خطبه 213 صبحی صالح
213- و من خطبة له ( عليه السلام ) في تمجيد اللّه و تعظيمه
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ الْغَالِبِ لِمَقَالِ الْوَاصِفِينَ الظَّاهِرِ بِعَجَائِبِ تَدْبِيرِهِ لِلنَّاظِرِينَ وَ الْبَاطِنِ بِجَلَالِ عِزَّتِهِ عَنْ فِكْرِالْمُتَوَهِّمِينَ
الْعَالِمِ بِلَا اكْتِسَابٍ وَ لَا ازْدِيَادٍ وَ لَا عِلْمٍ مُسْتَفَادٍ الْمُقَدِّرِ لِجَمِيعِ الْأُمُورِ بِلَا رَوِيَّةٍ وَ لَا ضَمِيرٍالَّذِي لَا تَغْشَاهُ الظُّلَمُ وَ لَا يَسْتَضِيءُ بِالْأَنْوَارِ وَ لَا يَرْهَقُهُ لَيْلٌ وَ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ نَهَارٌ لَيْسَ إِدْرَاكُهُ بِالْإِبْصَارِ وَ لَا عِلْمُهُ بِالْإِخْبَارِ
و منها في ذكر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )
أَرْسَلَهُ بِالضِّيَاءِ وَ قَدَّمَهُ فِي الِاصْطِفَاءِ فَرَتَقَ بِهِ الْمَفَاتِقَ وَ سَاوَرَ بِهِ الْمُغَالِبَ وَ ذَلَّلَ بِهِ الصُّعُوبَةَ وَ سَهَّلَ بِهِ الْحُزُونَةَ حَتَّى سَرَّحَ الضَّلَالَ عَنْ يَمِينٍ وَ شِمَالٍ
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج14
و من خطبة له عليه السلام و هى المأتان و الثانية عشر من المختار فى باب الخطب
الحمد لله العلي عن شبه المخلوقين، الغالب لمقال الواصفين، الظاهر بعجايب تدبيره للناظرين، و الباطن بجلال عزته عن فكر المتوهمين، العالم بلا اكتساب و لا ازدياد، و لا علم مستفاد، المقدر لجميع الأمور بلا روية و لا ضمير، الذي لا تغشاه الظلم، و لا يستضيء بالأنوار، و لا يرهقه ليل و لا يجري عليه نهار، ليس إدراكه بالأبصار، و لا علمه بالأخبار. منها فى ذكر النبي صلى الله عليه و آله و سلم. أرسله بالضياء، و قدمه في الاصطفاء، فرتق به المفاتق، و ساور به المغالب، و ذلل به الصعوبة، و سهل به الحزونة، حتى سرح الضلال عن يمين و شمال.
اللغة
(الشبه) بالتحريك كالشبه و الشبيه بمعنى المثل و المشابه و شبهت الشيء بالشىء أقمته مقامه بصفة جامعة بينهما و أشبه الولد أباه و شابهه إذا شاركه فى صفة من الصفات و (رهق) الدين رهقا من باب تعب غشيه و رهقت الشيء أدركته و (الاخبار) في أكثر النسخ بالكسر مصدر اخبر و في بعضها بالفتح جمع الخبر و كذلك الابصار.
و (رتقت) الفتن رتقا من باب قال سددته فارتتق و (فتق) الثوب شقه فانفتق و تفتق و الفنق أيضا شق عصا الجماعة و وقوع الحرب بينهم و مفتق الثوب محل شقه و يجمع على مفاتق كمقعد و مقاعد و (ساور) فلانا و اثبه سوارا و مساورة و ساوره اخذه براسه و الوثوب الظفر و (غلبه) غلبا و غلبا و غلبة و مغلبا قهره و المغلب وزان معظم المغلوب مرارا و المحكوم له بالغلبة ضد، و المغلنبي وزان مسلنقى الذى يغلبك و يعلوك و (الحزونة) ضد السهولة و الحزن ما غلظ من الأرض و السهل ما لان منها و (سرحت) المرأة تسريحا طلقتها قال تعالى فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان أى تطليق.
الاعراب
الباء في قوله بالضياء للمصاحبة كما في دخلت عليه بثياب السفر، و في قوله: به للسببية، و قوله: عن يمين و شمال، ظرف لغو متعلق بسرح على تضمين معنى الطرد و الابعاد.
المعنى
اعلم أن هذه الخطبة الشريفة كما ذكره بعض الشراح و أشار إليه السيد «ره» مشتملة على فصلين:
الفصل الاول
في تمجيد الله عز و جل و ثنائه بنعوت جلاله و جماله و أثنى عليه تعالى باعتبارات:
أولها قوله (الحمد لله العلى عن شبه المخلوقين) أى المتعالى عن مشابهة مخلوقاته فلا يشابه شيئا منها، و لا يشابهه شيء، فليس له شبه و شبيه و نظير.
و ذلك لما عرفت مرارا في تضاعيف الشرح لا سيما شرح الخطبة المأة و الخامسة و الثمانين و شرح الكلام المأتين و الثامن أن المخلوقات كلها محدودة بالحدود الاصطلاحية المركبة من الجنس و الفصل، و بالحدود اللغوية أى النهاية و الله سبحانه منزه عن الحد اصطلاحيا كان أو لغويا لاستلزام الأول للتركيب و الثاني للافتقار إلى محدد، و كل مركب و مفتقر ممكن، فالواجب تعالى لا يمكن أن يكون له مشابه و مشارك في ذاته و صفاته و أفعاله.
و الحاصل أن الواجب تعالى أجل و أعلى من أن يتصف بالصفات الامكانية، فيشابه المحدثات و يشاركهم في جهة من الجهات.
الثاني انه (الغالب لمقال الواصفين) يعني أنه تعالى شأنه أجل من أن يقدر الواصفون على وصفه و بيان محامده، لعدم وقوف صفاته الكمالية و أوصافه الجمالية و الجلالية إلى حد معين حتى يحيط بها العقول و يصفه الألسنة كيف و قد اعترف سيد البشر صلى الله عليه و آله و سلم بالعجز عن ذلك، و قال: لا احصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، فأنى لغيره بذلك.
و هذه الفقرة مساوقة لقوله عليه السلام فى الخطبة الاولى: الحمد لله الذى لا يبلغ مدحته القائلون، فان المدح و الثناء و الوصف كلها بمعنى
لا يدرك الواصف المطرى محامده
و إن يكن سابقا فى كل ما وصفا
فحيث قصرت ألسنة الواصفين و كلت عن تعداد صفاته الحميدة فهو كالغالب على أقوالهم لعجزها عن البلوغ إلى مدى صفاته.
الثالث أنه (الظاهر بعجايب تدبيره للناظرين) يعنى أنه تعالى ظاهر للناظرين و ليس ظهوره بذاته كما توهمه المجسمة و غيرهم من المجوزين للرؤية، بل باثار قدرته و اعلام عظمته و بدايع صنعه و عجايب تدبيره و حكمته حسبما عرفته تفصيلا فى شرح الخطبة التاسعة و الأربعين و الخطبة الرابعة و الستين و غيرهما.
(و) الرابع أنه (الباطن بجلال عزته عن فكر المتوهمين) يعني أنه محتجب عن الأوهام و العقول، و ليس احتجابه و اختفاؤه بصغر جسمه و حقارته أو
لطافة قوامه كالهواء و الروح و نحوهما، بل باعتبار جلاله و عزته و جبروته و عظمته حسبما عرفت في شرح الخطبتين المذكورتين و الحاصل أنه ظاهر باياته باطن بذاته.
قال الشارح البحراني: و إنما قال: فكر المتوهمين، لأن النفس الانسانية حال التفاتها إلى استلاحة الامور العلوية المجردة لا بد أن يستعين بالقوة المتخيلة بباعث الوهم في أن تصور تلك الامور بصور خيالية مناسبة لتشبيهها بها و تحطها إلى الخيال، و قد علمت أن الوهم إنما يدرك ما كان متعلقا بمحسوس أو متخيل من المحسوسات، فكل أمر يتصوره الانسان و هو في هذا العالم سواء كان ذات الله سبحانه أو غير ذلك فلا بد أن يكون مشوبا بصورة خيالية و معلقا بها، و هو تعالى منزه بجلال عزته عن تكيف تلك الفكر له و باطن عنها، انتهى.
و قد تقدم ما يوضح ذلك في شرح الفصل الثاني من الخطبة الاولى و شرح الخطبة المأة و الخامسة و الثمانين فليراجع هناك.
الخامس انه (العالم بلا اكتساب و لا ازدياد و لا علم مستفاد) يعنى أنه عز و جل عالم بذاته و العلم ذاته و ليس علمه باكتساب له بعد الجهل، و لا بازدياد منه بعد النقص، و لا باستفادة و أخذ له عن غيره كما هو شأن علم المخلوقين، إذ لو كان كذلك لكان سبحانه متغيرا و ناقصا فى ذاته مستكملا بغيره و هو باطل.
السادس انه (المقدر لجميع الامور بلا روية و لا ضمير) أى الموجد لمخلوقاته على وفق حكمته و قضائه كلا منها بقدر معلوم و مقدار معين من دون أن يكون ايجادها مستندا إلى الروية و الفكر، و لا إلى ما يضمر فى القلب من الصور كما يحتاج إليها ساير الصناع، لأنه سبحانه منزه من الضمير و القلب، و الروايات لا تليق إلا بذوى الضمائر حسبما عرفت تفصيلا فى شرح الفصل الأول من الخطبة المأة و السابعة.
السابع أنه (الذى لا تغشاه الظلم و لا يستضيء بالأنوار) أى لا يغطيه ظلام كما يغطى ساير الأجسام لكونه منزها عن الجسمية، و لا يستضيء بالأنوار كما يستضيء بها ذوات الابصار لكونه منزها من حاسة البصر و ساير الحواس، مضافا إلى أنه تعالى
نور السماوات و الأرض، و الجميع به يستضيء فكيف يستضيء بغيره و الا لزم أن يكون مفتقرا إلى غيره مستكملا به و هو باطل.
(و) الثامن انه (لا يرهقه ليل و لا يجرى عليه نهار) يعنى لا يتعور عليه ليل و نهار لكونه منزها عن الزمان و الحركة فلو تعاورا عليه لتفاوتت ذاته و تغيرت صفاته و امتنع من الأزل معناه.
(و) التاسع انه (ليس إدراكه بالابصار) لتنزهه من الاحتياج فى الادراك إلى الالات و المشاعر و الأدوات.
و العاشر ما أشار إليه بقوله (و لا علمه بالأخبار) أى بأن يخبره غيره بشىء فيحصل له العلم بذلك الشيء بسبب هذا الخبر، لاستلزام ذلك للجهل أولا و الافتقار إلى حاسة السمع ثانيا، و النقص بالذات، و الاستكمال بالغير ثالثا، و هذا كله مناف لوجوب الوجود.
الفصل الثاني
(منها فى ذكر النبي صلى الله عليه و آله و سلم) قال عليه السلام (أرسله بالضياء) الساطع و النور اللامع.
و المراد به إما نور الايمان، و به فسر قوله تعالى الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور أى ظلمات الكفر إلى نور الايمان و الذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات و إما نور العلم يعنى النبوة الذى كان فى قلبه صلى الله عليه و آله و سلم، و به فسر المصباح فى قوله تعالى مثل نوره كمشكاة فيها مصباح.
روى فى الصافى من التوحيد عن الصادق عليه السلام فى هذه الاية الله نور السماوات و الأرض قال: كذلك عز و جل مثل نوره قال محمد صلى الله عليه و آله و سلم كمشكاة قال صدر محمد صلى الله عليه و آله و سلم فيها مصباح قال فيه نور العلم يعنى النبوة الحديث.
و إما القرآن كما فى قوله تعالى قد جاءكم من الله نور و كتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام و يخرجهم من الظلمات إلى النور فهو نور عقلى يهتدى به فى سلوك سبيل الجنان و يستضاء به فى الوصول إلى مقام الزلفى و الرضوان (و قدمه فى الاصطفاء) أى قدمه على جميع خلقه فى أن اختاره منهم و فضله عليهم كما قال الشاعر:
لله فى عالمه صفوة | و صفوة الخلق بنو هاشم | |
و صفوة الصفوة من هاشم | محمد الطهر أبو القاسم | |
و قد مضى أخبار لطيفة فى هذا المعنى فى شرح الخطبة الثالثة و التسعين فليراجع هناك.
و قوله (فرتق به المفاتق) أى أصلح به المفاسد، و هو إشارة إلى ما كانت عليه أهل الجاهلية حين بعثه من سفك الدماء و قطع الأرحام و عبادة الأصنام و اجتراح الاثام قد استهوتهم الأهواء، و استزلتهم الكبرياء، و استخفتهم الجاهلية الجهلاء، تائهين حائرين فى زلزال من الأمر و بلاء من الجهل، فبالغ صلى الله عليه و آله و سلم فى نصحهم و موعظتهم و دعائهم بالحكمة و الموعظة الحسنة إلى سبيل ربهم، و جادلهم بالتى هى أحسن، فأصلح الله بوجوده الشريف ما فسد من امور دنياهم و آخرتهم، و رفع به ضغائن صدورهم، و هداهم به من الضلالة، و أنقذهم بمكانه من الجهالة مجاز (و ساور به المغالب) في إسناد المساورة إلى الله سبحانه توسع، و المراد تسليطه على المشركين و الكفار و المنافقين الذين كان لهم الغلبة على غيرهم كما قال عز من قائل إن الذين يحادون الله و رسوله أولئك في الأذلين كتب الله لأغلبن أنا و رسلي إن الله قوي عزيز و قال هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون*.
قال في مجمع البيان في تفسير الاية الأولى: روى أن المسلمين قالوا لما رأوا ما يفتح الله عليهم من القرى ليفتحن الله علينا الروم و فارس فقال المنافقون أ تظنون أن فارس و الروم كبعض القرى التى غلبتم عليها، فأنزل الله هذه الاية.
و قال في الاية الثانية في تفسير قوله «ليظهره على الدين كله» معناه ليغلب دين الاسلام على جميع الأديان بالحجة و الغلبة و القهر لها حتى لا يبقى علي وجه الأرض دين إلا مغلوب.
(و ذلل به الصعوبة) صعوبة الجاهلية التي أشرنا إليها في شرح قوله: فرتق به المفاتق (و سهل به الحزونة) أى حزونة طريق الحق و تسهيلها بالارشاد إلى معالمه و الهداية إليه.
استعاره (حتى سرح الضلال عن يمين و شمال) غاية للجملات السابقة جميعا أو لخصوص الجملة الأخيرة أى إلى أن طرد و ابعد ظلمات الجهل و الضلال بميامين بعثته و أنوار هدايته عن يمين النفوس و شمالها.
قال الشارح البحراني: و هو إشارة إلى القائه رذيلتى التفريط و الافراط عن ظهور النفوس كتسريح جنبى الحمل عن ظهر الدابة، و هو من ألطف الاستعارات و أبلغها
الترجمة
حمد و ثنا خدائى راست كه برتر است از مشابهت مخلوقات، و غلبه كننده است مر گفتار وصف كنندگان كنه ذات و صفات- يعنى او غالب است بتوصيف هر واصفى و هيچكس قدرت وصف او ندارد- ظاهر است و هويدا با عجايب و غرايب تدبير خود از براى متفكران، و پنهانست بجهت جلال عظمت و شدت نور خود از فكر صاحبان و هم و عقل دانا و عالم است بدون حاجت بكسب علم از ديگرى و بدون احتياج بأفزون كردن علم و بدون علمى كه استفاده شود از خارج، مقدر است جميع امورات را بدون فكر و خطور خاطرى، چنان خدائى كه احاطه نمى كند او را ظلمتها، و طلب روشنى نمى كند بنورها، و درك نمى كند او را شب، و جارى نمى شود بر او روز، نيست ديدن او با ديدن بصر، و نه دانستن او بخبر دادن كسى ديگر.
از جمله فقرات اين خطبه در ذكر أوصاف پيغمبر صلى الله عليه و آله و سلم است مى فرمايد:
فرستاد خداى تعالى او را با نور پر ظهور، و مقدم فرمود او را بجميع مخلوقات در پسند كردن او، پس بست بوجود او گشادگيها را، و سد كرد شكافتگيها را، و شكست داد با قوت او اشخاصى را كه هميشه غلبه داشتند، و ذليل كرد بسبب او سركشى را، و هموار گردانيد با او ناهموار را تا اين كه بر طرف ساخت و دور نمود ضلالت را از راست و چپ طريق حق.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی