خطبه 143 صبحی صالح
143- و من خطبة له ( عليه السلام ) في الاستسقاء
و فيه تنبيه العباد وجوب استغاثة رحمة اللّه إذا حبس عنهم رحمة المطر
أَلَا وَ إِنَّ الْأَرْضَ الَّتِي تُقِلُّكُمْ وَ السَّمَاءَ الَّتِي تُظِلُّكُمْ مُطِيعَتَانِ لِرَبِّكُمْ
وَ مَا أَصْبَحَتَا تَجُودَانِ لَكُمْ بِبَرَكَتِهِمَا تَوَجُّعاً لَكُمْ
وَ لَا زُلْفَةً إِلَيْكُمْ
وَ لَا لِخَيْرٍ تَرْجُوَانِهِ مِنْكُمْ
وَ لَكِنْ أُمِرَتَا بِمَنَافِعِكُمْ فَأَطَاعَتَا
وَ أُقِيمَتَا عَلَى حُدُودِ مَصَالِحِكُمْ فَقَامَتَا
إِنَّ اللَّهَ يَبْتَلِي عِبَادَهُ عِنْدَ الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ بِنَقْصِ الثَّمَرَاتِ
وَ حَبْسِ الْبَرَكَاتِ
وَ إِغْلَاقِ خَزَائِنِ الْخَيْرَاتِ
لِيَتُوبَ تَائِبٌ
وَ يُقْلِعَ مُقْلِعٌ
وَ يَتَذَكَّرَ مُتَذَكِّرٌ
وَ يَزْدَجِرَ مُزْدَجِرٌ
وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الِاسْتِغْفَارَ سَبَباً لِدُرُورِ الرِّزْقِ وَ رَحْمَةِ الْخَلْقِ
فَقَالَ سُبْحَانَهُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً
فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً اسْتَقْبَلَ تَوْبَتَهُ
وَ اسْتَقَالَ خَطِيئَتَهُ
وَ بَادَرَ مَنِيَّتَهُ
اللَّهُمَّ إِنَّا خَرَجْنَا إِلَيْكَ مِنْ تَحْتِ الْأَسْتَارِ وَ الْأَكْنَانِ
وَ بَعْدَ عَجِيجِ الْبَهَائِمِ وَ الْوِلْدَانِ
رَاغِبِينَ فِي رَحْمَتِكَ وَ رَاجِينَ فَضْلَ نِعْمَتِكَ وَ خَائِفِينَ مِنْ عَذَابِكَ وَ نِقْمَتِكَ
اللَّهُمَّ فَاسْقِنَا غَيْثَكَ
وَ لَا تَجْعَلْنَا مِنَالْقَانِطِينَ
وَ لَا تُهْلِكْنَا بِالسِّنِينَ
وَ لَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّايَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ
اللَّهُمَّ إِنَّا خَرَجْنَا إِلَيْكَ نَشْكُو إِلَيْكَ مَا لَا يَخْفَى عَلَيْكَ
حِينَ أَلْجَأَتْنَا الْمَضَايِقُ الْوَعْرَةُ
وَ أَجَاءَتْنَا الْمَقَاحِطُ الْمُجْدِبَةُ
وَ أَعْيَتْنَا الْمَطَالِبُ الْمُتَعَسِّرَةُ
وَ تَلَاحَمَتْ عَلَيْنَا الْفِتَنُ الْمُسْتَصْعِبَةُ
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَلَّا تَرُدَّنَا خَائِبِينَ
وَ لَا تَقْلِبَنَا وَاجِمِينَ
وَ لَا تُخَاطِبَنَا بِذُنُوبِنَا
وَ لَا تُقَايِسَنَا بِأَعْمَالِنَا
اللَّهُمَّ انْشُرْ عَلَيْنَا غَيْثَكَ وَ بَرَكَتَكَ
وَ رِزْقَكَ وَ رَحْمَتَكَ
وَ اسْقِنَا سُقْيَا نَاقِعَةً مُرْوِيَةً مُعْشِبَةً
تُنْبِتُ بِهَا مَا قَدْ فَاتَ
وَ تُحْيِي بِهَا مَا قَدْ مَاتَ
نَافِعَةَ الْحَيَا
كَثِيرَةَ الْمُجْتَنَى
تُرْوِي بِهَا الْقِيعَانَ
وَ تُسِيلُ الْبُطْنَانَ
وَ تَسْتَوْرِقُ الْأَشْجَارَ
وَ تُرْخِصُ الْأَسْعَارَ
إِنَّكَ عَلَى مَا تَشَاءُ قَدِيرٌ
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج9
تتمة باب المختار من خطب أمير المؤمنين ع و أوامره
بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم
و من خطبة له عليه السّلام في الاستسقاء
و هي المأة و الثالثة و الاربعون من المختار في باب الخطب.
ألا و إنّ الأرض الّتي تحملكم، و السّماء الّتي تظلّكم، مطيعتان لربّكم، و ما أصبحتا تجودان لكم ببركتهما توجّعا لكم، و لا زلفة إليكم، و لا لخير ترجوا له منكم، و لكن أمرتا بمنافعكم فأطاعتا، و أقيمتا على حدود مصالحكم فقامتا، إنّ اللَّه يبتلي عباده عند الأعمال السّيّئة بنقص الثّمرات، و حبس البركات، و إغلاق خزائن الخيرات، ليتوب تائب، و يقلع مقلع، و يتذكّر متذكّر، و يزدجر مزدجر، و قد جعل اللَّه سبحانه الاستغفار سببا لدرور الرّزق، و رحمة الخلق، فقال:- استغفروا ربّكم إنّه كان غفارا، يرسل السّماء عليكم مدرارا و يمددكم بأموال و بنين- فرحم اللَّه امرء استقبل توبته، و استقال خطيئته، و بادر منيّته. الّلهمّ إنّا خرجنا إليك من تحت الأستار و الأكنان، و بعد عجيج البهائم و الولدان، راغبين في رحمتك، و راجين فضل نعمتك، و خائفين من عذابك و نقمتك، الّلهمّ فاسقنا غيثك، و لا تجعلنا من القانطين، و لا تهلكنا بالسّنين، و لا تؤاخذنا بما فعل السّفهاء منّا يا أرحم الرّاحمين، اللّهم إنّا خرجنا إليك نشكو إليك ما لا يخفى عليك حين ألجأتنا المضائق الوعرة، و أجائتنا المقاحط المجدبة، و أعيتنا المطالب المتعسّرة، و تلاحمت علينا الفتن المستصعبة، الّلهمّ لا تردّنا خائبين، و لا تقلبنا و اجمين، و لا تخاطبنا بذنوبنا، و لا تقايسنا بأعمالنا، ألّلهم انشر علينا نميثك و بركتك و رزقك و رحمتك، و اسقنا سقيا نافعة مروية معشبة تنبت بها ما قد فات، و تحيي بها ما قد مات، نافعة الحيا، كثيرة المجتنى، تروي بها القيعان، و تسيل البطنان، و تستورق الأشجار، و ترخص الأسعار، إنّك على ما تشاء قدير.
اللغة
(الأرض) مؤنثة و الجمع أرضون بفتح الرّاء (و السّماء) المظلّة للأرض قال ابن الأنباري: تذكّر و تؤنّث و قال الفراء: التذكير قليل و هو على معنى السّقف و السّماء أيضا المطر قال الفيومى: مؤنّثة لأنّها في معنى السّحابة و كلّ عال مظلّ سماء حتّى يقال اظهر الفرس سماء و (جاد) بالمال بذله و جادت السّماء أمطرت و الأرض أنبتت و (توجّع) لفلان رثاه و (أقلع) عن الأمر اقلاعا تركه و (الاكنان) جمع الكنّ و هو ما ستر من الحرّ و البرد من كننته أى سترته و أخفيته في كنّه بالكسر.
و (السّنين) جمع السّنة و هي الجدب و أرض سنواء و سنهاء أصابتها السّنة و (المضايق) جمع المضيق و هو ما ضاق من الأمور و (الوعر) بسكون العين و كسرها ضدّ السّهل قال الشارح المعتزلي: الوعرة بالتسكين و لا يجوز التحريك و (المقاحط) أماكن القحط أو أزمانه جمع المحقط يأتي للمكان و الزّمان و (الوجم) و الواجم العبوس المطرق لشدّة الحزن و (السّقيا) بالضمّ اسم من سقاه اللَّه الغيث أنزله له و (القيعان) جمع القاع و هو المستوى من الأرض.
و (تسيل) في بعض النسخ بفتح التاء مضارع سال كباع و في بعضها بالضمّ من باب الافعال و (البطنان) بالضمّ جمع البطن كعبد و عبدان و ظهر و ظهران و هو المنخفض من الأرض كما قاله الطريحى، أو الغامض منها كما في شرح المعتزلي و قال الفيروز آبادي جمع الباطن و هو مسيل الماء في غلظ و (الرخص) بالضمّ ضدّ الغلاء و رخص الشيء من باب قرب فهو رخيص و يتعدّي بالهمزة فيقال: أرخص اللَّه السّمر و تعديته بالتضعيف غير معروف و (الأسعار) جمع سعر بالكسر و هو تقدير أثمان الأشياء و ارتفاعه غلاء و انحطاطه رخص و قيل تقدير ما يباع به الشيء طعاما كان أو غيره، و يكون غلاء و رخصا باعتبار الزيادة على المقدار الغالب في ذلك المكان و الأوان و النقصان عنه.
الاعراب
جملة تجودان، منصوبة المحلّ على أنّه خبر أصبحت أو أصبح بمعنى صار قال نجم الأئمة ما محصّله: إنّ من خصائص كان ما ذهب إليه ابن درستويه،و هو أنّه لا يجوز أن يقع الماضي خبر كان فلا يقال كان زيد قام، و فعل ذلك لدلالة كان على المضىّ فيقع المضىّ في خبره لغوا فينبغي أن يقال كان زيد قائما أو يقوم، و كذا ينبغي أن يمنع يكون زيد يقوم لتلك العلّة إلى أن قال: و منع ابن مالك و هو الحقّ من مضىّ خبر صار و ليس و ما دام و كلّ ما كان ماضيا من ما زال و لا زال و مراد فاتها، لدلالة صار على الانتقال في الزمن الماضي إلى حالة مستمرّة و هي مضمون خبرها، و كذا ما زال و أخواتها موضوعة لاستمرار مضمون اخبارها في الماضي و ما يصلح الاستمرار هو الاسم الجامد نحو هذا أسد أو الصفّة نحو زيد قائم أو غنيّ أو مضروب أو الفعل المضارع نحو زيد يقدم في الحرب و يسخو بموجوده، فناسبت الثلاثة لصلاحيتها للاستمرار أن يقع خبرا لصار و أخواتها من أصبح و أمسى و ظلّ و بات و كذا ما زال و أخواتها بخلاف الماضي فانّه لا يستعمل في استمرار هذه الثلاثة فلم يقع خبرا لهذه الأفعال.
و توجّعا، مفعول لأجله و العامل فيه تجودان، و قوله ليتوب، تعليل ليبتلى و متعلّق به، و مدرارا، حال من السّماء و الفاء في قوله: فرحم اللَّه، فصيحة و الجملة دعائية لا محلّ لها من الاعراب.
المعنى
اعلم أنّ هذه الخطبة الشريفة خطبها في الاستسقاء و طلب السّقياء كالخطبة المأة و الرابعة عشر، و قد قدّمنا في شرح تلك الخطبة كيفية الاستسقاء و ما يناسب شرحها من الأخبار.
و أقول هنا: انّه عليه السّلام لما كان بصدد الدعاء و طلب الرحمة من اللَّه سبحانه و تعالى و كانت استجابة الدّعاء موقوفة على وجود المقتضى و انتفاء الموانع، قدّم أمورا مهمّة أمام الدّعاء تنبيها للسامعين و من كان معه عليه السّلام من المستسقين على ماله مدخلية في استجابة دعائهم و انجاح مقصدهم كى لا يردّوا خائبين و لا ينقلبوا و اجمين.
فنبّه أوّلا على أنّ الأرض و السّماء مخلوقان مقهوران تحت قدرة اللَّه سبحانه و النّفع و الضّرر الحاصلان منهما بالجود و الامساك لا ينشآن منهما بنفسهما و بالاستقلالو إنّما ينشآن منهما بتعلّق مشيّة الفاعل المختار و تدبير الحكيم المدبّر سبحانه و على ذلك فاللّازم على العباد في الدّاهية و النّاد أن تقرعوا بأيدى السّؤال و الذلّ و الابتهال بابه، و يتوجّهوا في انجاح الآمال إلى جنابه عزّ و جلّ.
و هو قوله: (ألا و إنّ الأرض الّتي تحملكم و السّماء الّتي تظلّكم) أى تعلوكم و تشرف عليكم أو تلقى اليكم ظلّها و المراد بالسّماء إمّا معناها المجازى أعنى السّحاب، أو الحقيقي باعتبار أنّ زوال المطر من السّماء لا لكون السّماوات بحركاتها أسبابا معدّة لكلّ ما في هذا العالم من الحوادث كما زعمه الشّارح البحراني.
و يؤيّد الثّاني ظواهر الآيات التي تدلّ على نزول المطر من السّماء مثل قوله سبحانه: «هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً» و قوله: «وَ اللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً» و نحوها مما يقرب عشرين آية.
و يؤيّد الأوّل ظاهر قوله سبحانه: «اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها» و قوله: «وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ» الآية.
و يدلّ على الاحتمالين ما في البحار من علل الشّرائع للصّدوق عن أبيه عن الحميري عن هارون عن ابن صدقة عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهم السّلام قال: كان عليّ عليه السّلام يقوم في المطر أوّل مطر يمطر حتّى يبتلّ رأسه و لحيته و ثيابه فيقال له: يا أمير المؤمنين الكنّ الكنّ فيقول: إنّ هذا ماء قريب العهد بالعرش ثمّ أنشأ عليه السّلام يحدّث فقال إنّ تحت العرش بحرا فيه ماء ينبت به أرزاق الحيوانات و إذا أراد اللَّه أن ينبت به ما يشاء لهم رحمة منه أوحى اللَّه عزّ و جلّ فمطر منه ما شاء من سماء إلى سماء حتّى يصير إلى السّماء الدنيا، فتلقيه إلى السّحاب و السّحاب بمنزلة الغربال ثمّ يوحى اللَّه عزّ و جلّ إلى السّحاب أن اطحنيه و اذيبيه ذوبان الملح في الماء ثم انطلقي به إلى موضع كذا و كذا و عبابا أو غير عباب، فتقطر عليهم على النحو الذي يأمرها به فليس من قطرة تقطر إلّا و معها ملك حتّى تضعها بموضعها، الحديث.
و رواه في الكافي عن هارون عن مسعدة بن صدقة نحوه.
قال الرّازي في تفسير قوله: «هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً» اختلف النّاس فيه: فقال الجبائي إنّه تعالى ينزل الماء من السّماء إلى السّحاب و من السّحاب إلى الأرض يقال لأنّ ظاهر النصّ يقتضي نزول المطر من السّماء و العدول عن الظاهر إلى التّأويل إنّما يحتاج إليه عند قيام الدّليل على أنّ إجراء اللّفظ على ظاهره غير ممكن، و في هذا الموضع لم يقم دليل على امتناع نزول المطر من السّماء فوجب إجراء اللّفظ على ظاهره إلى أن قال: و القول الثّاني المراد انزل من جانب السّماء ماء.
و القول الثالث انزل من السّحاب ماء و سمّا اللَّه السّحاب سماء لأنّ العرب تسمّى كلّ ما فوقك سماء كسماء البيت، انتهى.
و رجّح في موضع آخر نزول المطر من السّحاب قال: لأنّ الانسان ربما كان واقفا على قلّة جبل عال و يرى الغيم أسفل فاذا نزل من ذلك الجبل يرى الغيم ماطرا عليهم، و إذا كان هذا الأمر مشاهدا بالبصر كان النزاع باطلا، هذا.
و قوله: (مطيعتان لربّكم) وصفهما بالاطاعة تنبيها على عظمة قدرته سبحانه و نفوذ امره فيهما كما قال تعالى: «فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ» (و ما أصبحتا تجودان لكم ببركتهما) أى ما صارت السّماء تجود لكم بالأمطار و لا الأرض تجود لكم بالانبات (توجّعا لكم) أي تألّما لما أصاب بكم (و لا زلفة) و تقرّبا (اليكم و لا لخير ترجوانه منكم) كما هو المعهود المتعارف في جود النّاس بعضهم لبعض حيث إنّهم يبذلون المال للترحّم أو التقرّب أو لجلب الخير أو لدفع الضرّ أو نحو ذلك، و أمّا السّماء و الأرض فلا يتصوّر في حقوقهما ذلك لأنّهما أجسام جامدة غير شاعرة لا يوجد ما يوجد منهما بالارادة و الاختيار.
(و لكنّ) هما مسخّرتان تحت قدرة اللَّه و مشيّته تعالى (أمرتا بمنافعكم فأطاعتا و اقيمتا على حدود مصالحكم فقامتا) و المراد بالأمر و الاقامة الأمر و الاثبات التكويني كما أنّ المراد بالقيام و الاطاعة الثبات و الجرى على وفق ما أراد اللَّه سبحانه منهما.
و في هاتين القرينتين تلميح إلى قوله سبحانه: «وَ مِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ بِأَمْرِهِ» أى يريكم البرق خوفا من الصّاعقة و للمسافر و طمعا في الغيث و للمقيم، و ينزل من السّماء مطر فيحيى به الأرض بالنّبات بعد موتها و يبسها و جدوبها، و قيام السّماء و الأرض بأمره باقامته لهما و إرادته لقيامهما.
قال الطبرسي: بلاد عامة تدعمها و لا علاقة تتعلّق بهما بأمره لهما بالقيام كقوله تعالى: «إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» و قيل بأمره أي بفعله و امساكه إلّا أنّ افعال اللَّه عزّ اسمه تضاف إليه بلفظ الأمر لأنّه أبلغ في الاقتدار فانّ قول القائل أراد فكان أو أمر فكان أبلغ في الدلالة على الاقتدار من أن يقول فعل فكان، و معنى القيام الثّبات و الدّوام انتهى.
و قد مضى تفصيل الكلام في منافع السّماء و الأرض و تحقيق ما يتعلّق بمصالحها في شرح الخطبة التّسعين فليراجع هناك هذا.
و لمّا نبّه على أنّ السّماء و الأرض مخلوقان مسخّران تحت قدرة الفاعل المختار و أنّ جودهما بالامطار و الانبات إنّما هو بتعلّق أمر اللَّه سبحانه و مشيّته و إرادته أردف ذلك بالتنبيه على أنّ المانع من نزول الخير و إفاضة الجود إنما هو أمر راجع إلى الخلق و حادث من جهة العبد و هو سوء فعله و ذنبه المانع من استعداده لقبول الرّحمة و فيضان الجود فقال (إنّ اللَّه يبتلي عباده عند الأعمال السّيئة) لأنّ البلاء للظالم أدب (بنقص الثمرات و حبس البركات و إغلاق خزائن الخيرات) كما قال سبحانه «وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ».
و إنّما يبتليهم بذلك لطفا منه تعالى (ليتوب تائب) عن سوء عمله (و يقلع مقلع) أي يكفّ عن ضلاله و زلله (و يتذكّر متذكّر) بما أعدّ اللَّه سبحانه من النّعيم في دار القرار للمتقين الأبرار (و يزدجر مزدجر) بما أعدّ اللَّه تعالى من العذاب الأليم في دار البوار للفجّار و الأشرار.
ثمّ نبّه على ما به يرتفع المانع من الخير و الجود و يتأهّل لافاضة الرّحمة من واجب الوجود فقال (و قد جعل اللَّه سبحانه الاستغفار) ممحاة للذّنب و (سببا لدرور الرزق) و كثرته (فقال) في سورة نوح (استغفروا ربّكم انّه كان غفّارا يرسل السّماء عليكم مدرارا و يمددكم بأموال و بنين) و يجعل لكم جنّات و يجعل لكم أنهارا.
قال الطّبرسي في تفسيره: أى اطلبوا منه المغفرة على كفركم و معاصيكم إنّه كان غفارا لكلّ من طلب منه المغفرة، فمتى رجعتم عن كفركم و معاصيكم و أطعتموه يرسل السّماء عليكم مدرارا، أى كثيرة الدّرور بالغيث، و قيل: إنّهم كانوا قد قحطوا و اسنتوا و هلكت أموالهم و أولادهم فلذلك رغّبهم في ردّ ذلك بالاستغفار مع الايمان و الرّجوع إلى اللَّه تعالى، و يمددكم بأموال و بنين، أي يكثر أموالكم و أولادكم الذّكور، و يجعل لكم جنّات، أي بساتين في الدّنيا و يجعل لكم أنهارا تسقون بها جنّاتكم، قال قتادة: علم نبيّ اللَّه نوح عليه السّلام أنّهم كانوا أهل حرص على الدّنيا فقال: هلمّوا إلى طاعة اللَّه فانّ فيها درك الدّنيا و الآخرة.
و روى الرّبيع بن صبيح أنّ رجلا أتى إلى الحسن عليه السّلام فشكى إليه الجدوبة فقال له الحسن عليه السّلام: استغفر اللَّه، و أتاه آخر فشكى إليه الفقر، فقال له: استغفر اللَّه و أتاه آخر فقال: ادع اللَّه أن يرزقني ابنا، فقال له: استغفر اللَّه، فقلنا: أتاك رجال يشكون أبوابا و يسألون أنواعا، فأمرتهم كلّهم بالاستغفار، فقال عليه السّلام: ما قلت ذلك من ذات نفسي إنّما اعتبرت فيه قول اللَّه تعالى حكاية عن نبيّه نوح عليه السّلام أنّه قال لقومه: «اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً» إلى آخره، هذا.
و الآيات و الأخبار في فضيلة الاستغفار و كونه سببا لدرور الرزق و سائر ما يترتّب عليه من الثمرات كثيرة.
فمن الآيات مضافة إلى ما مرّ قوله تعالى في سورة هود عليه السّلام حكاية عنه انّه قال لقومه: «وَ يا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً». و من الأخبار في الكافي باسناده عن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السّلام يقول إنّ العبد إذا أذنب ذنبا اجّل من غدوة إلى اللّيل فان استغفر اللَّه لم يكتب عليه و عن أبي بصير عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: من عمل سيّئة اجلّ فيها سبع ساعات من النّهار، فان قال: أستغفر اللَّه الذي لا إله إلّا هو الحيّ القيّوم، ثلاث مرّات لم تكتب عليه.
و عن عبد الصّمد بن بشير عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: العبد المؤمن إذا أذنب ذنبا أجّله اللَّه سبع ساعات و إن استغفر اللَّه لم يكتب عليه شيء و إن مضت السّاعات و لم يستغفر كتب اللَّه عليه سيّئة و إنّ المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتّى يستغفر ربّه فيغفر اللَّه له و إنّ الكافر لينساه من ساعته.
و فيه مرسلا عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: ما من مؤمن يقارف في يومه و ليلته أربعين كبيرة فيقول و هو نادم: أستغفر اللَّه الذي لا إله إلّا هو الحىّ القيوم بديع السّماوات و الأرض ذو الجلال و الاكرام و أسأله أن يصلّي على محمّد و آل محمّد و أن يتوب علىّ، إلّا غفرها اللَّه له عزّ و جلّ و لا خير في من يقارف في يوم أكثر من أربعين كبيرة.
و في ثواب الأعمال بسنده عن السّكوني عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام، عن أبيه عن آبائه عليه السّلام قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: لكلّ داء دواء و دواء الذّنوب الاستغفار.
و فيه عن سلام الخيّاط عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: من قال: أستغفر اللَّه مأئة مرّة حين ينام بات و قد تحاطت الذنوب كلّها عنه كما تتحاط الورق من الشّجر و يصبح و ليس عليه ذنب.
و عن مسعدة بن صدقة عن جعفر الصّادق عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله: طوبى لمن وجد في صحيفته يوم القيامة تحت كلّ ذنب أستغفر اللَّه و عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من استغفر اللَّه بعد صلاة الفجر سبعين مرّة غفر اللَّه له و لو عمل ذلك اليوم سبعين ألف ذنب، و من عمل أكثر من سبعين ألف ذنب فلا خير له.
و في الوسائل من الكافي عن ياسر الخادم عن الرّضا عليه السّلام قال: مثل الاستغفار مثل ورق على شجرة تحرك فتناثر، و المستغفر من ذنب و يفعله كالمستهزىء بربّه و عن عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السّلام: إذا كثر العبد من الاستغفار رفعت صحيفته و هي تتلألأ.
و عن السّكوني عن أبي عبد اللَّه عن آبائه عليهم السّلام في حديث قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: من كثرت همومه فعليه بالاستغفار.
و فيه من عدّة الدّاعى لأحمد بن فهد قال: قال عليه السّلام إنّ للقلوب صداء كصداء النّحاس فأجلوها بالاستغفار.
قال: و قال: من أكثر من الاستغفار جعل اللَّه له من كلّ همّ فرجا و من كلّ ضيق مخرجا و رزقه من حيث لا يحتسب.
و فيه من أمالي ابن الشّيخ مسندا عن أبي الحسن المنقري قال: سمعت عليّ بن أبي طالب عليه السّلام يقول: عجبا لمن يقنط و معه الممحاة: قيل: و ما الممحاة قال: الاستغفار.
و فيه من كتاب ورّام بن أبي فراس قال: قال عليه السّلام أكثروا الاستغفار إنّ اللَّه لم يعلّمكم الاستغفار إلّا و هو يريد أن يغفر لكم، هذا.
و لمّا نبّه على كون الاستغفار سببا لدرور الرزق و استشهد عليه بالآية الشريفة أردفه بالدّعاء على المستغفرين التائبين بقوله (فرحم اللَّه امرء استقبل توبته) أي استأنفها (و استقال خطيئته) أي طلب الاقالة منها و من المؤاخذة بها قال الشّارح البحراني: و لفظ الاقالة استعارة و وجهها أنّ المخطى كالمعاهد و الملتزم لعقاب اخرويّة بلذّة عاجلة لما علم من استلزام تلك اللّذة المنهيّ عنها للعقاب، فهو يطلب للاقالة من هذه المعاهدة كما يطلب المشتري الاقالة من البيع (و بادر منيّته) أى سارع إليها بالتوبة، و الاستقالة قبل إدراكها له، هذا.
و لمّا فرغ عليه السّلام من تمهيد مقدّمات الدّعاء شرع فيه فقال (اللّهم إنّا خرجنا إليك من تحت الأستار و الأكنان) الّتي ليس من شأنها أن تفارق إلّا لضرورة شديدة (و بعد عجيح البهائم و الولدان) و أصواتها المرتفعة بالبكاء و النحيب (راغبين) في برّك و (رحمتك و راجين فضل) منّك و (نعمتك و خائفين من عذابك و نقمتك اللّهمّ فأسقنا غيثك) المغدق من السّحاب المنساق لنبات أرضك المونق (و لا تجعلنا من القانطين) الآيسين (و لا تهلكنا بالسّنين و لا تؤاخذنا بما فعل السّفهاء منّا يا أرحم الرّاحمين) و المراد بالسّفهاء الجهّال من أهل المعاصي و بفعلهم معاصيهم المبعدة عن رحمته سبحانه كما في قوله سبحانه حكاية عن موسى عليه السّلام: «أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا» ثمّ عاد عليه السّلام إلى تكرير شكوى الجدب بذكر أسبابها الحاملة عليها فقال: (اللّهمّ إنّا خرجنا إليك نشكو إليك ما لا يخفى عليك) من الضرّ و السّوء (حين ألجائتنا المضائق الوعرة) المستصعبة (و أجائتنا المقاحط المجدبة) أي السّنون المحلّة (و أعيتنا المطالب المتعسّرة، و تلاحمت علينا الفتن المستصعبة) أى تزاحمت علينا امور من الجوع و العرى و سائر مسبّبات القحط ما كانت لنا فتنة أي بلاء و محنة أى صارفة للقلوب عمّا يراد بها.
(اللّهمّ) إنّا نسألك أن (لا تردّنا خائبين) من رحمتك (و لا تقلبنا و اجمين) محزونين باليأس عن عطيّتك (و لا تخاطبنا بذنوبنا) قال الشّارح المعتزلي: أي لا تجعل جواب دعائنا لك ما يقتضيه ذنوبنا كأنّه يجعله كالمخاطب لهم و المجيب عمّا سألوه إيّاه كما يفاوض الواحد منّا صاحبه و يستعطفه فقد يجيبه و يخاطبه بما يقتضيه ذنبه إذا اشتدّت موجدته عليه و نحوه قوله (و لا تقايسنا بأعمالنا) أي لا تجعل ما تجيبنا به مقايسا و مماثلا لأعمالنا السيّئة، و بعبارة اخرى لا تجعل فعلك بنا مقايسا لأعمالنا السيّئة و مشابها لها و سيئة مثلها.
(اللّهمّ انشر علينا غيثك و بركتك و رزقك و رحمتك، و اسقنا سقيا نافعة)سالمة من الافساد بالافراط (مروية) مسكتة للعطش (معشبة) أى ذات العشب و الكلاء (تنبت بها ما قد فات) أي مضى و ذهب (و تحيى بها ما قد مات).
قال بعض الأفاضل: أي تخرج و تعيد بها ما قد ذهب و يبس من أصناف النبّات و ضروب الأعشاب و ألوان الأزهار و أنواع الأشجار و الثمار، و ما انقطع من جواري الجداول و الأنهار فاستعار الاحياء الذي حقيقته هو إفاضة الرّوح على الجسد للإخراج و الاعادة المذكورين كما استعار الموت الذي هو حقيقة انقطاع تعلّق الرّوح بالجسد لليبس و الذّهاب، و الجامع في الاولى إحداث القوى النّامية في المواد و المنافع المترتّبة على ذلك، و في الثانية استيلاء اليبوسة و عدم النّفع، و هما استعارتان تبعيّتان لأنّ المستعار في كلّ منهما فعل و القرينة في الاولى المجرور أعني الضمير في بها العايد إلى السّقيا لظهور عدم حصول الاحياء الحقيقي بالسّقيا، و في الثّانية الاسناد إلى الفاعل لأنّ الموت الذي يحيي المتّصف به بالسقى لا يكون حقيقيا البتة.
(نافعة الحياء) و المطر (كثيرة المجتنى) و الثّمر (تروى بها القيعان) و الأراضي المستوية (و تسيل بها البطنان) و الأراضي المنخفضة، و نسبة السّيلان أو الاسالة إلى البطنان من المجاز العقلي إذ حقّه أن يسند أو يوقع على الماء، لأنّه الماء حقيقة و لكنّه أوقع على مكانه لملابسته له كما اسند الفعل إليه في سال النهر، و الغرض طلب كثرة المطر، (و تستورق الأشجار، و ترخص الأسعار، إنّك على ما تشاء قدير) و بالاجابة حقيق جدير.
تنبيه
قال بعض شرّاح الصحيفة الكاملة: اختلف في التّسعير فقيل هو من فعل اللَّه سبحانه و هو ما ذهبت إليه الأشاعرة بناء على أصلهم من أنّه لا فاعل إلّا اللَّه تعالى، و لما ورد في الحديث حين وقع غلاء بالمدينة فاجتمع أهلها إليه و قالوا: سعّر لنا يا رسول اللَّه، فقال: المسعّر هو اللَّه.
و اختلف المعتزلة في هذه المسألة فقال بعضهم هو فعل المباشر من العبد إذ ليس ذلك إلّا مواضعة منهم على البيع و الشّرى بثمن مخصوص، و قال آخرون هو متولّد من فعل اللَّه تعالى و هو تقليل الأجناس و تكثير الرّغبات بأسباب هي من اللَّه تعالى.
و الذي تذهب إليه معشر الامامية أن خروج السّعر عن مجري عادته ترقيّا أو نزولا إن استند إلى أسباب غير مستندة إلى العبد و اختياره نسب إلى اللَّه تعالى.
و إلّا نسب إلى العبد كجبر السلطان الرّعية على سعر مخصوص، و ما ورد في الحديث النبّوي المذكور محمول على أنّه لا ينبغي التّسعير، بل يفوّض إلى اللَّه، ليقرّره بمقتضى حكمته البالغة و رحمته الشاملة.
و ما ورد من الأخبار عن أهل البيت عليهم السّلام في هذا المعنى كما روى عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام أنّه قال: إنّ اللَّه و كلّ ملكا بالسّعر يدبّره بأمره، و عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام إنّ اللَّه و كلّ بالأسعار ملكا يدبّرها بأمره، فالمراد بالسّعر ما لم يكن للعبد و أسبابه مدخل، و اللَّه أعلم.
الترجمة
از جمله خطب شريفه آن ولىّ دين و سيّد وصيّين است در مقام استسقا و باران خواستن از خدا كه فرموده: آگاه باشيد بدرستى كه زمينى كه بر مى دارد شما را، و آسمانى كه سايه مى افكند بر شما، مطيع و منقاد هستند پروردگار شما را، و نگرديده اند آن آسمان و زمين كه ببخشد بشما بركت خودشان را بجهة غمخوارى از براى شما، و نه بجهة تقرّب و منزلت بسوى شما، و نه از جهة خيري كه اميدوار باشند بآن از شما، و لكن مأمور شدند از جانب خداوند قادر قاهر بمنفعتهاي شما، پس اطاعت كرده اند و بر پا داشته شده اند بر نهايات مصلحتهاى شما، پس قيام نموده اند.
پس بدرستى كه خداوند تعالى مبتلا مىنمايد و امتحان مىفرمايد بندگان خود را هنگام اقدام بر أعمال ناشايست بنقص ميوجات و حبس كردن بركات و بستن خزينهاى خيرها تا اين كه توبه نمايد توبه كننده، و ترك كند گناه را ترك كننده،و متذكّر شود صاحب تذكّر، و منزجر شود قابل زجر.
و بتحقيق كه گردانيده حق تعالى طلب مغفرت و استغفار را سبب فرود آمدن روزى و رحمت از براى خلق، پس فرمود در كلام مجيد خود: «اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً»، يعني طلب مغفرت و آمرزش نمائيد از پروردگار خود بدرستى كه اوست صاحب مغفرت و آمرزنده، تا بفرستد أبر را بر شما در حالتى كه ريزان شود بباران، و مدد فرمايد شما را بأموال و أولاد، پس رحمت نمايد خدا بر كسى كه روى آورد بدرگاه خدا به توبه و انابه و طلب اقاله و فسخ خطاى خود را نمود و مبادرت و پيش دستى كرد بسوى مرگ خود با توبه نمودن از معصيت.
بار الها بدرستى كه ما بيرون آمده ايم بسوى رحمت تو از زير پردها و پوششها يعني از خانهاى خود بيرون آمده و پا برهنه رو بصحرا نهاده و متوجّه تو شده بعد از ناله چهارپايان و فرزندان در حالتى كه راغبيم در رحمت تو، و اميدواريم بزيادتي نعمت تو، و ترسانيم از عذاب تو و عقاب تو، بار پروردگارا پس آب ده ما را بباران خودت، و مگردان ما را از نوميدان، و هلاك مكن ما را بسالهاى قحطى، و مؤاخذه مكن بما بجهت فعل قبيح سفيهان و بىخردان ما أي پروردگارى كه ارحم الرّاحمين هستى.
بار خدايا بدرستى كه ما بيرون آمده ايم بسوى تو شكايت مى كنيم بسوى تو چيزى را كه پنهان و پوشيده نيست بتو وقتى كه مضطر گردانيد ما را تنگيها بغايت سخت، و ملجأ نمود ما را سالهاى قحطي، و عاجز ساخت ما را مطلبهائى دشوار، و هجوم آور شد بما فتنه هاى صعب و با شدّت.
بار الها بدرستي كه ما سؤال مى كنيم از فضل و كرم تو اين كه برنگردانى ما را در حالتى كه مأيوس باشيم، و باز نبرى ما را در حالتى كه محزون و پريشان شويم و خطاب عتاب نكنى بما بجهة گناهان ما، و قياس نكنى ما را بأعمال قبيحه ما.. پروردگارا پراكنده كن بر ما باران خود را، و سيراب كن ما را سيرابى با منفعت كه سيراب سازنده هر موجود است، و روياننده گياه كه بروياني بسبب آن سيرابى آنچه كه فوت شده باشد از غلّات، و زنده گرداني بواسطه آن آنچه كه مرده از نبات، آن چنان سيرابي كه صاحب باران را منفعت باشد، و بسيار شود ميوه آن كه سيراب گرداني بآن زمينهاى هموار را، و روان گرداني بآن زمينهاي پست را، و برگ دار گرداني درختان را بآن، و أرزان گردانى نرخها را، بدرستي كه تو بر آنچه كه مى خواهى از رخص و جدب صاحب قدرت و توانائى.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»