google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
160-180 خطبه شرح وترجمه میر حبیب الله خوئیخطبه ها شرح و ترجمه میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره 179 (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی») في ذم العاصين من أصحابه‏

خطبه 180 صبحی صالح

180- و من خطبة له ( عليه‏ السلام  ) في ذم العاصين من أصحابه‏

أَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى مَا قَضَى مِنْ أَمْرٍ وَ قَدَّرَ مِنْ فِعْلٍ وَ عَلَى ابْتِلَائِي بِكُمْ أَيَّتُهَا الْفِرْقَةُ الَّتِي إِذَا أَمَرْتُ لَمْ تُطِعْ وَ إِذَا دَعَوْتُ لَمْ تُجِبْ

إِنْ أُمْهِلْتُمْ خُضْتُمْ وَ إِنْ حُورِبْتُمْ خُرْتُمْ

وَ إِنِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى إِمَامٍ طَعَنْتُمْ

وَ إِنْ أُجِئْتُمْ إِلَى مُشَاقَّةٍ نَكَصْتُمْ.

لَا أَبَا لِغَيْرِكُمْ مَا تَنْتَظِرُونَ بِنَصْرِكُمْ وَ الْجِهَادِ عَلَى حَقِّكُمْ

الْمَوْتَ أَوِ الذُّلَّ لَكُمْ

فَوَاللَّهِ لَئِنْ جَاءَ يَومِي وَ لَيَأْتِيَنِّي لَيُفَرِّقَنَّ بَيْنِي وَ بَيْنِكُمْ

وَ أَنَا لِصُحْبَتِكُمْ قَالٍ وَ بِكُمْ غَيْرُ كَثِيرٍ

لِلَّهِ أَنْتُمْ أَ مَادِينٌ يَجْمَعُكُمْ وَ لَا حَمِيَّةٌ تَشْحَذُكُمْ

أَ وَ لَيْسَ عَجَباً أَنَّ مُعَاوِيَةَ يَدْعُو الْجُفَاةَ الطَّغَامَ فَيَتَّبِعُونَهُ عَلَى غَيْرِ مَعُونَةٍ وَ لَا عَطَاءٍ

وَ أَنَا أَدْعُوكُمْ وَ أَنْتُمْ تَرِيكَةُ الْإِسْلَامِ وَ بَقِيَّةُ النَّاسِ إِلَى الْمَعُونَةِ أَوْ طَائِفَةٍ مِنَ الْعَطَاءِ فَتَفَرَّقُونَ عَنِّي وَ تَخْتَلِفُونَ عَلَيَّ

إِنَّهُ لَا يَخْرُجُ إِلَيْكُمْ مِنْ أَمْرِي رِضًى فَتَرْضَوْنَهُ وَ لَا سُخْطٌ فَتَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ

وَ إِنَّ أَحَبَّ مَا أَنَا لَاقٍ إِلَيَّ الْمَوْتُ

قَدْ دَارَسْتُكُمُ الْكِتَابَ وَ فَاتَحْتُكُمُ الْحِجَاجَ

وَ عَرَّفْتُكُمْ مَا أَنْكَرْتُمْ وَ سَوَّغْتُكُمْ مَا مَجَجْتُمْ

لَوْ كَانَ الْأَعْمَى يَلْحَظُ أَوِ النَّائِمُ يَسْتَيْقِظُ

وَ أَقْرِبْ بِقَوْمٍ مِنَ الْجَهْلِ بِاللَّهِ قَائِدُهُمْ مُعَاوِيَةُ وَ مُؤَدِّبُهُمُ ابْنُ النَّابِغَةِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج10  

و من خطبة له عليه السّلام في ذمّ أصحابه و هى المأة و التاسعة و السبعون من المختار في باب الخطب

أحمد اللّه على ما قضى من أمر، و قدّر من فعل، و على ابتلائي بكم أيّتها الفرقة الّتي إذا أمرت لم تطع، و إذا دعوت لم تجب، إن‏أمهلتم خضتم، و إن حوربتم خرتم، و إن اجتمع النّاس على إمام طعنتم، و إن أجبتم إلى مشاقّة نكصتم، لا أبا لغيركم، ما تنتظرون بنصركم، و الجهاد على حقّكم، الموت أو الذّلّ لكم، فو اللّه لئن جاء يومي- و ليأتينيّ- ليفرّقنّ بيني و بينكم و أنا لصحبتكم قال، و بكم غير كثير، للّه أنتم أما دين يجمعكم، و لا حميّة تشحذكم، أو ليس عجبا أنّ معاوية يدعو الجفاة الطّغام فيتّبعونه على غير معونة و لا عطاء، و أنا أدعوكم و أنتم تريكة الإسلام و بقيّة النّاس إلى المعونة أو طائفة من العطاء فتفرّقون عنّي و تختلفون عليّ، إنّه لا يخرج إليكم من أمري رضا فترضونه، و لا سخط فتجتمعون عليه، و إنّ أحبّ ما أنّا لاق إلىّ الموت، قد دارستكم الكتاب، و فاتحتكم الحجاج، و عرّفتكم ما أنكرتم، و سوّغتكم ما مججتم لو كان الأعمى يلحظ، أو النّائم يستيقظ، و أقرب بقوم من الجهل باللّه قائدهم معاوية، و مؤدّبهم ابن النّابغة.

اللغة

(أمهله) اى رفق به و أخّره و في بعض النسخ أهملتم أى تركتم و (خرتم) بالخاء المعجمة و الراء المهملة من الخور بمعنى الضعف أو من خوار الثور و هو صياحه قال تعالى: «عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ»، و عن بعض النسخ جرتم بالجيم من جار أى عدل‏عن الحقّ و (طعنتم) في بعض النسخ بالظاء المعجمة ارتحلتم و فارقتم و (أجبتم) بالجيم و الباء المعجمة على البناء على المعلوم من أجاب إجابة، و في نسخة الشارح المعتزلي اجئتم بالهمزة الساكنة بعد الجيم المكسورة و البناء على المجهول أى الجئتم قال تعالى: «فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى‏ جِذْعِ النَّخْلَةِ».

و (النكوص) الرجوع إلى ما وراء قال تعالى: «فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى‏ عَقِبَيْهِ» و (شحذت) النصل و السكين حدّتهما و (الجفاة) جمع الجافي و هو الغليظ من الناس و (الطغام) بالطاء المهملة و الغين المعجمة أراذل الناس و أوغادهم الواحد و الجمع سواء و (التريكة) بيضة النعامة يتركها في مجثمها و (درس) الكتاب قرأ و (ساغ) الشراب دخل في الحلق بسهولة قال الشاعر:

فساغ لي الشراب و كنت
قبلا أكاد أغصّ بالماء الفرات‏

و (مججته) من فمى أى رميت به.

الاعراب

يحتمل أن يكون ما في قوله: على ما قضا، مصدريّة و موصولة فيكون العايد محذوفا.
و قوله: لا أبا لغيركم قال الشارح البحراني: أصله لا أب و الالف زايدة إمّا لاستثقال توالى أربع فتحات، أو لانّهم قصدوا الاضافة و أتوا باللّام للتأكيد.

أقول: و يؤيّد الثاني ما حكاه نجم الأئمة عن سيبويه من زيادة اللّام في لا أبالك و قال الشارح المعتزلي: الأفصح لا أب بحذف الألف، و أمّا قولهم لا أبالك باثباته فدون الأوّل في الفصاحة، كأنّهم قصدوا الاضافة و أقحموا اللّام مزيدة مؤكدة

كما قالوا: يا تيم تيم عدىّ«» و هو غريب لأنّ حكم لا أن تعمل في النكرة فقط و حكم الألف أن تثبت مع الاضافة و الاضافة تعرف فاجتمع حكمان متنافيان فصار من الشواذ و قال أبو البقاء يجوز فيها وجهان آخران: أحدهما أنه أشبع فتحة الباء فنشأت الالف و الاسم باق على تنكيره و الثاني أن يكون أبا لغة من قال لها أبا في جميع أحوالها، مثل عصا و منه: إنّ أباها و أبا أباها.

و قوله: الموت أو الذّل لكم، في أكثر النسخ برفعهما و في بعضها بالنّصب أمّا الرفع فعلى الابتداء و لكم خبر و الجملة دعائيّة لا محلّ لها من الاعراب، و أمّا النصب فبتقدير أرجو و أطلب فتكون دعائية أيضا، و تحتمل الاستفهام أى أ تنتظرون.

و قوله: فو اللّه لئن جاء يومى و ليأتيّنى ليفرقنّ آه، جملة ليفرقنّ جواب للقسم و استغنى بها عن جواب الشرط، و جملة و ليأتينّى معترضة بين القسم و الشرط و جوابيهما المذكور و المحذوف و تعرف نكتة الاعتراض في بيان المعنى و جملة: و أنا لصحبتكم قال، منصوبة المحلّ على الحال، و بكم متعلّق بغير كثير قدّم عليه للتوسّع.

و قوله: للّه أنتم، قال الشارح المعتزلي: للّه في موضع رفع لأنّه خبر عن المبتدأالذى هو أنتم، و مثله للّه درّ فلان، و للّه بلاد فلان، و للّه أبوك، و اللّام ههنا فيها معنى التعجّب، و المراد بقوله للّه أنتم للّه سعيكم أو للّه عملكم كما قالوا: للّه درّك، أى عملك فحذف المضاف و أقام الضمير المنفصل المضاف اليه مقامه قال الشارح: و لا يجي‏ء هذه اللّام بمعنى التعجّب في غير لفظ اللّه كما أنّ تاء القسم لم تأت إلّا في اسم اللّه، انتهى و قال نجم الأئمة الرّضي: قولهم إنّ لام القسم يستعمل في مقام التعجّب يعنون الأمر العظيم الّذى يستحقّ أن يتعجّب منه فلا يقال للّه لقد قام زيد، بل يستعمل في الأمور العظام نحو للّه لتبعثنّ، و قيل إنّ اللّام في لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، و لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا»، للتعجّب، و الأولى أن يقال إنّها للاختصاص إذ لم يثبت لام التعجّب الّا في القسم انتهى كلامه رفع مقامه.

أقول: المستفاد من نصّ كلام الشارح أنّ لام التعجّب مختصّة بالدّخول على لفظ الجلالة، و من ظاهر كلام الرّضي أنّها ملازمة للقسم، و يشكل ذلك في نحو للّه درّه و للّه أبوك و للّه أنتم و ما ضاهاها، لأنهم اتّفقوا على أنّها في هذه الأمثلة للتعجّب مع أنّه لا معنى للقسم بل لا تصوير له فيها إذ لو كانت للقسم لاحتاجت إلى الجواب و ليس فليس.

و قد صرّح الرضىّ نفسه في مبحث التميز من شرح مختصر ابن الحاجب بأنّ معني للّه درّه فارسا، عجبا من زيد فارسا و هو يعطى أنّها فيه للتعجّب فقط لا للتعجّب و القسم على أنها لو جعلت للقسم لا يكون للّه خبرا مقدّما و درّه مبتدأ و لا يكون للدّرّ عامل رفع كما هو ظاهر لا يخفى.

و بعد اللّتيا و اللّتي فالتحقيق أن يقال: إنّ اللّام قد تكون للتعجّب مجرّدة عن القسم و لا يلزم دخولها على لفظ الجلالة كما زعمه الشارح المعتزلي بل قد تدخل عليه كما في للّه درّه فارسا و للّه أنت و قوله:

شباب و شيب و افتقار و ثروة
فللّه هذا الدّهر كيف تردّدا

و قد تدخل على غيره كما في «لِإِيلافِ قُرَيْشٍ» أى اعجبوا لايلاف قريش كما حكاه في الكشّاف عن بعضهم و في قوله:

فيا لك من ليل كأنّ نجومه
بكلّ مغار القتل بشدّت بيذبل‏

و قد تكون للتعجّب و القسم معا، و هذه مختصّة بالدّخول على لفظ الجلالة كما في للّه لا يؤخّر الأجل، و قوله تعالى: «للّه لتبعثنّ»

و قول الشاعر:

للّه يبقى على الأيّام ذو حيد
بمسمخرّ به الظبيان و الاس‏

فقد ظهر من ذلك أنّ لام القسم ملازم للتعجّب و لام التعجّب غير ملازم للقسم كما زعمه الرّضى و لا للدّخول على لفظ الجلالة كما زعمه الشارح المعتزلي هذا.
و أما تحقيق معنى التعجّب في هذه الموارد فهو ما أشار إليه الرّضي فيما حكى عنه بقوله: و أمّا معنى قولهم للّه درّك، فالدّر في الأصل ما يدرّ أى ينزل من الضّرع من اللّبن و من الغيم من المطر و هو هنا كناية عن فعل الممدوح و الصادر عنه، و إنما نسب فعله إليه قصدا للتعجّب منه لأنّ اللّه تعالى منشي‏ء العجائب، فكلّ شي‏ء عظيم يريدون التعجّب منه ينسبونه إليه تعالى و يضيفونه إليه نحو قولهم: للّه أنت، و للّه أبوك، فمعنى للّه درّه ما أعجب فعله.

و قال عز الدّين الزنجاني في محكىّ كلامه من شرح الهادى: للّه درّه كلام معناه التعجّب، و العرب إذا أعظموا الشي‏ء غاية الاعظام أضافوه إلى اللّه تعالى ايذانا بأنّ هذا الشي‏ء لا يقدر على ايجاده إلّا اللّه تعالى و بأنّ هذا جدير بأن يتعجّب منه لأنّه صادر عن فاعل قادر مصدر للأشياء العجيبة هذا.

و قوله عليه السّلام: أما دين يجمعكم، قال الشارح المعتزلي ارتفاع دين على أنه فاعل فعل مقدّر أى ما يجمعكم دين يجمعكم، اللّفظ الثاني مفسّر للأوّل كما قدرناه بعد إذا في قوله: «إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ»، و يجوز أن يكون حمية مبتدأ و الخبر محذوف تقديره أما لكم حمية، انتهى.

أقول: لزوم تقدير الفعل بعد أما إنما هو مسلم إن جعل أما مركبة حرف عرض بمنزلة لو لا، لاختصاصها بالدّخول على الفعل كما أنّ اذا مختصّة بالدّخول عليه، و لذلك احتيج الى تقديره في الاية الشريفة، و أما إذا جعلنا الهمزة للاستفهام على سبيل الانكار التوبيخى أو على سبيل التقرير و ما حرف نفى فلا حاجة إلى تقديرالفعل لأنّ ما على ذلك ماء حجازية بمعنى ليس و دين اسمها و يجمعكم خبرها.

و الظاهر من قول الشارح: أى ما يجمعكم أنه لا يجعلها حرف عرض و حينئذ فتقديره للفعل باطل، ثمّ إنّ تجويزه كون حمية مبتدأ و الخبر محذوفا فيه أنّ الأصل عدم الحذف مع وجود الجملة الصّالحة للخبريّة، و إن أراد بالتجويز مجرّد الصحّة بالقواعد الأدبيّة فلا بأس به.

و قوله: أو ليس عجبا استفهام تقريرى، و على في قوله عليه السّلام: على غير معونة، بمعنى مع كما في قوله تعالى: «وَ آتَى الْمالَ عَلى‏ حُبِّهِ»، «وَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى‏ ظُلْمِهِمْ»، و إلى في قوله: إلى المعونة، متعلّق بقوله ادعوكم، و جملة: و أنتم تريكة الاسلام آه، معترضة بينهما فليس لها محلّ من الاعراب، و يحتمل كونها في محلّ النّصب على الحالية من مفعول أدعوكم و لكن الأوّل أظهر.

و الضمير في قوله: إنه للشأن، و جواب لو في قوله لو كان الأعمى يلحظ أو النائم يستيقظ محذوف بدلالة الكلام كما في قوله تعالى: «وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى‏»، أى لكان هذا القرآن.
و قوله عليه السّلام: و أقرب بقوم من الجهل باللّه، فعل تعجّب و الباء زايدة كما في أحسن بزيد قال سيبويه افعل صورته أمر و معناه الماضي من افعل أى صار ذا فعل كألحم أى صار ذا لحم، و الباء بعده زايدة في الفاعل لازمة، و قد يحذف إن كان المتعجّب منه أن وصلتها نحو أحسن أن يقوم أى أن يقوم على ما هو القياس.

و ضعّف قوله بأنّ الأمر بمعنى الماضى مما لم يعهد بل الماضي يجي‏ء بمعنى الأمر مثل اتّقى امرؤ ربّه، و بأنّ افعل بمعنى صار ذا فعل قليل و لو كان منه لجاز ألحم بزيد و أشحم به، و بأنّ زيادة الباء في الفاعل قليل و المطرد زيادتها في المفعول.

و قال الفراء و تبعه الزمخشري و غيره ان احسن امر لكل احد بأن يجعل زيدا حسنا، و انما يجعله كذلك بأن يصفه بالحسن فكأنه قيل: صفه بالحسن كيف شئت فانّ فيه منه كلّ ما يمكن أن يكون في شخص كما قال الشاعر:
و قد وجدت مكان القول ذا سعة فان وجدت لسانا قائلا فعل‏و هذا معنى مناسب للتعجّب بخلاف تقدير سيبويه و أيضا همزة الجعل أكثر من همزة صار كذا و ان لم يكن شي‏ء منهما قياسا مطردا، و على ذلك فهمزة أحسن به للجعل كهمزة ما أحسن و الباء مزيدة في المفعول و هو كثير مطرد هذا.

و إنما لم يجمع لفظ أقرب مع كون المقصود بالخطاب غير مفرد، لأنّ فعل التعجّب لا يتصرّف فيه فلا يقال أحسنا و أحسنوا و أحسنى و إن خوطب به مثنّى أو مجموع أو مؤنّث، و سهل ذلك انمحاء معنى الأمر فيه اريد به محض انشاء التعجّب و لم يبق فيه معنى الخطاب حتّى يثنّى أو يجمع أو يؤنّث.

ثمّ إنّه يجب أن يكون المتعجّب منه مختصّا فلا يقال ما أحسن رجلا، لعدم الفائدة فان خصّصته بوصف نحو رجلا رأيناه في موضع كذا جاز، و لذلك أتى بالجملة الوصفية أعنى قوله قائدهم معاوية بعد قوله بقوم، لئلّا يخلو عن الفائدة، فالجملة على ذلك في محلّ الجرّ على الصفة فافهم ذلك كلّه و اغتنم.

المعنى

اعلم أنّ هذا الكلام له عليه السّلام كما نبّه عليه السيّد (ره) وارد في ذمّ أصحابه و التوبيخ لهم، و الأشبه أنه عليه السّلام قاله بعد التّحكيم و انقضاء أمر الحكمين تقريعا لأصحابه على القعود عن قتال معاوية، فافتتح كلامه بحمد اللّه تعالى و ثنائه على ما جرى عليه سيرته في أغلب كلماته الواردة في مقام الخطابة فقال: (الحمد للّه على ما قضا من أمر و قدر من فعل) يحتمل أن يريد بقوله قضا و قدر معنى واحدا و كذلك الأمر و الفعل فيكونان مترادفين كالفعلين، و أن يريد بالقضاء الحكم الالهى بوجود الأشياء، و بعبارة اخرى هو عالم الأمر و لذا فسّره بقوله: من أمر، و بالقدر ما قدره من الخلق و الايجاد و بعبارة اخرى هو عالم الخلق و لذا بيّنه بقوله: من فعل، فيكون المعنى الثناء للّه على قضائه و قدره أى على أمره و فعله أو على ما قضاه و قدره على مقتضياته من الأوامر و الأحكام، و على مقدراته من الصنائع و الأفعال و قد مضى تفصيل الكلام مشبعا في معنى القضاء و القدر في شرح الفصل‏التاسع من الخطبة الأولى.

و أقول هنا: إنّ قوله عليه السّلام هذا مؤيّد لما ذهب إليه اتباع الاشراقيّين من أنّ القضاء عبارة عن وجود الصور العقلية لجميع الموجودات فايضة عنه تعالى على سبيل الابداع دفعة بلا زمان، لكونها عندهم من جملة العالم و من أفعال اللّه تعالى المباينة و ذاتها لذاته، خلافا لاتباع المشّائين كالشيخ الرئيس و من يحذو حذوه فانه عندهم عبارة عن صور علمية لازمة لذاته بلا جعل و تأثير و تأثّر، و ليست من أجزاء العالم، إذ ليست لها جهة عدمية و لا إمكانات واقعية.

و أمّا القدر فهو عبارة عن وجود صور الموجودات في العالم السماوى على الوجه الجزئي مطابقة لما في موادّها الخارجية الشخصيّة مستندة إلى أسبابها و عللها لازمة لأوقاتها المعيّنة و أمكنتها المشخّصة هذا.
و على ما استظهرناه من ورود هذا الكلام عنه عليه السّلام بعد التحكيم فيجوز أن أن يراد بما قضاه و قدره خصوص ما وقع من أمر الحكمين و إفضاء الأمر إلى معاوية، فإنّ كل ما يقع في العالم فلا يكون إلّا بقضاء من اللّه و قدر، فيكون مساق هذا الكلام مساق قوله عليه السّلام في الخطبة الخامسة و الثلاثين: الحمد للّه و ان أتى الدّهر بالخطب الفادح و الحدث الجليل.

فان قلت: فما معنى حمده على وقوع هذا الأمر مع أنه ليس نعمة موجبة للثناء قلت: اللّازم على العبد الكامل في مقام العبوديّة و البالغ في مقام العرفان أن يحمد اللّه على بلاء اللّه سبحانه كما يحمد على نعمائه حسبما عرفت توضيحه في شرح قوله: نحمده على آلائه كما نحمده على بلائه في الخطبة المأة و الاحدى و الثلاثين، و لما كان وقوع ما وقع بليّة له عليه السّلام في الحقيقة لا جرم حمد اللّه سبحانه على ذلك.

و يفيد ذلك أيضا قوله (و على ابتلائى بكم) خصوصا ما يروى في بعض النسخ على ما ابتلانى بكم (أيّتها الفرقة التي إذا أمرت لم تطع و اذا دعوت لم تجب) و الاتيان بالموصول لزيادة التقرير أعنى تقرير الغرض المسوق له الكلام، فانه لما بيّن ابتلائه بهم إجمالا عقّبه بتفصيل جهات الابتلاء، و هو كونهم مخالفين له في‏جميع الأحوال متمرّدين عن طاعته عند الأمر بالقتال، متثاقلين عن إجابته عند الدّعوة إلى الحرب و الجدال.

(إن امهلتم) و عن بعض النسخ إن اهملتم أى تركتم على حالكم (خضتم) في لهو الحديث و فى الضلالة و الأهواء الباطلة (و إن حوربتم خرتم) أى ضعفتم و جبنتم أو صحتم ضياح الثور، و عن بعض النسخ جرتم بالجيم أى عدلتم عن الحرب فرارا (و إن اجتمع الناس على إمام) أراد به نفسه (طعنتم) على المجتمعين (و إن اجبتم الى مشاقة) عدوّ أى مقاطعته و مصارمته (نكصتم) على أعقابكم و رجعتم محجمين (لا أبا لغيركم) دعاء بالذّل و فيه نوع تلطّف لهم حيث قال لغيركم و لم يقل لكم (ما تنتظرون) استفهام على سبيل التقريع و التوبيخ أى أىّ شي‏ء تنتظرونه (بنصركم) أى بتأخير نصرتكم لدين اللّه (و) بتأخير (الجهاد على حقكم) اللّازم عليكم و هو إعلاء كلمة اللّه (الموت أو الذّل لكم) قال الشارح المعتزلي: دعاء عليهم بأن يصيبهم أحد الأمرين كأنّه شرع داعيا عليهم بالفناء الكلّى و هو الموت ثمّ استدرك فقال أو الذّل، لأنّه نظير الموت في المعنى لكنه في الصّورة دونه، و لقد اجيب دعائه عليه السّلام بالدعوة الثانية فانّ شيعته ذلّوا بعده في الأيام الأمويّة.

أقول: و قد مضي له معني آخر في بيان الاعراب و على ذلك المعني ففيه اشارة إلى أنّ تأخير الجهاد إمّا مؤدّ إلى الموت على الفراش أو الذّل العظيم على سبيل منع الخلوّ، و أهل الفتوّة و المروّة لا يرضي بشي‏ء منهما، و القتل بالسيف في الجهاد عندهم ألذّ و أشهى كما مرّ بيانه في شرح المختار المأة و الثاني و العشرين.
ثمّ اقسم بالقسم البارّ بأنه إذا جاء موته ليكون مفارقته لهم عن قلى و بغض فقال (فو اللّه لئن جاء يومي) الموعود (و ليأتينّى) جملة معترضة أتي بها لدفع ايهام خلاف المقصود.

بيان ذلك أنّ لفظة إن و إذا الشرطيّتين تشتركان في إفادة الشرط في الاستقبال لكن أصل إن أن يستعمل في مقام عدم الجزم بوقوع الشرط و أصل إذا أن يستعمل في مقام الجزم بوقوعه، و لذلك كان الحكم النادر الوقوع موقعا لان لكونه غير مقطوع‏به في الغالب، و الحكم الغالب الوقوع موردا لاذا و غلب لفظ الماضي معها لدلالته على الوقوع قطعا نظرا إلى نفس اللفظ و إن نقل ههنا الى معني الاستقبال قال سبحانه مبيّنا لحال قوم موسى عليه السّلام: «فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى‏ وَ مَنْ مَعَهُ» جي‏ء في جانب الحسنة بلفظ الماضي مع إذا لأنّ المراد الحسنة المطلقة التي وقوعها مقطوع به و لذلك عرفت بلام الجنس لأنّ وقوع الجنس و الماهية كالواجب لكثرته و وسعته، و في جانب السيئة بلفظ المضارع مع إن لندرتها و قلّتها و لذلك نكرت لدلالة التنكير على التقليل.

اذا عرفت ذلك فنقول: إنّ موته عليه السّلام لما كان أمرا محقّقا معلوم الوقوع كان المقام مقتضيا للاتيان باذا، لكنه أتى بان الموهمة لعدم جزمه عليه السّلام به.
فاستدرك ذلك أوّلا بالعدول في الشرط عن الاستقبال إلى الماضي حيث قال: جاء يومي و لم يقل يجي‏ء إبرازا لغير الحاصل في معرض الحاصل و كون ما هو للوقوع كالواقع بقوّة أسبابه المعدّة له مع ما فيه من إظهار الرغبة و الاشتياق الى حصول الشرط، فانّ الطالب إذا عظمت رغبته في حصول أمر يكثر تصوّره إياه فربما يخيل ذلك الأمر إليه حاصلا فيعتبر عنه بلفظ الماضي.

و استدركه ثانيا بقوله: و ليأتينّي، فنبّه عليه السّلام بهذين الاستدراكين على أنّه جازم بمجي‏ء يومه الموعود قاطع به و أنّ مجيئه قريب الوقوع و هو مشتاق اليه و أشدّ حبّا له من الطفل بثدى امّه كما صرّح به في غير واحدة من كلماته، و هذا من لطايف البلاغة و محسّناتها البديعة الّتي لا يلتفت إليها إلّا مثله عليه السّلام هذا.

و قوله (ليفرقنّ بيني و بينكم و أنا بصحبتكم قال) يعني إذا جاء مماتى يكون فارقا بيننا و الحال أنى مبغض لكم مستنكف عن مصاحبتكم (و بكم غير كثير) أى غير كثير بسببكم قوّة و عدة لأنّ نسبتكم إلىّ كالحجر في جنب الانسان لا أعوان صدق عند مبارزة الشجعان، و لا إخوان ثقة يوم الكريهة و مناضلة الأقران (للّه أنتم) أى للّه درّكم و هو دار و في مقام التعجّب و المدح تلطفا قال العلّامة المجلسي ره: و لعلّه للتعجّب على سبيل الذمّ.

أقول: إن أراد انفهام الذمّ منه بقرينة المقام فلا بأس و إلّا فهو خلاف ما اصطلحوا عليه من استعمالها في مقام المدح حسبما عرفته تفصيلا في شرح الاعراب.
و قوله (أما دين يجمعكم و لا حميّة تشحذكم) أى تحددكم في معنى الطلب و الترغيب على الاجتماع على الدّين و ملازمة الحميّة سواء جعلنا أما حرف عرض و تحضيض أو الهمزة للاستفهام التوبيخي أو التقريرى و ما حرف نفي.
أمّا على الأول فواضح لأنّ معني التحضيض في المضارع هو الحضّ على الفعل و الطلب له فهو فيه بمعنى الأمر و قلّما يستعمل فيه إلّا في موضع التوبيخ و اللّوم على ما كان يجب أن يفعله المخاطب قبل أن يطلب.

و أمّا على جعل الهمزة للانكار التوبيخى فكذلك لاقتضائه وقوع ما بعدها و كون فاعله ملوما و لوم المخاطبين و توبيخهم على عدم الدّين و ترك الحميّة مستلزم لطلب الدّين و الحميّة منهم.
و أمّا على جعلها للتقرير فلأنّ معني التقرير هو حمل المخاطب على الاقرار بأمر قد استقرّ عنده ثبوته أو نفيه، و المراد هنا التقرير بما بعد النفي أى تقرير المخاطبين و حملهم على الاعتراف بالدّين الجامع و الحميّة الشاحذة و حملهم على الاعتراف بذلك في معنى طلبه منهم و حملهم عليهم حتى لا يكونوا كاذبين.

و إلى ذلك ينظر ما قاله العلّامة التفتازاني: من أنّ العرض مولد من الاستفهام أى ليس بابا على حدة، فالهمزة فيه همزة الاستفهام دخلت على النفي و امتنع حملها على حقيقة الاستفهام لأنه يعرف عدم النزول مثلا فالاستفهام عنه يكون طلبا للحاصل فتولد منه بقرينة الحال عرض النزول على المخاطب و طلبه، و هي في التحقيق همزة الانكار، أى لا ينبغي لك أن لا تنزل«» و إنكار النفي إثبات.

و فيه أيضا و من مجي‏ء الهمزة للانكار «أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ»، أى اللّه كاف عبده، لأنّ إنكار النفي نفي له و نفي النفي إثبات، و هذا المعني مراد من قال: إنّ الهمزة للتقرير بما بعد النفي النفي لا بالنفي، و هكذا أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ، و أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً، و ماأشبه ذلك، فقد يقال: إنّ الهمزة للانكار و قد يقال إنها للتقرير و كلاهما حسن انتهى.

و من ذلك علم أنّ الهمزة في قوله (أو ليس عجبا) أيضا تحتمل الانكار و التقرير كالجملة السابقة إلّا أنّ بينهما فرقا، و هو أنّ الانكار في السابق للتوبيخ و هنا للابطال، و مقتضاه أن يكون ما بعده غير واقع و مدعيه كاذبا فيكون مفاده إنكار عدم العجب و أنّ من ادّعى عدمه فهو كاذب و يلزمه ثبوت العجب لأنّ نفي النفي إثبات كما مرّ في نحو: أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ، و أمّا على كونها للتقرير فلا فرق بينهما لأنها هنا أيضا للتقرير بما بعد النفي أى حملهم على الاقرار بثبوت العجب.

و على أىّ تقدير فالمقصود من الكلام بقرينة الحال و المقام حثّهم على رفع ما أوجب التعجّب عن قبلهم و هو تفرّقهم عنه و اختلافهم عليه.
كما أشار إلى تفصيله بقوله (إنّ معاوية يدعو الجفاة الطعام) أى الأراذل و الأوغاد من الناس (فيتّبعونه) و يجيبون دعوته (على غير معونة و لا عطاء) قال الشارح المعتزلي: الفرق بينهما انّ المعونة إلى أنجد شي‏ء يسير من المال يرسم لهم لترميم أسلحهتم و إصلاح دوابهم و يكون ذلك خارجا عن العطاء المفروض شهرا فشهرا و العطاء المفروض شهرا فشهرا يكون شيئا له مقدار يصرف في أثمان الأقوات و معونة العيال و قضاء الدّيون.

فان قلت: كيف يجتمع قوله فيتّبعونه على غير معونة و لا عطاء بما هو المعروف من بذل معاوية و أنه يمدّ جيشه بالأموال و الرغائب.
قلت: قد أجاب عنه الشارح المعتزلي بأنّ معاوية لم يكن يعطى جنده على وجه المعونة و العطاء، و إنما كان يعطي رؤساء القبايل من اليمن و ساكني الشام الأموال الجليلة تستعبدهم بها و يدعو أولئك الرؤساء أتباعهم من العرب فيطيعونه، فمنهم من يطيعهم حمية و منهم من يطيعهم دينا للطلب بدم عثمان، و لم يكن يصل إلى هولاء الأتباع من أموال معاوية قليل و لا كثير، و أما أمير المؤمنين فانه كان يقسم بين الرؤساء و الاتباع على وجه العطاء و الرزق لا يرى شريف على مشروف فضلاو إلى ذلك أشار بقوله (و أنا أدعوكم و أنتم تريكة الاسلام و بقيّة) المسلمين من (النّاس) لا يخفى ما في الاتيان بهذه الجملة من النكتة اللّطيفة و هو الالهاب لهم و التهييج على المتابعة و استعار لهم لفظ التريكة لكونهم خلف الاسلام و بقيّته كالتريكة التي يتركها النعامة، أى أدعوكم مع كونكم خلف الاسلام و بقيّة السلّف و أولى النّاس بالقيام على مراسمه و بسلوك نهج الاسلاف (إلى المعونة أو طائفة من العطاء فتفرّقون عنّي) و تقاعدون (و تختلفون علىّ) و لا تجتمعون.

و عمدة أسباب التفرّق و التقاعد هو ما أشرنا إليه هنا إجمالا و قدّمناه في شرح الخطبة الرابعة و الثلاثين تفصيلا من تسويته عليه السّلام في العطاء بين الشريف و الوضيع و الرّئيس و المرءوس و الموالي و العبيد، فكان الرؤساء من ذلك واجدين في أنفسهم فيخذلونه باطنا و ينصرونه ظاهرا، و إذا أحسّ الاتباع بتخاذل الرّؤساء تخاذلوا أيضا فلم يكن يجد عليه السّلام لما أعطى الاتباع من الرّزق ثمرة، لأنّ قتال الأتباع لا يتصوّر وقوعه مع تخاذل الرّؤساء فكان يذهب ما يعطيهم ضياعا، هذا.

و قد تحصّل من قوله عليه السّلام أو ليس عجبا، إلى قوله: تختلفون على أنّ منشأ تعجّبه عليه السّلام أمور: أوّلها أنّ داعيهم معاوية إمام القاسطين و داعي هؤلاء أمير المؤمنين إمام المتّقين و الأوّل يدعوهم إلى درك الجحيم و الثّاني يدعوهم إلى نضرة النعيم.
و ثانيها أنّ المدعوّ هناك الأوغاد الطغام مع خلوّهم غالبا عن الغيرة و الحميّة و ههنا تريكة الاسلام و بقيّة أهل التقوى و المروّة.

و ثالثها متابعة الأوّلين على إمامهم من غير معونة و لا عطاء و مخالفة الاخرين لامامهم مع المعونة و العطاء.
ثمّ أشار إلى مخالفتهم له عليه السّلام في جميع الأحوال فقال (إنه لا يخرج إليكم من أمرى رضا فترضونه و لا سخط فتجتمعون عليه) أى لا يخرج إليكم من أمرى شي‏ء من شأنه أن يرضى به كالمعونة و العطاء فترضونه أو من شأنه أن يسخط منه كالحرب و الجهاد لكراهة الموت و حبّ البقاء فتجتمعون عليه، بل لا بدّ لكم من‏المخالفة و التفرّق على الحالين أى لا تقبلون من أمرى و ما أقول لكم شيئا سواء كان فيه الرّضا أو السخط.
ثمّ قال (و إنّ أحبّ ما أنالاق إلىّ الموت) أى أحبّ الأشياء إلىّ لقاء الموت قال الشارح المعتزلي: و هذه الحال الّتي ذكرها أبو الطيّب فقال:

كفى بك داء أن ترى الموت شافيا
و حسب المنايا أن يكنّ أمانيا

تمنّيتها لما تمنّيت أن أرى‏
صديقا فأعيا أو عدوّا مراجيا

ثمّ أشار عليه السّلام إلى جهة محبّته للقاء الموت و كراهته لصحبتهم، و هو تثقالهم من إجابة الحقّ و عدم قبولهم لمواعظه و نصايحه، و ذلك معنى قوله: (قد دارستكم الكتاب) أى قرأته عليكم للتعليم و قرأتم علىّ للتعلّم (و فاتحتكم الحجاج) أى حاكمتكم بالمحاجّة و المجادلة (و عرفتكم ما أنكرتم) أى عرفتكم ما كانت منكرة مجهولة عندكم من طريق الصّلاح و السّداد و ما فيه انتظام أمركم في المعاش و المعاد (و سوّغتكم ما مججتم) أى أعطيتكم من الأرزاق و الأموال ما كنتم محرومين عنها فاستعار لفظ التسويغ للاعطاء، و الجامع سهولة التناول كما استعار لفظ المجّ و هو اللّفظ من الفم للحرمان، و الجامع امتناع الانتفاع.

و قوله (لو كان الأعمى يلحظ أو النائم يستيقظ) أى لو كان الأعمى يلحظ لأبصرتم، و لو كان النائم يستيقظ لانتبهتم، و هو تعريض عليهم بأنّ لهم أعينا لا يبصرون بها، و آذانا لا يسمعون بها، و قلوبا لا يفقهون بها، فهم صمّ بكم عمى و هم لا يعقلون ثمّ تعجّب من حال أهل الشام و متابعتهم على معاوية فقال (و أقرب بقوم) قد مرّ لطف هذه اللّفظة و افادتها للمبالغة في التعجّب في بيان الاعراب أى ما أشدّ قرب قوم (من الجهل باللّه) و بشرايعه و بأحكامه (قائدهم معاوية) المنافق بن الكافر (و مؤدّبهم) و مشيرهم (ابن النابغة) الغادر الفاجر، و أراد به عمرو بن العاص اللّعين و طوى عن ذكر اسمه تحقيرا و تعريضا على خسّته و دنائته، و قدحا في نسبه على ما عرفته تفصيلا في شرح المختار الثالث و الثمانين.

الترجمة

از جمله كلام بلاغت نظام آن امام أنام است عليه الصّلاة و السّلام در مذمّت أصحاب خود مى‏ فرمايد: حمد و ثنا مي كنم معبود بحق را بر آنچه قضا فرمود از هر أمر و تقدير كرد از هر فعل، و بر امتحان شدن من بشما اى گروهى كه چون أمر مى‏ كنم مرا اطاعت نمى‏ نمائيد، و اگر دعوت بكنم اجابت نمى‏ كنيد، و اگر مهمل گذاشته شويد يا مهلت داده شده باشيد غوص مى‏ كنيد در لغو و باطل، و اگر محاربه كرده شويد ضعيف مى‏ باشيد يا صدا مى‏ كنيد مثل صداى گاو، و اگر جمعيت نمايند مردم بر امامي طعنه مى ‏زنيد يا اين كه مفارقت مى‏ نمائيد، و اگر خوانده شويد يا ملجأ شويد بسوى مشقّت يعني محاربه باز مى‏ گرديد.

بى ‏پدر باشد غير شما چه انتظار مى‏ كشيد با تأخير يارى كردن و مجاهده نمودن بر حق خودتان، مرگ يا ذلّت باد از براى شما، پس سوگند بخدا اگر بيايد روز وفات من و البته خواهد آمد- هر آينه جدائى مى‏ اندازد ميان من و ميان شما در حالتى كه من دشمن گيرنده باشم صحبت شما را، و در حالتى كه من بسبب شما صاحب كثرت قوّت و زيادتي شوكت نمى ‏باشم، از براى خدا است خير شما آيا نيست دينى كه جمع نمايد شما را، آيا نيست حميّت غيرتي كه باعث حدّت شما بشود، آيا نيست عجيب اين كه معاويه دعوت مي كند جفا كاران و فرومايگان را پس متابعت مي كنند بر او بدون اين كه جيره و مواجبي به آنها بدهد، و من دعوت مي كنم شما را در حالتى كه شما پس مانده اسلام و بقيه مردمان هستيد بسوى معونت يا طائفه از عطاء پس متفرّق مى‏ شويد و اختلاف مى‏ ورزيد بر من.

بدرستى كه خارج نمى ‏شود بسوى شما از امر من چيزى كه متضمّن رضا و خوشنوديست پس خوشنود بشويد از آن، يا چيزى كه متضمّن سخط و خشم است پس اجتماع نمائيد بر آن، و بدرستى كه دوست‏ ترين چيزى كه من ملاقات كننده ‏ام بسوى من مرگ است، بتحقيق كه من درس گفتم شما را كتاب خدا را و محاكمه ‏كردم با شما با اجتماع و شناساندم شما را چيزى را كه نمى‏ دانستيد، و گوارا ساختم از براى شما چيزى را كه از دهان انداخته بوديد اگر نابينا مى‏ ديد يا اين كه خواب كننده بيدار مى‏ شد، چه قدر نزديك است قومى از جهالت بخدا كه پيشواى ايشان معاويه است و أدب دهنده ايشان پسر زن زناكار كه عبارت است از عمرو بن عاص بي‏دين.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

Show More

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

Back to top button
-+=