77 و من كلمات كان ع يدعو بها
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي- فَإِنْ عُدْتُ فَعُدْ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا وَأَيْتُ مِنْ نَفْسِي وَ لَمْ تَجِدْ لَهُ وَفَاءً عِنْدِي- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ بِلِسَانِي- ثُمَّ خَالَفَهُ قَلْبِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رَمَزَاتِ الْأَلْحَاظِ- وَ سَقَطَاتِ الْأَلْفَاظِ وَ سَهَوَاتِ الْجَنَانِ وَ هَفَوَاتِ اللِّسَانِ وأيت أي وعدت و الوأي الوعد- و رمزات الألحاظ الإشارة بها- و الألحاظ جمع لحظ بفتح اللام و هو مؤخر العين- و سقطات الألفاظ لغوها و سهوات الجنان غفلاته- و الجنان القلب و هفوات اللسان زلاته- . و في هذا الموضع يقال ما فائدة الدعاء عندكم- و القديم تعالى إنما يغفر الصغائر- لأنها تقع مكفرة فلا حاجة إلى الدعاء بغفرانها- و لا يؤثر الدعاء أيضا في أفعال الباري سبحانه- لأنه إنما يفعل بحسب المصالح- و يرزق المال و الولد و غير ذلك- و يصرف المرض و الجدب- و غيرهما بحسب ما يعلمه من المصلحة- فلا تأثير للدعاء في شيء من ذلك- . و الجواب أنه لا يمتنع أن يحسن الدعاء بما يعلم- أن القديم يفعله لا محالة و يكون وجه حسنه- صدوره عن المكلف على سبيل الانقطاع إلى الخالق سبحانه- .
و يجوز أيضا أن يكون في الدعاء نفسه- مصلحة و لطف للمكلف- لقد حسن منا الاستغفار للمؤمنين- و الصلاة على الأنبياء و الملائكة- . و أيضا فليس كل أفعال البارئ سبحانه واجبة عليه- بل معظمها ما يصدر على وجه الإحسان و التفضل- فيجوز أن يفعله و يجوز ألا يفعله- . فإن قلت فهل يسمى فعل الواجب الذي لا بد للقديم تعالى- من فعله إجابة لدعاء المكلف- . قلت لا- و إنما يسمى إجابة إذا فعل سبحانه ما يجوز أن يفعله- و يجوز ألا يفعله كالتفضل- و أيضا فإن اللطف و المصلحة- قد يكون لطفا و مصلحة في كل حال- و قد يكون لطفا عند الدعاء- و لو لا الدعاء لم يكن لطفا- و ليس بممتنع في القسم الثاني أن يسمى إجابة للدعاء- لأن للدعاء على كل حال تأثيرا في فعله- . فإن قيل أ يجوز أن يدعو النبي ص بدعاء فلا يستجاب له- .
قيل إن من شرط حسن الدعاء- أن يعلم الداعي حسن ما طلبه بالدعاء- و إنما يعلم حسنه بألا يكون فيه وجه قبح ظاهر- و ما غاب عنه من وجوه القبح- نحو كونه مفسدة يجب أن يشترطه في دعائه- و يطلب ما يطلبه بشرط ألا يكون مفسدة- و إن لم يظهر هذا الشرط في دعائه وجب أن يضمره في نفسه- فمتى سأل النبي ربه تعالى أمرا فلم يفعله لم يجز أن يقال- إنه ما أجيبت دعوته- لأنه يكون قد سأل بشرط ألا يكون مفسدة- فإذا لم يقع ما يطلبه- فلأن المطلوب قد علم الله فيه- من المفسدة ما لم يعلمه النبي ص- فلا يقال إنه ما أجيب دعاؤه لأن دعاءه كان مشروطا- و إنما يصدق قولنا ما أجيب دعاؤه- على من طلب أمرا طلبا مطلقا غير مشروط فلم يقع- و النبي ص لا يتحقق ذلك في حقه
من أدعية رسول الله المأثورة
و نحن نذكر في هذا الموضع جملة- من الأدعية المأثورة طلبا لبركتها- و لينتفع قارئ الكتاب بهاكان من دعاء رسول الله ص إذا أصبح أن يقول أصبحنا و أصبح الملك و الكبرياء- و العظمة و الجلال و الخلق و الأمر و الليل و النهار- و ما يسكن فيهما لله عز و جل وحده لا شريك له- اللهم اجعل أول يومي هذا صلاحا- و أوسطه فلاحا و آخره نجاحا- اللهم إني أسألك خير الدنيا و الآخرة- يا أرحم الراحمين- اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا و بين معاصيك- و من طاعتنا ما تبلغنا به رحمتك- و من اليقين ما تهون به علينا مصيبات الدنيا- اللهم متعنا بأسماعنا و أبصارنا- و اجعلهما الوارث منا و انصرنا على من ظلمنا- و لا تجعل مصيبتنا في ديننا- و لا تجعل الدنيا أكبر همنا و لا مبلغ علمنا- و لا تسلط علينا من لا يرحمنا
من أدعية الصحيفة
و من دعاء أمير المؤمنين ع- و كان يدعو به زين العابدين علي بن الحسين ع- و هو من أدعية الصحيفة يا من يرحم من لا يرحمه العباد- و يا من يقبل من لا تقبله البلاد- و يا من لا يحتقر أهل الحاجة إليه- يا من لا يجبه بالرد أهل الإلحاح إليه- يا من لا يخفى عليه صغير ما يتحف به- و لا يضيع يسير ما يعمل له- يا من يشكر على القليل و يجازي بالجليل- يا من يدنو إلى من دنا منه- يا من يدعو إلى نفسه من أدبر عنه- يا من لا يغير النعمة و لا يبادر بالنقمة- يا من يثمر الحسنة حتى ينميها- و يتجاوز عن السيئة حتى يعفيها- انصرفت دون مدى كرمك الحاجات- و امتلأت ببعض جودك أوعية الطلبات- و تفسخت دون بلوغ نعتك الصفات- فلك العلو الأعلى فوق كل عال- و الجلال الأمجد فوق كل جلال- كل جليل عندك حقير و كل شريف في جنب شرفك صغير- خاب الوافدون على غيرك- و خسر المتعرضون إلا لك و ضاع الملمون إلا بك- و أجدب المنتجعون إلا من انتجع فضلك- لأنك ذو غاية قريبة من الراغبين- و ذو مجد مباح للسائلين لا يخيب لديك الآملون- و لا يخفق من عطائك المتعرضون- و لا يشقى بنقمتك المستغفرون- رزقك مبسوط لمن عصاك و حلمك معرض لمن ناواك- و عادتك الإحسان إلى المسيئين- و سنتك الإبقاء على المعتدين- حتى لقد غرتهم أناتك عن النزوع- و صدهم إمهالك عن الرجوع- و إنما تأنيت بهم ليفيئوا إلى أمرك- و أمهلتهم ثقة بدوام ملكك- فمن كان من أهل السعادة ختمت له بها- و من كان من أهل الشقاوة خذلته لها- .
كلهم صائر إلى رحمتك و أمورهم آئلة إلى أمرك- لم يهن على طول مدتهم سلطانك- و لم تدحض لترك معاجلتهم حججك- حجتك قائمة و سلطانك ثابت- فالويل الدائم لمن جنح عنك- و الخيبة الخاذلة لمن خاب أمله منك- و الشقاء الأشقى لمن اغتر بك- ما أكثر تقلبه في عذابك و ما أعظم تردده في عقابك- و ما أبعد غايته من الفرج- و ما أثبطه من سهولة المخرج- عدلا من قضائك لا تجور فيه- و إنصافا من حكمك لا تحيف عليه- قد ظاهرت الحجج و أزلت الأعذار- و تقدمت بالوعيد و تلطفت في الترغيب- و ضربت الأمثال و أطلت الإمهال- و أخرت و أنت تستطيع المعاجلة- و تأنيت و أنت مليء بالمبادرة- لم تك أناتك عجزا و لا حلمك وهنا- و لا إمساكك لعلة و لا انتظارك لمداراة- بل لتكون حجتك الأبلغ و كرمك الأكمل- و إحسانك الأوفى و نعمتك الأتم-كل ذلك كان و لم يزل و هو كائن لا يزول- نعمتك أجل من أن توصف بكلها- و مجدك أرفع من أن يحد بكنهه- و إحسانك أكبر من أن يشكر على أقله- فقد أقصرت ساكتا عن تحميدك- و تهيبت ممسكا عن تمجيدك- لا رغبة يا إلهي عنك بل عجزا- و لا زهدا فيما عندك بل تقصيرا- و ها أنا ذا يا إلهي أؤمل بالوفادة- و أسألك حسن الرفادة فاسمع ندائي و استجب دعائي- و لا تختم عملي بخيبتي و لا تجبهني بالرد في مسألتي- و أكرم من عندك منصرفي إنك غير ضائق عما تريد- و لا عاجز عما تشاء و أنت على كل شيء قدير
و من أدعيته ع
و هو من أدعية الصحيفة أيضا اللهم يا من برحمته يستغيث المذنبون- و يا من إلى إحسانه يفزع المضطرون- و يا من لخيفته ينتحب الخاطئون- يا أنس كل مستوحش غريب- يا فرج كل مكروب حريب- يا عون كل مخذول فريد- يا عائذ كل محتاج طريد- أنت الذي وسعت كل شيء رحمة و علما- و أنت الذي جعلت لكل مخلوق في نعمتك سهما- و أنت الذي عفوه أعلى من عقابه- و أنت الذي رحمته أمام غضبه- و أنت الذي إعطاؤه أكبر من منعه- و أنت الذي وسع الخلائق كلهم بعفوه- و أنت الذي لا يرغب في غنى من أعطاه- و أنت الذي لا يفرط في عقاب من عصاه- . و أنا يا سيدي عبدك الذي أمرته بالدعاء- فقال لبيك و سعديك- و أنا يا سيدي عبدك الذي أوقرت الخطايا ظهره- و أنا الذي أفنت الذنوب عمره و أنا الذي بجهله عصاك- و لم يكن أهلا منه لذلك- فهل أنت يا مولاي راحم من دعاك فاجتهد في الدعاء- أم أنت غافر لمن بكى لك فأسرع في البكاء- أم أنت متجاوز عمن عفر لك وجهه متذللا- أم أنت مغن من شكا إليك فقره متوكلا-
اللهم فلا تخيب من لا يجد معطيا غيرك- و لا تخذل من لا يستغني عنك بأحد دونك- اللهم لا تعرض عني و قد أقبلت عليك- و لا تحرمني و قد رغبت إليك- و لا تجبهني بالرد و قد انتصبت بين يديك- أنت الذي وصفت نفسك بالرحمة- و أنت الذي سميت نفسك بالعفو فارحمني و اعف عني- فقد ترى يا سيدي فيض دموعي من خيفتك- و وجيب قلبي من خشيتك و انتفاض جوارحي من هيبتك- كل ذلك حياء منك بسوء عملي- و خجلا منك لكثرة ذنوبي- قد كل لساني عن مناجاتك- و خمد صوتي عن الدعاء إليك- يا إلهي فكم من عيب سترته علي فلم تفضحني- و كم من ذنب غطيت عليه فلم تشهر بي- و كم من عائبة ألممت بها فلم تهتك عني سترها- و لم تقلدني مكروها شنارها- و لم تبد علي محرمات سوآتها- فمن يلتمس معايبي من جيرتي و حسدة نعمتك عندي- ثم لم ينهني ذلك حتى صرت إلى أسوإ ما عهدت مني- فمن أجهل مني يا سيدي برشدك- و من أغفل مني عن حظه منك- و من أبعد مني من استصلاح نفسه- حين أنفقت ما أجريت علي من رزقك- فيما نهيتني عنه من معصيتك- و من أبعد غورا في الباطل- و أشد إقداما على السوء مني- حين أقف بين دعوتك و دعوة الشيطان- فأتبع دعوته على غير عمى عن المعرفة به- و لا نسيان من حفظي له- و أنا حينئذ موقن أن منتهى دعوتك الجنة- و منتهى دعوته النار- سبحانك فما أعجب ما أشهد به على نفسي- و أعدده من مكنون أمري- و أعجب من ذلك أناتك عني و إبطاؤك عن معاجلتي- و ليس ذلك من كرمي عليك- بل تأتيا منك بي و تفضلا منك علي- لأن أرتدع عن خطئي- و لأن عفوك أحب إليك من عقوبتي- بل أنا يا إلهي أكثر ذنوبا و أقبح آثارا و أشنع أفعالا- و أشد في الباطل تهورا- و أضعف عند طاعتك تيقظا- و أغفل لوعيدك انتباها- من أن أحصي لك عيوبي و أقدر على تعديد ذنوبي- و إنما أوبخ بهذا نفسي طمعا في رأفتك التي- بها إصلاح أمر المذنبين- و رجاء لعصمتك التي بها فكاك رقاب الخاطئين- اللهم و هذه رقبتي قد أرقتها الذنوب فأعتقها بعفوك- و قد أثقلتها الخطايا فخفف عنها بمنك-
اللهم إني لو بكيت حتى تسقط أشفار عيني- و انتحبت حتى ينقطع صوتي- و قمت لك حتى تنتشر قدماي- و ركعت لك حتى ينجذع صلبي- و سجدت لك حتى تتفقأ حدقتاي- و أكلت التراب طول عمري- و شربت ماء الرماد آخر دهري- و ذكرتك في خلال ذلك حتى يكل لساني- ثم لم أرفع طرفي إلى آفاق السماء استحياء منك- لما استوجبت بذلك محو سيئة واحدة من سيئاتي- فإن كنت تغفر لي حين أستوجب مغفرتك- و تعفو عني حين أستحق عفوك- فإن ذلك غير واجب لي بالاستحقاق- و لا أنا أهل له على الاستيجاب- إذ كان جزائي منك من أول ما عصيتك النار- فإن تعذبني فإنك غير ظالم-
إلهي فإن تغمدتني بسترك فلم تفضحني- و أمهلتني بكرمك فلم تعاجلني- و حلمت عني بتفضلك فلم تغير نعمك علي- و لم تكدر معروفك عندي- فارحم طول تضرعي و شدة مسكنتي و سوء موقفي- اللهم صل على محمد و آل محمد- و أنقذني من المعاصي و استعملني بالطاعة- و ارزقني حسن الإنابة و طهرني بالتوبة- و أيدني بالعصمة و استصلحني بالعافية- و ارزقني حلاوة المغفرة و اجعلني طليق عفوك- و اكتب لي أمانا من سخطك- و بشرني بذلك في العاجل دون الآجل بشرى أعرفها- و عرفني له علامة أتبينها- أن ذلك لا يضيق عليك في وجدك- و لا يتكاءدك في قدرتك- و أنت على كل شيء قدير
و من أدعيته ع و هو من أدعية الصحيفة
اللهم يا ذا الملك المتأبد بالخلود و السلطان- الممتنع بغير جنود و المعز الباقي على مر الدهور- عز سلطانك عزا لا حد له و لا منتهى لآخره- و استعلى ملكك علوا سقطت الأشياء دون بلوغ أمده- و لا يبلغ أدنى ما استأثرت به من ذلك- نعوت أقصى نعت الناعتين ضلت فيك الصفات- و تفسخت دونك النعوت- و حارت في كبريائك لطائف الأوهام- كذلك أنت الله في أوليتك- و على ذلك أنت دائم لا تزول- و كذلك أنت الله في آخريتك- و كذلك أنت ثابت لا تحول- و أنا العبد الضعيف عملا الجسيم أملا- خرجت من يدي أسباب الوصلات إلى رحمتك- و تقطعت عني عصم الآمال إلا ما أنا معتصم به من عفوك- قل عندي ما أعتد به من طاعتك- و كثر عندي ما أبوء به من معصيتك- و لن يفوتك عفو عن عبدك و إن أساء فاعف عني-
اللهم قد أشرف على كل خطايا الأعمال علمك- و انكشف كل مستور عند خبرك- فلا ينطوي عنك دقائق الأمور- و لا يعزب عنك خفايا السرائر- و قد هربت إليك من صغائر ذنوب موبقة- و كبائر أعمال مردية- فلا شفيع يشفع لي إليك و لا خفير يؤمنني منك- و لا حصن يحجبني عنك و لا ملاذ ألجأ إليه غيرك- هذا مقام العائذ بك و محل المعترف لك- فلا يضيقن عني فضلك و لا يقصرن دوني عفوك- و لا أكون أخيب عبادك التائبين- و لا أقنط وفودك الآملين- و اغفر لي إنك خير الغافرين-
اللهم إنك أمرتني فغفلت و نهيتني فركبت- و هذا مقام من استحيا لنفسه منك- و سخط عليها و رضي عنك- و تلقاك بنفس خاشعة- و عين خاضعة و ظهر مثقل من الخطايا- واقفا بين الرغبة إليك و الرهبة منك- و أنت أولى من رجاه و أحق من خشيه و اتقاه-فأعطني يا رب ما رجوت و أمني ما حذرت- و عد علي بفضلك و رحمتك إنك أكرم المسئولين-
اللهم و إذ سترتني بعفوك- و تغمدتني بفضلك في دار الفناء- فأجرني من فضيحات دار البقاء عند مواقف الأشهاد- من الملائكة المقربين- و الرسل المكرمين و الشهداء الصالحين- من جار كنت أكاتمه سيئاتي- و من ذي رحم كنت أحتشم منه لسريراتي- لم أثق بهم في الستر علي و وثقت بك في المغفرة لي- و أنت أولى من وثق به و أعطى من رغب إليه- و أرأف من استرحم فارحمني-
اللهم إني أعوذ بك من نار تغلظت بها على من عصاك- و أوعدت بها من ضارك و ناواك و صدف عن رضاك- و من نار نورها ظلمة و هينها صعب و قريبها بعيد- و من نار يأكل بعضها بعضا و يصول بعضها على بعض- و من نار تذر العظام رميما و تسقي أهلها حميما- و من نار لا تبقى على من تضرع و لا ترحم من استعطفها- و لا تقدر على التخفيف عمن خشع لها و استبتل إليها- تلقى سكانها بأحر ما لديها- من أليم النكال و شديد الوبال-
اللهم بك أعوذ من عقاربها الفاغرة أفواهها- و حياتها الناهشة بأنيابها- و شرابها الذي يقطع الأمعاء و يذيب الأحشاء- و أستهديك لما باعد عنها و أنقذ منها- فأجرني بفضل رحمتك و أقلني عثرتي بحسن إقالتك- و لا تخذلني يا خير المجيرين- اللهم صل على محمد و آل محمد إذا ذكر الأبرار- و صل على محمد و آل محمد ما اختلف الليل و النهار- صلاة لا ينقطع مددها و لا يحصى عددها- صلاة تشحن الهواء و تملأ الأرض و السماء- صل اللهم عليه و عليهم حتى ترضى- و صل عليه و عليهم بعد الرضا صلاة لا حد لها و لا منتهى- يا أرحم الراحمين
و من دعائه ع و هو من أدعية الصحيفة
اللهم إني أعوذ بك من هيجان الحرص و سورة الغضب- و غلبة الحسد و ضعف الصبر- و قلة القناعة و شكاسة الخلق- و إلحاح الشهوة و ملكة الحمية و متابعة الهوى- و مخالفة الهدى و سنة الغفلة و تعاطي الكلفة- و إيثار الباطل على الحق و الإصرار على المآثم- و الاستكثار من المعصية و الإقلال من الطاعة- و مباهات المكثرين و الإزراء على المقلين- و سوء الولاية على من تحت أيدينا- و ترك الشكر لمن اصطنع العارفة عندنا و أن نعضد ظالما- أو نخذل ملهوفا أو نروم ما ليس لنا بحق- أو نقول بغير علم و نعوذ بك أن ننطوي على غش لأحد- و أن نعجب بأموالنا و أعمالنا و أن نمد في آمالنا- و نعوذ بك من سوء السريرة و احتقار الصغيرة- و أن يستحوذ علينا الشيطان أو يشتد لنا الزمان- أو يتهضمنا السلطان و نعوذ بك من حب الإسراف- و فقدان الكفاف و من شماتة الأعداء- و الفقر إلى الأصدقاء و من عيشة في شدة- أو موت على غير عدة- و نعوذ اللهم بك من الحسرة العظمى و المصيبة الكبرى- و من سوء المآب و حرمان الثواب و حلول العقاب- اللهم أعذنا من كل ذلك برحمتك و منك و جودك- إنك على كل شيء قديرو من دعائه ع و تحميده-
و ذكره النبي ص- و هو من أدعية الصحيفة أيضا الحمد لله بكل ما حمده أدنى ملائكته إليه- و أكرم خلقه عليه و أرضى حامديه لديه- حمدا يفضل سائر الحمد كفضل ربنا جل جلاله على جميع خلقه- ثم له الحمد مكان كل نعمة له علينا- و على جميع عباده الماضين و الباقين- عدد ما أحاط به علمه و من جميع الأشياء أضعافا مضاعفة- أبدا سرمدا إلى يوم القيامة- و إلى ما لا نهاية له من بعد القيامة- حمدا لا غاية لحده و لا حساب لعده- و لا مبلغ لأعداده و لا انقطاع لآماده- حمدا يكون وصلة إلى طاعته- و سببا إلى رضوانه و ذريعة إلى مغفرته- و طريقا إلى جنته و خفيرا من نقمته و أمنا من غضبه- و ظهيرا على طاعته و حاجزا عن معصيته- و عونا على تأدية حقه و وظائفه- حمدا نسعد به في السعداء من أوليائه- و ننتظم به في نظام الشهداء بسيوف أعدائه- و الحمد لله الذي من علينا بنبيه محمد ص- دون الأمم الماضية و القرون السالفة- لقدرته التي لا تعجز عن شيء و إن عظم- و لا يفوتها شيء و إن لطف-
اللهم فصل على محمد أمينك على وحيك- و نجيك من خلقك و صفيك من عبادك- إمام الرحمة و قائد الخير و مفتاح البركة- كما نصب لأمرك نفسه و عرض فيك للمكروه بدنه- و كاشف في الدعاء إليك حاسته و حارب في رضاك أسرته- و قطع في نصرة دينك رحمه- و أقصى الأدنين على عنودهم عنك- و قرب الأقصين على استجابتهم لك- و والى فيك الأبعدين و عاند فيك الأقربين- و أدأب نفسه في تبليغ رسالتك- و أتعبها في الدعاء إلى ملتك- و شغلها بالنصح لأهل دعوتك- و هاجر إلى بلاد الغربة و محل النأي عن موطن رحله- و موضع رجله و مسقط رأسه و مأنس نفسه- إرادة منه لإعزاز دينك و استنصارا على أهل الكفر بك- حتى استتب له ما حاول في أعدائك- و استتم له ما دبر في أوليائك- فنهد إلى المشركين بك مستفتحا بعونك- و متقويا على ضعفه بنصرك فغزاهم في عقر ديارهم- و هجم عليهم في بحبوحة قرارهم حتى ظهر أمرك- و علت كلمتك و قد كره المشركون- اللهم فارفعه بما كدح فيك- إلى الدرجة العليا من جنتك حتى لا يساوى في منزلة- و لا يكافأ في مرتبة- و لا يوازيه لديك ملك مقرب و لا نبي مرسل- و عرفه في أمته منحسن الشفاعة أجل ما وعدته- يا نافذ العدة يا وافي القول- يا مبدل السيئات بأضعافها من الحسنات- إنك ذو الفضل العظيم
من الأدعية المأثورة عن عيسى ع
و من الأدعية المروية عن عيسى ابن مريم ع اللهم أنت إله من في السماء و إله من في الأرض- لا إله فيهما غيرك- و أنت حكيم من في السماء و حكيم من في الأرض- لا حكيم فيهما غيرك- و أنت ملك من في السماء و ملك من في الأرض- لا ملك فيهما غيرك- قدرتك في السماء كقدرتك في الأرض- و سلطانك في السماء كسلطانك في الأرض- أسألك باسمك الكريم و وجهك المنير- و ملكك القديم أن تفعل بي كذا و كذا
من الأدعية المأثورة عن بعض الصالحين
و كان بعض الصالحين يدعو فيقول- اللهم لا تدخلنا النار بعد أن أسكنت قلوبنا توحيدك- و إني لأرجو ألا تفعل- و إن فعلت لتجمعن بيننا و بين قوم عاديناهم فيك- و من دعاء بعضهم- اللهم إنك لم تشرك في خلقنا غيرك- فلا تشرك في الإحسان إلينا غيرك- اللهم لا رب لنا غيرك فلا تجعل حاجتنا عند غيرك- اللهم إنا لا نعبد غيرك فلا تسلط علينا غيرك- قام أعرابي على قبر رسول الله ص فقال-بأبي أنت و أمي يا رسول الله- قلت فقبلنا و تلوت فوعينا ثم ظلمنا أنفسنا- و قرأنا فيما أتيتنا به عن ربنا- وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ- فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ- لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً-
اللهم إنا قد جئنا رسولك و نحن نستغفرك- و نسأل رسولك أن يستغفر لنا خطايانا- فاغفر لنا و تب علينا- . فيقال إن إنسانا حضر ذلك الدعاء- فرأى تلك الليلة رسول الله ص في منامه يقول له- أبلغ الأعرابي أن الله قد غفر له- . و من أدعية بعض الصالحين- اللهم إني لم آتك بعمل صالح قدمته- و لا شفاعة مخلوق رجوته- أتيتك مقرا بالظلم و الإساءة على نفسي أتيتك بلا حجة- أتيتك أرجو عظيم عفوك الذي عدت به على الخاطئين- ثم لم يمنعك عكوفهم على عظيم الجرم- أن جدت لهم بالمغفرة- فيا صاحب العفو العظيم اغفر الذنب العظيم- برحمتك يا أرحم الراحمين-
و روي أن عليا ع اعتمر- فرأى رجلا متعلقا بأستار الكعبة- و هو يقول يا من لا يشغله سمع عن سمع- يا من لا تقلقه المسائل و لا يبرمه إلحاح الملحين- أذقني برد عفوك و حلاوة مغفرتك- و عذوبة عافيتك و الفوز بالجنة و النجاة من النار- فقال علي ع و الذي نفسي بيده- إن قالها و عليه مثل السموات و الأرض- من الذنوب قولا مخلصا ليغفرن له- .
و دعا أعرابي عند الملتزم فقال- اللهم إن لك علي حقوقا فتصدق بها علي- و إن للناس قبلي تبعات فتحملها عني- و قد أوجبت لكل ضيف قرى و أنا ضيفك الليلة- فاجعل قراي الجنة- .
و دعا بعض الأعراب أيضا و قد خرج حاجا فقال-
اللهم إليك خرجت و ما عندك طلبت- فلا تحرمني خير ما عندك لشر ما عندي- اللهم إن كنت لم ترحم تعبي و نصبي- فإنها لمصيبة أصبت بها- فلا تحرمني أجر المصاب على المصيبة- . و دعا بعضهم فقال- اللهم إنك سترت علينا في الدنيا ذنوبا كثيرة- و نحن إلى سترها في الآخرة أحوج فاغفر لنا- . و من دعاء بعضهم اللهم اجعل الموت خير غائب ننتظره- و اجعل القبر خير بيت نعمره- و اجعل ما بعده خيرا لنا منه- اللهم إليك عجت الأصوات بصنوف اللغات- تسألك الحاجات- و حاجتي إليك أن تذكرني عند طول البلى- إذا نسيني أهل الدنيا- .
و قال بعضهم كنت أدعو الله بعد وفاة مالك بن دينار- أن أراه في منامي فرأيته بعد سنة- فقلت يا أبا يحيى علمني كيف أدعو- فقال قل اللهم يسر الجواز و سهل المجاز- . و قال الشعبي حسدت عبد الملك بن مروان- على دعاء كان يدعو به على المنبر- يقول اللهم إن ذنوبي كثيرة جلت أن توصف- و هي صغيرة في جنب عفوك فاعف عني- . و من دعاء بعض الزهاد- اللهم إني أعوذ بك من أهل يلهيني و من هوى يرديني- و من عمل يخزيني و من صاحب يغويني و من جار يؤذيني- و من غنى يطغيني و من فقر ينسيني- اللهم اجعلنا نستحييك و نتقيك و نخافك و نخشاك- و نرجوك و نطيعك في السر و العلانية- اللهم استرنا بالمعافاة و الغنى- أستعين الله على أموري و أستغفر الله لذنوبي- و أعوذ بك من شر نفسي- .
و يروى أن رجلا أعمى جاء إلى رسول الله ص فشكا إليه ذهاب بصره- فقال ص له قل يا سبوح يا قدوس- يا نور الأنوار يا نور السموات و الأرض- يا أول الأولين و يا آخر الآخرين و يا أرحم الراحمين- أسألك أن تغفر لي الذنوب التي تغير النعم- و الذنوب التي تنزل النقم- و الذنوب التي تهتك العصم- و الذنوب التي توجب البلاء- و الذنوب التي تقطع الرجاء- و الذنوب التي تحبس الدعاء- و الذنوب التي تكشف الغطاء- و الذنوب التي تعجل الفناء- و الذنوب التي تظلم الهواء- و أسألك باسمك العظيم- و وجهك الكريم أن ترد علي بصري- فدعا بذلك فرد عليه بصره
و من الآثار المنقولة-
أن الله تعالى غضب على أمة فأنزل عليهم العذاب- و كان فيهم ثلاثة صالحون- فخرجوا و ابتهلوا إلى الله سبحانه- فقام أحدهم فقال- اللهم إنك أمرتنا أن نعتق أرقاءنا و نحن أرقاؤك- فاعتقنا ثم جلس و قام الثاني فقال- اللهم إنك أمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا- و قد ظلمنا أنفسنا فاعف عنا ثم جلس- و قام الثالث فقال- اللهم أنا على ثقة أنك لم تخلق خلقا أوسع من مغفرتك- فاجعل لنا في سعتها نصيبا فرفع عنهم العذاب- .
قيل لسفيان بن عيينة ما حديث رويته عن رسول الله ص أفضل دعاء أعطيته أنا و النبيون قبلي- أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له- له الملك و له الحمد يحيي و يميت و هو حي لا يموت- بيده الخير و هو على كل شيء قدير- كأنهم لم يروه دعاء فقال ما تنكرون من هذا-
ثم روي لهم قول رسول الله ص من تشاغل بالثناء على الله- أعطاه الله فوق رغبة السائلين- ثم قال هذا أمية بن أبي الصلت يقول لابن جدعان-
أ أذكر حاجتي أم قد كفاني
حياؤك إن شيمتك الحياء
إذا أثنى عليك المرء يوما
كفاه من تعرضه الثناء
و قال هذا مخلوق يقول لمخلوق فما ظنكم برب العالمين- .و من دعائه ص اللهم إني أعوذ بك من الفقر إلا إليك- و من الذل إلا لكو من دعائه ع اللهم ارزقني عينين هطالتين- تسقيان القلوب مذروف الدموع- قبل أن يكون الدمع دما و قرع الضرس ندماو من دعائه ع اللهم طهر لساني من الكذب و قلبي من النفاق- و عملي من الرياء و بصري من الخيانة- فإنك تعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدورو مما رواه أنس بن مالك لا تعجزوا عن الدعاء فإنه لن يهلك مع الدعاء أحدو من رواية جابر بن عبد الله لقد بارك الله للرجل في الحاجة بكثرة الدعاء فيها- أعطيها أو منعهاأبو هريرة يرفعه اللهم أصلح لي في ديني الذي هو عصمة أمري- و أصلح لي دنياي التي فيها معاشي- و أصلح لي آخرتي التي إليها معادي- و اجعل الحياة زيادة لي في كل خير- و الموت راحة لي من كل شر- .
قيل لأعرابي أ تحسن أن تدعو ربك فقال نعم- ثم دعا فقال اللهم إنك مننت علينا بالإسلام- من غير أن نسألك- فلا تحرمنا الجنة و نحن نسألك سمعت أعرابية تقول في دعائها- يا عريض الجفنة يا أبا المكارم يا أبيض الوجه- فزجرها رجل فقالت دعوني أصف ربي بما يستحقه- .و كان موسى بن جعفر ع يقول في سجوده آخر الليل إلهي عظم الذنب من عبدك- فليحسن العفو من عندك- . ذكر عند بعض الصالحين رجل قد أصابه بلاء عظيم- و هو يدعو فتبطئ عنه الإجابة- فقال بلغني أن الله تعالى يقول- كيف أرحم المبتلى من شيء أرحمه به-قال طاوس إني لفي الحجر ليلة إذ دخل علي بن الحسين ع- فقلت رجل صالح من أهل بيت صالح لأسمعن دعاءه- فسمعته يقول في أثناء دعائه عبدك بفنائك- سائلك بفنائك مسكينك بفنائك- فما دعوت بهن في كرب إلا و فرج عني عمر بن ذر اللهم إن كنا عصيناك- فقد تركنا من معاصيك أبغضها إليك و هو الإشراك- و إن كنا قصرنا عن بعض طاعتك- فقد تمسكنا منها بأحبها إليك- و هو شهادة أن لا إله إلا أنت- و أن رسلك جاءت بالحق من عندك- .
أعرابي اللهم إنا نبات نعمتك- فلا تجعلنا حصائد نقمتك- . بعضهم اللهم إن كنت قد بلغت أحدا- من عبادك الصالحين درجة ببلاء فبلغنيها بالعافية- . حج أعرابي فكان لا يستغفر إذا صلى كما يستغفر الناس- فقيل له فقال كما أن تركي الاستغفار مع ما أعلم- من عفو الله و رحمته ضعف- فكذلك استغفاري مع ما أعلم من إصراري لؤم- . لما صاف قتيبة بن مسلم الترك و هاله أمرهم- سأل عن محمد بن واسع- فقيل هو في أقصى الميمنة جانحا على سية قوسه- مبصبصا بإصبعه نحو السماء- فقال قتيبة لتلك الإصبع القارورة- أحب إلي من مائة ألف سيف شهير و رمح طرير- . سمع مطرف بن الشخير صيحة الناس بالدعاء- فقال لقد هممت أن أحلف أن الله غفر لهم- ثم ذكرت أني فيهم فكففت- . كان المأمون إذا رفعت المائدة من بين يديه يقول- الحمد لله الذي جعل أرزاقنا أكثر من أقواتنا- . الحسن البصري من دخل المقبرة- فقال اللهم رب الأرواح العالية و الأجساد البالية-و العظام النخرة التي خرجت من الدنيا و هي مؤمنة بك- أدخل عليهم روحا منك و سلاما مني- كتب الله له بعدد من ولد- منذ زمن آدم إلى أن تقوم الساعة حسنات- .
علي ع الدعاء سلاح المؤمن و عماد الدين- و نور السموات و الأرض- . قيل إن فيما أنزله الله تعالى من الكتب القديمة- أن الله يبتلي العبد و هو يحبه- ليسمع دعاءه و تضرعه- . أبو هريرة اطلبوا الخير دهركم كله- و تعرضوا لنفحات من رحمة الله تعالى- فإن لله تعالى نفحات من رحمته- يصيب بها من يشاء من عباده- و اسألوا الله أن يستر عوراتكم و يؤمن روعاتكم- . صلى رجل إلى جنب عبد الله بن المبارك- فلما سلم الإمام سلم و قام عجلا- فجذب عبد الله بثوبه و قال أ ما لك إلى ربك حاجة- . قيل لعمر بن عبد العزيز جزاك الله عن الإسلام خيرا- فقال لا بل جزى الله الإسلام عني خيرا- .
علي ع الداعي بغير عمل كالرامي بغير وتر- . كان الزهري إذا فرغ من الحديث تلاه- فدعا اللهم إني أسألك خير ما أحاط به علمك- في الدنيا و الآخرة- و أعوذ بك من شر ما أحاط به علمك في الدنيا و الآخرة- . كان زبيد النامي يستتبع الصبيان إلى المسجد- و في كمه الجوز و يقول- من يتبعني منكم فأعطيه خمس جوزات- فإذا دخلوا المسجد قال ارفعوا أيديكم و قولوا- اللهم اغفر لزبيد فإذا دعوا- قال اللهم استجب لهم فإنهم لم يذنبوا- .
علي ع جعل في يديك مفاتيح خزائنه بما أذن لك فيه من مسألته- فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب نعمته- و استمطرت شآبيب رحمته- فلا يقنطنك إبطاء إجابته- فإن العطية على قدر النية و ربما أخرت عنك الإجابة- ليكون ذلك أعظم لأجر السائل و أجزل لعطاء الآمل- و ربما سألت الشيء فلا تؤتاه و أوتيت خيرا منه- أو صرف عنك بما هو لك خير-
و اعلم أنه رب أمر قد طلبت فيه هلاك دينك لو أوتيته و من الدعاء المرفوع اللهم من أراد بنا سوءا- فأحط به ذلك السوء كإحاطة القلائد بترائب الولائد- و أرسخه على هامته كرسوخ السجيل على قمم أصحاب الفيلسمع عمر رجلا يقول في دعائه اللهم اجعلني من الأقلين فقال ما أردت بهذا- قال قول الله عز و جل وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ- و قوله تعالى وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ- فقال عليكم من الدعاء بما عرف- .
قال سعيد بن المسيب مر بي صلة بن أشيم فقلت له ادع لي- فقال رغبك الله فيما يبقى و زهدك فيما يفنى- و وهب لك اليقين الذي لا تسكن النفوس إلا إليه- و لا تعول إلا عليه- . كان علي بن عيسى بن ماهان صاحب خراسان- و في أيامه عصام بن يوسف الزاهد فلقيه في الطريق- و سلم عليه علي فأعرض عنه و لم يرد عليه- فوقف علي و رفع يديه و أسبل عينيه- و قال اللهم إن هذا الرجل يتقرب إليك ببغضي- و أنا أتقرب إليك بحبه فإن كنت غفرت له ببغضي- فاغفر لي بحبه يا كريم ثم سار- .
قال الأصمعي سمعت أعرابيا يدعو و يقول- اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله- و إن كان في الأرض فأخرجه و إن كان بعيدا فقربه- و إن كان قريبا فيسره و إن كان قليلا فكثره- و إن كان كثيرا فبارك لي فيه- .
من دعاء عمرو بن عبيد اللهم أغنني بالافتقار إليك- و لا تفقرني بالاستغناء عنك- اللهم أعني على الدنيا بالقناعة و على الدين بالعصمة- .
شكا رجل إلى الحسن رحمه الله تعالى رجلا يظلمه- فقال له إذا صليت الركعتين بعد المغرب- فاسجد و قل يا شديد القوى- يا شديد المحال يا عزيز- أذللت لعزك جميع من خلقت- فصل على محمد و آل محمد- و اكفني مئونة فلان بما شئت- فدعا بها فلم يرعه إلا الواعية بالليل- فسأل فقيل مات فلان فجأةقال موسى ع يا رب إنك لتعطيني أكثر من أملي قال- لأنك تكثر من قول ما شاء الله لا قوة إلا بالله
– . كان بعض الصالحين يقول قبل الصلاة- يا محسن قد جاءك المسيء- و قد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسيء- فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك- اللهم ارزقني عمل الخائفين و خوف العاملين- حتى أنعم بترك التنعم طمعا فيما وعدت- و خوفا مما أوعدت- .
و من الأدعية الجامعة اللهم أغنني بالعلم- و زيني بالحلم و جملني بالعافية و كرمني بالتقوى- . أحمد بن يوسف كاتب المأمون- إذا دخل عليه حياة بتحية أبرويز الملك- عشت الدهر و نلت المنى و جنبت طاعة النساء- .
و من الدعاء المروي عن رسول الله ص
اللهم اغفر لي ذنوبي و خطاياي كلها- اللهم أنعشني و أجزني و انصرني- و اهدني لصالح الأعمال و الأخلاق إنه لا يهدي لصالحها- و لا يصرف عن سيئها إلا أنت- اللهم إني أسألك الثبات في الأمر- و العزيمة على الرشد- و أسألك شكر نعمتك و حسن عبادتك- و أسألك قلبا سليما و لسانا صادقا- و أسألك من خير ما تعلم و أعوذ بك من شر ما تعلم- و أستغفرك لما تعلم إنك أنت علام الغيوب
آداب الدعاء
قالوا و من آداب الدعاء أن ترصد له الأوقات الشريفة- كما بين الأذان و الإقامة- و كوقت السجود و وقت السحر- و يستحب أن يدعو مستقبل القبلة رافعا يديه-لما روى سلمان عن النبي ص أن ربكم كريم- يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا- و يستحب أن يمسح بهما وجهه بعد الدعاء- فإن ذلك قد روي عن رسول الله ص- . و يكره أن يرفع بصره إلى السماء-لقوله ع لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء عند الدعاء- أو لتخطفن أبصارهم- و قد رخص في ذلك للصديقين و الأئمة العادلين- و يستحب أن يخفض صوته لقوله تعالى- ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةًو قد روي أن عمر سمع رجلا يجهر بالدعاء فقال- لكن زكريا نادى ربه نداء خفيا- . و يكره أن يتكلف الكلام المسجوع- و يستحب الإتيان بالمطبوع منه-لقوله ص إياكم و السجع في الدعاء- بحسب أحدكم أن يقول اللهم إني أسألك الجنة- و ما قرب إليها من قول أو عمل- و أعوذ بك من النار و ما قرب إليها من قول أو عمل .
و قيل في الوصية الصالحة- ادع ربك بلسان الذلة و الاحتقار- لا بلسان الفصاحة و التشدق- . و قال سفيان بن عيينة- لا يمنعن أحدكم من الدعاء ما يعلمه من نفسه- فإن الله تعالى أجاب دعاء شر خلقه إبليس- حيث قال أَنْظِرْنِي- .النبي ص إذا سأل أحدكم ربه مسألة فتعرف الإجابة- فليقل الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات- و من أبطأ عنه شيء من ذاك- فليقل الحمد لله على كل حال- . و من الآداب أن يفتتح بالذكر و إلا يبتدئ بالمسألة-كان رسول الله ص قبل أن يدعو يقول- سبحان ربي العلي الوهابأبو سليمان الداراني من أراد أن يسأل الله تعالى حاجته- فليبدأ بالصلاة على رسول الله ص ثم يسأل حاجته- ثم يختم بالصلاة على رسول الله ص- فإن الله تعالى يقبل الصلاتين- و هو أكرم من أن يدع ما بينهماو من دعاء علي ع اللهم صن وجهي باليسار و لا تبذل جاهي بالإقتار- فأسترزق طالبي رزقك و أستعطف شرار خلقك- و أبتلي بحمد من أعطاني و أفتتن بذم من منعني- و أنت من وراء ذلك كله ولي الإعطاء و المنع- إنك على كل شيء قدير
و من دعاء الحسن رحمه الله تعالى اللهم إني أعوذ بك من قلب يعرف- و لسان يصف و أعمال تخالف و من دعاء أهل البيت ع-
و فيه رائحة من كلام أمير المؤمنين ع الذي نحن في شرحه اللهم إني أستغفرك لما تبت منه إليك ثم عدت فيه- و أستغفرك لما وعدتك من نفسي ثم أخلفتك- و أستغفرك للنعم التي أنعمت بها علي- فتقويت على معصيتك- و أستغفرك من كل ذنب تمكنت منه بعافيتك- و نالته يدي بفضل نعمتك و انبسطت إليه بسعة رزقك- و احتجبت فيه عن الناس بسترك- و اتكلت فيه على أكرم عفوك- اللهم إني أعوذ بك أن أقول حقا ليس فيه رضاك- ألتمس به أحدا سواك- و أعوذ بك أن أتزين للناس بشيء يشينني عندك- و أعوذ بك أن أكون عبرة لأحد من خلقك- و أن يكون أحد من خلقك أسعد بما علمتني مني- و أعوذ بك أن أستعين بمعصية لك على ضر يصيبني – . كان أبو مسلم الخولاني إذا أهمه أمر- قال يا مالك يوم الدين إياك نعبد و إياك نستعين- .
و من دعاء علي ع
اللهم إن تهت عن مسألتي و أعميت عن طلبتي- فدلني على مصالحي و خذ بقلبي إلى مراشدي- اللهم احملني على عفوك و لا تحملني على عدلك
شرح نهج البلاغه(ابن أبی الحدید) ج ۶