57 و من كتاب له ع إلى أهل الكوفة- عند مسيره من المدينة إلى البصرة
أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي خَرَجْتُ عَنْ حَيِّي هَذَا- إِمَّا ظَالِماً وَ إِمَّا مَظْلُوماً وَ إِمَّا بَاغِياً وَ إِمَّا مَبْغِيّاً عَلَيْهِ- وَ أَنَا أُذَكِّرُ اللَّهَ مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي هَذَا لَمَّا نَفَرَ إِلَيَّ- فَإِنْ كُنْتُ مُحْسِناً أَعَانَنِي- وَ إِنْ كُنْتُ مُسِيئاً اسْتَعْتَبَنِي ما أحسن هذا التقسيم و ما أبلغه في عطف القلوب عليه- و استمالة النفوس إليه- .
قال لا يخلو حالي في خروجي من أحد أمرين- إما أن أكون ظالما أو مظلوما- و بدأ بالظالم هضما لنفسه- و لئلا يقول عدوه بدأ بدعوى كونه مظلوما- فأعطى عدوه من نفسه ما أراد- . قال فلينفر المسلمون إلي فإن وجدوني مظلوما أعانوني- و إن وجدوني ظالما نهوني عن ظلمي- لأعتب و أنيب إلى الحق- و هذا كلام حسن- و مراده ع يحصل على كلا الوجهين- لأنه إنما أراد أن يستنفرهم- و هذان الوجهان يقتضيان نفيرهم إليه على كل حال- و الحي المنزل و لما هاهنا بمعنى إلا- كقوله تعالى إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ- في قراءة من قرأها بالتشديد
شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد) ج 17