خطبه 24 صبحی صالح
24- و من خطبة له ( عليه السلام ) و هي كلمة جامعة له، فيها تسويغ قتال المخالف،
و الدعوة إلى طاعة اللّه،
و الترقي فيها لضمان الفوز
وَ لَعَمْرِي مَا عَلَيَّ مِنْ قِتَالِ مَنْ خَالَفَ الْحَقَّ
وَ خَابَطَ الْغَيَّ
مِنْ إِدْهَانٍ وَ لَا إِيهَانٍ
فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ
وَ فِرُّوا إِلَى اللَّهِ مِنَ اللَّهِ
وَ امْضُوا فِي الَّذِي نَهَجَهُ لَكُمْ
وَ قُومُوا بِمَا عَصَبَهُ بِكُمْ
فَعَلِيٌّ ضَامِنٌ لِفَلْجِكُمْ آجِلًا
إِنْ لَمْ تُمْنَحُوهُ عَاجِلًا
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج3
و من خطبة له عليه السّلام و هى الرابعة و العشرون من المختار فى باب الخطب
و لعمري ما عليّ من قتال من خالف الحقّ و خابط الغيّ من إدهان و لا إيهان، فاتّقوا اللّه عباد اللّه و فرّوا من اللّه إلى اللّه، و امضوا في الّذي نهجه لكم، و قوموا بما عصبه بكم، فعليّ ضامن لفلجكم آجلا إن لم تمنحوه عاجلا.
اللغة
(خابط الغىّ) بصيغة المفاعلة خبط كلّ منهما في الآخر، و الغىّ الضّلالة و (الادهان) و المداهنة المصانعة و المنافقة قال سبحانه: «وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ» و (الايهان) مصدر أوهنه أى أضعفه و (نهج) الأمر أوضحه و جعله نهجا اى طريقا بيّنا و (عصبه بكم) أى ربطه و ناطه كالعصابة التي يشدّ بها الرّأس و (الفلج) بالضّمّ الفوز و منه الفالج الذي قد مرّ في الخطبة السابقة و (منحه) كضربه و منعه أعطاه و الاسم المنحة و هي العطية.
الاعراب
العمر بفتح العين و ضمّنها البقاء و لا تستعمل فى القسم إلّا بالفتح قال بعض المحقّقين: قول الشّخص لعمري مبتدأ محذوف الخبر وجوبا و التقدير قسمي أو يميني و هو داير بين فصحاء العرب، قال تعالى: «لعمرك إنّهم لفى سكرتهم يعمهون» لا يقال: إنّ الحلف بغير اللّه تعالى منهيّ عنه.
لانّا نقول: ليس المراد به القسم الحقيقي بجعل غيره تعالى مثله في التّعظيم بل المراد صورته لترويج المقصود أو الكلام على حذف المضاف أى فبواهب عمري و عمرك.
المعنى
اعلم أنّ مقصوده عليه السّلام بهذا الكلام الرّد على قول من قال إنّ متابعته لمحاربيه و مصانعتهم كان اولى من محاربتهم، فنبّه على فساد ذلك القول و بطلان هذا الزّعم و قال: (لعمرى ما علىّ من قتال من خالف الحقّ و) جهاد من (خابطالغىّ من) مساهلة و (ادهان و لا) ضعف و (ايهان) إذ مقاتله أهل التّمرّد و الضّلالة واجبة و المداهنة فيها معصية.
و لذلك إنّ اللّه سبحانه أوحى إلى شعيب النّبيّ إنّي معذّب من قومك مأئة ألف أربعين ألفا من شرارهم و ستّين ألفا من خيارهم، فقال: يا ربّ هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار فأوحى اللّه إليه داهنوا أهل المعاصي و لم يغضبوا بغضبي (فاتقوا اللّه عباد اللّه) بالحذر عن معاصى اللّه (و فرّوا من) غضب (اللّه إلى) رحمة (اللّه و امضوا في) الطريق (الذي نهجه لكم) و شرعه في حقّكم و هو جادة الشّريعة التي يجب سلوكها لكلّ أحد (و قوموا بما عصبه بكم) و ربطه عليكم و هو الأوامر الشّرعية و التّكاليف الالهيّة و إذا قمتم بواجب ما امرتم من هذه الأوامر (فعليّ) بن أبي طالب (ضامن لفلجكم آجلا) في دار القرار بجنّات تجرى من تحتها الأنهار (إن لم تمنحوه عاجلا) في دار الدّنيا لعدم تمام استعدادكم له، و قديتمّ الفوز بالسّعادتين العاجليّة و الآجليّة لمن وفت قوته بالقيام بهما و كمل استحقاقه لذلك في علم اللّه سبحانه و لمّا كان حصول السّعادة و الفوز للدّرجات العالية من لوازم التّقوى ظاهر اللّزوم في علمه عليه السّلام لا جرم كان ضامنا له و زعيما به.
اشراق في بيان معنى التّقوى لغة و شرعا و ما يترتّب عليه من الثّمرات الدّنيويّة و الاخرويّة.
فنقول: التّقوى في اللّغة الاتقاء و هو اتّخاذ الوقاية، و في العرف هى الاحتراز بطاعة اللّه عن عقوبته.
و قيل هي بحسب العرف الشّرعي تعود إلى خشية الحقّ سبحانه المستلزمة للاعراض عن كلّما يوجب الالتفات عنه من متاع الدّنيا و زينتها و تنحية مادون وجهة القصد.
و قال الصّادق عليه السّلام في تفسيرها: أن لا يفقدك حيث أمرك، و لا يراك حيث نهاك.
و قال بعض العارفين: إنّ خيرات الدّنيا و الآخرة جمعت تحت لفظة واحدة و هي التقوى انظر إلى ما في القرآن الكريم من ذكرها، فكم علن عليها من خير و وعد لها من ثواب و أضاف إليها من سعادة دنيويّة و كرامة اخرويّة.
و في عدّة الدّاعي هي العدّة الكافية في قطع الطريق إلى الجنّة بل هي الجنّة الواقية من متالف الدّنيا و الآخرة، و هى الممدوحة بكلّ لسان و المشرفة لكلّ إنسان، و قد شحن بمدحها القرآن و كفاها شرفا قوله تعالى: «وَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ لَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ» و لو كان في العالم خصلة هى أصلح للعبد و أجمع للخير و أعظم بالقدر و أولى بالايجال و انجح للامال من هذه الخصلة التي هي التّقوى لكان اللّه أوصى بها عباده لمكان حكمته و رحمته، فلمّا أوصى بهذه الخصلة الواحدة. جمع الأوّلين و الآخرين و اقتصر عليها علم أنّها الغاية التي لا يتجاوز عنها و لا مقتصر دونها و القرآن مشحون بمدحها و عدّد في مدحها خصالا:
الأوّل المدحة و الثّناء «و إن تصبروا و تتّقوا فانّ ذلك من عزم الامور».
الثّاني الحفظ و التّحصين من الأعداء «و إن تصبروا و تتّقوا لا يضرّكم كيدهم شيئا».
الثّالث التّاييد و النّصر «إنّ اللّه مع المتّقين»
الرّابع إصلاح العمل «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ»
الخامس غفران الذّنوب «وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ»
السّادس محبة اللّه «بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ»
السّابع قبول الأعمال «إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ»
الثّامن الاكرام «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ»
التّاسع البشارة عند الموت «الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ»
العاشر النّجاة عن النّار «ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا».
الحادي عشر الخلود في الجنّة «وَ سارِعُوا».
الثاني عشر تيسير الحساب «وَ ما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ».
الثّالث عشر النّجاة من الشّدايد و الرّزق الحلال «وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً» فانظر ما جمعت هذه الخصلة الشّريفة من السّعادات فلا تنس نصيبك منها.
الترجمة
از جمله خطب شريفه آن حضرت است در اظهار ثبات قدم خود در محاربه جماعت طاغيه و ردّ قول كسى كه قايل بمداهنه اوست در محاربه و ترهيب مردمان از تمرّد و عصيان و ترغيب ايشان بطاعت خداوند عالميان مى فرمايد: قسم بزندگانى خود كه نيست بر من از مقاتله مخالفين حق و شريعت و سالكين طريق ضلالت هيچ مدارا كردن و سستى نمودن، پس بترسيد از خدا اى بندگان خدا و بگريزيد بسوى رحمت خدا از غضب خدا و برويد در آن راهى كه روشن ساخته است آن را از براى شما، و قيام نمائيد به آن چه باز بسته است آن را بشما، و هر گاه اين طور حركت نمائيد پس عليّ بن أبي طالب ضامن است بر رستگارى شما در آخرت اگر داده نشويد فيروزى و بمراد خود نرسيد در دنيا
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»