نامه 50 شرح ابن میثم بحرانی

و من كتاب له عليه السّلام إلى عماله على الخراج

مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَصْحَابِ الْخَرَاجِ- أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَحْذَرْ مَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ- لَمْ يُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ مَا يُحْرِزُهَا- وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَا كُلِّفْتُمْ يَسِيرٌ وَ أَنَّ ثَوَابَهُ كَثِيرٌ- وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ- مِنَ الْبَغْيِ وَ الْعُدْوَانِ عِقَابٌ يُخَافُ- لَكَانَ فِي ثَوَابِ اجْتِنَابِهِ مَا لَا عُذْرَ فِي تَرْكِ طَلَبِهِ- فَأَنْصِفُوا النَّاسَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ اصْبِرُوا لِحَوَائِجِهِمْ- فَإِنَّكُمْ خُزَّانُ الرَّعِيَّةِ- وَ وُكَلَاءُ الْأُمَّةِ وَ سُفَرَاءُ الْأَئِمَّةِ- وَ لَا تُحْشِمُوا أَحَداً عَنْ حَاجَتِهِ وَ لَا تَحْبِسُوهُ عَنْ طَلِبَتِهِ- وَ لَا تَبِيعُنَّ لِلنَّاسِ فِي الْخَرَاجِ كِسْوَةَ شِتَاءٍ وَ لَا صَيْفٍ- وَ لَا دَابَّةً يَعْتَمِلُونَ عَلَيْهَا وَ لَا عَبْداً- وَ لَا تَضْرِبُنَّ أَحَداً سَوْطاً لِمَكَانِ دِرْهَمٍ- وَ لَا تَمَسُّنَّ مَالَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مُصَلٍّ وَ لَا مُعَاهَدٍ- إِلَّا أَنْ تَجِدُوا فَرَساً أَوْ سِلَاحاً- يُعْدَى بِهِ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ- فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَدَعَ ذَلِكَ فِي أَيْدِي أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ- فَيَكُونَ شَوْكَةً عَلَيْهِ- وَ لَا تَدَّخِرُوا أَنْفُسَكُمْ نَصِيحَةً وَ لَا الْجُنْدَ حُسْنَ سِيرَةٍ- وَ لَا الرَّعِيَّةَ مَعُونَةً وَ لَا دِينَ اللَّهِ قُوَّةً- وَ أَبْلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا اسْتَوْجَبَ عَلَيْكُمْ- فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدِ اصْطَنَعَ عِنْدَنَا وَ عِنْدَكُمْ- أَنْ نَشْكُرَهُ بِجُهْدِنَا- وَ أَنْ نَنْصُرَهُ بِمَا بَلَغَتْ قُوَّتُنَا- وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ

اللغة

أقول: السفير. الرسول. و حشمته و احتشمته: بمعنى: أى أعضبته و أخجلته. و الشوكة: القوّة. و أبليته معروفا: أى أعطيته.

المعنى
و صدّر الكتاب بمقدّمة كلّيّة، و هو أنّ من لم يحذر ما يصير إليه من العواقب المخوفة لم يقدّم لنفسه استعدادا يحرزها منها فإنّ الإنسان إنّما يستعدّ للأمر المرغوب أو المرهوب إذا رغب فيه أو خافه، و هى في معرض التوبيخ على ترك الحذر لغرض تقديم طاعة و ما يستعدّ به الإنسان ممّا يحرز نفسه من عذاب اللّه. ثمّ أعلمهم بكون التكليف لهم يسيرا تسهيلا له، و كون ثوابه كثيرا ترغيبا فيه. و هو في قوّة صغرى ضمير رغبّهم به في القيام بالامور المكلّف بها، و تقدير كبراه: و كلّ ما كان كذلك وجب القيام به و الاجتهاد فيه. ثم أردفه بالتنبيه على وجوب ترك البغى و الظلم بما يلزمه فعله من العقاب الأليم و تركه من الثواب العظيم الّذى لا عذر في ترك طلبه لو لم يكن في فعله عقاب. و المعنى أنّه لو لم يكن فيه عقاب يخاف فيترك لأجله لكان في تركه ثواب يجب لأجله فكيف و في فعله العقاب الأليم. فبالأولى أن يجب تركه. و هو من أفصح الكلام، و الغرض التحذير من الوقوع في رذيلة الظلم ثمّ أردف ذلك بأوامر و نواهي فمن الأوامر أمران: أحدهما: إنصاف الرعيّة من أنفسهم و ميولها. الثاني: أن يصبروا لحوائجهم لينتظم أمر مصلحتهم، و علّل ذلك بكونهم خزّان الرعيّة و وكلائهم على بيت مالهم و سفراء أئمّتهم إليهم، و هو في قوّة صغرى ضمير تقدير كبراه: و كلّ من كان كذلك فعليه النصفة و الصبر على حوائجهم. و من النواهي ستّة:

أحدها: أن لا يغضبوا أحدا و لا يجبهوه فيستحيى عن حاجته. الثاني: لا يمنعوا أحدا عن حاجته و يحتجبوا دونه. الثالث: أن لا يحوجوا أحدا في طلب الخراج إلى بيع ما يضطرّ إليه من كسوة أو دابّة ينتفع بها في عمل، و لا عبد. الخامس: أن لا يأخذوا من مال أحد من أهل القبلة أو لمعاهدين من أهل الكتاب شيئا إلّا أن يكون فرسا أو سلاحا يعدى به على المسلمين و الإسلام فإنّه يجب أخذه من أيدي أعدائهم لئلّا يكون شوكة عليهم و عونا. السادس: أن لا يدّخروا أنفسهم عن أنفسهم نصيحة بل ينصح بعضهم لبعض، و لا عن الجند حسن سيرة، و لا عن الرعيّة معونة، و لا عن دين اللّه قوّة. ثمّ أمرهم أن يبلوا في سبيله و يعطوا ما استوجب عليهم من شكر نعمه و طاعته. ثمّ علّل وجوب ذلك بقوله: فإنّ اللّه. إلى آخره. و هو في قوّة صغرى ضمير. و المعنى أنّه تعالى جعل شكره بجهدنا و نصرته بما بلغت قوّتنا صنيعة عندنا. إذ كان شكره و نصرته من أعظم نعمه علينا كما سبق. و قيل: أراد لأن نشكره. و تقدير الكبري: و كلّ من اصطنع عندنا وجب علينا شكره. و باللّه التوفيق.

شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحراني)، ج 5 ، صفحه‏ى 133

 

دیدگاه‌ها

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.