60 و من كتاب له ع إلى العمال- الذين يطأ عملهم الجيوش
مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَنْ مَرَّ بِهِ الْجَيْشُ- مِنْ جُبَاةِ الْخَرَاجِ وَ عُمَّالِ الْبِلَادِ- أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ سَيَّرْتُ جُنُوداً- هِيَ مَارَّةٌ بِكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ- وَ قَدْ أَوْصَيْتُهُمْ بِمَا يَجِبُ لِلَّهِ عَلَيْهِمْ- مِنْ كَفِّ الْأَذَى وَ صَرْفِ الشَّذَا- وَ أَنَا أَبْرَأُ إِلَيْكُمْ وَ إِلَى ذِمَّتِكُمْ مِنْ مَعَرَّةِ الْجَيْشِ- إِلَّا مِنْ جَوْعَةِ الْمُضْطَرِّ لَا يَجِدُ عَنْهَا مَذْهَباً إِلَى شِبَعِهِ- فَنَكِّلُوا مَنْ تَنَاوَلَ مِنْهُمْ ظُلْماً عَنْ ظُلْمِهِمْ- وَ كُفُّوا أَيْدِيَ سُفَهَائِكُمْ عَنْ مُضَادَّتِهِمْ- وَ التَّعَرُّضِ لَهُمْ فِيمَا اسْتَثْنَيْنَاهُ مِنْهُمْ- وَ أَنَا بَيْنَ أَظْهُرِ الْجَيْشِ- فَارْفَعُوا إِلَيَّ مَظَالِمَكُمْ- وَ مَا عَرَاكُمْ مِمَّا يَغْلِبُكُمْ مِنْ أَمْرِهِمْ- وَ لَا تُطِيقُونَ دَفَعَهُ إِلَّا بِاللَّهِ وَ بِي- أُغَيِّرُهُ بِمَعُونَةِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ روي عن مضارتهم بالراء المشددة- و جباة الخراج الذين يجمعونه- جبيت الماء في الحوض أي جمعته- و الشذا و الضر الشر تقول لقد أشذيت و آذيت- و إلى ذمتكم أي إلى اليهود و النصارى الذين بينكم- قال ع من آذى ذميا فكأنما آذاني-
و قال إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا- و أموالهم كأموالنا- و يسمى هؤلاء ذمة أي أهل ذمة بحذف المضاف- و المعرة المضرة- قال الجيش ممنوع من أذى من يمر به من المسلمين و أهل الذمة- إلا من سد جوعة المضطر منهم خاصة- لأن المضطر تباح له الميتة فضلا عن غيرها- . ثم قال فنكلوا من تناول- و روي بمن تناول بالباء أي عاقبوه- و عن في قوله عن ظلمهم يتعلق بنكلوا- لأنها في معنى اردعوا لأن النكال يوجب الردع- . ثم أمرهم أن يكفوا أيدي أحداثهم و سفهائهم- عن منازعة الجيش و مصادمته- و التعرض لمنعه عما استثناه- و هو سد الجوعة عند الاضطرار- فإن ذلك لا يجوز في الشرع- و أيضا فإنه يفضي إلى فتنة و هرج- . ثم قال و أنا بين أظهر الجيش أي أنا قريب منكم- و سائر على أثر الجيش- فارفعوا إلي مظالمكم و ما عراكم منهم- على وجه الغلبة و القهر- فإني مغير ذلك و منتصف لكم منهم
شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد) ج 17