خطبه 208 صبحی صالح
208- و من كلام له ( عليه السلام ) قاله لما اضطرب عليه أصحابه في أمر الحكومة
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ أَمْرِي مَعَكُمْ عَلَى مَا أُحِبُّ حَتَّى نَهِكَتْكُمُالْحَرْبُ وَ قَدْ وَ اللَّهِ أَخَذَتْ مِنْكُمْ وَ تَرَكَتْ وَ هِيَ لِعَدُوِّكُمْ أَنْهَكُ.
لَقَدْ كُنْتُ أَمْسِ أَمِيراً فَأَصْبَحْتُ الْيَوْمَ مَأْمُوراً وَ كُنْتُ أَمْسِ نَاهِياً فَأَصْبَحْتُ الْيَوْمَ مَنْهِيّاً وَ قَدْ أَحْبَبْتُمُ الْبَقَاءَ وَ لَيْسَ لِي أَنْ أَحْمِلَكُمْ عَلَى مَا تَكْرَهُونَ
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج13
و من كلام له عليه السّلام و هو المأتان و السابع من المختار فى باب الخطب
و قد رويناه في شرح الخطبة الخامسة و الثلاثين من كتاب صفين لنصر بن مزاحم باختلاف يسير عرفته. قاله لمّا اضطرب عليه عليه السّلام أصحابه في أمر الحكومة.
أيّها النّاس إنّه لم يزل أمري معكم على ما أحبّ، حتّى نهكتكم الحرب، و قد و اللّه أخذت منكم و تركت، و هي لعدوّكم أنهك، لقد كنت أمس أميرا، فأصبحت اليوم مأمورا، و كنت أمس ناهيا، فأصبحت اليوم منهيّا، و قد أحببتم البقاء، و ليس لي أن أحملكم على ما تكرهون.
اللغة
(نهكته) الحمّى نهكأ من باب منع و تعب هزلته، و نهكه السلطان عقوبة بالغ فيه، و نهكت الثّوب لبسته حتّى خلق و بلى (و الحرب) مؤنّث سماعيّ و قد تذكر ذهابا إلى معنى القتال فيقال حرب شديد
الاعراب
قوله عليه السّلام: و قد و اللّه أخذت، جملة القسم معترضة بين قد و مدخولها جيئت بها لتأكيد الكلام.
المعنى
اعلم أنّه قد تقدّم في شرح الخطبة الخامسة و الثلاثين تفصيل قصّة الحكومة و عرفت هناك أنّ أهل الشام لمّا ضعفوا عن مقاومة أهل العراق و عجزوا عن مقاتلتهم و رأوا علوّ كلمة الحقّ و أيقنوا بالهلاك و العطب، عدلوا عن القراع إلى الخداع فرفعوا المصاحف على الرّماح بتدبير ابن النابغة عمرو بن العاص اللّعين على وجه الخديعة و المكيدة.
و لمّا رأى أهل العراق منهم ذلك كفّوا أيديهم عن القتال و اجتمعوا عليه عليه السّلام و طالبوه بالكفّ عنهم و كانوا في ذلك على أقسام.
فمنهم من دخلت عليه الشّبهة برفع المصاحف و اعتقدوا أنّهم لم يرفعوها خديعة و حيلة بل حقا و عملا بموجب الكتاب و تسليما للدّين الحقّ فرأى أنّ الاستسلام للحجّة أولى من الاصرار على الحرب.
و منهم من قد كان ملّ من الحرب بطول المدّة، فلمّا رأى شبهة ما يسوغ التعلّق بها فى رفض المحاربة و حبّ العافية أخلد إليها.
و منهم من كان يبغض أمير المؤمنين عليه السّلام بالباطن و يطيعه بالظاهر كما يطيع كثير من النّاس السلطان ظاهرا أو يبغضه باطنا فلمّا وجد طريقا إلى خذلانه و ترك نصرته أسرع إليها.
فاجتمع جمهور عسكره إليه عليه السّلام و طالبوه الكفّ فامتنع امتناع عالم بالمكيدة و عرّفهم أنّها خدعة و حيلة و قال لهم: إنّى أعرف بالقوم منكم و أعلم أنّهم ليسوا بأهل دين و لا قرآن فلا تغترّوا برفعهم للمصاحف و انهدوا إليهم و لم يبق منهم إلّا آخر نفسهم، فأبوا عليه و لجّوا و أصرّوا على القعود و الخذلان و طلبوا أن ينفذ إلى الأشتر و ساير المحاربين أن يكفّوا عن الحرب و يرجعوا.
فأرسل إلى الأشتر و أمره بالرّجوع، فقال الأشتر: و كيف أرجع و قد لاحتأمارات الظفر و قال له: ليمهلني ساعة واحدة و لم يكن عالما بصورة الحال، فلمّا عاد إليه الرّسول بذلك غضبوا و شغبوا و قالوا: أنفذت إلى الأشتر سرّا تأمره بالجدّ و تنهاه عن الكفّ و إن لم يعد قتلناك كما قتلنا عثمان.
فرجعت الرّسل إلى الاشتر فقالوا له: أتحبّ أن تظفر بالعدوّ و أمير المؤمنين قد سلّت عليه خمسون ألف سيف، فقال: ما الخبر قالوا: إنّ الجيش بأسره قد أحدقوا به و هو جالس بينهم على الأرض تحته نطع و هو مطرق و البارقة تلمع على رأسه يقولون: لئن لم يرجع الأشتر قتلناك.
فرجع فوجد أمير المؤمنين تحت الخطر قد ردّوه أصحابه بين الأمرين إن لم يكفّ عن الحرب إمّا أن يسلّموه إلى معاوية أو يقتلوه و لا ناصر له منهم إلّا ولداه و ابن عمّه و نفر قليل لا يبلغ عشرة.
فلمّا رآهم الأشتر شتمهم و شتموه و أبوا و قالوا: المصاحف المصاحف و الرّجوع إليها لا نرى غير ذلك، فأجابهم أمير المؤمنين إلى ذلك كرها دفعا للأفسد بالفاسد و قال لهم: (أيّها الناس إنه لم يزل أمرى معكم على ما احبّ) من قتال أهل البغي و العدوان و استيصال القاسطين من حزب الشّيطان (حتّى) عاد طاعتكم لي إلى المخالفة و نصرتكم إلى الخذلان و المنابذة فأبيتم إباء المخالفين الجفاة و المنابذين العصاة بما (نهكتكم) و هزلتكم (الحرب) بطول مدّتها و ثقل أوزارها.
و نبّه على خطائهم في القعود عنها بقوله (و قد و اللّه أخذت منكم) طائفة (و تركت) طائفة فلم تستأصلكم بالمرّة بل بقيت منكم بقيّة (و هي لعدوّكم) أنكى و (أنهك) إذ لم يبق منهم إلّا حشاشة ضعيفة فانّ القتل في أهل الشام كان أشدّ استحرارا و الوهن فيهم أظهر، و لو لا فساد أهل العراق لاستوصل الشّام و خلص إلى معاوية فأخذه بعنقه، و لم يكن قد بقي من قوّة أهل الشام إلّا حركة المذبوح و مثل حركة ذنب الوزغة عند قتلها يضطرب يمينا و شمالا.
ثمّ أخذ في التّشكّي منهم بسوء فعلهم فقال (لقد كنت أمس أميرا فأصبحتاليوم مأمورا) لا يخفى حسن المقابلة بين القرينتين و هو من مقابلة الثلاثة بالثلاثة.
و كذا في قوله (و كنت أمس ناهيا فأصبحت اليوم منهيّا) ثمّ ساق الكلام مساق التّعريض و التقريع فقال (و قد أحببتم البقاء و ليس لي أن أحملكم على ما تكرهون) من القتال و القتل، و عدم حمله لهم على ذلك إمّا لعدم القدرة أو لعدم اقتضاء المصلحة ليقضي اللّه أمرا كان مفعولا.
الترجمة
از جمله كلام معجز نظام آن امام أنام عليه الصلاة و السلام است كه فرموده آن را هنگامى كه مضطرب شدند و اغتشاش نمودند أصحاب او بر او در أمر حكومت حكمين پس فرمود آن بزرگوار بايشان: اى مردمان بدرستي كه ثابت بود أمر من و شما بر چيزى كه دوست مي داشتم تا اين كه لاغر و ضعيف نمود شما را حرب و كارزار و حال آنكه قسم بخدا آن حرب بعض شما را فرا گرفت و بعضى را فرو گذاشت، و از براى دشمن زيادتر موجب لاغرى آنها شد، بتحقيق بودم ديروز أمير شما پس گرديدم امروز مأمور، و بودم ديروز نهى كننده و گرديم امروز نهي شده، و بتحقيق دوست داشتيد زندگاني را و نيست مرا كه الزام نمايم شما را بر چيزى كه مكروه طبع شماست.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»