خطبه 25 صبحی صالح
25- و من خطبة له ( عليه السلام ) و قد تواترت عليه الأخبار باستيلاء أصحاب معاوية على البلاد
و قدم عليه عاملاه على اليمن
و هما عبيد الله بن عباس و سعيد بن نمران لما غلب عليهما بسر بن أبي أرطاة
فقام ( عليهالسلام ) على المنبر ضجرا بتثاقل أصحابه عن الجهاد
و مخالفتهم له في الرأي
فقال
مَا هِيَ إِلَّا الْكُوفَةُ أَقْبِضُهَا وَ أَبْسُطُهَا
إِنْ لَمْ تَكُونِي إِلَّا أَنْتِ تَهُبُّ أَعَاصِيرُكِ فَقَبَّحَكِ اللَّهُوَ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ
لَعَمْرُ أَبِيكَ الْخَيْرِ يَا عَمْرُو إِنَّنِي عَلَى وَضَرٍ مِنْ ذَا الْإِنَاءِ قَلِيلِ
ثُمَّ قَالَ ( عليه السلام )أُنْبِئْتُ بُسْراً قَدِ اطَّلَعَ الْيَمَنَ
وَ إِنِّي وَ اللَّهِ لَأَظُنُّ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ سَيُدَالُونَ مِنْكُمْ
بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ
وَ تَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ
وَ بِمَعْصِيَتِكُمْ إِمَامَكُمْ فِي الْحَقِّ
وَ طَاعَتِهِمْ إِمَامَهُمْ فِي الْبَاطِلِ
وَ بِأَدَائِهِمُ الْأَمَانَةَ إِلَى صَاحِبِهِمْ وَ خِيَانَتِكُمْ
وَ بِصَلَاحِهِمْ فِي بِلَادِهِمْ وَ فَسَادِكُمْ
فَلَوِ ائْتَمَنْتُ أَحَدَكُمْ عَلَى قَعْبٍ
لَخَشِيتُ أَنْ يَذْهَبَ بِعِلَاقَتِهِ
اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ مَلِلْتُهُمْ وَ مَلُّونِي
وَ سَئِمْتُهُمْ وَ سَئِمُونِي
فَأَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْراً مِنْهُمْ
وَ أَبْدِلْهُمْ بِي شَرّاً مِنِّي
اللَّهُمَّ مِثْ قُلُوبَهُمْ كَمَا يُمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ
أَمَا وَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بِكُمْ أَلْفَ فَارِسٍ مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ
هُنَالِكَ لَوْ دَعَوْتَ أَتَاكَ مِنْهُمْ فَوَارِسُ مِثْلُ أَرْمِيَةِ الْحَمِيمِ
ثُمَّ نَزَلَ ( عليه السلام )مِنَ الْمِنْبَرِ
قال السيد الشريف أقول الأرمية جمع رميّ و هو السحاب
و الحميم هاهنا وقت الصيف
و إنما خص الشاعر سحاب الصيف بالذكر
لأنه أشد جفولا و أسرع خفوفا لأنه لا ماء فيه
و إنما يكون السحاب ثقيل السير لامتلائه بالماء
و ذلك لا يكون في الأكثر إلا زمان الشتاء
و إنما أراد الشاعر وصفهم بالسرعة إذا دعوا و الإغاثة إذا استغيثوا
و الدليل على ذلك قوله
هنالك لو دعوت أتاك منهم.
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج3
و من خطبة له عليه السّلام و هى الخامسة و العشرون من المختار في باب الخطب
و هي من أواخر خطبة خطب بها بعد فراغه من صفّين و انقضاء أمر الحكمين و الخوارج، و قد تواترت عليه الأخبار باستيلاء أصحاب معاوية على البلاد و قدم عليه عاملاه على اليمن و هما عبيد اللّه بن العبّاس و سعيد بن نمران لما غلب عليهما بسر بن أرطاةفقام عليه السّلام إلى المنبر ضجرا بتثاقل أصحابه عن الجهاد و مخالفتهم له في الرّأى فقال عليه السّلام: ما هي إلّا الكوفة أقبضها و أبسطها إن لم تكوني إلّا أنت تهبّ أعاصيرك فقبّحك اللّه ثمّ تمّثّل بقول الشّاعر:
لعمر أبيك الخير يا عمرو إنّني على و ضر من ذا الإناء قليل
ثمّ قال: أنبئت بسرا قد اطّلع على اليمن و إنّي و اللّه لأظنّ هؤلاء القوم سيدالون منكم باجتماعهم على باطلهم، و تفرّقكم عن حقّكم، و بمعصيتكم إمامكم في الحقّ، و طاعتهم إمامهم في الباطل، و بأدائهم الأمانة إلى صاحبهم، و خيانتكم صاحبكم، و بصلاحهم في بلادهم، و فسادكم، فلو ائتمنت أحدكم على قعب لخشيت أن يذهب بعلاقته، أللّهمّ إنّي قد مللتهم و ملّوني، و سئمتهم و سئموني فأبدلني بهم خيرا منهم، و أبدلهم بي شرّا منّي، أللّهمّ مث قلوبهم كما يماث الملح في الماء أما و اللّه لوددت أنّ لي بكم ألف فارس من بني فراس بن غنم:
هنا لك لو دعوت أتاك منهم فوارس مثل أرمية الحميم
ثمّ نزل عليه السّلام من المنبر
قال السّيد: الارمية جمع رمى و هو السّحاب، و الحميم في هذا الموضع وقت الصّيف و إنّما خصّ الشّاعر سحاب الصّيف بالذّكر لأنّه أشدّ جفولا و أسرع خفوقا، لأنّه لا ماء فيه، و ذلك لا يكون في الأكثر إلّا في الشّتاء و أراد الشاعر وصفهم بالسّرعة إذا دعوا و الاغاثة إذا استغيثوا.
اللغة
(قبض) من باب ضرب و (بسط) من باب نصر و (هبّت) الرّيح من باب نصر هاجت و (الأعاصير) جمع إعصار و هي الرّيح المستديرة على نفسها قال تعالى «فأصابها إعصار فيه نار» و (الوضر) بقيّة الاسم «الدسم ظ» في الاناء و يستعار لكلّ بقيّة من شيء يقلّ الانتفاع بها و (اطلع) فلان علينا إذا ظهر و (أدالنا) اللّه من عدوّنا اى جعل الدّولة و الغلبة لنا عليهم و (القعب) قدح من خشب مقعّر و (علاقته) ما يتعلّق به عليه و (ماث) زيد الملح في الماء إذا أذابه، و بنو فراس بن غنم بفتح الغين و سكون النّون حىّ معروف بالشّجاعة من بني كنانة و هم بنو فراس بن غنم بن ثعلبة ابن مالك بن كنانة و (الجفول) في كلام الرّضيّ الاسراع و (الخفوق) الطيران
الاعراب
كلمة ما نافية و هى مبتدأ و إلّا الكوفة خبر، و أقبضها خبر ثان أو خبر لمبتدأ محذوف أى أنا أقبضها، و المرجع لكلمة هي هو المملكة نزل حضورها في ذهنه عليه السّلام منزلة الذّكر السّابق أى ما مملكتى إلّا الكوفة، و يحتمل أن يكون هي ضمير شأن و الكوفة مبتدأ و أقبضها خبرا عنه و نظيره في احتمال الضّمير للأمرين قوله: «كلّا إنّها لظى».
و قوله: إن لم تكوني إلّا أنت كلمة أنت تأكيد للضمير المستتر و هو اسم تكون و الخبر محذوف، و جملة تهبّ أعاصيرك في موضع الحال، و تقدير الكلام إن لم تكوني إلّا أنت عدّة لي و جنّة اتّقى بها العدوّ و حظّا من الملك و الخلافة مع ما عليه حالك من المذام فقبحا لك، و يمكن أن يقدّم المستثنى منه حالا أى إن لمتكوني على حال إلّا أن تهبّ فيك الأعاصير دون أن يكون فيك من يستعان به على العدوّ فقبّحك اللّه، و الخير بالجرّ صفة لابيك، و قليل صفة لو ضر، و الضمير المستتر في قوله: أن يذهب بعلاقته، راجع إلى الأحد، و الباء للتّعدية أو إلى القعب و الباء بمعنى مع و الباء في قوله إنّ لي بكم للعوض.
المعنى
اعلم أنّه ينبغي لنا أن نذكر نسب معاوية عليه اللعنة و الهاوية في هذا المقام أوّلا، ثمّ نشير إلى اطلاع بسر على اليمن اجمالا و ما جرى من جوره و ظلمه على شيعة أمير المؤمنين في اليمن و غيرها، ثمّ نرجع إلى شرح الخطبة فأقول: قال العلامة الحلّي قدّس سرّه في كشف الحقّ روى أبو المنذر هشام بن محمّد السّائب الكلبي في كتاب المثالب كان معاوية لعمارة بن الوليد المخزومي، و لمسافر ابن أبي عمرو، و لأبي سفيان، و لرجل آخر سمّاه، و كانت هند امّه من المعلمات و كان أحبّ الرّجال إليها السّودان، و كانت إذا ولدت اسود دفنته، و كانت حمامة إحدى جدّات معاوية لها راية في ذي المجاز.
و ذكر أبو سعيد إسماعيل بن عليّ السّمعاني الحنفي من علماء العامة في مثالب بني اميّة، و الشّيخ أبو الفتوح جعفر بن محمّد الهمداني من علمائهم في كتاب البهجة المستفيد أنّ مسافر بن عمرو بن اميّة بن عبد شمس كان ذا جمال و سخاء، فعشق هندا و جامعها سفاحا و اشتهر ذلك في قريش، فلما حملت و ظهر السّفاح هرب مسافرا من أبيها إلى الحيرة، و كان فيها سلطان العرب عمرو بن هند و طلب أبوها عتبة أبا سفيان و وعده بمال جزيل و زوّجه هندا فوضعت بعد ثلاثة أشهر معاوية ثمّ و رد أبو سفيان على عمرو بن هند فسأله مسافر عن حال هند فقال: إنّي تزوّجتها فمرض و مات.
و في البحار من كتاب الغارات لإبراهيم بن محمّد الثّقفي عن يوسف بن كليب المسعودي عن الحسن بن حماد الطائي عن عبد الصّمد البارقي قال: قدم عقيل علىعليّ عليه السّلام و هو جالس في صحن مسجد الكوفة فقال: السّلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة اللّه و بركاته قال: و عليك السّلام يا أبا يزيد ثمّ التفت إلى الحسن بن عليّ فقال: قم و انزل عمّك، فذهب به و أنزله و عاد إليه فقال عليه السّلام له: اشتر له قميصا جديدا و رداء جديدا و ازارا جديدا و نعلا جديدا فغدا على عليّ عليه السّلام في الثّياب فقال: السّلام عليك يا أمير المؤمنين قال: و عليك السّلام يا أبا يزيد قال: يا أمير المؤمنين ما أراك أصبت من الدّنيا شيئا إلّا هذه و إنّي لا ترضى نفسى من خلافتك بما رضيت به لنفسك فقال: يا أبا يزيد يخرج عطائي فادفعه إليك.
فارتحل عن عليّ إلى معاوية فلمّا سمع به معاوية نصب كراسيّه و أجلس جلسائه فورد عليه فأمر له بمأة ألف درهم فقبضها فقال له معاوية: أخبرني عن العسكرين فقال: مررت بعسكر عليّ بن أبي طالب فاذا ليل كليل النّبيّ و نهار كنهار النّبيّ إلّا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليس في القوم، و مررت بعسكرك فاستقبلني قوم من المنافقين ممّن نفر برسول اللّه ليلة العقبة.
فقال: من هذا الذي عن يمينك يا معاوية قال: هذا عمرو بن العاص قال: هذا الذي اختصم فيه ستّة نفر فغلب عليه جرارها فمن الآخر قال: الضّحاك بن قيس الفهري قال: أما و اللّه لقد كان أبوه جيّد الاخذ لعسب«» التيؤس خسيس النّفس.
فمن هذا الآخر قال: أبو موسى الأشعري قال: هذا ابن المراقة السّراقة.
فلمّا رأى معاوية أنّه قد أغضب جلسائه قال: يا أبا يزيد ما تقول فيّ قال: دع عنك قال: لتقولنّ قال: أتعرف حمامة قال: و من حمامة قال: أخبرتك، و مضى عقيل فأرسل معاوية إلى النّسابة فقال: أخبرني من حمامة قال: أعطنمي الأمان على نفسي و أهلي فأعطاه قال: حمامة جدّتك و كانت بغيّة في الجاهلية لها راية تؤتى قال الشّيخ: قال أبو بكر بن رنين هي أمّ امّ أبي سفيان و في شرح المعتزلي معاوية هو أبو عبد الرّحمان معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن اميّة بن عبد شمس بن عبد مناف، و امّه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، و هو الذي قاد قريشا في حروبها إلى النّبيّ و كانت هند تذكر في مكّة بفجور و عهر و قال الزّمخشري في كتاب ربيع الأبرار: كان معاوية يغرى إلى أربعة: إلى مسافر بن أبي عمرو، و إلى عمارة بن الوليد بن المغيرة، و إلى العبّاس عبد المطلب، و إلى الصّباح مغنّ كان لعمارة بن الوليد.
قال: و قد كان أبو سفيان ذميما قصيرا و كان الصّباح عسيفا«» لأبي سفيان شابّا و سيما، فدعته هند إلى نفسها فغشبها و قالوا إنّ عتبة بن أبي سفيان من الصّباح أيضا و قالوا انّها كرهت أن تضعه في منزلها فخرجت إلى أجياد فوضعته هناك، و في هذا المعنى يقول حسّان بن ثابت أيّام المهاجاة بين المشركين و المسلمين في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قبل عام الفتح:
لمن الصّبى بجانب البطحاء
في التّرب ملقى غير ذي مهد
بخلت به بيضاء انسة
من عبد شمس صلته الخدّ
قال الشّارح: ولى معاوية اثنتى و أربعين سنة منها اثنتا و عشرون سنة ولى فيها امارة الشّام منذ مات أخوه يزيد بن أبي سفيان بعد خمس سنين من خلافة عمر إلى أن قتل أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام في سنة أربعين، و منها عشرون سنة خليفة إلى أن مات في سنة ستّين.
قال: و كان معاوية على اس الدّهر مبغضا لعليّ عليه السّلام شديد الانحراف عنه و كيف لا يبغضه و قد قتل أخاه يوم بدر و خاله الوليد بن عتبة و شرك اتا في جده و هو عتبة أو في عمّه و هو شيبة على اختلاف الرّواية و قتل من بني عبد شمس نفرا كثيرا من أعيانهم و أماثلهم، ثمّ جاءت الطّامّة الكبرى واقعة عثمان فنسبها كلّها إليه بشبهة إمساكهعنه و انضواء كثير من قتلته إليه عليه السّلام فتأكدت البغضة و ثارت الأحقاد و تذكرت تلك التراث الاولى حتّى أفضى الأمر إلى ما افضى إليه.
قال: و قد كان معاوية مع عظم قدر عليّ عليه السّلام في النّفوس و اعتراف العرب بشجاعته و أنّه البطل الذي لا يقام له يتهدّده و عثمان بعد حيّ بالحرب و المنابذة و يراسله من الشام رسائل خشنة ثمّ قال: و معاوية مطعون في دينه عند شيوخنا يرمى بالزندقة و قد ذكرنا في نقض السّفيانية على شيخنا أبي عثمان الجاحظ ما رواه أصحابنا في كتبهم الكلاميّة عنه من الالحاد و التّعرّض لرسول اللّه و ما تظاهر به من الجبر و الارجاء، و لو لم يكن شيء من ذلك لكان في محاربته الامام عليه السّلام ما يكفي في فساد حاله لا سيّما على قواعد أصحابنا و كونهم بالكبيرة الواحدة يقطعون على المصير إلى النّار و الخلود فيها إن لم يكفّرها التّوبة.
و أما بسر بن ارطاة و قيل ابن أبي ارطاة و كيفيّة خروجه و ظهوره على البلاد فهو أنّ قوما بصنعاء كانوا من شيعة عثمان يغطمون قتله لم يكن لهم نظام و لا رأس فبايعوا لعليّ عليه السّلام على ما في أنفسهم و عامل عليّ على صنعاء يومئذ عبيد اللّه بن العبّاس ابن عبد المطلب و عامله على الجند سعيد بن نمران.
فلمّا اختلف النّاس على عليّ بالعراق و قتل محمّد بن أبي بكر بمصر و كثرت غارات أهل الشّام تكلّموا و دعوا إلى الطلب بدم عثمان فبلغ ذلك عبيد اللّه بن عبّاس فأرسل إلى اناس من وجوههم فقال ما هذا الذي بلغني عنكم قالوا: انّا لم نزل ننكر قتل عثمان و نرى مجاهدة من سعى عليه فحبسهم فكتبوا إلى من في الجند من أصحابهم فثاروا بسعيد بن نمران فأخرجوه من الجند و أظهروا أمرهم و خرج إليهم من كان بصنعاء و انضمّ إليهم كلّ من كان على رايهم و لحق بهم قوم لم يكونوا على رأيهم إرادة أن يمنعوا الصّدقة.
و التقى عبيد اللّه بن عبّاس و سعيد بن نمران و معهما شيعة عليّ فقال ابن عبّاس لابن نمران: و اللّه لقد اجتمع هؤلاء و إنّهم لنا لمقاربون و إن قاتلناهم لا نعلم علىمن تكون الدّبرة فهلمّ لنكتب إلى أمير المؤمنين نخبرهم فكتبا إليه عليه السّلام يخبر انه الخبر، فلمّا دخل كتابهما ساء عليا عليه السّلام و أغضبه فكتب إليهما كتابا يوبّخهما على سوء تدبيرهما في ترك قتال أهل اليمن، و كتب إلى اهل الجند و صنعاء كتابا يهدّدهم فيه و يذكرهم اللّه سبحانه فأجابوه بأنّا سامعون مطيعون إن عزلت عنّا هذين الرّجلين عبيد اللّه و سعيدا، قالوا: و كتبت تلك العصابة حين جاءها كتاب عليّ عليه السّلام إلى معاوية يخبرونه و كتبوا في كتابهم:
معاوي الّا تشرع السير نحونا نبايع عليّا أو يزيد اليمانيا
فلمّا قدم كتابهم إلى معاوية دعى بسر بن أبي أرطاة و كان قاسي القلب فظا سفّاكا للدّماء، لا رأفة عنده و لا رحمة فأمره أن يأخذ طريق الحجاز و المدينة و مكّة حتّى ينتهى إلى اليمن و قال له: لا تنزل على بلد أهله على طاعة عليّ إلّا بسطت عليهم لسانك حتّى يروا انّهم لا نجاة لهم و انك محيط بهم ثمّ اكفف عنهم و ادعهم إلى البيعة لي فمن أبى فاقتله و اقتل شيعة عليّ حيث كانوا.
فتوجّه بسر نحو اليمن و لمّا قرب المدينة كان عامل علىّ عليها أبو أيوب الأنصاري فخرج عنها هاربا فدخل بسر المدينة فخطب النّاس و شتمهم و تهدّدهم ثمّ شتم الانصار و تهددهم حتّى خاف النّاس أن يوقع بهم و دعى النّاس إلى بيعة معاوية فبايعوه و نزل فأحرق دورا كثيرة و أقام بالمدينة أيّاما ثمّ قال لهم إنّي قد عفوت عنكم و إن لم تكونوا لذلك بأهل و قد استخلفت عليكم أبا هريرة فايّاكم و خلافه.
ثمّ خرج إلى مكّة و قتل في طريقه رجالا و أخذ أموالا و بلغ أهل مكّة خبره فتنحّى عنها عامة أهلها و خافوا و هربوا فخرج ابنا عبيد اللّه بن العبّاس و هما سليمان و داود و امّهما حورية و تكنّى امّ حكيم مع أهل مكة فاضلوهما عند بئر ميمون ابن الحضرمي و هجم عليهما بسر فأخذهما و ذبحهما فقالت امّهما:
ها من احسّ بابنيّ اللذين هما
كالدّرّتين تشظّى عنهما الصّدف
ها من احسّ با بنيّ اللذين هما
سمعى و قلبي فقلبي اليوم مختطف
ها من احسّ با بنيّ اللذين هما
مخّ العظام فمخّي اليوم مزدهف
نبّئت بسرا و ما صدّقت ما زعموا
من قتلهم و من الافك الذي افترقوا
الابيات و لمّا قرب بسر من مكة هرب قثم بن العبّاس و كان عامل عليّ و دخلها بسر فشتم أهل مكة و أنّبهم ثمّ خرج و استعمل عليها شيبة بن عثمان و دخل الطايف و بات بها و خرج منها فأتى نجران فقتل عبد اللّه بن عبد المدان و ابنه مالكا و كان عبد اللّه هذا صهرا لعبيد اللّه بن العبّاس، ثمّ جمعهم و قام فيهم و قال: يا أهل نجران يا معشر النّصارى و إخوان القرود أما و اللّه إن بلغنى عنكم ما أكره لأعودنّ عليكم بالتي تقطع النّسل و تهلك الحرث و تخرب الدّيار، و تهدّدهم طويلا.
ثمّ سار حتّى أتى ارحب فقتل أبا كرب و كان يتشيّع و يقال: إنّه سيّد من كان بالبادية من همدان فقدّمه فقتله، و أتى صنعاء و قد خرج عنها عبيد اللّه بن العبّاس و سعيد بن نمران و قد استخلف عبيد اللّه عليها عمر بن اراكة الثّقفي فمنع بسرا من دخولها و قاتله فقتله بسر و دخل صنعاء فقتل منها قوما، و أتاه وفد مارب فقتلهم و لم ينج منهم إلّا رجل واحد.
ثمّ خرج من صنعاء و أتى أهل حيان و هم شيعة لعليّ فقاتلهم و قاتلوه فهزمهم و قتلهم قتلا وزيعا ثمّ رجع إلى صنعاء و قتل بها مأئة شيخ من أبناء فارس.
و روى أبي و داك قال: كنت عند عليّ عليه السّلام لما قدم عليه سعيد بن نمران الكوفة فعتب عليه السّلام عليه و على عبيد اللّه أن لا يكونا قاتلا بسرا، فقال سعيد قد و اللّه قاتلت و لكن ابن عبّاس خذلني و أبى أن يقاتل، و لقد خلوت به حين دنا منّا بسر فقلت: إنّ ابن عمّك لا يرضى منّي و منك بدون الجدّ في قتالهم قال: لا و اللّه ما لنا بهم طاقة و لا يدان فقمت في النّاس فحمدت اللّه ثمّ قلت: يا أهل اليمن من كان في طاعتنا و على بيعة أمير المؤمنين فاليّ إلىّ، فأجابني منهم عصابة فاستقدمت بهم فقاتلت قتالا ضعيفا و تفرّق النّاس عنّى و انصرفت.
قال أبو مخنف فندب عليّ عليه السّلام أصحابه لبعث سرية في أثر بسر فتثاقلوا فقام عليه السّلام إلى المنبر ضجرا بتثاقل أصحابه عن الجهاد و مخالفتهم له في الرّأى فقال عليه السّلام:(ما هي إلا الكوفة أقبضها و أبسطها) أى أتصرّف فيها كما يتصرّف الانسان في ثوبه بقبضه و بسطه.
و الكلام في معرض التحقير أي ما أصنع بتصرّفي فيها مع حقارتها، و يحتمل أن يكون المراد عدم التّمكن التّامّ من التّصرّف فيها لنفاق أهلها كمن لا يقدر على لبس ثوب بل على قبضه و بسطه، أو المراد بالبسط بثّ أهلها للقتال عند طاعتهم و بالقبض الاقتصار على ضبطهم عند المخالفة.
قال الشّارح البحراني: أقبضها و أبسطها كنايتان عن وجوه التّصرّف فيها، أى إنّ الكوفة و التّصرّف فيها بوجوه التّصرّف حقير بالنّسبة إلى ساير البلاد التي عليها الخصم فما عسى أصنع بتصرّفي فيها و ما الذي أبلغ به من دفع الخصم و مقاومته و هذا كما يقول الرّجل في تحقير ما في يده من المال القليل إذا رام به أمرا كثيرا: إنّما هو هذا الدّنيا فما عسى أبلغ به من الغرض.
ثمّ قال عليه السّلام على طريق صرف الخطاب (فان لم تكوني إلّا أنت) عد و لا من الغيبة إلى الخطاب على حدّ قوله: إيّاك نعبد و إيّاك نستعين، يعني إن لم تكن مملكتى من الدّنيا إلّا أنت حال كونك (تهبّ أعاصيرك) و تنبعث منك الآراء المختلفة و الفتن المضلّه و يثور الشقاق و النّفاق (فقبّحك اللّه ثمّ تمثّل) لأجل استصغاره أمرها (بقول الشّاعر:
لعمر ابيك الخير يا عمرو انني على و ضر من ذا الاناء قليل)
تشبيها للكوفة بالوضر الباقي في الاناء في حقارتها بالنسبة إلى ما استولى عليها خصمه من الدّنيا كحقارة الوضر بالنّسبة إلى ما يشتمل عليه الاناء من الطعام، فاستعار لفظ الاناء للدّنيا و لفظ الوضر القليل للكوفة يعني إنّي على بقيّة من هذا الأمر كالوضر القليل في الاناء.
(ثمّ) شرع في استنفارهم إلى الجهاد ف (قال: أنبئت بسرا قد اطلع على اليمن و ظهر على أهلها و إنّي و اللّه لأظنّ هؤلاء القوم) المنافقين القاسطين (سيد الون منكم) و يغلبون عليكم (ب) الأسباب التي توجب دولتهم و غلبتهم عليكم و هو (اجتماعهم علىباطلهم) و هو التّصرّف الغير الحقّ في البلاد (و تفرّقكم عن حقّكم) و هو التّصرّف المستحق باذن وليّ الامر (و بمعصيتكم امامكم في الحقّ و طاعتهم امامهم في الباطل) في أوامره الباطلة و أحكامه الضّالة (و بأدائهم الامانة إلى صاحبهم) حيث لزموا بعهده و وفوا ببيعته (و خيانتكم صاحبكم) حيث تركتم لموارزته في القتال و نقضتم عهده و غدرتم له (و بصلاحهم في بلادهم) حيث راقبوا انتظام امورهم (و فسادكم) و السّرّ في جميع ذلك ما قاله الجاحظ من أنّ أهل العراق أهل نظر و ذوو فطن ثاقبة و مع الفطنة و النّظر يكون التنقيب«» و البحث، و مع التنقيب و البحث يكون القدح و الطّعن و التّرجيح بين الرّجال و التّمييز بين الرّؤساء و اظهار عيوب الامراء و أهل الشّام ذوو بلادة و تقليد و جمود على رأى واحد لا يرون النّظر و لا يسألون عن مغيب الأحوال و هذا هو العلّة في عصيان أهل العراق على الامراء و طاعة أهل الشّام لهم ثمّ بالغ عليه السّلام في ذمّهم بالخيانة على سبيل الكناية و قال: (فلو ائتمنت أحدكم على قعب خشب لخشب أن يذهب) ذلك القعب (بعلاقته) ثمّ شكى إلى اللّه سبحانه منهم بقوله: (اللهمّ إنّي قد مللتهم) لكثرة ما تكرّر منّي الأمر لهم بالجهاد و الذّبّ عن دين اللّه المنافي لطبايعهم و المنافر عنه قلوبهم المشغولة بالدّنيا و زخارفها و البقاء فيها (و ملّوني) لأنّي دعوتهم إلى اللّه سبحانه و إلى تحصيل مرضاته ليلا و نهارا فلم يزدهم دعوتي إلّا فرارا (و سئمتهم و سئموني).
ثمّ أردف تلك الشّكاية بالتّضرّع إلى اللّه في الخلاص منهم ثمّ بالدّعاء عليهم بقوله: (فأبدلني بهم خيرا منهم) كلمة الخير هنا بمنزلتها في قوله سبحانه: «اولئك خير أم جنّة الخلد» على سبيل التّنزّل أو التحكّم أو اريد بها المعنى الوصفى بدون تفضيل و لعلّ المراد بذلك قوم صالحون ينصرونه و يوفقون لطاعته، أو ما بعد الموت من مرافقة النّبيّ و آله و غيره من الأنبياء و الصدّيقين و الشّهداء و الصّالحين و حسن اولئك رفيقا، و تمنّيه لفوارس فراس بن غنم ربما يؤيّد الأوّل.
و أمّا قوله: (و أبدلهم بي شرّا منّي) فربّما استشكل صدور مثل هذا الدّعاء عنه عليه السّلام من وجهين: أحدهما أنّه يقتضى أن يكون هو ذا شرّ و قد ثبت أنّه كان منزّها عن الشّرور الثّاني أنّه كيف يجوز أن يدعو بوجود الشّرور و وجود الأشرار و اجيب عن الأوّل بوجهين أحدهما أنّ صيغة افعل لم يرد بها التّفضيل و إنّما اريد بها أصل الوصف فالمعنى أبد لهم بمن فيه شرّ غيري الثاني أن يكون شرّا منّي بحسب عقايد أهل الكوفة إنّ فيّ شرّا عليهم و اعتقادهم أنّه ذو شرّ لا يوجب كونه كذلك.
و عن الثّاني بوجهين أيضا أحدهما أنّ دعائه عليه السّلام بما يبدلهم بمن هو شرّ منه مشتملة على مصلحة مقتضية لحسنه و هو أنّ هذا الدّعاء ربما يكون مخوفا لهم جاذبا لاكثرهم إلى اللّه سبحانه مع ما فيه مضافا إلى ما ذكر من أنّ نزول الأمر المدعوّ به عليهم بعده ممّا ينبّههم على فضله و يذكرهم أنّ ابتلائهم بذلك إنّما هو لتركهم أوامر اللّه و خروجهم عن طاعته و طاعة وليّه الثاني لعلّه إنّما دعى عليهم لعلمه أنّه لا يرجى صلاحهم فيما خلقوا لأجله و من لا يرجى صلاحه بل يكون وجوده سببا لفساد النّظام فعدمه أولى فيكون الدّعاء عليهم مندوبا إليه.
و على ذلك يحمل أيضا دعاؤه بقوله: (اللّهمّ مث قلوبهم) بتوارد الهمّ و الغمّ و الخوف عليهم (كما يماث الملح في الماء) و ذلك الدّعاء تأسّ منه عليه السّلام بالسّابقين من الأنبياء في الشّكاية من قومهم إلى اللّه و الدّعاء عليهم كنوح عليه السّلام إذ قال ربّ إنّي دعوت قومي ليلا و نهارا فلم يزدهم دعائي إلّا فرارا، ثمّ ختم بالدّعاء على من لم يرج صلاحهم بقوله: ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارا.
روى إنّ اليوم الذي دعا عليهم فيه بهذا الدعاء ولد فيه الحجّاج بن يوسف، و روى أنّه ولد بعد ذلك اليوم بأوقات يسيرة و فعله بأهل الكوفة مشهور حتّى قيل لو جاءت كلّ امّة بخبيثها و فاسقها و فاجرها و جئنا بالحجّاج وحده لزدنا عليهم.
و عن مروج الذّهب للمسعودي أنّ امّ الحجّاج ولدته لا دبر له فثقب له دبر و أبيأن يقبل الشّدى.
و في الحديث أن ابليس تصوّر لهم بصورة الحارث بن كلدة فقال: اذبحوا له تيساو العقوه من دمه و اطلوا به وجهه و بدنه ففعلوا به ذلك فقبل الثدى فلأجل ذلك كان لا يصبر عن سفك الدّماء و كان يخبر عن نفسه أنّ أكبر لذّاته في سفك الدّماء و ارتكاب امور لا يقدر عليها غيره.
و احصى من قتل بأمره سوى من قتل في حروبه فكانوا مأئة ألف و عشرين ألفا و وجد في سجنه خمسون ألف رجل و ثلاثون ألف امرئة و لم يجب على أحد منهم قتل و لا قطع و كان يحبس الرّجال و النّساء في موضع واحد لا سقف له، فاذا أوى المسجونون إلى الجدران يستظلّون بها من حرّ الشّمس رمتهم الحرّس بالحجارة، و كان طعامهم خبز الشّعير مخلوطا بالملح و الرّماد.
و من أعجب ما روى أنّه وجد على منبره مكتوبا «قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ» فكتب تحته «قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» ثمّ قال عليه السّلام (أما و اللّه لوددت أن لى بكم ألف فارس من بني فراس بن غنم) و هو حىّ معروف بالشّجاعة حسبما اشير إليه و تمثّل بقول أبي جندب الهذلي.
(هنالك لو دعوت أتاك منهم فوارس مثل ارمية الحميم)
و الخطاب لامّ زيناغ و ضمير منهم راجع إلى بني تميم بقرينة الذي قبله و هو قوله:
ألا يا أمّ زيناغ اقيمي صدور العيس نحو بني تميم
و معنى البيت واضح ممّا ذكره السّيد و مقصوده عليه السّلام بالتّمثل تمنّى كون القوم الذين ودّ كونهم عوضا عن قومه بصفة الفوارس الذين اشار إليهم الشّاعر في سرعة الاجابة و المبادرة إلى الاغاثة، و مقصوده في جميع ذلك توبيخ أهل الكوفة و تحقيرهم بتثاقلهم عن الجهاد.
قال الكلبي و أبو مخنف و لمّا تثاقل أصحابه عن الخروج في اثر بسر بن ارطاة فأجابه إلى ذلك جارية بن قدامة السّعدي فبعثه في ألفين فشخص إلى البصرة ثمّ أخذ طريق الحجاز حتّى قدم اليمن و سأل عن بسر فقيل: اخذ في بلاد بني تميم فقال:أخذ في ديار قوم يمنعون أنفسهم.
و بلغ بسرا مسير جارية فانحدر إلى اليمامة و أخذ جارية بن قدامة السير ما يلتفت إلى مدينة مرّ بها فلا أهل حصن و لا يعرج على شيء الّا أن يرمل بعض أصحابه من الزّاد فيأمر أصحابه بمواساته أو يسقط بعير رجل أو تحفى دابته فيامر أصحابه بأن يعقّبوه حتّى انتهوا إلى أرض اليمن فهربت شيعة عثمان حتّى لحقوا بالجبال و اتبعهم شيعة عليّ و تداغت عليهم من كلّ جانب و أصابوا منهم و صمد نحو بسر و بسر بين يديه يفرّ من جهة إلى جهة اخرى حتّى أخرجه من أعمال عليّ عليه السّلام كلّها فلمّا فعل به ذلك أقام جارية بحرس نحوا من شهر حتّى استراح و أراح أصحابه و وثب النّاس ببسر في طريقه لمّا انصرف من بين يدي جارية لسوء سيرته و فظاظته و ظلمه و غشمه و أصاب بنو تميم ثقلا من ثقله في بلاده.
فلمّا وصل بسر معاوية قال: احمد اللّه يا أمير المؤمنين إنّي سرت في هذا الجيش أقتل عدوّك ذاهبا جائيا لم ينكب رجل منهم نكبة فقال معاوية: اللّه قد فعل ذلك لا أنت و كان الذي قتل بسر في وجهه ذلك ثلاثين الفا و حرق قوما بالنّار روى أنّه دعا عليّ عليه السّلام على بسر فقال: اللهمّ إنّ بسرا باع دينه بالدّنيا و انتهك محارمك و كانت طاعة مخلوق فاجر آثر عنده من عندك اللهمّ فلا تمته حتّى تسلبه عقله و لا توجب له رحمتك و لا ساعة من نهار، اللهمّ العن بسرا و عمروا و معاوية و ليحلّ عليهم غضبك و لتنزل بهم نقمتك و ليصبهم بأسك و زجرك لا تردّه عن القوم المجرمين.
فلم يلبث بسر بعد ذلك إلّا يسرا حتّى وسوس و ذهب عقله فكان يهذي بالسّيف و يقول: اعطوني سيفا اقتل به لا يزال يردّد ذلك حتّى اتّخذ له سيف من خشب و كانوا يدنون منه المرفقة فلا يزال يضربها حتّى يغشى عليه فلبث كذلك إلى أن مات عليه لعنة اللّه و الملائكة و النّاس أجمعين.
الترجمة
از جمله خطب آن حضرت است كه فرمود در حالتي كه بتواتر رسيد خبرها بغالب شدن أصحاب معاوية عليه اللّعنة بر شهرها و آمدند بسوى آن حضرت عاملان او كه حاكم بودند بر يمن عبد اللّه بن عبّاس و سعيد بن نمران وقتى كه غالب شده بود بر ايشان بسر بن أبي أرطاة ولد الزّنا، پس برخواست آن حضرت بطرف منبر در حالتي كه تنگدل بود بجهة گرانى أصحاب خود از جهاد و بجهة مخالفت كردن ايشان با او در رأى پس فرمود: نيست مملكت من مگر كوفه در حالتى كه قبض ميكنم آن را و بسط ميكنم آن را: يعني همين كوفه است كه محلّ تصرّف من است بحل و عقد و أمر و نهى و اعتماد نمودن بر مردمان آن در حرب و ضرب نه ساير بلاد، اگر نباشى اى كوفه مگر تو كه باشى سپر دشمن و ساز لشكر من در حالتى كه وزد گردبادهاى تو، پس قبيح گرداند خداى تعالى تو را.
پس آن حضرت بجهة تحقير كوفه متمثّل شد بقول شاعر كه معنيش اينست: قسم بزندگانى پدر تو كه بهتر مردمانست اى عمرو بتحقيق كه من واقع شدهام بر چربي اندكي كه باقي مانده است از اين ظرف طعام، يعنى كوفه در نظر من در غايت حقارتست مانند چربى كه مىماند بعد از أكل در ظرف بعد از آن فرمودند كه: خبر داده شدم كه بسر بن أبي ارطاة رسيده بديار يمن و بدرستى من قسم بخدا هر آينه گمان ميكنم آن قوم را كه زود باشد كه دولت و تسلط داده شوند از قبل شما بسبب اتّفاق ايشان بر باطل خود و تفرق شما از حقّ خود، و بجهة معصية شما امام خود را در امر حق و اطاعت ايشان امام خود را در امر باطل، و بسبب ادا كردن ايشان امانت و عهد را بصاحب خودشان و خيانت كردن شما در امانت، و بجهة صلاح ايشان در شهرهاى خود در جميع امور ملكى و فساد شما در بلاد خودتان، پس اگر امين گردانم يكى از شما را بر قدح چوبين هر آينه مىترسم كه ببرد آن را با دوال و دستهاش.
بار خدايا بدرستى كه من تنگدل شده ام از ايشان و تنگدل شده اند ايشان از من، و سير شده ام من از ايشان و سير شده اند ايشان از من، پس بدل كن براى منايشان را به بهتر از ايشان، و عوض كن براى ايشان مرا بكسي كه متّصف بصفت شرارت بوده باشد، خداوندا بگداز بترس و عذاب قلبهاى ايشان را چنانچه گداخته مى شود نمك در آب، آگاه باشيد بخدا سوگند هر آينه دوست مى دارم اين كه باشد مرا بعوض شما هزار سوار از فرزندان فراس بن غنم آنجا اگر بخواني و آواز دهى آيند بسوى تو از ايشان سواراني مثل ابرهاى تابستان با سرعت و استيلا
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»