خطبه 122 صبحی صالح
122- و من كلام له ( عليه السلام ) قاله للخوارج و قد خرج إلى معسكرهم و هم مقيمون على إنكار الحكومة
فقال ( عليه السلام )
أَ كُلُّكُمْ شَهِدَ مَعَنَا صِفِّينَ
فَقَالُوا مِنَّا مَنْ شَهِدَ وَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَشْهَدْ
قَالَ فَامْتَازُوا فِرْقَتَيْنِ
فَلْيَكُنْ مَنْ شَهِدَ صِفِّينَ فِرْقَةً
وَ مَنْ لَمْ يَشْهَدْهَا فِرْقَةً
حَتَّى أُكَلِّمَ كُلًّا مِنْكُمْ بِكَلَامِهِ
وَ نَادَى النَّاسَ فَقَالَ
أَمْسِكُوا عَنِ الْكَلَامِ وَ أَنْصِتُوا لِقَوْلِي
وَ أَقْبِلُوا بِأَفْئِدَتِكُمْ إِلَيَّ
فَمَنْ نَشَدْنَاهُ شَهَادَةً فَلْيَقُلْ بِعِلْمِهِ فِيهَا
ثُمَّ كَلَّمَهُمْ ( عليه السلام )بِكَلَامٍ طَوِيلٍ
مِنْ جُمْلَتِهِ أَنْ قَالَ ( عليه السلام )
أَ لَمْ تَقُولُوا عِنْدَ رَفْعِهِمُ الْمَصَاحِفَ حِيلَةً وَ غِيلَةً وَ مَكْراً وَ خَدِيعَةً
إِخْوَانُنَا وَ أَهْلُ دَعْوَتِنَا
اسْتَقَالُونَا وَ اسْتَرَاحُوا إِلَى كِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ
فَالرَّأْيُ الْقَبُولُ مِنْهُمْ وَ التَّنْفِيسُ عَنْهُمْ
فَقُلْتُ لَكُمْ هَذَا أَمْرٌ ظَاهِرُهُ إِيمَانٌ وَ بَاطِنُهُ عُدْوَانٌ
وَ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ وَ آخِرُهُ نَدَامَةٌ
فَأَقِيمُوا عَلَى شَأْنِكُمْ
وَ الْزَمُوا طَرِيقَتَكُمْ
وَ عَضُّوا عَلَى الْجِهَادِ بَنَوَاجِذِكُمْ
وَ لَا تَلْتَفِتُوا إِلَى نَاعِقٍ نَعَقَ إِنْ أُجِيبَ أَضَلَّ وَ إِنْ تُرِكَ ذَلَّ
وَ قَدْ كَانَتْ هَذِهِ الْفَعْلَةُ وَ قَدْ رَأَيْتُكُمْ أَعْطَيْتُمُوهَا
وَ اللَّهِ لَئِنْ أَبَيْتُهَا مَا وَجَبَتْ عَلَيَّ فَرِيضَتُهَا
وَ لَا حَمَّلَنِي اللَّهُ ذَنْبَهَا
وَ وَ اللَّهِ إِنْ جِئْتُهَا إِنِّي لَلْمُحِقُّ الَّذِي يُتَّبَعُ
وَ إِنَّ الْكِتَابَ لَمَعِي مَا فَارَقْتُهُ مُذْ صَحِبْتُهُ
فَلَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله )
وَ إِنَّ الْقَتْلَ لَيَدُورُ عَلَى الْآباءِ وَ الْأَبْنَاءِ وَ الْإِخْوَانِ وَ الْقَرَابَاتِ
فَمَا نَزْدَادُ عَلَى كُلِّ مُصِيبَةٍ وَ شِدَّةٍ إِلَّا إِيمَاناً
وَ مُضِيّاً عَلَى الْحَقِّ وَ تَسْلِيماً لِلْأَمْرِ وَ صَبْراً عَلَى مَضَضِ الْجِرَاحِ
وَ لَكِنَّا إِنَّمَا أَصْبَحْنَا نُقَاتِلُ إِخْوَانَنَا فِي الْإِسْلَامِ عَلَى مَا دَخَلَ فِيهِ مِنَ الزَّيْغِ وَ الِاعْوِجَاجِ وَ الشُّبْهَةِ وَ التَّأْوِيلِ
فَإِذَا طَمِعْنَا فِي خَصْلَةٍ يَلُمُّ اللَّهُ بِهَا شَعَثَنَا
وَ نَتَدَانَى بِهَا إِلَى الْبَقِيَّةِ فِيمَا بَيْنَنَا
رَغِبْنَا فِيهَا وَ أَمْسَكْنَا عَمَّا سِوَاهَا
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج8
و من كلام له عليه السّلام و هو المأة و الاحد و العشرون من المختار في باب الخطب.
قاله للخوارج و قد خرج الى معسكرهم و هم مقيمون على انكار الحكومة فقال (ع): أ كلّكم شهد معنا صفّين فقالوا: منّا من شهد و منّا من لم يشهد، قال عليه السّلام: فامتازوا فرقتين فليكن من شهد صفّين فرقة و من لم يشهدهافرقة حتّى أكلّم كلّا منكم بكلامه و نادى النّاس فقال عليه السّلام: أمسكوا عن الكلام و أنصتوا لقولي و اقبلوا بأفئدتكم إليّ، فمن نشدناه شهادة فليقل بعلمه فيها. ثمّ كلّمهم عليه السّلام بكلام طويل منه: أ لم تقولوا عند رفع المصاحف حيلة و غيلة و مكرا و خديعة إخواننا و أهل دعوتنا استقالونا و استراحوا إلى كتاب اللَّه سبحانه فالرّأي القبول منهم، و التّنفيس عنهم فقلت لكم: هذا أمر ظاهره إيمان، و باطنه عدوان، و أوّله رحمة، و آخره ندامة، فأقيموا على شأنكم، و ألزموا طريقتكم، و عضّوا على الجهاد بنواجذكم، و لا تلتفتوا إلى ناعق نعق، إن أجيب أضلّ، و إن ترك ذلّ، و قد كانت هذه الفعلة و قد رأيتكم أعطيتموها، و اللَّه لئن أبيتها ما وجبت عليّ فريضتها، و لا حمّلني اللَّه ذنبها، و و اللَّه إن جئتها إنّي للمحقّ الّذي يتّبع، و إنّ الكتاب لمعي ما فارقته مذ صحبته، فلقد كنّا مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و إنّ القتل ليدور بين الاباء و الأبناء و الإخوان و القرابات، فما نزداد على كلّ مصيبة و شدّة إلّا إيمانا و مضيّا على الحقّ، و تسليما للأمر و صبرا على مضض الجراح، و لكنّا إنّما أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام على ما دخل فيه من الزّيغ و الاعوجاج، و الشّبهة و التّأويل فإذا طمعنا في خصلة يلّم اللَّه بها شعثنا، و نتدانا بها إلى البقيّة فيما بيننا، رغبنا فيها، و أمسكنا عمّا سواها.
اللغة
(المعسكر) بفتح الكاف محلّ العسكر، و عن النهاية (نشدتك) اللَّه و الرّحم أى سألتك باللَّه و بالرّحم، و قال الفيومى: نشدت الضالة نشدا من باب قتل طلبتها و نشدتك اللَّه و باللَّه نشدتك ذكرتك به و استعطفتك أو سألتك به مقسما عليك و (الغيلة) بالكسر الخديعة و (نفّس) تنفيسا فرّج تفريجا و (نعق) الرّاعى بغنمه ينعق من باب ضرب نعيقا صاح بها و زجرها و (الفعلة) بالفتح المرّة من الفعل و (المضض) كالألم لفظا و معنى و (جرحه) جرحا من باب نفع و الاسم الجرح بالضمّ و الجراحة بالكسر و جمعها جراح و جراحات بالكسر أيضا و (الخصلة) بفتح الخاء.
و (البقية) قال الشارح المعتزلي: هى الابقاء و الكف، و قال البحراني (ره) بقاء ما بقى فيما بيننا من الاسلام، و في البحار و الأظهر عندى أنه من الابقاء بمعنى الرّحم و الاشفاق و الاصلاح كما في الصّحيفه: لا تبقى على من تضرّع إليها، و قال في القاموس: أبقيت ما بيننا أى لم ابالغ في افساده و الاسم البقية و اولو بقيّة ينهون عن الفساد أى ابقاء.
الاعراب
الهمزة في قوله ألم تقولوا استفهاميّة للتقرير بما بعد النّفى كما قاله الزمخشري في قوله تعالى: ألم تعلم أنّ اللَّه على كلّ شيء قدير، و الأظهر أنّها للانكار الابطالى المفيده لاثبات ما بعدها إذا دخلت على النفى، قال تعالى: أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ، أى كاف عبده.
و حيلة و غيلة و مكرا و خديعة، منصوبات على نزع الخافض، و إخواننا بالرّفع خبر محذوف المبتدأ، و الجملة في محلّ النصب مقول تقولوا، و اللّام في قوله: لئن أبيتها، لام ابتداء جيء بها تاكيدا للقسم، و جملة ما وجبت جواب القسم استغنى به عن جواب الشرط كما صرّح به علماء الأدبيّة.
قال ابن الحاجب: و إذا تقدّم القسم أوّل الكلام على الشرط لزمه المضىّ لفظا أو معنى، و كان الجواب للقسم لفظا مثل و اللَّه إن ايتنى و إن لم تأتنى لاكرمنك و قال نجم الأئمة إذا تقدّم القسم أوّل الكلام ظاهرا أو مقدّرا و بعده كلمة الشرط فالأكثر و الأولى اعتبار القسم دون الشرط، فيجعل الجواب للقسم و يستغنى عن جواب الشرط لقيام القسم مقامه كما في قوله تعالى: لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَ لَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ الآية، و قد تقدّم حكاية ذلك الكلام عنه في شرح الكلام السابق باختلاف يسير.
و منه يظهر الكلام في قوله: و و اللَّه إن جئتها إنّى للمحقّ الذى آه، قال نجم الائمة: جواب القسم إذا كان جملة اسمية مثبتة يصدّر بان مشدّدة أو مخفّفة أو باللّام و هذه اللّام لام الابتداء المفيدة للتأكيد لا فرق بينها و بين إنّ إلّا من حيث العمل، و إنما اجيب القسم بهما لأنهما مفيدان لتأكيد الذي لأجله جاء القسم، و قال في موضع آخر من شرح الكافية في تحقيق أنّ إنّ المكسورة مع جزئيها في تقدير الجملة و لذلك دخلت اللّام في خبرها دون المفتوحة: اعلم أنّ هذه اللّام لام الابتداء المذكورة في جواب القسم و كان حقّها أن تدخل أول الكلام، و لكن لما كان معناها و معنى إنّ سواء أعنى التوكيد و التحقيق، و كلاهما حرف ابتداء كرهوا اجتماعهما فأخّروا اللّام و صدّروا إنّ لكونها عاملة و العامل حرّى بالتقديم على معموله و خاصّة إذا كان حرفا إذ هو ضعيف العمل آه.
و جملة يلمّ اللَّه بها شعثنا في محلّ الجرّ صفة لخصلة، و جملة رغبنا جواب اذا طمعنا
المعنى
اعلم أنه قد تقدّم في التذييل الثاني من شرح الخطبة السادسة و الثلاثين كيفية قتال الخوارج و جملة من احتجاجاته عليه السّلام معهم، و هذا الكلام أيضا قاله للخوارج احتجاجا عليهم (و قد خرج إلى معسكرهم) أى محلّ عسكرهم و محطه (و هم مقيمون على انكار الحكومة) عليه (فقال عليه السّلام) لهم (أكلّكم شهد معنا صفّين) و حضرها (فقالوا منّا من شهد و منّا من لم يشهد قال عليه السّلام فامتازوا) أى تفرّدوا (فرقتين فليكن من شهد صفّين فرقة و من لم يشهدها فرقة حتى اكلّم كلّا منكم بكلامه) الذى يليق به و فيه اسكاته و رفع شبهته (و نادى الناس فقال امسكوا عن الكلام و انصتوا لقولي و اقبلوا بأفئدتكم إلىّ) و تدبّروا فيما أقول (فمن نشدناه) أى سألنا منه (شهادة فليقل بعلمه فيها) و لا يكتمها.
(ثمّ كلّمهم عليه السّلام بكلام طويل، منه ألم تقولوا) أى قد قلتم (عند رفع المصاحف) بتدليس ابن العاص اللّعين (حيلة و غيلة و مكرا و خديعة) هؤلاء (اخواننا) في الدّين و الاسلام (و أهل دعوتنا) أى دعاهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم إلى الاسلام فأجابوه (استقالونا و استراحوا إلى كتاب اللَّه سبحانه) أى طلبوا منا الاقالة و رفع اليد عمّا كنّا عليه من المحاربة و القتال، و سألوا الراحة بالرّجوع إلى كتاب اللَّه و العمل بما يقتضيه (فالرأى القبول عنهم) لملتمسهم (و التنفيس عنهم) لكربتهم.
(فقلت لكم) تنبيها على حيلتهم و ارشادا إلى خديعتهم و ايقاظا لكم من نوم الغفلة و الجهالة (هذا) أى رفعهم المصاحف (أمر ظاهره ايمان) لتسليمهم ظاهرا الرجوع إلى الكتاب و ايهامهم العمل بما فيه من الأحكام (و باطنه عدوان) إذ كان مقصودهم به الحيلة و الظلم و الغلبة و الخديعة (و أوّله رحمة) منكم لهم (و آخره ندامة) عليكم منهم.
(فأقيموا على شأنكم) و ما أنتم فيه من القتال و براز الأبطال (و الزموا طريقتكم و عضّوا على الجهاد بنواجذكم) و هو كناية عن المبالغة في الثبات عليه (و لا تلتفتوا إلى ناعق نعق) أراد به معاوية أو عمرو بن العاص حيث كان رفع المصاحف بتدبيره (إن اجيب أضلّ) من أجاب (و إن ترك ذلّ) و خاب (و قد كانت هذه الفعلة) و هي الرضا بالحكومة (و قد رأيتكم اعطيتموها) و أقدمتم عليها.
ثمّ أراد رفع شبهتهم بقوله: (و اللَّه لئن أبيتها ما وجبت علىّ فريضتها و لا حملنى اللَّه ذنبها و و اللَّه ان جئتها إنّى للمحقّ الذي يتّبع و ان الكتاب لمعى ما فارقته مذ صحبته) يعني أنّ الحكومة على تقدير امتناعى عنها لم تكن واجبة حتى تجب علىّ فريضتها أى الأحكام الواجبة بسببها و المترتّبة عليها و ما كنت مذنبا بترك الواجب، و على تقدير إقدامى عليها لم تكن محرّمة حتى تكونوا باتّباعكم إيّاى في الاقدام عليها مرتكبين للحرام، فانّى أنا المحقّ الذي أحقّ أن يتّبع و يقتدى، و انّ كتاب اللَّه سبحانه لمعى لفظا و معنى لا افارقه و لا يفارقني، فلا اقدم على أمر مخالف للقرآن موجب للعصيان.
فان قلت: المعلوم من حاله عليه السّلام حسبما ظهر من الروايات المتقدّمة في شرح الخطبة الخامسة و الثلاثين أنه امتنع من الحكومة أولا و حثّ أصحابه على الجهاد و الثبات عليه، و يدلّ عليه أيضا الكلام الذي نحن بصدد شرحه، ثمّ لما رأى إصرارهم في الاحابة إلى أهل الشام و البناء على التحكيم رضى عليه السّلام به و بنا عليه، فقد كان الاباء أولا و البناء ثانيا من فعله عليه السّلام، و كان عالما بذلك، فما معنى الاتيان بالشرط المنبئ عن الشكّ قلت إنما أتى بالشرط مع جزمه و علمه به تجاهلا لاقتضاء المقام التجاهل و الابهام، و ذلك لأنّ أصحابه عليه السّلام كانوا فرقتين فرقة ترى التحكيم واجبا، و هم جلّ أصحابه و هم الذين أشار إليهم في هذا الكلام بقوله: ألم تقولوا عند رفع المصاحف إخواننا و أهل دعوتنا استقالونا و استراحوا إلى كتاب اللَّه فالرأى القبول منهم و التنفيس عنهم، و فرقة تراه حراما و الاقدام عليه معصية، و هم الخوارج الذين قالوا لا حكم إلّا للَّه و لا حكم إلّا اللَّه، فأجمل الكلام و أبهم المرام لاقتضاء المقام، و ساق المعلوم مساق المجهول اسكاتا للفريقين، فانه لو صرّح بما يوافق رأى إحدى الفرقتين تبرّئت عنه الفرقة الاخرى و انجرّ الأمر إلى الفساد كما مرّ نظيره في كلامه الذي قاله في قتل عثمان: لو أمرت به لكنت قاتلا أو نهيت عنه لكنت عاصيا، و هو الثلاثون من المختار في باب الخطب.
و محصّل جوابه عليه السّلام عن انكارهم للتحكيم يعود إلى أنّه امام مفترض الطاعة و أنّ الأمر إليه و هو وليّ الأمر لو رأى المصلحة في الاباء منه كان الاباء واجبا، و لو رآها في الاجابة إليه كانت الاجابة واجبة، و على التقديرين فاللّازم عليهم التسليم و الانقياد لا الانكار و الاعتراض، و الاقتداء و المتابعة لا الرّد و الامتناع فان قلت: فلم أكّد الكلام في جانب الاباء بتأكيدين أعني القسم و اللّام و في الجانب الآخر أتى بأربع تأكيدات و هو القسم و إنّ و اللام و اسميّة الجملة، حيث قال: و و اللَّه ان جئتها إنّى للمحقّ، بل و أكّد خامسا بالوصف و قال: الذي يتّبع.
قلت: النكتة في ذلك أنّ مخاطبته بهذا الكلام لما كانت مع الخوارج الزاعمين لكون الاقدام على الحكومة معصية و حراما دون الاباء، و كانوا مصرّين على انكارها استدعى المقام زيادة التأكيد ردّا لزعم المخاطبين، و ابطالا لانكارهم و لهذه النكتة أيضا أتى بالموصول تفخيما لشأنه، و جعله وصفا تأكيدا لحقيقته، و أكّد سادسا بقوله: و انّ الكتاب لمعى، اشارة إلى أنّه لا يرد و لا يصدر في شيء من الأبواب إلّا بحكم الكتاب، و هذه التحقيقات في هذا المقام من لطايف البلاغة قصرت عنها أيدى الشارحين و للَّه الحمد.
ثمّ رغّب عليه السّلام في التأسّي بالسّلف الماضين من خيار الصحابة بقوله: (فلقد كنّا مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و أنّ القتل ليدور بين الآباء و الأبناء و الاخوان و القرابات فما نزداد على كلّ مصيبة و شدّة) أصابتنا و ابتلينا بها (إلّا ايمانا و مضيّا إلى الحقّ و تسليما للأمر) و رضا بالقضاء (و صبرا على مضض الجراح) أى وجع الجراحات و ألمها و قد تقدّم نظير هذه الفقرات منه عليه السّلام في الكلام الخامس و الخمسين.
و محصّله أنا إذا قاتلنا بين يدي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم كنّا له مسلمين و لأمره مطيعين و منقادين، و لا يزداد ما نزل بنا من المصائب إلّا نورا و ايمانا، و تسليما و اذعانا، فلا بدّ لكم أن تكونوا كذلك، و أن تردّوا الأمر إلى وليّ الأمر، و لا تكونوا له مخالفين، و عن حكمه متمرّدين.
ثمّ أكّد ابطال انكارهم للحكومة بقوله: (و لكنّا إنما أصبحنا نقاتل إخواننا في الاسلام) أراد به أهل الشام، و اطلاق المسلم عليهم لاقرارهم ظاهرا بشهادة أن لا إله إلّا اللَّه و أنّ محمّدا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و إن كانوا محكومين بكفرهم لبغيهم على الامام المفترض الطاعة يعني انا إنما قاتلناهم (على ما دخل فيه) أي الاسلام منهم (من الزّيغ) أى العدول عن الحقّ (و الاعوجاج) عن الصّراط المستقيم (و الشبهة) في الدّين (و التأويل) للكتاب المبين (فاذا طمعنا في خصلة) أراد بها الحكومة (يلمّ اللَّه به شعثنا) أى يجمع اللَّه بها تفرّقنا و انتشار امورنا (و نتدانا بها إلى البقية فيما بيننا) أى نتقرّب بتلك الخصلة إلى الاصلاح و الاشفاق و الرّحم و ترك الفساد فيما بيننا (رغبنا فيها و أمسكنا عمّا سواها) و حاصله أنّ مقصودنا بالذات من قتال هؤلاء لم يكن محض استيصال النفوس و اراقة الدماء بهوى الأنفس و العناد، و إنما المقصود إرجاعهم عن الضلال إلى الهدى، و من الفساد إلى الرّشاد، فاذا رجونا حصول ذلك الغرض و امكان التّوسل إليه بالحكومة لا بدّ لنا من المصير إليها و الكفّ عن إراقة الدّماء كما نبّه عليه السّلام على ذلك في كلامه الرابع و الخمسين بقوله: فواللَّه ما وقعت الحرب يوما إلّا و أنا أطمع أن تلحق بي طائفة لتهتدي بى و تعشو إلى ضوئي و ذلك أحبّ إلىّ من أن أقتلها على ضلالها و إن كانت تبوء بآثامها.
تنبيه
قد اسقط في أكثر نسخ الكتاب قوله: و قد كانت هذه الفعلة، إلى قوله: مذ صحبته و من جملة تلك النسخ نسخة الشّارح المعتزلي قال في الشرح: هذا الكلام ليس يتلو بعضه بعضا و لكنه ثلاثة فصول لا تلتصق أحدها بالآخر، و هذه عادة الرضىّ ينتخب من جملة الخطبة الطويلة كلمات فصيحة يوردها على سبيل التتالي و ليست متتالية حين تكلّم بها صاحبها، آخر الفصل الأول قوله: و إن ترك ذلّ، و آخر الفصل الثاني قوله: على مضض الجراح، و الفصل الثالث ينتهى إلى آخر الكلام، هذا.
و روى ذلك الكلام له عليه السّلام في الاحتجاج عن قوله: ألم تقولوا، إلى آخر الكلام مثل ما في أكثر النسخ باسقاط ما سقط إلّا أنّ فيه بدل قوله على شأنكم على نيّاتكم و لا تلتفتوا إلى ناعق في الفتنة نعق إن اجيب أضلّ و إن ترك أذّل، و اللَّه العالم
الترجمة
از جمله كلام بلاغت نظام آن حضرت است كه گفته است آنرا بخوارج نهروان در حالتى كه بيرون رفته بود بسوى لشكرگاه ايشان، و ايشان ايستاده بودند بر انكار حكومت حكمين پس فرمود: آيا همه شما حاضر بوديد با ما در صفين پس گفتند: بعضي از ما حاضر شده بود و بعضى از ما حاضر نشده بود، فرمود: پس جدا شويد از يكديگر بدو فرقه پس بايد باشد كسانى كه حاضر صفّين شده بودند يك فرقه، و جماعتي كه حاضر نبودند در آن معركه يك فرقه ديگر تا آنكه تكلّم بكنم با هر فرقه از شما بكلامى كه لايق حال او باشد، و صدا كرد مردمان را پس فرمود كه: باز ايستيد از حرف زدن، و ساكت شويد از براى شنيدن قول من، و متوجه باشيد با قلبهاى خودتان بسوى من پس هر كسى كه طلب كنم از آن شهادتى را پس بايد كه بگويد بمقتضاي علم خود در آن شهادت، بعد از آن تكلّم فرمود با ايشان بكلام دراز از جمله آن كلام اين است كه گفت: آيا نگفتيد شما در هنگام برداشتن ايشان مصحفها را از روى حيلهگرى و تباهكارى و مكارى و فريفتن كه: ايشان برادران مايند و كسانى هستند كه دعوت شدهاند باسلام و قبول كردهاند طلب كردهاند از ما اقاله و فسخ گذشتههاى را، و راحت جستند بسوى كتاب خدا، پس رأى صواب اين است كه قبول خواهش ايشان را بكنيم، و غم و اندوه ايشان را بر طرف سازيم، پس گفتم شما را كه اين كارشان كاريست ظاهر آن ايمانست و باطن آن نفاق و عدوان، و أول آن ترّحم است از شما بايشان و آخر آن ندامت است و خسران. پس اقامت نمائيد بر كار خودتان كه عبارتست از محاربه دشمنان، و ثابت قدم بشويد بر راه خود، و بگزيد بر بالاى جهاد بدندانها، و التفات نكنيد بسوى صدا كننده كه صدا كرد يعنى معاوية اگر جواب داده شود آن صدا كننده بضلالت افكند جواب دهنده خود را، و اگر ترك كرده شود يعنى جوابش را ندهند خوار و ذليل گردد.
و بتحقيق كه شد اين يك كار يعني رضاى شما بحكومت حكمين، و بتحقيق ديدم شما را كه عطا كرديد آنرا و اقدام نموديد بآن بخدا سوگند هر آينه اگر من امتناع مى كردم از آن واجب نمى شد بر من واجبات آن، و بار نمىكرد بر من خداوند گناه آنرا، و بخدا سوگند اگر مي آمدم بسوى آن بدرستى و بتحقيق كه منم محقّ و درستكار كه تبعيت كرده مي شوم، و بدرستى كتاب عزيز خدا با من است كه جدا نشده ام من از آن از زمانى كه مصاحب او شده ام پس بتحقيق كه بوديم با حضرت رسول مختار صلوات اللَّه عليه و آله در حالتى كه كشتن دوران ميكرد در ميان پدران و پسران و برادران و خويشان، پس زياده نمى كرديم ما بر بالاى هر محنت و شدتي مگر ايمان را بخدا و گذشتن بر حق و منقاد شدن بر أمر و صبر كردن بر سوزش جراحتها، و لكن ما غير از اين نيست كه گشتيم مقاتله مىكنيم با برادران اسلامى خود بر آنچه داخل شده است در اسلام از جانب ايشان از لغزش و گمراهى و اشتباه و تأويل باطل، پس زمانى كه طمع كرديم در خصلتى كه جمع كند خداوند متعال بسبب آن خصلت پراكندگي ما را، و تقرب كنيم با يكديگر بجهة آن خصلت بسوى مهربانى و شفقت در ميان ما رغبت مىكنيم در آن خصلت و دست برداريم از غير آن
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»