10 و من خطبة له ع
أَلَا وَ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ جَمَعَ حِزْبَهُ- وَ اسْتَجْلَبَ خَيْلَهُ وَ رَجِلَهُ- وَ إِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي مَا لَبَّسْتُ عَلَى نَفْسِي وَ لَا لُبِّسَ عَلَيَّ- وَ ايْمُ اللَّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ- لَا يَصْدُرُونَ عَنْهُ وَ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ يمكن أن يعني بالشيطان الشيطان الحقيقي- و يمكن أن يعني به معاوية- فإن عنى معاوية- فقوله قد جمع حزبه و استجلب خيله و رجله كلام- جار على حقائقه- و إن عنى به الشيطان كان ذلك من باب الاستعارة- و مأخوذا من قوله تعالى- وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ- وَ أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ- و الرجل جمع راجل كالشرب جمع شارب- و الركب جمع راكب- . قوله و إن معي لبصيرتي- يريد أن البصيرة التي كانت معي في زمن رسول الله ص- تتغير- . و قوله ما لبست تقسيم جيد- لأن كل ضال عن الهداية فإما أن يضل من تلقاء نفسه- أو بإضلال غيره له- . و قوله لأفرطن من رواها بفتح الهمزة- فأصله فرط ثلاثي يقال فرط زيد القوم أي سبقهم- و رجل فرط يسبق القوم إلى البئر- فيهيئ لهم الأرشية و الدلاء- و منه قوله ع إنا فرطكم على الحوض- و يكون تقدير الكلام و ايم الله لأفرطن لهم إلى حوض- فلما حذف الجار عدي الفعل بنفسه فنصب- كقوله تعالى وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ- و تكون اللام في لهم إما لام التعدية- كقوله و يؤمن للمؤمنين أي و يؤمن المؤمنين- أو تكون لام التعليل أي لأجلهم- و من رواها لأفرطن بضم الهمزة- فهو من أفرط المزادة- أي ملأها- . و الماتح المستقي متح يمتح بالفتح- و المائح بالياء الذي ينزل إلى البئر فيملأ الدلو- . و قيل لأبي علي رحمه الله ما الفرق بين الماتح و المائح- فقال هما كإعجامهما يعني أن التاء بنقطتين من فوق- و كذلك الماتح لأنه المستقي فهو فوق البئر- و الياء بنقطتين من تحت- و كذلك المائح- لأنه تحت في الماء الذي في البئر يملأ الدلاء- و معنى قوله أنا ماتحه أنا خبير به- كما يقول من يدعي معرفة الدار أنا باني هذه الدار- و الكلام استعارة- يقول لأملأن لهم حياض الحرب التي هي دربتي و عادتي- أو لأسبقنهم إلى حياض حرب أنا متدرب بها مجرب لها- إذا وردوها لا يصدرون عنها- يعني قتلهم و إزهاق أنفسهم- و من فر منهم لا يعود إليها- و من هذا اللفظ قول الشاعر-
مخضت بدلوه حتى تحسى
ذنوب الشر ملأى أو قرابا