38 و من خطبة له ع
وَ إِنَّمَا سُمِّيَتِ الشُّبْهَةُ شُبْهَةً لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْحَقَّ- فَأَمَّا أَوْلِيَاءُ اللَّهِ فَضِيَاؤُهُمْ فِيهَا الْيَقِينُ- وَ دَلِيلُهُمْ سَمْتُ الْهُدَى- وَ أَمَّا أَعْدَاءُ اللَّهِ فَدُعَاؤُهُمْ فِيهَا الضَّلَالُ- وَ دَلِيلُهُمُ الْعَمَى- فَمَا يَنْجُو مِنَ الْمَوْتِ مَنْ خَافَهُ وَ لَا يُعْطَى الْبَقَاءَ مَنْ أَحَبَّهُ هذان فصلان أحدهما غير ملتئم مع الآخر بل مبتور عنه- و إنما الرضي رحمه الله تعالى- كان يلتقط الكلام التقاطا- و مراده أن يأتي بفصيح كلامه ع- و ما يجري مجرى الخطابة و الكتابة-
فلهذا يقع في الفصل الواحد الكلام- الذي لا يناسب بعضه بعضا- و قد قال الرضي ذلك في خطبة الكتاب- . أما الفصل الأول فهو الكلام في الشبهة- و لما ذا سميت شبهة- قال ع لأنها تشبه الحق- و هذا هو محض ما يقوله المتكلمون- و لهذا يسمون ما يحتج به أهل الحق دليلا- و يسمون ما يحتج به أهل الباطل شبهة- . قال فأما أولياء الله فضياؤهم في حل الشبهة اليقين- و دليلهم سمت الهدى- و هذا حق لأن من اعتبر مقدمات الشبهة- و راعى الأمور اليقينية- و طلب المقدمات المعلومة قطعا- انحلت الشبهة و ظهر له فسادها من أين هو- ثم قال و أما أعداء الله فدعاؤهم الضلال و دليلهم العمى- و هذا حق لأن المبطل ينظر في الشبهة- لا نظر من راعى الأمور اليقينية- و يحلل المقدمات إلى القضايا المعلومة- بل يغلب عليه حب المذهب و عصبية أسلافه- و إيثار نصره من قد ألزم بنصرته- فذاك هو العمى و الضلال- اللذان أشار أمير المؤمنين إليهما- فلا تنحل الشبهة له و تزداد عقيدته فسادا- و قد ذكرنا في كتبنا الكلامية الكلام- في توليد النظر للعلم و أنه لا يولد الجهل- .
الفصل الثاني قوله- فما ينجو من الموت من خافه- و لا يعطى البقاء من أحبه- هذا كلام أجنبي عما تقدم- و هو مأخوذ من قوله تعالى قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ- لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ- و قوله أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ- و قوله فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ
شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد) ج 2