خطبه 78 صبحی صالح
78- من كلمات كان ( عليه السلام ) يدعو بها
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي
فَإِنْ عُدْتُ فَعُدْ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا وَأَيْتُ مِنْ نَفْسِي
وَ لَمْ تَجِدْ لَهُ وَفَاءً عِنْدِي
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ بِلِسَانِي
ثُمَّ خَالَفَهُ قَلْبِي
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رَمَزَاتِ الْأَلْحَاظِ
وَ سَقَطَاتِ الْأَلْفَاظِ
وَ شَهَوَاتِ الْجَنَانِ
وَ هَفَوَاتِ اللِّسَان
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج5
و من كلمات له عليه السلام كان يدعو بها و هى السابعة و السبعون من المختار فى باب الخطب
أللّهمّ اغفر لي ما أنت أعلم به منّي، فإن عدت فعد عليّ بالمغفرة أللّهمّ اغفر لي ما و إيت من نفسي و لم تجد له وفاء عندي، أللّهمّ اغفر لي ما تقرّبت به إليك بلساني ثمّ خالفه قلبي، أللّهمّ اغفر لي رمزات الألحاظ، و سقطات الألفاظ، و شهوات الجنان، و هفوات اللّسان.
اللغة
(غفر) اللّه له ذنبه غفرا و غفرانا من باب ضرب صفح عنه و ستر عليه ذنبه و غطاه، و أصل الغفر السّتر يقال الصّيغ أغفر للوسخ اى استر له و (الوأي) الوعد الذى يوثقه الرّجل على نفسه و يعزم على الوفاء به، و منه و أيته و أيا و عدته و (الرّمز) هو تحريك الشفتين فى اللفظ من غير اثباته بصوت و قد يكون اشارة بالعين و الحاجب و (اللحظ) النظر بمؤخّر العين و (السقط) بالتحريك ردىّ المتاع و الخطاء من القول و الفعل و (الهفوة) الزلّة.
قوله ما و أيت كلمة ما مالاعرابوصول اسمى بمعنى الّذي، و وأيت صلته و العايد محذوف و قول البحراني إنّ ما ههنا مصدرية لا أرى له وجها، و من في قوله من نفسى نشويّة، و جملة و لم تجد في محلّ النّصب على الحال، و الباء في قوله تقربت به سببيّة، و في قوله بلسانى استعانة.
المعنى
اعلم أنّ المطلوب بهذا الكلام هو غفران اللّه سبحانه له، و مغفرة اللّه للعبد عبارة عن صفحه عما يؤدّى إلى الفضاحة في الدّنيا و الهلكة في الآخرة و ستره عليه عيوباته الباطنة و الظاهرة و أن يوّفقه لأسباب السّعادة الرّادعة عن متابعة الشيطان و النّفس الأمارة، و هذا كلّه في حقّ غيره عليه السّلام و أما طلبه سلام اللّه عليه و آله للمغفرة و كذلك استغفار ساير المعصومين من الأنبياء و أئمة الدّين سلام اللّه عليهم أجمعين فقد قدّمنا تحقيقه بما لا مزيد عليه في التّنبيه الثالث من تنبيهات الفصل الثالث عشر من فصول الخطبة الاولى فليتذكّر.
إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى شرح ما يؤدّيه ظاهر كلامه عليه السّلام فأقول: قوله: (اللهمّ اغفر لى ما أنت أعلم به منّى فان عدت فعد علىّ بالمغفرة) طلب للمغفرة ممّا هو عند اللّه معصية و سيئة في حقّه و هو لا يعلمها فيفعلها أو يعلمها لا كعلم اللّه سبحانه إن كان صيغة التّفضيل على معناها الأصلى و طلب لتكرار المغفرة لما يعاوده و يكرّره كذلك.
فان قلت: الطاعة و المعصية عبارة عن امتثال التّكليف و مخالفته و هو فرع العلم به و مع الجهل و عدم العلم لا أمر و لا نهى و لا خطاب و لا طاعة و لا معصية و لا ثواب و لا عقاب إذ النّاس في سعة ممّا لا يعلمون و لا يكلّف اللّه نفسا إلّا ما آتيها.
قلت: الجهل بالتّكليف قد يكون ناشئا عن القصور و قد يكون ناشئا من التقصيرفي تحصيل العلم فحينئذ لا يقبح المؤاخذة عليه كما لا يقبح المؤاخذة عن النّسيان إن نشأ عن قلّة المبالاة و عن التقصير في المقدّمات، و لذلك قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطانا، مع أنّ المؤاخذة عليه مرفوعة عن الامّة بحكم حديث رفع التسعة هذا.
مع أنّ العلم بأنّ ما وقع عن الجهل و النسيان معفوّ عنه و غير مؤاخذ عليه لا يمنع من حسن طلب العفو عنه بالدّعاء، فربما يدعو الداعى بما يعلم أنّه حاصل قبل الدّعاء من فضل اللّه تعالى إمّا لاعتداد تلك النّعمة و إمّا لاستدامتها أو لغير ذلك كقوله تعالى: قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ و قول إبراهيم وَ لا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (اللهم اغفر لى ما و أيت من نفسى و لم تجد له وفاء عندى) و هو استغفار ممّا وعده من نفسه و عاهد عليه اللّه فعلا أو تركا زجرا أو شكرا ثمّ لم يف به، و ذلك لأنّ حنث اليمين و نقض العهد موجب للخذلان و معقب للخسر ان كما صرّح عليه في غير آية من القرآن، قال تعالى في سورة البقرة: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ و في سورة بني إسرائيل: وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا و في سورة النّحل: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ قال الطبرسي فى تفسير الآية الأخيرة: قال ابن عباس: الوعد من العهد، و قال المفسرون: العهد الذي يجب الوفاء به و الوعد هو الذي يحسن فعله و عاهد اللّه ليفعلنّه فانّه يصيروا جبا عليه، و لا تنقضوا الايمان بعد توكيدها، هذا نهى منه سبحانه عن حنث الايمان و هو أن ينقضها بمخالفة موجبها و ارتكاب ما يخالف عقدها، و قوله: بعد توكيدها أى بعد عقدها و ابرامها و توثيقها باسم اللّه تعالى و قيل: بعد تشديدها و تغليظها بالعزم و العقد على اليمين بخلاف لغو اليمين.
(اللهمّ اغفر لى ما تقرّبت به اليك) اى ما عملته لك (بلسانى) و يدي و رجلي و بصرى و ساير جوارحى (ثمّ خالفه قلبى) و جعله مشوبا بالرّيا و السّمعة المنافى للقربة (اللهمّ اغفر لى رمزات الألحاظ) أي اشارات اللحاظ لتعييب شخص و هجائه و نحو ذلك (و سقطات الالفاظ) أى ردّيتها و ساقطتها عن مناط الاعتبار بأن لا يكون له مبالات في قوله و كلامه، روى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إذا رأيتم الرّجل لا يبالى ما قال و لا ما قيل له فهو شرك شيطان (و شهوات الجنان) أى مشتهيات القلوب المخالفة للشّرع.
و روى في الوسايل عن الكليني باسناده عن أبي محمّد الوابشي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: احذروا أهوائكم كما تحذرون أعدائكم فليس بشيء أعدى للرجال من اتباع أهوائهم و حصائد ألسنتهم.
و عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: كان أبو الحسن عليه السّلام يقول: لا تدع النفس و هواها فانّ هواها في رداها و ترك النّفس و ما تهوى اذاها، و ترك النّفس عما تهوى دواؤها، هذا.
و في بعض النّسخ سهوات القلوب بالسين المهملة فالمراد بها غفلاتها كما في قوله سبحانه: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ.
أى غافلون عنها تاركين لها أو تحمل سهواتها على سهواتها الناشئة عن ترك التّحفظ و قلّة المبالاة فانّها لا تقبح المؤاخذة عليها حينئذ كما أشرنا إليه آنفا في شرح قوله اللهمّ اغفر لي ما أنت أعلم به منّى، فانّ السهو و النسيان متقاربان و كلاهما من الشيطان بهما يقطع العبد عن سلوك لللل الجنان و الرّضوان كما قال أمير المؤمنين في رواية الكافى «في القلب ظ» لمتان لمة من الشيطان و لمة من الملك فلمة الملك الرّقة و الفهم و لمة الشيطان السّهو و القسوة هذا.
و ذكر قوله: (و هفوات اللسان) بعد سقطات الألفاظ إمّا من قبيل التّاكيد أو ذكر الخاصّ بعد العامّ لمزيد الاهتمام بأن يكون المراد بسقطات الألفاظ ما ليس فيها ثمرة اخرويّة سواء كانت حراما و مضرّة في الآخرة أو لا يكون فيها نفع و لا ضرر كالكلام اللغو، و بهفوات اللسان خصوص ما يوجب المؤاخذة في الآخرة كالغيبة و البهت و النميمة و السعاية و الاستهزاء و التهمة و السبّ و الكذب إلى غير ذلك، فانّ كلّ ذلك مباين لمكارم الأخلاق و حسن الشّيمة مناف لمقتضى الايمان و التّقوى و المروّة و معقب للخسران و الندامة في الآخرة.
و لذلك قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم طوبى لمن انفق فضلات ماله و أمسك فضلات لسانه.
و قال أيضا إنّ مقعد ملكيك على ثنييك«» لسانك قلمهما و ريقك مدادهما و أنت تجرى فيما لا يعنيك«» و لا تستحى من اللّه و لا منهما.
و عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يعذّب اللّسان بعذاب لا يعذّب به شيء من الجوارح فيقول: أى ربّ عذّبتنى بعذاب لا تعذّب به شيئا من الجوارح قال فيقال له: خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض و مغاربها فسفك بها الدّم الحرام و أخذ بها المال الحرام و انتهك بها الفرج الحرام فوعزّتي لاعذّبنك بعذاب لا أعذّب به شيئا من جوارحك، رواه في الكافي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نحوه.
و من غريب ما وقع لأبى يوسف و هو من أكابر علماء الأدبيّة و عظماء الشيعة و هو من أصحاب الجواد و الهادي عليهما السّلام أنّه قال في التّحذير من عثرات اللّسان.
يصاب الفتى من عثرة بلسانه و ليس يصاب المرء من عثرة الرّجل و من كلمات له عليه السلام كان يدعو بها
و هى السابعة و السبعون من المختار فى باب الخطب أللّهمّ اغفر لي ما أنت أعلم به منّي، فإن عدت فعد عليّ بالمغفرة أللّهمّ اغفر لي ما و إيت من نفسي و لم تجد له وفاء عندي، أللّهمّ اغفر لي ما تقرّبت به إليك بلساني ثمّ خالفه قلبي، أللّهمّ اغفر لي رمزات الألحاظ، و سقطات الألفاظ، و شهوات الجنان، و هفوات اللّسان.
اللغة
(غفر) اللّه له ذنبه غفرا و غفرانا من باب ضرب صفح عنه و ستر عليه ذنبه و غطاه، و أصل الغفر السّتر يقال الصّيغ أغفر للوسخ اى استر له و (الوأي) الوعد الذى يوثقه الرّجل على نفسه و يعزم على الوفاء به، و منه و أيته و أيا و عدته و (الرّمز) هو تحريك الشفتين فى اللفظ من غير اثباته بصوت و قد يكون اشارة بالعين و الحاجب و (اللحظ) النظر بمؤخّر العين و (السقط) بالتحريك ردىّ المتاع و الخطاء من القول و الفعل و (الهفوة) الزلّة.
الاعراب
قوله ما و أيت كلمة ما موصول اسمى بمعنى الّذي، و وأيت صلته و العايد محذوف و قول البحراني إنّ ما ههنا مصدرية لا أرى له وجها، و من في قوله من نفسى نشويّة، و جملة و لم تجد في محلّ النّصب على الحال، و الباء في قوله تقربت به سببيّة، و في قوله بلسانى استعانة.
المعنى
اعلم أنّ المطلوب بهذا الكلام هو غفران اللّه سبحانه له، و مغفرة اللّه للعبد عبارة عن صفحه عما يؤدّى إلى الفضاحة في الدّنيا و الهلكة في الآخرة و ستره عليه عيوباته الباطنة و الظاهرة و أن يوّفقه لأسباب السّعادة الرّادعة عن متابعة الشيطان و النّفس الأمارة، و هذا كلّه في حقّ غيره عليه السّلام و أما طلبه سلام اللّه عليه و آله للمغفرة و كذلك استغفار ساير المعصومين من الأنبياء و أئمة الدّين سلام اللّه عليهم أجمعين فقد قدّمنا تحقيقه بما لا مزيد عليه في التّنبيه الثالث من تنبيهات الفصل الثالث عشر من فصول الخطبة الاولى فليتذكّر.
إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى شرح ما يؤدّيه ظاهر كلامه عليه السّلام فأقول: قوله: (اللهمّ اغفر لى ما أنت أعلم به منّى فان عدت فعد علىّ بالمغفرة) طلب للمغفرة ممّا هو عند اللّه معصية و سيئة في حقّه و هو لا يعلمها فيفعلها أو يعلمها لا كعلم اللّه سبحانه إن كان صيغة التّفضيل على معناها الأصلى و طلب لتكرار المغفرة لما يعاوده و يكرّره كذلك.
فان قلت: الطاعة و المعصية عبارة عن امتثال التّكليف و مخالفته و هو فرع العلم به و مع الجهل و عدم العلم لا أمر و لا نهى و لا خطاب و لا طاعة و لا معصية و لا ثواب و لا عقاب إذ النّاس في سعة ممّا لا يعلمون و لا يكلّف اللّه نفسا إلّا ما آتيها.
قلت: الجهل بالتّكليف قد يكون ناشئا عن القصور و قد يكون ناشئا من التقصيرفي تحصيل العلم فحينئذ لا يقبح المؤاخذة عليه كما لا يقبح المؤاخذة عن النّسيان إن نشأ عن قلّة المبالاة و عن التقصير في المقدّمات، و لذلك قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطانا، مع أنّ المؤاخذة عليه مرفوعة عن الامّة بحكم حديث رفع التسعة هذا.
مع أنّ العلم بأنّ ما وقع عن الجهل و النسيان معفوّ عنه و غير مؤاخذ عليه لا يمنع من حسن طلب العفو عنه بالدّعاء، فربما يدعو الداعى بما يعلم أنّه حاصل قبل الدّعاء من فضل اللّه تعالى إمّا لاعتداد تلك النّعمة و إمّا لاستدامتها أو لغير ذلك كقوله تعالى: قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ و قول إبراهيم وَ لا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (اللهم اغفر لى ما و أيت من نفسى و لم تجد له وفاء عندى) و هو استغفار ممّا وعده من نفسه و عاهد عليه اللّه فعلا أو تركا زجرا أو شكرا ثمّ لم يف به، و ذلك لأنّ حنث اليمين و نقض العهد موجب للخذلان و معقب للخسر ان كما صرّح عليه في غير آية من القرآن، قال تعالى في سورة البقرة: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ و في سورة بني إسرائيل: وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا و في سورة النّحل: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ قال الطبرسي فى تفسير الآية الأخيرة: قال ابن عباس: الوعد من العهد، و قال المفسرون: العهد الذي يجب الوفاء به و الوعد هو الذي يحسن فعله و عاهد اللّه ليفعلنّه فانّه يصيروا جبا عليه، و لا تنقضوا الايمان بعد توكيدها، هذا نهى منه سبحانه عن حنث الايمان و هو أن ينقضها بمخالفة موجبها و ارتكاب ما يخالف عقدها، و قوله: بعد توكيدها أى بعد عقدها و ابرامها و توثيقها باسم اللّه تعالى و قيل: بعد تشديدها و تغليظها بالعزم و العقد على اليمين بخلاف لغو اليمين.
(اللهمّ اغفر لى ما تقرّبت به اليك) اى ما عملته لك (بلسانى) و يدي و رجلي و بصرى و ساير جوارحى (ثمّ خالفه قلبى) و جعله مشوبا بالرّيا و السّمعة المنافى للقربة (اللهمّ اغفر لى رمزات الألحاظ) أي اشارات اللحاظ لتعييب شخص و هجائه و نحو ذلك (و سقطات الالفاظ) أى ردّيتها و ساقطتها عن مناط الاعتبار بأن لا يكون له مبالات في قوله و كلامه، روى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إذا رأيتم الرّجل لا يبالى ما قال و لا ما قيل له فهو شرك شيطان (و شهوات الجنان) أى مشتهيات القلوب المخالفة للشّرع.
و روى في الوسايل عن الكليني باسناده عن أبي محمّد الوابشي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: احذروا أهوائكم كما تحذرون أعدائكم فليس بشيء أعدى للرجال من اتباع أهوائهم و حصائد ألسنتهم.
و عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: كان أبو الحسن عليه السّلام يقول: لا تدع النفس و هواها فانّ هواها في رداها و ترك النّفس و ما تهوى اذاها، و ترك النّفس عما تهوى دواؤها، هذا.
و في بعض النّسخ سهوات القلوب بالسين المهملة فالمراد بها غفلاتها كما في قوله سبحانه: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ.
أى غافلون عنها تاركين لها أو تحمل سهواتها على سهواتها الناشئة عن ترك التّحفظ و قلّة المبالاة فانّها لا تقبح المؤاخذة عليها حينئذ كما أشرنا إليه آنفا في شرح قوله اللهمّ اغفر لي ما أنت أعلم به منّى، فانّ السهو و النسيان متقاربان و كلاهما من الشيطان بهما يقطع العبد عن سلوك لللل الجنان و الرّضوان كما قال أمير المؤمنين في رواية الكافى «في القلب ظ» لمتان لمة من الشيطان و لمة من الملك فلمة الملك الرّقة و الفهم و لمة الشيطان السّهو و القسوة هذا.
و ذكر قوله: (و هفوات اللسان) بعد سقطات الألفاظ إمّا من قبيل التّاكيد أو ذكر الخاصّ بعد العامّ لمزيد الاهتمام بأن يكون المراد بسقطات الألفاظ ما ليس فيها ثمرة اخرويّة سواء كانت حراما و مضرّة في الآخرة أو لا يكون فيها نفع و لا ضرر كالكلام اللغو، و بهفوات اللسان خصوص ما يوجب المؤاخذة في الآخرة كالغيبة و البهت و النميمة و السعاية و الاستهزاء و التهمة و السبّ و الكذب إلى غير ذلك، فانّ كلّ ذلك مباين لمكارم الأخلاق و حسن الشّيمة مناف لمقتضى الايمان و التّقوى و المروّة و معقب للخسران و الندامة في الآخرة.
و لذلك قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم طوبى لمن انفق فضلات ماله و أمسك فضلات لسانه.
و قال أيضا إنّ مقعد ملكيك على ثنييك«» لسانك قلمهما و ريقك مدادهما و أنت تجرى فيما لا يعنيك«» و لا تستحى من اللّه و لا منهما.
و عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يعذّب اللّسان بعذاب لا يعذّب به شيء من الجوارح فيقول: أى ربّ عذّبتنى بعذاب لا تعذّب به شيئا من الجوارح قال فيقال له: خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض و مغاربها فسفك بها الدّم الحرام و أخذ بها المال الحرام و انتهك بها الفرج الحرام فوعزّتي لاعذّبنك بعذاب لا أعذّب به شيئا من جوارحك، رواه في الكافي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نحوه.
و من غريب ما وقع لأبى يوسف و هو من أكابر علماء الأدبيّة و عظماء الشيعة و هو من أصحاب الجواد و الهادي عليهما السّلام أنّه قال في التّحذير من عثرات اللّسان.
يصاب الفتى من عثرة بلسانه و ليس يصاب المرء من عثرة الرّجلفعثرته في القول تذهب رأسه و عثرته في الرّجل تذهب عن مهل
فاتّفق أنّ المتوكل العباسى ألزمه تأديب ولديه المعتزّ و المؤيّد، فقال له يوما: أيّما أحبّ إليك ابناى هذان أم الحسن و الحسين فقال: و اللّه إنّ قنبر الخادم خادم عليّ خير منك و من ابنيك، فقال المتوكّل لعنه اللّه لأتراكه: سلّوا لسانه من قفاه، ففعلوا فمات رحمة اللّه عليه.
و روى عن سيّد السّاجدين عليه السّلام قال: لسان ابن آدم يشرف كلّ يوم على جوارحه فيقول: كيف أصبحتم فيقولون: بخير إن تركتنا و يقولون: اللّه اللّه فينا و يناشدونه و يقولون: إنّما نثاب و نعاقب بك.
إلى غير هذه من الأخبار الواردة في مدح الصّمت و ذم التكلّم و يأتي إنشاء اللّه جملة منها في شرح الخطبة المأة و الثالثة و التّسعين، فاللّازم على العاقل الصمت و السّكوت بقدر الامكان كى يسلم عن زلّات اللّسان و عثرات البيان و فضول الكلام و ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ.
الترجمة
از جمله كلمات آن امامست كه دعا ميكرد به آنها و مى گفت: بار خدايا بيامرز از براى من آن چيزى را كه تو داناترى بآن از من پس اگر من باز گردم بسوى آن پس باز گرد تو از براى من بآمرزيدن، خداوندا بيامرز از براى من آن چيزى را كه من وعده كردم از نفس خود از براى تو و نيافتى مر او را وفا در نزد من بار خدايا بيامرز از براى من عملهائى كه تقرّب جستم با آنها بسوى تو پس مخالفت نمود آنرا قلب من. بار خدايا بيامرز از براى من اشارتهاى گوشههاى چشم ببديها و بيهودههاى گفتارها و شهوات قلب و لغزشات زبان را، و لنعم ما قيل:
زبان بسيار سر بر باد داد است
زبان سر را عدوي خانه زاد است
عدوي خانه خنجر تيز كرده
تو از خصم برون پرهيز كرده
نشد خاموش كبك كوهسارى
از آن شد طعمه باز شكارى
اگر طوطى زبان مىبست در كام
نه خود را در قفس ديدي نه در دام
خموشى پرده پوش راز باشد
نه مانند سخن غمّاز باشد
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»