خطبه 33 صبحی صالح
33- و من خطبة له ( عليه السلام ) عند خروجه لقتال أهل البصرة
و فيها حكمة مبعث الرسل،
ثم يذكر فضله و يذم الخارجين
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليهالسلام )بِذِي قَارٍ وَ هُوَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ
فَقَالَ لِي مَا قِيمَةُ هَذَا النَّعْلِ
فَقُلْتُ لَا قِيمَةَ لَهَا
فَقَالَ ( عليه السلام )وَ اللَّهِ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَتِكُمْ إِلَّا أَنْ أُقِيمَ حَقّاً أَوْ أَدْفَعَ بَاطِلًا
ثُمَّ خَرَجَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ
حكمة بعثة النبي
إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً ( صلى الله عليه وآله )
وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً
وَ لَا يَدَّعِي نُبُوَّةً
فَسَاقَ النَّاسَ حَتَّى بَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ
وَ بَلَّغَهُمْ مَنْجَاتَهُمْ
فَاسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ
وَ اطْمَأَنَّتْ صَفَاتُهُمْ
فضل علي
أَمَا وَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَفِي سَاقَتِهَا
حَتَّى تَوَلَّتْ بِحَذَافِيرِهَا
مَا عَجَزْتُ وَ لَا جَبُنْتُ
وَ إِنَّ مَسِيرِي هَذَا لِمِثْلِهَا
فَلَأَنْقُبَنَّ الْبَاطِلَ حَتَّى يَخْرُجَ الْحَقُّ مِنْ جَنْبِهِ
توبيخ الخارجين عليه
مَا لِي وَ لِقُرَيْشٍ
وَ اللَّهِ لَقَدْ قَاتَلْتُهُمْ كَافِرِينَ وَ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ مَفْتُونِينَ
وَ إِنِّي لَصَاحِبُهُمْ بِالْأَمْسِ كَمَا أَنَا صَاحِبُهُمُ الْيَوْمَ
وَ اللَّهِ مَا تَنْقِمُ مِنَّا قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ اخْتَارَنَا عَلَيْهِمْ
فَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي حَيِّزِنَا
فَكَانُوا كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ
أَدَمْتَ لَعَمْرِي شُرْبَكَ الْمَحْضَ صَابِحاً
وَ أَكْلَكَ بِالزُّبْدِ الْمُقَشَّرَةَ الْبُجْرَا
وَ نَحْنُ وَهَبْنَاكَ الْعَلَاءَ وَ لَمْ تَكُنْ
عَلِيّاً وَ حُطْنَا حَوْلَكَ الْجُرْدَ وَ السُّمْرَا
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج4
و من خطبة له عليه السّلام
عند خروجه لقتال اهل البصرة و هى الثالثة و الثلاثون من المختار في باب الخطب قال ابن عباس دخلت على أمير المؤمنين عليه السّلام بذي قار و هو يخصف نعله فقال لي: ما قيمة هذا النعل فقلت: لا قيمة لها: فقال عليه السّلام: و اللّه لهي أحبّ إليّ من إمرتكم إلّا أن أقيم حقّا أو ادفع باطلا ثمّ خرج فخطب النّاس فقال: إنّ اللّه سبحانه بعث محمّدا و ليس أحد من العرب يقرأ كتابا و لا يدّعي نبوّة، فساق النّاس حتّى بوّاهم محلّتهم، و بلّغهم منجاتهم، فاستقامت قناتهم، و اطمأنّت صفاتهم، أما و اللّه إن كنت لفي ساقتها حتّى تولّت بحذافيرها ما عجزت، و لا جبنت، و إنّ مسيري هذا لمثلها، و لأنقبنّ (و لأبقرّن خ) الباطل حتّى يخرج الحقّ من خاصرته (جنبه خ ل)، ما لي و لقريش و اللّه لقد قاتلتهم كافرين، و لاقاتلنّهممفتونين، و إنّي لصاحبهم بالأمس كما أنا صاحبهم اليوم.
اللغة
(ذو قار) موضع قرب البصرة، و هو المكان الذي كان فيه الحرب بين العرب و الفرس و نصرت العرب على الفرس و فيه عين يشبه لون مائه القير و (خصف النعل) خرزها و هي مؤنثة سماعيّة و (بواه) المكان أسكنه فيه و (المنجاة) موضع النّجاة و (القناة) الرّمح و هو إذا كانت معوجا لا يترتّب عليه الأثر و (الصّفاة) بفتح الصاد الحجر الصّلبة الضّخم لا ينبت و (السّاقة) جمع سائق كالحاكة و الحائك ثمّ استعملت للأخير لأن السّائق إنّما يكون في آخر الرّكب أو الجيش (تولّت) و في نسخة الشّارح المعتزلي ولت بالواو و كليهما بمعنى واحد أى أدبرت هاربا و (الحذافير) جمع الحذ فار بكسر الحاء و هو الجانب و الشّريف و الجمع الكثير يقال أخذه بحذافيره بأسره أو بجوانبه أو بأعاليه و (ضعف و جبن) بضمّ العين من باب كرم و (النّقب) الثّقب و في بعض النسّخ بدل لأنقبنّ لأبقرنّ من البقر و هو الشّق.
الاعراب
جملة و ليس احد، اه حاليّة و ان كنت لفى ساقتها ان بالكسر مخفّفة من الثّقيلة و اسمها محذوف، و اللام في قوله لفى ساقتها عوض عن المحذوف على حدّ قوله سبحانه: «وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً» و قيل فصل باللّام بين ان المخفّفة و بين غيرها من أقسام ان.
و عن الكوفيّين أنّ إنّ المشدّدة لا تخفّف و أنّ إن في هذه الموارد بمعنى ما النّافية، و اللّام بمعنى إلّا فاذا قلت: إن زيد لمنطلق فمعناه ما زيد إلّا منطلق و ردّ اوّلا بانّ وقوع اللّام بمعنى إلّا لم يثبت سماعا و لا قياسا، و ثانيا بأنّ هذا ينافي اعمالها مع التّخفيف و قد حكى عن سيبويه إن عمروا لمنطلق بالنصب و قرء الحرميان و أبو بكر:
«وَ إِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ» و جملة ما عجزت حالية، و لمثلها بكسر اللّام على ما في أكثر النسخ أو بفتحها على أنّها للتّوكيد على ما في بعضها، و مالي و لقريش استفهام على سبيل إنكار معاندتهم له و جحودهم لفضله، و كافرين و مفتونين منصوبتان على الحال
المعنى
اعلم أنّ هذه الخطبة مسوقة لاظهار انّ غرضه من حرب أهل الجمل كان إقامة الحقّ و إزاحة الباطل و أنّ حربه معهم جارى مجرى حربه مع الكفار و أهل الجاهلية في زمن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و لذلك أشار أولا إلى بعثة الرّسول ثمّ رتّب عليها مقصوده فقال: (إنّ اللّه سبحانه بعث محمّدا) صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (و ليس أحد من العرب) في زمان بعثه (يقرأ كتابا و لا يدّعى نبوّة).
يحتمل أن يكون المراد بالعرب أقلّهم، فانّ أكثرهم لم يكن لهم يومئذ دين و لا كتاب كما مرّ تفصيلا في الفصل السّادس عشر من فصول الخطبة الاولى عند شرح قوله عليه السّلام: و أهل الارض يومئذ ملل متفرّقة اه.
و امّا على إرادة العموم كما هو ظاهر العبارة فيمكن الجواب بانّ الكتاب الذى كان بأيدى اليهود و النّصارى حين بعثه لم يكن بالتّوراة و الانجيل المنزل من السماء، لمكان التّحريف و التّغيير الذي وقع فيهما كما يشهد به قوله تعالى: «وَ إِنَّ مِنْهُمْ«» لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَ ما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَ يَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ ما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ يَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ».
قال أبو على الطبرسي في مجمع البيان قيل: نزلت في جماعة من أخبار اليهودكتبوا بأيديهم ما ليس في كتاب اللّه من بعث النّبيّ و غيره و أضافوه إلى كتاب اللّه، و قيل: نزلت في اليهود و النّصارى حرّفوا التّوراة و الانجيل و ضربوا كتاب اللّه بعضه ببعض و الحقوا به ما ليس منه و أسقطوا منه الدّين الحنيف.
قال ابن عباس و كيف كان فالمقصود أنّ النّاس يوم بعث النبيّ كانوا أهل جاهلية غافلين عن الكتاب و السنّة (فساق) صلوات اللّه و سلامه عليه و آله (النّاس حتى بوّاهم محلّتهم) يعنى أنّه ضرب النّاس بسيفه حتى أسكنهم منزلتهم و مرتبتهم التي خلقوا لاجلها (و بلغهم منجاتهم) التي لا خوف على من كان بها و لا سلامة للمنحرف عنها.
و المراد بهما هو الاسلام و الدّين و بذلك يحصل النّجاة من النّار و يتقى من غضب الجبار و يسكن دار القرار، و ذلك هو المراد من خلقة الانسان و به يحصل مزّيته على ساير أنواع الحيوان (فاستقامت به قناتهم) التي كانت معوّجة (و اطمأنّت صفاتهم) التي كانت متزلزلة مضطربة.
قال الشّارح البحراني: و المراد بالقناة القوّة و الغلبة و الدّولة التي حصلت لهم مجازا من باب اطلاق السبب على المسبب، فانّ الرّمح سبب للقوّة و الشدّة، و معنى إسناد الاستقامة إليها انتظام قهرهم و دولتهم، و لفظ الصفات استعارة لحالهم التي كانوا عليها.
و وجه المشابهة أنّهم كانوا قبل الاسلام في مواطنهم و على أحوالهم متزلزلين لا يقرّ بعضهم بعضا في موطن و لا على حال بل كانوا أبدا في النّهب و الغارة و الجلاء، فكانوا كالواقف على حجر أملس متزلزل مضطرب فاطمأنّت أحوالهم و سكنوا في مواطنهم (أما و اللّه ان كنت لفي ساقتها) شبّه أمر الجاهلية إمّا بعجاجة ثائرة«» أو بكتيبة مقبلة للحرب.
فقال إنّى طردتها فولّت بين يدي و لم أزل في ساقتها أنا أطردها و هي تنفر أمامى (حتّى تولّت) هاربة (بحذافيرها) و لم يبق منها شيء (ما عجزت) من سوقها(و لا جبنت) من طردها (و أنّ مسيرى هذا لمثلها) أى لمثل تلك الحال التي كنت عليها معهم في زمن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله من سوق كتائبهم و طردها من غير ضعف و لاجبن.
(و لأبقرّن الباطل حتّى يخرج الحقّ من خاصرته) شبّه الباطل بحيوان ابتلع جوهرا ثمنيا أعزّ منه قيمة فاحتيج إلى شقّ بطنه في استخلاص ما ابتلع، و أراد بذلك تميز الحقّ من الباطل و تشخيص الصلاح من الفساد (مالي و لقريش) يجحدون فضيلتي و يستحلّون محاربتي و ينقضون بيعتي (و اللّه لقد قاتلتهم كافرين) بالكفر و الجحود (و لاقاتلنّهم مفتونين) بالافتنان و البغى ليرجعوا من الباطل إلى الحقّ و يفيئوا إليه.
روى في الوسائل عن الحسن بن محمّد الطوسي في مجالسه عن أبيه عن المفيد معنعنا عن محمّد بن عمر بن على عن أبيه عن جدّه أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال له: يا عليّ إنّ اللّه قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي كما كتب عليهم الجهاد مع المشركين معي، فقلت: يا رسول اللّه و ما الفتنة التي كتب علينا فيها الجهاد قال: فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلّا اللّه، و أنّى رسول اللّه، و هم مخالفون لسنّتي و طاعنون في ديني، فقلت فعلى م نقاتلهم يا رسول اللّه و هم يشهدون أن لا اله إلّا اللّه و أنّك رسول اللّه فقال على إحداثهم في دينهم و فراقهم لأمرى و استحلالهم دماء عترتي هذا.
قال الشّارح المعتزلي في شرح قوله و لاقاتلهم مفتونين: أنّ الباغي على الامام مفتون فاسق، و هذا الكلام يؤكد قول أصحابنا أنّ أصحاب صفّين و الجمل ليسوا بكفّار خلافا للاماميّة.
و ردّ بأن المفتون من أصابه الفتنة و هي تطلق على الامتحان و الضّلال و الكفر و الاثم و الفضيحة و العذاب و غير ذلك، و المراد بالمفتون ما يقابل الكافر الأصلي الذي لم يدخل في الاسلام أصلا و لم يظهره إذ لا شك في أنّ من حاربه عليه السّلام كافر لقوله صلّى اللّه عليه و آله و سلم حربك حربى و غير ذلك من الأخبار و الادلّة.
أقول: المستفاد من كلام الشّارح أنّ الامامية يقولون بكون البغاة كفارا كساير الكفّار من المشركين و منكري الرّسالة و ساير ما ثبت ضرورة من دين الاسلام و ليس كذلك و إلّا لحكموا بجواز سبى ذراريهم و تملّك نسائهم و أموالهم الغير المنقولة كساير الكفار من أهل الحرب مع أنّهم قد اجمعوا على عدم جواز شيء من ذلك.
كيف و لو كان بناؤهم على ذلك لم يفصلوا في البغاة بين ذوى الفتنة كأصحاب الجمل و معاوية، و بين غيرهم كالخوارج حيث قالوا: في الأوّلين باجهاز جريحهم و اتباع مدبرهم و قتل أسيرهم، و في الآخرين بوجوب الاكتفاء بتفريقهم من غير أن يتّبع لهم مدبر أو يقتل لهم أسير أو يجهز على جريح، و لم يختلفوا أيضا في قسمة أموالهم التي حواها العسكر، بل حكموا في كل ذلك بحكم الكافر الحربي.
و ممّا ذكرنا ظهر ما في كلام المورد أيضا مضافا إلى ما فيه من أنّه لو كان المراد بالمفتون في كلامه عليه السّلام هو المرتدّ عن دين الاسلام على ما فهمه المورد لزم الحكم بعدم قبول توبة أكثر البغاة لو تابوا و بقسمة أموالهم و باعتداد زوجتهم عدّة الوفاة، لأنّ اكثر أهل البغى قد ولدوا على الفطرة مع أنّه لم يحكم أحد بذلك.
و تحقيق الكلام في المقام على ما يستفاد من كلام بعض علمائنا الأبرار و أخبار أئمتنا الاطهار سلام اللّه عليهم ما تعاقب اللّيل و النّهار هو: أنّ البغاة محكوم بكفرهم باطنا إلّا أنّه يعامل معهم في هذا الزّمان المسمّى بزمان الهدنة معاملة المسلم الحقيقي فيحكم بطهارتهم و جواز ملاقاتهم بالرّطوبة و بحلّ أكل ذبايحهم و حرمة أموالهم و صحة مناكحاتهم إلى غير ذلك من أحكام الاسلام حتّى يظهر الدّولة الحقّة عجّل اللّه تعالى ظهورها فيجري عليهم حينئذ حكم الكفّار الحربيين.
و يشهد بذلك ما رواه في الوسايل باسناده عن عبد اللّه بن سليمان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ النّاس يروون أنّ عليّا عليه السّلام قتل أهل البصرة و ترك أموالهم فقال: إنّ دار الشرّك يحلّ ما فيها و انّ دار الاسلام لا يحلّ ما فيها فقال إنّ عليّا إنّما منّ عليهم كما منّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على أهل مكّة و إنّما ترك عليّ عليه السّلام لأنّه كان يعلم انّه سيكون له شيعة و انّ دولة الباطل ستظهر عليهم، فأراد أن يقتدى به في شيعته و قد رأيتم آثار ذلك هو ذا يسار في النّاس بسيرة علي و لو قتل عليّ عليه السّلام أهل البصرة جميعا و اتّخذ أموالهم لكان ذلك له حلالا لكنّه منّ عليهم ليمنّ على شيعته من بعده.
و عن اسحاق بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: مال النّاصب و كلّ شيء يملكه حلال إلّا امرأته، فانّ نكاح أهل الشرّك جايز، و ذلك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: لا تسبّوا أهل الشّرك فانّ لكل قوم نكاحا و لو لا أنا نخاف عليكم أن يقتل رجل منكم برجل منهم و رجل منكم خير من ألف رجل منهم لأمرناكم بالقتل لهم و لكن ذلك إلى الامام.
و عن أبي بكر الحضرمي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لسيرة عليّ في أهل البصرة كانت خيرا لشيعته ممّا طلعت عليه الشّمس إنّه علم أنّ للقوم دولة فلو سباهم لسبيت شيعته، قلت: فأخبرني عن القائم يسير بسيرته قال: لا إنّ عليّا سار فيهم بالمنّ لما علم من دولتهم و إنّ القائم يسير فيهم بخلاف تلك السّيرة لأنّه لا دولة لهم.
و عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن القائم إذا قام بأىّ سيرة يسير في النّاس فقال: بسيرة ما سار به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى يظهر الاسلام، قلت و ما كانت سيرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: أبطل ما كان في الجاهليّة و استقبل النّاس بالعدل، و كذلك القائم إذا قام يبطل ما كان في الهدنة ممّا كان في أيدي النّاس و يستقبل بهم العدل.
و روى عن الدّعائم عن عليّ عليه السّلام أنّه سئل عن الذين قاتلهم من أهل القبلة أ كافرون هم قال عليه السّلام: كفروا بالأحكام و كفروا بالنّعم ليس كفر المشركين الذين دفعوا النبوّة و لم يقرّوا بالاسلام، و لو كانوا كذلك ما حلّت لنا مناكحهم و لا ذبايحهم و لا مواريثهم.
إلى غير ذلك من النّصوص الدالّة على جريان حكم المسلمين على البغاةمن حيث البغي في زمن الهدنة فضلا عمّا هو المعلوم من تتبّع كتب السّير و التّواريخ من مخالطة الأئمة عليهم السّلام معهم و عدم التجنّب من أسآرهم و غير ذلك من أحكام المسلمين و إن وجب قتالهم إذا ندب عليه الامام عموما او خصوصا أو ندب عليه المنصوب من قبله عليه السّلام لكن ذلك أعمّ من الكفر و يأتي تمام الكلام إنشاء اللّه تعالى في شرح الكلام المأة و الخامسة و الخمسين.
نعم الخوارج منهم قد اتّخذوا بعد ذلك دينا و اعتقدوا اعتقادات صاروا بها كفّارا لا من حيث كونهم بغاة فافهم جيّدا و قوله عليه السّلام: (إنّى لصاحبهم بالأمس كما أنا صاحبهم اليوم) إشارة إلى عدم تغيّر حالته عن التي بها قاتلهم كافرين، و فيه تهديد لهم و تذكير لشدّة بأسه و سطوته و شجاعته هذا.
و في نسخة الشّارح المعتزلي بعد قوله صاحبهم اليوم: و اللّه ما تنقم منّا قريش إلّا أنّ اللّه اختارنا عليهم فأدخلناهم في خيرنا فكانوا كما قال الأوّل:
ادمت لعمري شربك المحض صابحا
و اكلك بالزّبد المقشّرة البجرا
و نحن وهبناك العلاء و لم تكن
عليا و حطنا حولك الجرد و السمرا
أقول: (المحض) اللبن الخالص، و (الصّابح) و الصّبوح ما صلب من اللّبن بالغداة و ما أصبح عندهم من شراب و (المقشّرة) التّمرة التي اخرج منها نواتها و (البجر) بالضّم الأمر العظيم و العجب و لعلّه هنا كناية عن الكثرة أو الحسن أو اللطافة، و يحتمل أن يكون مكان المفعول المطلق يقال بجر كفرح فهو بجر امتلأ بطنه من اللبن و لم يروّ، و تبجر النّبيذ ألحّ في شربه و (الجرد) بالضّم جمع الأجرد و هو الفرس الذى دقت شعرته و قصرت و هو مدح و (السّمر) جمع الاسمر و هو الرّمح
تكملة
يأتي إنشاء اللّه رواية هذه الخطبة في الكتاب بطريق آخر و هي الخطبة المأة و الثّالثة، و نوردها بطريق ثالث في الشّرح ثمّة فانتظر.
تبصرة
روى الشّارح المعتزلي عن أبي مخنف عن الكلبي عن أبي صالح عن زيد بن عليّ عن ابن عباس قال: لما نزلنا مع عليّ عليه السّلام ذاقار قلت: يا أمير المؤمنين ما أقلّ من يأتيك من أهل الكوفة فيما أظنّ فقال: و اللّه ليأتيني منهم ستّة ألف و خمسمائة و ستّون رجلا لا يزيدون و لا ينقصون قال ابن عبّاس فدخلنى و اللّه من ذلك شكّ شديد في قوله و قلت في نفسي و اللّه إن قدموا لأعدّنهم.
قال أبو مخنف فحدّث ابن اسحاق عن عمّه عبد الرّحمن بن يسار قال: نفر إلى عليّ إلى ذى قار من الكوفة في البرّ و البحر ستّة ألف و خمسمائة و ستّون رجلا و أقام عليّ عليه السّلام بذى قار خمسة عشر يوما حتّى سمع صهيل الخيل و شجيج البغال حوله قال: فلما سار منقلة قال ابن عباس، و اللّه لأعدّنهم فان كانوا كما قال و إلّا أتممتهم من غيرهم فانّ النّاس قد كانوا سمعوا قوله، قال: فعرضهم فو اللّه ما وجدتهم يزيدون رجلا و لا ينقصون رجلا فقلت: اللّه أكبر صدق اللّه و رسوله ثمّ سرنا.
الترجمة
از جمله خطب آن حضرتست كه فرموده هنگام رفتن او بمحاربه أهل بصره گفت عبد اللّه بن عباس كه داخل شدم بر امير المؤمنين در منزل ذى قار و آن حضرت مى دوخت نعلين خود را پس گفت بمن كه اى ابن عباس چيست قيمت اين نعل من عرض كردم كه قيمت ندارد و بچيزى نمى ارزد، فرمود بخدا سوگند كه اين نعل محبوبتر است به سوى من از امارة من در ميان شما مگر اين كه اقامه نمايم حقى را يا بر طرف سازم باطلى را پس آن حضرت بيرون تشريف آورد پس خطبه خواند از براى مردم پس فرمود: بدرستى كه خداوند تعالى مبعوث فرمود محمّد بن عبد اللّه صلوات اللّه و سلامه عليه را در حالتى كه نبود هيچ احدى از عرب كه كتاب بخواند و نه شخصى كه دعوى نبوت نمايد، پس راند حضرت رسالت مردم را تا اين كه ساكن فرمود ايشان را در منزل ايشان و رسانيد ايشان را در محل رستگارى ايشان، پس راست شد نيزهاى ايشان و آرام گرفت سنك هموار ايشان.
مقصود انتظام دولت ايشانست و آسودگى بلاد ايشان بخدا سوگند بدرستى كه بودم در ميان مردمانى كه رانندگان عساكر خصم بودند تا اين كه پشت برگرداند لشكر خصم و رو بر فرار نهادند تماما در حالتى كه عاجز نشدم و ترسناك نگشتم، و بدرستى كه اين سير و حركت من بقتال اهل بصره هر آينه مثل آن حالت سابقه است كه بودم بر آن از دليرى و شجاعت.
پس هر آينه مى شكافم باطل را تا اين كه بيرون آيد حق از شكم او چيست مرا و قريش را كه بيعت مرا شكستند و فضيلت مرا انكار كردند بخدا سوگند كه مقاتله كردم با ايشان در حالتى كه كافر بودند، و مقاتله ميكنم با ايشان در حالتى كه مفتون هستند، و بدرستى كه من مصاحب ايشان بودم ديروز، همچنان كه مصاحب ايشانم امروز و تفاوت در حالت من نبوده
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»