google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
خطبه ها شرح و ترجمه میر حبیب الله خوئی100-120 خطبه شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره 105 (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه 106 صبحی صالح

106- و من خطبة له ( عليه ‏السلام  ) و فيها يبين فضل الإسلام

و يذكر الرسول الكريم

ثم يلوم أصحابه‏

دين الإسلام‏

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَرَعَ الْإِسْلَامَ

فَسَهَّلَ شَرَائِعَهُ لِمَنْ وَرَدَهُ

وَ أَعَزَّ أَرْكَانَهُ عَلَى مَنْ غَالَبَهُ

فَجَعَلَهُ أَمْناً لِمَنْ عَلِقَهُ

وَ سِلْماً لِمَنْ دَخَلَهُ

وَ بُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ

وَ شَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ عَنْهُ

وَ نُوراً لِمَنِ اسْتَضَاءَ بِهِ

وَ فَهْماً لِمَنْ عَقَلَ

وَ لُبّاً لِمَنْ تَدَبَّرَ

وَ آيَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ

وَ تَبْصِرَةً لِمَنْ عَزَمَ

وَ عِبْرَةً لِمَنِ اتَّعَظَ

وَ نَجَاةً لِمَنْ صَدَّقَ

وَ ثِقَةً لِمَنْ تَوَكَّلَ

وَ رَاحَةً لِمَنْ فَوَّضَ

وَ جُنَّةً لِمَنْ صَبَرَ

فَهُوَ أَبْلَجُ الْمَنَاهِجِ

وَ أَوْضَحُ الْوَلَائِجِ

مُشْرَفُ الْمَنَارِ

مُشْرِقُ الْجَوَادِّ

مُضِي‏ءُ الْمَصَابِيحِ

كَرِيمُ الْمِضْمَارِ

رَفِيعُ الْغَايَةِ

جَامِعُ الْحَلْبَةِ

مُتَنَافِسُ السُّبْقَةِ

شَرِيفُ الْفُرْسَانِ

التَّصْدِيقُ مِنْهَاجُهُ

وَ الصَّالِحَاتُ مَنَارُهُ

وَ الْمَوْتُ غَايَتُهُ

وَ الدُّنْيَا مِضْمَارُهُ

وَ الْقِيَامَةُ حَلْبَتُهُ

وَ الْجَنَّةُ سُبْقَتُهُ

و منها في ذكر النبي ( صلى ‏الله‏ عليه‏ وآله‏ وسلم  )

حَتَّى أَوْرَى قَبَساً لِقَابِسٍ

وَ أَنَارَ عَلَماً لِحَابِسٍ

فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ

وَ شَهِيدُكَ يَوْمَ الدِّينِ

وَ بَعِيثُكَ نِعْمَةً

وَ رَسُولُكَ بِالْحَقِّ رَحْمَةً

اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَهُ مَقْسَماً مِنْ عَدْلِكَ

وَ اجْزِهِ مُضَعَّفَاتِ الْخَيْرِ مِنْ فَضْلِكَ

اللَّهُمَّ أَعْلِ عَلَى بِنَاءِ الْبَانِينَ بِنَاءَهُ

وَ أَكْرِمْ لَدَيْكَ نُزُلَهُ

وَ شَرِّفْ عِنْدَكَ مَنْزِلَهُ

وَ آتِهِ الْوَسِيلَةَ

وَ أَعْطِهِ السَّنَاءَ وَ الْفَضِيلَةَ

وَ احْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ غَيْرَ خَزَايَا

وَ لَا نَادِمِينَ

وَ لَا نَاكِبِينَ

وَ لَا نَاكِثِينَ

وَ لَا ضَالِّينَ

وَ لَا مُضِلِّينَ

وَ لَا مَفْتُونِينَ

قال الشريف و قد مضى هذا الكلام فيما تقدم

إلا أننا كررناه هاهنا لما في الروايتين من الاختلاف

و منها في خطاب أصحابه‏

وَ قَدْ بَلَغْتُمْ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَكُمْ مَنْزِلَةً تُكْرَمُ بِهَا إِمَاؤُكُمْ

وَ تُوصَلُ بِهَا جِيرَانُكُمْ

وَ يُعَظِّمُكُمْ مَنْ لَا فَضْلَ لَكُمْ عَلَيْهِ

وَ لَا يَدَ لَكُمْ عِنْدَهُ

وَ يَهَابُكُمْ مَنْ لَا يَخَافُ لَكُمْ سَطْوَةً

وَ لَا لَكُمْ عَلَيْهِ إِمْرَةٌ

وَ قَدْ تَرَوْنَ عُهُودَ اللَّهِ مَنْقُوضَةً فَلَا تَغْضَبُونَ

وَ أَنْتُمْ لِنَقْضِ ذِمَمِ آبَائِكُمْ تَأْنَفُونَ

وَ كَانَتْ أُمُورُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ تَرِدُ

وَ عَنْكُمْ تَصْدُرُ

وَ إِلَيْكُمْ تَرْجِعُ

فَمَكَّنْتُمُ الظَّلَمَةَ مِنْ مَنْزِلَتِكُمْ

وَ أَلْقَيْتُمْ إِلَيْهِمْ أَزِمَّتَكُمْ

وَ أَسْلَمْتُمْ أُمُورَ اللَّهِ فِي أَيْدِيهِمْ

يَعْمَلُونَ بِالشُّبُهَاتِ

وَ يَسِيرُونَ فِي الشَّهَوَاتِ

وَ ايْمُ اللَّهِ لَوْ فَرَّقُوكُمْ تَحْتَ كُلِّ كَوْكَبٍ

لَجَمَعَكُمُ اللَّهُ لِشَرِّ يَوْمٍ لَهُمْ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج7  

و من خطبة له عليه السّلام و هى المأة و الخامسة من المختار فى باب الخطب

و شرحها في ضمن فصلين، و صدرها مروية في الكافي باختلاف كثير تطلع بعد الفراغ من شرح الفصل إنشاء اللّه تعالى

الفصل الاول

الحمد للّه الّذي شرع الإسلام فسهل شرايعه لمن ورده، و أعزّ أركانه على من غالبه، فجعله أمنا لمن علقه، و سلما لمن دخله، و برهانا لمن تكلّم به، و شاهدا لمن خاصم به، و نورا لمن استضاء به، و فهما لمن عقل، و لبّا لمن تدبّر، و آية لمن توسّم، و تبصرة لمن عزم، و عبرة لمن اتّعظ، و نجاة لمن صدّق، و ثقة لمن توكّل، و راحة لمن فوّض، و جنّة لمن صبر، فهو أبلج المناهج، و أوضح الولائج، مشرف المنار، مشرق الجوادّ، مضيّ المصابيح، كريم المضمار، رفيع الغاية، جامع الحلبة، متنافس السّبقة، شريف الفرسان، التّصديق منهاجه، و الصّالحات مناره، و الموت غايته، و الدّنيا مضماره، و القيمة حلبته، و الجنّة سبقته.

منها في ذكر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: حتّى أورى قبسا لقابس، و أنار علما لحابس، فهو أمينك المأمون، و شهيدك يوم الدّين، و بعيثك نعمة، و رسولك بالحقّ رحمة، أللّهمّ اقسم له مقسما من عدلك، و اجزه مضاعفات الخير من فضلك، أللّهمّ أعل على بناء البانين بنائه، و أكرم لديك نزله، و شرّف منزلته، و آته الوسيلة، و أعطه السّناء و الفضيله، و احشرنا في زمرته غير خزايا و لا نادمين، و لا ناكبين، و لا ناكثين، و لا ضآلّين، و لا مضلّين، و لا مفتونين. قال السيّد (ره) و قد مضى هذا الكلام فيما تقدّم إلّا أنا كرّرناه ههنا لما في الرّوايتين من الاختلاف.

اللغة

(شرع) اللّه لنا كذا من باب منع أى أوضحه و أظهره و سنّه و الشّريعة كالمشرعة مورد الناس للاستسقا سميّت بذلك لوضوحها و ظهورها، قال الأزهريّ و لا تسميّها العرب مشرعة حتى يكون الماء عدّ الا انقطاع له كماء الأنهار، و يكون ظاهرا معيّنا و لا يستقى منه برشاء فان كان من ماء الأمطار فهو الكرع بفتحتين و (السّلم) بكسر السين و سكون اللّام الصّلح يقال خذوا بالسّلم أى بالصّلح و يطلق على المسالم أى المصالح كما يطلق الحرب على المحارب و عليه ما في الزّيارة: أنا سلم لمن سالمكم و حرب لمن حاربكم.

و (توسّم) الشي‏ء تفرّسه و تخيّله و (الأبلج) المتّضح من بلج الصّبح أضاء و أشرق و (المنهج) الطريق الواضح المستقيم و (الوليجة) بطانة الرّجل و خاصّته،و في شرح المعتزلي هو المدخل إلى الوادي و غيره و (المشرف) المرتفع و (المضمار) موضع يضمر فيه الخيل للسّباق أو زمان التضمير.

و (الحلبة) بالحاء المهملة و الباء الموحّدة وزان سجدة خيل تجمع للسباق من كلّ أوب و لا تخرج من وجه واحد يقال جاءت الفرس فى آخر الحلبة أى في آخر الخيل و (السبقة) محرّكة ما يتراهن عليه المتسابقان و (القبس) الشعلة و (أورى) اشعل و (العلم) محرّكة المنار و الجبل و نحوهما مما يرشد به إلى الطريق و (الحابس) الواقف بالمكان و (النزل) بضمّتين ما يهيّأ للنّزيل من الطعام و (السناء) الرّفعة و (الزّمرة) الجماعة من النّاس (و خزى) خزيا من باب علم ذلّ و هان، و خزايا جمع خزيان مثل حيران و حيارى و غير ان و غيارى.

الاعراب

قبسا بالنصب مفعول أورى أى أورى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قبسا و لا يجوز جعله حالا من فاعل أورى إذ لم يسمع أورى إلّا متعدّيا يقال: ورى الزند كوعى خرجت ناره و أوريته و ورّيته بالتضعيف أخرجت ناره، و علما منصوب على المفعول أيضا و يحتمل الحال لأنّ أنار يستعمل متعدّيا و لازما.

قال الفيومى: النور الضّوء و هو خلاف الظلمة و الجمع أنوار، و أنار الصبّح أثارة أضاء و نوّر تنويرا و استنار استنارة كلّها لازمة بمعنى، و نار الشي‏ء ينور نيارا بالكسر أضاء أيضا فهو نيّر و هذا يتعدّى بالهمزة و التضعيف انتهى.

المعنى

اعلم أنّ هذا الفصل من كلامه عليه السّلام ملتقط من فصلين أوّلهما في ذكر وصف الاسلام و بيان فضايله، و ثانيهما في مدح رسول اللّه و تعظيمه و تبجيله و ذكر أوصافه الكماليّة، و عقبه بالدّعاء الخير عليه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏

أما الفصل الاول

فهو قوله (الحمد للّه الذي شرع الاسلام) أى سنّ الاسلام أو أوضحه و أظهره (فسهل شرايعه لمن ورده) شبّه الاسلام بنهر جار دائم الجريان و استعار عنه على سبيل الكناية و الجامع أنّ كلّا منهما يروى الغليل و العطشان إلّا أنّ الماء يروى من غلل الأبدان و الاسلام من غلّ الأرواح، أو أنّ بكلّ منهما يحصل الطهارة و النظافة إلا أنّ الماء يطهرّ من القذر و النّجس، و الاسلام من الكفر و الرّجس و استعار الشرائع للاسلام على سبيل التخييل، و المراد أنه سبحانه سهّل موارد العقول لمن أراد الدخول إلى الاسلام.

قال الشارح البحراني: و تسهيله لها ايضاح قواعده و خطاباته بحيث يفهمهما الفصيح و الألكن، و يشارك الغبيّ في ورد مناهله الفطن الذكيّ.

(و أعزّ أركانه على من غالبه) استعارة بالكناية ايضا فانه شبهه بحصن عال و قصر مشيد مستحكم البنيان، و محكم القواعد و الأركان و اثبات الأركان تخييل، و الجامع كونهما محفوظا من أن يهدم و يغالب، يعني أنه سبحانه أعزّه و حماه من أن يتسلّط عليه المشركون و يغلب عليه الكافرون كما قال تعالى: وَ لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا.

(فجعله أمنا لمن علقه) لا يخفى ما في هذه الفقرة و ما يتلوها من حسن الخطابة حيث ناط بكلّ واحدة من اللّفظات لفظة تلايمها و تناسبها لو نيطت بغيرها لما انطبقت عليها و لا استقرّت في قرارها، ألا تراه كيف رتّب الأمن على التعلّق، و السّلم.

على الدّخول، و البرهان على التكلّم، و الشهادة على المخاصمة و كذا غيرها، فلو غيّر الاسلوب و قال: أمنا لمن تكلّم، و برهانا لمن دخل لكان الكلام معيبا مختلّ المعنى خارجا عن قانون الخطابة.

إذا عرفت ذلك فأقول: مراده عليه السّلام بهذه الفقرة أنه سبحانه جعل الاسلام سببا لأمن من تعلّق به في الدّنيا من إراقة الدّماء و في الآخرة من النار و من غضب الجبار (و سلما لمن دخله.)

قيل: استعار عليه السّلام لفظ السّلم باعتبار عدم اذاه لمن دخله فهو كالمسالم له أقول: و الأشبه أن يكون المراد أنّ من دخل الاسلام يكون الاسلام صلحا بينه و بين المسلمين به يحقن دمه و يقرّ على ما يملكه (و برهانا لمن تكلّم به) أى من تكلّم مصاحبا بالاسلام و متّصفا به فهو برهان له بمعنى أنّ فيه بيّنة و حجّة يدلّ على حقّيته (و شاهدا لمن خاصم به) أى من كان من المسلمين في مقام المخاصمة بالملل الخارجة فالاسلام شاهد له، يعني أنّ فيه ما هو شاهد و يشهد بصحّة قوله قال سبحانه: أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ.

قال الطريحي: أى برهان من اللّه و بيان و حجّة على أنّ دين الاسلام حقّ، و هو دليل العقل و يتلوه أى يتبع ذلك البرهان شاهد يشهد بصحّته و هو القرآن (و نورا لمن استضاء به) إذ به يهتدى إلى الجنّة، و يسلك إليه كما يهتدى بالنور (و فهما لمن عقل) إذ بالدخول فيه و برياضة النّفس بقواعده و أركانه يتهيّأ الذّهن لقبول الأنوار الالهيّة و فهم الأسرار الحقّة فهو سبب للفهم الذي هو جودة تهيّؤ الذّهن لقبول ما يرد عليه فاطلق لفظه عليه مجازا من باب إطلاق اسم المسبّب على السّبب (و لبّا لمن تدبّر) قال البحراني: لما كان اللبّ هو العقل اطلق عليه لفظ العقل و إن كان سببا له، و أراد العقل بالملكة و ما فوقه من مراتب العقل فانّ الاسلام و قواعده أقوى الأسباب لحصول العقل بمراتبه (و آية لمن توسّم) أى علامة يهتدى به إلى الحقّ للمتوسّم و هو المتفرّس المتأمّل المتثبّت في نظره حتّى يعرف حقيقة سمت الشي‏ء (و تبصرة لمن عزم) يعني أنه موجب لبصيرة من قصد على فعل الخير و تبصرة له في إتيانه به على ما ينبغي أن يكون عليه.

(و عبرة لمن اتّعظ) يعني من كان متديّنا بدين الاسلام و نظر فيما وقع في القرون الخالية للام الماضية و أنهم كيف اختر متهم أيدى المنون و انتسفتهم القرون فهو يعتبر بذلك و يتّعظ به.

و يحتمل أن يكون المراد أن نفس الاسلام عبرة للمتّعظين، و ذلك لأنّ من لاحظ رونق الاسلام و نظر في علوّ قدره و ارتفاع كلمته و ظهور سلطانه و ظفر المسلمين على قلّتهم على المشركين مع كثرتهم. يحصل له بذلك عبرة و بصيرة في الرّجوع إلى الحقّ.

(و نجاة لمن صدّق) يعني أنّه سبب لنجاة من صدّق الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيما جاء به من عند اللّه سبحانه به يحصل له الخلاص في الدّنيا من القتل و في الآخرة من العذاب (وثقة لمن توكّل) إذ من دان بدين الاسلام و عرف المواعيد الكريمة الثابتة في الكتاب و السنّة للمتوكلين يحصل له بذلك توكّل على اللّه و حسن ثقة به (و راحة لمن فوّض) فانّ المسلم إذا كمل إسلامه و فوّض أمره إلى اللّه سبحانه كفاه اللّه جميع أموره و أراحه من الاهتمام لها و به يشعر قوله سبحانه: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ.

(و جنّة لمن صبر) أى من صبر على ما فيه من مشاقّ الطّاعات و كلفة العبادات المالية و البدنيّة يكون الاسلام وقاية له و جنّة من عذاب النّار و حرّ الجحيم.

(فهو أبلج المناهج) أى معروف الطرق و سيأتي بيانها (و أوضح الولايج) أى ظاهر البواطن و الاسرار لمن نظر إليه بعين الاعتبار، أو أنه واضح المداخل معروف المسالك كما مرّ في تفسير قوله عليه السّلام فسهّل شرايعه لمن ورده (مشرف المنار) أى رفيعة الاعلام، و سيأتي بيان ذلك أيضا (مشرق الجواد) و هو قريب من أبلج المناهج (مضي‏ء المصابيح) المراد بها إما الأدلّة و البراهين الدالة على حقّيته من الكتاب و السّنة، و استعار لها لفظ المصباح باعتبار أنها يهتدى بها إليه كما يهتدى بالمصباح في الظلمات، و إمّا الأئمة الهادون إليه و المرشدون إلى معالمه، و ذكر الاضائة ترشيح.

(كريم المضمار رفيع الغاية جامع الحلبة متنافس السبقة شريف الفرسان) قال الشارح المعتزلي: كأنه جعل الاسلام كخيل السباق التي مضمارها كريم و غايتهارفيعة عالية و حلبتها جامعة حاوية و سبقتها متنافس فيها و فرسانها أشراف.

أقول: أراد بالفرسان المسلمين المؤمنين، و فسّر ساير ما كان محتاجا إلى التّفسير بقوله (التصديق منهاجه) الذي تقدم وصفه بأنه أبلج و أراد به التّصديق باللّه و برسوله و بما جاء به من عند اللّه سبحانه و الاتيان بلفظ الجمع فيما سبق و بصيغة الافراد هنا أنّ الجمع باعتبار تعدد أفراده و الافراد بملاحظة نفس النوع و معلوم أنّ هذه التصديقات أنوار واضحة الهدى.

(و الصّالحات مناره) أراد بها الأعمال الصّالحة و جعلها منارا باعتبار إضاءتها و اشراقها (و الموت غايته) و إنما جعله غاية له باعتبار انقطاع التكليف عنده و انتهائه إليه و وصفه بالرفعة فيما سبق باعتبار أنّه باب الوصول إلى حظيرة القدس و الجنّة المأوى التي هي أرفع الغايات و منتهى المقاصد.

(و الدّنيا مضماره) لأنه دار مجاز لا دار قرار، و وصفها بالكرم سابقا باعتبار أنّ فيها يحصل الاستعداد للفوز بالدّرجات العالية و المقامات المتعالية، و لا ينافي ذلك ما ورد في ذمّها، لأنه ناظر إلى ذمّ من ركن إليها و قصّر نظره فيها و غفل عما وراها، فانّ من أبصر بها بصرته، و من أبصر إليها أعمته.

(و القيامة حلبته) أي ذات حلبته و موضعها الذي يجتمع الكلّ فيها من كلّ ناحية لأنها يوم الجمع (و الجنّة سبقته) جعلها اللّه سبحانه جزاء للسابقين، و في مثلها فليتنافس المتنافسون.

و أما الفصل الثاني

المسوق لبيان تمجيد الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و تعظيمه فهو ما أشار إليه السّيد بقوله (منها فى ذكر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتى أورى قبسا لقابس) أى أظهر نور الحقّ و أخرج شعلة الهداية للطالبين المهتدين (و أنار علما لحابس) أصل إنارة العلم للحابس أن يوقد عليه النار و يستنار ليهتدى به الضّال الحابس أى الذي حبس ناقته و وقف لا يدرى كيف يهتدى المنهج، و استعاره هنا لاظهاره صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنور الهداية ليهتدى بها من حبسته ظلمة الحيرة و الشبهة عن سلوك سبيل الحقّ.

و المراد بأنوار الهداية المعجزات الباهرة و الأدلّة القاهرة من الكتاب‏ و السنّة، و يحتمل أن يكون العلم مستعارا لأئمة الدين و الانارة كناية عن النصّ عليهم بالامامة (فهو أمينك المأمون) على أداء رسالاتك (و شهيدك يوم الدّين) على مخلوقاتك و قد تقدّم تحقيق هذه الشهادة في شرح الخطبة الحادية و السّبعين (و بعيثك نعمة) أى مبعوثك إلى الخلق نعمة عليهم بهدايتهم به إلى جنّتك (و رسولك بالحقّ رحمة) لعبادك أن يقعوا في مهاوى الهلاك بسخطك كما قال عزّ من قائل: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ثمّ دعا في حقّه صلوات اللّه عليه و آله بقوله: (اللّهمّ اقسم له مقسما من عدلك) أي قسمة و حظّا و نصيبا هو مقتضى عدلك، و هو أن يبلغ نفسه النفيس الذي هو محلّ الرّسالة أقصى مراتب القرب و الوصول بماله من الاستعداد و القابلية و الكمالات النفسانية التي جعلته قابلا لذلك.

و لما دعا له صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بما يستحقه زاد على ذلك فدعا له بقوله (و اجزه مضاعفات الخير من فضلك) و سأل بذلك أن يتفضّل عليه بزيادة من فضله فيضاعف له الخير بمقتضى فضله و كرمه.

(اللّهمّ واعل على بناء البانين بنائه) و المراد به إمّا إعلاء ما بناه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الشريعة و شيّده من الدّين على ساير ما شيّده الأنبياء و بنوه من الشرائع و الدّين، و إمّا إعلاء ما بناه لنفسه من مراتب الكمال و درجات العزّ و الجلال، و على التقديرين فلفظ البناء استعارة و الاعلاء ترشيح.

(و أكرم لديك نزله) استعار عليه السّلام لفظ النزل لما هيّأه اللّه سبحانه في حقّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الثواب الجزيل و الأجر الجميل (و شرّف عندك منزله) في حظيرة القدس (و آته الوسيلة) و هو امتثال لما طلبه من امته بقوله: سلوا اللّه لي الوسيلة.

قال الشارح البحراني: دعا عليه السّلام أن يؤتيه ما يتوسّل به إليه و يقرّبه منه و هو أن يكمل استعداده لما هو أتمّ القوّة على الوصول إليه.

أقول: و ليس بشي‏ء، بل المراد بها ما ورد في الأخبار من أنها أعلا درجة في الجنّة لها ألف مرقاة ما بين المرقاة إلى المرقاة حصر الفرس الجواد مأئة عام، و هى ما بين مرقاة جوهر إلى مرقات ياقوت إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضّة، فيؤتى بها يوم القيامة حتّى تنصب مع درجة النّبيّين كالقمر بين الكواكب، فلا يبقى يومئذ نبي و لا صدّيق و لا شهيد إلّا قال: طوبى لمن كان هذه الدرجة درجته (و اعطه السّناء) أى الرفعة (و الفضيلة).

ثمّ دعا عليه السّلام لنفسه. و لصالحي المؤمنين بقوله: (و احشرنا في زمرته) و جماعته (غير خزايا) و خجلين بمعصية اللّه (و لا نادمين) على التفريط في جنب اللّه (و لا ناكبين) منحرفين عن سبيل اللّه (و لا ناكثين) ناقضين لعهد«» اللّه (و لا ضاليّن) عن سواء السبيل (و لا مفتونين) باللغو و الأباطيل.

و اعلم أنّ هذا الفصل أعنى الفصل الثاني من هذا الكلام قد مضى روايته من السّيد (ره) في الكتاب و هي الخطبة الحادية و السّبعون إلّا أنّه (ره) كرّره ههنا لما في الروايتين من الاختلاف و بالمراجعة إليهما يعرف مواقعه، و قد قدّمنا في شرح ما سبق نكات بديعة و فوائد نافعة من أراد الانتفاع فليراجع إليه.

و هنا لطيفة يعجبني ايرادها في المقام

و هي أنّ الشارح المعتزلي قال بعد الفراغ من شرح هذا الفصل من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام: قلت: سألت النقيب أبا جعفر و كان منصفا بعيدا عن الهوى و العصبيّة عن هذا الموضع فقلت له: و قد وقفت على كلام الصحابة و خطبهم فلم أر فيهم من يعظّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تعظيم هذا الرّجل و لا يدعو كدعائه، فإنا قد وقفنا من نهج البلاغة و من غيره على فصول كثيرة مناسبة لهذا الفصل تدلّ على إجلال عظيم و تبجيل شديد منه لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فقال: و من أين لغيره من الصحابة كلام مدوّن لتعلم منه كيفيّة ذكرهم للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و هل وجد لهم إلّا كلمات متبدّدة لا طائل تحتها.

ثمّ قال: إنّ عليّا عليه السّلام كان قوىّ الايمان برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و التّصديق له، ثابت اليقين قاطعا بالأمر متحققا له، و كان مع ذلك يحبّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لنسبته منه و تربيته له و اختصاصه به من دون الصّحابة و بعد فشرفه له لأنّهما نفس واحدة في جسمين الأب واحد، و الدّار واحدة، و الأخلاق مناسبة، فاذا عظّمه فقد عظّم نفسه، و إذا دعا إليه فقد دعا إلى نفسه، و لقد كان يودّ أن تطبق دعوة الاسلام مشارق الأرض و مغاربها، لأنّ جمال ذلك لا حق به و عائد إليه، فكيف لا يعظّمه و يبجّله و يجتهد في أعلاء كلمته قال الشّارح فقلت له: قد كنت اليوم أنا و جعفر بن مكى الشاعر نتجاري هذا الحديث.

فقال جعفر: لم ينصر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أحد نصرة أبي طالب و بنيه له أمّا أبو طالب عليه السّلام فكفّله و ربّاه ثمّ حماه من قريش عند إظهار الدّعوة بعد إصفاقهم و إطباقهم على قتله، و أمّا ابنه جعفر فهاجر بجماعة من المسلمين إلى حبشة فنشر دعوته بها، و أمّا عليّ عليه السّلام فانّه أقام عماد الملّة بالمدينة.

ثمّ لم يمن أحد من القتل و الهواء و التشريد بما منى به بنو أبي طالب أمّا جعفر فقتل يوم بموتة، و أما عليّ عليه السّلام فقتل بالكوفة بعد أن شرب نقيع الحنظل و تمنّى الموت، و لو تأخّر قتل ابن ملجم له لمات أسفا و كمدا، ثمّ قتل ابناه بالسمّ و السّيف و قتل بنوه الباقون مع أخيهم بالطّف و حملت نسائهم على الأقطاب سبايا إلى الشام و لقيت ذرّيتهم و أخلافهم بعد ذلك من القتل و الهوان و الصلب و التشريد في البلاد و الحبس و الضرب ما لا يحيط الوصف بكنهه، فأىّ خير أصاب هذا البيت من نصرته و محبّته و تعظيمه بالقول و الفعل‏

فقال و أصاب فيما قال: فهلّا قلت: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

ثمّ قال إنّ اللّه زوى الدّنيا عن صالحي عباده و أهل الاخلاص له لأنّه لم يرها ثمنا لعبادتهم و لا كفوا لاخلاصهم و أرجا جزائهم إلى دار أخرى غير هذه الدّار في مثلها فليتنافس المتنافسون.

أقول: للّه درّ النّقيب فلقد أبدع في الكلام و أصاب في الجواب و راعى الانصاف و جانب الاعتساف و أفصح عن الحقّ و أبان الصّدق إلّا أنّه لا يكاد ينقضي عجبى منه و من مثله انه مع هذا الفضل و الذّكاء كيف تشبّث بأذيال المتخلّفين و لم يتمسّك بالعروة الوثقى و الحبل المتين، فانّ محصّل ما ذكره يرجع إلى وجوه: الأوّل أنّ غيره عليه السّلام من الصّحابة لم يوجد لهم كلام منظم و لا بيان منتظم حتّى يعرف منه كيفيّة تعظيمهم للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و تبجليهم له و لا بدّ أن يكون سرّ ذلك إمّا قلّة معرفتهم بأساس البلاغة أو وهن اعتقادهم في أمر الرّسالة و زعمهم أنّ الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بشر مثلهم يأكل الطعام و يمشى في الأسواق، و مثل ذلك لا يستحقّ بهذا التبجيل و الاكرام و التوقير و الاعظام.

الثاني أنّ صدور أمثال هذا الكلام من أمير المؤمنين عليه السّلام كان من قوّة الايمان و الايقان و شدّة التحقيق و التصديق و القطع و اليقين الذى كان له عليه السّلام في أمر الرسالة و هو بظاهره يفيد أنّ غيره عليه السّلام لم يكن لهم هذا القطع و اليقين و لا لهم معرفة تلك المعرفة و كانوا يظنّونه ظنّا و ما هم بمعتقدين، و مع ذلك كيف يجوز ترجيحهم عليه و تقديمهم و تأخيره و تعظيمهم و تحقيره، و من المعلوم أنّ الخلافة هو النيابة و النائب كلّما كان أشدّ معرفة بمراتب المنوب عنه و آكد يقينا بشئوناته كان قيامه بوظايف النيابة و إتيانه بمطلوب المنوب عنه و مقاصده أكمل و أتمّ، و لو لم يكن له معرفة بها فكيف يقوم بالأمر و يتصرّف فيه.

الثّالث أنّه كان يحبّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كان له نسبة مخصوصة إليه و اختصاص خاصّ به صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لم يكن لساير الصحابة ذلك الاختصاص و النسبة و المحبّة أقول: و بعد الاعتراف بذلك كيف يجوز القول بخلافة غيره فانّ التجربة و الوجدان شاهدان على أنّ المراد إذا نزلت به داهية أو وقع في بلية أو دنا أجله يفوّض أمره إلى خاصّته و بطانته و يوصي إليه وصيّته و لا يقدّم الأجانب على الأقارب و الأباعد على الخواصّ.

الرّابع أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان مع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بمنزلة نفس واحدة، و هو كذلك فقد شهدت به آية المباهلة، و هى تدلّ على منتهى كماله عليه السّلام و فضله و شرفه و بلوغه في ذلك الغاية و تقدّمه فيه على الكلّ حيث جعله سبحانه بمنزلة نفس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و مع ذلك كلّه كيف جاز ترجيح غيره عليه.

 أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى‏ فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ.

و قوله و لقد كان عليه السّلام يودّ أن يطبق دعوة الاسلام مشارق الأرض و مغاربها.

أقول: فلقد كان كذلك و أما غيره فلقد كانوا يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ. هذا و أمّا ما رواه من جعفر بن مكى في المذاكرة التي كانت بينه و بينه من أنه لم ينصر أحد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نصرة أبي طالب عليه السّلام و بنيه و أنّه ما ابتلى أحد فيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بمثل ما ابتلى فيه هؤلاء فهو كما قال إلّا أنه غلط في قوله و أىّ خير أصاب هذا البيت من نصرته و محبّته و تعظيمه بالقول و الفعل.

أما أوّلا فلأنه ليس لأمثال هؤلاء الجهال أن يتفوّهوا بمثل هذا الكلام الدال على ابداء المغايره بين البيتين و المجانبة بين الجسمين الذين هما بمنزلة نفس‏ واحدة حسبما قدّمناه.

و أما ثانيا فلأنه كما قال النّقيب ليس لآل أبي طالب عليه السّلام منّة في ذلك على النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، بل المنّة للّه و لرسوله على جميع الخلايق.

و أما ثالثا فلأنه لم يكن غرض آل أبي طالب فيما فعلوا من الموازرة و النصرة و الحماية للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الجهاد بين يديه به صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بعده جلب المنفعة و طلب الخير و إنما كان قصدهم إحياء السنّة و إعلاء لواء الشريعة و إقامة اعماد الاسلام و الملة، طلبا لرضوان الحقّ، و حبا له و وفاء بعهده، كما يفصح عن ذلك قوله سبحانه: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ و قوله: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ الآية و قوله: صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «لاعطين الراية غدا رجلا يحبّ اللّه، الحديث».

و أمّا رابعا فلأنّ قوله و أىّ خير أصاب آه.

إن أراد به خير الدنيا ففيه أنّ القنيات الدّنيوية و زخارفها و زبرجها إنّما لها وقع في نظر أهلها لا في نظرهم و إنّما هى عندهم بجميع ما فيها أهون و أزهد من عراق«» خنزير في يد مجذوم.

و إن أراد خير الآخرة فأقول: و أىّ خير أعظم من أنّ هذا البيت كان تالى بيت الرسالة، فقد جعل اللّه الرسالة في بيت عبد اللّه و الخلافة في بيت أبي طالب و أتا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جوامع الكلم، و عليّا عليه السّلام جوامع الكلام، و جعله مدينة العلم و الحكمة، و جعل عليّا عليه السّلام بابها و جعله منه بمنزلة هارون من موسى عليه السّلام، و جعله و أولاده شهداء دار الفناء و شفعاء دار البقاء و صار نعمة اللّه على الأبرار و نقمته على الفجار، و فوّض إليه سقاية الكوثر و قسمة الجنّة و النّار و جعله حامل لواء الحمد و أمين مفاتيح الجنّة.

ففي كشف الغمّة من أمالي الطوسى عن ابن عباس قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: أعطانى اللّه تبارك و تعالى خمسا و أعطا عليّا خمسا: أعطاني جوامع الكلم و أعطى عليّا جوامع العلم، و جعلني نبيّا و جعله وصيّا، و أعطاني الكوثر و أعطاه السّلسبيل، و أعطاني الوحي و أعطاه الالهام، و أسرا بي إليه و فتح له أبواب السماء و الحجب حتّى نظر إلىّ و نظرت إليه.

إلى غير هذه مما روته الخاصة و العامّة و اللّه وليّ التوفيق.

تكملة

الفصل الأوّل من فصلى هذا الفصل من هذه الخطبة مرويّ في الكافي بطريق آخر أحببت إيراده قال: روى عليّ بن إبراهيم عن أبيه و محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى و عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد جميعا عن الحسن بن محبوب عن يعقوب بن السراج عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام، و بأسانيد مختلفة عن الأصبغ بن نباته قال: خطبنا أمير المؤمنين عليه السّلام في داره أو قال في القصر و نحن مجتمعون ثمّ أمر صلوات اللّه عليه فكتب في كتاب و قرء على النّاس.

و روى غيره أنّ ابن الكوّا سأل أمير المؤمنين عليه السّلام عن صفة الاسلام و الايمان و الكفر و النفاق فقال عليه السّلام: أما بعد فانّ اللّه تبارك و تعالى شرع الاسلام و سهل شرايعه لمن ورده و أعزّ أركانه لمن حاربه و جعله عزّا لمن توّلاه و سلما لمن دخله و هدى لمن ائتمّ به و زينة لمن تجلّله و عذرا لمن انتحله و عروة لمن اعتصم به و حبلا لمن استمسك به و برهانا لمن تكلّم به و نورا لمن استضاء به و شاهدا لمن خاصم به و فلجا لمن حاجّ به و علما لمن وعاه و حديثا لمن درى و حكما لمن قضى و حلما لمن حرب و لباسا لمن تدبّر و فهما لمن تفطن و يقينا لمن عقل و بصيرة لمن عزم و آية لمن توسّم و عبرة لمن اتعظ و نجاة لمن صدّق و تؤدة لمن أصلح و زلفى لمن أقرب وثقة لمن توكّل و رخاء لمن‏ فوض و سبقة لمن أحسن و خيرا لمن سارع و جنة لمن صبر و لباسا لمن اتّقى و ظهيرا لمن رشد و كهفا لمن آمن و أمنة لمن أسلم و روحا لمن صدق و غنى لمن قنع.

فذلك الحقّ سبيله الهدى و ما ثرته المجد و صفته الحسنى فهو أبلج المنهاج مشرق المنار زاكي المصباح رفيع الغاية يسير المضمار جامع الحلبة سريع السبقة أليم النقمة كامل العدة كريم الفرسان.

فالايمان منهاجه و الصّالحات مناره و الفقه مصابيحه و الدنيا مضماره و الموت غايته و القيامة حلبته و الجنّة سبقته و النّار نقمته و التّقوى عدّته و المحسنون فرسانه.

فبالايمان يستدلّ على الصّالحات و بالصّالحات تعمر الفقه و بالفقه يرهب الموت و بالموت تختم الدّنيا و بالدّنيا تجوز القيامة و بالقيامة تزلف الجنّة و الجنّة حسرة أهل النّار و النّار موعظة للمتقين و التّقوى سنخ الايمان.

الترجمة

و از جمله خطب شريفه أن إمام مبين و وارث علم النّبيين است صلواة اللّه عليه و آله أجمعين در ذكر فضائل ملّت اسلام و مناقب حضرت سيّد الأنام عليه و آله آلاف التّحية و السّلام مى‏فرمايد: حمد بى حدّ معبود بحقي را سزاست كه پديد آورد و ظاهر نمود دين اسلام را پس آسان گردانيد راههاى آنرا بجهة كسى كه بخواهد وارد آن شود، و عزيز گردانيد ركنهاى آنرا بر كسى كه بخواهد غلبه آن نمايد، پس گردانيد آنرا ايمني از عذاب از براى كسى كه در آويخت بآن، و صلح و آشتى از براى كسى كه داخل شد در آن، و دليل روشن از براى كسى كه تكلّم كرد بآن، و گواه از براى كسى كه مخاصمة نمود بوسيله آن، و نور هدايت از براى كسى كه روشني جست بآن، و فهم از براى كسى كه عاقل شود، و عقل از براى كسى كه تدبر نمايد، و علامت و نشانه از براى كسى كه تفرّس و تأمّل نمايد و آلة بصيرت از براى كسى كه صاحب عزم باشد، و عبرت از براى كسى كه پند گيرد،و نجات و خلاصى از براى كسى كه تصديق كرد، و وثوق و اعتماد از براى كسى كه توكّل نمود، و راحت و آسايش مر كسى را كه تفويض كرد كار خود را بخدا سپر مر كسى را كه صبر نمود برنج و عنا پس آن اسلام روشن‏تر است راههاى آن، آشكارتر است سرّهاى آن، بلند است مناره آن، تابانست راههاى آن، درخشان است چراغهاى آن، گراميست ميدان آن، بلند است نهاية آن جمع كننده است حلبه آن يعنى اسباني كه فراهم آورده مى‏شود از أطراف و نواحى متعدّده بجهة اسب دواني و مسابقت.

رغبت كرده شده است سبقت آن يعني چيزى كه مقرر شده بجهت سبقت كننده از اسب دوانها، بزرگوار است سوارهاى آن.

تصديق بخدا و رسول راه راست اسلام است، و عملهاى صالح مناره او است و مرگ غايت او است، و دار دنيا ميدان اسب دوان او است، و روز قيامت صاحب حلبه او، و بهشت عنبر سرشت سبقة او.

بعضى ديگر از اين در ذكر حضرت رسالتمآب صلواة اللّه و سلامه عليه و آله است كه فرمود: تا اين كه بر افروخت پيغمبر خدا شعله أنوار دين مبين از براى آتش گيرنده اقتباس نور كننده، و روشن گردانيد علامت و نشانه را از براى حبس كننده، يعني كسى كه ايستاده باشد در وادي حيرت و ضلالت، و مركب خودش را نگه بدارد بجهة يافتن راه هدايت.

پس حضرت رسالت أمين مؤتمن تست در تبليغ احكام، و شاهدتست بر امّتان و مبعوث و برانگيخته تست از روى نعمت بر جميع عالميان، و رسول تست از روى رحمت بآدميان.

بار خدايا قسمت بده از براى او حظ وافر را از عدل كامل خودت، و جزا بده باو زيادتيهاى خير را از فضل شامل خود.

بار خدايا و بلند گردان بر بناى بنا كنندگان بناى او را، و گرامى دار نزد خودت اجر و جزاى او را، و بده او را وسيله را، و عطا كن او را بلندى و فضيلت را و محشور گردان ما را در ميان گروه او از مؤمنان و صالحان در حالتى كه رسوا و خوار نباشيم نزد خلقان، و نه پشيمانان، و نه از راه راست منحرف شوندگان، و نه شكنندگان عهد و پيمان، و نه گمراهان، و نه گمراه كنندگان، و نه در فتنه افتاده شدگان.

الفصل الثاني

منها في خطاب أصحابه: و قد بلغتم من كرامة اللّه لكم منزلة تكرم بها إمائكم، و توصل بها جيرانكم، و يعظّمكم من لا فضل لكم عليه، و لا يد لكم عنده، و يهابكم من لا يخاف لكم سطوة، و لا لكم عليه إمرة، و قد ترون عهود اللّه منقوضة، فلا تغضبون، و أنتم لنقض ذمم آبائكم تأنفون، و كانت أمور اللّه عليكم ترد، و عنكم تصدر، و إليكم ترجع، فمكنتم الظّلمة من منزلتكم، و ألقيتم إليهم أزمّتكم، و أسلمتم أمور اللّه في أيديهم، يعملون في الشّبهات، و يسيرّون في الشّهوات، و أيم اللّه لو فرّقوكم تحت كلّ كوكب لجمعكم اللّه لشرّ يوم لهم.

اللغة

(الوصل) ضدّ القطع و (الذّمة) العهد و الامان و الضمان و الحرمة و الحقّ و (اليد) النّعمة و (أنف) انفا من باب فرح استنكف.

الاعراب

ففي كشف الغمّة من أمالي الطوسى عن ابن عباس قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: أعطانى اللّه تبارك و تعالى خمسا و أعطا عليّا خمسا: أعطاني جوامع الكلم و أعطى عليّا جوامع العلم، و جعلني نبيّا و جعله وصيّا، و أعطاني الكوثر و أعطاه السّلسبيل، و أعطاني الوحي و أعطاه الالهام، و أسرا بي إليه و فتح له أبواب السماء و الحجب حتّى نظر إلىّ و نظرت إليه.

إلى غير هذه مما روته الخاصة و العامّة و اللّه وليّ التوفيق.

تكملة

الفصل الأوّل من فصلى هذا الفصل من هذه الخطبة مرويّ في الكافي بطريق آخر أحببت إيراده قال: روى عليّ بن إبراهيم عن أبيه و محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى و عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد جميعا عن الحسن بن محبوب عن يعقوب بن السراج عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام، و بأسانيد مختلفة عن الأصبغ بن نباته قال: خطبنا أمير المؤمنين عليه السّلام في داره أو قال في القصر و نحن مجتمعون ثمّ أمر صلوات اللّه عليه فكتب في كتاب و قرء على النّاس.

و روى غيره أنّ ابن الكوّا سأل أمير المؤمنين عليه السّلام عن صفة الاسلام و الايمان و الكفر و النفاق فقال عليه السّلام: أما بعد فانّ اللّه تبارك و تعالى شرع الاسلام و سهل شرايعه لمن ورده و أعزّ أركانه لمن حاربه و جعله عزّا لمن توّلاه و سلما لمن دخله و هدى لمن ائتمّ به و زينة لمن تجلّله و عذرا لمن انتحله و عروة لمن اعتصم به و حبلا لمن استمسك به و برهانا لمن تكلّم به و نورا لمن استضاء به و شاهدا لمن خاصم به و فلجا لمن حاجّ به و علما لمن وعاه و حديثا لمن درى و حكما لمن قضى و حلما لمن حرب و لباسا لمن تدبّر و فهما لمن تفطن و يقينا لمن عقل و بصيرة لمن عزم و آية لمن توسّم و عبرة لمن اتعظ و نجاة لمن صدّق و تؤدة لمن أصلح و زلفى لمن أقرب وثقة لمن توكّل و رخاء لمن‏ فوض و سبقة لمن أحسن و خيرا لمن سارع و جنة لمن صبر و لباسا لمن اتّقى و ظهيرا لمن رشد و كهفا لمن آمن و أمنة لمن أسلم و روحا لمن صدق و غنى لمن قنع.

فذلك الحقّ سبيله الهدى و ما ثرته المجد و صفته الحسنى فهو أبلج المنهاج مشرق المنار زاكي المصباح رفيع الغاية يسير المضمار جامع الحلبة سريع السبقة أليم النقمة كامل العدة كريم الفرسان.

فالايمان منهاجه و الصّالحات مناره و الفقه مصابيحه و الدنيا مضماره و الموت غايته و القيامة حلبته و الجنّة سبقته و النّار نقمته و التّقوى عدّته و المحسنون فرسانه.

فبالايمان يستدلّ على الصّالحات و بالصّالحات تعمر الفقه و بالفقه يرهب الموت و بالموت تختم الدّنيا و بالدّنيا تجوز القيامة و بالقيامة تزلف الجنّة و الجنّة حسرة أهل النّار و النّار موعظة للمتقين و التّقوى سنخ الايمان.

الترجمة

و از جمله خطب شريفه أن إمام مبين و وارث علم النّبيين است صلواة اللّه عليه و آله أجمعين در ذكر فضائل ملّت اسلام و مناقب حضرت سيّد الأنام عليه و آله آلاف التّحية و السّلام مى‏فرمايد: حمد بى حدّ معبود بحقي را سزاست كه پديد آورد و ظاهر نمود دين اسلام را پس آسان گردانيد راههاى آنرا بجهة كسى كه بخواهد وارد آن شود، و عزيز گردانيد ركنهاى آنرا بر كسى كه بخواهد غلبه آن نمايد، پس گردانيد آنرا ايمني از عذاب از براى كسى كه در آويخت بآن، و صلح و آشتى از براى كسى كه داخل شد در آن، و دليل روشن از براى كسى كه تكلّم كرد بآن، و گواه از براى كسى كه مخاصمة نمود بوسيله آن، و نور هدايت از براى كسى كه روشني جست بآن، و فهم از براى كسى كه عاقل شود، و عقل از براى كسى كه تدبر نمايد، و علامت و نشانه از براى كسى كه تفرّس و تأمّل نمايد و آلة بصيرت از براى كسى كه صاحب عزم باشد، و عبرت از براى كسى كه پند گيرد،و نجات و خلاصى از براى كسى كه تصديق كرد، و وثوق و اعتماد از براى كسى كه توكّل نمود، و راحت و آسايش مر كسى را كه تفويض كرد كار خود را بخدا سپر مر كسى را كه صبر نمود برنج و عنا پس آن اسلام روشن‏تر است راههاى آن، آشكارتر است سرّهاى آن، بلند است مناره آن، تابانست راههاى آن، درخشان است چراغهاى آن، گراميست ميدان آن، بلند است نهاية آن جمع كننده است حلبه آن يعنى اسباني كه فراهم آورده مى‏شود از أطراف و نواحى متعدّده بجهة اسب دواني و مسابقت.

رغبت كرده شده است سبقت آن يعني چيزى كه مقرر شده بجهت سبقت كننده از اسب دوانها، بزرگوار است سوارهاى آن.

تصديق بخدا و رسول راه راست اسلام است، و عملهاى صالح مناره او است و مرگ غايت او است، و دار دنيا ميدان اسب دوان او است، و روز قيامت صاحب حلبه او، و بهشت عنبر سرشت سبقة او.

بعضى ديگر از اين در ذكر حضرت رسالتمآب صلواة اللّه و سلامه عليه و آله است كه فرمود: تا اين كه بر افروخت پيغمبر خدا شعله أنوار دين مبين از براى آتش گيرنده اقتباس نور كننده، و روشن گردانيد علامت و نشانه را از براى حبس كننده، يعني كسى كه ايستاده باشد در وادي حيرت و ضلالت، و مركب خودش را نگه بدارد بجهة يافتن راه هدايت.

پس حضرت رسالت أمين مؤتمن تست در تبليغ احكام، و شاهدتست بر امّتان و مبعوث و برانگيخته تست از روى نعمت بر جميع عالميان، و رسول تست از روى رحمت بآدميان.

بار خدايا قسمت بده از براى او حظ وافر را از عدل كامل خودت، و جزا بده باو زيادتيهاى خير را از فضل شامل خود.

بار خدايا و بلند گردان بر بناى بنا كنندگان بناى او را، و گرامى دار نزد خودت اجر و جزاى او را، و بده او را وسيله را، و عطا كن او را بلندى و فضيلت را و محشور گردان ما را در ميان گروه او از مؤمنان و صالحان در حالتى كه رسوا و خوار نباشيم نزد خلقان، و نه پشيمانان، و نه از راه راست منحرف شوندگان، و نه شكنندگان عهد و پيمان، و نه گمراهان، و نه گمراه كنندگان، و نه در فتنه افتاده شدگان.

الفصل الثاني

منها في خطاب أصحابه: و قد بلغتم من كرامة اللّه لكم منزلة تكرم بها إمائكم، و توصل بها جيرانكم، و يعظّمكم من لا فضل لكم عليه، و لا يد لكم عنده، و يهابكم من لا يخاف لكم سطوة، و لا لكم عليه إمرة، و قد ترون عهود اللّه منقوضة، فلا تغضبون، و أنتم لنقض ذمم آبائكم تأنفون، و كانت أمور اللّه عليكم ترد، و عنكم تصدر، و إليكم ترجع، فمكنتم الظّلمة من منزلتكم، و ألقيتم إليهم أزمّتكم، و أسلمتم أمور اللّه في أيديهم، يعملون في الشّبهات، و يسيرّون في الشّهوات، و أيم اللّه لو فرّقوكم تحت كلّ كوكب لجمعكم اللّه لشرّ يوم لهم.

اللغة

(الوصل) ضدّ القطع و (الذّمة) العهد و الامان و الضمان و الحرمة و الحقّ و (اليد) النّعمة و (أنف) انفا من باب فرح استنكف.

الاعراب

الواو في قوله عليه السّلام: و أنتم للحال، و الجملة بعدها حال من فاعل تغضبون، و جملة يعملون في الشبهات استينافية بيانية أو حال من الضمير المجرور في أيديهم و لو في قوله: و لو فرقوكم، بمعنى ان الشرطية إذ لو ابقيت على معناها الأصليّ لدلّت على الانتفاء عند الانتفاء كما في قوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا.

و هو باطل و الاتيان بالشرط و الجواب ماضيين إشارة إلى تصوير غير الحاصل بصورة الحاصل أو تنبيها على وقوعهما لا محالة.

المعنى

اعلم أنّ هذا الفصل من كلامه عليه السّلام كما قال الشّارح المعتزلي خطاب لأصحابه الذين أسلموا مدنهم و نواحيهم إلى جيوش معاوية التي كان يغير بها على أطراف أعمال عليّ عليه السّلام كالأنبار و غيرها ممّا تقدّم ذكرها في الشرح فقال عليه السّلام لهم (و قد بلغتم من كرامة اللّه لكم) بالاسلام بعد ان كنتم مجوسا و صابئة و عبدة أصنام (منزلة) عظيمة (تكرم بها امائكم) و عبيدكم و من كان مظنة المهانة و المذلة (و توصل بها جيرانكم) أى الملتجئين إليكم من معاهد أو ذميّ، فانّ اللّه تعالى حفظ لهم ذمام المجاورة لكم حتّى عصم دمائهم و أموالهم، و يحتمل أن يراد به المجاورون في المسكن.

(و يعظّمكم من لا فضل لكم عليه و لا يد لكم عنده) كالرّوم و الحبشة، فقد عظموا مسلمى العرب لتقمّصهم بلباس الاسلام و اظهارهم شعاره (و يهابكم من لا يخاف لكم سطوة و لا لكم عليه امرة) أى أمارة و سلطنة كالملوك في أقاصى البلاد مثل الهند و الصّين و نحوها، فانهم هابوا دولة الاسلام و إن لم يخافوا سطوتها و سيوفهاو ذلك لأنّه شاع و ذاع أنّهم قوم صالحون إذا دعوا اللّه استجاب اللّه دعوتهم و ينصرهم بملائكته و يمدّهم بجنوده، هذا.

و لما قرّر نعمة اللّه و منته عليهم أردفه بالتوبيخ لهم على التقصير في أداء واجب حقّه، و أشار إلى ارتكابهم بعض مسببات كفران نعمته بقوله: (و قد ترون عهود اللّه منقوضة فلا تغضبون) أراد بذلك رؤيتهم من أهل الشّام و أمثالهم فعل المنكرات من مخالفة الأحكام الشّرعية و الأوامر الالهية و البغى و الخروج على الامام المفترض الطّاعة، و الاغارة على المسلمين و المعاهدين و عدم إنكارهم على ذلك و سكوتهم عليه مع تمكّنهم من إزالته و دفعه بالجهاد و الجدل.

و بالجملة فالمراد أنكم ترون عهود اللّه التي أخذها على العباد باتيان الواجبات و ترك المنهيّات منقوضة فلا تنكرونه و تسكتون عليه (و أنتم لنقض ذمم آبائكم تأنفون) و تستنكفون، و لا ريب أنّ السكوت عن انكار تلك المنكرات مع الاستنكاف عن نقض ذمم الآباء يدلّ على أنّ عهود اللّه سبحانه أهون و أضعف عندهم من عهود آبائهم، و هو في حدّ الكفر.

(و كانت امور اللّه عليكم ترد و عنكم تصدر و إليكم ترجع) قال العلّامة المجلسيّ (ره) أى أنتم المخاطبون بالأوامر و النواهى، أو كنتم قبل ذلك في أيام الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم موارد الامور و مصادرها مطيعين له منكرين للمنكرات، و كان المراد بالورود السّؤال و بالصدور الجواب و بالرّجوع التحاكم. و يمكن تعميم المراد بالورود و الصّدور، فالمراد بالرّجوع رجوع النفع و الضرر في الدّارين.

و قال الشّارح المعتزلي: كانت الأحكام الشّرعية إليكم ترد منّي و من تعليمي إيّاكم و تثقيفى«» لكم، ثمّ يصدر عنكم إلى من تعلّمونه إيّاها من أتباعكم و تلامذتكم، ثمّ يرجع إليكم بأن يتعلّمها بنوكم و إخوتكم من هؤلاء الاتباع و التّلامذة.

(ف) فررتم من الزّحف لما أغارت جيوش الشام عليكم و (مكّنتم الظلمة من منزلتكم) بتخاذلكم عن جهادكم (و ألقيتم إليهم أزمّتكم) كالدّابة التي زمامها بيد راكبها يوجّهها أين شاء و يتصرّف فيها كيف يشاء (و أسلمتم أمور اللّه في أيديهم) أى جعلتم امور اللّه و أحكامه الجارية في بلاده و عباده مسلّمة مفوّضة إليهم موكولة إلى آرائهم، و كلّ ذلك بالتقصير عن مجاهدتهم.

(يعملون في) التكاليف الشرعية و الأحكام الالهيّة با (الشبهات) الفاسدة و الآراء الكاسدة يزعمونها حججا باهرة و براهين ساطعة (و يسيرون في الشّهوات) النفسانية و ينهمكون فيها.

ثمّ أخبر بمآل حال بني اميّة المشار إليهم بالظلمة تحذيرا لهم و إنذارا بقوله: (و ايم اللّه لو فرّقوكم تحت كلّ كوكب) و بدّدوكم في البلاد (لجمعكم اللّه لشرّيوم لهم) و ينتقم بسوء أعمالهم عنهم، و كنّى بشّر اليوم عن ظهور المسورة من أهل العراق و خراسان و انتقامهم من بني اميّة و أهل الشام، و يحتمل أن يكون إشارة إلى ظهور إمام الزّمان عليه السّلام و جمعهم في الرّجعة، و المراد جمع صنفهم و اللّه وليّ التّوفيق.

الترجمة

بعض ديگر از اين خطبه شريفه در خطاب بأصحاب خود و توبيخ و ملامت ايشان بتقصير از جهاد أهل شام و أتباع معاويه بى ‏ايمان است مى ‏فرمايد: و بتحقيق كه رسيديد شما از كرامت و نوازش حضرت عزّت مر شما را كه عبارتست از مشرف نمودن شما بشرف اسلام بمنزله و مقامى كه گرامي داشته مى‏ شود بسبب آن منزلت كنيزهاى شما، و پيوند مى‏ شود أشخاصي كه در أمان شما مى ‏باشند از أهل ذمه و معاهدين، و تعظيم مي كند شما را كسى كه هيچ فضيلت و مزيتى نيست شما را بر او، و هيچ نعمتى نيست شما را در نزد او، و مى‏ ترسد از شما كسى كه نمى ‏ترسد از قهر و غلبه شما، و نيست مر شما را بر او أمارت و حكومت.

و بتحقيق مى ‏بينيد شما عهدهاى خداوند شكسته شده پس غضب نمى‏ كنيد و متغيّر نمى‏ شويد و حال آنكه شما از براى شكستن عهدهاى پدران خود استنكاف داريد، و بود أمرهاى خدا بر شما وارد مى‏ شد و از شما صادر مى‏ گرديد و بشما راجع بود.

پس تمكين داديد ظالمين را از بنى اميه و بنى مروان و ساير أهل شام بمنزل خودتان، و بي فكنديد بسوى ايشان جلو خودتان، و مطيع و منقاد شديد بايشان و سپرديد كارهاى خدا را در دست ايشان عمل مي كنند آنها بشبههاى باطله، و سير مي كنند در شهوات و خواهشات نفسانيه، و بخدا سوگند اگر پراكنده كنند ايشان شما را در زير هر أخترى هر آينه جمع كند شما را خدا براى بدترين روزى كه از براى ايشانست، كه عبارتست از روز ظهور امام زمان عليه السّلام.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

Show More

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

Back to top button
-+=