خطبه 96 صبحی صالح
96- و من خطبة له ( عليه السلام ) في اللّه و في الرسول الأكرم
اللّه تعالى
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْأَوَّلِ فَلَا شَيْءَ قَبْلَهُ
وَ الْآخِرِ فَلَا شَيْءَ بَعْدَهُ
وَ الظَّاهِرِ فَلَا شَيْءَ فَوْقَهُ
وَ الْبَاطِنِ فَلَا شَيْءَ دُونَهُ
و منها في ذكر الرسول ( صلى الله عليه وآله )
مُسْتَقَرُّهُ خَيْرُ مُسْتَقَرٍّ
وَ مَنْبِتُهُ أَشْرَفُ مَنْبِتٍ
فِي مَعَادِنِ الْكَرَامَةِ
وَ مَمَاهِدِ السَّلَامَةِ
قَدْ صُرِفَتْ نَحْوَهُ أَفْئِدَةُ الْأَبْرَارِ
وَ ثُنِيَتْ إِلَيْهِ أَزِمَّةُ الْأَبْصَارِ
دَفَنَ اللَّهُ بِهِ الضَّغَائِنَ
وَ أَطْفَأَ بِهِ الثَّوَائِرَ
أَلَّفَ بِهِ إِخْوَاناً
وَ فَرَّقَ بِهِ أَقْرَاناً
أَعَزَّ بِهِ الذِّلَّةَ
وَ أَذَلَّ بِهِ الْعِزَّةَ
كَلَامُهُ بَيَانٌ
وَ صَمْتُهُ لِسَانٌ
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج7
و من اخرى و هى الخامسة و التسعون من المختار فى باب الخطب
الحمد للّه الأوّل فلا شيء قبله، و الآخر فلا شيء بعده، و الظّاهر فلا شيء فوقه، و الباطن فلا شيء دونه. منها في ذكر الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: مستقرّه خير مستقرّ، و منبته أشرف منبت، في معادن الكرامة، و مماهد السّلامة، قد صرفت نحوه أفئدة الأبرار، و ثنيت إليه أزمّة الأبصار، دفن به الضّغاين، و أطفأ به النّوائر، ألّف به إخوانا، و فرّق به أقرانا، أعزّ به الذّلّة، و أذلّ به العزّة، كلامه بيان، و صمته لسان.
اللغة
(المهد) و المهاد الفراش و موضع تهيّأ للصبىّ، و جمع الأوّل مهود كفلس و فلوس و جمع الثاني مهد ككتاب و كتب، و أمّا المماهد فلم يضبط فيما رأيته من كتب اللغة، قال الشّارح البحرانيّ: جمع ممهد و الميم زايدة، و قال الشّارح المعتزليّ: المهاد الفراش و لما قال عليه السّلام: في معادن و هي جمع معدن قال بحكم القرينة و الازدواج و مماهد و إن لم يكن الواحد منها ممهدا كما قالوا: الغدايا و العشايا و مأجورات و مأزورات و نحو ذلك (و ثنيت) الشيء ثنيا من باب رمى إذا عطفته و رددته و (الضغائن) جمع الضّغينة و هي الحقد و (النواير) جمع النائرة و هي العداوة و المخاصمة.
الاعراب
قوله: في معادن الكرامة خبر بعد خبر، و يجوز كونه صفة أو حالا من الخبر لكونه نكرة غير محضة، و جملة قد صرفت في محلّ النّصب على الحال، و قد للتحقيق.
المعنى
صدر هذه الخطبة الشريفة مسوق للثناء على الواجب تعالى باعتبار نعوت العظمة و الجلال و صفات العزّة و الكمال، و ذيلها بمدح الرسول و الاشارة إلى فوايد البعثة فقال (الحمد للّه الأوّل فلا شيء قبله و الآخر فلا شيء بعده) و قد مرّ معنى الأوّل و الآخر في شرح الخطبة الرابعة و الستّين و في شرح الفصل الأوّل من فصول الخطبة التسعين بما لا مزيد عليه (و الظاهر فلا شيء فوقه و الباطن فلا شيء دونه) و قد مرّ معنى الظاهر و الباطن في شرح الخطبة الرابعة و السّتين أيضا و أقول هنا: يحتمل أن يكون المراد بالظاهر و الباطن كونه تعالى ظاهرا بآياته و آثار قدرته فلا شيء فوقه من حيث الظهور و الجلاء، بل هو أجلى الأشياء و أظهرها، و باطنا من حيث ذاته و حقيقته فلا شيء دونه من حيث البطون و الخفاء، و قد أوضحناه في شرح قوله عليه السّلام: كلّ ظاهر غيره غير باطن آه من الخطبة التي أشرنا إليها، و أن يكون المراد بالظاهر الغالب القاهر على كلّ شيء فكلّ شيء مقهور دون قدرته، ذليل تحت عزّته، و بالباطن العالم بما بطن من خفيّات الامور فلا شيء دونه أى أقرب منه سبحانه إليه، هذا.
قال السيّد (ره) (منها) أى ببعض فصول تلك الخطبة (في ذكر الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) و بيان شرفه و مناقبه الجميلة و هو قوله (مستقرّه خير مستقرّ و منبته أشرف منبت) يمكن أن يكون المراد بالمستقرّ و المنبت الأصلاب الشامخة و الأرحام المطهّرة، و أن يكون المراد بالأول مكّة و بالثاني الطيبة (في معادن الكرامة) أى الرسالة أو ما هو أعمّ من هذه (و مماهد السّلامة) أى المهد المتّصفة بالسّلامة من الأدناس و الأرجاس، و البراءة من العيوب الظاهرة و الباطنة (قد صرفت نحوه أفئدة الأبرار) أى صرف اللّه سبحانه أفئدتهم إليه (و ثنيت إليه أزمّة الأبصار) أى عطفت إليه أزمّة مطايا البصاير و القلوب، و هذا كلّه كناية من التفات الخلق إليه و تلقّيهم له بقلوبهم و محبّة الأبرار له عليه السّلام إجابة لدعوة إبراهيم الخليل عليه السّلام حيث قال: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ.
أى أسكنت بعض ولدى و هو إسماعيل عليه السّلام و من ولد منه، و عن العيّاشي عن الباقر عليه السّلام نحن هم و نحن بقية تلك الذرّية، و في المجمع عنه عليه السّلام أنّه قال نحن بقية تلك العترة. و قال كانت دعوة إبراهيم لنا خاصّة.
و قوله: فاجعل افئدة من الناس أراد بعضهم و هم المؤمنون الأبرار كما اشير في كلام الامام عليه السّلام و صرّح به الباقر عليه السّلام في رواية العياشي قال: أما أنه لم يعن الناس كلّهم أنتم أولئك و نظراؤكم إنما مثلكم في النّاس مثل الشعرة البيضاء في الثور الأسود أو مثل الشّعرة السّوداء في الثور الأبيض، ينبغي للناس أن يحجّوا هذا البيت و يعظموه لتعظيم اللّه إياه، و أن تلقونا حيث كنّا نحن الأدلّاء على اللّه.
و في الصّافي عن الكافي عنه عليه السّلام في قوله تعالى: تهوى إليهم، و لم يعن البيت فيقول إليه، فنحن و اللّه دعوة إبراهيم.
و عن الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السّلام و الأفئدة من الناس تهوى إلينا، و ذلك دعوة ابراهيم حيث قال افئدة من النّاس تهوى إليهم.
و روى عليّ بن إبراهيم عن الصّادق عليه السّلام أنه تعالى عنى بقوله: و ارزقهم من الثمرات، ثمرات القلوب أى أحبّهم إلى النّاس ليأتوا إليهم (دفن به الضغائن و أطفأ به النّوائر) أى أخفى بوجوده الشّريف الاحقاد العربيّة بعد أن كانت ظاهرة علانية، و أطفأ به نوائر العداوات و خصومات الجاهلية بعد أن كانت مشتعلة ملتهبة و (الف به) على الاسلام (اخوانا) كما كان بين أمير المؤمنين عليه السّلام و سلمان (و فرق به) على الشرك (أقرانا) كما كان بين حمزة و أبي لهب (أعزّ به الذلة و أذلّ به العزّة) أى أعزّ به ذلّة الاسلام و أذلّ به عزّة الكفر، فقد رفع الاسلام سلمان فارس و قد وضع الكفر أبا لهب (كلامه بيان) للأحكام (و صمته لسان) لحدود الحلال و الحرام، أراد أنّ سكوته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان كالتكلّم و البيان في الاشتمال على الفائدة، فانّ سكوت المعصوم في مقام التقرير حجّة كقوله و أيضا ربما كان يسكت عن بعض المطالب إفهاما للناس عدم جواز خوضهم فيها.
الترجمة
از جمله خطبه اى ديگر آن حضرتست حمد و ثنا خداوند را سزاست كه أوّلست پس نيست هيچ چيز پيش از او، و آخر است پس نيست هيچ چيز بعد از او، و ظاهريست پس نيست هيچ چيز بالاتر از او در ظهور و جلا، و باطنى است پس نيست هيچ چيز نزديكتر از او بأشياء.
و بعض ديگر از اين خطبه در ذكر رسالت مآب صلوات اللّه و سلامه عليه و آله است: محل استقرار او بهترين محل استقرارها است، و مكان روئيدن او شريفترين روئيدنها اسب، ثابت است در معدنهاى بزرگوارى و كرامت، و مواضع أمنيّت و سلامت، در حالتى كه گردانيده شده بطرف او قلبهاى نيكوكاران، و ميل داده شده بسوى او مهارهاى بصيرتهاى مؤمنان، دفن كرد و بر طرف فرمود بوجود شريف او كينه هاى ديرينه را، و خاموش نمود و زايل فرمود بسبب ذات او آتشهاى عداوت در سينه هاى پر كينه، و الفت داد بواسطه او ميان برادران از أهل ايمان، و پراكنده ساخت بجهة او اقران را از مشركان، عزيز گردانيد بأو ذلّت اسلام را، و ذليل گردانيد بأو عزّت كفر را كلام او بيان شرايع و أحكام است، و سكوت او زبانيست حدود حلال و حرام را، از جهة اين كه تقرير معصوم مثل فعل او و قول او حجّت و سند شرعيست.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»