google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
160-180 خطبه ها شرح ابن ابی الحدیدخطبه ها شرح ابن ابی الحدید(متن عربی)

خطبه 166 شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)(عجيب خلقة الطاوس)

166 و من خطبة له ع يذكر فيها عجيب خلقة الطاوس

ابْتَدَعَهُمْ خَلْقاً عَجِيباً مِنْ حَيَوَانٍ وَ مَوَاتٍ- وَ سَاكِنٍ وَ ذِي حَرَكَاتٍ- وَ أَقَامَ مِنْ شَوَاهِدِ الْبَيِّنَاتِ عَلَى لَطِيفِ صَنْعَتِهِ- وَ عَظِيمِ قُدْرَتِهِ- مَا انْقَادَتْ لَهُ الْعُقُولُ مُعْتَرِفَةً بِهِ وَ مَسَلِّمَةً لَهُ- وَ نَعَقَتْ فِي أَسْمَاعِنَا دَلَائِلُهُ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ- وَ مَا ذَرَأَ مِنْ مُخْتَلِفِ صُوَرِ الْأَطْيَارِ- الَّتِي أَسْكَنَهَا أَخَادِيدَ الْأَرْضِ- وَ خُرُوقَ فِجَاجِهَا وَ رَوَاسِيَ أَعْلَامِهَا- مِنْ ذَاتِ أَجْنِحَةٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ هَيْئَاتٍ مُتَبَايِنَةٍ- مُصَرَّفَةٍ فِي زِمَامِ التَّسْخِيرِ- وَ مُرَفْرِفَةٍ بِأَجْنِحَتِهَا فِي مَخَارِقِ الْجَوِّ الْمُنْفَسِحِ- وَ الْفَضَاءِ الْمُنْفَرِجِ- كَوَّنَهَا بَعْدَ إِذْ لَمْ تَكُنْ فِي عَجَائِبِ صُوَرٍ ظَاهِرَةٍ- وَ رَكَّبَهَا فِي حِقَاقِ مَفَاصِلَ مُحْتَجِبَةٍ- وَ مَنَعَ بَعْضَهَا بِعَبَالَةِ خَلْقِهِ أَنْ يَسْمُوَ فِي الْهَوَاءِ خُفُوفاً- وَ جَعَلَهُ يَدِفُّ دَفِيفاً- وَ نَسَقَهَا عَلَى اخْتِلَافِهَا فِي الْأَصَابِيغِ بِلَطِيفِ قُدْرَتِهِ- وَ دَقِيقِ صَنْعَتِهِ- فَمِنْهَا مَغْمُوسٌ فِي قَالَبِ لَوْنٍ لَا يَشُوبُهُ غَيْرُ لَوْنِ مَا غُمِسَ فِيهِ- وَ مِنْهَا مَغْمُوسٌ فِي لَوْنِ صِبْغٍ قَدْ طُوِّقَ بِخِلَافِ مَا صُبِغَ بِهِ الموات بالفتح ما لا حياة فيه و أرض موات أي قفر- و الساكن هاهنا كالأرض و الجبال- و ذو الحركات كالنار و الماء الجاري و الحيوان- .

و نعقت في أسماعنا دلائله أي صاحت دلائله- لظهورها كالأصوات المسموعة التي تعلم يقينا- . و أخاديد الأرض شقوقها جمع أخدود- و فجاجها جمع فج و هو الطريق بين الجبلين- و رواسي أعلامها أثقال جبالها- . مصرفة في زمام التسخير- أي هي مسخرة تحت القدرة الإلهية- . و حقاق المفاصل جمع حق- و هو مجمع المفصلين من الأعضاء كالركبة- و جعلها محتجبة لأنها مستورة بالجلد و اللحم- . و عبالة الحيوان كثافة جسده- و الخفوف سرعة الحركة- و الدفيف للطائر طيرانه فويق الأرض- يقال عقاب دفوف قال إمرؤ القيس يصف فرسه و يشبهها بالعقاب-كأني بفتخاء الجناحين لقوة دفوف من العقبان طأطأت شملالي‏- .و نسقها رتبها- و الأصابيغ جمع أصباغ و أصباغ جمع صبغ- . و المغموس الأول هو ذو اللون الواحد كالأسود و الأحمر- و المغموس الثاني ذو اللونين- نحو أن يكون أحمر و عنقه خضراء- .

و روي قد طورق لون أي لون على لون- كما تقول طارقت بين الثوبين- . فإن قلت ما هذه الطيور التي يسكن بعضها الأخاديد- و بعضها الفجاج- و بعضها رءوس الجبال- . قلت أما الأول فكالقطا و الصدى- و الثاني كالقبج و الطيهوج- و الثالث كالصقر و العقاب‏:

وَ مِنْ أَعْجَبِهَا خَلْقاً الطَّاوُسُ- الَّذِي أَقَامَهُ فِي أَحْسَنِ تَعْدِيلٍ- وَ نَضَّدَ أَلْوَانَهُ فِي أَحْسَنِ تَنْضِيدٍ- بِجَنَاحٍ أَشْرَجَ قَصَبَهُ وَ ذَنَبٍ أَطَالَ مَسْحَبَهُ- إِذَا دَرَجَ إِلَى الْأُنْثَى نَشَرَهُ مِنْ طَيِّهِ- وَ سَمَا بِهِ مُطِلًّا عَلَى رَأْسِهِ- كَأَنَّهُ قِلْعُ دَارِيٍّ عَنَجَهُ نُوتِيُّهُ- يَخْتَالُ بِأَلْوَانِهِ وَ يَمِيسُ بِزَيَفَانِهِ- يُفْضِي كَإِفْضَاءِ الدِّيَكَةِ- وَ يَؤُرُّ بِمَلَاقِحِهِ أَرَّ الْفُحُولِ الْمُغْتَلِمَةِ لِلضِّرَابِ- أُحِيلُكَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مُعَايَنَةٍ- لَا كَمَنْ يُحِيلُ عَلَى ضَعِيفٍ إِسْنَادُهُ- وَ لَوْ كَانَ كَزَعْمِ مَنْ يَزْعُمُ- أَنَّهُ يُلْقِحُ بِدَمْعَةٍ تَسْفَحُهَا مَدَامِعُهُ- فَتَقِفُ فِي ضَفَّتَيْ جُفُونِهِ- وَ أَنَّ أُنْثَاهُ تَطْعَمُ ذَلِكَ- ثُمَّ تَبِيضُ لَا مِنْ لِقَاحِ فَحْلٍ سِوَى الدَّمْعِ الْمُنْبَجِسِ- لَمَا كَانَ ذَلِكَ بِأَعْجَبَ مِنْ مُطَاعَمَةِ الْغُرَابِ الطاوس فاعول كالهاضوم و الكابوس و ترخيمه طويس- و نضد رتب- قوله أشرج قصبه القصب هاهنا عروق الجناح- و غضاريفه عظامه الصغار- و أشرجها ركب بعضها في بعض كما تشرج العيبة- أي يداخل بين أشراجها و هي عراها- واحدها شرج بالتحريك- .

ثم ذكر ذنب الطاوس و أنه طويل المسحب- و أن الطاوس إذا درج إلى الأنثى للسفاد نشر ذنبه من طيه- و علا به مرتفعا على رأسه- و القلع شراع السفينة و جمعه قلاع- و الداري جالب العطر في البحر من دارين- و هي فرضة بالبحرين- فيها سوق يحمل إليها المسك من الهند وفي الحديث الجليس الصالح كالداري- إن لم يحذك من عطره علقك من ريحه- قال الشاعر-

إذا التاجر الداري جاء بفأرة
من المسك راحت في مفارقهم تجري‏

 و النوتي الملاح و جمعه نواتي- . و عنجه عطفه- و عنجت خطام البعير رددته على رجليه- أعنجه بالضم و الاسم العنج بالتحريك- و في المثل عود يعلم العنج يضرب مثلا لتعليم الحاذق- . و يختال من الخيلاء و هي العجب و يميس يتبختر- . و زيفانه تبختره زاف يزيف- و منه ناقة زيافة أي مختالة قال عنترةزيافة مثل الفنيق المكدم‏- .

و كذلك ذكر الحمام عند الحمامة إذا جر الذنابى- و دفع مقدمه بمؤخره و استدار عليها- . و يفضي يسفد- و الديكة جمع ديك- كالقرطة و الجحرة جمع قرط و جحر- . و يؤر يسفد- و الأر الجماع و رجل آر كثير الجماع- و ملاقحه أدوات اللقاح و أعضاؤه و هي آلات التناسل- . قوله أر الفحول- أي أرا مثل أر الفحول ذات الغلمة و الشبق- . ثم ذكر أنه لم يقل ذلك عن إسناد- قد يضعف و يتداخله الطعن- بل قال ذلك عن عيان و مشاهدة- .

فإن قلت من أين للمدينة طواويس- و أين العرب و هذا الطائر حتى يقول أمير المؤمنين ع- أحيلك من ذلك على معاينة- لا سيما و هو يعني السفاد- و رؤية ذلك لمن تكثر الطواويس في داره- و يطول مكثها عنده نادرة- . قلت لم يشاهد أمير المؤمنين ع الطواويس بالمدينة- بل بالكوفة- و كانت يومئذ تجبى إليها ثمرات كل شي‏ء- و تأتي إليها هدايا الملوك من الآفاق- و رؤية المسافدة مع وجود الذكر و الأنثى غير مستبعدة- .

و اعلم أن قوما زعموا أن الذكر تدمع عينه- فتقف الدمعة بين أجفانه- فتأتي الأنثى فتطعمها فتلقح من تلك الدمعة- و أمير المؤمنين ع لم يحل ذلك و لكنه قال- ليس بأعجب من مطاعمة الغراب- و العرب تزعم أن الغراب لا يسفد- و من أمثالهم أخفى من سفاد الغراب- فيزعمون أن اللقاح من مطاعمة الذكر و الأنثى منهما- و انتقال جزء من الماء الذي في قانصته إليها من منقاره- و أما الحكماء فقل أن يصدقوا بذلك- على أنهم قد قالوا في كتبهم ما يقرب من هذا- قالوا في السمك البياض- إن سفاده خفي جدا- و إنه لم يظهر ظهورا يعتد به و يحكم بسببه- .

هذا لفظ ابن سينا في كتاب الشفاء- ثم قال و الناس يقولون- إن الإناث تأخذ زرع الذكور في أفواهها إلى بطونها- ثم قال و قد شوهدت الإناث منها تتبع الذكور مبتلعة للزرع- و أما عند الولادة فإن الذكور تتبع الإناث مبتلعة بيضها- . قال ابن سينا- و القبجة تحبلها ريح تهب من ناحية الحجل الذكر- و من سماع صوته- . قال و النوع المسمى مالاقيا تتلاصق بأفواهها ثم تتشابك- فذاك سفادها- و سمعت‏ أن الغراب يسفد و أنه قد شوهد سفاده- و يقول الناس إن من شاهد سفاد الغراب يثري و لا يموت- إلا و هو كثير المال موسر- . و الضفتان بفتح الضاد الجنابان و هما ضفتا النهر- و قد جاء ذلك بالكسر أيضا و الفتح أفصح- .

و المنبجس المنفجر و يسفحها يصبها- و روي تنشجها مدامعه من النشيج- و هو صوت الماء و غليانه من زق أو حب أو قدر: تَخَالُ قَصَبَهُ مَدَارِيَ مِنْ فِضَّةٍ- وَ مَا أُنْبِتَ عَلَيْهَا مِنْ عَجِيبِ دَارَاتِهِ- وَ شُمُوسِهِ خَالِصَ الْعِقْيَانِ وَ فِلَذَ الزَّبَرْجَدِ- فَإِنْ شَبَّهْتَهُ بِمَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ- قُلْتَ جَنِيٌّ جُنِيَ مِنْ زَهْرَةِ كُلِّ رَبِيعٍ- وَ إِنْ ضَاهَيْتَهُ بِالْمَلَابِسِ فَهُوَ كَمَوْشِيِّ الْحُلَلِ- أَوْ كَمُونِقِ عَصْبِ الْيَمَنِ- وَ إِنْ شَاكَلْتَهُ بِالْحُلِيِّ فَهُوَ كَفُصُوصٍ ذَاتِ أَلْوَانٍ- قَدْ نُطِّقَتْ بِاللُّجَيْنِ الْمُكَلَّلِ- يَمْشِي مَشْيَ الْمَرِحِ الْمُخْتَالِ وَ يَتَصَفَّحُ ذَنَبَهُ وَ جَنَاحَهُ- فَيُقَهْقِهُ ضَاحِكاً لِجَمَالِ سِرْبَالِهِ وَ أَصَابِيغِ وِشَاحِهِ- فَإِذَا رَمَى بِبَصَرِهِ إِلَى قَوَائِمِهِ- زَقَا مُعْوِلًا بِصَوْتٍ يَكَادُ يُبِينُ عَنِ اسْتِغَاثَتِهِ- وَ يَشْهَدُ بِصَادِقِ تَوَجُّعِهِ- لِأَنَّ قَوَائِمَهُ حُمْشٌ كَقَوَائِمِ الدِّيَكَةِ الْخِلَاسِيَّةِ قصبه عظام أجنحته- و المداري جمع مدرى و هو في الأصل القرن- قال النابغة يصف الثور و الكلاب-

شك الفريصة بالمدرى فأنفذها
شك المبيطر إذ يشفي من العضد

و كذلك المدراة و يقال المدرى لشي‏ء- كالمسلة تصلح بها الماشطة شعور النساء- قال الشاعر

تهلك المدراة في أكنافه
و إذا ما أرسلته يعتفر

و تمدرت المرأة أي سرحت شعرها- شبه عظام أجنحة الطاوس بمدارى من فضة لبياضها- و شبه ما أنبت الله عليها من تلك الدارات- و الشموس التي في الريش بخالص العقيان و هو الذهب- . و فلذ الزبرجد جمع فلذة و هي القطعة- و الزبرجد هذا الجوهر الذي تسميه الناس البلخش- . ثم قال إن شبهته بنبات الأرض- قلت إنه قد جني من زهرة كل ربيع في الأرض- لاختلاف ألوانه و أصباغه- . و إن ضاهيته بالملابس المضاهاة المشاكلة يهمز و لا يهمز- و قرئ يضاهون قول الذين كفروا و يُضاهِؤُنَ- و هذا ضهي هذا على فعيل أي شبيهه- . و موشي الحلل ما دبج بالوشي و هو الأرقم الملون- و العصب برود اليمن- . و الحلي جمع حلي- و هو ما تلبسه المرأة من الذهب و الفضة- مثل ثدي و ثدي و وزنه فعول- و قد تكسر الحاء لمكان الياء مثل عصي- و قرئ مِنْ حُلِيِّهِمْ بالضم و الكسر- . و نطقت باللجين جعلت الفضة كالنطاق لها- و المكلل ذو الإكليل- .

و زقا صوت يزقو زقوا و زقيا و زقاء- و كل صائح زاق و الزقية الصيحة- و هو أثقل من الزواقي أي الديكة- لأنهم كانوا يسمرون فإذا صاحت الديكة تفرقوا- . و معولا صارخا أعولت الفرس صوتت- و منه العويل و العولة- . و قوائمه حمش دقاق- و هو أحمش الساقين و حمش الساقين بالتسكين- و قد حمشت قوائمه أي دقت- و تقول العرب للغلام إذا كانت أمه بيضاء و أبوه عربيا آدم فجاء لونه بين لونيهما- . خلاسي بالكسر و الأنثى خلاسية- و قال الليث الديكة الخلاسية- هي المتولدة من الدجاج الهندي و الفارسي- . يقول ع إن الطاوس يزهى بنفسه- و يتيه إذا نظر في أعطافه و رأى ألوانه المختلفة- فإذا نظر إلى ساقيه وجم لذلك و انكسر نشاطه و زهوه- فصاح صياح العويل لحزنه- و ذلك لدقة ساقيه و نتوء عرقوبيه: وَ قَدْ نَجَمَتْ مِنْ ظُنْبُوبِ سَاقِهِ صِيصِيَةٌ خَفِيَّةٌ- وَ لَهُ فِي مَوْضِعِ الْعُرْفِ قُنْزُعَةٌ خَضْرَاءُ مُوَشَّاةٌ- وَ مَخْرَجُ عَنُقِهِ كَالْإِبْرِيقِ- وَ مَغْرِزُهَا إِلَى حَيْثُ بَطْنُهُ كَصِبْغِ الْوَسْمَةِ الْيَمَانِيَّةِ- أَوْ كَحَرِيرَةٍ مُلْبَسَةٍ مِرْآةً ذَاتَ صِقَالٍ- وَ كَأَنَّهُ مُتَلَفِّعٌ بِمِعْجَرٍ أَسْحَمَ- إِلَّا أَنَّهُ يُخَيَّلُ لِكَثْرَةِ مَائِهِ وَ شِدَّةِ بَرِيقِهِ- أَنَّ الْخُضْرَةَ النَّاضِرَةَ مُمْتَزِجَةٌ بِهِ- وَ مَعَ فَتْقِ سَمْعِهِ خَطٌّ كَمُسْتَدَقِّ الْقَلَمِ فِي لَوْنِ الْأُقْحُوَانِ- أَبْيَضُ يَقَقٌ فَهُوَ بِبَيَاضِهِ فِي سَوَادِ مَا هُنَالِكَ يَأْتَلِقُ- وَ قَلَّ صِبْغٌ إِلَّا وَ قَدْ أَخَذَ مِنْهُ بِقِسْطٍ- وَ عَلَاهُ بِكَثْرَةِ صِقَالِهِ وَ بَرِيقِهِ- وَ بَصِيصِ دِيبَاجِهِ وَ رَوْنَقِهِ- فَهُوَ كَالْأَزَاهِيرِ الْمَبْثُوثَةِ لَمْ تُرَبِّهَا أَمْطَارُ رَبِيعٍ- وَ لَا شُمُوسُ قَيْظٍ نجمت ظهرت- و الظنبوب حرف الساق و هو هذا العظم اليابس- .

و الصيصية في الأصل- شوكة الحائك التي يسوي بها السداة و اللحمة- و منه قولهكوقع الصياصي في النسيج الممدد- . و نقل إلى صيصية الديك لتلك الهيئة التي في رجله- . و العرف الشعر المرتفع من عنقه على رأسه- و القنزعة واحدة القنازع و هي الشعر حوالي الرأس- وفي الحديث غطي عنا قنازعك يا أم أيمن- . و موشاة ذات وشي- . و الوسمة بكسر السين العظلم الذي يخضب به- و يجوز تسكين السين- . و الأسحم الأسود- و المتلفع الملتحف و يروى متقنع بمعجر- و هو ما تشده المرأة على رأسها كالرداء- . و الأقحوان البابونج الأبيض و جمعه أقاح- .

و أبيض يقق خالص البياض و جاء يقق بالكسر- و يأتلق يلمع- . و البصيص البريق و بص الشي‏ء لمع- . و تربها الأمطار تربيها و تجمعها- . يقول ع- كأن هذا الطائر ملتحف بملحفة سوداء- إلا أنها لكثرة رونقها- يتوهم أنه قد امتزج بها خضرة ناضرة- و قل أن يكون لون إلا و قد أخذ هذا الطائر منه بنصيب- فهو كأزاهير الربيع- إلا أن الأزهار تربيها الأمطار و الشموس- و هذا مستغن عن ذلك:

وَ قَدْ يَنْحَسِرُ مِنْ رِيشِهِ وَ يَعْرَى مِنْ لِبَاسِهِ- فَيَسْقُطُ تَتْرَى وَ يَنْبُتُ تِبَاعاً- فَيَنْحَتُّ مِنْ قَصَبِهِ انْحِتَاتَ أَوْرَاقِ الْأَغْصَانِ- ثُمَّ يَتَلَاحَقُ نَامِياً حَتَّى يَعُودَ كَهَيْئَتِهِ قَبْلَ سُقُوطِهِ- لَا يُخَالِفُ سَالِفَ أَلْوَانِهِ- وَ لَا يَقَعُ لَوْنٌ فِي غَيْرِ مَكَانِهِ- وَ إِذَا تَصَفَّحَتْ شَعْرَةً مِنْ شَعَرَاتِ قَصَبِهِ- أَرَتْكَ حُمْرَةً وَرْدِيَّةً وَ تَارَةً خُضْرَةً زَبَرْجَدِيَّةً- وَ أَحْيَاناً صُفْرَةً عَسْجَدِيَّةً- فَكَيْفَ تَصِلُ إِلَى صِفَةِ هَذَا عَمَائِقُ الْفِطَنِ- أَوْ تَبْلُغُهُ قَرَائِحُ الْعُقُولِ- أَوْ تَسْتَنْظِمُ وَصْفَهُ أَقْوَالُ الْوَاصِفِينَ- وَ أَقَلُّ أَجْزَائِهِ قَدْ أَعْجَزَ الْأَوْهَامَ أَنْ تُدْرِكَهُ- وَ الْأَلْسِنَةَ أَنْ تَصِفَهُ- فَسُبْحَانَ الَّذِي بَهَرَ الْعُقُولَ عَنْ وَصْفِ خَلْقٍ جَلَّاهُ لِلْعُيُونِ- فَأَدْرَكَتْهُ مَحْدُوداً مُكَوَّناً وَ مُؤَلَّفاً مُلَوَّناً- وَ أَعْجَزَ الْأَلْسُنَ عَنْ تَلْخِيصِ صِفَتِهِ- وَ قَعَدَ بِهَا عَنْ تَأْدِيَةِ نَعْتِهِ- وَ سُبْحَانَ مَنْ أَدْمَجَ قَوَائِمَ الذَّرَّةِ- وَ الْهَمَجَةِ إِلَى مَا فَوْقَهُمَا مِنْ خَلْقِ الْحِيتَانِ وَ الْفِيَلَةِ-وَ وَأَى عَلَى نَفْسِهِ أَلَّا يَضْطَرِبَ شَبَحٌ مِمَّا أَوْلَجَ فِيهِ الرُّوحَ- إِلَّا وَ جَعَلَ الْحِمَامَ مَوْعِدَهُ وَ الْفَنَاءَ غَايَتَهُ ينحسر من ريشه ينكشف فيسقط و يروى يتحسر- .

تترى أي شيئا بعد شي‏ء- و بينهما فترة- قال الله تعالى ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا- لأنه لم يرسلهم على تراسل بل بعد فترات- و هذا مما يغلط فيه قوم- فيعتقدون أن تترى للمواصلة و الالتصاق- و أصلها الواو من الوتر و هو الفرد و فيها لغتان- تنون و لا تنون- فمن ترك صرفها للمعرفة جعل ألفها ألف تأنيث- و من نونها جعل ألفها للإلحاق- . قال ع و ينبت تباعا أي لا فترات بينهما- و كذلك حال الريش الساقط يسقط شيئا بعد شي‏ء- و ينبت جميعا- .

و ينحت يتساقط- و انحتات الورق تناثرها- و ناميا زائدا- يقول ع إذا عاد ريشه عاد مكان كل ريشة ريشة- ملونة بلون الريشة الأولى- فلا يتخالف الأوائل و الأواخر- . و الخضرة الزبرجدية منسوبة إلى الزمرد- و لفظة الزبرجد تارة تستعمل له- و تارة لهذا الحجر الأحمر المسمى بلخش- و العسجد الذهب- و عمائق الفطن‏البعيدة القعر- و القريحة الخاطر و الذهن- و بهر غلب و جلاه أظهره و يروى بالتخفيف- و أدمج القوائم أحكمها كالحبل المدمج الشديد الفتل- .

و الذرة النملة الصغيرة- و الهمجة واحدة الهمج- و هو ذباب صغير كالبعوض- يسقط على وجوه الغنم و الحمر و أعينها- . و وأى وعد و الوأي الوعد- . و اعلم أن الحكماء ذكروا في الطاوس أمورا- قالوا إنه يعيش خمسا و عشرين سنة- و هي أقصى عمره- و يبيض في السنة الثالثة من عمره عند ما ينتقش لونه- و يتم ريشه- و يبيض في السنة مرة واحدة اثنتي عشرة بيضة- في ثلاثة أيام- و يحضنها ثلاثين يوما- فيفرخ و يلقي ريشه مع سقوط ورق الشجر- و ينبته مع ابتداء نبات الورق- .

و الدجاج قد يحضن بيض الطاوس- و إنما يختار الدجاج لحضانته و إن وجدت الطاوسة- لأن الطاوس الذكر يعبث بالأنثى- و يشغلها عن الحضانة- و ربما انفقص البيض من تحتها- و لهذه العلة يخبأ كثير من الإناث محاضنها عن ذكرانها- و لا تقوى الدجاجة على أكثر من بيضتي طاوس- و ينبغي أن يتعهد الدجاجة حينئذ بتقريب العلف منها- . و قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ رحمه الله- في كتاب الحيوان- إن الطاوسة قد تبيض من الريح- بأن يكون في سفالة الريح و فوقها طاوس ذكر- فيحمل ريحه فتبيض منه و كذلك القبجة- . قال و بيض الريح قل أن يفرخ‏:

مِنْهَا فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ- فَلَوْ رَمَيْتَ بِبَصَرِ قَلْبِكَ نَحْوَ مَا يُوصَفُ لَكَ مِنْهَا- لَعَزَفَتْ نَفْسُكَ عَنْ بَدَائِعِ مَا أُخْرِجَ إِلَى الدُّنْيَا- مِنْ شَهَوَاتِهَا وَ لَذَّاتِهَا وَ زَخَارِفِ مَنَاظِرِهَا- وَ لَذَهِلَتْ بِالْفِكْرِ فِي اصْطِفَافِ أَشْجَارٍ- غُيِّبَتْ عُرُوقُهَا فِي كُثْبَانِ الْمِسْكِ عَلَى سَوَاحِلِ أَنْهَارِهَا- وَ فِي تَعْلِيقِ كَبَائِسِ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ فِي عَسَالِيجِهَا وَ أَفْنَانِهَا- وَ طُلُوعِ تِلْكَ الثِّمَارِ مُخْتَلِفَةً فِي غُلُفِ أَكْمَامِهَا- تُجْنَى مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ فَتَأْتِي عَلَى مُنْيَةِ مُجْتَنِيهَا- وَ يُطَافُ عَلَى نُزَّالِهَا فِي أَفْنِيَةِ قُصُورِهَا- بِالْأَعْسَالِ الْمُصَفَّقَةِ وَ الْخُمُورِ الْمُرَوَّقَةِ- قَوْمٌ لَمْ تَزَلِ الْكَرَامَةُ تَتَمَادَى بِهِمْ- حَتَّى حَلُّوا دَارَ الْقَرَارِ وَ أَمِنُوا نُقْلَةَ الْأَسْفَارِ- فَلَوْ شَغَلْتَ قَلْبَكَ أَيُّهَا الْمُسْتَمِعُ- بِالْوُصُولِ إِلَى مَا يَهْجُمُ عَلَيْكَ مِنْ تِلْكَ الْمَنَاظِرِ الْمُونِقَةِ- لَزَهِقَتْ نَفْسُكَ شَوْقاً إِلَيْهَا- وَ لَتَحَمَّلْتَ مِنْ مَجْلِسِي هَذَا- إِلَى مُجَاوَرَةِ أَهْلِ الْقُبُورِ اسْتِعْجَالًا بِهَا- جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَسْعَى بِقَلْبِهِ- إِلَى مَنَازِلِ الْأَبْرَارِ بِرَحْمَتِهِ قال الرضي رحمه الله تعالى- تفسير بعض ما في هذه الخطبة من الغريب- قوله ع يؤر بملاقحه الأر كناية عن النكاح- يقال أر الرجل المرأة يؤرها إذا نكحها- . و قوله ع كأنه قلع داري عنجه نوتيه- القلع شراع السفينة- و داري منسوب إلى دارين- و هي بلدة على البحر يجلب منها الطيب- و عنجه أي عطفه- يقال عنجت الناقة أعنجها عنجا إذا عطفتها- و النوتي الملاح- .

و قوله ع ضفتي جفونه أراد جانبي جفونه- و الضفتان الجانبان- . و قوله و فلذ الزبرجد- الفلذ جمع فلذة و هي القطعة- . و قوله ع كبائس اللؤلؤ الرطب- الكباسة العذق- و العساليج الغصون واحدها عسلوج رميت ببصر قلبك أي أفكرت و تأملت- و عزفت نفسك كرهت و زهدت- و الزخارف جمع زخرف و هو الذهب و كل مموه- . و اصطفاف الأشجار انتظامها صفا- و يروى في اصطفاق أغصان أي اضطرابها- . و يأتي على منية مجتنيها لا يترك له منية أصلا- لأنه يكون قد بلغ نهاية الأماني- . و العسل المصفق المصفى تحويلا من إناء إلى إناء- و المونقة المعجبة و زهقت نفسه مات- . و اعلم أنه لا مزيد في التشويق إلى الجنة- على ما ذكره الله تعالى في كتابه- فكل الصيد في جانب الفرا- .

و قد جاء عن رسول الله ص في ذلك أخبار صحيحة-فروى أسامة بن زيد قال سمعت رسول الله ص يذكر الجنة فقال- أ لا مشتر لها هي و رب الكعبة ريحانة تهتز- و نور يتلألأ و نهر يطرد- و زوجة لا تموت مع حبور و نعيم و مقام الأبدوروى أبو سعيد الخدري عنه ص أن الله سبحانه لما حوط حائط الجنة- لبنة من ذهب و لبنة من فضة و غرس غرسها- قال لها تكلمي فقالت قد أفلح المؤمنون- فقال طوبى لك منزل الملوك وروى جابر بن عبد الله عنه ع إذا دخل أهل الجنة الجنة قال لهم ربهم تعالى- أ تحبون أن أزيدكم- فيقولون و هل خير مما أعطيتنا- فيقول نعم رضواني أكبروعنه ع إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في الأكل و الشرب- فقيل له فهل يكون منهم حدث أو قال خبث- قال عرق يفيض من أعراضهم- كريح المسك يضمر منه البطن-

و روى الزمخشري في ربيع الأبرار- و مذهبه في الاعتزال و نصرة أصحابنا معلوم- و كذلك في انحرافه عن الشيعة و تسخيفه لمقالاتهم-أن رسول الله محمدا ص قال لما أسري بي أخذني جبرئيل- فأقعدني على درنوك من درانيك الجنة- ثم ناولني سفرجلة فبينا أنا أقلبها انفلقت- فخرجت منها جارية لم أر أحسن منها- فسلمت فقلت من أنت قالت أنا الراضية المرضية- خلقني الجبار من ثلاثة أصناف- أعلاي من عنبر

و أوسطي من كافور و أسفلي من مسك- ثم عجنني بماء الحيوان و قال لي كوني كذا فكنت- خلقني لأخيك و ابن عمك علي بن أبي طالب
– . قلت الدرنوك ضرب من البسط ذو خمل- و يشبه به فروة البعير- قال الراجزجعد الدرانيك رفل الأجلاد

شرح ‏نهج ‏البلاغة(ابن ‏أبي ‏الحديد) ج 9

Show More

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

Back to top button
-+=