و من خطبة له عليه السّلام بعد حرب الجمل، فى ذم النساء
مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ النِّسَاءَ نَوَاقِصُ الْإِيمَانِ- نَوَاقِصُ الْحُظُوظِ نَوَاقِصُ الْعُقُولِ- فَأَمَّا نُقْصَانُ إِيمَانِهِنَّ- فَقُعُودُهُنَّ عَنِ الصَّلَاةِ وَ
الصِّيَامِ فِي أَيَّامِ حَيْضِهِنَّ- وَ أَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ- فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ- وَ أَمَّا نُقْصَانُ حُظُوظِهِنَّ-
فَمَوَارِيثُهُنَّ عَلَى الْأَنْصَافِ مِنْ مَوَارِيثِ الرِّجَالِ- فَاتَّقُوا شِرَارَ النِّسَاءِ وَ كُونُوا مِنْ خِيَارِهِنَّ عَلَى حَذَرٍ- وَ لَا تُطِيعُوهُنَّ فِي
الْمَعْرُوفِ حَتَّى لَا يَطْمَعْنَ فِي الْمُنْكَرِ
المعنى
أقول: لمّا كانت واقعة الجمل و ما اشتملت عليه من هلاك جمع عظيم من المسلمين منسوبا إلى رأى امرأة أراد أن ينبّه على وجوه نقصان النساء و أسبابه فذكر نقصانهنّ من وجوه ثلاثة:
أحدها: كونهنّ نواقص الايمان
و أشار إلى جهة النقص فيه بقعود إحديهنّ عن الصلاة و الصوم أيّام الحيض، و لمّا كان الصوم و الصلاة من كمال الإيمان و متمّمات الرياضة كان قعودهنّ عن الارتياض بالصوم و الصلاة في تلك الأيّام نقصانا لايمانهنّ، و إنّما رفعت الشريعة التكليف عنهنّ بالعبادتين المذكورتين لكونهنّ في حال مستقذرة لا يتأهّل صاحبها للوقوف بين يدي الملك الجبّار، و يعقل للصوم وجه آخر و هو أنّه يزيد الحائض إلى ضعفها ضعفا بخروج الدم. و أسرار الشريعة أدقّ و أجلّ أن يطّلع عليها عقول ساير الخلق.
الثاني: كونهنّ نواقص حظّ
و أشار إلى جهة نقصانه بأنّ ميراثهنّ على النصف من ميراث الرجال كما قال تعالى يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ يُوصِيكُمُ«» و الّذي يلوح من سرّ ذلك كثرة المئونة على الرجل و هو أهل التصرّف و كون المرأة من شأنها أن تكون مكفولة محتاجة إلى قيّم هولها كالخادم.
الثالث: كونهنّ نواقص عقول
و لذلك سبب من داخل و هو نقصان استعداد أمزجتهنّ، و قصورهنّ عن قبول تصرّف العقل كما يقبله مزاج الرجل كما نبّه تعالى عليه بقوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَ لْيَكْتُبْ«» فإنّه نبّه على ضعف القوّة الذاكرة فيهنّ، و لذلك جعل شهادة امرأتين بشهادة رجل واحد، و له أيضا سبب عارض من خارج و هو قلّة معاشرتهنّ لأهل العقل و التصرّفات و قلّة رياضتهنّ لقواهنّ الحيوانيّة بلزوم القوانين العقليّة في تدبير أمر المعاش و المعاد و لذلك كانت أحكام القوى الحيوانيّة فيهنّ أعلب على أحكام عقولهنّ فكانت المرأة أرّق و أبكى و أحسد و ألجّ و أبغى و أجزع و أوقح و أكذب و أمكر و أقبل للمكر و أذكر لمحقّرات الامور و لكونها بهذه الصفة اقتضت الحكمة الإلهيّة أن يكون عليها حاكم و مدبّر تعيش بتدبيره و هو الرجل فقال تعالى الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ«» و لشدّة قبولها للمكر و قلّة طاعتها للعقل مع كونها مشتركة و داعية إلى نفسها اقتضت أيضا أن يسنّ في حقّها التستّر و التخدّر.
و قوله: فاتّقوا شرار النساء و كونوا من خيارهنّ على حذر.
لمّا نبّه على جهة نقصانهنّ، و قد علمت أنّ النقضان يستلزم الشرّ لا جرم نفّر عنهنّ فأمر أوّلا بالخشية من شرارهنّ و هو يستلزم الأمر بالهرب منهنّ و عدم مقاربتهنّ فأمّا خيارهنّ فإنّه أمر بالكون منهنّ على حذر. و يفهم من ذلك أنّه لا بدّ من مقاربتهنّ، و كان الإنسان إنّما يختار مقاربة الخيرة منهنّ فينبغى أن يكون معها على تحرّز و تثبّت في سياستها و سياسة نفسه معها إذ لم تكن الخيرة منهنّ خيرة إلّا بالقياس إلى الشريرة. ثمّ نهى عن طاعتهنّ بالمعروف كيلا يطمعن في المنكر، و أشار به إلى طاعتهنّ فيما يشرن به و يأمرن مطلقا و إن كان معروفا صوابا، و فيما يطلبنه من زيادة المعروف و الإحسان إليهنّ و إكرامهنّ بالزينة و نحوها فإنّ طاعة امرائهنّ فيما يشرون من معروف تدعوهنّ إلى الشور بما لا ينبغي، و التسلّط على الأمر به فإن فعل فليفعل لأنّه معروف لا لأنّه مقتضى رأيهنّ. و زيادة إكرامهنّ من مقوّيات دواعى الشهوة و الشرّ فيهنّ حتّى ينتهى بهنّ الطمع إلى الاقتراح و طلب الخروج إلى المواضع الّتي يرى فيها زينتهنّ و نحو ذلك إذ العقل مغلوب فيهنّ بدواعى الشهوات. و في المثل المشهور: لا تعط عبدك كراعا فيأخذ ذراعا. و روى: أنّ رسول صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان يخطب يوم عيد فالتفت إلى صفوف النساء فقال: معاشر النساء تصدّقن فإنّى رأيتكنّ أكثر أهل النار عددا. فقالت واحدة منهنّ: و لم يا رسول اللّه فقال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: لأنكنّ تكثرن اللعن، و تكفرن العشير، و تمكث إحديكنّ شطر عمرها لا تصوم و لا تصلّى.
شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحرانی)، ج 2 ، صفحهى 223