70 و من كتاب له ع إلى سهل بن حنيف الأنصاري- و هو عامله على المدينة- في معنى قوم من أهلها لحقوا بمعاوية
أَمَّا بَعْدُ- فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِمَّنْ قِبَلَكَ يَتَسَلَّلُونَ إِلَى مُعَاوِيَةَ- فَلَا تَأْسَفْ عَلَى مَا يَفُوتُكَ مِنْ عَدَدِهِمْ- وَ يَذْهَبُ عَنْكَ مِنْ مَدَدِهِمْ- فَكَفَى لَهُمْ غَيّاً- وَ لَكَ مِنْهُمْ شَافِياً فِرَارُهُمْ مِنَ الْهُدَى وَ الْحَقِّ- وَ إِيضَاعُهُمْ إِلَى الْعَمَى وَ الْجَهْلِ- فَإِنَّمَا هُمْ أَهْلُ دُنْيَا مُقْبِلُونَ عَلَيْهَا وَ مُهْطِعُونَ إِلَيْهَا- قَدْ عَرَفُوا الْعَدْلَ وَ رَأَوْهُ وَ سَمِعُوهُ وَ وَعَوْهُ- وَ عَلِمُوا أَنَّ النَّاسَ عِنْدَنَا فِي الْحَقِّ أُسْوَةٌ- فَهَرَبُوا إِلَى الْأَثَرَةِ- فَبُعْداً لَهُمْ وَ سُحْقاً- إِنَّهُمْ وَ اللَّهِ لَمْ يَفِرُّوا مِنْ جَوْرٍ- وَ لَمْ يَلْحَقُوا بِعَدْلٍ- وَ إِنَّا لَنَطْمَعُ فِي هَذَا الْأَمْرِ أَنْ يُذَلِّلَ اللَّهُ لَنَا صَعْبَهُ- وَ يُسَهِّلَ لَنَا حَزْنَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ- وَ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ قد تقدم نسب سهل بن حنيف- و أخيه عثمان فيما مضى- . و يتسللون يخرجون إلى معاوية هاربين في خفية و استتار- . قال فلا تأسف أي لا تحزن- و الغي الضلال- . قال و لك منهم شافيا- أي يكفيك في الانتقام منهم و شفاء النفس من عقوبتهم- أنهم يتسللون إلى معاوية- .
قال ارض لمن غاب عنك غيبته- فذاك ذنب عقابه فيه- . و الإيضاع الإسراع- وضع البعير أي أسرع و أوضعه صاحبه- قال
رأى برقا فأوضع فوق بكر
فلا يك ما أسال و لا أعاما
و مهطعون مسرعون أيضا- و الأثرة الاستئثار- يقول قد عرفوا أني لا أقسم إلا بالسوية- و أني لا أنفل قوما على قوم- و لا أعطي على الأحساب و الأنساب كما فعل غيري- فتركوني و هربوا إلى من يستأثر و يؤثر- . قال فبعدا لهم و سحقا- دعاء عليهم بالبعد و الهلاك- . و روي أنهم لم ينفروا بالنون من نفر- ثم ذكر أنه راج من الله- أن يذلل له صعب هذا الأمر و يسهل له حزنه- و الحزن ما غلظ من الأرض- و ضده السهل
شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد) ج 18