75 و من كتاب له ع إلى معاوية من المدينة- في أول ما بويع له بالخلافة
ذكره الواقدي في كتاب الجمل: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ- إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ- أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَلِمْتَ إِعْذَارِي فِيكُمْ- وَ إِعْرَاضِي عَنْكُمْ- حَتَّى كَانَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَ لَا دَفْعَ لَهُ- وَ الْحَدِيثُ طَوِيلٌ وَ الْكَلَامُ كَثِيرٌ- وَ قَدْ أَدْبَرَ مَا أَدْبَرَ- وَ أَقْبَلَ مَا أَقْبَلَ- فَبَايِعْ مَنْ قِبَلَكَ- وَ أَقْبِلْ إِلَيَّ فِي وَفْدٍ مِنْ أَصْحَابِكَ وَ السَّلَامُ كتابه إلى معاوية و مخاطبته لبني أمية جميعا- قال و قد علمت إعذاري فيكم- أي كوني ذا عذر لو لمتكم أو ذممتكم- يعني في أيام عثمان- .
ثم قال و إعراضي عنكم- أي مع كوني ذا عذر لو فعلت ذلك فلم أفعله- بل أعرضت عن إساءتكم إلي و ضربت عنكم صفحا- حتى كان ما لا بد منه- يعني قتل عثمان و ما جرى من الرجبة بالمدينة- . ثم قاطعه الكلام مقاطعة و قال له- و الحديث طويل و الكلام كثير- و قد أدبر ذلك الزمان و أقبل زمان آخر- فبايع و أقدم فلم يبايع و لا قدم- و كيف يبايعو عينه طامحة إلى الملك و الرئاسة- منذ أمره عمر على الشام و كان عالي الهمة- تواقا إلى معالي الأمور- و كيف يطيع عليا و المحرضون له على حربه عدد الحصى- و لو لم يكن إلا الوليد بن عقبة لكفى- و كيف يسمع قوله-
فو الله ما هند بأمك إن مضى النهار
و لم يثأر بعثمان ثائر
أ يقتل عبد القوم سيد أهله
و لم تقتلوه ليت أمك عاقر
و من عجب أن بت بالشام وادعا
قريرا و قد دارت عليه الدوائر
و يطيع عليا و يبايع له- و يقدم عليه و يسلم نفسه إليه- و هو نازل بالشام في وسط قحطان و دونه منهم حرة لا ترام- و هم أطوع له من نعله- و الأمر قد أمكنه الشروع فيه- و تالله لو سمع هذا التحريض- أجبن الناس و أضعفهم نفسا و أنقصهم همة- لحركه و شحذ من عزمه- فكيف معاوية- و قد أيقظ الوليد بشعره من لا ينام
شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد) ج 18