235 و من خطبة له ع
فَمِنَ الْإِيمَانِ مَا يَكُونُ ثَابِتاً مُسْتَقِرّاً فِي الْقُلُوبِ- وَ مِنْهُ مَا يَكُونُ عَوَارِيَّ بَيْنَ الْقُلُوبِ وَ الصُّدُورِ- إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ- فَإِذَا كَانَتْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ مِنْ أَحَدٍ فَقِفُوهُ- حَتَّى يَحْضُرَهُ الْمَوْتُ- فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقَعُ حَدُّ الْبَرَاءَةِ- وَ الْهِجْرَةُ قَائِمَةٌ عَلَى حَدِّهَا الْأَوَّلِ- مَا كَانَ لِلَّهِ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ حَاجَةٌ- مِنْ مُسْتَسِرِّ الْأُمَّةِ وَ مُعْلِنِهَا- لَا يَقَعُ اسْمُ الْهِجْرَةِ عَلَى أَحَدٍ- إِلَّا بِمَعْرِفَةِ الْحُجَّةِ فِي الْأَرْضِ- فَمَنْ عَرَفَهَا وَ أَقَرَّ بِهَا فَهُوَ مُهَاجِرٌ- وَ لَا يَقَعُ اسْمُ الِاسْتِضْعَافِ عَلَى مَنْ بَلَغَتْهُ الْحُجَّةُ- فَسَمِعَتْهَا أُذُنُهُ وَ وَعَاهَا قَلْبُهُ- إِنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا يَحْمِلُهُ إِلَّا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ- امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ- وَ لَا يَعِي حَدِيثَنَا إِلَّا صُدُورٌ أَمِينَةٌ وَ أَحْلَامٌ رَزِينَةٌ- أَيُّهَا النَّاسُ سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي- فَلَأَنَا بِطُرُقِ السَّمَاءِ أَعْلَمُ مِنِّي بِطُرُقِ الْأَرْضِ- قَبْلَ أَنْ تَشْغَرَ بِرِجْلِهَا فِتْنَةٌ تَطَأُ فِي خِطَامِهَا- وَ تَذْهَبُ بِأَحْلَامِ قَوْمِهَا
هذا الفصل يحمل على عدة مباحث-
أولها قولها ع فمن الإيمان ما يكون كذا- فنقول إنه قسم الإيمان إلى ثلاثة أقسام-أحدها الإيمان الحقيقي- و هو الثابت المستقر في القلوب بالبرهان اليقيني- .
الثاني ما ليس ثابتا بالبرهان اليقيني- بل بالدليل الجدلي- كإيمان كثير ممن لم يحقق العلوم العقلية- و يعتقد ما يعتقده عن أقيسة جدلية- لا تبلغ إلى درجة البرهان- و قد سمى ع هذا القسم باسم مفرد- فقال إنه عواري في القلوب- و العواري جمع عارية- أي هو و إن كان في القلب و في محل الإيمان الحقيقي- إلا أن حكمه حكم العارية في البيت- فإنها بعرضة الخروج منه- لأنها ليست أصلية كائنة في بيت صاحبها- .
و الثالث ما ليس مستندا إلى برهان و لا إلى قياس جدلي- بل على سبيل التقليد و حسن الظن بالأسلاف- و بمن يحسن ظن الإنسان فيه من عابد أو زاهد أو ذي ورع- و قد جعله ع عواري بين القلوب و الصدور- لأنه دون الثاني- فلم يجعله حالا في القلب- و جعله مع كونه عارية حالا بين القلب و الصدر- فيكون أضعف مما قبله- .
فإن قلت فما معنى قوله إلى أجل معلوم- قلت إنه يرجع إلى القسمين الأخيرين- لأن من لا يكون إيمانه ثابتا بالبرهان القطعي- قد ينتقل إيمانه إلى أن يصير قطعيا- بأن يمعن النظر و يرتب البرهان ترتيبا مخصوصا- فينتج له النتيجة اليقينية- و قد يصير إيمان المقلد إيمانا جدليا- فيرتقي إلى ما فوقه مرتبته- و قد يصير إيمان الجدلي إيمانا تقليديا- بأن يضعف في نظره ذلك القياس الجدلي- و لا يكون عالما بالبرهان- فيئول حال إيمانه إلى أن يصير تقليديا- فهذا هو فائدة قوله إلى أجل معلوم في هذين القسمين- .
فأما صاحب القسم الأول- فلا يمكن أن يكون إيمانه إلى أجل معلوم- لأن من ظفر بالبرهان استحال أن ينتقل عن اعتقاده- لا صاعدا و لا هابطا- أما لا صاعدا فلأنه ليس فوق البرهان مقام آخر- و أما لا هابطا- فلأن مادة البرهان هي المقدمات البديهية-و المقدمات البديهية يستحيل أن تضعف عند الإنسان- حتى يصير إيمانه جدليا أو تقليديا- .
و ثانيها قوله ع فإذا كانت لكم براءة- فنقول إنه ع نهى عن البراءة من أحد ما دام حيا- لأنه و إن كان مخطئا في اعتقاده- لكن يجوز أن يعتقد الحق فيما بعد- و إن كان مخطئا في أفعاله لكن يجوز أن يتوب- فلا تحل البراءة من أحد حتى يموت على أمر- فإذا مات على اعتقاد قبيح أو فعل قبيح- جازت البراءة منه- لأنه لم يبق له بعد الموت حالة تنتظر- و ينبغي أن تحمل هذه البراءة- التي أشار إليها ع على البراءة المطلقة لا على كل براءة- لأنا يجوز لنا أن نبرأ من الفاسق و هو حي- و من الكافر و هو حي- لكن بشرط كونه فاسقا و بشرط كونه كافرا- فأما من مات و نعلم ما مات عليه- فإنا نبرأ منه براءة مطلقة غير مشروطة- .
و ثالثها قوله و الهجرة قائمة على حدها الأول- فنقول هذا كلام يختص به أمير المؤمنين ع- و هو من أسرار الوصية- لأن الناس يروون عن النبي ص أنه قال- لا هجرة بعد الفتح- فشفع عمه العباس في نعيم بن مسعود الأشجعي- أن يستثنيه فاستثناه- و هذه الهجرة التي يشير إليها أمير المؤمنين ع- ليست تلك الهجرة بل هي الهجرة إلى الإمام- قال إنها قائمة على حدها الأول ما دام التكليف باقيا- و هو معنى قوله ما كان لله تعالى في أهل الأرض حاجة- . و قال الراوندي ما هاهنا نافية- أي لم يكن لله في أهل الأرض من حاجة- و هذا ليس بصحيح- لأنه إدخال كلام منقطع- بين كلامين متصل أحدهما بالآخر- .
ثم ذكر أنه لا يصح أن يعد الإنسان من المهاجرين- إلا بمعرفة إمام زمانه- و هومعنى قوله- إلا بمعرفة الحجة في الأرض- قال فمن عرف الإمام و أقر به فهو مهاجر- . قال و لا يجوز أن يسمى من عرف الإمام مستضعفا- يمكن أن يشير به إلى آيتين في القرآن- أحدهما قوله تعالى- إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ- قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ- قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها- فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ- فالمراد على هذا- أنه ليس من عرف الإمام و بلغه خبره بمستضعف- كما كان هؤلاء مستضعفين- و إن كان في بلده و أهله- لم يخرج و لم يتجشم مشقة السفر- .
ثانيهما قوله تعالى في الآية التي تلي الآية المذكورة- إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ- لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا- فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ- فالمراد على هذا- أنه ليس من عرف الإمام و بلغه خبره بمستضعف- كهؤلاء الذين استثناهم الله تعالى من الظالمين- لأن أولئك كانت الهجرة بالبدن مفروضة عليهم- و عفي عن ذوي العجز عن الحركة منهم- و شيعة الإمام ع ليست الهجرة بالبدن مفروضة عليهم- بل تكفي معرفتهم به و إقرارهم بإمامته- فلا يقع اسم الاستضعاف عليهم- .
فإن قلت فما معنى قوله- من مستسر الأمة و معلنها- و بما ذا يتعلق حرف الجر- قلت معناه ما دام لله في أهل الأرض- المستسر منهم باعتقاده و المعلن حاجة- فمن على هذا زائدة- فلو حذفت لجر المستسر بدلا من أهل الأرض- و من إذا كانت زائدة لا تتعلق- نحو قولك ما جاءني من أحد- .
و رابعها قوله ع- إن أمرنا هذا صعب مستصعب- و يروى مستصعب بكسر العين- لا يحتمله إلا عبد امتحن الله تعالى قلبه للإيمان- هذه من ألفاظ القرآن العزيز قال الله تعالى- أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى- و هو من قولك امتحن فلان لأمر كذا- و جرب و درب للنهوض به- فهو مضطلع به غير وان عنه- و المعنى أنهم صبر على التقوى- أقوياء على احتمال مشاقها- و يجوز أن يكون وضع الامتحان موضع المعرفة- لأن تحققك الشيء إنما يكون باختباره- كما يوضع الخبر موضع المعرفة- فكأنه قيل عرف الله قلوبهم للتقوى- فتتعلق اللام بمحذوف أي كائنة له- و هي اللام التي في قولك- أنت لهذا الأمر أي مختص به كقوله-
أعداء من لليعملات على الوجا
و تكون مع معمولها منصوبة على الحال- و يجوز أن يكون المعنى ضرب الله قلوبهم- بأنواع المحن و التكاليف الصعبة لأجل التقوى- أي لتثبت فيظهر تقواها و يعلم أنهم متقون- لأن حقيقة التقوى لا تعلم- إلا عند المحن و الشدائد و الاصطبار عليها- . و يجوز أن يكون المعنى أنه أخلص قلوبهم للتقوى- من قولهم امتحن الذهب إذا أذابه- فخلص إبريزه من خبثه و نقاه- . و هذه الكلمة قد قالها ع مرارا- و وقفت في بعض الكتب على خطبة من جملتها-
إن قريشا طلبت السعادة فشقيت- و طلبت النجاة فهلكت و طلبت الهدى فضلت- أ لم يسمعوا ويحهم قوله تعالى- وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ- أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ- فأين المعدل و المنزع عن ذرية الرسول- الذين شيد الله بنيانهم فوق بنيانهم- و أعلى رءوسهم فوق رءوسهم و اختارهم عليهم- ألا إن الذرية أفنان أنا شجرتها و دوحة أنا ساقها- و إني من أحمد بمنزلة الضوء من الضوء- كناظلالا تحت العرش قبل خلق البشر- و قبل خلق الطينة التي كان منها البشر- أشباحا عالية لا أجساما نامية- إن أمرنا صعب مستصعب لا يعرف كنهه إلا ثلاثة- ملك مقرب أو نبي مرسل- أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان- فإذا انكشف لكم سر أو وضح لكم أمر فاقبلوه- و إلا فاسكتوا تسلموا- و ردوا علمنا إلى الله- فإنكم في أوسع مما بين السماء و الأرض – .
و خامسها قوله سلوني قبل أن تفقدوني – أجمع الناس كلهم على أنه لم يقل أحد من الصحابة- و لا أحد من العلماء سلوني- غير علي بن أبي طالب ع- ذكر ذلك ابن عبد البر المحدث في كتاب الاستيعاب- . و المراد بقوله- فلأنا أعلم بطرق السماء مني بطرق الأرض- ما اختص به من العلم بمستقبل الأمور- و لا سيما في الملاحم و الدول- و قد صدق هذا القول عنه ما تواتر عنه- من الأخبار بالغيوب المتكررة- لا مرة و لا مائة مرة- حتى زال الشك و الريب في أنه إخبار عن علم- و أنه ليس على طريق الاتفاق- و قد ذكرنا كثيرا من ذلك فيما تقدم من هذا الكتاب- . و قد تأوله قوم على وجه آخر قالوا- أراد أنا بالأحكام الشرعية و الفتاوي الفقهية- أعلم مني بالأمور الدنيوية- فعبر عن تلك بطرق السماء لأنها أحكام إلهية- و عبر عن هذه بطرق الأرض لأنها من الأمور الأرضية- و الأول أظهر- لأن فحوى الكلام و أوله يدل على أنه المراد
قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد
و على ذكر قوله ع سلوني- حدثني من أثق به من أهل العلم حديثا- و إن كان فيه بعض الكلمات العامية- إلا أنه يتضمن ظرفا و لطفا و يتضمن أيضا أدبا- . قال كان ببغداد في صدر أيام الناصر لدين الله- أبي العباس أحمد بن المستضيء بالله- واعظ مشهور بالحذق و معرفة الحديث و الرجال- و كان يجتمع إليه تحت منبره خلق عظيم- من عوام بغداد و من فضلائها أيضا- و كان مشتهرا بذم أهل الكلام- و خصوصا المعتزلة و أهل النظر على قاعدة الحشوية- و مبغضي أرباب العلوم العقلية- و كان أيضا منحرفا عن الشيعة- برضا العامة بالميل عليهم- فاتفق قوم من رؤساء الشيعة- على أن يضعوا عليه من يبكته و يسأله تحت منبره- و يخجله و يفضحه بين الناس في المجلس- و هذه عادة الوعاظ- يقوم إليهم قوم فيسألونهم مسائل- يتكلفون الجواب عنها- و سألوا عمن ينتدب لهذا- فأشير عليهم بشخص كان ببغداد- يعرف بأحمد بن عبد العزيز الكزي كان له لسن- و يشتغل بشيء يسير من كلام المعتزلة و يتشيع- و عنده قحة و قد شدا أطرافا من الأدب- و قد رأيت أنا هذا الشخص في آخر عمره- و هو يومئذ شيخ و الناس يختلفون إليه في تعبير الرؤيا- فأحضروه و طلبوا إليه أن يعتمد ذلك فأجابهم-
و جلس ذلك الواعظ في يومه الذي جرت عادته بالجلوس فيه- و اجتمع الناس عنده على طبقاتهم- حتى امتلأت الدنيا بهم- و تكلم على عادته فأطال- فلما مر في ذكر صفات الباري سبحانه في أثناء الوعظ- قام إليه الكزي فسأله أسئلة عقلية- على منهاج كلام المتكلمين من المعتزلة- فلم يكن للواعظ عنها جواب نظري- و إنما دفعه بالخطابة و الجدل و سجع الألفاظ- و تردد الكلام بينهما طويلا- و قال الواعظ في آخر الكلام أعين المعتزلة حول- و صوتيفي مسامعهم طبول- و كلامي في أفئدتهم نصول- يا من بالاعتزال يصول ويحك كم تحوم و تجول- حول من لا تدركه العقول- كم أقول كم أقول خلوا هذا الفضول- . فارتج المجلس و صرخ الناس و علت الأصوات- و طاب الواعظ و طرب- و خرج من هذا الفصل إلى غيره فشطح شطح الصوفية-
و قال سلوني قبل أن تفقدوني و كررها- فقام إليه الكزي فقال- يا سيدي ما سمعنا أنه قال هذه الكلمة- إلا علي بن أبي طالب ع و تمام الخبر معلوم- و أراد الكزي بتمام الخبر قوله ع- لا يقولها بعدي إلا مدع- . فقال الواعظ و هو في نشوة طربه- و أراد إظهار فضله و معرفته برجال الحديث و الرواة- من علي بن أبي طالب- أ هو علي بن أبي طالب بن المبارك النيسابوري- أم علي بن أبي طالب بن إسحاق المروزي- أم علي بن أبي طالب بن عثمان القيرواني- أم علي بن أبي طالب بن سليمان الرازي- و عد سبعة أو ثمانية من أصحاب الحديث- كلهم علي بن أبي طالب- فقام الكزي و قام من يمين المجلس آخر- و من يسار المجلس ثالث انتدبوا له- و بذلوا أنفسهم للحمية و وطنوها على القتل- .
فقال الكزي أشا يا سيدي فلان الدين أشا- صاحب هذا القول هو علي بن أبي طالب- زوج فاطمة سيدة نساء العالمين ع- و إن كنت ما عرفته بعد بعينه فهو الشخص الذي- لما آخى رسول الله ص بين الأتباع و الأذناب- آخى بينه و بين نفسه و أسجل على أنه نظيره و مماثله- فهل نقل في جهازكم أنتم من هذا شيء- أو نبت تحت خبكم من هذا شيء- . فأراد الواعظ أن يكلمه- فصاح عليه القائم من الجانب الأيمن و قال- يا سيدي فلان الدين محمد بن عبد الله- كثير في الأسماء- و لكن ليس فيهم من قال له رب العزة-ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى- وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى- إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى- و كذلك علي بن أبي طالب كثير في الأسماء- و لكن ليس فيهم من قال له صاحب الشريعة أنت مني بمنزلة هرون من موسى- إلا أنه لا نبي بعديو قد تلتقي الأسماء في الناس و الكنى كثيرا و لكن ميزوا في الخلائق- .
فالتفت إليه الواعظ ليكلمه- فصاح عليه القائم من الجانب الأيسر- و قال يا سيدي فلان الدين حقك تجهله- أنت معذور في كونك لا تعرفه-
و إذا خفيت على الغبي فعاذر
ألا تراني مقلة عمياء
فاضطرب المجلس و ماج كما يموج البحر- و افتتن الناس و تواثبت العامة بعضها إلى بعض- و تكشفت الرءوس و مزقت الثياب- و نزل الواعظ- و احتمل حتى أدخل دارا أغلق عليه بابها- و حضر أعوان السلطان فسكنوا الفتنة- و صرفوا الناس إلى منازلهم و أشغالهم- و أنفذ الناصر لدين الله في آخر نهار ذلك اليوم- فأخذ أحمد بن عبد العزيز الكزي- و الرجلين اللذين قاما معه- فحبسهم أياما لتطفأ نائرة الفتنة ثم أطلقهم
شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد) ج 13