خطبه 123 صبحی صالح
123- و من كلام له ( عليه السلام ) قاله لأصحابه في ساحة الحرب بصفين
وَ أَيُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ أَحَسَّ مِنْ نَفْسِهِ رَبَاطَةَ جَأْشٍ عِنْدَ اللِّقَاءِ
وَ رَأَى مِنْ أَحَدٍ مِنْ إِخْوَانِهِ فَشَلًا
فَلْيَذُبَّ عَنْ أَخِيهِ بِفَضْلِ نَجْدَتِهِ الَّتِي فُضِّلَ بِهَا عَلَيْهِ كَمَا يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ
فَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُ مِثْلَهُ
إِنَّ الْمَوْتَ طَالِبٌ حَثِيثٌ لَا يَفُوتُهُ الْمُقِيمُ
وَ لَا يُعْجِزُهُ الْهَارِبُ
إِنَّ أَكْرَمَ الْمَوْتِ الْقَتْلُ
وَ الَّذِي نَفْسُ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ بِيَدِهِ لَأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّيْفِ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ مِيتَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ
و منه وَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْكُمْ تَكِشُّونَ كَشِيشَ الضِّبَابِ
لَا تَأْخُذُونَ حَقّاً وَ لَا تَمْنَعُونَ ضَيْماً
قَدْ خُلِّيتُمْ وَ الطَّرِيقَ
فَالنَّجَاةُ لِلْمُقْتَحِمِ
وَ الْهَلَكَةُ لِلْمُتَلَوِّمِ
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج8
و من كلام له عليه السّلام و هو المأة و الثالث و العشرون من المختار فى باب الخطب
و كأنّي أنظر إليكم تكشّون كشيش الضّباب، لا تأخذون حقّا، و لا تمنعون ضيما، قد خلّيتم و الطّريق، فالنّجاة للمقتحم، و الهلكة للمتلوّم.
اللغة
(كششت) الأفعى كشيشا من باب ضرب إذا صاتت من جلدها لا من فمها قال الشارح المعتزلي: الكشيش الصوت يشوبه خور مثل الخشخشة
قال الراجز:
كشيش افعى اجمعت بعض
فهى تحكّ بعضها ببعض
و عن النهاية كشيش الافعى صوت جلدها إذا تحرّكت، و قد كشت تكش و ليس صوت فمها لأنّ ذلك فصحيحها، و (الضبّ) دابة بريّة و جمعه ضباب بالكسر كسهم و سهام
الاعراب
جملة لا تأخذون آه في محلّ النصب على الجال من فاعل تكشّون، و الطريق منصوب على المفعول معه
المعنى
اعلم أنّ المستفاد من بعض نسخ النّهج أنّ هذا الكلام و كذلك الكلام الآتي كليهما من فصول الكلام السّابق، حيث إنّ العنوان فيه في كلّ منهما بلفظ منه و في بعضها عنوان ذلك بلفظ منه، و عنوان ما يتلوه بلفظ و من كلام له عليه السّلام و في نسخة ثالثة العنوان في كلّ منهما بلفظ منها، و الظاهر أنّه سهو من النساخ لأنّ العنوان فيما سبق حسبما عرفت بلفظ و من كلام له عليه السّلام فلا يناسبه ارجاع الضمير المؤنث إليه و لعلّ الأظهر أنّ كلّا منها كلام مستقلّ لعدم ارتباط أحدها بالآخر، حيث إنّ الكلام السابق حسبما عرفت قاله للأصحاب في ساعة الحرب للتحريض و التشجيع
و هذا الكلام كما ترى وارد في مقام التوبيخ و التقريع لهم، و الكلام الآتي وارد في مقام تعليم رسوم الحرب، فلا مناسبة لأحدها مع الآخر لو لم يكن الوسط مصادّا لهما، اللّهمّ إلّا أن يكون السيد (ره) قد اسقط ما يوجب الائتلاف و الارتباط على ما جرت عليه عادته في الكتاب من الاسقاط و الالتقاط، و بعض فقرات هذا الكلام يأتي في رواية الارشاد، و هو أيضا يخيّل كونه كلاما مستقلا، و ستطّلع في شرح الكلام الآتي ما يفيد استقلاله أيضا.
و كيف كان فقد قال عليه السّلام لأصحابه (و كأنّي أنظر إليكم) بما فيكم من الجبن و الفشل (تكشّون كشيش الضباب) المجتمعة يعني أنّ أصواتكم غمغمة بينكم من الهلع الذي قد اعتراكم، فهى أشبه شيء بأصوات الضباب، أو المراد بيان حالهم في الازدحام و الهزيمة (لا تأخذون) للّه (حقّا و لا تمنعون ضيما) و ذلّا (قد خلّيتم و الطريق) أى طريق الآخرة (فالنجاة للمقتحم و الهلكة للمتلوّم) أى النجاة في الدنيا من العار و في الآخرة من النار للداخل في الجهاد و المقدم عليه، و الهلاك الدائم للمتوقف عن القتال المتثبّط فيه، أو أنّ النجاة من سيف الأعداء للمطرق المقدم، لانه مع اقدامه و تجلّده يرتاع له خصمه و ينخذل عنه نفسه و الهلاك بسيف الأعداء للمتثبط المتلوّم لأنّ نفس خصمه تقوى عليه و طمعه يزداد فيه كما هو مشاهد بالعيان و تشهد به التجربة و الوجدان و في هذا المعنى قال:
ذق الموت ان شئت العلى و اطعم الرّدى
قتيل الأماني بالمنيّة مكتوب
خض الحتف تأمن خطة الخسف انما
يبوح ضرام الخطب و الخطب مشيوب
تنبيه
يشبه أن يكون هذا الكلام ملتقطا من كلام له عليه السّلام رواه في البحار من الارشاد قال: من كلامه صلوات اللّه عليه في هذا المعنى«» بعد حمد اللّه و الثناء عليه: ما أظن هؤلاء القوم- يعني أهل الشام- إلّا ظاهرين عليكم، فقالوا له: بما ذا
يا أمير المؤمنين فقال عليه السّلام: أرى أمورهم قد علت، و نيرانكم قد خبت، و أراهم جادين، و أراكم و انين، و أراهم مجتمعين، و أراكم متفرّقين، و أراهم لصاحبهم مطيعين، و أراكم لى عاصين، أم و اللّه لئن ظهروا عليكم لتجدنّهم أرباب سوء من بعدى لكم، لكأني أنظر اليهم و قد شاركوكم في بلادكم، و حملوا إلى بلادهم فيئكم، و كأني أنظر اليكم تكشّون كشيش الضباب، و لا تأخذون حقّا، و لا تمنعون للّه من حرمة، و كأنّي أنظر إليهم يقتلون صالحيكم، و يحيفون«» قرائكم، و يحرمونكم، و يحجبونكم، و يدنون الناس دونكم. فلو قد رأيتم الحرمان و الاثرة و وقع السّيوف و نزول الخوف، لقد ندمتم و حسرتم«» على تفريقكم في جهادكم و تذاكرتم ما أنتم فيه اليوم من الخفض و العافية حين لا ينفعكم التذكار
الترجمة
از جمله كلام آن امام أنام است كه فرمود: گويا نظر مي كنم بسوى شما كه آواز مى كنيد در ازدحام نمودن بهزيمت و فرار همچو آواز نمودن پوستهاى سوسمار كه بر هم خورند در رفتار، در حالتى كه أخذ نمى كنيد بجهة خدا حقّى را، و منع نمى كنيد ذلّتى را، بتحقيق كه رها شده ايد با طريق آخرت، پس نجات مر كسى راست كه داخل شود بدون تأمّل در قتال و جهاد و هلاكت مر كسى راست كه توقّف كند از محاربه أعداء.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»