google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
خطبه ها شرح و ترجمه میر حبیب الله خوئی20-40 خطبه شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره 32 (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه 32 صبحی صالح

32- و من خطبة له ( عليه‏ السلام  ) و فيها يصف زمانه بالجور،

و يقسم الناس فيه خمسة أصناف، ثم يزهد في الدنيا

معنى جور الزمان‏

أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا قَدْ أَصْبَحْنَا فِي دَهْرٍ عَنُودٍ وَ زَمَنٍ كَنُودٍ

يُعَدُّ فِيهِ الْمُحْسِنُ مُسِيئاً

وَ يَزْدَادُ الظَّالِمُ فِيهِ عُتُوّاً

لَا نَنْتَفِعُ بِمَا عَلِمْنَا

وَ لَا نَسْأَلُ عَمَّا جَهِلْنَا

وَ لَا نَتَخَوَّفُ قَارِعَةً حَتَّى تَحُلَّ بِنَا

أصناف المسيئين‏

وَ النَّاسُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ

مِنْهُمْ مَنْ لَا يَمْنَعُهُ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَهَانَةُ نَفْسِهِ وَ كَلَالَةُ حَدِّهِ وَ نَضِيضُ وَفْرِهِ

وَ مِنْهُمْ الْمُصْلِتُ‏ لِسَيْفِهِ وَ الْمُعْلِنُ بِشَرِّهِ وَ الْمُجْلِبُ بِخَيْلِهِ وَ رَجِلِهِ

قَدْ أَشْرَطَ نَفْسَهُ وَ أَوْبَقَ دِينَهُ لِحُطَامٍ يَنْتَهِزُهُ أَوْ مِقْنَبٍ يَقُودُهُ أَوْ مِنْبَرٍ يَفْرَعُهُ

وَ لَبِئْسَ الْمَتْجَرُ أَنْ تَرَى الدُّنْيَا لِنَفْسِكَ ثَمَناً

وَ مِمَّا لَكَ عِنْدَ اللَّهِ عِوَضاً

وَ مِنْهُمْ مَنْ يَطْلُبُ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ وَ لَا يَطْلُبُ الْآخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنْيَا

قَدْ طَامَنَ مِنْ شَخْصِهِ

وَ قَارَبَ مِنْ خَطْوِهِ

وَ شَمَّرَ مِنْ ثَوْبِهِ

وَ زَخْرَفَ مِنْ نَفْسِهِ لِلْأَمَانَةِ

وَ اتَّخَذَ سِتْرَ اللَّهِ ذَرِيعَةً إِلَى الْمَعْصِيَةِ

وَ مِنْهُمْ مَنْ أَبْعَدَهُ عَنْ طَلَبِ الْمُلْكِ ضُئُولَةُ نَفْسِهِ

وَ انْقِطَاعُ سَبَبِهِ فَقَصَرَتْهُ الْحَالُ عَلَى حَالِهِ

فَتَحَلَّى بِاسْمِ الْقَنَاعَةِ

وَ تَزَيَّنَ بِلِبَاسِ أَهْلِ الزَّهَادَةِ

وَ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فِي مَرَاحٍ وَ لَا مَغْدًى

الراغبون في اللّه‏

وَ بَقِيَ رِجَالٌ غَضَّ أَبْصَارَهُمْ ذِكْرُ الْمَرْجِعِ

وَ أَرَاقَ دُمُوعَهُمْ خَوْفُ الْمَحْشَرِ

فَهُمْ بَيْنَ شَرِيدٍ نَادٍّ

وَ خَائِفٍ مَقْمُوعٍ

وَ سَاكِتٍ مَكْعُومٍ

وَ دَاعٍ مُخْلِصٍ

وَ ثَكْلَانَ مُوجَعٍ

قَدْ أَخْمَلَتْهُمُ التَّقِيَّةُ

وَ شَمِلَتْهُمُ الذِّلَّةُ

فَهُمْ فِي بَحْرٍ أُجَاجٍ

أَفْوَاهُهُمْ ضَامِزَةٌ

وَ قُلُوبُهُمْ قَرِحَةٌ

قَدْ وَعَظُوا حَتَّى مَلُّوا

وَ قُهِرُوا حَتَّى ذَلُّوا

وَ قُتِلُوا حَتَّى قَلُّوا

 

التزهيد في الدنيا

فَلْتَكُنِ الدُّنْيَا فِي أَعْيُنِكُمْ أَصْغَرَ مِنْ حُثَالَةِ الْقَرَظِ

وَ قُرَاضَةِ الْجَلَمِ

وَ اتَّعِظُوا بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ قَبْلَ أَنْ يَتَّعِظَ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ

وَ ارْفُضُوهَا ذَمِيمَةً

فَإِنَّهَا قَدْ رَفَضَتْ مَنْ كَانَ أَشْغَفَ بِهَا مِنْكُمْ

قال الشريف رضي الله عنه أقول و هذه الخطبة ربما نسبها من لا علم له إلى معاوية

و هي من كلام أمير المؤمنين ( عليه‏السلام  ) الذي لا يشك فيه

و أين الذهب من الرغام

و أين العذب من الأجاج

و قد دل على ذلك الدليل الخريت

و نقده الناقد البصير عمرو بن بحر الجاحظ

فإنه ذكر هذه الخطبة في كتاب البيان و التبيين

و ذكر من نسبها إلى معاوية

ثم تكلم من بعدها بكلام في معناها

جملته أنه قال و هذا الكلام بكلام علي ( عليه ‏السلام  ) أشبه و بمذهبه في تصنيف الناس و في الإخبار عما هم عليه من القهر و الإذلال و من التقية و الخوف أليق

قال و متى وجدنا معاوية في حال من الأحوال يسلك في كلامه مسلك الزهاد و مذاهب العباد

 شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج4  

و من خطبة له عليه السلام

و هى الثانية و الثلاثون من المختار في باب الخطب و رواها المحدّث العلامة المجلسي (ره) في البحار من كتاب مطالب السؤول لمحمد بن طلحة، قال قال عليه السّلام يوما في مسجد الكوفة و عنده وجوه النّاس: أيّها النّاس إنّا قد أصبحنا في دهر عنود، و زمن شديد (كنود خ)، يعدّ فيه المحسن مسيئا، و يزداد الظّالم فيه عتوّا، لا ننتفع بما علمنا، و لا نسئل عمّا جهلنا، و لا نتخوّف قارعة حتّى تحلّ بنا، فالنّاس على أربعة أصناف: منهم من لا يمنعه الفساد في الأرض إلّا مهانة نفسه، و كلالة حدّه، او نضيض و فره. و منهم المصلت بسيفه، و المعلن بشرّه، و المجلب بخيله و رجله، قد أشرط نفسه و أوبق دينه، لحطام ينتهزه، أو مقنب يقوده، أو منبر يفرعه، و لبئس المتجر أن ترى الدّنيا لنفسك ثمنا، و ممّا لك عند اللّه عوضا. و منهم من يطلب الدّنيا بعمل الآخرة و لا يطلب الآخرة بعمل الدّنيا، قد طامن بشخصه، و قارب من خطوه، و شمّر من ثوبه، و زخرف من نفسه للأمانة، و اتّخذ ستر اللّه ذريعة إلى المعصية.

 

و منهم من أقعده عن طلب الملك ضئولة نفسه، و انقطاع سببه فقصّرته الحال على حاله، فتحلّى باسم القناعة، و تزيّن بلباس أهل الزّهادة، و ليس من ذلك في مراح و لا مغدى. و بقى رجال غضّ أبصارهم ذكر المرجع، و أراق دموعهم خوف المحشر، فهم بين شريد نادّ، و خائف مقموع، و ساكت مكعوم، وداع مخلص، و ثكلان موجع، قد أخملتهم التّقيّة، و شملتهم الذّلّة، فهم في بحر أجاج، أفواهم ضامزة، و قلوبهم قرحة، قد و عظوا حتّى ملّوا، و قهروا حتّى ذلّوا، و قتلوا حتّى قلّوا، فلتكن الدّنيا في أعينكم أصغر من حثالة القرظ، و قراضة الجلم، و اتّعظوا بمن كان قبلكم قبل أن يتّعظ بكم من بعدكم، و ارفضوها ذميمة، فإنّها قد رفضت من كان أشعف بها منكم. قال السّيد (ره) أقول هذه الخطبة ربّما نسبها من لا علم لها إلى معاوية و هي من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام الذى لا شك فيه، و أين الذّهب من الرّغام و العذب من الاجاج، و قد دلّ على ذلك الدّليل الخرّيت و نقده النّاقد البصير: عمرو بن بحر الجاحظ، فانّه ذكر هذه الخطبة في كتاب البيان و التّبيين، و ذكر من نسبها إلى معاوية، ثمّ قال: هي بكلام عليّ عليه السّلام أشبه و بمذهبه في تصنيف النّاس و في الاخبار عمّا هم عليه من القهر و الاذلال و من التقية و الخوف أليق، قال: و متى وجدنا معاوية في حال من الأحوال سلك في كلامه مسلك الزّهاد و مذاهب العبّاد.

 

اللغة

(عنود) على وزن صبور من عند القصد عنودا من باب قعد مال، و في بعض النسخ بدل الشديد (الكنود) و هو ككفور لفظا و معنى قال سبحانه: «إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ» قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في تفسيره: الكنود الذى يأكل وحده و يمنع رفده و يضرب عبده (و العتوّ) مصدر من عتا الرّجل يعتو من باب قعد إذا استكبر و تجاوز عن الحدّ (و القارعة) الدّاهية و (مهانة) النّفس بالفتح ذلّها و (كلّ) السّيف كلّا و كلالة لم يقطع و (نضيض و فره) اى قلّة ماله من نضّ الماء نضّا و نضيضا سال قليلا قليلا و خرج رشحا.

و (المصلت) من أصلت سيفه إذا جرّده عن غمده و (المجلب) اسم فاعل من أجلب عليهم اى أعال عليهم و (الرّجل) جمع راجل كالركب و راكب قال سبحانه: «وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ» و (اشرط) نفسه أعدّها للفساد في الارض و (حطام) الدنيا متاعها و أصله ما تكسر من اليبس و (الانتهاز) بالزاء المعجمه الاغتنام و (المقنب) بالكسر ما بين الثلاثين و الأربعين من الخيل و (يفرعه) يعلوه و (طامن) ظهره حناه و خفضه و (شمر) ثوبه قصّره و رفعه و (زخرف) نفسه زيّنها و (ضئولة) النّفس بفتح الضّاد حقارتها و (المراح) بضمّ الميم حيث تاوى الماشية بالليل و المناخ و المأوى مثله.

و في بعض النسخ بفتح الميم و هو الموضع الذي يروح منه القوم أو يرجعون اليه يقال ما ترك فلان من ابيه مغدى و لا مراحا و مغداة و لا مراحة و (الشريد) من شرد البعير اذا نفر و (الناد) المنفرد و (المقموع) المغلوب و (كعم) البعير من باب منع فهو مكعوم و كعيم شدّ فاه لئلا يأكل أو يقضّ، و منه الكعام، و هو ما يجعل في فم البعير عند الهياج.

و (الضامزة) بالزاء المعجمة الساكنة و (القرظ) محرّكة ورق السّلم يدبغ به و (الجلم) بالتحريك أيضا المقصّ يجزّبه أو بارا لابل، و قراضته ما يقع من قرضه و قطعه و (الرّغام) تراب لين او رمل مختلط بتراب و (الخريت) بالكسر و تشديد الرّاء الدّليل الحاذق و (صنّف) النّاس تصنيفا جعلهم صنفا صنفا.

 

الاعراب

نسبة العنود و الكنود إلى الدّهر من باب التّوسع، و اضافة النّضيض إلى الموفر من باب اضافة الصّفة إلى الموصوف، و الباء في بسيفه و بشره و بخيله زايدة، و لبئس المتجر بئس فعل ذمّ و المتجر فاعله، و ان ترى الدّنيا مؤل بالمصدر مخصوص بالذمّ و هو في محلّ الرّفع على كونه مبتداء و بئس فاعله خبر اله أو على أنه خبر حذف مبتدؤه، و قوله بعمل الدنيا الباء للآلة، و من في قوله من شخصه للزّيادة كالثلاث بعدها، لأنّ الافعال الأربعة متعدّية بنفسها.

المعنى

اعلم أنّ الزّمان لما كان من الاسباب المعدّة لحصول ما يحصل في عالم الكون و الفساد من الشّرور و الخيرات صحّ بذلك توصيف بعض الازمنة بالخير فيقال: زمان خير و زمان عدل لكثرة ما يكون فيه بشهادة الاستقراء من الخير و انتظام حال الخلق و مواظبتهم على القوانين الشّرعية و السّنن النبوية، و توصيف بعضها بالشرّ فيقال زمان جائر و زمان صعب شديد لكثرة ما يقع فيه من الشرور و المفاسد و عدم انتظام أمر الخلق فيه من حيث المعاش أو المعاد، إذا عرفت ذلك فأقول: قوله عليه السّلام: (أيّها النّاس انا قد أصبحنا في دهر عنود و زمن شديد) ذمّ لزمانه عليه السّلام بالجور و العدوان و الشّدة و الكفران من حيث غلبة الضّلال و دولة الجهّال و اضمحلال الحق و استيلاء الباطل و رجوع أغلب النّاس بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى أعقابهم القهقرى و ارتدادهم عن الامام الحق و اقتدائهم بالامام الباطل، و عدم تمكنه عليه السّلام من اقامة المعروف و إزاحة المنكر و من ذلك نشأ الشّرور و المفاسد التي عدوها و هي امور.

الاول انّه (يعدّ فيه المحسن مسيئا) و ذلك لغلبة الاساءة من حيث كثرة المسيئين و قلّة الاحسان لقلّة المحسنين، فيعدّ المسي‏ء إحسان المحسن إساءة كما أنّه يعدّ إساءة نفسه إحسانا، لكون السّنة في نظره بدعة و البدعة سنّة، أو أنّه يحمل احسان المحسن على الاسائة كحمله عبادته على الرّياء و السّمعة، و انفاقه‏ على الخوف او الرّغبة في المجازاة و نحو ذلك من الامور الناشئة من سوء الظنّ من أجل تنزيله حال الغير منزلة نفسه.

(و) الثاني انّه (يزداد الظالم فيه عتوا) و ذلك لقيام المقتضى لظلمه و عدم رادع له عن ذلك فيزداد فيه شيئا فشيئا و حينا فحينا.

بيان ذلك أنّ المقتضى لظلم الظالم هو نفسه الأمارة بالسّوء، فلو كانت في زمان العدل تكون مقهورة تحت حكم الحاكم العادل غير متمكّنة من القيام و الاقدام على الظلم و الجور، و لما لم يتمكّن عليه السّلام في زمانه من قمع الباطل حقّ التّمكن، لا جرم ازداد الظالم فيه على ظلمه و بلغ الغاية في استكباره و عتوّه باقتضاء دواعي نفسه.

و الثالث انّه (لا ننتفع بما علمنا) و الاتيان بصيغة المتكلّم من قبيل ايّاك أعنى و اسمعي يا جارة، و المقصود به توبيخ العالمين لتقصيرهم عن القيام بوظايف العلم إذ الانتفاع بالعلم إنّما يكون إذا وافقه العمل، لأنّ العلم و العمل كالرّوح و الجسد يتصاحبان و يتكاملان معا و كلّ مرتبة من العلم يقتضي عملا معينا بحسبه و كلّ عمل يتهيأ به لضرب من العلم.

و إلى ذلك أشار في رواية الكافي عن اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: العلم مقرون إلى العمل فمن علم عمل، و من عمل علم، و العلم يهتف بالعمل فان أجابه و الّا ارتحل عنه: فان المراد بهتفه للعمل هو اقتضاؤه العمل و استدعاؤه له و من ارتحاله عدم الانتفاع به أو زواله بالمرّة.

و فيه عن عليّ بن هاشم بن البريد عن أبيه قال: جاء رجل إلى عليّ بن الحسين عليه السّلام فسأله عن مسائل فأجاب ثم عاد ليسأل عن مثلها فقال عليّ بن الحسين عليه السّلام: مكتوب في الانجيل لا تطلبوا علم ما لا تعلمون و لما تعملوا بما علمتم، فانّ العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلّا كفرا، و لم يزدد من اللّه إلّا بعدا.

(و) الرابع انّه (لا نسأل عمّا جهلنا) و هو توبيخ للجاهلين المقصّرين في‏طلب العلم و سؤال العلماء لعدم معرفتهم فضل العلم و عدم رغبتهم في العمل و لذلك قال الصادق عليه السّلام لحمران بن أعين في شي‏ء سأله إنّما هلك النّاس لأنّهم لا يسألون رواه في الكافي.

و فيه أيضا عن عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى عن يونس عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: افّ لرجل لا يفرغ نفسه في كلّ جمعة لأمر دينه فيتعاهده و يسأل عن دينه.

و عن الحسين بن محمّد عن عليّ بن محمّد بن سعد رفعه عن أبى حمزة عن عليّ ابن الحسين عليهما السّلام قال: لو يعلم النّاس ما في طلب العلم لطلبوه و لو بسفك المهج و خوض اللّجج إنّ اللّه تعالى أوحى إلى دانيال انّ أمقت عبيدى إلىّ الجاهل المستخفّ بحقّ أهل العلم التّارك للاقتداء بهم، و انّ أحبّ عبيدي إلىّ التّقىّ الطالب للثواب الجزيل اللّازم للعلماء التّابع للحكماء القايل عن الحكماء.

(و) الخامس انّه (لا نتخوف قارعة) و داهية (حتّى تحلّ بنا) و هو توبيخ للغافلين و المشغولين بلذايذ الدّنيا الحاضرة الغير الملتفتين إلى البليات و الدّواهي النّازلة.

ثمّ إنّه عليه السّلام بعد شكايته من زمانه قسّم أهل الزّمان إلى أقسام خمسة، و وجه القسمة أنّ النّاس إمّا مريدون للآخرة و هم الذين أفردهم بالذّكر في مقابل الأقسام الاربعة و أشار إليهم بقوله و بقى رجال غضّ أبصارهم (إلخ) و إمّا مريدون للدنيا و هؤلاء إمّا قادرون عليها بالسّلطنة و الاستيلاء، و إمّا عاجزون عنها، و هؤلاء إمّا غير محتالين للدّنيا، أو محتالون لها، و المحتالون إمّا مقصودهم من الاحتيال هو خصوص ملك الدّنيا و مالها، أو الأعمّ من ذلك فهذه أقسام خمسة أربعة منهم أهل الدّنيا و واحد أهل الآخرة.

و أشار إلى الأوّلين بقوله (فالنّاس على أربعة أصناف) الأول (منهم) العاجز عن الدّنيا غير المحتال لها و هو (من لا يمنعه) من العلوّ و (الفساد في الأرض إلّا مهانة نفسه) و حقارتها (و كلالة حدّ) سيف (ه) و وقوعه عن القطع و عدم الحقيقةللمنظور إليه (و نضيض و فره) اى قلّة ماله، و هذه كلّها إشارة إلى عدم تمكن هذا الرّجل من الوصول إلى مطلوبه و عدم قدرته على تحصيل مقصوده لانقطاع الاسباب دونه مضافا إلى ضعف نفسه.

(و) الثّاني (منهم) القادر على الدّنيا بالسّلطنة و الاستيلاء و هو (المصلت بسيفه) الشّاهر له (و المعلن بشره و المجلب بخيله و رجله) و هو كناية عن جمعه أسباب الظلم و الغلبة و الاستعلاء (قد اشرط نفسه) و اهلها للفساد في الأرض (و اوبق دينه لحطام ينتهزه) و يغتنمه، و تشبيه مال الدّنيا بالحطام لكونه قليل النّفع بالنّسبة إلى الأعمال الصالحة الباقي نفعها في الآخرة، كما أنّ اليبس من النّبات قليل المنفعة بالقياس إلى ما تبقى خضرته (او مقنب) اى خيل (يقوده او منبر يفرعه) و يعلوه.

و هذه الأوصاف المذكورة لهذا القسم مطابق المصداق مع خلفاء بني اميّة و بني العباس لعنهم اللّه و أشار إلى خسران هؤلاء في أفعالهم بقوله: (و ليئس المتجر أن ترى الدّنيا لنفسك ثمنا و ممّا لك عند اللّه عوضا) كما قال تعالى: «مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً، وَ مَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَ سَعى‏ لَها سَعْيَها وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً».

(و) الثّالث (منهم) العاجز عن الوصول إلى الدّنيا المحتال لها بالسّمعة و الرّياء و يرائي بالزّيّ و الهيئة و هو (من يطلب الدّنيا بعمل الآخرة) لكون همّه فيها (و لا يطلب الآخرة بعمل الدّنيا) لعدم رغبته إليها أصلا، و المراد بعمل الدّنيا ما يفعله المكلف فيها أو ما يصير بانضمام القربة و التّوصل إلى الطاعة طاعة (قد طامن من شخصه) اظهارا للتّواضع (و قارب من خطوه) اظهارا للوقار (و شمّر من ثوبه) اظهارا للطهارة و التنزه من النّجاسة (و زخرف من نفسه) اي زيّنها للنّاس بزينة الصّلحاء و الاتقياء.

 

و مقصوده من ذلك كلّه أن يفتتن به النّاس و يرغب إليه قلوبهم و يعظم قدره عندهم و يروه أهلا (للأمانة) و يسكنوا إليه في أماناتهم و يثقوا به في اموراتهم، فويل لهذا الرّجل تحبّب إلى العباد بالتّبغض إلى اللّه و تزيّن لهم بالشّين عند اللّه و تحمّد إليهم بالتذمّم عند اللّه (و اتّخذ ستر اللّه) الذي حمى به أهل التّقوى أن يردوا موارد الهلكة (ذريعة إلى المعصية) و وسيلة إلى ما اتيه من الدّنيا الفانية.

قال في البحار: قال الكيدرى: في كتاب المضاف و المنسوب ستر اللّه الاسلام و الشيب و الكعبة و ضماير صدور الناس يعنى جعل ظاهر الاسلام و ما يجنّه صدره بحيث لا يطلع عليه مخلوق وسيلة و طريقا إلى معصية اللّه.

و أقول: يحتمل أن يكون المراد أنّه اتخذ ستر اللّه على عيوبه حيث لم يفضحه و لم يطلع الناس على بواطنه ذريعة إلى أن يخدع النّاس.

(و) الرّابع (منهم) العاجز المحتال الذي رغبته في الملك و المال و هو (من أقعده) في بيته (عن طلب الملك ضئولة نفسه) و حقارتها (و انقطاع سببه) من عدم البضاعة و نحوها من الاسباب المحصلة لمطلوبه، (ف) لأجل ذلك (قصرته الحال على حاله) اى وقفت به حال القدر على حاله التي لم يبلغ معها ما أراد و قصرته عليها، (ف) لذلك عدل إلى الحيلة الجاذبة لرغبات الخلق إليه (قتحلّى باسم القناعة و تزيّن بلباس أهل الزّهادة) و قام بالطاعات و واظب على العبادات (و) الحال انّه (ليس من ذلك) اى من القناعة و الزهد (في مراح و لا مغدى).

يعنى إنّه ليس منهما في شي‏ء و إنّما اتّصافه بهما ظاهريّ و صوريّ لا حقيقيّ و واقعيّ، و يحتمل أن يكون الاشارة بذلك إلى أهل الزّهادة و يكون المعنى أنّه ليس يومه كيومهم في الصّوم و غيره، و لا ليله كليلهم في العبادات هذا.

و لما فرغ من أصناف أهل الدّنيا الأربعة و أوصافها أشار إلى أهل الآخرة المقابل لهم بقوله: (و بقى رجال) و ميّزهم بأوصاف مخصوصة بهم متميّزين بها عن غيرهم و هى انّه (قد غض أبصارهم ذكر المرجع) عن النظر إلى محارم اللّه أو عن الالتفات إلى مطلق ما سوى اللّه.

و ذلك لانّ القلب إذا كان مشغولا بذكر اللّه مستغرقا في شهود جمال الحقّ‏و ملاحظة جلاله عارفا بأنّ المسير و المنقلب إليه سبحانه، يكون الحسّ تابعا له لا محالة لكونه رئيس الأعضاء و الحواسّ، فلا يكون له حينئذ التفات إلى الغير و توجه من طريقه إلى أمر آخر (و أراق دموعهم خوف المحشر) و هول المطلع فانّ بين الجنّة و النّار عقبة لا يجوزها إلّا البكاءون من خشية اللّه كما رواه في عدّة الدّاعي و فيه أيضا عن الصادق عليه السّلام كلّ عين باكية يوم القيامة إلّا ثلاث عيون: عين غضّت عن محارم اللّه، و عين سهرت في طاعة اللّه، و عين بكت في جوف الليل من خشية اللّه.

و عنه عليه السّلام ما من شي‏ء إلّا و له كيل أو وزن إلّا الدّموع فانّ القطرة يطفي بحارا من النّار، فاذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق«» قتر و لا ذلّة، فاذا فاضت حرّمه اللّه على النّار و لو أنّ باكيابكى في امّة لرحموا.

و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذا أحبّ اللّه عبدا نصب في قلبه نائحة من الحزن فانّ اللّه يحبّ كلّ قلب حزين و أنّه لا يدخل النّار من بكى من خشية اللّه تعالى حتّى يعود اللّبن إلى الضّرع، و أنّه لا يجتمع غبار في سبيل اللّه و دخان جهنّم في منخري مؤمن أبدا و إذا أبغض اللّه عبدا جعل قلبه مزارا «مزمارا» من الضّحك و إنّ الضّحك يميت القلب و اللّه لا يحبّ الفرحين.

و كيف كان (فهم بين شريد نادّ) أى نافر عن الخلق و منفرد عنهم و متوّحش منهم إمّا لكثرة أذى الظالمين في الأوطان، لانكاره المنكر أو لقلّة صبره على مشاهدة المنكرات (و خائف مقموع و ساكت مكعوم) كان التّقية سدّت فاه من الكلام (وداع مخلص) للّه في دعائه (و ثكلان موجع) إمّا لمصابه في الدّين أو من كثرة أذى الظالمين.

و في البحار و لعلّ المعنى أنّ بعضهم ترك الأوطان أو مجامع النّاس لما ذكر، و بعضهم لم يترك ذلك و ينكر منكرا، ثمّ يخاف ممّا يجرى عليه بعد ذلك و منهم من هو بينهم و لا ينهاهم تقيّة و معرض عنهم و مشتغل بالدّعاء، و منهم من هوبينهم بالضّرورة و يرى أعمالهم و لا يؤثر نهيه فيهم فهو كالثّكلان الموجع (قد أخملتهم التّقيه) من الظالمين (و شملتهم الذّلة) بسبب التّقية منهم (فهم في بحر اجاج).

يعنى أنّ حالهم في الدّنيا كحال العطشان في البحر الاجاج يريد عدم انتفاعهم بها و عدم استمتاعهم فيها كما لا يستغنى ذو العطاش بالماء المالح (أفواههم ضامزة) اى ساكتة و ساكنة من الكلام (و قلوبهم قرحة) من خشية الرّب تعالى أو لكثرة مشاهدة المنكرات مع عدم التمكن من دفعها و رفعها (قد وعظوا حتّى ملّوا) من الوعظ لعدم التفات الخلق اليهم و عدم تأثير موعظتهم فيهم.

(و قهروا حتّى ذلّوا) بين النّاس (و قتلوا حتّى قلّوا) نسبة القتل إلى الجميع مع بقاء البعض من باب اسناد حكم البعض إلى الكلّ، و هو شايع يقال: بنو فلان قتلوا فلانا، و إنّما قتله بعضهم و إذا كان حال كرام النّاس الزّاهدين في الدّنيا ذلك (فلتكن) لكم بهم أسوة حسنة و لتكن (الدّنيا) الدّنية (في أعينكم اصغر) و احقر (من حثالة القرظ و قراضة الجلم) و هو أمر للسّامعين باستصغار الدّنيا و استحقارها إلى حدّ لا يكون في نظرهم أحقر منها، و الغرض من ذلك تركهم لها و اعراضهم عنها.

قيل: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مرّ على سخلة منبوذة على ظهر الطريق فقال صلّى اللّه عليه و آله اترون هذه هينة على أهلها فو اللّه الدّنيا أهون على اللّه من هذه على أهلها، ثمّ قال: الدّنيا دار من لا دار له، و مال من لا مال له، و لها يجمع من لا عقل له، و شهواتها يطلب من لا فهم له، و عليها يعادى من لا علم له، و عليها يحسد من لا فقه له، و لها يسعى من لا يقين له.

(و اتّعظوا بمن كان قبلكم قبل أن يتّعظ بكم من بعدكم) و هو أمر بالاتّعاظ بالامم السّالفة و تنبيه على أنّهم مفارقون للدّنيا لا محالة و كاينون عبرة لغيرهم، كما أنّ السّابقين عليهم صاروا عبرة لهم (و ارفضوها ذميمة) أى فارقوا عنها و اتركوها حال كونها مذمومة عند العقلا و أولى البصيرة.

و ذلك لزوال نعيمها و فناء سرورها و نفاد صحبتها و انقطاع لذّتها (فانّها)لو دام سرورها و بهجتها لأحد لدامت في حقّ أحبّ الخلق إليها مع أنّها لم تدم في حقّهم بل (قد رفضت من كان أشعف بها منكم) و تركت من كان أشدّ حرصا إليها، و إذا كان طباعها رفض كلّ محبّ فالأولى للعاقل رفضه لها قبل رفضها له.

روى انّ عيسى عليه السّلام كوشف بالدّنيا فرآها في صورة عجوزة هتماء عليها من كلّ زينة فقال لها كم تزوّجت قال: لا احصيهم، قال: فكلّهم مات عنك أو طلّقوك قال: بل كلّهم قتلت قال عيسى عليه السّلام: بؤسا لأزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بأزواجك الماضين، كيف أهلكتهم واحدا واحدا و لا يكونون منك على حذر، و لنعم ما قيل:

  يا طالب الدّنيا يغرّك وجهها
و لتندمنّ إذا رأيت قفاها

 الترجمة

از جمله خطب آن حضرتست كه شكايت ميكند در آن از اهل زمان خود و مى‏ فرمايد: اى مردمان بدرستى كه ما صباح كرده‏ايم در روزگار بسيار ستيزه كننده و ستمكار و در زمان بسيار ناسپاس در نعمت آفريدكار كه شمرده مى‏شود در او نيكو كار بد كردار و زياده مى‏ كند در آن ستمكار سركشى و افتخار را و منتفع نمى‏ شويم به آنچه دانسته‏ ايم، و سؤال نمى ‏كنيم از آنچه ندانسته ‏ايم و نمى‏ ترسيم از بلاهاى خطرناك كه كوبنده دلهاست تا اين كه نازل شود آن بلاها بما.

پس مردمان دنيا چهار صنفند: يكى از ايشان كسى است كه باز نمى‏ دارد او را از فتنه و فساد مگر رذالت و خارى نفس او و كند بودن تيزى شمشير او و كمى مال و ثروت او.

دوّمى از ايشان كسيست كه كشنده است شمشير خود را و آشكار كننده است شرّ خود را و كشنده است سواره و پياده خود را، يعنى اسباب سلطنت و ظلم در حق او مهياست بتحقيق اين مرد مهيا نموده از براى شرارت نفس خود را و تباه ساخته دين خود را از براى متاع دنيا كه غنيمت مى‏ شمارد آنرا يا از براى سوارانى كه‏ از براى نفس خودت ثمن و بها و از آنچه مر تو راست در نزد خداى تعالى از نعم آن سرا عوض و سزا.

و سيّمى از ايشان كسى است كه طلب كند دنيا را بعمل آخرت و طلب نمى كند آخرت را بعمل دنيا، بتحقيق كه اين شخص پست كرد تن خود را بجهت اظهار تواضع، و نزديك نهاد كام خود را بجهت اظهار وقار و برچيد دامن جامه خود را بجهت اظهار احتياط از نجاست، و زينت داد نفس خود را براى امانت و ديانت، و فرا گرفته طريقه خدا را وسيله رفتن بسوى معصيت.

و چهارمى از ايشان كسى است كه نشانده او را از طلب ملك و مال حقارت نفس او و بريده شدن علاج او، پس كوتاه ساخته او را حال تنكى او بر حالتى كه اراده نموده از رفعت و مرتبت پس آراسته است خود را باسم قناعت و پيراسته بلباس اهل زهد و طاعت، و حال آنكه نيست از اهل قناعت و زهد نه در محل شب و نه در محل روز يعنى در هيچ وقت در سلك زاهدان حقيقى نيست بلكه زهد و قناعت او صورى و ظاهريست.

و باقيماند مردمانى كه اهل آخرت هستند كه پوشانيد چشمهاى ايشان را از محارم يا از مطلق ما سوى اللّه ياد كردن بازگشت او نزد خداوند سبحانه و ريخت اشكهاى ايشان را ترس روز محشر پس آنها ميان رميده هستند و مطرود شده و ترسنده و مقهور گرديده و خاموش شونده و ممنوع از كلام و دعا كننده با اخلاص و فرياد كننده و رنجور شده.

بتحقيق كه افكنده است ايشان را بگوشه خمول تقيه و پرهيزكارى و شامل شده ايشان را ذلت و خارى، دهنهاى ايشان خاموش است از سخن، و قلبهاى ايشان مجروحست از خشية خداوند ذو المنن، بتحقيق كه موعظه فرمودند تا اين كه ملول شدند، و مقهور گشتند تا اين كه ذليل گرديدند، و كشته شدند تا اين كه اندك ماندند.

 

چون حال روزگار غدار در حق اين طايفه عاليمقدار بر اين منوالست، پس بايد كه باشد دنياى فانى در نظر شما خارتر از دردى برك سلم كه بآن دباغى مى‏كنند و از ريزهاى پشم بزكه از مقراض مى‏افتد، و نصيحت بپذيريد با كسانى كه بودند پيش از شما پيش از آنكه پند گيرند با شما آن كسانيكه مى‏ آيند بعد از شما و بگذاريد و ترك نمائيد متاع دنيا را در حالتى كه مذموم است و معيوب نزد اهل دانش و بينش، پس بتحقيق كه ترك كرده است دنيا كسى را كه حريص‏تر بود و مايل‏تر بآن از شما.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

Show More

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

Back to top button
-+=