خطبه 3 صبحی صالح
3- و من خطبة له ( عليه السلام ) و هي المعروفة بالشقشقية و تشتمل على الشكوى من أمر الخلافة ثم ترجيح صبره عنها ثم مبايعة الناس له
أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا فُلَانٌ وَ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى
يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَ لَا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ
فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً وَ طَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً
وَ طَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ
يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَ يَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ وَ يَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ
ترجيح الصبر
فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى
فَصَبَرْتُ وَ فِي الْعَيْنِ قَذًى وَ فِي الْحَلْقِ شَجًا
أَرَى تُرَاثِي نَهْباً
حَتَّى مَضَى الْأَوَّلُ لِسَبِيلِهِ فَأَدْلَى بِهَا إِلَى فُلَانٍ بَعْدَهُ
ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ الْأَعْشَى
شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَلَى كُورِهَا وَ يَوْمُ حَيَّانَ أَخِي جَابِرِ
فَيَا عَجَباً بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُهَا فِي حَيَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لِآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ
لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا
فَصَيَّرَهَا فِي حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ يَغْلُظُ كَلْمُهَا وَ يَخْشُنُ مَسُّهَا وَ يَكْثُرُ الْعِثَارُ فِيهَا وَ الِاعْتِذَارُ مِنْهَا
فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ إِنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ وَ إِنْ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ
فَمُنِيَ النَّاسُ لَعَمْرُ اللَّهِ بِخَبْطٍ وَ شِمَاسٍ وَ تَلَوُّنٍ وَ اعْتِرَاضٍ
فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ وَ شِدَّةِ الْمِحْنَةِ
حَتَّى إِذَا مَضَى لِسَبِيلِهِ جَعَلَهَا فِي جَمَاعَةٍ زَعَمَ أَنِّي أَحَدُهُمْ
فَيَا لَلَّهِ وَ لِلشُّورَى مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هَذِهِ النَّظَائِرِ
لَكِنِّي أَسْفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا وَ طِرْتُ إِذْ طَارُوا
فَصَغَا رَجُلٌ مِنْهُمْ لِضِغْنِهِ وَ مَالَ الْآخَرُ لِصِهْرِهِ مَعَ هَنٍ وَ هَنٍ
إِلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ الْقَوْمِ نَافِجاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَثِيلِهِ وَ مُعْتَلَفِهِ
وَ قَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ مَالَ اللَّهِ خِضْمَةَ الْإِبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ
إِلَى أَنِ انْتَكَثَ عَلَيْهِ فَتْلُهُ وَ أَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ وَ كَبَتْ بِهِ بِطْنَتُهُ
مبايعة علي
فَمَا رَاعَنِي إِلَّا وَ النَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ
حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانِ وَ شُقَّ عِطْفَايَ
مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ
فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالْأَمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ وَ مَرَقَتْ أُخْرَى وَ قَسَطَ آخَرُونَ
كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ
بَلَى وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعُوهَا وَ وَعَوْهَا وَ لَكِنَّهُمْ
حَلِيَتِ الدُّنْيَا فِي أَعْيُنِهِمْ وَ رَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا
أَمَا وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ لَا حُضُورُ الْحَاضِرِ وَ قِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ وَ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَلَّا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَ لَا سَغَبِ مَظْلُومٍ لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا وَ لَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا وَ لَأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ
قَالُوا وَ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ عِنْدَ بُلُوغِهِ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ خُطْبَتِهِ فَنَاوَلَهُ كِتَاباً قِيلَ إِنَّ فِيهِ مَسَائِلَ كَانَ يُرِيدُ الْإِجَابَةَ عَنْهَا فَأَقْبَلَ يَنْظُرُ فِيهِ (فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ) قَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوِ اطَّرَدَتْ خُطْبَتُكَ مِنْ حَيْثُ أَفْضَيْتَ فَقَالَ هَيْهَاتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ تِلْكَ شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَاللَّهِ مَا أَسَفْتُ عَلَى كَلَامٍ قَطُّ كَأَسَفِي عَلَى هَذَا الْكَلَامِ أَلَّا يَكُونَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليهالسلام )بَلَغَ مِنْهُ حَيْثُ أَرَادَ
قال الشريف رضي اللّه عنه قوله ( عليهالسلام ) كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم و إن أسلس لها تقحم يريد أنه إذا شدد عليها في جذب الزمام و هي تنازعه رأسها خرم أنفها و إن أرخى لها شيئا مع صعوبتها تقحمت به فلم يملكها يقال أشنق الناقة إذا جذب رأسها بالزمام فرفعه و شنقها أيضا ذكر ذلك ابن السكيت في إصلاح المنطق و إنما قال أشنق لها و لم يقل أشنقها لأنه جعله في مقابلة قوله أسلس لها فكأنه ( عليهالسلام ) قال إن رفع لها رأسها بمعنى أمسكه عليها بالزمام
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج2
الفصل الرابع
إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله و معتلفه، و قام معه بنو أبيه يخضمون مال اللّه تعالى خضم الإبل نبتة الرّبيع، إلى أن انتكثعليه فتله، و أجهز عليه عمله، و كبت به بطنته.
اللغة
(النّفج) بالجيم الرّفع يقال نفج الثدى الثوب أى رفعه و (الحضن) الجنب و ما بين الابط و الكشح يقال للمتكبّر جاء نافجا حضنيه و لمن امتلاء بطنه من الأكل جاء نافجا حضنيه، و الأنسب في المقام الثّاني تشبيها بالبعير المنتفج الجنبين من كثرة الأكل و (النثيل) الروث و فى رواية الصّدوق بين ئيله «كذا» و هو بالكسر وعاء القضيب أو نفسه و (المعتلف) موضع الاعتلاف و هو أكل الدّابة العلف و (الخضم) الأكل بجميع الفم و يقابله القضم و هو الأكل باطراف الأسنان، يقال خضم الشّيء كعلم و ضرب أكله يجميع فمه، و عن النّهاية الخضم الأكل بأقصى الأضراس، و القضم بأدناها.
و منه حديث أبي ذر (ره) و تأكلون خضما و نأكل قضما، و قيل: الخضم خاص بالشّيء الرّطب، و القضم باليابس و (النّبتة) بكسر النّون النّبات يقال: نبت الرّطب نباتا و أنبته و (النكث) النّقض يقال: نكث فلان العهد و الحبل فانتكث نفضه فانتقض و (فتل) الحبل لواه و برمه و (الاجهاز) إتمام قتل الجريح و إسراعه و (كبا) الفرس يكبو سقط على وجهه و كبابه أسقطه و (البطنة) بالكسر الكظة و هو الامتلاء من الطعام و الاسراف في الأكل.
الاعراب
بين نثيله و معتلفه متعلّق بقام أى قام بين روثه و معتلف، و جملة يخضمون منصوب المحلّ على الحالية.
المعنى
لما ذكر عليه السّلام خلافة الثّاني و نبّه على جعله الخلافة شورى بين السّته و أشار الى عدول بعض هؤلاء عن منهج الصّواب، أنبعه بما ترتّب على ذلك و هو خلافة الثّالث بقوله: (إلى أن قام ثالث القوم) و المراد بالقيام الحركة في تولي أمر الخلافة،و ثالث القوم هو عثمان بن عفّان بن أبى العاص بن اميّة بن عبد شمس بن عبد مناف، و كان أبوه عفّان ممّن يضرب بالدّف و يتخنّث به و يلعب، رواه العلامة في كشف الحقّ و مؤلف كتاب إلزام النّواصب عن هشام بن محمّد بن السّائب الكلبي هذا.
و أثبت عليه السّلام له حالا يستلزم تشبيهه بالبعير و استعار له صفته بقوله: (نافجا حضنيه) أى نافجا جنبيه و رافعا ما بين إبطه و كشحه من كثرة الأكل و الشّرب كالبعير المنتفج الجنبين (بين نثيله و معتلفه) أى قام بالأمر و كان حركته بين روثه و معتلفه يعنى لم يكن همّه إلّا الأكل و الرّجيع كالبهائم التي لا اهتمام لها إلّا بالأكل و الرّوث قال الشّارح المعتزلي: و هذا من أمضّ الذّم و أشدّ من قول الحطية الذى قيل إنّه أهجى بيت للعرب:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها و اقعد فانّك انت الطاعم الكاسي
هذا و المعنى على رواية الصّدوق أنّ قيامه كان بين منكحه و مطعمه و بالجملة فالمقصود أنّ همّه لم يكن إلّا بطنه و فرجه و التّرفه بالمال و اصلاح مصالح نفسه و إعمال دواعي خاطره من دون أن يكون له قيام بمصالح المسلمين و توجّه إلى إصلاح امور الخلافة و مراعاة لوازم الولاية (و قام معه بنو أبيه) أراد بهم بني اميّة فانّهم قاموا معه حالكونهم (يخضمون مال اللّه) و يأكلونه بأقصى أضراسهم.
و هو كناية عن كثرة توسّعهم بمال المسلمين و شدّة أكلهم من بيت المال من غير مبالاة لهم فيه (كخضم الابل) و أكلها بجميع فمها (نبتة الرّبيع) و نباته، و وجه الشّبه أنّ الابل لمّا كانت تستلذّ نبت الرّبيع بشهوة صادقة و تملاء منه أحناكها و ذلك لمجيئه عقيب يبس الأرض و طول مدّة الشّتآء، كان ما أكله أقارب عثمان من بيت المال مشبها بذلك، لاستلذاذهم به و انتفاعهم منه بعد طول فقرهم، و امتداد ضرّهم، و ذلك الكلام منه عليه السّلام خارج معرض التّوبيخ و الذّم إشارة إلى ارتكابه معهم مناهي اللّه المستلزم لعدم قابليّته للخلافة و استعداده للامامة.
قال الشّارح المعتزلي: و صحّت فيه فراسة عمر فانّه أوطأ بني اميّة رقاب النّاس و ولاهم الولايات و أقطعهم القطايع و افتتحت ارمينيّة في أيامه فأخذ الخمس كلّه فوهبه لمروان، و طلب إليه عبد اللّه بن خلد بن اسيد صلة فأعطاه أربعمائة ألف درهم، و أعاد الحكم بن أبي العاص بعد انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد سيّره ثمّ لم يرده أبو بكر و لا عمر و أعطاه مأئة ألف درهم، و تصدق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بموضع سوق بالمدينة يعرف بمهروز على المسلمين فأقطعها عثمان الحرث بن الحكم أخا مروان ابن حكم، و أقطع مروان فدك و قد كانت فاطمة عليها السلام طلبتها بعد وفات أبيها صلوات اللّه عليه تارة بالميراث و تارة بالنّحلة فدفعت عنها، و حمى المراعي حول المدينة كلها عن مواشي المسلمين كلّهم إلّا عن بني اميّة.
و أعطى عبد اللّه بن ابى سرح جميع ما أفاء اللّه عليه من فتح افريقيّة بالمغرب و هي من طرابلس الغرب إلى طنجة من غير أن يشركه فيه أحد من المسلمين.
و أعطى أبا سفيان بن حرب مأتي ألف من بيت المال في اليوم الذي أمر فيه لمروان بن الحكم بمأة ألف من بيت المال، و قد كان زوّجه ابنته امّ أبان فجاء زيد بن أرقم صاحب بيت المال بالمفاتيح فوضعها بين يدي عثمان و بكى، فقال عثمان: أ تبكى ان وصلت رحمي قال: لا، و لكن أبكي لأني أظنك أخذت هذا المال عوضا عمّا كنت أنفقته في سبيل اللّه في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و اللّه لو اعطيت مروان مأئة درهم لكان كثيرا فقال: ألق المفاتيح فانا سنجد غيرك، و أتاه أبو موسى بأموال من العراق جليلة فقسّمها كلّها في بني اميّة، و أنكح الحرث بن الحكم ابنته عايشة فأعطاه مأئة ألف من بيت المال أيضا بعد صرفه زيد بن أرقم عن خزنة انتهى.
و قال السيّد المرتضى (قده) في محكي الشّافي: روى الواقدي باسناده عن المسود بن عنبسة قال: سمعت عثمان يقول: إنّ أبا بكر و عمر كاناينا و لان في هذا المال طلاق انفسهما و ذوى ارحامهما و إني ناولت فيه صلة رحمي، و روى إنّه كان بحضرته زياد بن عبيد مولى الحرث بن كلدة الثّقفي و قد بعث إليه ابو موسى بمال عظيم من البصرة فجعل عثمان يقسمه بين ولده و اهله بالصّحاف، فبكى زياد فقال: لا تبك فان عمر كان يمنع اهله و ذوي قرابته ابتغاء وجه اللّه، و انا اعطي ولدي و أهلي و قرابتي ابتغاء وجه اللّه.
و قد روى هذا المعنى عنه من عدّة طرق بألفاظ مختلفة، و روى الواقدي أيضا قال قدمت إبل من إبل الصّدقة على عثمان فوهبها للحرف بن الحكم بن أبي العاص، و روى أيضا أنّه ولى الحكم بن ابي العاص صدقات قضاعة فبلغت ثلاثماة ألف فوهبها له حين أتاه بها.
و روى أبو مخنف و الواقدي انّ النّاس أنكروا على عثمان اعطاه سعد بن العاص مأئة ألف و كلّمه عليّ عليه السّلام و الزّبير و طلحة و سعد و عبد الرّحمن في ذلك فقال: إنّ له قرابة و رحما، قالوا: و ما كان لأبي بكر و عمر قرابة و ذو رحم فقال: إنّ أبا بكر و عمر كانا يحتسبان في منع قرابتهما و أنا احتسب في اعطاء قرابتي، قالوا فهديهما و الله احبّ الينا من هديك.
و روى ابو مخنف إنّ عبد اللّه بن خالد بن اسيد بن ابي العاص بن أميّه قدم على عثمان من مكّة و معه ناس فأمر لعبد اللّه بثلاثمأة الف و لكلّ واحد من القوم بمأة الف و صك بذلك على عبد اللّه بن الأرقم و كان خازن بيت المال فاستكثره و رد الصّك به، و يقال: إنّه سأل عثمان ان يكتب عليه بذلك كتابا فأبى و امتنع ابن الأرقم ان يدفع المال إلى القوم، فقال له عثمان: إنّما انت خازن لنا فما حملك على ما فعلت فقال ابن الأرقم: كنت اراني خازن المسلمين و إنّما خازنك غلامك و الله لا آل لك بيت المال أبدا، و جاء بالمفاتيح فعلّقها على المنبر و يقال بل القاها إلى عثمان فدفعها إلى نائل مولاه.
و روى الواقدي انّ عثمان، أمر زيد بن ثابت أن يحمل من بيت مال المسلمين إلى عبد اللّه بن الأرقم في عقيب هذا الفعل ثلاثمأة ألف درهم، فلما دخل بها عليه قال له: يا أبا محمّد إنّ أمير المؤمنين أرسل إليك يقول قد شغلناك عن التّجارة و لك رحم أهل حاجة ففرّق هذا المال فيهم و استعن به على عيالك، فقال عبد اللّه بن الأرقم مالي إليه حاجة و ما عملت لأن يثيبني عثمان و اللّه إن كان هذا من بيت مال المسلمين ما بلغ قدر عملي أن اعطي ثلاثمائة ألف، و لئن كان مال عثمان فما لي إليه حاجة.
و الحاصل أنّه قد كان يصرف مال اللّه على نفسه و على أقاربه و أصهاره، و كان مستمرّا في إتلاف بيت المال المسلمين مستبدا برأيه في ذلك.
و انضم إليه امور اخرى من تسيير أبي ذر إلى ربذة، و ضرب عبد اللّه بن مسعود حتّى كسر أضلاعه، و ما أظهر من الحجاب، و العدول عن جادّة الشّريعة في إقامة الحدود و ردّ المظالم و كفّ الأيدي العادية و الانتصاب لسياسة الرّعيّة.
(إلى أن) ضاق له المخرج و عمى المصدر و انجرّ الأمر إلى اجتماع أهل المدينة عليه مع جماعة من أهل مصر (فانتكث) أي انتقض (عليه فتله) أى برم حبله و هو كناية عن انتقاض تدابيره المبرمة و رجوعها إليه بالفساد و تأديتها إلى الهلاك (و اجهز عليه) أى أسرع إليه بالقتل بعد كونه مجروحا (عمله) أى أعماله الشّنيعة و أفعاله القبيحة التي صارت سببا لقتله ففي الاسناد توسّع (و كبت به) أى أسقطته على وجهه (بطنته) و إسرافه في الشّبع كالجواد الذي يكبو من كثرة الأكل و الامتلاء.
و الكظة، و هذه كلها إشارة إلى تأدّي حركاته الشّنيعة إلى سوء الخاتمة.
و قد قتل و انتقل إلى الحامية في اليوم الثّامن عشر من ذي الحجة من سنة خمس و ثلاثين من الهجرة، و ذلك بعد ما غصب الخلافة اثنتى عشرة سنة إلّا إثنى عشر يوما، و قيل إحدى عشرة سنة و أحد عشر شهرا و أربعة عشر يوما، و قيل ثمانية عشر يوما، و قد كان بعد قتله مطروحا في خندق اليهود إلى ثلاثة أيّام لا يستحلّ أحد دفنه و لا يقدم أحد على ذلك خوفا من المهاجرين و الأنصار حتّى نهبه بنو اميّة و دفنوه، و قيل: كان مطروحا في مزبلة اليهود ثلاثة أيّام حتّى أكلت الكلاب، إحدى رجليه فاستأذنوا عليّا عليه السّلام فأذن في دفنه و دفن في حش كوكب و هي مقبرة كانت لليهود بالمدينة، فلمّا ولى معاوية وصلها بمقابر أهل الاسلام و يأتي تفصيل الكلام في كيفية قتله في شرح الكلام الثلاثين إنشاء اللّه هذا.
و العجب أنّ الشّارح المعتزلي بعد ذكره ما حكيناه عنه سابقا في ذيل قوله عليه السّلام: يخضمونه مال اللّه اه، قال: و قد أجاب أصحابنا عن المطاعن في عثمان بأجوبةمشهورة في كتبهم و الذي نقول نحن: إنّها و إن كانت احداثا إلّا أنّها لم تبلغ المبلغ الذي يستباح به دمه و قد كان الواجب عليهم أن يخلعوه من الخلافة حيث لم يستصلحوه لها و لا يعجلوا بقتله.
أقول: و هذا الكلام منه صريح في عدم قابليته للخلافة و مع ذلك لا يكاد ينقضي عجبي منه كيف يجعله ثالث الخلفاء و يعتقد بخلافته و ما ذلك إلّا من أجل أنّهم «ألفوا آبائهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون»
الترجمة
تا آنكه ايستاد و متولى خلافت گرديد سوم قوم كه عثمان بن عفان عليه النيران بود در حالتى كه باد كننده بود هر دو جانب خود را از كثرت كبر و غرور يا از زيادتى اكل و شرب، ايستاد او در ميان سرگين يا در ميان ذكر خود و موضع علف آن، يعني همت او مصروف بخوردن و آشاميدن و سرگين انداختن بود مثل بهائم، و ايستادند با او فرزندان پدر او يعنى بني اميه در حالتى كه مى خوردند با جميع دهان خودشان مال خدا را با لذت و رفاهيت مثل خوردن شتر بهمه دهان خود علف بهار را، و مستمرّ بودند بر اين حالت تا اين كه باز شد تاب ريسمان تابيده او و بكشتن شتاب نمود بعد از جراحت بسيار كردار ناپسنديده او و برويش افكند كثرت اكل و شدّت امتلاء او.
الفصل الخامس
فما راعني إلّا و النّاس إلىّ كعرف الضّبع ينثالون علىّ حتّى لقد وطىء الحسنان، و شقّ عطفاى مجتمعين حولي كربيضة الغنم، فلمّا نهضت بالأمر نكثت طائفة، و مرقت أخرى، و فسق آخرون، كأنّهم لم يسمعوا اللّه تعالى يقول: «تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» بلى و اللّه لقد سمعوهاو وعوها، و لكنّه «لكنّهم خ» حليت الدّنيا في أعينهم و راقهم زبرجها.
اللغة
(راعني) الشّيء روعا من باب قال أفزعني و روّعني مثله و راعني جماله أعجبني، و في شرح المقامات عن الأزهرى ما راعني إلّا مجيئك اى ما شعرت إلّا بمجيئك كأنّه قال: ما أصاب روعى إلّا لذلك، و هذا كلام يستعمل في مفاجاة الأمر ألا ترى أنّه يعاقب إذا المفاجاة تقول: خرجنا فاذا زيد بالباب و خرجت فما راعني إلّا فلان بالباب و (عرف) الدّابّة شعر عنقها و عرف الضّبع يضرب به المثل في الازدحام و (الثّول) صبّ ما في الاناء و انثال انصبّ و انثال عليه القول تتابع و كثر فلم يدر بأيّه يبدء.
و قال المطرزى في شرح المقامات للحريرى: الانثيال الاجتماع و الانصباب انفعال من الثّول و هو جماعة النّحل و من قولهم: ثويلة من النّاس، أى جماعة من بيوت متفرّقة يقال: منه انثالوا عليه و تثولوا أى اجتمعوا و انثال التّراب انصب و منه انثال عليه النّاس من كلّ وجه أى انصبّوا انتهى، و (عطف) الشّيء جانبه و العطفان الجانبان.
و في بعض النّسخ و شقّ عطا في و هو بالكسر الرّداء و هو أنسب و (الرّبيض و الرّبيضة) الغنم برعاتها المجتمعة في مرابضها«» و (النّكث) النّقض و (المروق) الخروج يقال مرق السّهم من الرمية مروقا من باب قعد خرج منه من غير مدخله و منه قيل: مرق من الدّين أيضا إذا خرج منه و (فسق) الرّجل فجر و في بعض النّسخ قسط و هو من باب ضرب جار و عدل من الاضداد و المراد به هنا الأوّل و (وعى) الحديث وعيا من باب وعد حفظه و (حلى) الشّيء بعيني و بصدرى يحلى من باب تعب حسن عندى و أعجبنى و (راقني) الشّيء أعجبني و (الزّبرج) الزّينة و الذّهب.
الاعراب
فاعل راعني محذوف مدلول عليه بالفعل، و جملة و النّاس إلىّ حاليّة مبينة لهيئة المفعول و مفسّرة للمستنّى المحذوف، و إلىّ متعلق بمحذوف تقديره و النّاس رسل إلىّ و قد صرّح به في رواية الاحتجاج، و كون الجملة مفسّرة للمحذوف نظير قوله تعالى: «ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ».
قال الزّمخشري في الكشّاف: فاعل بدا مضمر لدلالة ما يفسّره عليه و هو ليسجننّه و المعنى بدا لهم بداء أى ظهر لهم رأى ليسجننّه اه، و تقدير كلام الامام عليه السّلام على ما ذكرنا: ما راعني رايع إلّا حالة أعني كون النّاس رسلا إليّ و الرّسل بفتحتين القطيع من الابل و الجمع أرسال مثل سبب و أسبابا و يشبه به النّاس فيقال: جاءوا أرسالا أى جماعات متتابعين، و جملة ينثالون إمّا خبر بعد خبر للنّاس، أو حال بعد حال و مجتمعين حال من فاعل ينثالون.
المعنى
اعلم انّه عليه السّلام لما ذكر خلافة المتخلّفين الثّلاثة و بيّن حال أيّام خلافتهم و أشار إلى ما ابتلى به النّاس في تلك الأيام، شرع في بيان كيفيّة انتقال الأمر إليه عليه السّلام ظاهرا كما كان له باطنا و كان ذلك في شهر ذى الحجّة يوم الجمعة بعد ما مضى من الهجرة خمس و ثلاثون سنة فقال عليه السّلام (فما راعني) رايع (إلّا) حالة (و) هو كون (النّاس) متتابعين (إلىّ) متزاحمين (كعرف الضّبع ينثالون علىّ) يتتابعون و يكثرون القول (من كلّ جانب حتى لقد وطيء الحسنان) الحسن و الحسين صلوات اللّه عليهما من شدّة الازدحام.
و عن المرتضى (قده) انّ أبا عمر محمّد بن عبد الواحد غلام ثعلب روى في قوله عليه السّلام وطيء الحسنان أنّهما الابهامان «و انشد للشّنفر مهضومة«» الكشحين خرماءالحسن «كذا» و روى أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام إنّما كان يومئذ جالسا محتبيا و هي جلسة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المسمّاة بالقر فصاء و هي جمع الركبتين و جمع الذّيل، فلمّا اجتمعوا ليبايعوه زاحموه حتّى وطئوا ابهاميه و شقّوا ذيله بالوطى و لم يعن الحسن و الحسين عليهما السّلام و هما رجلان كساير الحاضرين.
و كيف كان فالمقصود بهذه الجملة الاشارة إلى كثرة تزاحم النّاس عليه السّلام و قد أكده ثانيا بقوله: (و شقّ عطفاى) أراد بشقّ عطفيه خدش جانبيه لشدّة الاصطكاك منهم و الزّحام، أو شقّ جانبي قميصه بعلاقة المجاورة، أو جانبي ردائه، و يؤيّده الرّواية الاخرى أعني شقّ عطا في كما في بعض النسخ هذا.
و شقّهم عطفيه عليه السّلام أو عطافه إمّا لكثرة فرحهم به عليه السّلام، أو جر يا على ما هو عادتهم من قلة مراعاة شرايط التّوقير و الأدب في المعاشرات و المخاطبات (مجتمعين حولي كربيضة الغنم) المجتمعة في مرابضها (فلما نهضت بالأمر) و قمت به بعد مضيّ السنّين المتطاولة (نكثت طايفة) و نقضت بيعتها، و المراد بها أصحاب الجمل و قد كان عليه السّلام يتلو وقت مبايعتهم: «فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ».
(و مرقت) طايفة (اخرى) أى خرجت من الدّين كمروق السّهم من الرّمية، و المراد بها أصحاب النهروان (و فسق آخرون) بخروجهم على الامام العادل و تعدّيهم عن سنن الحقّ، و هم معاوية و أتباعهم، و في بعض النّسخ و قسط آخرون أى جاروا في حقّ أمير المؤمنين و ظلموا آل محمّد عليهم السلام حقّهم، و تسميتهم بالقاسطين كتسمية الأوليين بالنّاكثين و المارقين ممّا سبقت من النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عند إخباره عليه السّلام بالملاحم و الوقايع التي تكون بعده صلوات اللّه عليه.
روى في غاية المرام من أمالى الشّيخ باسناده عن المفضل بن عمر بن أبي عبد اللّه الصّادق عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: بلغ امّ سلمة زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّ مولى لها ينتقض عليّا عليه السّلام و يتناوله، فأرسلت إليه فلمّا صار إليها قالت له:
يا بنىّ بلغني أنّك تنقص عليّا و تتناوله قال: نعم يا أمّاه، قالت له: اقعد ثكلتك امّك حتّى أحدّثك بحديث سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، ثمّ اختر لنفسك.
إنّا كنّا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليلة تسع نسوة و كانت ليلتي و يومي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأتيت الباب فقلت: أدخل يا رسول اللّه قال: لا، فكبوت كبوة شديدة مخافة أن يكون ردّني من سخطه أو نزل فيّ شيء من السّمآء.
ثم البث «كذا» حتّى أتيت الباب الثّاني فقلت: أدخل يا رسول اللّه فقال: لا، فكبوت كبوة أشدّ من الاولى ثم البث «كذا» حتّى أتيت الباب الثالث فقلت: أدخل يا رسول اللّه فقال: ادخلي يا امّ سلمة فدخلت و عليّ عليه السّلام جالس بين يديه و هو يقول: فداك أبي و امّي يا رسول اللّه إذا كان كذا و كذا فما تأمرنى قال: آمرك بالصّبر، ثمّ أعاد عليه القول ثانية فأمره بالصّبر، فأعاد عليه القول الثالثة فقال له: يا عليّ يا أخي إذا كان ذلك منهم فسلّ سيفك وضعه على عاتقك و اضرب قدما قدما حتّى تلقاني و سيفك شاهر يقطر من دمائهم.
ثمّ التفت صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلىّ فقال ليّ تاللّه ما هذه الكأبة يا أمّ سلمة قلت: الذي كان من ردّك إيّاى يا رسول اللّه، فقال لي: و اللّه ما رددتك من وجودة و إنّك لعلى خير من اللّه و رسوله، و لكن أتيتني و جبرائيل يخبرني بالأحداث التي تكون بعدي فأمرني أن اوصي بذلك عليّا.
يا امّ سلمة اسمعي و اشهدي هذا عليّ بن أبي طالب أخي في الدّنيا و أخي في الآخرة.
يا امّ سلمة اسمعي و اشهدي هذا عليّ بن أبي طالب حامل لوائي في الدّنيا و حامل لواء الحمد غدا في القيامة.
يا امّ سلمة اسمعي و اشهدي هذا عليّ بن أبي طالب وصيّي و خليفتي من بعدي و قاضي عداتي و الذّائد عن حوضي.
يا امّ سلمة اسمعي و اشهدي هذا عليّ بن أبي طالب سيّد المسلمين و إمام المتقين و قائد العزّ المحجلين و قاتل النّاكثين و القاسطين و المارقين، قلت: يا رسول اللّه من النّاكثون قال: الذين يبايعونه بالمدينة و ينكثون بالبصرة، قلت: من القاسطون قال: معاوية و أصحابه من أهل الشّام، قلت: من المارقون قال: أصحاب النّهروان، فقال مولى امّ سلمة فرّجت عني فرّج اللّه عنك و اللّه لا سببت عليّا أبدا، هذا.
و الأخبار في هذا المعنى كثيرة يأتي في مواقعها إنشاء اللّه، ثم انّه عليه السّلام شدّد النكير على الجماعة في مخالفتهم له و إعراضهم عنه بقوله: (كانّهم لم يسمعوا اللّه تعالى يقول: تلك الدّار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوّا في الأرض و لا فسادا و العاقبة للمتقين) لما كانت الآية دالة على كون استحقاق الآخرة معلقا على عدم إرادة العلوّ و الفساد كان اللّازم على من سمعها و تدبر فيها إن كان ذا عقل أن لا يريدهما، و هؤلاء الجماعة لما علوا في الأرض و أفسدوا فيها و خالفوا الامام العادل و تركوا متابعته لا جرم شبّههم بمن لم يسمعها لما ذكرنا من أن لازمة السّماع ترك إرادتهما.
ثمّ دفع توهم الاعتذار عنهم بعدم السّماع لو اعتذر به بقوله: (بلى و اللّه لقد سمعوها و وعوها) مؤكدا بالقسم و اللّام و كلمة التّحقيق، ثمّ استدرك ذلك بالاشارة إلى سرّ عدم حصول ثمرة السّماع بعد حصول نفسه بقوله: (و لكنّهم حليت الدّنيا في أعينهم وراقهم زبرجها) فكان ذلك هو المانع عن ترتّب ثمرة السّماع عليه و الباعث على إعراضهم عن الدّار الآخرة و السّبب لاشترائهم الضّلالة بالهدى و لسعيهم في الأرض بالعلوّ و الفساد.
و حاصل الكلام أنّ سماع الآية مقتض لعدم إرادة العلوّ و الفساد و يترتّب عليه مقتضاه لو لم يصادف وجود المانع، و أمّا مع المصادفة له كما فى حقّ هؤلاء الجماعة حيث افتتنوا بالدنّيا و أعجبهم ذهبا و زينتها فيبقى المقتضي على اقتضائه و لا يترتّب عليه آثاره هذا.
و الضّماير الأربعة في قوله: و لكنّهم، و لم يسمعوا، و سمعوا، و وعوا، إمّا راجعة إلى الطوايف الثلاث: النّاكثين و المارقين و القاسطين و هو الأقرب لفظا و الانسب معنى و الأظهر لمن تدبّر، أو إلى الخلفاء الثلاثة على ما استظهره المحدّث المجلس (قده) معلّلا بأنّ الغرض من الخطبة ذكرهم لا الطوايف، و بأنّه المناسب لما بعد الآية لا سيّما في سمعوها، و وعوها، ضمير الجمع.
بقى الكلام في معني الآية الشّريفة و بعض ما تضمّنها من النكات و اللطايف فأقول: المشار إليها في الآية هي الجنّة، و الاشارة إلى التعظيم و التفخيم، يعني تلك التي سمعت بذكرها و بلغك وصفها، و المراد بالعلوّ في الأرض هو التّجبر و التكبّر على عباد اللّه و الاستكبار عن عبادة اللّه، و بالفساد الدّعاء إلى عبادة غير اللّه أو أخذ المال و قتل النّفس بغير حقّ أو العمل بالمعاصي.
و روى في مجمع البيان عن راوان«» عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه كان يمشي في الأسواق وحده و هو دالّ يرشد الضّال و يعين الضّعيف و يمرّ بالبيّاع و البقال فيفتح عليه القرآن و يقرأ: تلك الدّار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوّا في الأرض و لا فسادا، و يقول: نزلت هذه الآية في أهل العدل و التّواضع من الولاة و أهل القدرة من ساير النّاس.
و في غاية المرام عن أبي الحسن الفقيه ابن المغازلي الشّافعي في مناقبة باسناده عن زاوان أيضا قال: رأيت عليّا عليه السّلام يمسك الشّسوع بيده ثمّ يمرّ في الأسواق فيناول الرّجل الشّسع و يرشد الضّالّ و يعين الحمّال على الحمولة و يقرأ هذه الآية: تلك الدّار الآخرة الآية، ثمّ يقول: هذه الآية نزلت في الولاة و ذوي القدرة من النّاس.
و في مجمع البيان عن أبي سلام الأعرج عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إنّ الرّجل ليعجبه شراك نعله فيدخل في هذه الآية، و قريب منه ما في الكشّاف، قال الطبرسي: يعني انّ من تكبّر على غيره بلباس يعجبه فهو ممّن يريد علوّا في الأرض و قيل: إنّ الآية لما كانت بعد قصّة قارون و قبل قصّة فرعون، كان العلوّ إشارة إلى كفر فوعون لقوله تعالى: «عَلا فِي الْأَرْضِ» و الفساد إلى بغى قارون لقوله: «وَ لا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ».
ففي كلام الامام عليه السّلام يحتمل كون الأوّل إشارة إلى الأوّلين و الثّاني إلى الثّالث أو الجميع اليهم جميعا، و على ما استظهرناه فالأظهر كون الأوّل إشارة إلى طلحة و زبير و أتباعهما و معاوية و أصحابه و الثّاني إلى أصحاب النّهروان، و يحتمل الاشارة فيهما إلى جميعهم هذا.
و بقي هنا شيء و هو أنّه سبحانه لم يعلق الموعد في الآية الشريفة بترك العلوّ و الفساد لكن بترك إرادتهما و ميل القلوب إليهما كما علق الوعيد بالرّكون في قوله: «وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ».
فيدلّ على قبح إرادة السّوء و كونها معصية و يستفاد ذلك أيضا من قوله سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» و قوله: «إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ».
و هو المستفاد من الأخبار المستفيضة مثل قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّما يحشر النّاس على نيّاتهم، و قوله صلّى اللّه عليه و آله: و سلّم: نية الكافر شرّ من عمله، و ما ورد من تعليل خلود أهل النّار فيها و أهل الجنّة في الجنّة بعزم كلّ منهما على الثّبات على ما كانوا عليه من المعصية و الطاعة لو كانوا مخلدين في الدّنيا إلى غير هذه ممّا رواها المحدّث الشيخ الحرّ في أوائل الوسائل، و إلى ذلك ذهب جمع من الأصحاب منهم العلامة و ابن إدريس و صاحب المدارك و شيخنا البهائي و المحقّق الطوسي في التّجريد، إلّا أنّ المستفاد من الأخبار الاخر هو العفو عن نيّة السّوء و أنّها لا تكتب و هي كثيرة أيضا رواها في الوسائل، و هو مذهب شيخنا الشّهيد في القواعد، قال في محكي كلامه:
لا يؤثر نيّة المعصية عقابا و لا ذماما لم يتلبس بها و هو ممّا ثبت في الأخبار العفو عنه انتهى.
و قد جمع شيخنا العلامة الأنصاري طاب رمسه بينهما، بحمل الأدلة الاول على من اشتغل بعد القصد ببعض المقدمات، و الثّانية على من اكتفى بمجرّد القصد أو حمل الأوّل على من بقي على قصده حتّى عجز عن الفعل لا باختياره، و حمل الآخر على من ارتدع عن قصده بنفسه.
و ربّما يجمع بينها بحمل أخبار العفو على نيّة المسلم و أخبار العقوبة على نيّة الكافر، أو حمل النّفى على عقوبة الآخرة و الاثبات على عقوبة الدّنيا، أو حمل النّفى على فعليّة العقاب و الاثبات على الاستحقاق، أو حمل النّفى على عقوبة السّيئة التي همّ بها فلا يكون عقوبة القصد كعقوبة العمل و حمل أخبار العقوبة على ثبوتها في الجملة، إلى غير هذه من المحامل ممّا لا يخفى على الفطن العارف، و اللّه العالم بحقايق أحكامه
الترجمة
پس تعجب نياورد مرا تعجب آورنده مگر حالت پياپى آمدن مردم بسوى من بجهت عقد بيعت مثل يال كفتار در حالتى كه تزاحم مى كردند بر من از هر طرف حتى اين كه بتحقيق پايمال گردانيده شدند حسن و حسين عليهما السّلام و شكافته شد دو طرف پيراهن من يا عباى من از كثرت ازدحام در حالتى كه مجتمع بودند گردا گرد من مثل گله گوسفند، پس زمانى كه برخاستم بامر خلافت شكستند طايفه عهد بيعت مرا، و خارج شدند طايفه ديگر از جاده شريعت مثل خروج تير از كمان، و فاسق شدند طايفه سيم گويا نشنيده اند آنها خداوند تعالى را كه مى فرمايد در قرآن مجيد خود، كه اين دار آخرت است مى گردانيم آن را بجهت كسانى كه اراده نمى كنند بلندى را در زمين و نه فساد و فتنه را و عاقبت بخير متقين و پرهيزكاران راست، بلى بخدا قسم كه بيقين شنيده ايد اين آيه را و حفظ كرده اند آنرا و لكن زينت داده شده است دنيا در نظر آنها و تعجب آورده است زينت و زر دنياى فانى ايشان را.
الفصل السادس
أما و الّذي فلق الحبّة و برأ النّسمة لو لا حضور الحاضر، و قيام الحجة بوجود النّاصر، و ما أخذ اللّه على العلماء أن لا يقارّوا على كظّة ظالم، و لا سغب مظلوم، و لألقيت حبلها على غاربها، و لسقيت آخرها بكأس أوّليها، و لألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عطفة عنز.
اللغة
(الفلق) الشق قال تعالى: فالق الحبّ و النّوى (و برء) أى خلق قيل: و قلّما يستعمل في غير الانسان و (النسمة) محرّكة الانسان أو النفس و الرّوح، و قد يستعمل فيما عدا الانسان و (قارّه) مقارّة قرّ معه و قيل إقرار كلّ واحد صاحبه على الأمر و تراضيهما به و (الكظة) ما يعتري الانسان من الامتلاء من الطعام و (السغب) بالتّحريك الجوع و (الغارب) أعلى كتف النّاقة و (الزّهد) خلاف الرّغبة و الزّهيد القليل و (العفطة) قال ابن الأثير: الضّرطة، و قال الشّارح المعتزلي: عفطة عنز ما تنثره من أنفها و أكثر ما يستعمل ذلك في النعجة، فأما العنز فالمستعمل الأشهر فيها النفطة بالنون و يقولون: ما له عافط و لا نافط أى نعجة و لا عنز، ثم قال: فان قيل أ يجوز أن يقال العفطة هنا الحبقة«» فان ذلك يقال في العنز خاصّة عفطت«» تعفط.
قيل ذلك جايز إلّا أن الأحسن و الأليق بكلام أمير المؤمنين عليه السّلام التّفسير الأوّل، فانّ جلالته و سودده يقتضي أن يكون ذلك أراد لا الثاني فان صحّ أنّه لا يقال في العطسة عفطة إلّا للنعجة، قلنا إنّه عليه السّلام استعمله في العنز مجازا.
الاعراب
كلمة ما في قوله: و ما أخذ اللّه مصدريّة و الجملة في تأويل المصدر معطوفة على الحضور أو موصولة و العائد محذوف و على الأوّل فجملة أن لا يقارّوا في محل النّصب مفعولا لاخذ، و على الثّاني بيان لما أخذه اللّه بتقدير حرف جرّ أو نفس أن تفسيريّة على حدّ قوله تعالى: «وَ نُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ» و قوله: «وَ انْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ» على ما ذهب اليه بعضهم، و يحتمل أن يكون بدلا أو عطف بيان.
المعنى
لما ذكر عليه السّلام حاله مع القوم و حالهم معه من غصب الأوّل للخلافة و إدلائه بها بعده إلى الثاني و جعله لها بعده شورى و إقرانه له عليه السّلام إلى النّظاير المذكورين و انتهائها إلى ثالث القوم و نبّه على خلاف النّاكثين و القاسطين و المارقين له عليه السّلام بعد قبوله الخلافة و نهوضها، أردف ذلك كله ببيان العذر الحامل له على قبول هذا الأمر بعد عدوله عنه إلى هذه الغاية و قدم على ذلك شاهد صدق على دعواه بتصدير كلامه بالقسم العظيم فقال: (أمّا و الذي فلق الحبّة) أى شقّها و أخرج النّبات منها بقدرته الكاملة (و برء النّسمة) أى خلق الانسان و أنشأه بحكمته التّامة الجامعة (لو لا حضور الحاضر) للبيعة من الأنصار و المهاجر أو حضور الوقت الذي وقّته رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لقيامه بالنّواهي و الأوامر (و قيام الحجّة) عليه عليه السّلام (بوجود النّاصر) و المعين (و) لو لا (ما أخذ) ه (اللّه على العلماء) أى الأئمة عليهم السّلام أو الأعم من (أن لا يقارّوا) و لا يتراضوا و لا يسكنوا (على كظة ظالم) و بطنته (و لا سغب مظلوم) وجوعه و تعبه، و الكظة كناية عن قوّة ظلم الظالم و السغب كناية عن شدّة مظلوميّة المظلوم و المقصود أنّه لو لا أخذ اللّه على أئمة العدل و عهده عليهم عدم جواز سكوتهم على المنكرات عند التمكن و القدرة (لألقيت حبلها) أى زمام الخلافة (على غاربها) شبّه الخلافة بالنّاقة التي يتركها راعيها لترعى حيث تشاء و لا يبالي من يأخذها و ما يصيبها، و ذكر المغارب و هو ما بين السّنام و العنق تخييل و القاء الحبل ترشيح (و لسقيت آخرها بكاس أولها) أى تركتها آخرا كما تركتها أوّلا و خليت النّاس يشربون من كأس الحيرة و الجهالة بعد عثمان و يعمهون في سكرتهم كما شربوا في زمن الثلاثة (و لألفيتم دنياكم هذه) التي رغبتم فيها و تمكن حبها في قلوبكم (أزهد عندي) و أهون (من عفطة عنز) أى ضرطتها أو عطستها.
الترجمة
آگاه باش اى طالب منهج قويم و سالك صراط مستقيم، قسم بآن خداوندى كه دانه را شكافت بقدرت كامله و انسان را خلق فرمود بحكمت بالغه، اگر نمى بود حضور حاضرين از براى بيعت و قائم شدن حجت بر من بجهت وجود يارى كنندگان و آن چيزى كه اخذ فرمود آن را خداوند بر علماء كه قرار ندهند با يكديگر و راضى نشوند بر امتلاء ستمكار و نه بر گرسنگى ستم رسيده، هر آينه مىانداختم افسار خلافت را بر كوهان آن و هر آينه سيراب مىكردم آخر خلافت را با جام اول آن، و هر آينه مىيافتيد دنياى خودتان را كه بآن مىنازيد و دين خود را كه در طلب آن مىبازيد، بى مقدارتر در نزد من از جيفه بز يا از عطسه آن
الفصل السابع
قالوا: و قام إليه رجل من أهل السّواد عند بلوغه إلي هذا الموضع من خطبته فناوله كتابا فأقبل ينظر فيه، فلمّا فرغ من قراءته قال له ابن عبّاس رحمه اللّه: يا أمير المؤمنين لو اطّردت مقالتك من حيث أفضيت، فقال: هيهات يابن عبّاس تلك شقشقة هدرت ثمّ قرّت، قال ابن عبّاس: فو اللّه ما أسفت على كلام قطّ كأسفي على هذا الكلام ألّا يكون أمير المؤمنين عليه السّلام بلغ منه حيث أراد.
اللغة
(أهل السّواد) ساكنو القرى و تسمّى القرى سوادا لخضرتها بالزّرع و النّبات و الاشجار و العرب تسمى الاخضر أسود و (ناوله) أعطاه و (الاطراد) هو الجرى يقال: اطرد الأمر أى تبع بعضه بعضا و جرى بعضه أثر بعض، و نهران يطردان أى يجريان و (الافضاء) الانتهاء قال الشّارح المعتزلي: أصله خروج إلى الفضاء فكأنّه شبهه حيث سكت عليه السّلام عما كان يقول بمن خرج من خباء أو جدار إلى فضاء من الأرض، و ذلك لأنّ النفس و القوى و الهمة عند ارتجال الخطب و الاشعار تجتمع إلى القلب، فاذا قطع الانسان و فرغ تفرقت و خرجت عن حجر الاجتماع و استراحت و (الشقشقة) بالكسر شيء كالرّية يخرجه البعير من فيه إذا هاج، و يقال للخطيب ذو شقشقة تشبيها له بالفحل و (هدير) الجمل ترديده الصّوت في حنجرته.
الاعراب
كلمة لو لا إما للتمنّي أو الجواب محذوف أى لكان حسنا، و المقالة إما مرفوعة على الفاعليّة لو كان اطردت بصيغة المؤنث الغايب من باب الافتعال، أو منصوبة على المفعولية لو كان بصيغة الخطاب من باب الافعال أو الافتعال أيضا.
المعنى
(قالوا و قام إليه رجل من أهل السواد) قيل: إنه كان من أهل سواد العراق (عند بلوغه عليه السّلام إلى هذا الموضع من خطبته فناوله كتابا) و أعطاه (فأقبل) إليه و كان (ينظر فيه فلما فرغ) عليه السّلام (من قراءته) و أجاب الرّجل بما أراد حسبما نشير إليه (قال له ابن عباس رحمه اللّه: يا أمير المؤمنين لو اطّردت) أي جرت (مقالتك من حيث أفضيت) و انتهيت لكان حسنا (فقال عليه السّلام: هيهات يابن عبّاس تلك شقشقة هدرت ثمّ قرّت) و سكنت.
شبّه عليه السّلام نفسه بالفحل الهادر فاستعار لخطبته لفظ الشّقشقة التي من خواص الفحل قيل: في الكلام إشعار بقلّة الاعتناء بمثل هذا الكلام إمّا لعدم التأثير في السّامعين كما ينبغي، أو لقلّة الاهتمام بأمر الخلافة من حيث إنّها سلطنة، أو للاشعار بانقضاء مدّته، فانّها كانت في قرب شهادته، أو لنوع من التّقية أو لغيرها (قال ابن عبّاس: فو اللّه ما أسفت على كلام قط كاسفي) و حزني (على هذا الكلام ألّا يكون أمير المؤمنين عليه السّلام بلغ منه حيث أراد) قال الشّارح المعتزلي: حدّثني شيخي أبو الخير مصدّق بن شبيب الواسطي، قال قرأت على الشّيخ أبي محمّد عبد اللّه بن أحمد المعروف بابن الخشاب هذه الخطبة، فلمّا انتهيت إلى هذا الموضع قال لي: لو سمعت ابن عبّاس يقول هذا لقلت له: و هل بقي في نفس ابن عمّك أمر لم يبلغه فهذه الخطبة لتتأسّف أن لا يكون بلغ من كلامه ما أراد و اللّه ما رجع عن الأوّلين و لا عن الآخرين و لا بقي في نفسه أحد لم يذكره إلّا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
و بقى الكلام في الكتاب الذي ناوله الرّجل فأقول روى الشّارح البحراني و المحدّث الجزايرى و غيره عن أبي الحسن الكندري (ره) أنّه قال: وجدت في الكتب القديمة أنّ الكتاب الذي دفعه الرّجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام كان فيه عدّة مسائل إحداها ما الحيوان الذي خرج من بطن حيوان آخر و ليس بينهما نسب فأجاب عليه السّلام بأنه يونس عليه السّلام خرج من بطن حوت.
الثانية ما الشيء الذي قليله مباح و كثيره حرام فقال عليه السّلام: هو نهر طالوت لقوله تعالى: إلّا من اغترف غرفة بيده.
الثالثة ما العبادة التي إن فعلها أحد استحقّ العقوبة و إن لم يفعلها أيضا استحقّ العقوبة فأجاب عليه السّلام بأنّها صلاة السكارى.
الرابعة ما الطائر الذي لا فرخ له و لا فرع و لا أصل فقال عليه السّلام: هو طاير عيسى عليه السّلام في قوله: «وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي».
الخامسة رجل عليه من الدّين ألف درهم و له في كيسه ألف درهم فضمنه ضامن بألف درهم فحال عليه الحول فالزّكاة على أيّ المالين تجب فقال عليه السّلام: إن ضمن الضّامن باجازة من عليه الدّين فلا يكون عليه، و إن ضمنه من غير إذنه فالزّكاة مفروضة في ماله.
السّادسة حجّ جماعة و نزلوا في دار من دور مكّة و تركوا فيها ثيابهم و اغلق واحد منهم باب الدّار و فيها حمام فمتن من العطش قبل عودهم إلى الدّار فالجزاء على أيّهم يجبّ فقال عليه السّلام: على الذي أغلق الباب و لم يخرجهنّ و لم يضع لهنّ ماء السّابعة شهد شهداء أربعة على محصن بالزّنا فأمرهم الامام برجمه فرجمه واحد منهم دون الثلاثة الباقين و وافقهم قوم أجانب في الرّجم فرجع من رجمه عن شهادته و المرجوم لم يمت ثمّ مات فرجع الآخرون عن شهادتهم عليه بعد موته فعلى من يجب ديته فقال عليه السّلام: يجب على من رجمه من الشّهود و من وافقه.
الثّامنة شهد شاهدان من اليهود على يهودي أنّه أسلم فهل يقبل شهادتهما فقال عليه السّلام: لا تقبل شهادتهما لأنّهما يجوّز ان تغيير كلام اللّه و شهادة الزّور.
التّاسعة شهد شاهدان من النّصارى على نصارى أو مجوسي أو يهودي أنّه أسلم فقال عليه السّلام: تقبل شهادتهما لقول اللّه سبحانه: «وَ لَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى» الآية و من لا يستكبر عن عبادة اللّه لا يشهد شهادة الزّور.
العاشرة قطع إنسان يد آخر فحضر أربعة شهود عند الامام و شهدوا على من قطع يده و أنّه زنى و أنّه محصن فأراد الامام أن يرجمه فمات قبل الرّجم بقطع يده على القاطع دية القطع أو دية النّفس فقال عليه السّلام: على من قطع يده دية القطع حسب و لو شهدوا أنّه سرق نصابا لم يجب دية يده على قاطعها، و اللّه أعلم بالصواب و إليه المرجع و المآب.
الترجمة
راويان گويند برخاست بسوى آن حضرت مردي از اهل سواد كوفه نزد رسيدن او باين موضع از خطبه خود پس داد او را نوشته پس روى آورد و نظر مىفرمود بسوى آن، پس چون فارغ شد از خواندن آن كتاب عرض كرد خدمت آن حضرت عبد اللّه بن عبّاس رحمه اللّه اى امير مؤمنان و مقتداى عالميان اگر جارى مىفرمودي كلام بلاغت نظام خود را از آنجا كه باقى مانده بود هر آينه خوب بود، پس آن حضرت فرمود چه دور است آن حالت نسبت باين حالت اى ابن عباس اين مانند شقشقه شتر بود كه نزد هيجان نفس و اشتغال آن با صورت و غرّيدن از دهن بيرون آمد بعد از آن قرار گرفت و ساكن شد، گفت عبد اللّه بن عباس بخدا قسم كه تأسف نخوردم بر هيچ كلامى هرگز در مدت عمر خود چون تأسف خوردن خود بر اين كلام كه نشد أمير المؤمنين عليه السّلام برسد از آن كلام بجائى كه اراده كرده بود.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»