google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
40-60 خطبه ها شرح ابن ابی الحدیدخطبه ها شرح ابن ابی الحدید(متن عربی)

خطبه 50 شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)

50 و من خطبة له ع

إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ وَ أَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ-  يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اللَّهِ-  وَ يَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالًا عَلَى غَيْرِ دِينِ اللَّهِ-  فَلَوْ أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ الْحَقِّ-  لَمْ يَخْفَ عَلَى الْمُرْتَادِينَ-  وَ لَوْ أَنَّ الْحَقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ الْبَاطِلِ-  انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ الْمُعَانِدِينَ-  وَ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ-  فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي الشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ-  وَ يَنْجُو الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ الْحُسْنَى المرتاد الطالب-  و الضغث من الحشيش القبضة منه-  قال الله تعالى وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً- .

يقول ع إن المذاهب الباطلة و الآراء الفاسدة-  التي يفتتن الناس بها أصلها اتباع الأهواء-  و ابتداع الأحكام التي لم تعرف يخالف فيها الكتاب-  و تحمل العصبية و الهوى على تولي أقوام قالوا بها-  على غير وثيقة من الدين-  و مستند وقوع هذه الشبهات-  امتزاج الحق بالباطل-  في النظر الذي هو الطريق إلى استعلام المجهولات-  فلو أن النظر تخلص مقدماته-  و ترتب قضاياه من قضايا باطلة-  لكان الواقع عنه هو العلم المحض-  و انقطع عنه ألسن المخالفين-  و كذلك لو كان النظر تخلص مقدماته من قضايا صحيحة-  بأن كان كله مبنيا على الفساد لظهر فساده لطلبة الحق-  و إنما يقع الاشتباه-  لامتزاج قضاياه الصادقة بالقضايا الكاذبة- .

مثال ذلك احتجاج من أجاز الرؤية-  بأن البارئ تعالى ذات موجودة-  و كل موجود يصح أن يرى فإحدى المقدمتين حق و الأخرى باطل-  فالتبس أمر النتيجة على كثير من الناس- . و مثال ما يكون المقدمتان جميعا باطلتين-  قول قوم من الباطنية البارئ لا موجود و لا معدوم-  و كل ما لا يكون موجودا و لا معدوما يصح أن يكون حيا قادرا-  فالبارئ تعالى يصح أن يكون حيا قادرا-  فهاتان المقدمتان جميعا باطلتان-  لا جرم أن هذه المقالة مرغوب عنها عند العقلاء- .و مثال ما تكون مقدماته حقا كلها-  العالم متغير و كل متغير ممكن فالعالم ممكن-  فهذا مما لا خلاف فيه بين العقلاء- . فإن قيل فما معنى قوله ع-  فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه-  و ينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى-  أ ليس هذا إشعارا بقول المجبرة و تلويحا به- .

قيل لا إشعار في ذلك بالجبر-  و مراده ع أنه إذا امتزج في النظر الحق بالباطل-  و تركبت المقدمات من قضايا صحيحة و فاسدة-  تمكن الشيطان من الإضلال و الإغواء-  و وسوس إلى المكلف-  و خيل له النتيجة الباطلة و أماله إليها و زينها عنده-  بخلاف ما إذا كانت المقدمات حقا كلها-  فإنه لا يقدر الشيطان-  على أن يخيل له ما يخالف العقل الصريح-  و لا يكون له مجال في تزيين الباطل عنده-  أ لا ترى أن الأوليات لا سبيل للإنسان إلى جحدها و إنكارها-  لا بتخييل الشيطان و لا بغير ذلك- .

 و معنى قوله على أوليائه-  أي على من عنده استعداد للجهل-  و تمرن على اتباع الهوى-  و زهد في تحقيق الأمور العقلية على وجهها-  تقليدا للأسلاف و محبة لأتباع المذهب المألوف-  فذاك هو الذي يستولي عليه الشيطان و يضله-  و ينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى-  و هم الذين يتبعون محض العقل-  و لا يركنون إلى التقليد-  و يسلكون مسلك التحقيق-  و ينظرون النظر الدقيق-  يجتهدون في البحث عن مقدمات أنظارهم-  و ليس في هذا الكلام تصريح بالجبر-  و لا إشعار به على وجه من الوجوه و هذا واضح- .

و حمل الراوندي قوله ع-  فلو أن الباطل خلص إلى آخره-  على أن المراد به نفي القياس في الشرع-  قال لأن القائسين يحملون المسكوت عنه على المنطوق-  فيمتزج المجهول بالمعلوم-  فيلتبس و يظن لامتزاج بعضه ببعض حقا و هذا غير مستقيم-  لأن لفظ الخطبة أن الحق يمتزج بالباطل-  و أصحاب القياس-  لا يسلمون أن استخراج العلة من الحكم المعلوم باطل-  بل يقولون إنه حق-  و إن الدليل الدال على ورود العبارة بالقياس-  قد أمنهم من كونه باطلا- .

و اعلم أن هذا الكلام الذي قاله ع حق إذا تأملته-  و إن لم تفسره على ما قدمناه من التفسير-  فإن الذين ضلوا من مقلدة اليهود و النصارى-  و أرباب المقالات الفاسدة-  من أهل الملة الإسلامية و غيرها-  إنما ضل أكثرهم بتقليد الأسلاف-  و من يحسن الظن فيه من الرؤساء و أرباب المذاهب-  و إنما قلدهم الأتباع لما شاهدوا من إصلاح ظواهرهم-  و رفضهم الدنيا و زهدهم فيها-  و إقبالهم على العبادة و تمسكهم بالدين-  و أمرهم بالمعروف و نهيهم عن المنكر-  و شدتهم في ذات الله-  و جهادهم في سبيله-  و قوتهم في‏ مذاهبهم و صلابتهم في عقائدهم-  فاعتقد الأتباع و الخلف و القرون-  التي جاءت بعدهم أن هؤلاء يجب اتباعهم-  و تحرم مخالفتهم-  و أن الحق معهم و أن مخالفهم مبتدع ضال-  فقلدوهم في جميع ما نقل إليهم عنهم-  و وقع الضلال و الغلط بذلك-  لأن الباطل استتر و انغمر-  بما مازجه من الحق الغالب الظاهر المشاهد عيانا-  أو الحكم الظاهر و لولاه لما تروج الباطل-  و لا كان له قبول أصلا

شرح ‏نهج ‏البلاغة(ابن ‏أبي ‏الحديد) ج 3   

Show More

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

Back to top button
-+=