google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
120-140 خطبه شرح وترجمه میر حبیب الله خوئیخطبه ها شرح و ترجمه میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره 137 (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)در شأن طلحة و الزبير

خطبه 137 صبحی صالح

137- و من كلام له ( عليه ‏السلام  ) في شأن طلحة و الزبير و في البيعة له‏

طلحة و الزبير

وَ اللَّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً

وَ لَا جَعَلُوا بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ نِصْفاً

وَ إِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً هُمْ تَرَكُوهُ وَ دَماً هُمْ سَفَكُوهُ

فَإِنْ كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيهِ فَإِنَّ لَهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنْهُ

وَ إِنْ كَانُوا وَلُوهُ دُونِي فَمَا الطَّلِبَةُ إِلَّا قِبَلَهُمْ

وَ إِنَّ أَوَّلَ عَدْلِهِمْ لَلْحُكْمُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ

إِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي مَا لَبَسْتُ وَ لَا لُبِسَ عَلَيَّ

وَ إِنَّهَا لَلْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ فِيهَا الْحَمَأُ وَ الْحُمَّةُ وَ الشُّبْهَةُ الْمُغْدِفَةُ

وَ إِنَّ الْأَمْرَ لَوَاضِحٌ وَ قَدْ زَاحَ الْبَاطِلُ عَنْ‏ نِصَابِهِ

وَ انْقَطَعَ لِسَانُهُ عَنْ شَغْبِهِ

وَ ايْمُ اللَّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ

لَا يَصْدُرُونَ عَنْهُ بِرِيٍّ

وَ لَا يَعُبُّونَ بَعْدَهُ فِي حَسْيٍ

أمر البيعة

منه‏فَأَقْبَلْتُمْ إِلَيَّ إِقْبَالَ الْعُوذِ الْمَطَافِيلِ عَلَى أَوْلَادِهَا

تَقُولُونَ الْبَيْعَةَ الْبَيْعَةَ

قَبَضْتُ كَفِّي فَبَسَطْتُمُوهَا وَ نَازَعَتْكُمْ يَدِي فَجَاذَبْتُمُوهَا

اللَّهُمَّ إِنَّهُمَا قَطَعَانِي وَ ظَلَمَانِي وَ نَكَثَا بَيْعَتِي وَ أَلَّبَا النَّاسَ عَلَيَّ

فَاحْلُلْ مَا عَقَدَا

وَ لَا تُحْكِمْ لَهُمَا مَا أَبْرَمَا

وَ أَرِهِمَا الْمَسَاءَةَ فِيمَا أَمَّلَا وَ عَمِلَا

وَ لَقَدِ اسْتَثَبْتُهُمَا قَبْلَ الْقِتَالِ وَ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمَا أَمَامَ الْوِقَاعِ فَغَمَطَا النِّعْمَةَ وَ رَدَّا الْعَافِيَةَ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج8  

و من كلام له عليه السّلام فيمعنى طلحة و الزبير و هو المأة و السابع و الثلاثون من المختار فى باب الخطب

و الأشبه انّه ملتقط من خطبة طويلة قدّمنا روايتها في شرح الخطبة الثانية و العشرين بطرق عديدة فليتذكّر و اللّه ما أنكروا علىّ منكرا، و لا جعلوا بيني و بينهم نصفا، و إنّهم ليطلبون حقّا هم تركوه، و دما هم سفكوه، فإن كنت شريكهم‏ فيه فإنّ لهم نصيبهم منه، و إن كانوا ولّوه دوني فما الطّلبة إلّا قبلهم و إنّ أوّل عدلهم للحكم على أنفسهم، و إنّ معى لبصيرتي ما لبّست و لا لبّس علىّ و إنّها للفئة الباغية فيها الحمأ و الحمة و الشّبهة المغدفة، و إنّ الأمر لواضح، و قد راح الباطل عن نصابه، و انقطع لسانه عن شغبه، و أيم اللّه لا فرطنّ لهم حوضا أنا ماتحه، لا يصدرون عنه برىّ، و لا يعبّون بعده في حسى. منها: فأقبلتم إليّ إقبال العوذ المطافيل على أولادها تقولون البيعة البيعة، قبضت كفّي فبسطتموها، و نازعتكم يدي فجاذبتموها، ألّلهمّ إنّهما قطعاني، و ظلماني، و نكثا بيعتي، و ألبّا النّاس علىّ فاحلل ما عقدا، و لا تحكم لهما ما أبرما، و أرهما المسائة فيما أمّلا و عملا، و لقد استتبتهما قبل القتال، و استأنيت بهما قبل الوقاع، فغمطا النّعمة، و ردّ العافية.

اللغة

(النّصف) محرّكة اسم من الانصاف و هو العدل و (الطّلبة) بكسر الّلام المطلوب و (لبّست) بالبناء للفاعل و (لبّس) بالبناء للمفعول، قال الشّارح المعتزلي، و لبّست على فلان الأمر و لبس عليه الأمر كلاهما بالتخفيف و لكنّ‏الموجود في ما رأيته من النسخ بالتشديد قال الفيروزآبادي: لبس عليه الأمر يلبسه خلطه و ألبسه غطّاه، و أمر ملبس و ملتبس بالأمر مشتبه التّلبيس و التّخليط و التدليس، و قال بعض الشّارحين: التّشديد للتكثير.

و (الحماء) بالتّحريك كالحماة بالتاء الأسود المنتن، قال سبحانه: من صلصال من حماء مسنون، و يروى حما مقصورة، و (الحمة) بضمّ الحاء و فتح الميم و تخفيفها العقرب و كلّشى‏ء يلسع أو يلدغ و (المغدفة) بفتح الدّال الخفيفة من اغدفت المرأة قناعها أرسلته على وجهها، و عن بعض النّسخ بكسر الدال من أغدف اللّيل إذا أظلم و (النّصاب) الأصل و المرجع.

(و الشّغب) بسكون الغين المعجمة تهييج الشرّ من شغب الحقد شغبا من باب منع و في لغة ضعيفة بالتحريك و ماضيها شغب بالكسر كفرح و (افرطنّ) بضم الهمزة من باب الافعال من أفرطت المزادة أى ملاتها، و يروى بفتح الهمزة و ضمّ الرّاء من فرط زيد القوم أى سبقهم فهو فرط بالتحريك و (الماتح) المستقى من فوق و (العبّ) شرب الماء من غير مصّ أو تتابع الجرع.

(الحسى) في النّسخ بكسر الحاء و سكون السّين قال الشّارح المعتزلي: ماء كامن في رمل يحفر عنه فليستخرج و جمعه أحساء و في القاموس الحسى كالى سهل من الأرض يستنقع فيه الماء أو غلظ فوقه رمل يجمع ماء المطر و كلّما نزحت دلوا جمت اخرى جمعه احساء و حساء و (العوذ) بالضمّ الحديثات النتّاج من النوق و الظباء و كلّ انثى كالعوذ ان جمعا عائذ كحائل و حول و راع و رعيان و (المطافيل) كالمطافل جمع المطفل و زان محسن ذات الطّفل من الانس و الوحش و (التّأليب) النحريض و الافساد و (أحكم) الشي‏ء أتقنه و (أبرم) الحبل جعله طاقين ثمّ فتله و أبرم الأمر أحكمه.

و (استتبتهما) في بعض النّسخ بالثاء المثلّثة من ثاب يثوب أى رجع و منه المثابة للمنزل، لأنّ النّاس يرجعون إليه في أسفارهم و في بعضها استتبتهما بالتاء المثناة من تاب يتوب أى طلبت منهما أن يتوبا و (استأنيت) من الاناة و استانى‏بفلان انتظر به و (غمط) فلان بالنّعمة إذا لم يشكرها و حقّرها من باب ضرب و سمع

الاعراب

قال الشّارح المعتزلي: نصفا على حذف المضاف أى ذا نصف أى حكما منصفا عادلا يحكم بيني و بينهم.

أقول: و الأولى أن يقدّر المضاف المحذوف لفظ الحكم أى حكم نصف و عدل إذ على ما ذكره الشّارح يحتاج إلى حذف موصوف ذا و هو تكلف مستغني عنه فتأمل و عن في قوله: عن نصابه، إمّا بمعناها الأصليّ أو بمعنى بعد كما في قوله تعالى: عمّا قليل لتصبحنّ نادمين، و قوله: و لأفرطنّ لهم حوضا، قد مضى اعرابه في شرح الخطبة العاشرة، و جملة أنا ماتحه، في محلّ النّصب صفة لحوضا، و جملة لا يصدرون عنه حال من الضمير في ماتحه، و البيعة البيعة، منصوبان على الاغراء

المعنى

اعلم أنّ هذا الكلام له عليه السّلام كما نبّه عليه السيّد (ره) وارد فيمعنى طلحة و الزّبير أى القصد فيه متوجّه إليهما و الغرض منه تقريعهما و توبيخهما و توبيخ سائر أصحاب الجمل و ابطال ما نقموه عليه و ردّ ما تشبّثوا به في خروجهم عن ربقة طاعته.

و أشار عليه السّلام إلى وجه البطلان بقوله (و اللّه ما أنكروا علىّ منكرا) قبيحا يعنى أنّ ما زعموه منكرا من قتل عثمان و التّسوية في العطاء فليس هو بمنكر في الواقع حتّى يرد علىّ إنكارهم، و إنّما حملهم على الانكار الحسد و حبّ الاستيثار بالدّنيا و التفضيل في العطاء (و لا جعلوا بيني و بينهم نصفا) أى حكما عدلا (و انهم ليطلبون حقّا هم تركوه) قال الشّارح المعتزلي: أى يظهرون أنّهم يطلبون حقّا بخروجهم إلى البصرة و قد تركوا الحقّ بالمدينة، و قيل: المراد بالحقّ نصرة عثمان و إعانته‏

أقول: و الظاهر أنه أراد بالحقّ حقّ القصاص، يعني أنّهم يطلبون حقّ القود من قاتلي عثمان و لكنّهم هم الذين تركوه حيث أمسكوا النكير على قاتليه، فتقديم المسند إليه للتّخصيص ردّا عليهم إلى زعمهم انفراد أمير المؤمنين عليه السّلام و أصحابه بترك الحقّ.

و مثله قوله (و دما هم سفكوه) أى لا غيرهم و أراد به دم عثمان، و يدلّ على سفكهم دمه و كونهم أشدّ النّاس تحريضا عليه ما قدّمناه في شرح الخطبة الثانية و العشرين و الكلام الثلاثين.

و يدلّ عليه أيضا ما رواه في شرح المعتزلي و غيره أنّ عثمان قال: ويلي على ابن الخضرميّة، يعني طلحة أعطينه كذا و كذا ذهبا و هو يروم دمي يحرض على نفسي اللّهم لا تمتّعه به.

قال الشّارح و روى النّاس الذين صنفوا في واقعة الدّار أنّ طلحة كان يوم قتل عثمان مقنّعا بثوب قد استتر به عن أعين النّاس يرمى الدّار«» السّهام، و أنّه لمّا امتنع على الّذين حصروه الدّخول من باب الدّار حملهم طلحة إلى دار لبعض الأنصار فأصعدهم إلى سطحها و تسوّروا منها على عثمان داره فقتلوه.

و رووا أيضا أنّ الزّبير كان يقول: اقتلوه فقد بدّل دينكم، فقالوا: إنّ ابنك يحامي عنه بالباب، فقال: ما أكره أن يقتل عثمان و لو بدء بابني إنّ عثمان لجيفة على الصّراط غدا، و قال مروان بن الحكم يوم الجمل: و اللّه لا أترك ثارى و أنا أراه و لأقتلنّ طلحة بعثمان فانّه قتله ثمّ رماه بسهم فأصاب مأبضه«» فنزف الدّم«» حتّى مات.

فقد ظهر من ذلك أنّه لا ريب في إغرائهم و تحريضهم و دخولهم في دم عثمان فلا يجوز لهم المطالبة بدمه منه، لأنّ دخولهم فيه إمّا أن يكون بالاشتراك، أويكون بالاستقلال، و على التّقديرين فيبطل المطالبة.

أمّا على التّقدير الأول فلما أشار إليه بقوله (فان كنت شريكهم فيه فانّ لهم نصيبهم منه) و ليس لأحد الشّريكين أن يطالب الشّريك الآخر بل اللّازم له أن يبدء بنفسه و يسلّمها إلى أولياء المقتول ثمّ بالشريك الآخر.

و أمّا على التّقدير الثّاني فلما أشار إليه بقوله (و إن كانوا و لوّه) و باشروه (دونى فما الطّلبة) أى المطلوب (إلّا قبلهم) فاللّازم عليهم أن يخصّوا أنفسهم بالمطالبة وحدهم (و إنّ أوّل عدلهم) الّذى جعلوه عذرا في نقض البيعة و الخروج إلى البصرة حيث قالوا إنّما خرجنا للأمر بالمعروف و النّهى عن المنكر و إقامة العدل و إماتة الباطل و إحياء الحقّ (للحكم على أنفسهم) و الانكار للمنكر الذي أتوا به و اقتصاص الدّم الذي هجموا عليه قبل الانكار، و الحكم على غيرهم لأنّ النّهى عن المنكر إنّما هو بعد التّناهى (و انّ معى لبصيرتي) و عقلى (ما لبّست و لا لبّس علىّ) و قد مضى معنى هذه الفقرة في شرح الخطبة العاشرة.

و يحتمل احتمالا قويّا أن يكون المراد أنّه ما لبّست على نفسى و لا على النّاس أمرى و أمورهم و لم يلبس أيضا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الأمر علىّ بل ما أقدم عليه في أمرى و أمر النّاس و ما أخبرني به النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله هو الحقّ و بالاتباع أحقّ، و في هذا الكلام تعريض عليهم بأنّهم غابت عنهم عقولهم و تاهت حلومهم، و أنّ ما أقدموا عليه أمر ملتبس، و أنّ خروجهم إنّما هو بهوى النّفس و النّاس مدلّسون ملبّسون ثمّ قال: (و إنّها للفئة الباغية) يعنى أنّ هذه الفئة للفئة الّتي أخبرني رسول اللّه ببغيها و خروجها علىّ حيث قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا تذهب اللّيالي و الأيام حتّى تتنابح كلاب ماء بالعراق يقال له الحوأب امرأة من نسائى في فئة باغية، على ما تقدّم في رواية الاحتجاج في التّنبيه الثاني من شرح الكلام الثّالث عشر، و قد قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: له عليه السّلام غير مرّة أنّك ستقاتل النّاكثين و القاسطين و المارقين، أو ما هذا معناه.

و تقدّم في شرح الفصل الخامس من الخطبة الثّالثة في رواية غاية المرام‏ أنّ امّ سلمة قالت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا رسول اللّه من النّاكثون قال: الذين يبايعونه بالمدينة و ينكثون بالبصرة، و لسبق عهد هذه الفئة أتى بها معرّفة بلام العهد.

و قوله: (فيها الحماء و الحمة) قال الشارح البحراني: استعارة للغلّ و الفساد الذي كان في صدور هذه الفئة، و وجه الاستعارة استلزامه لتكدير الاسلام و إثارة الفتنة بين المسلمين كما تكدّر الحماة الماء و تخبثه و استلزامه للأذى و القتل كما يستلزم ذلك سمّ العقرب.

و قال الشّارح المعتزلي: أى في هذه الفئة الفساد و الضّلال و الضّرر، و إذا أرادت العرب أن تعبّر عن الضّلال و الفساد قالت الحماء مثل الحماة بالتاء و يروى فيها الحما بألف مقصورة و هو كناية عن الزّبير لأنّ كلّ ما كان بسبب الرّجل فهم الأحماء واحدهم حما مثل قفا و أقفاء، و ما كان بسبب المرأة فهم الأحمات، و قد كان الزّبير من عمّة رسول اللّه و قد كان النّبي صلّى اللّه عليه و آله أعلم عليّا بأنّ فئة من المسلمين تبغى عليه أيّام خلافته فيها بعض زوجاته و بعض أحمائه فكنّى عليّ عليه السّلام عن الزّوجة بالحمة، و هي سمّ العقرب و ظهر أنّ الحماء الذي أخبر النّبي صلّى اللّه عليه و آله بخروجه مع هؤلاء البغاة هو الزّبير ابن عمّته.

أقول: و هذا ألطف ممّا ذكره البحراني، و يؤيد ما قاله من أنّه كنّى عن الزّوجة بالحمة ما يرويه السيّد (ره) عنه في أواخر الكتاب من قوله: المرأة عقرب حلوة اللّبسة، أى حلوة اللّسعة.

و قوله: (و الشبهة المغدفة) أى الشّبهة الخفية المستورة التي لبّسوا بها على أكثر النّاس من طلب دم عثمان و من روى بكسر الدّال فالمراد الشّبهة المظلمة اى الموقعة في ظلمة الجهالة التي لم يهتد فيها أكثر الخلق حتّى قتلوا بسببها كما لا يهتدى في ظلمة اللّيل.

ثمّ قال (و انّ الأمر لواضح) أى عند ذوى العقول لعلمهم بأنّى على الحقّ و أنّ الباغين علىّ على الباطل و أنّ خروجهم بعد بيعتهم إنّما هو لمحض الغلّ‏و الحسد و الاستيثار بالدّنيا عن اتّباع الهوى (و قد راح) أى تنحّى و بعد (الباطل) أى باطلهم (عن نصابه) و أصله يعني ما أتوا به من الباطل لا أصل له (و انقطع لسانه عن شغبه) استعارة بالكناية حيث شبّه الباطل بحيوان ذى لسان فأثبت له اللّسان تخييلا و ذكر الشّغب ترشيح.

و محصّل المراد أنّه بعد وضوح الأمر فيّ و في أنّي على الحقّ لم يبق للباطل أصل و قد خرس و اعتقل لسانه عن تهيّج شرّه، و يحتمل أن يكون المرد بالباطل الباطل الّذي كان له رواج في زمن المتخلّفين الثلاثة، أى قد زال الباطل بعد موتهم و بيعة النّاس إلىّ عن أصله و تزعزعت أركانه و انهدم بنيانه و انقطع لسانه بعد ما هيّج شرّه فلا اعتداد بنكث هؤلاء القوم و بغى هذه الباغية.

ثمّ هدّدهم بقوله (و أيم اللّه لأفرطنّ لهم حوضا أنا ماتحه) و قد سبق شرح هذه الفقرة في شرح الخطبة العاشرة و قوله (لا يصدرون عنه برىّ) يعني أنّ هذا الحوض ليس كسائر الحياض الحقيقية التي يردها الظّمان فيصدر عنها برىّ و يروى غلّته، بل الواردون إليه أن لا يعود (و لا يعبّون بعده في حسى) أى لا يشربون بعده بارد الماء ابدا لهلاكهم و غرقهم في ذلك الحوض.

و قال السيد (ره) (منها) هكذا في أكثر ما عندنا من النّسخ، و الأولى منه بدله كما في بعضها و لعلّ الأوّل من تحريف النّساخ لأنّ العنوان بقوله: و من كلام، فلا وجه لتأنيث الضّمير الرّاجع إليه و الغرض بهذا الفصل تأكيد الاحتجاج على الفئة الباغية بنحو آخر و هو قوله: (فأقبلتم إلىّ) للبيعة مزدحمين منثالين (إقبال العوذ المطافيل) أى الوالدات الحديثات النتاج و ذات الطّفل على أولادها و تشبيهه إقبالهم باقبالها لأنّها أكثر إقبالا و أشدّ عطفا و حنّة على أولادها.

(تقولون البيعة البيعة) أى هلمّ البيعة أقبل إليها و فائدة التكرار شدّة حرصهم إليها و فرط رغبتهم فيها (قبضت كفّى) و امتنعت (فبسطتموها و نازعتكم يدي) من التّوسع في الاسناد أى نازعتكم بيدى و تمنّعت (فجاذبتموها) فبايعتم عن جدّ و طوع منكم و كره و زهد منّى‏ ثمّ شكا إلى اللّه سبحانه من طلحة و الزّبير بقوله (اللّهمّ إنّهما قطعاني) أى قطعا رحمى لأنّهما كانت لهما رحم ماسة به عليه السّلام لكونهم جميعا من قريش مضافا إلى ما للزّبير من القرابة القريبة فانّه كان ابن عمّة أمير المؤمنين و امّه صفية بنت عبد المطّلب عليه السّلام (و ظلماني) في خروجهما إلىّ و مطالبة ما ليس لهما بحقّ (و نكثا بيعتي) و نقضاها (و ألبّا النّاس) و أفسداهم (عليّ).

ثمّ دعا عليهما بقوله (فاحلل ما عقدا) من العزوم الفاسدة الّتي أضمراها في نفوسهم (و لا تحكم لهما ما أبرما) أى لا تجعل ما أبرماه و أحكماه في أمر الحرب محكما مبرما (و أرهما المسائة فيما أمّلا و عملا) أى أرهما المسائة في الدّنيا و الآخرة و لا تنلهما آمالهما و اجزهما السّوءى بأعمالهما و أفعالهما.

ثمّ اعتذر من قتاله معهما بانّه انّما قام بالقتال بعد اكمال النّصح و الموعظة و اتمام الحجّة قاصرا على البغى فيكون اللّائمة في ذلك راجعة اليهما لا إليه و الذّنب عليهما لا عليه و هو معنى قوله (و لقد استتبتهما قبل القتال) أى طلبت منهما أن يرجعا عن البغى أو يتوبا عن ذنبهما استعطافا لهما (و استأنيت بهما قبل الوقاع) أى تأنّيت و تثبّت بهما قبل وقاع الحرب لعلّهما يرجعا إلى الحقّ (ف) لم يقبلا نصحى و لم يسمعا قولى بل أصرّا على البغى و المخالفة و (غمطا النّعمة) اى استحقرا ما أنعم اللّه عليهما و هو قسمتهما من بيت المال و طلبا الزّيادة و التّوفير (و ردّا العافية) أى السّلامة في الدّنيا و الدّين فكان عاقبتهما أنّهما في النّار خالدين.

تنبيه

قال الشّارح المعتزلي في شرح قوله عليه السّلام: اللّهم إنّهما قطعاني إلى قوله و عملا امّا و صفهما بما وصف به من القطع و الظلم و النّكث و التأليب فقد صدق عليه السّلام فيه، و أمّا دعاؤه فاستجيبت له و المسائة التي دعا بهما مسائة الدّنيا لا مسائة الآخرة، فانّ اللّه قد وعدهما على لسان رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالجنّة و إنّما استوجبا بالتوبة التي ينقلها أصحابنا عنهما في كتبهم و لولاها لكانا من الهالكين.

أقول: ظاهر قول الامام عليه السّلام و أرهما المسائة هو الاطلاق و تقييدها بمسائة الدنيا لا دليل عليه، و أمّا وعد اللّه لهما بالجنّة فغير ثابت و مدّعيه كاذب لأنّ المدّعى إنّما استند فيه إلى حديث العشرة الذي قدّمنا في التذييل الثّاني من شرح الكلام الثالث و الأربعين ضعفه و بطلانه و أنّه ممّا تفرّد المخالفون بروايته.

و نزيد على ما قدّمنا ما قاله الشّيخ (ره) في محكيّ كلامه من تلخيص الشافي عند الكلام على بطلان هذا الخبر إنّه لا يجوز أن يعلم اللّه مكلّفا ليس بمعصوم من الذّنوب بأنّ عاقبته الجنّة، لأنّ ذلك يغريه بالقبيح و ليس يمكن أحدا ادّعاء عصمة التّسعة و لو لم يكن إلّا ما وقع من طلحة و الزّبير من الكبيرة لكفى، و قد ذكرنا أنّ هذا الخبر لو كان صحيحا لاحتجّ به أبو بكر لنفسه و احتجّ به له في السقيفة و غيرها، و كذلك عمر و عثمان.

و ممّا يبيّن أيضا بطلانه إمساك طلحة و الزبير عن الاحتجاج به لما دعوا النّاس إلى نصرتهما و استنفارهم إلى الحرب معهما، و أىّ فضيلة أعظم و أفخم من الشّهادة لهما بالجنّة، و كيف يعدلان مع العلم و الحاجة عن ذكره إلّا لأنّه باطل، و يمكن أن يسلّم مسلّم هذا الخبر و يحمله على الاستحقاق في الحال لا العاقبة فكانّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أراد أنّهم يدخلون الجنّة إن وافوا بما هم عليه، و يكون الفائدة في الخبر إعلامنا بأنّهم يستحقّون الثواب في هذا الحال، هذا.

و أمّا قول الشّارح إنّهما استوجبا الجنّة بالتّوبة الّتي ينقلها أصحابنا عنهما ففيه إنّا قدّمنا في شرح الكلام الثامن بطلان توبة الزّبير، و في شرح الكلام الثاني عشر بطلان توبة طلحة، و أقول هنا: قال الشّيخ (ره) في محكيّ كلامه من تلخيص الشافي بعد كلام طويل له على بطلان توبتهما تركناه حذرا من الاطالة و الاطناب ما لفظه: و روى الشّعبي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قال: ألا إنّ أئمه الكفر في الاسلام خمسة: طلحة، و الزّبير، و معاوية، و عمرو بن العاص، و أبو موسى الأشعري، و قد روى مثل ذلك عن عبد اللّه بن مسعود.

و روى نوح بن درّاج عن محمّد بن مسلم عن حبّة العرني قال: سمعت عليّا عليه السّلام حين برز أهل الجمل يقول: و اللّه لقد علمت صاحبة الهودج أنّ أهل الجمل ملعونون على لسان النّبي الامّي و قد خاب من افترى، و قد روى هذا المعنى بهذا اللّفظة أو بقريب منه من طرق مختلفة.

و روى البلادرى في تاريخه باسناده عن جويرية بن أسماء أنّه قال: بلغني أنّ الزبير حين ولي و لم يكن بسط يده بسيفه اعترضه عمّار بن ياسر بالرّمح و قال أين يا أبا عبد اللّه و أنت ما كنت بجبان و لكني احسبك شككت قال: و هو ذاك و مضى حتّى نزل بوادى السّباع فقتله ابن جرموز، و اعترافه بالشكّ يدلّ على خلاف التوبة لأنّه لو كان تائبا لقال له في الجواب ما شككت بل تحقّقت انّك و صاحبك إلى الحقّ و أنا على الباطل و قد ندمت على ما كان منّي و أىّ توبة لشاكّ غير متحقّق.

فهذه الأخبار و ما شاكلها تعارض أخبارهم لو كان لها ظاهر يشهد بالتوبة، و إذا تعارضت الأخبار في التوبة و الاصرار سقط الجميع و تمسكنا بما كنّا عليه من أحكام فسقهم و عظيم ذنبهم، و ليس لهم أن يقولوا إنّ كلّ ما رويتموه من طريق الآحاد و ذلك إنّ جميع أخبارهم بهذه المثابة، و كثير ممّا رويناه أظهر ممّا رووه و أفشى و إن كان من طريق الآحاد فالأمر ان سيّان.

و أمّا توبة طلحة فالأمر فيها أضيق على المخالف من توبة الزّبير، لأنّ طلحة قتل بين الصّفين مباشرا للحرب مجتهدا فيها و لم يرجع عنها حتّى أصابه السّهم فأتى على نفسه، و ادّعاء توبة مثل هذا مكابرة، و ليس لأحد أن يقول إنّه قال بعد ما أصابه السهم:

ندمت ندامة الكسعى لمّا            رأت عيناه ما صنعت يداه‏

لأنّ هذا بعيد عن الصّواب و البيت المروىّ بأن يدلّ على خلاف التّوبة أولى لأنّه جعل ندامته ندامة الكسعى و خبر الكسعى معروف لأنّه ندم بحيث لا ينفعه النّدم و حيث فاته الأمر و خرج عن يده، و لو كان ندم طلحة واقعا على وجه التوبة الصحيحة لم يكن مثل ندامة الكسعى، بل كان شبيها لندامة من تلافي ما فرط فيه على وجه ينتفع به.

و روى حسين الأشفر عن يوسف البزاز عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال أمير المؤمنين عليه السّلام لطلحة و هو صريع فقال: اقعدوه، فأقعد، فقال عليه السّلام: قد كان لك سابقة لكن دخل الشّيطان في منخريك فأدخلك النّار، انتهى كلامه رفع مقامه و قد ظهر بذلك بطلان توبتهما كما توهّمه الشّارح المعتزلي وفاقا لأصحابه المعتزلة و تبيّن أنّهما في النار خالدين ببغيهم على الامام المبين، هذا.

و ندامة الكسعى يضرب بها المثل فيقال: أندم من الكسعى، و هو محارب بن قيس من بني كسع حىّ من اليمن كان يرعى إبلا بواد معشب فرأى نبقة على صخرة فأعجبته فقطعها و اتّخذ منها قوسا، فمرّت به قطعان من حمر الوحش ليلا فرمى عشرا فأنفذها و أخرج السّهم فأصاب الجبل فارى نارا فظنّ أنّه أخطا، ثمّ مرّ قطيع آخر فرماه كالأوّل و فعل ذلك مرارا فعمد إلى قوسه فكسره من حنقه، فلما أصبح و أى الحمر قتلن مضرّجة بالدّم فندم و عضّ إبهامه فقطعها

الترجمة

از جمله كلام آن امام أنام است عليه الصّلاة و السّلام در معنى و مقصودى كه متعلّق است بطلحه و زبير و وارد است در مذمت و توبيخ ايشان و ابطال دعويشان در مطالبه خون عثمان مى‏ فرمايد: قسم بخدا انكار نكردند بر من فعل منكر قبيح را، و قرار ندادند در ميان من و ميان خودشان حكم عدلى را، و بدرستي كه ايشان طلب ميكنند حقّى را كه خود آنها ترك كرده اند، و خوني را كه خود آنها ريخته ‏اند آنرا، پس اگر باشم من شريك ايشان در آن خون پس بدرستى كه مر ايشان راست نصيبشان از آن خون، و اگر مباشر شدند آنرا بدون من پس نيست مطلوب ايشان مگر پيش خودشان، و بدرستى كه اول عدالت ايشان حكم كردن است بر خودشان، و بدرستى كه با من است بصيرت‏ من تلبيس نكرده‏ام و تلبيس كرده نشده بر من، و بدرستى كه اين جماعت همان جماعت طاغيه باغيه است كه پيغمبر خدا صلّى اللّه عليه و آله خبر داده بود، در اين جماعت است گل سياه متغير و زهر عقرب و شبهه صاحب ظلمت، و بدرستى كه امر در اين شبهه واضح است، و بتحقيق كه كنار شده است باطل از أصل خود، و بريده شده زبان آن از برانگيختن شر و فساد خود، و سوگند بخدا هر آينه پر مى‏سازم بجهت ايشان حوض جنگيرا كه منم كشنده آب آن در حالتى كه بر نگردند از آن حوض سيراب و نياشامند بعد از آن آب خوشگوار.

بعضى از اين كلام در ردّ ايشانست بطرز آخر كه مى‏ فرمايد: پس اقبال كرديد بطرف من مثل اقبال شتران نوزايندگان صاحبان طفل بر اولاد خود در حالتى كه مى‏ گفتيد بيا ببيعت اقبال كن ببيعت، بهم گرفتم و قبض نمودم كف خود را پس بسط كرديد شما آنرا، و منازعه كرد با شما دست من پس كشيديد دست مرا، پروردگارا بدرستى كه طلحه و زبير قطع رحم كردند از من و ظلم كردند بر من و شكستند بيعت مرا و تحريص و تحريك كردند خلق را بر محاربه من، پس بگشاى آنچه كه بسته‏ اند آن را از عزمهاى فاسده، و محكم نساز از براى ايشان آنچه كه استوار كرده‏اند آن را از رأيهاي باطله، و بنماى بايشان پريشاني را در آنچه كه اميد دارند و در آنچه كه عمل مى‏ آرند، و بتحقيق كه طلب كردم از ايشان باز گشتن ايشان را از بغى و ظلم پيش از مقاتله، و منتظر شدم و توقّف نمودن بايشان پيش از محاربه، پس حقير شمردند نعمت را و كفران نمودند و رد كردند سلامتى را و خود را بورطه هلاكت أفكندند.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

Show More

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

Back to top button
-+=