خطبه 219 صبحی صالح
219- و من كلام له ( عليه السلام ) لما مر بطلحة بن عبد الله و عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد و هما قتيلان يوم الجمل
لَقَدْ أَصْبَحَ أَبُو مُحَمَّدٍ بِهَذَا الْمَكَانِ غَرِيباً أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قُرَيْشٌ قَتْلَى تَحْتَ بُطُونِ الْكَوَاكِبِ أَدْرَكْتُ وَتْرِي مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَ أَفْلَتَتْنِي أَعْيَانُ بَنِي جُمَحَ لَقَدْ أَتْلَعُوا أَعْنَاقَهُمْ إِلَى أَمْرٍ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَهُ فَوُقِصُوا دُونَهُ
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج14
و من كلام له عليه السلام و هو الماتان و السابع عشر من المختار فى باب الخطب
لما مر بطلحة و عبد الرحمن بن عتاب بن اسيد و هما قتيلان يوم الجمل:
لقد أصبح أبو محمد بهذا المكان غريبا، أما و الله لقد كنت أكره أن تكون قريش قتلى تحت بطون الكواكب، أدركت وتري من بني عبد مناف، و أفلتتني أعيان بني جمح، لقد أتلعوا أعناقهم إلى أمر لم يكونوا أهله، فوقصوا دونه.
اللغة
(قريش) قبيلة و أبوهم النضر بن كنانة و من لم يلده فليس بقرشي، و قيل:
قريش هو فهد بن مالك و من لم يلده فليس بقرشي، و أصل القرش الجمع و تقرشوا إذا تجمعوا و بذلك سميت قريش لاجتماعها بعد تفرقها في البلاد، و قيل قريش دابة تسكن البحر و به سمى الرجل قال الشاعر:
و قريش هى التي تسكن البحر
بها سميت قريش قريشا
قالوا: إن النضر بن كنانة ركب في البحر الهند فقالوا قريش كسرت مركبنا فرماها النضر بالحراب فقتلها و حز رأسها و كان لها اذان كالشراع تأكل و لا تؤكل و تعلو و لا تعلى فقدم به مكة فنصبه على أبي قبيس فكان الناس يتعجبون من عظمه فيقولون: قتل النضر قريشا فكسر الاستعمال حتى سموا النضر قريش و قيل في وجه التسمية وجوه اخر لا حاجة إلى ذكرها.
و (القتلى) جمع قتيل كالجرحى و جريح و (الوتر) بكسر الواو الجناية التي يجبيها الرجل على غيره من قتل أو نهب أو سبى و (أفلت) الطائر و غيره افلاتا تخلص و أفلته أنا إذا أطلقته و خلصته يستعمل لازما و متعديا و اتفلت و تفلت خرج بسرعة و (الأعيان) بالنون الرؤساء و الأشراف، و في بعض النسخ بالراء المهملة جمع العير بفتح العين و جمع الجمع عيارات و العير الحمار و غلب على الوحشى و يقال أيضا للسيد و الملك.
و (بنى جمح) في نسخة الشارح المعتزلي بضم الجيم و فتح الميم، و في بعض النسخ بسكون الميم و ما ظفرت بعد على ضبطه فيما عندي من كتب اللغة و (التلع) محركة طول العنق و تلع الرجل من باب كرم و فرح طال عنقه فهو اتلع و تليع و تلع الرجل من باب منع أخرج رأسه من كلشيء كان فيه و اتلع مد عنقه متطاولا و (وقص) عنقه كوعد كسرها فوقصت يستعمل لازما و متعديا و وقص الرجل بالبناء على المفعول فهو موقوص.
الاعراب
الباء في قوله عليه السلام بهذا المكان بمعنى فى، و في قوله أفلتتنى على الحذف و الايصال أى أفلتت منى، و قوله أهله بالنصب على أنه خبر كان و يحتمل الانتصاب بحذف الجار فيكون الجار و المجرور خبرا لها أى لم يكونوا من أهله.
المعنى
اعلم أن هذا الكلام حسبما أشار إليه الرضى تكلم به عند تطوافه على القتلى بعد انقضاء الحرب فانه (لما مر بطلحة) بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب ابن سعد بن تيم بن مرة (و عبد الرحمن بن عتاب بن اسيد) بن أبي العيص بن امية ابن عبد شمس (و هما قتيلان يوم الجمل) وقف على جسد طلحة و قال:(لقد أصبح أبو محمد) و هو كنية طلحة (بهذا المكان غريبا) و وقف على جسد عبد الرحمن بن عتاب و قال: لهفى عليك يعسوب قريش هذا فتى الفتيان هذا اللباب المحض من بنى عبد مناف شفيت نفسى و قتلت معشرى إلى الله عجرى و يجرى، فقال له قائل: لشد ما أطريت الفتى يا أمير المؤمنين منذ اليوم قال عليه السلام إنه قام عنى و عنه نسوة لم يقمن عنك، هكذا نقله الشارح المعتزلي، و قال أيضا: و عبد الرحمن هذا هو الذي احتملت العقاب كفه يوم الجمل و فيها خاتمه فألقتها باليمامة فعرفت بخاتمه و عرف أهل اليمامة بالوقعة، و قال أيضا: إنه ليس بصحابى و لكنه من التابعين و أبوه عتاب بن اسيد من مسلمة الفتح، و لما خرج رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من مكة إلى حنين استعمله عليها فلم يزل أميرها حتى قبض رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.
ثم أقسم بالقسم البار فقال (أما و الله لقد كنت أكره أن تكون قريش قتلى تحت بطون الكواكب) أى مقتولين في معارك القتال مصر و عين تحت السماء في الأودية و الفلوات بحالة الذل و الايتذال لا يكنهم كن و لا يوارى أجسادهم سقف و لا ظلال.
و إنما استكره عليه السلام قتلهم لأن المطلوب الذاتى للأنبياء و الأولياء عليهم السلام
جذب الخلق إلى الحق و هدايتهم إلى الصراط المستقيم و استقامة امورهم في المعاش و الماب و حصول هذا المطلوب إنما هو بوجودهم و حياتهم، فاهتداؤهم بنور هدايته يكون أحب إليه من موتهم على الضلال.
و لذلك انه عليه السلام لما استبطأ أصحابه اذنه لهم في القتال بصفين أجاب لهم بقوله المتقدم في الكلام الرابع و الخمسين: و أما قولكم شكا في أهل الشام فو الله ما دفعت الحرب يوما إلا و أنا أطمع أن تلحق بى طائفة فتهتدى بى و تعشو إلى ضوئى و ذلك أحب إلى من أن أقتلها على ضلالها و إن كانت تبوء باثامها.
و تخصيص قريش بالذكر لاقتضاء المقام و لمزيد حبه لاهتدائهم بملاحظة الرحم و القرابة.
و قوله (ادركت و ترى من بنى عبد مناف) قال الراوندي في محكى كلامه:يعنى طلحة و الزبير كانا من بنى عبد مناف و اعترض عليه الشارح المعتزلي بأن طلحة من تيم بن مرة و الزبير من أسد بن عبد العزى بن قصى، و ليس منهما أحد من بنى عبد مناف و ولد عبد مناف أربعة: هاشم، و عبد شمس، و نوفل، و المطلب، فكل من لم يكن من ولد عبد هؤلاء الأربعة، فليس من ولد عبد مناف، و رد بأنهما من بنى عبد مناف من قبل الأم لا من قبل الأب.
و كيف كان فالمراد بقوله عليه السلام ادركت و ترى أدركت جنايتى التي جناها على بنو عبد مناف، و المراد بتلك الجناية ما فعلوها بالبصرة من قتل النفوس، و نهب بيت المال و غيرها مما كان راجعا إليه عليه السلام فان الجناية على شيعته و بيت ماله جناية عليه.
استعاره بالكنايه و قوله (و أفلتتنى أعيان بنى جمح) أى ساداتهم و أوتادهم و على كون أعيار جمع عير بمعنى الحمار فهى استعارة بالكناية حيث شبهوا بحمر مستنفرة فرت من قسورة.
قال الشارح المعتزلي: بنو جمح من بنى حصيص بن كعب بن لوى بن غالب و اسم جمح تيم بن عمرو بن حصيص، و قد كان مع عايشة منهم يوم الجمل جماعة هربوا و لم يقتل منهم إلا اثنان فمن هرب و نجا بنفسه منهم عبد الله الطويل ابن صفوان بن امية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح، و منهم يحيى بن حكيم بن صفوان بن امية بن خلف، و منهم عامر بن مسعود بن امية بن خلف كان يسمى دحروجة الجعل لقصره و سواده، و منهم أيوب بن حبيب بن علقمة بن ربيعة الأعور ابن اهيب بن حذافة بن جمح، و قتل من بنى جمح مع عايشة عبد الرحمن بن وهب بن اسيد بن خلف بن وهب بن حذافة و عبد الله بن ربيعة بن دراج بن العنبس بن دهيان ابن وهب بن حذافة لا أعرف من بنى جمح انه قتل ذلك اليوم منهم غيرهما.
كنايه (لقد اتلعوا أعناقهم إلى أمر لم يكونوا أهله) أى مدت قريش بالتطاول أعناقهم إلى الخلافة مع عدم استحقاقهم و أهليتهم لها (فوقصوا دونه) أى كسرت أعناقهم و اندقت عند ذلك الأمر و هو كناية عن عدم نيلهم إلى المقصود و قتلهم قبل وصوله، خسروا الدنيا و الاخرة ذلك هو الخسران المبين.
تذييل
روى في البحار من الكافية في إبطال توبة الخاطئة قال: روى خالد بن مخلد عن زياد بن المنذر عن أبي جعفر عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: مر أمير المؤمنين عليه السلام على طلحة و هو صريع فقال: أجلسوه، فاجلس، فقال: أم و الله لقد كانت لك صحبة و لقد شهدت و سمعت و رأيت و لكن الشيطان أزاغك و أما لك فأوردك جهنم.
و قد قدمنا هذه الرواية في شرح الكلام الثاني عشر و كررنا هنا باقتضاء المقام و تقدمت أيضا هناك مطالب نفيسة من أراد الاطلاع فليراجع ثمة هذا.
و فى الارشاد و من كلامه عليه السلام عند تطوافه على القتلى: هذه قريش جدعت أنفى و شفيت نفسى لقد تقدمت إليكم احذركم عض السيف و كنتم أحداثا لا علم لكم بما ترون، و لكنه الحين و سوء المصرع و أعوذ بالله من سوء المصرع ثم مر على معيد بن المقداد فقال: رحم الله أبا هذا لو كان حيا لكان رأيه أحسن من رأى هذا، فقال عمار بن ياسر: الحمد لله الذى أوقعه و جعل خده الأسفل
أما و الله يا أمير المؤمنين لا نبالى من عند عن الحق من والد و ولد، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: رحمك الله و جزاك عن الحق خيرا.
و مر بعبد الله بن ربيعة بن دراج في القتلي فقال: هذا البائس ما كان أخرجه أدين أخرجه أم نصر لعثمان؟ و الله ما كان رأى عثمان فيه و لا في أبيه بحسن.
ثم مر بمعبد بن زهير بن أبي امية فقال: لو كانت الفتنة برأس الثريا لتناولها هذا الغلام و الله ما كان فيها بذى نخيرة و لقد أخبرني من أدركه و أنه ليولول فرة من السيف.
ثم مر بمسلم بن قرظة فقال: البر أخرج هذا و الله لقد كلمني أن أكلم عثمان في شيء كان يدعيه قبله بمكة فأعطاه عثمان و قال: لولا أنت ما اعطيته ان هذا ما علمت بئس أخو العشيرة ثم جاء المشوم للحين ينصر عثمان.
ثم مر بعبد الله بن حميد بن زهير فقال: هذا أيضا ممن أوضع في قتالنا زعم يطلب الله بذلك و لقد كتب إلى كتبا يؤذى عثمان فيها فأعطاه شيئا فرضى عنه.
ثم مر بعبد الله بن حكيم بن حزام فقال، هذا خالف أباه في الخروج و أبوه حين لم ينصرنا قد أحسن في بيعته لنا و إن كان قد كف و جلس حين شك في القتال ما ألوم اليوم من كف عنا و عن غيرنا، و لكن المليم الذى يقاتلنا ثم مر عليه السلام بعبد الله بن المغيرة بن الأخنس فقال: أما هذا فقتل أبوه يوم قتل عثمان في الدار فخرج مغضبا لقتل أبيه و هو غلام حدث جبن لقتله.
ثم مر عليه السلام بعبد الله بن أبي عثمان بن الأخنس بن شريق فقال: اما هذا فكأني أنظر إليه و قد أخذ القوم السيوف هاربا يعد و من الصف فنهنهت عنه فلم يسمع من نهنهت حتى قتله و كان هذا مما خفى على فتيان قريش اغمار لا علم لهم بالحرب خدعوا و استزلوا فلما وقفوا لججوا فقتلوا ثم مشى قليلا فمر بكعب بن سور فقال: هذا الذى خرج علينا في عنقه المصحف يزعم أنه ناصر امة يدعو الناس إلى ما فيه و هو لا يعلم ما فيه، ثم استفتح فخاب كل جبار عنيد اما أنه دعا الله أن يقتلني فقتله الله، اجلسوا كعب بن سور
فاجلس فقال له أمير المؤمنين: يا كعب لقد وجدت ما وعدنى ربى حقا فهل وجدت ما وعدك ربك حقا؟ ثم قال عليه السلام: اضجعوا كعبا.
و مر على طلحة بن عبيد الله فقال: هذا الناكث بيعتي و المنشيء الفتنة في الأمة و المجلب على و الداعي إلى قتلى و قتل عترتي اجلسوا طلحة بن عبيد الله، فأجلس، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: يا طلحة قد وجدت ما وعدني ربى حقا فهل وجدت ما وعدك ربك حقا؟ ثم قال عليه السلام: اضجعوا طلحة.
و سار فقال له عليه السلام بعض من كان معه: أتكلم كعبا و طلحة بعد قتلهما؟ فقال عليه الصلاة و السلام: و الله لقد سمعوا كلامى كما سمع أهل القليب كلام رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يوم بدر.
ايضاح
قوله «جدعت أنفى» أى قطعت و الفاعل راجع إلى قريش و هو كناية عن جنايتهم التي جنوها عليه عليه السلام حسبما عرفت فى شرح المتن، و قال المحدث العلامة المجلسى: جدعت أنفى أى لم أكن احب قتل هؤلاء و هم من قبيلتى و عشيرتى و لكن اضطررت إلى ذلك، انتهى، و على تفسيره فجدعت بصيغة المتكلم و الأظهر أنه بصيغة الغائب كما قلناه و «العض» المسك بالأسنان فاستعير لحد السيف و «الحين» الهلاك.
قوله «ما كان بذى نخيرة» النخير صوت بالأنف أى كان يقيم الفتنة لكن لم يكن بعد قيامها صوت و حركة بل كان يخاف.
قوله «و يولول» يقال و لولت المرأة أعولت و الفرق شدة الفزع قوله «هذا ما علمت» أى فيما علمت و فى علمى قوله «ممن اوضع» على البناء على الفاعل أى ركض دابته و أسرع أو على البناء على المفعول، قال الجوهرى: وضع الرجل فى تجارته و اوضع على ما لم يسم فاعله فيهما أى خسر و «المليم» المذموم قوله «فنهنهت عنه» أى كففت و زجرت.
قوله «و كان هذا مما خفى على آه» قال العلامة المجلسى: أى لم أعلم
بوقت قتله فتيان قريش مبتدأ و «الاغمار» جمع غمر بالضم و بضمتين و هو الذين لم يجرب الأمور انتهى.
«و لجج» السيف يلجج لججا من باب تعب أى نشب فلا يخرج و مكان لجج ضيق.
و «كعب بن سور» قاضى البصرة ولاه عمر بن الخطاب على قضائها فلم يزل عليها حتى قتل عثمان فلما كان يوم الجمل خرج مع أهل البصرة و فى عنقه مصحف فقتل هو يومئذ و ثلاثة اخوة له أو أربعة فجاءت أمهم فوجدتهم فى القتلى فحملتهم و جعلت تقول:
أيا عين ابكى بدمع سرب
على فتية من خيار العرب
فما ضرهم غير جبن النفوس
و أى امرء لقريش غلب
قوله «ثم استفتح» تلميح إلى قوله تعالى: و استفتحوا فخاب كل جبار عنيد، أى سألوا من الله الفتح على أعدائهم و «اجلب» عليه الناس أى حرضهم و جمعهم و «القليب» البئر التي لم تطو يذكر و يؤنث و كان حفر يوم بدر قليب القى فيه القتلى من الكفار.
الترجمة
از جمله كلام آن امام است عليه و آله السلام وقتى كه مرور كرد به طلحه و عبد الرحمن بن عتاب بن اسيد در حالتى كه كشته شده بودند در روز جنگ جمل مى فرمايد:
هر آينه بتحقيق صباح كرد أبو محمد يعنى طلحه در اين مكان در حالتى كه غريبست آگاه باش قسم بخدا بتحقيق بودم من ناخوش مى گرفتم اين كه شوند طايفه قريش كشته شدگان در زير شكم ستارگان، دريافت نمودم جنايت خود را از پسران عبد مناف و رميدند و گريختند از من اشراف و بزرگان قبيله جمح، بتحقيق دراز كردند ايشان يعنى قريش گردنهاى خودشان را بسوى چيزى كه أهل آن نبودند، يعنى طلب خلافت نمودند بدون استحقاق پس شكسته شد گردنهاى ايشان نزد آن چيز
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی