google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
40-60 خطبه ها شرح ابن ابی الحدیدخطبه ها شرح ابن ابی الحدید(متن عربی)

خطبه 46 شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)

46 و من كلام له ع عند عزمه على المسير إلى الشام

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ- وَ كَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَ سُوءِ الْمَنْظَرِ- فِي الْأَهْلِ وَ الْمَالِ وَ الْوَلَدِ- اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ- وَ أَنْتَ الْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ- وَ لَا يَجْمَعُهُمَا غَيْرُكَ- لِأَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لَا يَكُونُ مُسْتَصْحَباً- وَ الْمُسْتَصْحَبُ لَا يَكُونُ مُسْتَخْلَفاً قال الرضي رحمه الله- و ابتداء هذا الكلام مروي عن رسول الله ص- و قد قفاه أمير المؤمنين ع بأبلغ كلام و تممه بأحسن تمام- من قوله و لا يجمعهما غيرك- إلى آخر الفصل وعثاء السفر مشقته- و أصل الوعث المكان السهل الكثير الدهس- تغيب فيه الأقدام- و يشق على من يمشي فيه- أوعث القوم أي وقعوا في الوعث و الكآبة الحزن- و المنقلب مصدر من انقلب منقلبا- أي رجع و سوء المنظر قبح المرأى- .و صدر الكلام مروي عن رسول الله ص في المسانيد الصحيحة- و ختمه أمير المؤمنين ع- و تممه بقوله و لا يجمعهما غيرك و هو الصحيح- لأن من يستصحب لا يكون مستخلفا فإنه مستحيل- أن يكون الشي‏ء الواحد في المكانين مقيما و سائرا- و إنما تصح هذه القضية في الأجسام- لأن الجسم الواحد لا يكون في جهتين في وقت واحد- فأما ما ليس بجسم و هو البارئ سبحانه فإنه في كل مكان- لا على معنى أن ذاته ليست مكانية- و إنما المراد علمه و إحاطته و نفوذ حكمه و قضائه و قدره- فقد صدق ع أنه المستخلف و أنه المستصحب- و أن الأمرين مجتمعان له جل اسمه- . و هذا الدعاء- دعا به أمير المؤمنين ع بعد وضع رجله في الركاب- من منزله بالكوفة- متوجها إلى الشام لحرب معاوية و أصحابه- ذكره نصر بن مزاحم في كتاب صفين- و ذكره غيره أيضا من رواة السيرة

أدعية علي عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية

قال نصر لما وضع علي ع رجله في ركاب دابته- يوم خرج من الكوفة إلى صفين- قال بسم الله فلما جلس على ظهرها- قال سبحان الذي سخر لنا هذا- و ما كنا له مقرنين- و إنا إلى ربنا لمنقلبون- اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر- إلى آخر الفصل- و زاد فيه نصر و من الحيرة بعد اليقين- قال ثم خرج أمامه الحر بن سهم بن طريف- و هو يرتجز و يقول-

يا فرسي سيري و أمي الشاما
و قطعي الحزون و الأعلاما

و نابذي من خالف الإماما
إني لأرجو إن لقينا العاما

جمع بني أمية الطغاما
أن نقتل العاصي و الهماما

و أن نزيل من رجال هاما

 قال و قال حبيب بن مالك- و هو على شرطة علي ع و هو آخذ بعنان دابته- يا أمير المؤمنين- أ تخرج بالمسلمين فيصيبوا أجر الجهاد بالقتال- و تخلفني بالكوفة لحشر الرجال- فقال ع إنهم لن يصيبوا من الأجر شيئا إلا كنت شريكهم فيه- و أنت هاهنا أعظم غناء عنهم منك لو كنت معهم- فخرج علي ع حتى إذا حاذى الكوفة صلى ركعتين قال و حدثنا عمرو بن خالد- عن أبي الحسين زيد بن علي ع- عن آبائه أن عليا ع خرج و هو يريد صفين- حتى إذا قطع النهر أمر مناديه فنادى بالصلاة- فتقدم فصلى ركعتين- حتى إذا قضى الصلاة- أقبل على الناس بوجهه-فقال أيها الناس- ألا من كان مشيعا أو مقيما فليتم الصلاة- فإنا قوم سفر- ألا و من صحبنا فلا يصومن المفروض- و الصلاة المفروضة ركعتان- .

قال نصر ثم خرج حتى نزل دير أبي موسى- و هو من الكوفة على فرسخين- فصلى به العصر فلما انصرف من الصلاة-قال سبحان الله ذي الطول و النعم- سبحان الله ذي القدرة و الإفضال- أسأل الله الرضا بقضائه- و العمل بطاعته و الإنابة إلى أمره- إنه سميع الدعاء- .

قال نصر ثم خرج ع حتى نزل على شاطئ نرس- بين موضع حمام أبي بردة و حمام عمر- فصلى بالناس المغرب فلما انصرف-
قال الحمد لله الذي يولج‏ الليل في النهار- و يولج النهار في الليل- و الحمد لله كلما وقب ليل و غسق- و الحمد لله كلما لاح نجم و خفق- . ثم أقام حتى صلى الغداة- ثم شخص حتى بلغ إلى قبة قبين- و فيها نخل طوال إلى جانب البيعة من وراء النهر- فلما رآها قال- و النخل باسقات لها طلع نضيد- ثم أقحم دابته النهر- فعبر إلى تلك البيعة فنزلها- و مكث قدر الغداء- .

قال نصر و حدثنا عمر بن سعد- عن محمد بن مخنف بن سليم- قال إني لأنظر إلى أبي و هو يساير عليا ع- و علي يقول له إن بابل أرض قد خسف بها- فحرك دابتك لعلنا نصلي العصر خارجا منها- فحرك دابته و حرك الناس دوابهم في أثره- فلما جاز جسر الفرات- نزل فصلى بالناس العصر- قال حدثني عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة الثقفي- عن أبيه عن عبد خير- قال كنت مع علي أسير في أرض بابل- قال و حضرت الصلاة صلاة العصر- قال فجعلنا لا نأتي مكانا إلا رأيناه أفيح من الآخر- قال حتى أتينا على مكان أحسن ما رأينا- و قد كادت الشمس أن تغيب- قال فنزل علي ع فنزلت معه- قال فدعا الله- فرجعت الشمس كمقدارها من صلاة العصر- قال فصليت العصر ثم غابت الشمس- ثم خرج حتى أتى دير كعب- ثم خرج منه فبات بساباط- فأتاه دهاقينها يعرضون عليه النزل و الطعام- فقال لا ليس ذلك لنا عليكم- فلما أصبح و هو بمظلم ساباط-قرأ أَ تَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ- . قال نصر و بلغ عمرو بن العاص مسيره فقال-

لا تحسبني يا علي غافلا
لأوردن الكوفة القنابلا
بجمعي العام و جمعي قابلا

قال فبلغ ذلك عليا عفقال‏

لأوردن العاصي ابن العاصي
سبعين ألفا عاقدي النواصي‏

مستحقبين حلق الدلاص‏
قد جنبوا الخيل مع القلاص‏

أسود غيل حين لا مناص‏
نزول علي بكربلاء

قال نصر و حدثنا منصور بن سلام التميمي قال حدثنا حيان التيمي عن أبي عبيدة عن هرثمة بن سليم قال غزونا مع علي ع صفين- فلما نزل بكربلاء صلى بنا- فلما سلم رفع إليه من تربتها فشمها- ثم قال واها لك يا تربة- ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب- .

قال فلما رجع هرثمة من غزاته إلى امرأته- جرداء بنت سمير و كانت من شيعة علي ع- حدثها هرثمة فيما حدث- فقال لها ألا أعجبك من صديقك أبي حسن-قال لما نزلنا كربلاء- و قد أخذ حفنة من تربتها فشمها- و قال واها لك أيتها التربة- ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب و ما علمه بالغيب فقالت المرأة له دعنا منك أيها الرجل- فإن أمير المؤمنين ع لم يقل إلا حقا- . قال فلما بعث عبيد الله بن زياد- البعث الذي بعثه إلى الحسين ع- كنت في الخيل التي بعث إليهم- فلما انتهيت إلى الحسين ع و أصحابه- عرفت المنزل الذي نزلنا فيه مع علي ع- و البقعة التي رفع إليه من تربتها و القول الذي قاله- فكرهت مسيري- فأقبلت على فرسي حتى وقفت على الحسين ع فسلمت عليه- و حدثته بالذي سمعت من أبيه في هذا المنزل-.

فقال الحسين أ معنا أم علينا- فقلت يا ابن رسول الله لا معك و لا عليك- تركت ولدي و عيالي أخاف عليهم من ابن زياد- فقال الحسين ع فول هربا حتى لا ترى مقتلنا- فو الذي نفس حسين بيده- لا يرى اليوم مقتلنا أحد ثم لا يعيننا إلا دخل النار- . قال فأقبلت في الأرض أشتد هربا حتى خفي على مقتلهم- .

قال نصر و حدثنا مصعب قال حدثنا الأجلح بن عبد الله الكندي عن أبي جحيفة قال جاء عروة البارقي إلى سعد بن وهب فسأله فقال حديث حدثتناه عن علي بن أبي طالب- قال نعم بعثني مخنف بن سليم إلى علي عند توجهه إلى صفين- فأتيته بكربلاء فوجدته يشير بيده- و يقول هاهنا هاهنا- فقال له‏ رجل و ما ذاك يا أمير المؤمنين- فقال ثقل لآل محمد ينزل هاهنا- فويل لهم منكم و ويل لكم منهم- فقال له الرجل ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين- قال ويل لهم منكم تقتلونهم- و ويل لكم منهم يدخلكم الله بقتلهم النارقال نصر و قد روي هذا الكلام على وجه آخر أنه ع قال فويل لكم منهم و ويل لكم عليهم- فقال الرجل أما ويل لنا منهم فقد عرفناه- فويل لنا عليهم ما معناه- فقال ترونهم يقتلون لا تستطيعون نصرتهم قال نصر و حدثنا سعيد بن حكيم العبسي عن الحسن بن كثير عن أبيه أن عليا ع أتى كربلاء فوقف بها- فقيل له يا أمير المؤمنين هذه كربلاء- فقال ذات كرب و بلاء ثم أومأ بيده إلى مكان- فقال هاهنا موضع رحالهم و مناخ ركابهم- ثم أومأ بيده إلى مكان آخر- فقال هاهنا مراق دمائهم- ثم مضى إلى ساباط خروج علي لحرب معاوية و ما دار بينه و بين أصحابه
و ينبغي أن نذكر هاهنا ابتداء عزمه على مفارقة الكوفة- و المسير إلى الشام و ما خاطب به أصحابه- و ما خاطبوه به- و ما كاتب به العمال و كاتبوه جوابا عن كتبه- و جميع ذلك منقول من كتاب نصر بن مزاحم- .

قال نصر حدثنا عمر بن سعد عن إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الرحمن بن عبيد أبي الكنود قال لما أراد علي ع المسير إلى الشام- دعا من كان معه من المهاجرين و الأنصار- فجمعهم ثم حمد الله و أثنى عليه- و قال أما بعد فإنكم ميامين‏ الرأي مراجيح الحلم- مباركو الأمر و مقاويل بالحق- و قد عزمنا على المسير إلى عدونا و عدوكم- فأشيروا علينا برأيكم- . فقام هاشم بن عتبة بن أبي وقاص- فحمد الله و أثنى عليه- و قال أما بعد يا أمير المؤمنين- فأنا بالقوم جد خبير- هم لك و لأشياعك أعداء- و هم لمن يطلب حرث الدنيا أولياء- و هم مقاتلوك و مجادلوك- لا يبقون جهدا مشاحة على الدنيا- و ضنا بما في أيديهم منها- ليس لهم إربة غيرها- إلا ما يخدعون به الجهال من طلب دم ابن عفان- كذبوا ليس لدمه ينفرون- و لكن الدنيا يطلبون- انهض بنا إليهم- فإن أجابوا إلى الحق- فليس بعد الحق إلا الضلال- و إن أبوا إلا الشقاق فذاك ظني بهم- و الله ما أراهم يبايعون- و قد بقي فيهم أحد ممن يطاع إذا نهى و يسمع إذا أمر- .

قال نصر و حدثنا عمر بن سعد- عن الحارث بن حصيرة- عن عبد الرحمن بن عبيد أبي الكنود- أن عمار بن ياسر قام فحمد الله و أثنى عليه- و قال يا أمير المؤمنين- إن استطعت ألا تقيم يوما واحدا فافعل- اشخص بنا قبل استعار نار الفجرة- و اجتماع رأيهم على الصدود و الفرقة- و ادعهم إلى حظهم و رشدهم- فإن قبلوا سعدوا- و إن أبوا إلا حربنا- فو الله إن سفك دمائهم- و الجد في جهادهم- لقربة عند الله و كرامة منه- ثم قام قيس بن سعد بن عبادة- فحمد الله و أثنى عليه- ثم قال يا أمير المؤمنين- انكمش بنا إلى عدونا و لا تعرج- فو الله لجهادهم أحب إلي من جهاد الترك‏ و الروم- لإدهانهم في دين الله- و استذلالهم أولياء الله من أصحاب محمد ص- من المهاجرين و الأنصار و التابعين بإحسان- إذا غضبوا على رجل حبسوه و ضربوه و حرموه و سيروه- و فيئنا لهم في أنفسهم حلال- و نحن لهم فيما يزعمون قطين- قال يعني رقيق- فقال أشياخ الأنصار- منهم خزيمة بن ثابت و أبو أيوب و غيرهما- لم تقدمت أشياخ قومك و بدأتهم بالكلام يا قيس- فقال أما إني عارف بفضلكم معظم لشأنكم- و لكني وجدت في نفسي الضغن الذي في صدوركم- جاش حين ذكرت الأحزاب- .

فقال بعضهم لبعض- ليقم رجل منكم فليجب أمير المؤمنين عن جماعتكم- فقام سهل بن حنيف فحمد الله و أثنى عليه- ثم قال يا أمير المؤمنين نحن سلم لمن سالمت- و حرب لمن حاربت و رأينا رأيك و نحن يمينك- و قد رأينا أن تقوم بهذا الأمر في أهل الكوفة- فتأمرهم بالشخوص- و تخبرهم بما صنع لهم في ذلك من الفضل- فإنهم أهل البلد و هم الناس- فإن استقاموا لك استقام لك الذي تريد و تطلب- فأما نحن فليس عليك خلاف منا- متى دعوتنا أجبناك و متى أمرتنا أطعناك- .

قال نصر فحدثنا عمر بن سعد عن أبي مخنف عن زكريا بن الحارث عن أبي خشيش عن معبد قال قام علي ع خطيبا على منبره فكنت تحت المنبر- أسمع تحريضه الناس- و أمره لهم بالمسير إلى صفين لقتال أهل الشام- فسمعته يقول‏سيروا إلى أعداء الله- سيروا إلى أعداء القرآن و السنن- سيروا إلى بقية الأحزاب و قتلة المهاجرين و الأنصار- فقام رجل من بني فزارة- فقال له أ تريد أن تسير بنا إلى إخواننا من أهل الشام- فنقتلهم لك- كما سرت بنا إلى إخواننا من أهل البصرة فقتلتهم- كلا ها الله إذا لا نفعل ذلك- . فقام الأشتر فقال من هذا المارق- . فهرب الفزاري و اشتد الناس على أثره- فلحق في مكان من السوق تباع فيه البراذين- فوطئوه بأرجلهم- و ضربوه بأيديهم و نعال سيوفهم حتى قتل-فأتى علي ع فقيل له يا أمير المؤمنين قتل الرجل- قال و من قتله- قالوا قتلته همدان و معهم شوب من الناس- فقال قتيل عمية لا يدرى من قتله- ديته من بيت مال المسلمين- فقال بعض بني تيم اللات بن ثعلبة-

أعوذ بربي أن تكون منيتي
كما مات في سوق البراذين أربد

تعاوره همدان خفق نعالهم‏
إذا رفعت عنه يد وضعت يد

فقام الأشتر- فقال يا أمير المؤمنين لا يهدنك ما رأيت- و لا يؤيسنك من نصرنا- ما سمعت من مقالة هذا الشقي الخائن- إن جميع من ترى من الناس شيعتك- لا يرغبون بأنفسهم عن نفسك- و لا يحبون البقاء بعدك- فإن شئت فسر بنا إلى عدوك- فو الله ما ينجو من الموت من خافه- و لا يعطي البقاء من أحبه- و إنا لعلى بينة من ربنا- و إن أنفسنا لن تموت حتى يأتي أجلها- و كيف لا نقاتل قوما هم كما وصف أمير المؤمنين- و قد وثبت عصابة منهم على طائفة من المسلمين بالأمس- و باعوا خلاقهم بعرض من الدنيا يسير- .

فقال علي ع الطريق مشترك و الناس في الحق سواء- و من اجتهد رأيه في نصيحة العامة فقد قضى ما عليه- ثم نزل فدخل منزله
– . قال نصر و حدثنا عمر بن سعد- قال حدثني أبو زهير العبسي- عن النضر بن صالح- أن عبد الله بن المعتم العبسي- و حنظلة بن الربيع التميمي- لما أمر علي ع الناس بالمسير إلى الشام- دخلا عليه في رجال كثير من غطفان و بني تميم- فقال له حنظلة يا أمير المؤمنين- إنا قد مشينا إليك في نصيحة فاقبلها- و رأينا لك رأيا فلا تردنه علينا- فإنا نظرنا لك و لمن معك- أقم و كاتب هذا الرجل- و لا تعجل إلى قتال أهل الشام- فإنا و الله ما ندري و لا تدري لمن تكون الغلبة إذا التقيتم- و لا على من تكون الدبرة- . و قال ابن المعتم مثل قوله- و تكلم القوم الذين دخلوا معهما بمثل كلامهما-فحمد علي ع الله و أثنى ثم قال- أما بعد فإن الله وارث العباد و البلاد- و رب السموات السبع و الأرضين السبع- و إليه ترجعون يؤتي الملك من يشاء- و ينزع الملك ممن يشاء- و يعز من يشاء و يذل من يشاء- أما الدبرة- فإنها على الضالين العاصين ظفروا أو ظفر بهم- و ايم الله إني لأسمع كلام قوم ما أراهم يعرفون معروفا- و لا ينكرون منكرا- . فقام إليه معقل بن قيس الرياحي- فقال يا أمير المؤمنين إن هؤلاء و الله ما آثروك بنصح- و لا دخلوا عليك إلا بغش- فاحذرهم فإنهم أدنى العدو- . و قال له مالك بن حبيب- إنه بلغني يا أمير المؤمنين- أن حنظلة هذا يكاتب معاوية- فادفعه إلينا نحبسه حتى تنقضي غزاتك و تنصرف- .و قام من بني عبس قائد بن بكير- و عياش بن ربيعة العبسيان- فقالا يا أمير المؤمنين- إن صاحبنا عبد الله بن المعتم- قد بلغنا أنه يكاتب معاوية- فاحبسه أو مكنا من حبسه- حتى تنقضي غزاتك ثم تنصرف- . فقالا هذا جزاء لمن نظر لكم- و أشار عليكم بالرأي فيما بينكم و بين عدوكم- .
فقال لهما علي ع الله بيني و بينكم و إليه أكلكم- و به أستظهر عليكم اذهبوا حيث شئتم قال نصر و بعث علي ع إلى حنظلة بن الربيع- المعروف بحنظلة الكاتب و هو من الصحابة- فقال له يا حنظلة أنت علي أم لي- فقال لا لك و لا عليك- قال فما تريد- قال اشخص إلى الرها فإنه فرج من الفروج- اصمد له حتى ينقضي هذا الأمر – . فغضب من قوله خيار بني عمرو بن تميم و هم رهطه- فقال إنكم و الله لا تغروني من ديني- دعوني فأنا أعلم منكم- فقالوا و الله إن لم تخرج مع هذا الرجل- لا ندع فلانة تخرج معك لأم ولده و لا ولدها- و لئن أردت ذلك لنقتلنك- . فأعانه ناس من قومه و اخترطوا سيوفهم- فقال أجلوني حتى أنظر- و دخل منزله و أغلق بابه- حتى إذا أمسى هرب إلى معاوية- و خرج من بعده إليه من قومه رجال كثير- و هرب ابن المعتم أيضا- حتى أتى معاوية في أحد عشر رجلا من قومه- . و أما حنظلة فخرج إلى معاوية في ثلاثة و عشرين رجلا من قومه- لكنهما لم يقاتلا مع معاوية و اعتزلا الفريقين جميعا- .و قال و أمر علي ع بهدم دار حنظلة فهدمت- هدمها عريفهم شبث بن ربعي و بكر بن تميم- فقال حنظلة بهجوهما-

أيا راكبا إما عرضت فبلغن
مغلغلة عني سراة بني عمرو

فأوصيكم بالله و البر و التقى‏
و لا تنظروا في النائبات إلى بكر

و لا شبث ذي المنخرين كأنه
أزب جمال قد رغا ليلة النفر

و قال أيضا يحرض معاوية بن أبي سفيان-

أبلغ معاوية بن حرب خطة
و لكل سائلة تسيل قرار

لا تقبلن دنية ترضونها
في الأمر حتى تقتل الأنصار

و كما تبوء دماؤهم بدمائكم
و كما تهدم بالديار ديار

و ترى نساؤهم يجلن حواسرا
و لهن من ثكل الرجال جؤار

قال نصر حدثنا عمر بن سعد- عن سعد بن طريف- عن أبي المجاهد عن المحل بن خليفة- قال قام عدي بن حاتم الطائي بين يدي علي ع- فحمد الله و أثنى عليه- و قال يا أمير المؤمنين ما قلت إلا بعلم- و لا دعوت إلا إلى حق و لا أمرت إلا برشد- و لكن إذا رأيت أن تستأني هؤلاء القوم- و تستديمهم حتى تأتيهم كتبك- و يقدم عليهم رسلك فعلت- فإن يقبلوا يصيبوا رشدهم و العافية أوسع لنا و لهم-و إن يتمادوا في الشقاق و لا ينزعوا عن الغي فسر إليهم- و قد قدمنا إليهم بالعذر- و دعوناهم إلى ما في أيدينا من الحق- فو الله لهم من الحق أبعد و على الله أهون- من قوم قاتلناهم أمس بناحية البصرة- لما دعوناهم إلى الحق فتركوه- ناوجناهم براكاء القتال- حتى بلغنا منهم ما نحب و بلغ الله منهم رضاه- . فقام زيد بن حصين الطائي و كان من أصحاب البرانس المجتهدين- فقال الحمد لله حتى يرضى و لا إله إلا الله ربنا- أما بعد فو الله إن كنا في شك من قتال من خالفنا- و لا تصلح لنا النية في قتالهم حتى نستديمهم و نستأنيهم- ما الأعمال إلا في تباب- و لا السعي إلا في ضلال- و الله تعالى يقول وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ- إننا و الله ما ارتبنا طرفة عين فيمن يتبعونه- فكيف بأتباعه القاسية قلوبهم- القليل من الإسلام حظهم- أعوان الظلمة و أصحاب الجور و العدوان- ليسوا من المهاجرين و لا الأنصار و لا التابعين بإحسان- . فقام رجل من طيئ فقال- يا زيد بن حصين أ كلام سيدنا عدي بن حاتم تهجن- فقال زيد ما أنتم بأعرف بحق عدي مني- و لكني لا أدع القول بالحق و إن سخط الناس- .

قال نصر و حدثنا عمر بن سعد- عن الحارث بن حصين- قال دخل أبو زينب‏ بن عوف على علي ع فقال يا أمير المؤمنين- لئن كنا على الحق لأنت أهدانا سبيلا- و أعظمنا في الخير نصيبا- و لئن كنا على ضلال إنك لأثقلنا ظهرا و أعظمنا وزرا- قد أمرتنا بالمسير إلى هذا العدو- و قد قطعنا ما بيننا و بينهم من الولاية- و أظهرنا لهم العداوة- نريد بذلك ما يعلمه الله تعالى من طاعتك- أ ليس الذي نحن عليه هو الحق المبين- و الذي عليه عدونا هو الحوب الكبير- .

فقال ع بلى- شهدت أنك إن مضيت معنا ناصرا لدعوتنا- صحيح النية في نصرنا قد قطعت منهم الولاية- و أظهرت لهم العداوة كما زعمت- فإنك ولي الله تسبح في رضوانه- و تركض في طاعته فأبشر أبا زينب- . و قال له عمار بن ياسر اثبت أبا زينب- و لا تشك في الأحزاب أعداء الله و رسوله- . فقال أبو زينب- ما أحب أن لي شاهدين من هذه الأمة- شهدا لي عما سألت من هذا الأمر الذي أهمني مكانكما- . قال و خرج عمار بن ياسر و هو يقول-

سيروا إلى الأحزاب أعداء النبي
سيروا فخير الناس أتباع علي‏

هذا أوان طاب سل المشرفي‏
وقودنا الخيل و هز السمهري‏

قال نصر و حدثنا عمر بن سعد عن أبي روق- قال دخل يزيد بن قيس الأرحبي على علي ع- فقال يا أمير المؤمنين نحن أولو جهاز و عدة- و أكثرالناس أهل قوة- و من ليس به ضعف و لا علة فمر مناديك- فليناد الناس يخرجوا إلى معسكرهم بالنخيلة- فإن أخا الحرب ليس بالسئوم و لا النئوم- و لا من إذا أمكنته الفرص أجلها و استشار فيها- و لا من يؤخر عمل الحرب في اليوم لغد و بعد غد- . فقال زياد بن النضر- لقد نصح لك يزيد بن قيس يا أمير المؤمنين- و قال ما يعرف فتوكل على الله و ثق به- و اشخص بنا إلى هذا العدو راشدا معانا- فإن يرد الله بهم خيرا- لا يتركوك رغبة عنك إلى من ليس له مثل سابقتك و قدمك- و إلا ينيبوا و يقبلوا و يأبوا إلا حربنا- نجد حربهم علينا هينا- و نرجو أن يصرعهم الله مصارع إخوانهم بالأمس- . ثم قام عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي- فقال يا أمير المؤمنين إن القوم لو كانوا الله يريدون- و لله يعملون ما خالفونا- و لكن القوم إنما يقاتلوننا فرارا من الأسوة- و حبا للأثرة و ضنا بسلطانهم- و كرها لفراق دنياهم التي في أيديهم- و على إحن في نفوسهم- و عداوة يجدونها في صدورهم- لوقائع أوقعتها يا أمير المؤمنين بهم قديمة- قتلت فيها آباءهم و أعوانهم- . ثم التفت إلى الناس- فقال كيف يبايع معاوية عليا- و قد قتل أخاه حنظلة و خاله الوليد- و جده عتبة في موقف واحد- و الله ما أظنهم يفعلون- و لن يستقيموا لكم دون أن تقصف فيهم قنا المران- و تقطع على هامهم السيوف- و تنثر حواجبهم بعمد الحديد- و تكون أمور جمة بين الفريقين- .

قال نصر و حدثنا عمر بن سعد عن الحارث بن حصين عن عبد الله بن شريك قال خرج حجر بن عدي و عمرو بن الحمق- يظهران البراءة من أهل الشام- فأرسل علي ع إليهما أن كفا عما يبلغني عنكما فأتياه- فقالا يا أمير المؤمنين أ لسنا محقين قال بلى- قالا أ و ليسوا مبطلين قال بلى- قالا فلم منعتنا من شتمهم- قال كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين- تشتمون و تتبرءون- و لكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم- فقلتم من سيرتهم كذا و كذا- و من أعمالهم كذا و كذا- كان أصوب في القول و أبلغ في العذر- و قلتم مكان لعنكم إياهم- و براءتكم منهم- اللهم احقن دماءهم و دماءنا- و أصلح ذات بينهم و بيننا- و اهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق منهم من جهله- و يرعوي عن الغي و العدوان منهم من لهج به- لكان أحب إلي و خيرا لكم- فقالا يا أمير المؤمنين نقبل عظتك و نتأدب بأدبك- .

قال نصر و قال له عمرو بن الحمق يومئذ- و الله يا أمير المؤمنين إني ما أحببتك- و لا بايعتك على قرابة بيني و بينك- و لا إرادة مال تؤتينيه- و لا التماس سلطان ترفع ذكري به- و لكنني أحببتك بخصال خمس- إنك ابن عم رسول الله ص و وصيه- و أبو الذرية التي بقيت فينا من رسول الله ص- و أسبق الناس إلى الإسلام- و أعظم المهاجرين سهما في الجهاد- فلو أني كلفت نقل الجبال الرواسي- و نزح البحور الطوامي- حتى يأتي علي يومي في أمر أقوي به وليك و أهين عدوك- ما رأيت أني قد أديت فيه كل الذي يحق علي من حقك- .
فقال علي ع اللهم نور قلبه بالتقى- و اهده إلى صراطك المستقيم-

ليت أن في جندي مائة مثلك

فقال حجر إذا و الله يا أمير المؤمنين- صح جندك و قل فيهم من يغشك- . قال نصر و قام حجر بن عدي- فقال يا أمير المؤمنين نحن بنو الحرب و أهلها- الذين نلقحها و ننتجها- قد ضارستنا و ضارسناها- و لنا أعوان و عشيرة ذات عدد و رأي مجرب و بأس محمود- و أزمتنا منقادة لك بالسمع و الطاعة- فإن شرقت شرقنا- و إن غربت غربنا- و ما أمرتنا به من أمر فعلنا-فقال علي ع أ كل قومك يرى مثل رأيك- قال ما رأيت منهم إلا حسنا- و هذه يدي عنهم بالسمع و الطاعة و حسن الإجابة- فقال له علي ع خيرا- .

قال نصر حدثنا عمر بن سعد- قال كتب ع إلى عماله حينئذ يستفزهم-فكتب إلى مخنف بن سليم سلام عليك- فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد- فإن جهاد من صدف عن الحق رغبة عنه- و عب في نعاس العمى و الضلال اختيارا له- فريضة على العارفين- إن الله يرضى عمن أرضاه- و يسخط على من عصاه- و إنا قد هممنا بالسير إلى هؤلاء القوم- الذين عملوا في عباد الله بغير ما أنزل الله- و استأثروا بالفي‏ء و عطلوا الحدود و أماتوا الحق- و أظهروا في الأرض الفساد- و اتخذوا الفاسقين وليجة من دون المؤمنين- فإذا ولي لله أعظم أحداثهم أبغضوه و أقصوه و حرموه- و إذا ظالم ساعدهم على ظلمهم أحبوه و أدنوه و بروه- فقد أصروا على الظلم- و أجمعوا على الخلاف- و قديما ما صدوا عن الحق- و تعاونوا على الإثم و كانوا ظالمين- فإذا أتيت بكتابي هذا- فاستخلف على عملك أوثق أصحابك في نفسك- و أقبل إلينا لعلك تلقى معنا هذا العدوالمحل- فتأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر- و تجامع الحق و تباين الباطل- فإنه لا غناء بنا و لا بك عن أجر الجهاد- و حسبنا الله و نعم الوكيل– .

و كتبه عبيد الله بن أبي رافع في سنة سبع و ثلاثين- . قال فاستعمل مخنف على أصبهان الحارث- بن أبي الحارث بن الربيع- و استعمل على همذان سعيد بن وهب و كلاهما من قومه- و أقبل حتى شهد مع علي ع صفين- . قال نصر- و كتب عبد الله بن العباس من البصرة إلى علي ع- يذكر له اختلاف أهل البصرة-فكتب إليه علي ع من عبد الله علي أمير المؤمنين- إلى عبد الله بن عباس- أما بعد فقد قدم علي رسولك- و قرأت كتابك- تذكر فيه حال أهل البصرة- و اختلافهم بعد انصرافي عنهم- و سأخبرك عن القوم- و هم بين مقيم لرغبة يرجوها- أو خائف من عقوبة يخشاها- فأرغب راغبهم بالعدل عليه- و الإنصاف له و الإحسان إليه- و احلل عقدة الخوف عن قلوبهم- و انته إلى أمري و لا تعده- و أحسن إلى هذا الحي من ربيعة- و كل من قبلك فأحسن إليه ما استطعت إن شاء الله- .

قال نصر و كتب إلى أمراء أعماله كلهم- بنحو ما كتب به إلى مخنف بن سليم و أقام ينتظرهم- . قال فحدثنا عمر بن سعد عن أبي روق- قال قال زياد بن النضر الحارثي لعبد الله بن بديل- إن يومنا اليوم عصبصب ما يصبر عليه إلا كل مشيع القلب- الصادق‏النية رابط الجأش- و ايم الله ما أظن ذلك اليوم يبقي منهم- و لا منا إلا الرذال- . فقال عبد الله بن بديل أنا و الله أظن ذلك- فبلغ كلامهما عليا ع فقال لهما ليكن هذا الكلام مخزونا في صدوركما لا تظهراه- و لا يسمعه منكما سامع- إن الله كتب القتل على قوم و الموت على آخرين- و كل آتيه منيته كما كتب الله له- فطوبى للمجاهدين في سبيله و المقتولين في طاعته- .

قال نصر فلما سمع هاشم بن عتبة ما قالاه- أتى عليا ع- فقال سر بنا يا أمير المؤمنين إلى هؤلاء القوم- القاسية قلوبهم- الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم- و عملوا في عباد الله بغير رضا الله- فأحلوا حرامه و حرموا حلاله- و استوى بهم الشيطان و وعدهم الأباطيل- و مناهم الأماني حتى أزاغهم عن الهدى- و قصد بهم قصد الردى- و حبب إليهم الدنيا- فهم يقاتلون على دنياهم رغبة فيها- كرغبتنا في الآخرة و انتجاز موعد ربنا- و أنت يا أمير المؤمنين- أقرب الناس من رسول الله ص رحما- و أفضل الناس سابقة و قدما- و هم يا أمير المؤمنين يعلمون منك مثل الذي نعلم- و لكن كتب عليهم الشقاء- و مالت بهم الأهواء و كانوا ظالمين- فأيدينا مبسوطة لك بالسمع و الطاعة- و قلوبنا منشرحة لك ببذل النصيحة- و أنفسنا تنصرك على من خالفك- و تولى الأمر دونك جذلة- و الله ما أحب أن لي ما على الأرض مما أقلت- و لا ما تحت السماء مما أظلت- و أني واليت عدوا لك- أو عاديت وليا لك-

فقال ع اللهم ارزقه الشهادة في سبيلك و المرافقة لنبيك قال نصر ثم إن عليا ع صعد المنبر فخطب الناس- و دعاهم إلى الجهاد فبدأ بحمد الله و الثناء عليه- ثم قال‏إن الله قد أكرمكم بدينه و خلقكم لعبادته- فانصبوا أنفسكم في أداء حقه- و تنجزوا موعوده- و اعلموا أن الله جعل أمراس الإسلام متينة و عراه وثيقة- ثم جعل الطاعة حظ الأنفس و رضا الرب- و غنيمة الأكياس عند تفريط العجزة- و قد حملت أمر أسودها و أحمرها- و لا قوة إلا بالله- و نحن سائرون إن شاء الله إلى من سفه نفسه- و تناول ما ليس له و ما لا يدركه معاوية و جنده- الفئة الطاغية الباغية يقودهم إبليس- و يبرق لهم ببارق تسويفه و يدليهم بغروره- و أنتم أعلم الناس بالحلال و الحرام- فاستغنوا بما علمتم- و احذروا ما حذركم الله من الشيطان- و ارغبوا فيما عنده من الأجر و الكرامة- و اعلموا أن المسلوب من سلب دينه و أمانته- و المغرور من آثر الضلالة على الهدى- فلا أعرفن أحدا منكم تقاعس عني- و قال في غيري كفاية- فإن الذود إلى الذود إبل- و من لا يذد عن حوضه يتهدم- ثم إني آمركم بالشدة في الأمر و الجهاد في سبيل الله- و ألا تغتابوا مسلما- و انتظروا للنصر العاجل من الله إن شاء الله قال نصر ثم قام ابنه الحسن بن علي ع فقال- الحمد لله لا إله غيره و لا شريك له- ثم قال إن مما عظم الله عليكم من حقه- و أسبغ عليكم من نعمه ما لا يحصى ذكره- و لا يؤدى شكره و لا يبلغه قول و لا صفة- و نحن إنما غضبنا لله و لكم- إنه لم يجتمع قوم قط على أمر واحد إلا اشتد أمرهم- و استحكمت عقدتهم- فاحتشدوا في قتال عدوكم معاوية و جنوده و لا تخاذلوا- فإن الخذلان يقطع نياط القلوب- و إن الإفدام على الأسنة نخوة و عصمة- لم يتمنع قوم قط إلا رفع الله عنهم العلة- و كفاهم جوائح الذلة- و هداهم إلى معالم الملة ثم أنشد-

و الصلح تأخذ منه ما رضيت به
و الحرب يكفيك من أنفاسها جرع‏

ثم قام الحسين بن علي ع فحمد الله و أثنى عليه- و قال يا أهل الكوفة- أنتم الأحبة الكرماء و الشعار دون الدثار- جدوا في إطفاء ما دثر بينكم- و تسهيل ما توعر عليكم- ألا إن الحرب شرها ذريع و طعمها فظيع- فمن أخذ لها أهبتها- و استعد لها عدتها- و لم يألم كلومها قبل حلولها فذاك صاحبها- و من عاجلها قبل أوان فرصتها- و استبصار سعيه فيها- فذاك قمن ألا ينفع قومه و أن يهلك نفسه- نسأل الله بقوته أن يدعمكم بالفيئة ثم نزل قال نصر فأجاب عليا ع إلى السير جل الناس- إلا أن أصحاب عبد الله بن مسعود أتوه- فيهم عبيدة السلماني و أصحابه- فقالوا له إنا نخرج معكم- و لا نترك عسكركم و نعسكر على حدة- حتى ننظر في أمركم و أمر أهل الشام- فمن رأيناه أراد ما لا يحل له- أو بدا لنا منه بغي كنا عليه- فقال لهم علي ع- مرحبا و أهلا- هذا هو الفقه في الدين و العلم بالسنة- من لم يرض بهذا فهو خائن جبار- . و أتاه آخرون من أصحاب عبد الله بن مسعود- منهم الربيع بن خثيم و هم يومئذ أربعمائة رجل- فقالوا يا أمير المؤمنين- إنا قد شككنا في هذا القتال على معرفتنا بفضلك- و لا غناء بنا و لا بك و لا بالمسلمين عمن يقاتل العدو- فولنا بعض هذه الثغور نكمن ثم نقاتل عن أهله- فوجه علي ع بالربيع بن خثيم على ثغر الري- فكان أول لواء عقده ع بالكوفة لواء الربيع بن خثيم- .

قال نصر و حدثني عمر بن سعد- عن يوسف بن يزيد- عن عبد الله بن عوف بن الأحمر- أن عليا ع لم يبرح النخيلة- حتى قدم عليه ابن عباس بأهل البصرة- قال- و كان كتاب علي ع إلى ابن عباس- أما بعد فاشخص إلي بمن قبلك من المسلمين و المؤمنين- و ذكرهم بلائي عندهم- و عفوي عنهم في الحرب- و أعلمهم الذي لهم في ذلك من الفضل و السلام-قال فلما وصل كتابه إلى ابن عباس بالبصرة- قام في الناس فقرأ عليهم الكتاب- و حمد الله و أثنى عليه و قال- أيها الناس استعدوا للشخوص إلى إمامكم- و انفروا خفافا و ثقالا- و جاهدوا بأموالكم و أنفسكم- فإنكم تقاتلون المحلين القاسطين- الذين لا يقرءون القرآن- و لا يعرفون حكم الكتاب- و لا يدينون دين الحق- مع أمير المؤمنين و ابن عم رسول الله- الآمر بالمعروف و الناهي عن المنكر- و الصادع بالحق و القيم بالهدى- و الحاكم بحكم الكتاب- الذي لا يرتشي في الحكم و لا يداهن الفجار- و لا تأخذه في الله لومة لائم- .

فقام إليه الأحنف بن قيس- فقال نعم و الله لنجيبنك- و لنخرجن معك على العسر و اليسر و الرضا و الكره- نحتسب في ذلك الأجر- و نأمل به من الله العظيم حسن الثواب- . و قام خالد بن المعمر السدوسي- فقال سمعنا و أطعنا- فمتى استنفرتنا نفرتا- و متى دعوتنا أجبنا- . و قام عمرو بن مرجوم العبدي- فقال وفق الله أمير المؤمنين و جمع له أمر المسلمين- و لعن المحلين القاسطين لا يقرءون القرآن- نحن و الله عليهم حنقون- و لهم في الله مفارقون- فمتى أردتنا صحبك خيلنا و رجالنا إن شاء الله- . قال و أجاب الناس إلى المسير و نشطوا و خفوا- فاستعمل ابن عباس على البصرة أبا الأسود الدؤلي- و خرج حتى قدم على علي ع بالنخيلة

كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية و جوابه عليه

قال نصر و كتب محمد بن أبي بكر إلى معاوية- من محمد بن أبي بكر إلى الغاوي معاوية بن صخر- سلام على أهل طاعة الله- ممن هو سلم لأهل ولاية الله- أما بعد فإن الله بجلاله و عظمته و سلطانه و قدرته- خلق خلقا بلا عبث و لا ضعف في قوته- لا حاجة به إلى خلقهم- و لكنه خلقهم عبيدا- و جعل منهم شقيا و سعيدا و غويا و رشيدا- ثم اختارهم على علمه- فاصطفى و انتخب منهم محمدا ص- فاختصه برسالته- و اختاره لوحيه- و ائتمنه على أمره- و بعثه رسولا مصدقا لما بين يديه من الكتب- و دليلا على الشرائع- فدعا إلى سبيل أمره بالحكمة و الموعظة الحسنة- فكان أول من أجاب و أناب- و صدق و وافق- فأسلم و سلم أخوه و ابن عمه علي بن أبي طالب ع- فصدقه بالغيب المكتوم- و آثره على كل حميم و وقاه كل هول- و واساه بنفسه في كل خوف- فحارب حربه و سالم سلمه- فلم يبرح مبتذلا لنفسه في ساعات الأزل و مقامات الروع- حتى برز سابقالا نظير له في جهاده- و لا مقارب له في فعله- و قد رأيتك تساميه و أنت أنت- و هو هو السابق المبرز في كل خير- أول الناس إسلاما- و أصدق الناس نية- و أطيب الناس ذرية- و أفضل الناس زوجة- و خير الناس ابن عم- و أنت اللعين ابن اللعين- لم تزل أنت و أبوك تبغيان لدين الله الغوائل- و تجتهدان على إطفاء نور الله- و تجمعان على ذلك الجموع- و تبذلان فيه المال- و تحالفان في ذلك القبائل- على هذا مات أبوك و على ذلك خلفته- و الشاهد عليك بذلك من يأوي و يلجأ إليك- من بقية الأحزاب و رءوس النفاق و الشقاق لرسول الله ص- و الشاهد لعلي مع فضله و سابقته القديمة- أنصاره الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن- ففضلهم و أثنى عليهم من المهاجرين و الأنصار- فهم معه كتائب و عصائب- يجالدون حوله بأسيافهم- و يهريقون دماءهم دونه- يرون الفضل في اتباعه- و الشقاق و العصيان في خلافه- فكيف يا لك الويل تعدل نفسك بعلي- و هو وارث رسول الله ص و وصيه و أبو ولده- و أول الناس له اتباعا و آخرهم به عهدا- يخبره بسره و يشركه في أمره- و أنت عدوه و ابن عدوه- فتمتع ما استطعت بباطلك- و ليمددك لك ابن العاص في غوايتك- فكان أجلك قد انقضى و كيدك قد وهى- و سوف تستبين لمن تكون العاقبة العليا- و اعلم أنك إنما تكايد ربك الذي قد أمنت كيده- و أيست من روحه و هو لك بالمرصاد- و أنت منه في غرور- و بالله و بأهل بيت رسوله عنك الغناء- و السلام على من اتبع الهدى- .

فكتب إليه معاوية- من معاوية بن أبي سفيان- إلى الزاري على أبيه محمد بن أبي بكر سلام على أهل طاعة الله- أما بعد فقد أتاني كتابك- تذكر فيه ما الله أهله في قدرته و سلطانه- و ما أصفى به نبيه مع كلام ألفته و وضعته- لرأيك فيه تضعيف- و لأبيك فيه تعنيف- ذكرت حق‏ابن أبي طالب و قديم سابقته- و قرابته من نبي الله و نصرته له- و مواساته إياه في كل خوف و هول- و احتجاجك علي و فخرك بفضل غيرك لا بفضلك- فاحمد إلها صرف ذلك الفضل عنك و جعله لغيرك- فقد كنا و أبوك معنا في حياة نبينا- نرى حق ابن أبي طالب لازما لنا- و فضله مبرزا علينا- فلما اختار الله لنبيه ما عنده و أتم له ما وعده- و أظهر دعوته و أفلج حجته قبضه الله إليه- فكان أبوك و فاروقه- أول من ابتزه و خالفه- على ذلك اتفقا و اتسقا- ثم دعواه إلى أنفسهما فأبطأ عنهما- و تلكأ عليهما فهما به الهموم- و أرادا به العظيم- فبايعهما و سلم لهما- لا يشركانه في أمرهما- و لا يطلعانه على سرهما حتى قبضا و انقضى أمرهما- ثم أقاما بعدهما ثالثهما عثمان بن عفان- يهتدي بهديهما و يسير بسيرتهما- فعبته أنت و صاحبك- حتى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي و بطنتما و ظهرتما- و كشفتما له عداوتكما و غلكما- حتى بلغتما منه مناكما- فخذ حذرك يا ابن أبي بكر فسترى وبال أمرك- و قس شبرك بفترك- تقصر عن أن تساوي أو توازي من يزن الجبال حلمه- و لا تلين على قسر قناته- و لا يدرك ذو مدى أناته- أبوك مهد له مهاده- و بنى ملكه و شاده- فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك أوله- و إن يكن جورا فأبوك أسه و نحن شركاؤه- فبهداه أخذنا و بفعله اقتدينا- رأينا أباك فعل ما فعل- فاحتذينا مثاله و اقتدينا بفعاله- فعب أباك بما بدا لك أو دع- و السلام على من أناب- و رجع من غوايته و ناب- . قال و أمر علي ع الحارث الأعور أن ينادي في الناس- اخرجوا إلى معسكركم‏ بالنخيلة- فنادى الحارث في الناس بذلك- و بعث إلى مالك بن حبيب اليربوعي صاحب شرطته- يأمره أن يحشر الناس إلى المعسكر- و دعا عقبة بن عمرو الأنصاري فاستخلفه على الكوفة- و كان أصغر أصحاب العقبة السبعين- ثم خرج ع و خرج الناس معه- .

قال نصر و دعا علي ع زياد بن النضر و شريح بن هانئ- و كانا على مذحج و الأشعريين- فقال يا زياد- اتق الله في كل ممسى و مصبح- و خف على نفسك الدنيا الغرور- لا تأمنها على حال- و اعلم أنك إن لم تزعها عن كثير مما تحب مخافة مكروهة- سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر- فكن لنفسك مانعا وازعا من البغي و الظلم و العدوان- فإني قد وليتك هذا الجند فلا تستطيلن عليهم- إن خيركم عند الله أتقاكم- تعلم من عالمهم و علم جاهلهم و احلم عن سفيههم- فإنك إنما تدرك الخير بالحلم و كف الأذى و الجهل- .

فقال زياد أوصيت يا أمير المؤمنين حافظا لوصيتك- مؤديا لأربك- يرى الرشد في نفاذ أمرك و الغي في تضييع عهدك- . فأمرهما أن يأخذا في طريق واحد و لا يختلفا- و بعثهما في اثني عشر ألفا على مقدمته- و كل واحد منهما على جماعة من ذلك الجيش- فأخذ شريح يعتزل بمن معه من أصحابه على حدة- و لا يقرب زيادا- فكتب زياد إلى علي ع مع مولى له يقال له شوذب- لعبد الله علي أمير المؤمنين من زياد بن النضر- سلام عليك- فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو- أما بعد فإنك وليتني أمرالناس- و إن شريحا لا يرى بي عليه طاعة و لا حقا- و ذلك من فعله بي استخفاف بأمرك و ترك لعهدك- و السلام- . و كتب شريح بن هانئ إلى علي ع- لعبد الله علي أمير المؤمنين من شريح بن هانئ- سلام عليك- فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو- أما بعد فإن زياد بن النضر حين أشركته في أمرك- و وليته جندا من جنودك طغى و استكبر- و مال به العجب و الخيلاء- و الزهو إلى ما لا يرضى الله تعالى به من القول و الفعل- فإن رأى أمير المؤمنين ع أن يعزله عنا- و يبعث مكانه من يحب فليفعل فإنا له كارهون و السلام- .

فكتب علي ع إليهما من عبد الله- علي أمير المؤمنين إلى زياد بن النضر و شريح بن هانئ- سلام عليكما فإني أحمد إليكما الله الذي لا إله إلا هو- أما بعد- فإني قد وليت مقدمتي زياد بن النضر و أمرته عليها- و شريح بن هانئ على طائفة منها أمير- فإن انتهى جمعكما إلى بأس- فزياد بن النضر على الناس كلهم- و إن افترقتما- فكل واحد منكما أمير الطائفة التي وليناه أمرها- و اعلما أن مقدمة القوم عيونهم- و عيون المقدمة طلائعهم- فإذا أنتما خرجتما من بلادكما فلا تسأما من توجيه الطلائع- و من نفض الشعاب و الشجر و الخمر في كل جانب- كي لا يغتركما عدو أو يكون لهم كمين- و لا تسيرن الكتائب و القبائل- من لدن الصباح إلى المساء إلا على تعبئة- فإن دهمكم عدو أو غشيكم مكروه- كنتم قد تقدمتم في التعبئة- فإذا نزلتم بعدو أو نزل بكم- فليكن معسكركم في قبل الأشراف- أو سفاح‏ الجبال و أثناء الأنهار- كيما يكون ذلك لكم ردءا- و تكون مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين- و اجعلوا رقباءكما في صياصي الجبال و بأعالي الأشراف- و مناكب الأنهار يرون لكم- كي لا يأتيكم عدو من مكان مخافة أو أمن- و إياكم و التفرق- فإذا نزلتم فانزلوا جميعا- و إذا رحلتم فارحلوا جميعا- فإذا غشيكم الليل فنزلتم- فحفوا عسكركم بالرماح و الترسة- و لتكن رماتكم من وراء ترسكم و رماحكم يلونهم- و ما أقمتم فكذلك- فافعلوا كي لا تصاب لكم غفلة- و لا تلفى لكم غرة- فما قوم يحفون عسكرهم برماحهم- و ترستهم من ليل أو نهار إلا كانوا كأنهم في حصون- و احرسا عسكركما بأنفسكما- و إياكما أن تذوقا نوما حتى تصبحا إلا غرارا أو مضمضة- ثم ليكن ذلك شأنكما و دأبكما حتى تنتهيا إلى عدوكما- و ليكن كل يوم عندي خبركما و رسول من قبلكما- فإني و لا شي‏ء إلا ما شاء الله حثيث السير في أثركما- عليكما في جريكما بالتؤدة- و إياكما و العجلة- إلا أن تمكنكما فرصة بعد الإعذار و الحجة- و إياكما أن تقاتلا حتى أقدم عليكما- إلا أن تبدءا أو يأتيكما أمري إن شاء الله– .

قال نصر و كتب علي ع إلى أمراء الأجناد- و كان قد قسم عسكره أسباعا- فجعل على كل سبع أميرا- فجعل سعد بن مسعود الثقفي على قيس و عبد القيس- و معقل بن قيس اليربوعي على تميم- و ضبة و الرباب و قريش‏ و كنانة و أسد- و مخنف بن سليم على الأزد- و بجيلة و خثعم و الأنصار و خزاعة- و حجر بن عدي الكندي على كندة و حضرموت و قضاعة- و زياد بن النضر على مذحج و الأشعريين- و سعيد بن مرة الهمداني على همدان و من معهم من حمير- و عدي بن حاتم الطائي على طيئ- تجمعهم الدعوة مع مذحج- و تختلف الرايتان راية مذحج مع زياد بن النضر- و راية طيئ مع عدي بن حاتم هذه عساكر الكوفة- و أما عساكر البصرة- فخالد بن معمر السدوسي على بكر بن وائل- و عمرو بن مرجوم العبدي على عبد القيس- و ابن شيمان الأزدي على الأزد- و الأحنف على تميم و ضبة و الرباب- و شريك بن الأعور الحارثي على أهل العالية-أما بعد- فإني أبرأ إليكم من معرة الجنود- إلا من جوعة إلى شبعة و من فقر إلى غنى أو عمى إلى هدى- فإن ذلك عليهم- فأغربوا الناس عن الظلم و العدوان- و خذوا على أيدي سفهائكم- و احترسوا أن تعملوا أعمالا لا يرضى الله بها عنا- فيرد بها علينا و عليكم دعاءنا فإنه تعالى يقول- ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ- و إن الله إذا مقت قوما من السماء هلكوا في الأرض- فلا تألوا أنفسكم خيرا و لا الجند حسن سيرة- و لا الرعية معونة و لا دين الله قوة- و أبلوا في سبيله ما استوجب عليكم- فإن الله قد اصطنع عندنا و عندكم- ما يجب علينا أن نشكره بجهدنا- و أن ننصره ما بلغت قوتنا و لا قوة إلا بالله قال و كتب ع إلى جنوده- يخبرهم بالذي لهم و عليهم أما بعد فإن الله جعلكم في الحق جميعا سواء- أسودكم و أحمركم- و جعلكم من الوالي- و جعل الوالي منكم بمنزلة الوالد من الولد- و بمنزلة الولد من الوالد- الذي لا يكفيه منعه إياهم طلب عدوه و التهمة به- ما سمعتم و أطعتم و قضيتم الذي عليكم- فحقكم عليه إنصافكم و التعديل بينكم- و الكف عن فيئكم- فإذا فعل معكم ذلك- وجبت عليكم طاعته فيما وافق الحق- و نصرته و الدفع عن سلطان الله- فإنكم وزعة الله في الأرض- فكونوا له أعوانا و لدينه أنصارا- و لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها- إن الله لا يحب المفسدين

قال نصر و حدثنا عمر بن سعد قال حدثنا سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته قال قال علي ع ما يقول الناس في هذا القبر و في النخيلة- و بالنخيلة قبر عظيم يدفن اليهود موتاهم حوله- فقال الحسن بن علي ع- يقولون هذا قبر هود لما عصاه قومه جاء فمات هاهنا- فقال كذبوا لأنا أعلم به منهم- هذا قبر يهودا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم- بكر يعقوب- ثم قال أ هاهنا أحد من مهرة- فأتي بشيخ كبير- فقال أين منزلك- قال على شاطئ البحر- قال أين أنت من الجبل- قال أنا قريب منه- قال فما يقول قومك فيه- قال يقولون إن فيه قبر ساحر- قال كذبوا ذاك قبر هود النبي ع- و هذا قبر يهودا بن يعقوب- ثم قال‏ع يحشر من ظهر الكوفة سبعون ألفا على غرة الشمس- يدخلون الجنة بغير حساب- .

قال نصر- فلما نزل علي ع النخيلة متوجها إلى الشام- و بلغ معاوية خبره و هو يومئذ بدمشق- قد ألبس منبر دمشق قميص عثمان مختضبا بالدم- و حول المنبر سبعون ألف شيخ يبكون حوله- لا تجف دموعهم على عثمان- خطبهم و قال يا أهل الشام- قد كنتم تكذبونني في علي- و قد استبان لكم أمره- و الله ما قتل خليفتكم غيره- و هو أمر بقتله و ألب الناس عليه و آوى قتلته- و هم جنده و أنصاره و أعوانه- و قد خرج بهم قاصدا بلادكم و دياركم لإبادتكم- يا أهل الشام الله الله في دم عثمان- فأنا وليه و أحق من طلب بدمه- و قد جعل الله لولي المقتول ظلما سلطانا- فانصروا خليفتكم المظلوم- فقد صنع القوم به ما تعلمون قتلوه ظلما و بغيا- و قد أمر الله تعالى بقتال الفئة الباغية- حتى تفي‏ء إلى أمر الله- ثم نزل- . قال نصر فأعطوه الطاعة و انقادوا له- و جمع إليه أطرافه- و استعد للقاء علي ع

 

شرح‏ نهج ‏البلاغة(ابن ‏أبي ‏الحديد) ج 3

Show More

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

Back to top button
-+=