خطبه 36 صبحی صالح
36- و من خطبة له ( عليه السلام ) في تخويف أهل النهروان
فَأَنَا نَذِيرٌ لَكُمْ أَنْ تُصْبِحُوا صَرْعَى بِأَثْنَاءِ هَذَا النَّهَرِ وَ بِأَهْضَامِ هَذَا الْغَائِطِ
عَلَى غَيْرِ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ
وَ لَا سُلْطَانٍ مُبِينٍ مَعَكُمْ
قَدْ طَوَّحَتْ بِكُمُ الدَّارُ
وَ احْتَبَلَكُمُ الْمِقْدَارُ
وَ قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ هَذِهِ الْحُكُومَةِ
فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ الْمُنَابِذِينَ
حَتَّى صَرَفْتُ رَأْيِي إِلَى هَوَاكُمْ
وَ أَنْتُمْ مَعَاشِرُ أَخِفَّاءُ الْهَامِ
سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ
وَ لَمْ آتِ لَا أَبَا لَكُمْ بُجْراً
وَ لَا أَرَدْتُ لَكُمْ ضُرّاً
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج4
و من خطبة له عليه السلام فى تخويف اهل النهروان و هى السادسة و الثلاثون من المختار فى باب الخطب
فأنا لكم نذير أن تصبحوا صرعى بأثناء هذا النّهر، و بأهضام هذا الغايط، على غير بيّنة من ربّكم، و لا سلطان مبين معكم، قد طوّحت بكم الدّار، و احتبلكم المقدار، و قد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة فأبيتم عليّ اباء المخالفين المنابذين، حتّي صرّفت رأيي إلى هواكّم، و أنتم معاشر أخفّاء الهام، سفهاء الأحلام لم آت لا أبا لكم بجرا و لا أردت بكم ضرّا.
اللغة
(النّهروان) بفتح النّون و تثليث الرّاء و من العرب من يضمّ النّون أيضاثلاث قرى أعلا و أوسط و أسفلهنّ بين واسط و بغداد، و في المصباح بلدة يقرب من بغداد أربعة فراسخ و (صرعى) جمع صريع و (ثنى) الوادى بكسر الثّاء المثلّثة منعطفه و الجمع أثناء و في بعض النّسخ بأكناف هذا النّهر و هو جمع كنف كسبب و أسباب بمعنى الجانب و (الأهضام) جمع هضم بفتح الهاء و قد يكسر بطن الوادى و المطمئنّ من الأرض و (الغايط) ما سفل من الأرض.
و (طاح) يطوح و يطيح هلك و سقط، و طوحه فتطوح توهيه فرمى هو بنفسه ههنا و ههنا، و طوحته الطوايح قذفته القواذف و (احتبل) الصّيد أوقعه في الحبالة و (المقدار) هو القدر و الفضاء و (الهامة) الرّأس و الجمع الهام.
و (البجر) بضمّ الباء و سكون الجيم المعجمة الدّاهية و الشرّ، و في بعض النّسخ هجرا و هو السّاقط من القول، و في نسخة ثالثة نكرا و هو الأمر المنكر و في رابعة عرّا و العر و المعرّة إلا ثم و العرّ أيضا داء يأخذ الابل في مشافرها و يستعار للداهية.
الاعراب
نسبة طوحت إلى الدّار و احتبل إلى المقدار من التوسّع، و جملة و أنتم معاشراه حاليّة و العامل صرفت، و بجرا مفعول لم آت و جملة لا ابا لكم معترضة بينهما و هي تستعمل في المدح كثيرا و في الذمّ أيضا و في مقام التّعجب و الظاهر هنا الذّم أو التعجب.
المعنى
روى في شرح المعتزلي عن محمّد بن حبيب قال: خطب عليّ عليه السّلام الخوارج يوم النّهر فقال لهم: نحن أهل بيت النّبوة و موضع الرّسالة و مختلف الملائكة و عنصر الرّحمة و معدن العلم و الحكمة، نحن افق الحجاز بنا يلحق البطيء و الينا يرجع التّائب أيّها القوم (فأنا نذير لكم أن تصبحوا صرعى) أى مصر و عين مطرّحين على الارض (بأثناء هذا النهّر و بأهضام هذا الغايط على غير بيّنة) و حجّة شرعيّة (من ربكم و لا سلطان مبين) و برهان عقلى (معكم) تتمسّكون به في خروجكم (قد طوحت بكم الدّار) و رمت بكم المرامي و هلكتكم (و احتبلكم المقدار) أى أوقعكم القدر النازل بكم في حبالته كالصّيد لا يستطيع الخروج منها (و قد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة) التي ندمتم عليها و ما كنت راضيا بها و راغبا إليها (فأبيتم عليّ إباء المخالفين) الجفاة (و المنابذين) العصاة (حتى صرفت رايى إلى هواكم) و أقدمت على التحكيم برضاكم من دون أن يكون لي رضا في ذلك و (أنتم معاشر اخفاء الهام) لعدم ثباتكم في الرّاى و (سفهاء الأحلام) لعدم كما لكم في العقل انكم أمس كنتم معتقدين وجوب التحكيم و اليوم تزعمونه كفرا و تجعلونه ضرارا و (لم آت لا أبا لكم بجرا و لا اردت بكم ضرّا) و إنّما ورد عليكم ذلك الضّرر و نزلت بكم تلك الداهية بسوء تدبيركم و قلّة عقلكم و انّ إرادتى من التحكيم و غرضي منه بعد اكراهكم إيّاى عليه لم يكن إلا الخير و المنفعة فانعكست القضية و انجرّت إلى المضرّة.
و ينبغي تذييل المقام بامرين
الاول في ذكر ما ورد من إخبار النبّي صلّى اللّه عليه و آله لقتال الخوارج و كفرهم من طريق الخاصة و العامة
فأقول: في البحار من كتاب كشف الغمة قال: ذكر الامام أبو داود سليمان بن الأشعث في مسنده المسمّي بالسّنن يرفعه إلى أبي سعيد الخدرى و أنس بن مالك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: سيكون في امّتى اختلاف و فرقة، قوم يحسنون القيل و يسيئون الفعل يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّمية، هم شرّ الخلق طوبى لمن قتلهم و قتلوه يدعون إلى كتاب اللّه و ليسوا منه في شيء من قاتلهم كان أولى باللّه منهم.
و نقل مسلم بن حجّاج في صحيحه و وافقه أبو داود و سندهما عن زيد بن وهب أنّه كان في الجيش الذين كانوا مع عليّ عليه السّلام قال عليّ أيّها النّاس إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: يخرج قوم من امّتي يقرءون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء و لا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء و لا صيامكم إلى صيامهم بشيء يقرءون القرآن يحسبون أنّه لهم و هو عليهم لا يجاوز قراءتهم تراقيهم يمرقون من الدّين كما يمرقالسهم من الرّمية«» لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضى لهم على لسان نبيّهم لنكلوا عن العمل، و آية ذلك أنّ فيهم رجلا له عضد ليس له ذراع على عضده مثل حلمة الثدى عليه شعرات البيض فتذهبون إلى معاوية و أهل الشّام و تتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم و أموالكم و اللّه إنّي لأرجو أن يكون هولاء القوم فانّهم قد سفكوا الدّم الحرام و أغاروا على سرح النّاس فتسيروا.
و من كتاب الأمالى للشيخ باسناده عن عبد اللّه بن أبي أوفي قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الخوارج كلاب أهل النّار.
و من كتاب المناقب لابن شهر آشوب من تفسير القشيرى و ابانة العكبرى عن سفيان عن الأعمش عن سلمة عن كهيل عن أبي الطفيل أنّه سأل ابن الكوا أمير المؤمنين عليه السّلام عن قوله تعالى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا فقال عليه السّلام إنّهم أهل حرورا ثمّ قال: «الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً» في قتال علي بن أبي طالب «أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَ لِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ» بما كفروا بولاية علي «و اتّخذوا آيات- القرآن- و رسلي» يعني محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «هزوا» استهزءوا بقوله: ألا من كنت مولاه فعلىّ مولاه، و انزل في اصحابه: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ» الآية.
فقال ابن عباس: نزلت في أصحاب جمل.و من تفسير الفلكي عن أبي امامة قال النبّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في قوله تعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ الآية هم الخوارج.
و في شرح المعتزلي قد تظاهرت الاخبار حتّى بلغت حد التّواتر بما وعد اللّه قاتلي الخوارج من الثّواب على لسان نبيّه.
و في الصّحاح المتفق عليها أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بينا هو يقسم قسما جاءه رجل يدعا ذا الحو يضرة فقال: أعدل يا محمّد فقال: قد عدلت فقال له ثانية: اعدل يا محمّد فانّك لم تعدل فقال: ويلك و من يعدل إذا لم أكن أعدل.
فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول اللّه ائذن لي أضرب عنقه فقال: دعه فانّه يخرج من ضئضئ«» هذا قوم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّمية ينظر أحدكم إلى نضيه فلا يجد شيئا فينظر إلى نضيه«» ثمّ ينظر إلى القذذ فكذلك سبق الفرث و الدّم يخرجون على خير فرقة من النّاس يحتقر صلاتكم في جنب صلاتهم و صومكم عند صومهم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم آيتهم رجل أسود أو قال صلّى اللّه عليه و آله اوعج مخدج إليه احدى يديه كانّها ثدى امرأة أو بضعة تدردر«».
و في بعض الصّحاح أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال لأبي بكر و قد غاب الرّجل عن عينه: قم فاقتله، فقام ثمّ عاد و قال: وجدته يصلّي فقال لعمر: مثل ذلك فعاد و قال وجدته يصلّي فقال لعليّ عليه السّلام: مثل ذلك فعاد و قال: لم أجده فقال رسول اللّه: لو قتل هذالكان أوّل فتنة و آخرها أما أنّه سيخرج من ضئضئ هذا الحديث.
و في مسند أحمد بن حنبل عن مسروق قال: قالت عايشة إنّك من ولدى و من أحبّهم إلىّ فهل عندك علم من المخدج فقلت قتله عليّ بن أبي طالب على نهر يقال لأعلاه تأمر و لأسفله نهروان بين لخاقين و طرفاء، قالت ابغني على ذلك بينة فأقمت رجالا شهدوا عندها بذلك، قال: فقلت لها سألتك بصاحب القبر ما الذى سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيهم قالت نعم: سمعته يقول إنّهم شرّ الخلق و الخليقة يقتلهم خير الخلق و الخليقة أقربهم عند اللّه وسيلة.
الثاني في كيفية قتال الخوارج و بعض احتجاجاته صلوات اللّه عليه و آله معهم
فأقول: قال في شرح المعتزلي روى ابن و يزيل في كتاب صفّين عن عبدّ الرحمن بن زياد، عن خالد بن حميد، عن عمر مولى غفرة، قال: لما رجع عليّ من صفين إلى الكوفة أقام الخوارج حتّي جموا ثمّ خرجوا إلى صحراء بالكوفة يسمّى حروراء، فتنادوا لا حكم إلّا للّه و لو كره المشركون ألا إنّ عليّا و معاوية أشركا في حكم اللّه.
فأرسل عليّ عليه السّلام إليهم عبد اللّه بن العباس فنظر في أمرهم و كلّمهم ثمّ رجع إلى عليّ عليه السّلام فقال له ما رأيت فقال ابن عباس: و اللّه ما أدرى ما هم فقال: أرأيتهم منافقين فقال: و اللّه ما سيماهم سيماء منافقين انّ بين أعينهم لأثر السّجود يتأوّلون القرآن فقال دعوهم ما لم يسفكوا دما أو يغصبوا مالا.
و أرسل اليهم ما هذا الذى أحدثتم و ما تريدون قالوا نريد أن نخرج نحن و أنت و من كان معنا بصفين ثلاث ليال و نتوب إلى اللّه من أمر الحكمين ثمّ نسير إلى معاوية فنقاتله حتّى يحكم اللّه بيننا و بينه، فقال عليّ عليه السّلام فهلّا قلتم حين بعثنا الحكمين و أخذنا منهم العهد و أعطينا هموه الا قلتم هذا حينئذ قالوا: كنا قد طالت الحرب علينا و اشتدّ الباس و كثر الجراح و كلّ الكراع«»و السّلاح.
فقال لهم أ فحين اشتدّ البأس عليكم عاهدتم فلما وجدتم الجمام«» قلتم ننقض العهد إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يفي للمشركين أ فتأمرونني بنقضه، فمكثوا مكانهم لا يزال الواحد منهم يرجع إلى عليّ و لا يزال الآخر منهم يخرج من عند عليّ عليه السّلام.
فدخل الواحد منهم على عليّ عليه السّلام بالمسجد و الناس حوله فصاح لا حكم إلّا للّه و لو كره المشركون فتلفت«» الناس فقال: لا حكم إلّا للّه و لو كره المتلفتون فرفع عليّ عليه السّلام رأسه إليه فقال: لا حكم إلّا للّه و لو كره أبو حسن فقال عليه السّلام إنّ أبا حسن لا يكره أن يكون الحكم للّه، ثمّ قال حكم اللّه انتظر فيكم، فقال النّاس هلّاملت يا أمير المؤمنين على هولاء النّاس فأفنيتهم فقال: إنهم لا يفنون إنّهم لفى أصلاب الرّجال و أرحام النّساء إلى يوم القيامة.
و روى أنس بن عياض المدني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام أنّ عليّا كان يوما يؤمّ النّاس و هو يجهر بالقرائة فجهر ابن الكوا من خلفه: «وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ» فلما جهر ابن الكوا من خلفه بها سكت عليّ عليه السّلام فلما أنهاها ابن الكوا أعاد عليّ عليه السّلام فأتمّ قراءته، فلما شرع عليّ عليه السّلام في القرائة أعاد ابن الكوا الجهر بتلك الآية فسكت عليّ عليه السّلام فلم يزالا كذلك يسكت هذا و يقرأ هذا مرارا حتّى قرء عليّ عليه السّلام: «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ»فسكت ابن الكوا و عاد عليّ عليه السّلام إلى قراءته.
و ذكر الطبرى صاحب التّاريخ أنّ عليّا عليه السّلام لما دخل الكوفة دخل معه كثير من الخوارج و تخلّف منهم بالنخيلة و غيرها خلق كثير لم يدخلوها، فدخل حرقوص بن زهير السعدى و زرعة البرج الطائي و هما من رءوس الخوارج على عليّ عليه السّلام فقال له حرقوص: تب من خطيئتك و اخرج بنا إلى معاوية نجاهده، فقال عليه السّلام إنّي كنت نهيت عن الحكومة فأبيتم ثمّ الآن تجعلونها ذنبا أما أنّها ليست بمعصية و لكنّها عجز من الرّأى و ضعف في التّدبير و قد نهيتكم عنه.
فقال زرعة: أما و اللّه لئن لم تتب من تحكيمك الرّجال لأقتلنك اطلب بذلك وجه اللّه و رضوانه، فقال له عليّ عليه السّلام: بوسا لك ما أشقاك كأني بك قتيلا يسفي عليك الرّياح، قال زرعة: وددت أنّه كان ذلك قال: و خرج عليّ عليه السّلام يخطب فصاحوا به من جوانب المسجد لا حكم إلّا للّه و صاح به رجل: «وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ» فقال عليّ عليه السّلام: «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ».
قال أبو العباس المبرّد: و يقال أوّل من حكم عروة بن اوّية، و اويّة جدّة له جاهلية و هو عروة جدير أحد بني ربيعة، و قال قوم أوّل من حكم رجل من بني محارب يقال له سعيد و لم يختلفوا في اجتماعهم على عبد اللّه بن وهب الرّاسبي و أنّه امتنع عليهم و اومأ إلى غيره فلم يقنعوا إلّا به، فكان امام القوم و كان يوصف برأى.
فامّا اوّل سيف سلّ من الخوارج فسيف عروة بن اوّية، و ذاك أنّه أقبل على الأشعث فقال: ما هذه الدنية يا أشعث و ما هذا التّحكيم أشرط أوثق من شرط اللّه عزّ و جل، ثمّ شهر عليه السّيف و الأشعث مولّ فضرب به عجز بغلته.
قال أبو العباس: و عروة هذا من النّفر الذين نجوا من حرب النّهروان فلم يزل باقيا مدّة من ايّام معاوية ثمّ أتى به زياد و معه مولى له فسأله عن أبي بكر و عمر فقال خيرا، فقال له: فما تقول في أمير المؤمنين عثمان و في أبي تراب «قال ظ» فتولى عثمان ستّ سنين من خلافته ثمّ شهد عليه بالكفر و فعل في أمر عليّ عليه السّلام مثل ذلك إلى أن حكم ثمّ شهد عليه بالكفر ثمّ سأله عن معاوية فسبه سبّا قبيحا ثمّ سأله عن نفسه فقال أوّلك لزينة و آخرك لدعوة و أنت بعد عاص لربّك فأمر به فضربت عنقه.
ثمّ دعا مولاه فقال: صف لى اموره قال: اطنب أم اختصر، قال: بل اختصر، قال: ما أتيته بطعام بنهار قط و لا فرشت له فراشا بليل قط.
قال المبرّد: و سبب تسميتهم الحروري انّ عليّا لما ناظرهم بعد مناظرة ابن عباس إياهم كان فيما قال لهم: ألا تعلمون أنّ هؤلاء القوم لما رفعوا المصاحف قلت لكم إنّ هذه مكيدة و وهن و لو أنّهم قصدوا إلى حكم المصاحف لآتوني و سألوني التّحكيم أ فتعلمون أنّ أحدا أكره على التحكيم منّي قالوا صدقت.
قال فهل تعلمون أنّكم استكر هتموني على ذلك حتّى أجبتكم فاشرطت أنّ حكمهما نافذ ما حكما بحكم اللّه فمتى خالفاه فأنا و أنتم من ذلك براء. و أنتم تعلمون أنّ حكم اللّه لا يعدوني، قالوا: اللهمّ نعم، قال: و كان معهم في ذلك الوقت ابن الكوا و هذا من قبل أن يذبحوا عبد اللّه بن خباب و إنّما ذبحوه في الفرقة الثانية بكسكر فقالوا له: حكمت في دين اللّه برأينا و نحن مقرونّ بأنّا كنّا كفرنا و لكن الآن تائبون فاقرّ بمثل ما اقررنا به و تب ننهض معك إلى الشام.
فقال: أما تعلمون أنّ اللّه قد أمر بالتّحكيم في شقاق بين الرّجل و امرأته فقال سبحانه: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها و في صيد اصيب كارنب يساوى نصف درهم فقال:
يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ فقالوا له: فانّ عمرا لما أبى عليك أن تقول في كتابك هذا ما كتبه عبد اللّه عليّ أمير المؤمنين محوت اسمك من الخلافة و كتبت عليّ بن أبي طالب فقد خلعت نفسك فقال عليه السّلام: لى اسوة برسول اللّه حين أبى عليه سهل بن عمرو أن يكتب هذا ما كتبه محمّد رسول اللّه و سهيل بن عمرو، و قال لو أقررت بأنك رسول اللّه ما خالفتك و لكني اقدّمك لفضلك فاكتب محمّد بن عبد اللّه فقال لي: يا علي امح رسول اللّه فقلت يا رسول اللّه لا تشجعنى نفسي علي محو اسمك من النّبوة قال: فقفنى عليه فمحاه بيده، ثمّ قال اكتب محمّد بن عبد اللّه، ثمّ تبسّم إلىّ و قال: إنك ستسام (أى تعامل) مثلها فتعطى.
فرجع معه عليه السّلام منهم الفان من الحر وراء، و قد كانوا تجمعوا بها فقال لهم على ما نسمّيكم ثمّ قال: أنتم الحرورّية لاجتماعكم بحروراء.
قال المبرّد: إنّ عليّا في أوّل خروج القوم عليه دعا صعصعة بن صوحان العبدي و قد كان وجّهه إليهم و زياد بن نضر الحارثي مع عبد اللّه بن العباس فقال لصعصعة: بأىّ القوم رأيتم أشدّ إطاعة، فقال: بيزيد بن قيس الأرحبى، فركب إلى حروراء فجعل يتخلّلهم حتّى صار إلى مضرب يزيد بن قيس فصلّى فيه ركعتين ثمّ خرج فاتكاء على قوسه و اقبل على النّاس.
فقال هذا مقام من فلج فيه فلج إلى يوم القيامة ثمّ كلّمهم و ناشدهم، فقالوا إنّا أذنبنا ذنبا عظيما بالتّحكيم و قد تبنافتب إلى اللّه كما تننا نعدلك، فقال عليّ عليه السّلام: أنا استغفر اللّه من كلّ ذنب فرجعوا معه و هم ستّة ألف فلما استقرّوا بالكوفة أشاعوا أنّ عليّا رجع عن التّحكيم و رآه ضلالا، و قالوا: إنّما ينتظر أن يسمن الكراع و يجيء المال ثمّ ينهض بنا إلى الشّام.
فأتى الأشعث عليّا فقال: يا أمير المؤمنين إنّ النّاس قد تحدّثوا أنك رأيت الحكومة ضلالا، و الاقامة عليها كفرا فقام عليّ عليه السّلام فخطب فقال: من زعم أنّى رجعت عن الحكومة فقد كذب و من رآها ضلالا فقد ضلّ فخرجت حينئذ الخوارج من المسجد فحكمت.
قال الشّارح المعتزلي: قلت كلّ فساد كان في خلافة عليّ عليه السّلام و كلّ اضطراب حدث فأصله الأشعث و لو لا محاقته أمير المؤمنين في معنى الحكومة في هذه المرّة لم يكن حرب النهروان، و لكان أمير المؤمنين ينهض بهم إلى معاوية و يملك الشّام فانّه عليه السّلام حاول أنّ يسلك معهم مسلك التّعريض و الموارية و في المثل النبويّ صلوات اللّه على قائله: الحرب خدعة.
و ذلك انّهم قالوا له: تب إلى اللّه مما فعلت كما تبنا ننهض معك إلى حرب الشام، فقال لهم كلمة مجملة مرسلة يقولها الأنبياء و المرسلون و المعصومون، و هي قوله: استغفر اللّه من كل ذنب فرضوا بها و عدوها اجابة لهم إلى سؤالهم، وصفت لهم نياتهم، و استخلصت بها ضمايرهم من غير أن يتضمّن تلك الكلمة اعترافا بكفر أو ذنب.
فلم يتركه الأشعث و جاء إليه مستفسرا و كاشفا عن الحال و هاتكا ستر التورية و الكناية و مخرجا لها من مشكلة الاجمال إلى تفسيرها بما يفسد التّدبير و يوعر الصّدور، و يعيد الفتنة، فخطب بما صدع به عن صورة ما عنده مجاهرة فانتقض ما دبّره و عادت الخوارج إلى شبهها الاولى و راجعوا التّحكيم و هكذا الاوّل التي يظهر فيها أمارات الزّوال و الانقضاء يتاح لها مثال الأشعث اولى الفساد في الأرض.
سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ثمّ قال: قال المبرّد: ثمّ مضى القوم إلى النهروان و قد كانوا أرادوا المضيّ إلى المداين فمن طريق أخبارهم أنّهم أصابوا في طريقهم مسلما و نصرانيا فقتلوا المسلم لأنّه عندهم كافر إذا كان على خلاف معتقدهم، و استوصوا بالنّصرانى و قالوا احفظوا ذمة نبيّكم.
قال: و لقاهم عبد اللّه بن خباب في عنقه مصحف على حمار و معه امرأة و هي حامل فقالوا له: إنّ هذا الذى في عنقك ليأمرنا بقتلك فقال لهم: ما أحياه القرآن فأحيوه و ما اماته فأميتوه، فوثب رجل منهم على رطبة سقطت من نخلة فوضعها في فيه فصاحوا به، فلفظها تورّعا و عرض لرجل منهم خنزير فضربه و قتله، فقالوا: هذا فساد في الأرض و أنكروا قتل الخنزير.
ثمّ قالوا لابن خباب: حدّثنا عن أبيك، فقال سمعت أبى يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ستكون بعدي فتنة يموت فيها قلب الرّجل كما يموت بدنه يمسي مؤمنا و يصبح كافرا فكن عند اللّه المقتول و لا تكن القاتل، قالوا: فما تقول في أبي بكر و عمر فأثنى خيرا، قالوا. فما تقول في علىّ قبل التّحكيم و في عثمان في السّنين الستّ الأخيرة فأثنى خيرا قالوا: فما تقول في عليّ بعد التّحكيم و الحكومة قال: إنّ عليّا أعلم باللّه و أشد توقيا على دينه و أنفذ بصيرة، فقالوا: إنّك لست تتّبع الهدى انما تتّبع الرّجال على أسمائهم ثمّ قرّبوه إلى شاطىء النهر فأضجعوه فذبحوه.
قال المبرّد: و ساوموا رجلا نصرانّيا بنخلة له فقال هي لكم، فقالوا: ما كنا لنأخذها إلّا بثمن، فقال: و اعجباه أ تقتلون مثل عبد اللّه بن خباب و لا تقبلون خبا نخلة إلّا بثمن.
قال أبو عبيدة: و استنطقهم عليّ عليه السّلام بقتل ابن خباب فأقرّوا به، فقال، انفردوا كتائب لأسمع قولكم كتيبة كتيبة، فتكتبوا كتائب و أقرّت كلّ كتيبة بما أقرّت به الاخرى من قتل ابن خباب، و قالوا: لنقتلنك كما قتلناه، فقال: و اللّه لو أقرّ أهل الدّنيا كلّهم بقتله هكذا و أنا أقدر على قتلهم به لقتلهم، ثمّ التفت إلى أصحابه فقال: شدّوا عليهم فأنا أوّل من يشدّ عليهم فحمل بذى الفقار حملة منكرة ثلات مرّات كلّ حملة يضرب به حتّى يعوج متنه، ثمّ يخرج فيسوّيه بركبتيه ثمّ يحمل به حتّى أفناهم.
و روى قيس بن سعد بن عبادة أنّ عليّا عليه السّلام لما انتهى إليهم قال لهم: اقيدونا بدم عبد اللّه بن خباب، فقالوا: كلّنا قتله فقال عليه السّلام: احملوا عليهم.
و روى مسلم الضّبي أيضا عن حبة العرني: قال لما انتهينا إليهم رمونا،فقلنا لعليّ: يا أمير المؤمنين قدرمونا، فقال: كفوا ثمّ رمونا فقال: كفوا، ثمّ الثالثة فقال: الآن طاب القتال احملوا عليهم.
و روى المحدّث العلامة المجلسي في البحار من كتاب الخرائج قال: روى عن جندب بن زهير الأزدي، قال: لما فارقت الخوارج عليّا خرج عليه السّلام إليهم و خرجنا معه فانتهينا إلى عسكرهم فاذا لهم دويّ كدويّ النّحل في قراءة القرآن و فيهم أصحاب البرانس و ذوو الثّفنات.«» فلما رأيت ذلك دخلني شكّ و نزلت عن فرسي و ركزت رمحي و وضعت ترسي و نثرت عليه درعي و قمت أصلّى و أنا أقول في دعائي: اللّهمّ إن كان قتال هؤلاء القوم رضا لك فأرنى من ذلك ما أعرف به أنّه الحقّ، و إن كان لك سخطا فاصرف عنّى إذ أقبل عليّ فنزل عن بغلة رسول اللّه و قام يصلّي إذ جاءه رجل فقال: قطعوا النّهر، ثمّ جاء آخر يشدّ دابته فقال: قطعوه و ذهبوا، فقال أمير المؤمنين ما قطعوه و لا يقطعونه و ليقتلنّ دون النّطفة عهد من اللّه و رسوله.
و قال لي يا جندب ترى الشّك قلت: نعم قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حدّثني أنّهم يقتلون عنده، ثمّ قال انا نبعث إليهم رسولا يدعوهم إلي كتاب اللّه و سنّة نبيّه فيرشقون وجهه بالنّبل و هو مقتول، قال: فانتهينا إلى القوم فاذا هم في معسكرهم لم يبرحوا و لم يترحّلوا، فنادى النّاس و ضمّهم.
ثمّ أتى الصّف و هو يقول من يأخذ هذا المصحف و يمشى به إلى هؤلاء القوم فيدعوهم إلى كتاب اللّه و سنّة نبيّه و هو مقتول و له الجنّة فما أجابه احد إلّا شابّ من بنى عامر بن صعصعة، فلما رأى عليه السّلام حداثة سنّه قال له: ارجع إلى موقفك، ثمّ أعاد فما أجابه إلّا ذلك الشّاب.
قال خذه أما أنّك مقتول فمشى به حتّى إذا دنى من القوم حيث يسمعهم ناداهم إذ رموا وجهه بالنّبل، فأقبل علينا و وجهه كالقنفذ، فقال عليّ عليه السّلام دونكم القوم فحملنا عليهم، قال جندب ذهب الشّك عنّي و قتلت بكفّي ثمانية.
و من كتاب المناقب لابن شهر آشوب لما دخل عليّ عليه السّلام الكوفة جاء إليه زرعة بن البرج الطائي، و حرقوص بن زهير التّميمي ذو الثدية، فقال لا حكم إلا للّه فقال عليّ عليه السّلام كلمة حقّ يراد بها باطل، قال حرقوص: فتب من خطيئتك و ارجع عن قصتك و اخرج بنا إلى عدوّنا نقاتلهم حتّى نلقى ربّنا، فقال عليّ عليه السّلام قد أردتكم على ذلك فعصيتموني، و قد كتبنا بيننا و بين القوم كتابا و شروطا و أعطينا عليها عهودا و مواثيق، و قد قال اللّه تعالى: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ فقال حرقوص: ذلك ذنب ينبغي أن نتوب عنه فقال عليّ عليه السّلام ما هو بذنب و لكنّه عجز من الرّأى و ضعف في القعل، و قد تقدّمت فنهيتكم عنه، فقال ابن الكواء: الآن صحّ عندنا أنّك لست بامام، و لو كنت إماما لما رجعت، فقال عليّ عليه السّلام: ويلكم قد رجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عام الحديبيّة عن قتال أهل مكّة.
ففارقوا أمير المؤمنين و قالوا: لا حكم إلّا للّه و لا طاعة المخلوق في معصية الخالق، و كانوا إثنا عشر ألفا من أهل الكوفة و البصرة و غيرهما، و نادى مناديهم أنّ أمير القتال شيث بن ربعي و أمير الصّلاة عبد اللّه بن الكوّا، و الأمر شورى بعد الفتح، و البيعة للّه على الأمر بالمعروف و النّهى عن المنكر، و استعرضوا النّاس و قتلوا عبد اللّه بن خباب و كان عامله عليه السّلام على النهروان.
فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: يابن عبّاس امض إلى هؤلاء القوم فانظر ما هم عليه و لما ذا اجتمعوا، فلما وصل إليهم قالوا: ويلك يا بن عباس أكفرت برّبك كما كفر صاحبك عليّ بن أبي طالب. و خرج خطيبهم عتاب بن الأعور الثّعلبي.
فقال ابن عبّاس: من بنا الاسلام فقال: اللّه و رسوله، فقال النّبيّ أحكم اموره و بيّن حدوده أم لا قال بلى، قال: فالنّبيّ بقى في دار الاسلام أم ارتحل قال: بل ارتحل، قال: فامور الشرع ارتحلت معه أم بقى بعده قال: بل بقيت، قال: فهل قام أحد بعده بعمارة ما بناه قال: نعم الذّرية و الصّحابة، قال: أ فعمروها او خربوها
قال: بل عمروها قال: فالآن هي معمورة أم خراب قال: بل خراب، قال: خربها ذريته أم امّته قال: بل أمّته، قال: أنت من الذرّية أو من الامة قال: من الأمة، قال: أنت من الأمّة و خربت دار الاسلام فكيف ترجو الجنّة، و جرى بينهم كلام كثير.
فحضر أمير المؤمنين في مأئة رجل، فلما قابلهم خرج إليه ابن الكوا في مأئة رجل، فقال: انشدكم اللّه هل تعلمون حيث رفعوا المصاحف فقلتم نجيبهم إلى كتاب اللّه فقلت لكم إنّى أعلم بالقوم منكم و ذكر مقالة إلى أن قال فلّما أبيتم إلّا الكتاب اشترطت على الحكمين أن يحييا ما أحيا القرآن و أن يميتا ما أمات القرآن فان حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف حكمه، و إن أبيا فنحن منه براء.
فقالوا له: اخبرنا أ ترى عدلاتحكيم الرّجال في الدّماء فقال: إنا لسنا الرّجال حكمنا و إنما حكمنا القرآن، و القرآن إنّما هو خط مستور بين دفتين لا ينطق إنّما يتكلّم به الرّجال.
قالوا: فأخبرنا عن الأجل لم جعلته فيما بينك و بينهم قال ليعلم الجاهل و يثبت العالم، و لعلّ اللّه يصلح في هذه المدّة هذه الامة، و جرت بينهم مخاطبات فجعل بعضهم يرجع، فأعطى أمير المؤمنين عليه السّلام راية أمان مع أبي ايّوب الأنصاري فناداهم أبو أيوب: من جار إلى هذه الرّاية أو خرج من بين الجماعة فهو آمن، فرجع منهم ثمانية الآف، فأمرهم أمير المؤمنين أن يتميّزوا منهم، و أقام الباقون على الخلاف و قصدوا إلى نهروان، فخطب أمير المؤمنين و استفزّهم«» فلم يجيبوه فتمثّل بقوله:
امرتكم امرى بمنعرج اللّوى
فلم تستبينوا النّصح إلّا ضحى الغد
ثمّ استنفرهم فنفر ألفا رجل يقدمهم عديّ بن حاتم و هو يقول:
إلى شرّ خلق من شراة تخرّبوا
و عادوا إله النّاس ربّ المشارق
فوجّه أمير المؤمنين نحوهم و كتب إليهم على يدي عبد اللّه بن أبي عقب و فيها:
و السّعيد من سعدت به رغبته، و الشّقي من شقيت به رغبته، و خير النّاس خيرهم لنفسه، و شرّ النّاس شرّهم لنفسه، ليس بين اللّه و بين أحد قرابة «و كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ» فلما أتاهم أمير المؤمنين عليه السّلام فاستعطفهم فأبوا إلّا قتاله و تنادوا أن دعوا مخاطبة عليّ عليه السّلام و أصحابه، و بادروا الجنّة و صاحوا: الرّواح الرّواح إلى الجنّة و أمير المؤمنين يؤبى أصحابه و نهاهم أن يتقدّم إليهم أحد، فكان أوّل من خرج أخنس من العزيز الطائي و جعل يقول:
ثمانون من حىّ جديلة«» اقتلوا
على النهر كانوا يخصبون العواليا
ينادون لا لاحكم إلّا لرّبنا
حنانيك فاغفر حوبنا و المسائيا
هم فارقوا من جاز في اللّه حكمه
فكلّ على الرحمن أصبح ثاويا
فقتله أمير المؤمنين عليه السّلام و خرج عبد اللّه بن وهب الرّاسبى يقول:
انا ابن وهب الرّاسبى الشّارى
أضرب في القوم لأخذ الثّار
حتّى تزول دولة الأشرار
و يرجع الحقّ إلى الأخيار
و خرج مالك بن الوضّاح و قال:
انّى لبايع ما يفنى بباقيه
و لا اريد لدى الهيجاء تربيصا«»
و خرج أمير المؤمنين و الوضاح بن الوضاح من جانب، و ابن عمه حرقوص من جانب فقتل الوضاح و ضرب ضربة على رأس الحرقوص فقطعه و وقع رأس سيفه على الفرس فشرد و رجله في الرّكاب حتّى أوقعه في دولاب خراب فصارت الحرورّية: «كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ» فكان«» المقتولون من أصحاب عليّ روبة بن وبر البجلي، و رفاعة بن وابل الأرجي و الفياض بن خليل الازدي، و كيسوم بن سلمة الجهني و حبيب بن عاصم الأزدي إلى تمام تسعة و انفلت من الخوارج تسعة و كان ذلك لتسع خلون من صفر سنة ثمان و ثلاثين.«» و من كتاب كشف الغمّة قال: قال ابن طلحة لمّا عاد أمير المؤمنين من صفين إلى الكوفة بعد إقامة الحكمين أقام ينتظر انقضاء المدّة التي بينه و بين معاوية ليرجع إلى المقاتلة و المحاربة إذا انخزلت طائفة من خاصّة أصحابه في أربعة آلاف فارس و هم العباد و النساك، فخرجوا من الكوفة و خالفوا عليّا عليه السّلام، و قالوا: لا حكم إلّا اللّه و لا طاعة لمن عصى اللّه، و انحاز نيف عن ثمانية آلاف ممّن يرى رأيهم فصاروا اثنا عشر ألفا، و ساروا لى أن نزلوا الحروراء، و أمّروا عليهم عبد اللّه ابن الكوا.
فدعا عليّ عليه السّلام عبد اللّه بن عبّاس فأرسله إليهم فحاثّهم فلم يرتدعوا، و قالوا: ليخرج الينا عليّ عليه السّلام بنفسه لنسمع كلامه عسى أن يزول ما بأنفسنا إذا سمعناه، فرجع ابن عبّاس فأخبره فركب في جماعة ومضى إليهم فركب ابن الكوّا في جماعة منهم، فوافقه.
فقال له عليّ عليه السّلام: يابن الكواّ إنّ الكلام كثير فابرز إليّ من أصحابك لاكلمك فقال: و أنا آمن من سيفك، فقال: نعم فخرج إليه في عشرة من أصحابه فقال له: عن الحرب مع معاوية و ذكر له رفع المصاحف على الرّماح و أمر الحكمين، فقال: ألم أقل لكم إن أهل الشّام يخدعونكم بها، فانّ الحرب قد عضّتهم فذرونى أناجزهم فأبيتم، ألم أرد نصب ابن عمّى و قلت إنّه لا ينخدع فأبيتم إلّا أبا موسى و قلتم رضينا به حكما، فأجبتكم كارها، و لو وجدت في ذلك الوقت أعوانا غيركم لما أجبتكم، و شرطت على الحكمين بحضوركم أن يحكما بما أنزل اللّه من فاتحته إلى خاتمته و السّنة الجامعة و أنّهما إن لم يفعلا فلا طاعة لهما عليّ كان ذلك، أو لم يكن قال ابن الكوّا: صدقت كان هذا كلّه فلم لا ترجع الآن إلى حرب القوم فقال: حتّى ينقضي المدّة التي بيننا و بينهم، قال ابن الكوّا: و أنت مجمع على ذلك، قال: نعم لا يسعني غيره، فعاد ابن الكوا و العشرة الذين معه إلى أصحاب عليّ عليه السّلام راجعين عن دين الخوارج و تفرّق الباقون و هم يقولون، لا حكم إلّا للّه و أمّروا عليهم عبد اللّه بن واهب الرّاسبي و حرقوص بن زهير البجلي المعروف بذي الثّدية و عسكروا بالنّهروان.
و خرج عليّ حتّى بقي على فرسخين منهم و كاتبهم و راسلهم فلم يرتدعوا فاركب إليهم ابن عبّاس و قال: سلهم ما الذي نقموه و أنا ردفك فلا تخفف منهم، فلما جاءهم ابن عبّاس قال: ما الذي نقمتم من أمير المؤمنين عليه السّلام قالوا: نقمنا أشياء لو كان حاضرا لكفرناه بها، و عليّ عليه السّلام ورائه يسمع ذلك، فقال: يا أمير المؤمنين قد سمعت كلامهم و أنت أحقّ بالجواب.
فتقدّم و قال: أيّها النّاس أنا عليّ بن أبي طالب فتكلّموا بما نقمتم عليّ.
قالوا: نقمنا عليك أوّلا إنّا قاتلنا بين يديك بالبصرة فلمّا أظفرك اللّه بهم أبحتنا ما في عسكرهم و منعتنا النّساء و الذرّية فكيف حلّ لنا ما في العسكر و لم يحلّ لنا النّساء فقال لهم: يا هؤلاء إنّ أهل البصرة قاتلونا و بدءونا بالقتال فلمّا ظفرتم أقسمتمسلب من قاتلكم و منعتكم من النّساء و الذرّية فانّ النساء لم يقاتلن و الذرّية و لدوا على الفطرة و لم ينكثوا و لا ذنب لهم، و لقد رأيت رسول اللّه منّ على المشركين فلا تعجبوا أن مننت على المسلمين فلم أسب نسائهم و لا ذرّيتهم.
و قالوا: نقمنا عليك يوم صفّين كونك محوت اسمك من امرة المؤمنين فاذن لم تكن أميرنا فلا نطعيك و لست أميرا لنا.
قال: يا هؤلاء إنّما اقتديت برسول اللّه حين صالح سهيل بن عمرو و قد تقدّمت.«» قالوا: فانّا نقمنا عليك أنّك قلت للحكمين: انظرا كتاب اللّه فان كنت أفضل من معاوية فاثبتانى في الخلافة فاذا كنت شاكّا في نفسك فنحن فيك أشدّ و أعظم شكّا.
فقال: إنّما أردت بذلك النّصفة فانّى لو قلت: احكما لي دون معاوية لم يرض و لم يقبل، و لو قال النّبيّ لنصارى نجران لما قدموا عليه تعالوا نبتهل ثمّ اجعل لعنة اللّه عليكم لم يرضوا، و لكن انصفهم من نفسه كما أمره اللّه فقال: فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ فأنصفهم من نفسه فكذلك فعلت أنا و لم أعلم بما أراد عمرو بن العاص من خدعة أبى موسى.
قالوا: فانّا نقمنا عليك أنك حكمت حكما في حقّ هو لك فقال: إنّ رسول اللّه حكم سعد بن معاذ في بني قريظة و لو شاء لم يفعل، و أنا اقتديت به فهل بقي عندكم شيء فسكتوا و صاح جماعة منهم من كلّ جانب: التّوبة التّوبة يا أمير المؤمنين و استأمن إليه ثمانية آلاف و بقي على حربه أربعة آلاف، فأمر المستأمنين بالاعتزال عنهم في ذلك الوقت، و تقدّم بأصحابه حتّى دنى منهم.
و تقدّم عبد اللّه بن وهب و ذو الثّدية حرقوص و قالا ما نريد بقتالنا إيّاك إلّا وجه اللّه و الدّار الآخرة، فقال عليه السّلام: «قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ» ثمّ التحم القتال بين الفريقين، و استعرّ الحرب بلظاها و اسفرت عن زرقة صبحها و حمرة ضحاها، فتجادلوا و تجالدوا بالسنة رماحها و حداد ظباها«» فحمل فارس من الخوارج يقال له الأخنس الطائي و كان شهد صفّين مع عليّ عليه السّلام فحمل و شقّ الصّفوف يطلبه عليه السّلام فبدره عليّ بضربة فقتله.
فحمل ذو الثّدية ليضرب عليّا فسبقه عليّ عليه السّلام و ضربه ففلق البيضة و رأسه فحمله فرسه و هو لما به فألقاه في آخر المعركة في جرف دالية على شط النهّروان، و خرج من بعده عمّه مالك بن الوضاح و حمل على عليّ فضربه فقتله.
و تقدّم عبد اللّه بن وهب الرّاسبي فصاح يابن أبي طالب و اللّه لا نبرح من هذه المعركة حتّى تأتي على أنفسنا أو ناتى على نفسك فابرز إليّ و أبرز إليك و ذر الناس جانبا، فلما سمع عليّ عليه السّلام كلامه تبسّم و قال: قاتله اللّه من رجل ما أقلّ حياؤه أما أنّه ليعلم أنه لحليف السّيف و خدين«» الرّمح و لكنّه قد يئس من الحياة، و أنّه ليطمع طمعا كاذبا ثمّ حمل على عليّ، فحمله عليّ عليه السّلام فضربه و قتله و ألحقه بأصحابه القتلى.
و اختلطوا فلم تكن إلّا ساعة حتّى قتلوا بأجمعهم و كانوا أربعة آلاف، فما أفلت منهم إلّا تسعة أنفس: رجلان هربا إلى خراسان إلى أرض سجستان و بها نسلهما و رجلان صارا إلى بلاد عمّان و فيها نسلهما و رجلان صارا إلى اليمن فبها نسلهما، و هم الاباضية، و رجلان صارا إلى بلاد الجزيرة إلى موضع يعرف بالسن«» و البوازيخ و إلى شاطي الفرات و صار آخر إلى تلّ موزون.
و غنم أصحاب علىّ غنايم كثيرة، و قتل من أصحاب عليّ تسعة بعدد من سلم من الخوارج، و هي من جملة كرامات عليّ عليه السّلام فانّه قال نقتلهم و لا يقتل منّا عشرة و لا يسلم منهم عشرة، فلما قتلوا قال عليّ عليه السّلام التمسوا المخدج«» فالتمسوه فلم يجدوه فقام عليّ عليه السّلام بنفسه حتّى أتى ناساقد قتل بعضهم على بعض فقال أخّروهم فوجدوه ممّا يلي الأرض فكبّر عليّ عليه السّلام و قال صدق اللّه و بلغ رسوله.
قال أبو الوضيئى فكانّى أنظر إليه حبشى عليه قريطق إحدى يديه مثل ثدى المرأة عليها شعرات مثل شعر ذنب اليربوع، و هذا أبو الوضيئى هو عباد بن نسيب القيسى تابعي يروي عنه هذا القول أبو داود.
و في كتاب المناقب لابن شهر آشوب عن أبي نعيم الاصفهاني عن سفيان الثوري إنّ أمير المؤمنين أمر أن يفتش على المخدج بين القتلى فلم يجدوه فقال رجل: و اللّه ما هو فيهم فقال عليّ عليه السّلام ما كذبت و لا كذبت.
و عن تاريخ الطبري و ابانة بن بطة و مسند أحمد عن عبد اللّه بن أبي رافع و أبي موسى الوابلي و جندب و أبي الوضيئي و اللفظ له قال عليّ عليه السّلام اطلبوا المخدج فقالوا: لم نجده فقال و اللّه ما كذبت و لا كذبت يا عجلان ايتيني ببغلة رسول اللّه، فأتاه بالبغلة فركبها و جال في القتلى ثمّ قال: اطلبوه ههنا، قال: فاستخرجوه من تحت القتلي في نهر و طين.
و عن تاريخ القمي أنّه رجلا أسود عليه شعرات عليه قريطق«» مخدج اليد أحد ثدييه كثدى المرأة عليه شعيرات مثل ما يكون على ذنب اليربوع.
و عن أبي داود بن بطة انّه قال عليّ من يعرف هذا فلم يعرفه أحد قال رجل أنا رأيت هذا بالحيرة فقلت: إلى أين تريد فقال إلى هذه و أشار إلى الكوفة و ما لى بهذا معرفة فقال عليّ عليه السّلام: صدق هو من الجانّ و في رواية هو من الجنّ.
و في رواية أحمد قال أبو الوضى: لا يأتينّكم أحد يخبركم من أبوه، قال: فجعل النّاس يقول: هذا ملك هذا ملك و يقول علي: ابن من.
و في مسند الموصلي في حديث: من قال من النّاس أنّه رآه قبل مصرعه فهو كاذب.
و في مسند أحمد عن أبي الوضي أنّه قال عليّ عليه السّلام: أما ان خليلى أخبرنى بثلاثة اخوة من الجنّ هذا أكبرهم، و الثّاني له جمع كثير و الثالث فيه ضعف.
و في شرح المعتزلي عن ابن و يزيل عن الأعمش عن زيد بن وهب قال: لمّا شجرهم عليّ عليه السّلام بالرّماح قال: اطلبوا اذا الثّدية فطلبوه طلبا شديدا حتّى وجدوه في وهدة من الأرض تحت ناس من القتلى، فاتى به و إذا رجل على يديه مثل سبلات السّنور، فكبّر عليّ عليه السّلام و كبّر النّاس معه سرورا بذلك.
و عن ابن و يزيل أيضا عن مسلم الضبي عن حبة العرني قال: كان رجلا أسود منتن الرّيح له يد كثدي المراة إذا مدّت كانت بطول اليد الاخرى، و إذا تركت اجتمعت و تقلّصت و صارت كثدى المرأة عليه شعرات مثل شوارب الهرّة، فلما وجدوه قطعوا يده و نصبوها على رمح، ثمّ جعل عليّ يقول صدق اللّه و بلغ رسوله، و لم يزل يقول ذلك هو و أصحابه بعد العصر الى أن غربت الشّمس أو كادت.
و عن العوام بن الحوشب، عن أبيه، عن جدّه يزيد بن رويم، قال: قال عليّ عليه السّلام يقتل اليوم أربعة آلاف من الخوارج أحدهم ذو الثّدية، فلما طحن القوم و رام استخراج ذى الثّدية فأتعبه، أمرنى أن أقطع له أربعة آلاف قصبة، فركب بغلة رسول اللّه و قال اطرح على كلّ قتيل منهم قصبة، فلم يزل كذلك و أنا بين يديه و هو راكب خلفي و النّاس يتّبعونه حتّى بقيت في يدي واحدة فنظرت و إذا وجهه أربد، و إذا هو يقول: و اللّه ما كذبت و لا كذبت فاذا حزير«» ماء عند موضع دالبة، فقال: فتّش هذا، ففتشته فاذا قتيل قد صار في الماء و اذا رجله في يدي فجذ بتها، و قلت هذه رجل انسان فنزل عن البغلة مسرعا فجذب الرجل الاخرى و جررناه حتّى صار على التّراب، فاذا هو المخدج فكبرّ عليّ بأعلى صوته ثمّ سجد فكبّر النّاس كلّهم هذا.
و بقيّة الكلام في اقتصاص وقعة الخوارج تأتى إن شاء اللّه عند شرح بعض الخطب الآتية المسوقة لهذا الغرض و اللّه الموفق و المعين.
الترجمة
از جمله خطب شريفة آن سرور أولياء عليه و آله آلاف التّحية و الثّناست در ترسانيدن أهل نهروان كه مى فرمايد: پس من ترساننده شما هستم از اين كه صباح نمائيد جان داده و افتاده در اثناى اين جوى و در زمينهاى هموار اين كودال در حالتى كه هيچ حجة شرعيّه نبوده باشد شما را از جانب پروردگار خود در خروج و نه برهان عقلى باشد با شما در ارتكاب اين امر، بتحقيق كه متحير و سرگشته ساخت يا اين كه بورطه هلاكت انداخت شما را دنياى فانى و در حباله و دام واقع نمود شما را قضا و قدر ربانى و بتحقيق كه بودم نهى كردم شما را از اين حكومت حكمين پس ابا و امتناع كرديد بر من مثل ابا كردن مخالفان و شكنندگان پيمان تا اين كه صرف نمودم راى خود را بميل و خواهش شما و حال آنكه شما جماعتى هستيد سبك مغز و شوريده عقل نياوردم من بشما حادثه و داهيه را پدر مباد شما را، و اراده نكردم در حقّ شما شر و ضرر را بلكه جزاى سوء تدبير خودتان است كه مى بريد.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»