و من خطبة له عليه السّلام خطبها بذىقار و هو متوجه الى البصره
ذكرها الواقدى فى كتاب الجمل فَصَدَعَ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَ بَلَّغَ رِسَالَاتِ رَبِّهِ- فَلَمَّ اللَّهُ بِهِ الصَّدْعَ وَ رَتَقَ بِهِ الْفَتْقَ- وَ أَلَّفَ بِهِ الشَّمْلَ بَيْنَ ذَوِي الْأَرْحَامِ- بَعْدَ الْعَدَاوَةِ الْوَاغِرَةِ فِي الصُّدُورِ- وَ الضَّغَائِنِ الْقَادِحَةِ فِي الْقُلُوبِ
اللغة
أقول:
ذوقار: موضع قريب من البصرة، و فيه كانت وقعة العرب مع الفرس قبل الإسلام.
و الصدع: الشقّ.
و الواغرة: ذات الوغرة: و هى شدّة توقّد الحرّ، و في صدره و غر: أى عداوة وضعن توقد من الغيظ. و عداوة واغرة: شديدة.
و الضغائن الأحقاد.
و الإشارة إلى أوصاف الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:
فالأوّل: استعار له لفظ الصدع بما امر به من تبليغ الوحى
و وجه المشابهة أنّه شقّ بما جاء به الرسالة عصا الكفر و كلمة أهله، و فرّق ما اتّصل من أغشية الجهل على رءوس الكافرين و حجب الغفلة الّتي رانت على قلوبهم كما يصدع الحجر بالمعول و نحوه.
الثاني: ذكر تبليغه لرسالة ربّه
في معرض مدحه لكونه أداء أمانة عظم تبليغها و قدرها، و ذلك فضيلة تحت ملكة العفّة.
الثالث: كونه قد لمّ اللّه به الصدع، و رتق به الفتق،
و استعار لفظى الصدع و الرتق لما كان بين العرب من الافتراق و تشتّت الأهواء و اختلاف الكلمة و العداوات و الأحقاد حتّى أنّ أحدهم كان يقتل أباه و ابنه و ذوى رحمه لهوى يقوده أو ضغن يحمله فجمع اللّه بمقدمه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أشتاتهم و ألّف بين قلوبهم حتّى جعل ذلك في معرض امتنانه عليه. إذ يقول: و ألّف بين قلوبهم و لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألّفت بين قلوبهم و لكنّ اللّه ألّف بينهم، و كذلك استعار لفظ القادحة للضغائن لاستلزامها إثارة الغضب و الفتن و الشرور كما يثير القادح النار. و باللّه التوفيق.
شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحرانی)، ج 4 ، صفحهى 110