و من كلام له عليه السّلام لما بلغه اتهام بنى أمية له بالمشاركة فى دم عثمان
أَ وَ لَمْ يَنْهَ بَنِي أُمَيَّةَ عِلْمُهَا بِي عَنْ قَرْفِي- أَ وَ مَا وَزَعَ الْجُهَّالَ سَابِقَتِي عَنْ تُهَمَتِي- وَ لَمَا وَعَظَهُمُ اللَّهُ بِهِ أَبْلَغُ مِنْ
لِسَانِي- أَنَا حَجِيجُ الْمَارِقِينَ وَ خَصِيمُ النَّاكِثِينَ الْمُرْتَابِينَ- وَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تُعْرَضُ الْأَمْثَالُ- وَ بِمَا فِي الصُّدُورِ تُجَازَى الْعِبَادُ
اللغة
أقول:
قرفنى بكذا: أى اتّهمنى به و نسبه إلىّ.
و وزع: كفّ.
و حجيجهم: محاجّهم.
و الخصيم: المخاصم.
المعنى
و قوله: أو لم ينه. إلى أو ما وزع.
استفهام من عدم انتهائهم عن نسبته إلى دم عثمان مع علمهم بحاله و قوّته في الدين و عصمته عن دم حرام فضلا عن مثل دم عثمان استفهاما على سبيل الإنكار عليهم و التعجّب منهم، و نسبة لهم إلى الجهل لجهلهم بمناسبة حاله و سابقته في الإسلام لبراءته عمّا قرفوه به. و قوله: و لما وعظهم اللّه به أبلغ من لسانى. تعذير لنفسه في عدم ردعه لهم عن الغيبة و أمثالها: أى إذا كان وعظ اللّه لهم مع كونه أبلغ من كلامى لا يرد عهم فكلامى بطريق الأولى و زواجر كتاب اللّه كقوله إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ و قوله وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً«» الآية و قوله وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً«» و نحوه من القرآن كثير، و أراد بلسانه وعظه مجازا إطلاقا لاسم السبب على المسبّب.
و قوله: أنا حجيج المارقين.
أى الخوارج أو كلّ من خرج عن دين اللّه، و خصيم المرتابين: أى الشاكّين في نسبة هذا الأمر إلىّ، و قيل: المنافقين الشاكّين في صحّة الدين. و قوله: و على كتاب اللّه تعرض الامثال. إلى آخره.
إشارة إلى الحجّة الّتي يحجّ بها. و يخاصهم، و تقريرها: أنّ تعلّق هذا المنكر به إمّا من جهة أقواله، و أفعاله، و اعتقاداته و إرادته، و الثلاثة باطلة فتعلّق هذا المنكر به و نسبته إليه باطلة. بيان الحصر أنّ هذه الجهات هى جهات صدور المنكر عن الإنسان.
بيان بطلان الأوّل و الثاني أنّه إن كان قد حصل في أقواله و أفعاله ما يشبه الأمر بالقتل أو فعله فأوقع في نفوس الجهّال شبهة القتل نحو ما روى منه لمّا سئل عن قتل عثمان: اللّه قتله و أنا معه، و كتخلّفه في داره يوم قتل عن الخروج. فينبغى أن يعرض ذلك على كتاب اللّه تعالى فإنّه عليه تعرض الأمثال و الأشباه فإن دلّ على كون شيء من ذلك قتلا فليحكم به و إلّا فلا. و لن يدلّ أبدا. فليس لهم أن يحكموا بالقتل من جهة قول أو فعل، و أمّا بطلان الثالث فلأنّ علم ما في القلوب إلى اللّه و هو الجازى بما فيها من خير أو شرّ و ليسوا مطّلعين على ما هناك حتّى يحكموا بالقتل من جهتها فإذن حكمهم بتعلّق هذا المنكر به باطل. و باللّه التوفيق.
شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحرانی)، ج 2 ، صفحه ى 207