75 و من خطبة له ع
رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ حُكْماً فَوَعَى- وَ دُعِيَ إِلَى رَشَادٍ فَدَنَا وَ أَخَذَ بِحُجْزَةِ هَادٍ فَنَجَا- رَاقَبَ رَبَّهُ وَ خَافَ ذَنْبَهُ قَدَّمَ خَالِصاً وَ عَمِلَ صَالِحاً- اكْتَسَبَ مَذْخُوراً وَ اجْتَنَبَ مَحْذُوراً- رَمَى غَرَضاً وَ أَحْرَزَ عِوَضاً كَابَرَ هَوَاهُ وَ كَذَّبَ مُنَاهُ- جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِيَّةَ نَجَاتِهِ وَ التَّقْوَى عُدَّةَ وَفَاتِهِ- رَكِبَ الطَّرِيقَةَ الْغَرَّاءَ لَزِمَ الْمَحَجَّةَ الْبَيْضَاءَ- اغْتَنَمَ الْمَهَلَ وَ بَادَرَ الْأَجَلَ وَ تَزَوَّدَ مِنَ الْعَمَلِ الحكم هاهنا الحكمة- قال سبحانه وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا- و وعى حفظ وعيت الحديث أعيه وعيا- و أذن واعية أي حافظة و دنا قرب و الحجزة معقد الإزار- و أخذ فلان بحجزة فلان إذا اعتصم به و لجأ إليه- . ثم حذف ع الواو في اللفظات الأخر فلم يقل و راقب ربه- و لا و قدم خالصا و كذلك إلى آخر اللفظات- و هذا نوع من الفصاحة كثير في استعمالهم- . و اكتسب بمعنى كسب- يقال كسبت الشيء و اكتسبته بمعنى- .
و الغرض ما يرمى بالسهام- يقول رحم الله امرأ رمى غرضا- أي قصد الحق كمن يرمي غرضا يقصده- لا من يرمي في عمياء لا يقصد شيئا بعينه- .و العوض المحرز هاهنا هو الثواب- . و قوله كابر هواه أي غالبه- و روي كاثر بالثاء المنقوطة بالثلاث- أي غالب هواه بكثرة عقله- يقال كاثرناهم فكثرناهم أي غلبناهم بالكثرة- . و قوله و كذب مناه أي أمنيته- و الطريقة الغراء البيضاء و المهل النظر و التؤدة
شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد) ج 6