خطبه 38 صبحی صالح
38- و من كلام له ( عليه السلام ) و فيها علة تسمية الشبهة شبهة ثم بيان حال الناس فيها
وَ إِنَّمَا سُمِّيَتِ الشُّبْهَةُ شُبْهَةً لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْحَقَّ
فَأَمَّا أَوْلِيَاءُ اللَّهِ فَضِيَاؤُهُمْ فِيهَا الْيَقِينُ
وَ دَلِيلُهُمْ سَمْتُ الْهُدَى
وَ أَمَّا أَعْدَاءُ اللَّهِ فَدُعَاؤُهُمْ فِيهَا الضَّلَالُ
وَ دَلِيلُهُمُ الْعَمَى
فَمَا يَنْجُو مِنَ الْمَوْتِ مَنْ خَافَهُ
وَ لَا يُعْطَى الْبَقَاءَ مَنْ أَحَبَّه
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج4
و من خطبة له عليه السّلام و هى الثامنة و الثلاثون من المختار في باب الخطب و إنّما سمّيت الشّبهة شبهة لأنّها تشبه الحقّ، فأمّا أولياء اللّه فضياءهم فيها اليقين، و دليلهم سمت الهدى، و أمّا أعداء اللّه فدعائهم فيها الضّلال، و دليلهم العمى، فما ينجو من الموت من خافه، و لا يعطى البقاء من أحبّه.
اللغة
(السّمت) بالفتح فالسكون الطريق و هيئة أهل الخير، و السّير على الطريق بالظنّ و حسن النّحو و قصد الشيء و السّكينة و الوقار.
الاعراب
البقاء إمّا بالرّفع كما في اكثر النّسخ، و هو الأظهر«» على قراءة يعطى بصيغة المجهول أو منصوب كما في بعضها على كون يعطي مبنيّا على الفاعل فيكون مفعولا ثانيا قدّم على الأوّل.
المعنى
اعلم أنّ هذا الكلام له فصلان غير ملتئمين: فإما أنّ السّيد «ره» جمعهما من كلام طويل على ما هو دابه في هذا الكتاب، و إمّا أن يكون الفصل الثاني مربوطا على كلام مذكور قبل الفصل الأوّل حسن ارتباطه به فيكون الفصل الأوّل اعتراضا بينهما و كيف كان.
فالفصل الاول
وارد في بيان وجه تسمية الشّبهة و بيان حال النّاس فيها، أمّا وجه التسميةفأشار إليه بقوله: (و انّما سمّيت الشّبهة شبهة لانّها تشبه الحقّ) اعلم أنّ الشّبهة هو الالتباس مأخوذة من التشابه و هو كون أحد الشيئين مشابها للآخر بحيث يعجز الذهن عن التّمييز بينهما قال اللّه تعالى: إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حلال بيّن و حرام بيّن و شبهات بين ذلك ثمّ لما كان من شأن المتشابهين عجز الانسان عن التّمييز بينهما سمّي كلّ ما لا يهتدى الانسان إليه بالمتشابه، و نظيره المشكل سمّى بذلك لأنّه أشكل أى دخل في شكل غيره فأشبهه و شابهه.
قال الصّادق عليه السّلام: أمر بيّن رشده فيتبع، و أمر بيّن غيّه فيجتنب، و أمر مشكل يردّ علمه إلى اللّه و رسوله، ثمّ يقال لكلّ ما غمض و إن لم يكن غموضه من هذه الجهة إنّه مشكل إذا عرفت ذلك فأقول: إنّ في قوله إشارة إلى أنّ الامور على ثلاثة: حقّ بيّن رشده، و باطل بيّن غيّه، و شبهة بين ذلك سمّيت بها لأنها تشبه الحقّ، و اللازم فيها الرّجوع إلى الرّاسخين في العلم الذّين تثبتوا و تمكنوا فيه، و لهم حسن التدبر وجودة الذّهن لتجرّد عقولهم عن غواشى الحسّ لكون نفوسهم مشرقة بنور اليقين مستضيئة بنور النبوّة في سلوك الصّراط المستقيم، فبهم يكشف النقاب عن وجه الشّبهة و يرتفع الحجاب و يهتدى إلى صوب الصّواب كما قال عليه السّلام.
(فأما أولياء اللّه فضياؤهم فيها اليقين و دليلهم سمت الهدى) فيخرجون تابعيهم و المهتدين بهم من الرّدى و يدلّونهم على الهدى و هو هدى اللّه سبحانه و تعالى و قد قال: قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا في البحار من كنز جامع الفوايد و تأويل الآيات باسناده عن داود النجّار عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام أنّه سأل أباه عن قول اللّه:قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يا أيها النّاس اتّبعوا هدى اللّه تهتدوا و ترشدوا و هو هداى هداى عليّ بن أبي طالب فمن اتّبع هداه في حياتي و بعد موتى فقد اتّبع هداى و من اتّبع هداى فقد اتّبع هدى اللّه و من اتّبع هدى اللّه فلا يضلّ و لا يشقى.
(و أمّا أعداء اللّه) الذين في قلوبهم زيغ و عدول عن الحقّ (فدعاؤهم فيها الضّلال) و الغوى (و دليلهم العمى) فيهدون المهتدين بهم إلى طريق الرّدى و يخرجونهم عن قصد الهدى و هم الأئمة الهادون إلى النّار الموقفون لتابعيهم كأنفسهم في غضب الجبّار كما قال تعالى: وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَ قَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَ كَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى.
روي في الكافي عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً قال: يعنى به ولاية أمير المؤمنين قلت: وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى قال يعنى أعمى البصر في الآخرة أعمى القلب في الدّنيا عن ولاية أمير المؤمنين قال و هو سيحشر يوم القيامة يقول: رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَ قَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا قال الآيات الأئمة عليهم السّلام فَنَسِيتَها وَ كَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى يعنى تركتها فكذلك تترك في النّار كما تركت الأئمة فلم تطع قولهم و لم تسمع أمرهم.
و قد ظهر ممّا ذكرنا أنّ مقصوده بذلك الاشارة إلى وجوب الرّجوع في الوقايع المشتبهة و الامور الملتبسة إلى أئمة الحقّ الّذينهم أولياء اللّه سبحانه و تعالى، لأنّهم من حيث كمال نفوسهم القدسيّة بنور اليقين قادرون على رفع الشكوكات و دفع الشّبهات، و من حيث أنّ دليلهم سمت الهدى يهدون الرّاجعين إليهم إلى طريق النّجاة.
و أما أئمة الجور الّذينهم أعداء اللّه عزّ و علا فلا يمكن الرّجوع فيها إليهم لأنّهم من حيث اتّصافهم بالجهل و العمى عاجزون عن رفع النّقاب و كشف الحجاب في الامور المشتبهة و الوقايع المشكلة، و من حيث إنهم معزولون عن الحقّ يدعون الراجعين إليهم و التابعين لهم الى طريق الضّلال.
و قد قال لكميل بن زياد: النّاس ثلاثة: عالم ربّاني، و متعلّم على طريق النجاة، و همج رعاع أتباع كلّ ناعق يميلون مع كلّ ريح لم يستضيئوا بنور العلم و لم يلجئوا إلى ركن وثيق هذا.
و يحتمل أن يكون غرضه بذلك الكلام الاشارة إلى خصوص أمر الخلافة الذي اشتبه على الناس و صاروا منه في شبهة فمنهم من رآه أهلالها و اقتدى فسعد و نجى و صار من أصحاب الصراط السويّ و اهدى، فتنوّر قلبه بنوره عليه السّلام و يهدي اللّه لنوره من يشاء من عباده، و منهم من قدّم غيره عليه و ائتمّ به فضلّ و هلك و خاب و غوى و يحشر يوم القيمة أعمى.«»و إلى الفريقين أشير في قوله عزّ و جلّ: أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ قال عليّ بن ابراهيم في تفسيره: جاهلا عن الحقّ و الولاية فهديناه اليها.
وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ قال النّور الولاية كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها يعني في ولاية غير الأئمّة (ع) كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ و روى العياشي عن بريد العجلي قال: قال: أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ قال الميت الّذي لا يعرف هذا الشأن قال أ تدري ما يعني ميتا قال قلت: جعلت فداك لا، قال الميت الذي لا يعرف شيئا فأحييناه بهذا الأمر و جعلنا له نورا يمشى به في الناس قال إماما فأتمّ به قال: كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها قال كمثل هذا الخلق الّذين لا يعرفون الامام.
و في قوله: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ قال الصادق عليه السّلام في رواية الكافى عن ابن أبي يعفور عنه عليه السّلام من ظلمات الذّنوب إلى نور التّوبة أو المغفرة لولايتهم كل امام عادل من اللّه قال: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ فأىّ نور يكون للكافر فيخرج منه إنّما عنى بهذا أنّهم كانوا على نور الاسلام فلمّا تولّوا كلّ امام جاير ليس من اللّه خرجوا بولايتهم إيّاهم من نور الاسلام إلى ظلمات الكفر فأوجب اللّه لهم النّار مع الكفّار و قال: أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ والى الفرقة الاولى خاصّة وقعت الاشارة في قوله سبحانه: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا قال أبو خالد سألت أبا جعفر عليه السّلام عن هذه الآية فقال عليه السّلام: يا أبا خالد النّور و اللّه الأئمة إلى يوم القيامة هم و اللّه نور اللّه الذي انزل، و هم و اللّه نور اللّه في السّموات و الأرض و اللّه يا أبا خالد لنور الامام في قلوب المؤمنين أنور من الشّمس المضيئة بالنّهار، و هم و اللّه ينوّرون قلوب المؤمنين و يحجب اللّه نورهم عمّن يشاء فتظلم قلوبهم، و اللّه يا أبا خالد لا يحبّنا عبد و يتولّانا حتّى يطهر اللّه قلبه، و لا يطهر اللّه قلب عبد حتّى يسلم و يكون سلما لنا، فاذا كان سلما لنا سلّمه اللّه من شديد الحساب و آمنه من فزع يوم القيامة الاكبر.
والى الفرقة الثّانية خاصّة اشيرت في قوله سبحانه: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ فقد روى في الكافي باسناده عن عبد الرّحمن بن كثير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ قال أمير المؤمنين و الأئمّة عليهم السّلام وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ قال فلان و فلانو فلان فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ و هم أمير المؤمنين و الأئمّة عليهم السّلام هذا.
و غير خفيّ على النّاقد البصير المجدّ الخبير أنّ التّأويل الذي ذكرته في شرح كلامه عليه السّلام ممّا لم يسبقني أحد من الشّراح، و إنّما حاموا حول القيل و القال و أخذوا بشرح ظاهر المقال و قد هداني إلى هذا التحقيق نور التوفيق، و قد اهتديت إليه بميامن التمسك بولاية أئمّة الهدى و الاعتصام بعراهم الوثقى، رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.
و الفصل الثاني
وارد في مقام التذكير بالموت الذي هو هادم اللذات كما قال عليه السّلام (فما ينجو من الموت من خافه) يعنى: إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ و قوله عليه السّلام (و لا يعطى البقاء من أحبّه) يعنى أنّ حبّ البقاء في الدّنيا لا يثمر البقاء فيها و في معنى هذا الفصل قال في الدّيوان المنسوب إليه:
أرى الدّنيا ستؤذن بانطلاق
مشمّرة على قدم و ساق
فلا الدّنيا بباقية لحىّ
و لا حىّ على الدّنيا بباق
و قال ايضا
حياتك انفاس تعدّ فكلّما
مضى نفس منها انتقضت به جزءا
و يحييك ما يفنيك في كلّ حالة
و يحدوك حاد ما يريد بك الهزءا
فتصبح في نفس و تمسى بغيرها
و مالك من عقل تحسّ به رزءا
و قال ايضا
الموت لا والدا يبقى و لا ولدا
هذا السبيل الى أن لا ترى أحدا
كان النّبيّ و لم يخلد لامّته
لو خلّد اللّه خلقا قبله خلدا
للموت فينا سهام غير خاطئة
من فاته اليوم سهم لم يفته غدا
الترجمة
از جمله خطب آن حضرت است كه مشتمل است بدو فصل يكي در بيان وجه تسميه شبهه مىفرمايد كه: بدرستى نام نهاده شد شبهه بشبهه بجهة آنكه آن شباهت دارد بحق پس أما دوستان خدا پس روشنى ايشان در آن شبهه نور يقين است، و راه نمائى ايشان قصد راه راست است، و أما دشمنان خدا پس خواندن ايشان در امور مشتبه گمراهى است و ضلالت، و دليل ايشان كورى است و عدم بصيرت فصل دوم در تذكير موت مىفرمايد: پس نجات نيافت از مرگ كسى كه ترسيد از او، و عطا نشد بقا بر كسى كه دوست داشت آنرا، بلكه مآل هر دو أجل است پس هر كه راه خدا گزيد به بهشت و نعيم رسيد، و هر كه راه دشمنان خدا اختيار نمود گرفتار عقوبت و جهنم گرديد.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»