73 و من كلام له ع لما عزموا على بيعة عثمان
لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِي- وَ وَ اللَّهِ لَأُسْلِمَنَّ مَا سَلِمَتْ أُمُورُ الْمُسْلِمِينَ- وَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَوْرٌ إِلَّا عَلَيَّ خَاصَّةً- الْتِمَاساً لِأَجْرِ ذَلِكَ وَ فَضْلِهِ- وَ زُهْداً فِيمَا تَنَافَسْتُمُوهُ مِنْ زُخْرُفِهِ وَ زِبْرِجِهِ نافست في الشيء منافسة و نفاسا- إذا رغبت فيه على وجه المباراة في الكرم- و تنافسوا فيه أي رغبوا- . و الزخرف الذهب ثم شبه به كل مموه مزور- قال تعالى حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها- و المزخرف المزين- . و الزبرج الزينة من وشي أو جوهر و نحو ذلك- و يقال الزبرج الذهب أيضا- .
يقول لأهل الشورى- إنكم تعلمون أني أحق بالخلافة من غيري و تعدلون عني- ثم أقسم ليسلمن و ليتركن المخالفة لهم- إذا كان في تسليمه و نزوله عن حقه سلامة أمور المسلمين- و لم يكن الجور و الحيف إلا عليه خاصة و هذا كلام مثله ع- لأنه إذا علم أو غلب على ظنه- أنه أن نازع و حارب دخل على الإسلام وهن و ثلم- لم يختر له المنازعة و إن كان يطلب بالمنازعة ما هو حق- و إن علم أو غلب على ظنه بالإمساك عن طلب حقه- إنما يدخل الثلم و الوهن عليه خاصة- و يسلم الإسلام من الفتنة- وجب عليه أن يغضي و يصبر على ما أتوا إليه من أخذ حقه- و كف يده حراسة للإسلام من الفتنة- .
فإن قلت فهلا سلم إلى معاوية و إلى أصحاب الجمل- و أغضى على اغتصاب حقه حفظا للإسلام من الفتنة- . قلت إن الجور الداخل عليه من أصحاب الجمل- و من معاوية و أهل الشام لم يكن مقصورا عليه خاصة- بل كان يعم الإسلام و المسلمين جميعا- لأنهم لم يكونوا عنده ممن يصلح لرئاسة الأمة- و تحمل أعباء الخلافة- فلم يكن الشرط الذي اشترطه متحققا- و هو قوله و لم يكن فيه جور إلا علي خاصة- . و هذا الكلام يدل على أنه ع لم يكن- يذهب إلى أن خلافة عثمان كانت- تتضمن جورا على المسلمين و الإسلام- و إنما كانت تتضمن جورا عليه خاصة- و أنها وقعت على جهة مخالفة الأولى- لا على جهة الفساد الكلي و البطلان الأصلي- و هذا محض مذهب أصحابنا
كلام لعلي قبل المبايعة لعثمان
و نحن نذكر في هذا الموضع ما استفاض في الروايات- من مناشدته أصحاب الشورى- و تعديده فضائله و خصائصه التي بان بها منهم و من غيرهم- قد روى الناس ذلك فأكثروا- و الذي صح عندنا أنه لم يكن الأمر كما روي- من تلك التعديدات الطويلة-و لكنه قال لهم بعد أن بايع عبد الرحمن و الحاضرون عثمان- و تلكا هو ع عن البيعة- إن لنا حقا إن نعطه نأخذه- و إن نمنعه نركب أعجاز الإبل و إن طال السرى
– في كلام قد ذكره أهل السيرة- و قد أوردنا بعضه فيما تقدم-ثم قال لهم أنشدكم الله- أ فيكم أحد آخى رسول الله ص بينه و بين نفسه- حيث آخى بين بعض المسلمين و بعض غيري
فقالوا لا- فقال أ فيكم أحد قال له رسول الله ص- من كنت مولاه فهذا مولاه غيري فقالوا لا- فقال أ فيكم أحد قال له رسول الله ص- أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي غيري- قالوا لا قال أ فيكم من اؤتمن على سورة براءة- و قال له رسول الله ص إنه لا يؤدي عني إلا أنا- أو رجل مني غيري قالوا لا قال- أ لا تعلمون أن أصحاب رسول الله ص فروا عنه- في ماقط الحرب في غير موطن و ما فررت قط قالوا بلى-
قال أ لا تعلمون أني أول الناس إسلاما قالوا بلى قال- فأينا أقرب إلى رسول الله ص نسبا قالوا أنت- فقطع عليه عبد الرحمن بن عوف كلامه و قال يا علي- قد أبى الناس إلا على عثمان فلا تجعلن على نفسك سبيلا- ثم قال يا أبا طلحة ما الذي أمرك به عمر- قال أن أقتل من شق عصا الجماعة- فقال عبد الرحمن لعلي بايع اذن- و إلا كنت متبعا غير سبيل المؤمنين- و أنفذنا فيك ما أمرنا به فقال- لقد علمتم أني أحق بها من غيري و الله لأسلمن- الفصل إلى آخره ثم مد يده فبايع
شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد) ج 6