241 و من خطبة له ع
فَاعْمَلُوا وَ أَنْتُمْ فِي نَفَسِ الْبَقَاءِ- وَ الصُّحُفُ مَنْشُورَةٌ وَ التَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ- وَ الْمُدْبِرُ يُدْعَى وَ الْمُسِيءُ يُرْجَى- قَبْلَ أَنْ يَخْمُدَ الْعَمَلُ وَ يَنْقَطِعَ الْمَهَلُ- وَ تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ وَ يُسَدَّ بَابُ التَّوْبَةِ- وَ تَصْعَدَ الْمَلَائِكَةُ- فَأَخَذَ امْرُؤٌ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَ أَخَذَ مِنْ حَيٍّ لِمَيِّتٍ- وَ مِنْ فَانٍ لِبَاقٍ وَ مِنْ ذَاهِبٍ لِدَائِمٍ- امْرُؤٌ خَافَ اللَّهَ- وَ هُوَ مُعَمَّرٌ إِلَى أَجَلِهِ وَ مَنْظُورٌ إِلَى عَمَلِهِ- امْرُؤٌ أَلْجَمَ نَفْسَهُ بِلِجَامِهَا وَ زَمَّهَا بِزِمَامِهَا- فَأَمْسَكَهَا بِلِجَامِهَا عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ- وَ قَادَهَا بِزِمَامِهَا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ في نفس البقاء بفتح الفاء أي في سعته- تقول أنت في نفس من أمرك أي في سعة- .
و الصحف منشورة أي و أنتم بعد أحياء- لأنه لا تطوى صحيفة الإنسان إلا إذا مات- و التوبة مبسوطة لكم غير مقبوضة عنكم- و لا مردودة عليكم إن فعلتم- كما ترد على الإنسان توبته إذا احتضر- . و المدبر يدعى أي من يدبر منكم- و يولي عن الخير يدعى إليه- و ينادى يا فلان أقبل على ما يصلحك- .
و المسيء يرجى أي يرجى عوده و إقلاعه- . قبل أن يجمد العمل استعارة مليحة- لأن الميت يجمد عمله و يقف- و يروى يخمد بالخاء من خمدت النار و الأول أحسن- . و ينقطع المهل أي العمر الذي أمهلتم فيه- . و تصعد الملائكة- لأن الإنسان عند موته تصعد حفظته إلى السماء- لأنه لم يبق لهم شغل في الأرض- .
قوله فأخذ امرؤ ماض يقوم مقام الأمر- و قد تقدم شرح ذلك- و المعنى أن من يصوم و يصلي- فإنما يأخذ بعض قوة نفسه مما يلقى من المشقة- لنفسه أي عدة و ذخيرة لنفسه يوم القيامة- و كذلك من يتصدق فإنه يأخذ من ماله- و هو جار مجرى نفسه لنفسه- .
و أخذ من حي لميت أي من حال الحياة لحال الموت- و لو قال من ميت لحي كان جيدا أيضا- لأن الحي في الدنيا ليس بحي على الحقيقة- و إنما الحياة حياة الآخرة كما قال الله تعالى- وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ- . و روي أمسكها بلجامها بغير فاء
شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد) ج 13