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ الدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ آهِ آهِ شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِمْ انْصَرِفْ يَا كُمَيْلُ إِذَا شِئْتَ
شرح میر حبیب الله خوئی ج21
التاسعة و الثلاثون بعد المائة من حكمه عليه السّلام
(139) و قال عليه السّلام لكميل بن زياد النخعي رحمه اللَّه، قال كميل بن زياد: أخذ بيدي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فأخرجني إلى الجبان فلمّا أصحر تنفّس الصعداء، ثمّ قال: يا كميل إنّ هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، فاحفظ عنّي ما أقول لك:
النّاس ثلاثة: فعالم ربّانيّ، و متعلّم على سبيل نجاة، و همج رعاع أتباع كلّ ناعق يميلون مع كلّ ريح، و لم يستضيئوا بنور العلم و لم يلجئوا إلى ركن وثيق. يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك، و أنت تحرس المال، و المال تنقصه النّفقة، و العلم يزكو على الإنفاق، و صنيع المال يزول بزواله. يا كميل، العلم دين يدان به، به يكسب الإنسان الطّاعة في حياته، و جميل الاحدوثة بعد وفاته، و العلم حاكم و المال محكوم عليه. يا كميل، هلك خزّان الأموال و هم أحياء و العلماء باقون ما بقى الدّهر، أعيانهم مفقودة، و أمثالهم في القلوب موجودة، ها إنّ ههنا لعلما جمّا- و أشار بيده إلى صدره- لو أصبت له حملة، بلى أصيب [أصبت] لقنا غير مأمون عليه مستعملا آلة الدّين للدّنيا، و مستظهرا بنعم اللَّه على عباده، و بحججه على أوليائه، أو منقادا لحملة الحقّ لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشّك في قلبه لأوّل عارض من شبهة ألا لا ذا و لا ذاك، أو منهوما باللّذّة سلس القياد للشّهوة، أو مغرما بالجمع و الإدّخار، ليسا من رعاة الدّين في شيء، أقرب شيء شبها بهما الأنعام السّائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه. اللّهمّ بلى، لا تخلو الأرض من قائم للّه بحجّة: إمّا ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا، لئلّا تبطل حجج اللَّه و بيّناته، و كم ذا و أين اولئك أولئك- و اللَّه- الأقلّون عددا، و الأعظمون [عند اللَّه] قدرا، يحفظ اللَّه بهم حججه و بيّناته حتّى يودعوها نظراءهم، و يزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، و باشروا روح اليقين و استلانوا ما استوعره المترفون، و أنسوا بما استوحش منه الجاهلون و صحبوا الدّنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالمحلّ [لملإ] الأعلى، أولئك خلفاء اللَّه في أرضه، و الدّعاة إلى دينه، آه آه شوقا إلى رؤيتهم، انصرف يا كميل إذا شئت.
اللغة
(وعيت) العلم إذا حفظته، و الوعاء بالفتح و قد يضمّ و الأوعاء بالهمز واحد الأوعية و هو الظرف (الجبان) الصحراء، (الصعداء): نوع من التنفّس يصعده المتلهّف و الحزين (الهمج) ذباب صغيرة كالبعوض (الرعاع) كسحاب العوام و السفلة و أمثالهم الواحد رعاعة.
(اللّقن): سريع الفهم (الأحناء): الجوانب (المنهوم باللّذة) الحريصعليها (المغرم بالجمع): شديد المحبّة له، (هجم): دخل بغتة (استلان) الشيء وجده ليّنا (استوعر) المكان أو الطريق: وجده وعرا.
الاعراب
تنفّس الصعداء: الصعداء مفعول مطلق نوعي، أتباع كلّ ناعق، خبر بعد خبر، و جملة يميلون، صفة، ما بقي الدّهر: لفظة ما، مصدريّة زمانية، ها، حرف تنبيه، ههنا، ظرف مستقرّ خبر إنّ قدّم على اسمها.
لو أصبت: جملة شرطية جوابها محذوف، و لو بمعني إن، لا ذا و لا ذاك: لا نافية بمعنى ليس، و ذا اسمها، و خبرها محذوف أي لاذا من حملة العلم الأحقاء و لا ذاك و هما المذكوران بعد اصيب.
أو منهوما عطف على لقنا، الأقلّون عددا: خبر لمبتدأ محذوف أي هم الأقلّون آه، من أسماء الأصوات مبنية و لا محلّ لها من الاعراب كفواتح السور، شوقا مفعول مطلق لفعل محذوف أى اشتاق شوقا.
المعنى
كميل بن زياد من خواص عليّ عليه السّلام و من أصحاب سرّه لم يعرف كما هو حاله و لم ينتشر عنه ترجمة تليق بها فصار سرّا في سرّ.
قال في الرجال الكبير: كميل بن زياد النخعي من خواصّهما، من أصحاب أمير المؤمنين من اليمن كميل بن زياد النخعي كذا في- صه- نقلا عنه، و علّق عليه الوحيد البهبهاني في حاشيته: كميل هذا هو المنسوب إليه الدّعاء المشهور، قتله الحجاج و كان أمير المؤمنين قد أخبره بأنّه سيقتله، و هو من أعاظم خواصّه- إلى أن قال: و في النهج ما يدلّ على أنّه كان من ولاته على بعض نواحي العراق، انتهى.
و معرّف مقام كميل دعاؤه المعروف الّذي سار و طار إلى جميع الأقطار و هو ذكر الأخيار في ليالي الجمعة بالاعلان و الاسرار، و حديثه المشهور في بيان النفس و أصنافه، ذكره الشيخ البهائي قدّس سرّه في كشكوله، و حديثه في السئوال عن الحقيقة و هو من غرائب الحديث، و لم أجد له سندا و إن كان متنه عاليا و من الأسرار الدقيقة في مراتب العرفان.
و مصاحبته هذا مع عليّ عليه السّلام، و هو مشهور مستفيض بين الفريقين يقطع بصحته عنه عليه السّلام و يستفاد منه مقام شامخ لكميل، حيث إنّه عليه السّلام بنى مكتبا خاصّا به في هذا الحديث، و قد ابتكر عليّ عليه السّلام بناء المكاتب في الامّة الإسلامية و شرع في درس شتّى العلوم من أدب و عرفان و فقه و تفسير و غيرها، فالطرق العلميّة الاسلاميّة كلّها ينتهي إليه باذعان من الموافق و المخالف، فله مكتب عامّ في مسجد الكوفة يعلّم النّاس من أيّ مذهب و مسلك من صديق و عدوّ.
و له مكتب خاصّ بشيعته و معتقديه و أحبّائه و معتمديه، يشرح لهم فيها المعارف الحقّة و الاصول المحقّة لمذهب الاماميّة.
و هذا مكتب بناه لكميل بن زياد، مكتب خاص في خلوة عن الأجانب و ضوضاء العامّة.
مكتب صحراوي تحت ظلّ السماء الصافية و على الأرض الطبيعية الخالية عن كلّ صنعة و فنّ بشرية، فلا تجد فيها إلّا الحقّ و الحقيقة، و صفحات كتاب الكون و الطبيعة المؤلّف بيد القدرة الالهيّة.
مكتب مشائي المظهر يمثّل سيرة أرسطا طاليس في تعليماته العالية لخواصّ تلاميذه.
مكتب إشراقي المخبر يمثّل سيرة أفلاطون في الكشف عن الحقائق عند زوايا الاعتزال عن الخلائق.
مكتب تربوي أخلاقي يوسم بالرّفض و السقوط أكثر طلّاب العلم و أصحاب الدعاوي الطنانة الفارغة، و يشير إلى ما حكى عن فيثاغورث من أنّه أسّس مكتبا أخلاقيا لطلاب العلم مقسوما على صفوف معينة: صفّ للتربية بالحلم و صفّ للتربية بالعفّة إلى أن يصل الطالب بعد الفوز في هذه الصفوف إلى صفّ يعرض عليه أن يموت فيكفن و يجعل في تابوت و يدفن في سرداب إلى حين ما، و هو الامتحان النهائي فان فاز في هذا الامتحان يدخل على الاستاذ فيثاغورث في قاعة كتب أسرار علمه على جدرانه فيقول: يا ولد الان طاب لك الاستفادة من هذه السطور العلميّة و الأسرار العرفانيّة.
و لم يذكر في الحديث أنّ إخراج كميل إلى الجبان كان تحت ستار اللّيل و لكن يظهر من التأمّل في تحصيل هذه الخلوة الروحانيّة أنّه كانت في اللّيل، فتدبّر.
و يا ليت ارّخت هذه المصاحبة و أنّها كانت قبل حرب صفّين أو بعدها، و إن كان يستشمّ من تنفّسه الصّعداء و التجائه إلى الصحراء أنها كانت بعد حرب صفين و ظهور فتنة الخوارج و خذلان أهل الكوفة، فقد تشتعل من خلاله لو عات قلبه الشريف الأسيف.
و يظهر أنّ كميل جاهد في سبيل عقيدته و إيمانه حتّى قتل شهيدا، و مثل في حياته حياة الأحرار المناضلين- إنّ الحياة عقيدة و جهاد- .
و قام عليه السّلام في هذه الخلوة مقام استاذ اجتماعي خبير بروحيّة الامّة و حلّلها تحليلا دقيقا، و حصرها في ثلاث: العالم الرباني الّذي كلّمه اللَّه من وراء حجاب، أو يوحى إليه بكتاب، أو يرسل رسولا إليه، و من قام مقامه من الأوصياء الّذين تلقّوا علمهم عن الأنبياء تلقينا و قذفا في القلوب.
و المتعلّم من هؤلاء الأنبياء و الأوصياء على صحيح الرواية و طريق النجاة.
و العامّة العمياء يدورون كالذّبان هنا و هنا و يميلون مع كلّ ريح و يركضون وراء كلّ ناعق، قلوبهم مظلمة و هم على حيرة و شكّ في حياتهم.
ثمّ توجّه إلى مفاضلة دقيقة بين العلم و المال، و أتى بما لا مزيد عليه ترغيبا على طلب العلم، و تزهيدا عن جمع المال و الادّخار.
ثمّ شرع في تنظيم برنامج أخلاقي لطلّاب العلم، و أسقط منهم أربعة أصناف رفضهم باتا و أخرجهم من مكتبه الرّوحاني:
1- اللّقن الغير المأمون عليه، و هو المنافق الّذي لا إيمان له بما يتعلّمه و كان علمه على لسانه لا يتجاوزه إلى قلبه، و غرضه من كسب العلم طلب الدّنيا و التسلّط على العباد بتصدّى المناصب العالية و الرتب الحكومية كأمثال طلحة و الزبير و معاوية في عصره، و هم الأكثرون الذين تشكلوا في جبهة الجمل و صفين تجاه أمير المؤمنين، و فرّقوا ملّة الاسلام تفريقا، و احتجّوا بما تعلّموه على عليّ عليه السّلام و خدعوا العامّة الهمج و جرّوهم إلى نعيقهم.
2- المنقاد، المعتقد الأحمق الّذي لا بصيرة له في تطبيق العلم على الحوادث فينقدح الشكّ في قلبه بتجدّد الحوادث الّتي لا يستأنسها، و هم الخوارج الّذين ثاروا عليه بعد قضية الحكمين، و هم جلّ أصحابه المجتهدون العبّاد، قوّام الليل الصائمون في النهار، و لكن المبتلون بنحو من الحمق ظهر فيما ارتكبوه بعد ظهورهم نشير إلى شطر منها:
الالف- بعد مفارقتهم عنه عليه السّلام كانوا يقتلون المسلمين و يغنمون أموالهم على عادة الغزو و الغارة الّتي اعتادوها في الجاهليّة، فانّ أكثرهم من بدو نجد.
ب- يحاكمون اسراءهم و من يلقونه بالسؤال عن عليّ عليه السلام أ كافر أم مسلم فلو قال المسئول عنه: إنّه كافر رحّبوا به و صافحوه و أدخلوه معهم، و لو قال: إنه مسلم كفّروه و قتلوه فورا، و هل هذا إلّا حمق واضح.
ج- دخلوا نخيلة في ضواحي النهروان فأخذ أحدهم تمرة ضئيلة أسقطته الريح من النخلة و أراد أن يأكلها فنهروه بحجّة أنّه مال غير مأذون عليه، و لقوا عبد اللَّه بن خباب بن الأرت ابن صحابي كبير مع زوجته الحبلى فقتلوه، و قتلوا زوجته الحبلى و هل هذا إلّا الحمق.
و الحمق خفّة و نقصان في التعقّل عبّر عنه عليه السّلام بعدم البصيرة في جوانب العلم و عدم القدرة على تحليل القضايا، و لا ينافي كون صاحبه عالما و مجتهدا و مرجعا و مقلّدا، فانّ أكثر الخوارج أفاضل العلماء المجتهدين الّذين أخذوا العلم عن النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و عن عليّ عليه السّلام.
و العجب من ابن ميثم رحمه اللَّه حيث حمل كلامه في الصنف الثاني من طلّاب العلم على العوام المقلّدين فقال: و أمّا الثاني ممن لا يصلح لحمله فهو المقلّد- إلخ.
3- من غلب عليه الشهوة و خصوصا الجنسية منها بحيث تجرّه إلى مناظرها و محالها، و لا يقدر أن يمنع شهوته، فصار سلس القياد له كبعير يمشى وراء من يجرّه و لو كانت فارة البرّ، كأمثال مغيرة بن شعبة، فانهم مقهورون لشهواتهم، و لا يؤثّر علمهم في ردعهم عنها.
و قد ثبت في كتب التاريخ أنه بعد أن صار عاملا لعمر على الكوفة في سنين شيبته لم يملك نفسه أن فجر بامّ جميل ذات البعل على منظر جمع من الصّحابة، و رفع إلى محكمة برئاسة عمر نفسه، و نجاه زياد بن أبيه أحد الشهود باشارة من عمر رئيس المحكمة، من أراد التفصيل فليرجع إلى التاريخ.
4- الطالب للعلم، و لكن المغرم بالجمع و الادّخاد للأموال، فهو طالب الدّينار و الدرهم، و قد غلب عليه حبّ الصفراء و البيضاء حتّى أنساه ما وراه و توجّه إلى أنّ هذه الأوصاف على سبيل منع الخلوّ فربما يجتمع في طالب أكثر من واحدة منها.
و لمّا كانت نتيجة هذا التحليل الدقيق الاجتماعي من روحيّة الناس عموما و من أصناف طلّاب العلم الّذين يرجى أن يهتدى بهم هؤلاء الرعاع خصوصا منفيّة و موجبة لليأس لقلّة العلماء الربانيّين و المتعلّمين على سبيل النجاة فيخاف من اندراس الحقّ و محو العلم بموت حامليه بوجه مطلق.
استدرك في آخر كلامه بما أثبت بقاء العلم و العالم و دوام الحقّ و المعالم و لو في فئة قليلة حتّى يظهر الحجّة القائم عجّل اللَّه فرجه و تظهر حقيقة الإسلام على الدّين كلّه و لو كره المشركون.
فقال عليه السّلام: اللّهمّ بلى لا تخلو الأرض من قائم للّه بحجّة، و صرّح بأنهم الأقلّون عددا، و الأعظمون أجرا و قدرا، بهم يحفظ اللَّه حججه و بيناته حتّىيودعوها نظراءهم، ثمّ وصفهم بما وصفهم من العلم و اليقين، و قرّر صريحا ما عليه الاماميّة في أمر الدّين.
و العجب من الشارح المعتزلي الظاهر من كلامه القطع بصدور هذا الحديث من فم أمير المؤمنين فقال في شرح قوله عليه السّلام (بلى لا تخلو الأرض من قائم للّه تعالى بحجّة) «ص 351- ج 18»: و هذا يكاد يكون تصريحا بمذهب الاماميّة، إلّا أنّ أصحابنا يحملونه على أنّ المراد به الأبدال الّذين وردت الأخبار النبويّة عنهم- إلخ.
فيا ليت خلص نفسه من حبالة كيد كاد، و اعترف بهذا الحقّ الصريح، و ضرب أخبار الأبدال الموضوعة على الجدار، و فارق هؤلاء الأصحاب الضالّين الحائرين و لحق بأصحاب الحقّ و اليقين.
الترجمة
براى كميل بن زياد نخعى فرموده: كميل گويد. أمير المؤمنين دستم را گرفت- خوشا بحالش- و مرا به بيابان كشيد و چون بفضاى صحرا رسيد آهى عميق از دل برآورد و سپس فرمود: اى كميل اين دلها خزانه هائى براى دانشند، بهترين دل آنست كه دانشگيرتر باشد، آنچه بتو مى گويم از من بخاطر خود بسپار: مردم سه دسته اند: عالم ربانى، و آموزنده در راه نجات و حق، و مردم عوام مگس منش كه پيرو هر بانك خرانه اند، هر بادى بوزد آنها را بسوى خود كشد پرتو دانش بر آنها نتابيده و بستون پايدار تكيه ندارند.
اى كميل دانش به از دارائى است، دانش تو را پاسبانست و تو بايد پاسبان دارائى باشى، مال و دارائي با خرج كردن كاهش يابد ولى دانش بوسيله صرف آن بيفزايد، آنكه ساخته مال است با زوال مال از ميان مى رود.
اى كميل دانش تنها كيش بشر است و بايد بدان پاىبند بود، بوسيله آن هر انسانى در دوران زندگانى خود شيوه فرمانبرى بدست آرد، و براى پس از مردنش ذكر خيرى بجا گذارد، دانش حكمفرما است ولى مال فرمانگذار است.
اى كميل، گنجداران اموال و ثروت نابود شدند و دانشمندان زنده اند دانشمندان تا روزگار بر جاست پايدارند اشخاصشان ناپديدند ولى نمونه هاى عالى آنان در دلها موجودند، بخود باش راستى كه در اينجا «با دستش به سينه مباركش اشارت كرد» دانش انبوه و ژرفي است كاش حاملانى براى آن بدست مى آوردم، آرى شاگرداني در دست دارم ولى: يكي زودآموز طوطى صنعتى است كه مورد اطمينان نيست، دين را أبزار دنيا مى سازد و بنعمت قدرت دانش بر بندگان خدا مى ستازد، و از آن شمشيرى بر عليه اولياء خدا مى سازد.
و ديگرى كه منقاد و مطيع پيشوايان بر حق است ولى بجوانب دانش بينا نيست و قدرت تحليل و تجزيه آن را ندارد آغاز يك شبهه او را مى لرزاند و بشك مىاندازد و از راه مىبرد، نه اين بدرد من مى خورد و نه آن سومي آزمند و حريص بر لذّتهاى دنيا است، و مهارش بدست شهوت و دلخواه بيجا است.
و چهارمى پول پرست و شيفته اندوختن زر و سيم و دنبال پس انداز است، اين دو هم بهيچ وجه دين نگهدار نيستند مانندترين چيزى بدانها همان چهارپايان چرنده اند، چنين است كه دانش با مرگ دانشمند مدفون مى شود.
بار خدايا آرى با اين حال زمين از كسى كه قيم حجت إلهى است تهى نماند كه مقتضيات زمان ظاهر و مشهور باشد و يا اين كه از نظر سوء پذيرش مردم ترسناك و در پس پرده نهان گردد، براى اين كه حجتها و بيّنات خدا از ميان نروند، اينان چندند و در كجايند بخدا سوگند كه شمارى بس اندك و مقامي بس بزرگ دارند بوسيله آنان خداوند حجتها و نشانههاى خود را نگه دارد تا آنها را بهمگنان خود بسپارند و بذر دانش حق را در دلهاى همگنان خود بكارند- وصف آنان چنين است-
1- امواج دانش آنها را تا ژرف بينش و درك حقايق آفرينش بكشاند.
2- جان يقين و ايمان بحقائق را با دل پاك خود لمس كنند.
3- آنچه را خوشگذرانهاى هوسباز سخت و ناهموار شمارند، دلنشين و هنجار دانند.
4- بدانچه نادانان كور دل از آن در هراسند، انس و الفت دارند.
5- با تنهاى خاكي خود همراه دنيا هستند و جانهايشان باسايشگاه بلند قدس آويخته است. آنانند جانشينان خدا در روى زمينش و داعيان بر حق دينش آه و افسوس چه اندازه شوق ديدارشان را بر دل دارم.
كميل آن يار صاحب سرّ حيدر
نسبدار از نخع بر همكنان سر
بگفت از حال خود اين داستان را
ستايش گر امير مؤمنان را
كه دست من گرفت و برد صحرا
ز آهش خيمهگاهى كرد برپا
در آن صحراى خلوت عقده بگشود
ز در معرفت صحرا بر اندود
بگفتا اى كميل از حال دلها
بگويم با تو اسرارى مهنّا
همه دلها خزينهى علم و دانش
هر آن دل بيش گيرد پرستايش
بخاطر در سپار آنچهات بگويم
كه من اين راه را بهر تو پويم
همه مردم سه دسته، بيش و كم نيست
در اين تقسيم بر آنها ستم نيست
يكى خود عالم ربّاني آمد
يكى شاگرد وى كو ناجى آمد
سوم آن توده نادان حيران
مگس مانند در هر سوى پرّان
طرفداران هر بانك خرانه
برد هر بادشان هر سوى لانه
نتابيده بر آنها نور دانش
نباشد تكيهگاهيشان ز بينش
كميلا علم حق بهتر ز مال است
دليلش صاف چون آب زلال است
كند علمت تو را خود پاسبانى
ولى بر مال تو چون پاسبانى
هزينه كاهد از هر مال و دانش
ز آموزش بخود آرد فزايش
هر آنچه ساخته از مال باشد
چه رفت از كف همه پامال باشد
كميلا علم كيش حق انسان
كه انسان زان دهد انجام فرمان
چه عالم زنده شد فرمانگزار است
چه ميرد ذكر خيرش در شمار است
بهر جا علم حاكم بر جهانست
و ليكن مال محكوم كسان است
كميلا مالداران مرده باشند
اگر چه زنده و اندر تلاشند
ولى مردان دانش زنده هستند
بدوران تا بود پاينده هستند
اگر اشخاص آنها ناپديدند
مثلهاشان بدلها آرميدند
هلا در سينهام علمى است انبوه
كه سنگينى كند بر آن چنان كوه
چه خوش بود ار كه دانشجوى لائق
بدست آورد مى در اين خلائق
بلى باشند اندر پيش دستم
كسانى بس ولى طرفي نبستم
يكى طوطي صفت آموزد از من
ولى ايمن نه از نيرنگ و از فن
نمايد علم دين ابزار دنيا
كند گردن كشيء بر پير و برنا
از آن حجت بدست آرد چه روباه
بضد أولياء اللَّه، صد آه
يكى منقاد حق باشد و ليكن
ندارد هوش و بينائي بهر فن
ز هر پيشامدى در شبهه افتد
ز شك و ريب فتنه از ره افتد
نه اين را دوست مىدارم نه آنرا
بدور انداز بهمان و فلان را
سوم شاگرد من لذتپرست است
اسير شهوت و بيقيد و مست است
چهارم در پى جمع و پسانداز
ز بهر دين نباشند اين دو سرباز
همانندند حيوان چرا را
كه بايد برد آنها را بصحرا
چنين باشد كه دانش رفته از دست
چه دانشمند مرد و رخت بر بست
خداوندا تو مىدانى بحالي
زمين از حجت حق نيست خالي
چه ظاهر باشد و مشهور و منظور
چه از بيم و هراس خلق مستور
براى آنكه حجّتهاى سبحان
نماند باطل و بيهوده برهان
چه قدرند و كجا اين راد مردان
كه عالم جسم و اينان اندر آن جان
بذات حق كه اينان كم شمارند
اگر چه قدر و رتبت بيش دارند
نگهبانان حجّتهاى حقّند
امين بينات و رتق و فتقند
چه دور خدمت آنان سرآيد
براى همكنانشان نوبت آيد
كه بسپارند اسرار امامت
بهمكاران خود نوبت بنوبت
ز دانش بر بصيرت يورش آرند
بدل روح يقين در گردش آرند
پسندند آنچه مترفهاى بدكيش
از آن هستند اندر بيم و تشويش
بيارامند با روحى خرامان
از آنچه مىهراسد مرد نادان
در اين دنيا است تنهاشان و ليكن
بعرش آويخته جانهاى روشن
خدا را در زمين وى خليفه
دعات ملت پاك حنيفه
دريغا از فراق روى آنان
بديدار همه مشتاقم از جان
كميلا باز گرد اكنون دگر بس
اگر خواهي كه برگردى تو واپس
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی