google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
20-40 خطبه ها شرح ابن ابی الحدیدخطبه ها شرح ابن ابی الحدید(متن عربی)

خطبه 37 شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)

37 و من كلام له ع يجري مجرى الخطبة

 

فَقُمْتُ بِالْأَمْرِ حِينَ فَشِلُوا- وَ تَطَلَّعْتُ حِينَ تَقَبَّعُوا- وَ نَطَقْتُ حِينَ تَعْتَعُوا- وَ مَضَيْتُ بِنُورِ اللَّهِ حِينَ وَقَفُوا- وَ كُنْتُ أَخْفَضَهُمْ صَوْتاً وَ أَعْلَاهُمْ فَوْتاً- فَطِرْتُ بِعِنَانِهَا وَ اسْتَبْدَدْتُ بِرِهَانِهَا- كَالْجَبَلِ لَا تُحَرِّكُهُ الْقَوَاصِفُ- وَ لَا تُزِيلُهُ الْعَوَاصِفُ- لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِيَّ مَهْمَزٌ وَ لَا لِقَائِلٍ فِيَّ مَغْمَزٌ- الذَّلِيلُ عِنْدِي عَزِيزٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ لَهُ- وَ الْقَوِيُّ عِنْدِي ضَعِيفٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُ- رَضِينَا عَنِ اللَّهِ قَضَاءَهُ وَ سَلَّمْنَاهُ لِلَّهِ أَمْرَهُ- أَ تَرَانِي أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص- وَ اللَّهِ لَأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ- فَلَا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ- فَنَظَرْتُ فِي أَمْرِي- فَإِذَا طَاعَتِي قَدْ سَبَقَتْ بَيْعَتِي- وَ إِذَا الْمِيثَاقُ فِي عُنُقِي لِغَيْرِي

 

هذه فصول أربعة لا يمتزج بعضها ببعض- و كل كلام منها ينحو به أمير المؤمنين ع- نحوا غير ما ينحوه بالآخر و إنما الرضي رحمه الله تعالى التقطها من كلام لأمير المؤمنين ع- طويل منتشر- قاله بعد وقعة النهروان- ذكر فيه حاله منذ توفي رسول الله ص‏ و إلى آخر وقت- فجعل الرضي رحمه الله تعالى ما التقطه منه سردا- و صار عند السامع كأنه يقصد به مقصدا واحدا- .

 

فالفصل الأول- و هو من أول الكلام إلى قوله و استبددت برهانها- يذكر فيه مقاماته- في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أيام أحداث عثمان- و كون المهاجرين كلهم لم ينكروا- و لم يواجهوا عثمان بما كان يواجهه به و ينهاه عنه- فهذا هو معنى قوله فقمت بالأمر حين فشلوا- أي قمت بإنكار المنكر- حين فشل أصحاب محمد ص عنه- و الفشل الخور و الجبن- . قال و نطقت حين تعتعوا- يقال تعتع فلان إذا تردد في كلامه من عي أو حصر- قوله و تطلعت حين تقبعوا- امرأة طلعة قبعة تطلع ثم تقبع رأسها- أي تدخله كما يقبع القنفذ- يدخل برأسه في جلده و قد تقبع الرجل- أي اختبأ و ضده تطلع- . قوله و كنت أخفضهم صوتا و أعلاهم فوتا- يقول علوتهم و فتهم و شأوتهم سبقا- و أنا مع ذلك خافض الصوت- يشير إلى التواضع و نفي التكبر- .

و قوله فطرت بعنانها و استبددت برهانها- يقول سبقتهم- و هذا الكلام استعارة من مسابقة خيل الحلبة- و استبددت بالرهان أي انفردت بالخطر- الذي وقع التراهن عليه- .

 

الفصل الثاني فيه ذكر حاله ع في الخلافة بعد عثمان- يقول كنت لما وليت الأمر كالجبل لا تحركه القواصف- يعني الرياح الشديدة و مثله العواصف- . و المهمز موضع الهمز و هو العيب و كذاك المغمز- .ثم قال الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له- و القوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه- هذا آخر الفصل الثاني- يقول الذليل المظلوم أقوم بإعزازه و نصره- و أقوي يده إلى أن آخذ الحق له- ثم يعود بعد ذلك إلى الحالة التي كان عليها- قبل أن أقوم بإعزازه و نصره- و القوي الظالم أستضعفه و أقهره- و أذله إلى أن آخذ الحق منه- ثم يعود إلى الحالة التي كان عليها- قبل أن أهتضمه لاستيفاء الحق- .

 

الفصل الثالث من قوله رضينا عن الله قضاءه- إلى قوله فلا أكون أول من كذب عليه- هذا كلام قاله ع لما تفرس في قوم من عسكره- أنهم يتهمونه فيما يخبرهم به عن النبي ص- من أخبار الملاحم و الغائبات- و قد كان شك منهم جماعة في أقواله- و منهم من واجهه بالشك و التهمة

 

الأخبار الواردة عن معرفة الإمام علي بالأمور الغيبية

 

روى ابن هلال الثقفي في كتاب الغارات عن زكريا بن يحيى العطار عن فضيل عن محمد بن علي قال لما قال علي ع سلوني قبل أن تفقدوني- فو الله لا تسألونني عن فئة تضل مائة و تهدي مائة- إلا أنبأتكم بناعقتها و سائقتها- قام إليه رجل فقال- أخبرني بما في رأسي و لحيتي من طاقة شعر- فقال له علي ع و الله لقد حدثني خليلي- أن على كل طاقة شعر من رأسك ملكا يلعنك- و أن على كل طاقة شعر من لحيتك شيطانا يغويك- و أن في بيتك سخلا يقتل ابن رسول الله ص- و كان ابنه قاتل الحسين ع يومئذ طفلا يحبو- و هو سنان بن أنس النخعي

 

و روى الحسن بن محبوب عن ثابت الثمالي عن سويد بن غفلة أن عليا ع خطب ذات يوم- فقام رجل من تحت منبره فقال يا أمير المؤمنين- إني مررت بوادي‏القرى- فوجدت خالد بن عرفطة قد مات فاستغفر له- فقال ع و الله ما مات و لا يموت حتى يقود جيش ضلالة- صاحب لوائه حبيب بن حمار- فقام رجل آخر من تحت المنبر فقال يا أمير المؤمنين- أنا حبيب بن حمار و إني لك شيعة و محب- فقال أنت حبيب بن حمار قال نعم- فقال له ثانية و الله إنك لحبيب بن حمار- فقال إي و الله- قال أما و الله إنك لحاملها و لتحملنها- و لتدخلن بها من هذا الباب- و أشار إلى باب الفيل بمسجد الكوفة قال ثابت فو الله ما مت حتى رأيت ابن زياد- و قد بعث عمر بن سعد إلى الحسين بن علي ع- و جعل خالد بن عرفطة على مقدمته- و حبيب بن حمار صاحب رايته- فدخل بها من باب الفيل- .

 

و روى محمد بن إسماعيل بن عمرو البجلي قال أخبرنا عمرو بن موسى الوجيهي عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث قال قال علي ع على المنبر- ما أحد جرت عليه المواسي إلا و قد أنزل الله فيه قرآنا- فقام إليه رجل من مبغضيه فقال له- فما أنزل الله تعالى فيك- فقام الناس إليه يضربونه فقال دعوه- أ تقرأ سورة هود قال نعم- قال فقرأ ع- أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ- ثم قال الذي كان على بينة من ربه محمد ص- و الشاهد الذي يتلوه أنا

 

و روى عثمان بن سعيد عن عبد الله بن بكير عن حكيم بن جبير قال خطب علي ع فقال في أثناء خطبته- أنا عبد الله و أخو رسوله- لا يقولها أحد قبلي و لا بعدي إلا كذب- ورثت نبي الرحمة و نكحت سيدة نساء هذه الأمة- و أنا خاتم الوصيين فقال رجل من عبس- و من لا يحسن أن يقول مثل هذا- فلم يرجع إلى أهله حتى جن و صرع- فسألوهم هل رأيتم به عرضا قبل هذا- قالوا ما رأينا به قبل هذا عرضا- .

 

و روى محمد بن جبلة الخياط عن عكرمة عن يزيد الأحمسي أن عليا ع كان جالسا في مسجد الكوفة- و بين يديه قوم منهم عمرو بن حريث- إذ أقبلت امرأة مختمرة لا تعرف- فوقفت فقالت لعلي ع- يا من قتل الرجال و سفك الدماء- و أيتم الصبيان و أرمل النساء- فقال ع و إنها لهي هذه السلقلقة الجلعة المجعة- و إنها لهي هذه شبيهة الرجال و النساء- التي ما رأت دما قط- قال فولت هاربة منكسة رأسها- فتبعها- عمرو بن حريث- فلما صارت بالرحبة قال لها- و الله لقد سررت بما كان منك اليوم إلى هذا الرجل- فادخلي منزلي حتى أهب لك و أكسوك- فلما دخلت منزله أمر جواريه بتفتيشها- و كشفها و نزع ثيابها- لينظر صدقه فيما قاله عنها- فبكت و سألته ألا يكشفها- و قالت أنا و الله كما قال- لي ركب النساء و أنثيان كأنثي الرجال- و ما رأيت دما قط- فتركها و أخرجها ثم جاء إلى علي ع فأخبره- فقال إن خليلي رسول الله ص أخبرني- بالمتمردين علي من الرجال و المتمردات من النساء- إلى أن تقوم الساعة قلت السلقلقة السليطة- و أصله من السلق و هو الذئب- و السلقة الذئبة و الجلعة المجعة البذيئة اللسان- و الركب منبت العانة- .

 

و روى عثمان بن سعيد عن شريك بن عبد الله قال لما بلغ عليا ع أن الناس يتهمونه- فيما يذكره من تقديم النبي ص- و تفضيله إياه على الناس- قال أنشد الله من بقي ممن لقي رسول الله ص- و سمع مقاله في يوم غدير خم إلا قام‏ فشهد بما سمع- فقام ستة ممن عن يمينه من أصحاب رسول الله ص- و ستة ممن على شماله من الصحابة أيضا- فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله ص يقول ذلك اليوم- و هو رافع بيدي علي ع- من كنت مولاه فهذا علي مولاه- اللهم وال من والاه و عاد من عاداه- و انصر من نصره و اخذل من خذله- و أحب من أحبه و أبغض من أبغضه

 

و روى عثمان بن سعيد عن يحيى التيمي عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء قال قام أعشى همدان و هو غلام يومئذ حدث إلى علي ع- و هو يخطب و يذكر الملاحم فقال يا أمير المؤمنين- ما أشبه هذا الحديث بحديث خرافة- فقال علي ع إن كنت آثما فيما قلت يا غلام- فرماك الله بغلام ثقيف ثم سكت- فقام رجال فقالوا و من غلام ثقيف يا أمير المؤمنين- قال غلام يملك بلدتكم هذه- لا يترك لله حرمة إلا انتهكها- يضرب عنق هذا الغلام بسيفه- فقالوا كم يملك يا أمير المؤمنين- قال عشرين إن بلغها- قالوا فيقتل قتلا أم يموت موتا- قال بل يموت حتف أنفه بداء البطن- يثقب سريره لكثرة ما يخرج من جوفه قال إسماعيل بن رجاء- فو الله لقد رأيت بعيني أعشى باهلة- و قد أحضر في جملة الأسرى الذين أسروا- من جيش عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث- بين يدي الحجاج- فقرعه و وبخه- و استنشده شعره الذي يحرض فيه عبد الرحمن على الحرب- ثم ضرب عنقه في ذلك المجلس- .

 

و روى محمد بن علي الصواف عن الحسين بن سفيان عن أبيه عن شمير بن سدير الأزدي قال قال علي ع لعمرو بن الحمق الخزاعي- أين نزلت يا عمرو قال‏ في قومي- قال لا تنزلن فيهم- قال فأنزل في بني كنانة جيراننا قال لا- قال فأنزل في ثقيف قال فما تصنع بالمعرة و المجرة- قال و ما هما قال عنقان من نار- يخرجان من ظهر الكوفة- يأتي أحدهما على تميم و بكر بن وائل- فقلما يفلت منه أحد- و يأتي العنق الآخر- فيأخذ على الجانب الآخر من الكوفة- فقل من يصيب منهم- إنما يدخل الدار فيحرق البيت و البيتين- قال فأين أنزل قال انزل في بني عمرو بن عامر من الأزد- قال فقال قوم حضروا هذا الكلام- ما نراه إلا كاهنا يتحدث بحديث الكهنة- فقال يا عمرو إنك المقتول بعدي- و إن رأسك لمنقول و هو أول رأس ينقل في الإسلام- و الويل لقاتلك- أما إنك لا تنزل بقوم إلا أسلموك برمتك- إلا هذا الحي من بني عمرو بن عامر من الأزد- فإنهم لن يسلموك و لن يخذلوك قال فو الله ما مضت إلا أيام- حتى تنقل عمرو بن الحمق في خلافة معاوية- في بعض أحياء العرب- خائفا مذعورا- حتى نزل في قومه من بني خزاعة فأسلموه- فقتل و حمل رأسه من العراق إلى معاوية بالشام- و هو أول رأس حمل في الإسلام من بلد إلى بلد- .

 

و روى إبراهيم بن ميمون الأزدي عن حبة العرني قال كان جويرية بن مسهر العبدي صالحا- و كان لعلي بن أبي طالب صديقا- و كان علي يحبه و نظر يوما إليه و هو يسير- فناداه يا جويرية الحق بي- فإني إذا رأيتك هويتك قال إسماعيل بن أبان فحدثني الصباح عن مسلم عن حبة العرني قال سرنا مع علي ع يوما- فالتفت فإذا جويرية خلفه بعيدا- فناداه يا جويرية الحق بي لا أبا لك- أ لا تعلم أني أهواك و أحبك- قال فركض نحوه- فقال له إني محدثك بأمور فاحفظها- ثم اشتركا في الحديث سرا- فقال له جويرية يا أمير المؤمنين إني رجل نسي- فقال له إني أعيد عليك‏ الحديث لتحفظه- ثم قال له في آخر ما حدثه إياه يا جويرية- أحبب حبيبنا ما أحبنا فإذا أبغضنا فأبغضه- و أبغض بغيضنا ما أبغضنا فإذا أحبنا فأحبه-

 

قال فكان ناس ممن يشك في أمر علي ع يقولون- أ تراه جعل جويرية وصيه- كما يدعي هو من وصية رسول الله ص قال يقولون ذلك لشدة اختصاصه له- حتى دخل على علي ع يوما و هو مضطجع و عنده قوم من أصحابه- فناداه جويرية أيها النائم استيقظ- فلتضربن علي رأسك ضربة تخضب منها لحيتك- قال فتبسم أمير المؤمنين ع قال- و أحدثك يا جويرية بأمرك- أما و الذي نفسي بيده لتعتلن إلى العتل الزنيم- فليقطعن يدك و رجلك و ليصلبنك تحت جذع كافر قال فو الله ما مضت إلا أيام على ذلك- حتى أخذ زياد جويرية فقطع يده و رجله- و صلبه إلى جانب جذع ابن مكعبر- و كان جذعا طويلا فصلبه على جذع قصير إلى جانبه-

 

و روى إبراهيم في كتاب الغارات عن أحمد بن الحسن الميثمي قال كان ميثم التمار مولى علي بن أبي طالب ع- عبدا لامرأة من بني أسد- فاشتراه علي ع منها و أعتقه- و قال له ما اسمك فقال سالم- فقال إن رسول الله ص أخبرني- أن اسمك الذي سماك به أبوك في العجم ميثم- فقال صدق الله و رسوله- و صدقت يا أمير المؤمنين فهو و الله اسمي- قال فارجع إلى اسمك و دع سالما فنحن نكنيك به- فكناه أبا سالم قال و قد كان قد أطلعه علي ع- على علم كثير و أسرار خفية من أسرار الوصية فكان ميثم يحدث ببعض ذلك- فيشك فيه قوم من أهل الكوفة- و ينسبون عليا ع في ذلك إلى المخرقة و الإيهام و التدليس- حتى قال له يوما بمحضر من خلق كثير من أصحابه- و فيهم الشاك و المخلص- يا ميثم‏ إنك تؤخذ بعدي و تصلب- فإذا كان اليوم الثاني ابتدر منخراك و فمك دما- حتى تخضب لحيتك- فإذا كان اليوم الثالث طعنت بحربة يقضى عليك- فانتظر ذلك- و الموضع الذي تصلب فيه على باب دار عمرو بن حريث- إنك لعاشر عشرة أنت أقصرهم خشبة- و أقربهم من المطهرة يعني الأرض- و لأرينك النخلة التي تصلب على جذعهاثم أراه إياها بعد ذلك بيومين- و كان ميثم يأتيها فيصلي عندها- و يقول بوركت من نخلة لك خلقت و لي نبت- فلم يزل يتعاهدها بعد قتل علي ع حتى قطعت- فكان يرصد جذعها- و يتعاهده و يتردد إليه و يبصره- و كان يلقى عمرو بن حريث- فيقول له إني مجاورك فأحسن جواري- فلا يعلم عمرو ما يريد- فيقول له أ تريد أن تشتري دار ابن مسعود أم دار ابن حكيم- .

 

قال و حج في السنة التي قتل فيها- فدخل على أم سلمة رضي الله عنها فقالت له من أنت- قال عراقي فاستنسبته- فذكر لها أنه مولى علي بن أبي طالب- فقالت أنت هيثم قال بل أنا ميثم- فقالت سبحان الله- و الله لربما سمعت رسول الله ص يوصي بك عليا- في جوف الليل- فسألها عن الحسين بن علي- فقالت هو في حائط له- قال أخبريه أني قد أحببت السلام عليه- و نحن ملتقون عند رب العالمين إن شاء الله- و لا أقدر اليوم على لقائه و أريد الرجوع- فدعت بطيب فطيبت لحيته- فقال لها أما إنها ستخضب بدم- فقالت من أنبأك هذا قال أنبأني سيدي- فبكت أم سلمة و قالت له- إنه ليس بسيدك وحدك- هو سيدي و سيد المسلمين ثم ودعته- .فقدم الكوفة فأخذ و أدخل على عبيد الله بن زياد- و قيل له هذا كان من آثر الناس عند أبي تراب- قال ويحكم هذا الأعجمي قالوا نعم- فقال له عبيد الله أين ربك قال بالمرصاد- قال قد بلغني اختصاص أبي تراب لك- قال قد كان بعض ذلك فما تريد- قال و إنه ليقال إنه قد أخبرك بما سيلقاك- قال نعم إنه أخبرني- قال ما الذي أخبرك أني صانع بك-

 

قال أخبرني أنك تصلبني عاشر عشرة- و أنا أقصرهم خشبة و أقربهم من المطهرة- قال لأخالفنه قال ويحك كيف تخالفه- إنما أخبر عن رسول الله ص- و أخبر رسول الله عن جبرائيل و أخبر جبرائيل عن الله- فكيف تخالف هؤلاء- أما و الله لقد عرفت الموضع الذي أصلب فيه- أين هو من الكوفة- و إني لأول خلق الله ألجم في الإسلام بلجام- كما يلجم الخيل- فحبسه و حبس معه المختار بن أبي عبيدة الثقفي- فقال ميثم للمختار و هما في حبس ابن زياد- إنك تفلت و تخرج ثائرا بدم الحسين ع- فتقتل هذا الجبار الذي نحن في سجنه- و تطأ بقدمك هذه على جبهته و خديه- فلما دعا عبيد الله بن زياد بالمختار ليقتله- طلع البريد بكتاب يزيد بن معاوية إلى عبيد الله بن زياد- يأمره بتخلية سبيله- و ذاك أن أخته كانت تحت عبد الله بن عمر بن الخطاب- فسألت بعلها أن يشفع فيه إلى يزيد فشفع- فأمضى شفاعته- و كتب بتخلية سبيل المختار على البريد فوافى البريد- و قد أخرج ليضرب عنقه فأطلق- و أما ميثم فأخرج بعده ليصلب- و قال عبيد الله لأمضين حكم أبي تراب فيه- فلقيه رجل فقال له ما كان أغناك عن هذا يا ميثم- فتبسم و قال لها خلقت و لي غذيت- فلما رفع على الخشبة اجتمع الناس حوله- على باب عمرو بن حريث- فقال عمرو لقد كان يقول لي إني مجاورك- فكان يأمر جاريته كل عشية- أن تكنس تحت خشبته و ترشه- و تجمر بالمجمر تحته- فجعل ميثم يحدث بفضائل بني هاشم- و مخازي بني أمية- و هو مصلوب على الخشبة- فقيل لابن زياد قد فضحكم هذا العبد- فقال ألجموه فألجم- فكان أول خلق الله ألجم في الإسلام- فلما كان في اليوم الثاني فاضت منخراه و فمه دما- فلما كان في اليوم الثالث طعن بحربة فمات- . و كان قتل ميثم قبل قدوم الحسين ع العراق بعشرة أيام- .

 

قال إبراهيم و حدثني إبراهيم بن العباس النهدي- حدثني مبارك البجلي- عن أبي بكر بن عياش قال- حدثني المجالد عن الشعبي- عن زياد بن النضر الحارثي قال- كنت عند زياد و قد أتي برشيد الهجري- و كان من خواص أصحاب علي ع- فقال له زياد ما قال خليلك لك إنا فاعلون بك- قال تقطعون يدي و رجلي و تصلبونني- فقال زياد أما و الله لأكذبن حديثه خلوا سبيله- فلما أراد أن يخرج قال ردوه- لا نجد شيئا أصلح مما قال لك صاحبك- إنك لا تزال تبغي لنا سوءا إن بقيت- اقطعوا يديه و رجليه- فقطعوا يديه و رجليه و هو يتكلم- فقال أصلبوه خنقا في عنقه- فقال رشيد قد بقي لي عندكم شي‏ء ما أراكم فعلتموه- فقال زياد اقطعوا لسانه- فلما أخرجوا لسانه ليقطع قال- نفسوا عني أتكلم كلمة واحدة- فنفسوا عنه- فقال هذا و الله تصديق خبر أمير المؤمنين- أخبرني بقطع لساني فقطعوا لسانه و صلبوه- . و روى أبو داود الطيالسي عن سليمان بن رزيق- عن عبد العزيز بن صهيب قال- حدثني أبو العالية قال- حدثني مزرع صاحب علي بن أبي طالب ع أنه قال- ليقبلن جيش حتى إذا كان بالبيداء خسف بهم- قال أبو العالية فقلت له إنك لتحدثني بالغيب- فقال احفظ ما أقوله لك- فإنما حدثني به الثقة علي بن أبي طالب- و حدثني أيضا شيئا آخر ليؤخذن رجل- فليقتلن و ليصلبن بين شرفتين من شرف المسجد- فقلت له إنك لتحدثني بالغيب-  

 

فقال احفظ ما أقول لك- قال أبو العالية فو الله ما أتت‏ علينا جمعة حتى أخذ مزرع- فقتل و صلب بين شرفتين من شرف المسجد- . قلت حديث الخسف بالجيش- قد خرجه البخاري و مسلم في الصحيحين-عن أم سلمة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله ص يقول يعوذ قوم بالبيت- حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم- فقلت يا رسول الله لعل فيهم المكره أو الكاره- فقال يخسف بهم و لكن يحشرون- أو قال يبعثون على نياتهم يوم القيامة- قال فسئل أبو جعفر محمد بن علي- أ هي بيداء من الأرض فقال كلا- و الله إنها بيداء المدينة – أخرج البخاري بعضه و أخرج مسلم الباقي- . و روى محمد بن موسى العنزي قال- كان مالك بن ضمرة الرؤاسي من أصحاب علي ع- و ممن استبطن من جهته علما كثيرا- و كان أيضا قد صحب أبا ذر فأخذ من علمه- و كان يقول في أيام بني أمية- اللهم لا تجعلني أشقى الثلاثة- فيقال له و ما الثلاثة- فيقول رجل يرمى من فوق طمار- و رجل تقطع يداه و رجلاه و لسانه و يصلب- و رجل يموت على فراشه- فكان من الناس من يهزأ به- و يقول هذا من أكاذيب أبي تراب- . قال و كان الذي رمي به من طمار هانئ بن عروة- و الذي قطع و صلب رشيد الهجري- و مات مالك على فراشه
 الفصل الرابع- و هو من قوله فنظرت في أمري إلى آخر الكلام- هذه كلمات‏ مقطوعة من كلام يذكر فيه حاله- بعد وفاة رسول الله ص- و أنه كان معهودا إليه ألا ينازع في الأمر- و لا يثير فتنة بل يطلبه بالرفق- فإن حصل له و إلا أمسك- . هكذا كان يقول ع- و قوله الحق و تأويل هذه الكلمات- فنظرت فإذا طاعتي لرسول الله ص أي وجوب طاعتي- فحذف المضاف و أقام المضاف إليه مقامه- قد سبقت بيعتي للقوم- أي وجوب طاعة رسول الله ص علي- و وجوب امتثالي أمره سابق على بيعتي للقوم- فلا سبيل لي إلى الامتناع من البيعة- لأنه ص أمرني بها- . و إذا الميثاق في عنقي لغيري- أي رسول الله ص أخذ علي الميثاق- بترك الشقاق و المنازعة- فلم يحل لي أن أتعدى أمره أو أخالف نهيه- . فإن قيل فهذا تصريح بمذهب الإمامية- قيل ليس الأمر كذلك- بل هذا تصريح بمذهب أصحابنا من البغداديين- لأنهم يزعمون أنه الأفضل و الأحق بالإمامة- و أنه لو لا ما يعلمه الله و رسوله- من أن الأصلح للمكلفين من تقديم المفضول عليه- لكان من تقدم عليه هالكا- فرسول الله ص أخبره أن الإمامة حقه- و أنه أولى بها من الناس أجمعين- و أعلمه أن في تقديم غيره و صبره على التأخر عنها- مصلحة للدين راجعة إلى المكلفين- و أنه يجب عليه أن يمسك عن طلبها- و يغضي عنها لمن هو دون مرتبته- فامتثل ما أمره به رسول الله ص- و لم يخرجه تقدم من تقدم عليه- من كونه الأفضل و الأولى و الأحق- و قد صرح شيخنا أبو القاسم البلخي رحمه الله تعالى بهذا- و صرح به تلامذته- و قالوا لو نازع عقيب وفاة رسول الله ص- و سل سيفه لحكمنا بهلاك كل‏ من خالفه- و تقدم عليه كما حكمنا بهلاك من نازعه حين أظهر نفسه- و لكنه مالك الأمر و صاحب الخلافة- إذا طلبها وجب علينا القول بتفسيق من ينازعه فيها- و إذا أمسك عنها- وجب علينا القول بعدالة من أغضى له عليها- و حكمه في ذلك حكم رسول الله ص- لأنه قد ثبت عنه في الأخبار الصحيحة أنه قال علي مع الحق و الحق مع علي يدور حيثما دار و قال له غير مرة حربك حربي و سلمك سلمي – . و هذا المذهب هو أعدل المذاهب عندي و به أقول

 

شرح ‏نهج ‏البلاغة(ابن ‏أبي الحديد) ج 2 

Show More

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

Back to top button
-+=