خطبه 139 صبحی صالح
139- و من كلام له ( عليه السلام ) في وقت الشورى
لَنْ يُسْرِعَ أَحَدٌ قَبْلِي إِلَى دَعْوَةِ حَقٍّ وَ صِلَةِ رَحِمٍ وَ عَائِدَةِ كَرَمٍ
فَاسْمَعُوا قَوْلِي وَ عُوا مَنْطِقِي
عَسَى أَنْ تَرَوْا هَذَا الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِ هَذَا الْيَوْمِ تُنْتَضَى فِيهِ السُّيُوفُ
وَ تُخَانُ فِيهِ الْعُهُودُ
حَتَّى يَكُونَ بَعْضُكُمْ أَئِمَّةً لِأَهْلِ الضَّلَالَةِ
وَ شِيعَةً لِأَهْلِ الْجَهَالَةِ
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج8
و من كلام له عليه السّلام في وقت الشورى و هو المأة و التاسع و الثلاثون من المختار فى باب الخطب
لن يسرع أحد قبلي إلى دعوة حقّ، و صلة رحم، و عائدة كرم، فاسمعوا قولي، و عوا منطقي، عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا اليوم تنتضى فيه السّيوف، و تخان فيه العهود، حتّى يكون بعضكم أئمّة لأهل الضّلالة، و شيعة لأهل الجهالة.
اللغة
(العائدة) المعروف و الصّلة و العطف و المنفعة و منه يقال: فلان كثير العائدة و هذا أعود أى أنفع و (عوا) جمع ع أمر من وعيت الحديث وعيا من باب وعد حفظته و تدبّرت فيه و (نضوت) السّيف من غمده و انتضيته أخرجته.
الاعراب
قوله: إلى دعوة حقّ في بعض النّسخ دعوة بالتنّوين فيكون حقّ صفة لهو في بعضها بالاضافة و الاضافة محضة و كذلك الاضافة في صلة رحم و عائدة كرم، و عسى في قوله: عسى أن تروا للاشفاق في المكروه.
المعنى
اعلم أنّ هذا الكلام كما أشار إليه السّيّد (ره) و نبّه عليه الشارح المعتزلي من جملة كلام قاله لأهل الشّورى بعد وفات عمر، و قد مضى أخبار الشّورى و مناشداته عليه السّلام مع أهل الشورى في التّذييل الثّاني و الثالث من شرح الفصل الثالث من الخطبة الثالثة المعروفة بالشّقشقيّة و فيها كفاية لمن أراد الاطلاع.
و أقول: ههنا: إنّ غرضه عليه السّلام بهذا الفصل من كلامه تنبيه المخاطبين و تحذيرهم من الاقدام على أمر بغير تدبّر و تثبّت و رويّة، و نهيهم عن التّسرع و العجلة كيلا يكون بيعتهم فلتة فيتورّطوا في الهلكات و يلقوا بأيديهم إلى التّهلكة و قدّم جملة من فضائله تحريصا لهم على استماع قوله و ترغيبا على حفظ منطقه فقال (لن يسرع أحد قبلي إلى دعوة حقّ) أى لن يبادر أحد قبلي إلى اجابة الدّعاء الحقّ فما لم أجب إليه لا يكون حقا أو لن يسبقني أحد إلى أن يدعو إلى حقّ فما لم ادع إليه لا يكون حقّا، و في بعض النّسخ لم يسرع بدل لن يسرع فيكون الغرض أن نظرى كان فيما مضى إلى الحقّ فكذلك يكون فيما يستقبل، و كيف كان فالمقصود به الاشارة إلى كونه مع الحقّ و كون الحقّ معه كما هو منطوق الحديث النّبوى المعروف بين الفريقين.
(و صلة رحم و عائدة كرم) أى معروف و إحسان و انعام (فاسمعوا قولي) فانّ الرّشد في سماعه (وعوا منطقى) فانّ النّفع و الصّلاح في حفظه، و إنّما أمرهم بالحفظ و السّماع ليتنبّهوا على عاقبة امورهم و ما يترتّب عليها من الهرج و المرج فكانّه يقول إذا كان بناء الأمر أى بناء أمر الخلافة على الخبط و الاختلاط و التّقلب فيه على أهله و مجاذبة من لا يستحقّه: ف (- عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا اليوم) بحال (تنتضى) و تشتهر(فيه السّيوف و تخان فيه العهود) قال الشّارح البحراني: و هو اشارة إلى ما علمه من حال البغاة عليه و الخوارج و النّاكثين لبيعته، فقوله: (حتّى يكون بعضكم أئمة لأهل الضّلالة و شيعة لأهل الجهالة) غاية للتغلّب على هذا الأمر و أشار بالأئمّة إلى طلحة و الزّبير و بأهل الضلالة إلى أتباعهم و بأهل الجهالة إلى معاوية و رؤساء الخوارج و سائر بني اميّة، و بشيعة أهل الجهالة إلى اتباعهم انتهى.
أقول: و فيه ما لا يخفى، لأنّ هذا الكلام إنّما قاله في وقت الشّورى حيث ما أرادوا عقد البيعة لعثمان، و كان مقصوده به الايقاف عن بيعته و التحذير عنه بما كان يترتّب عليها من المفاسد و يتعقّبها من المضارّ، فلا ارتباط لخروج الخوارج و نكث الناكثة و بغى القاسطة بهذا المقام حتّى يكون كلامه عليه السّلام إشارة إليها، لعدم ترتّب تلك الامور على بيعة عثمان، و إنّما ترتّبت على بيعته عليه السّلام كما هو واضح.
نعم لو كان يقوله لما اريد على البيعة بعد قتل عثمان مثل ما تقدّم في الخطبة الاحدى و التّسعين لم يتأمل في كونه إشارة إلى ما قاله الشّارح، و بعد ذلك كلّه فالأولى أن يجرى كلامه مجرى العموم من دون أن يكون إشارة إلى خصوص حال طائفة مخصوصة.
و إن كان و لا بدّ فالأنسب أن يشاربه إلى ما ترتّب من بيعة عثمان من المفاسد فيكون المراد بالسّيوف المنتضاة ما سلّت يوم الدّار لقتل عثمان، و بالعهود التي خينت فيها ما عهده عثمان لأهل مصر أو خيانته في عهود اللّه عزّ و جلّ و أحكامه، و خيانة طلحة و الزّبير و أمثالهما في ما عقدوا و عهدوا من بيعة عثمان، و يكون قوله: أئمة لأهل الضّلالة، اشارة إلى طلحة و الزبير حيث كانا أشد النّاس إغراء على قتل عثمان و تبعهما أكثر النّاس، و وصفهم بالضّلالة باعتبار عدم كون قتلهم له على وجه مشروع ظاهرا و قوله: شيعة لأهل الجهالة، إشارة إلى مروان و أضرابه من شيعة عثمان و تبعه الحامين له و الذّابين عنه.
و يمكن ما قاله الشّارح بأنّ فساد النّاكثين و القاسطين و المارقين ممّا تولّد من بيعة عثمان و نشأ من خلافته، و ذلك لأنه فضّل في العطاء و راعى جانب بني اميّة و بني أبي معيط على سائر الناس، فلما قام أمير المؤمنين عليه السّلام بالأمر تمنّى طلحة و الزبير منه أن يعامل معهما معاملة عثمان لأقربائه من التفضيل في العطاء و التّقريب، فلمّا لم يحصل ما أملا نكثا، و تبعهما من كان غرضه حطام الدّنيا، و كذلك أقرّ معاوية على عمل الشّام حتّى قويت شوكته، فلمّا نهض أمير المؤمنين بالخلافة أبي و استكبر من البيعة له و بغى و أجابه القاسطون فكانت وقعة صفين و منها كان خروج الخوارج، فهذه المفاسد كلّها من ثمرات الشجرة الملعونة و معايب الشورى، و اللّه العالم
الترجمة
از جمله كلام هدايت نظام آن امام انام است در وقت شورى مى فرمايد كه: هرگز مبادرت نمى كند احدى پيش از من بسوى دعوت حق و برعايت صله رحم و بر احسان و كرم، پس گوش كنيد گفتار مرا، و حفظ نمائيد سخنان مرا، مبادا كه ببينيد اين أمر خلافت را كه كشيده مى شود در او شمشيرها، و خيانت كرده شود در او عهدها، تا آنكه باشد بعضى از شما پيشوايان أهل ضلالت و گمراهى و شيعيان أهل جهالت و نادانى.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»