220 و من دعاء له ع
اللَّهُمَّ صُنْ وَجْهِي بِالْيَسَارِ وَ لَا تَبْذُلْ جَاهِي بِالْإِقْتَارِ- فَأَسْتَرْزِقَ طَالِبِي رِزْقِكَ وَ أَسْتَعْطِفَ شِرَارَ خَلْقِكَ- وَ أُبْتَلَى بِحَمْدِ مَنْ أَعْطَانِي وَ أُفْتَتَنَ بِذَمِّ مَنْ مَنَعَنِي- وَ أَنْتَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلِيُّ الْإِعْطَاءِ وَ الْمَنْعِ- إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ صن وجهي باليسار- أي استره بأن ترزقني يسارا و ثروة- أستغني بهما عن مسألة الناس- . و لا تبذل جاهي بالإقتار- أي لا تسقط مروءتي و حرمتي بين الناس بالفقر- الذي أحتاج معه إلى تكفف الناس- .
و روي أن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الجواد- رقت حاله في آخر عمره- لأن عبد الملك جفاه- فراح يوما إلى الجمعة فدعا فقال- اللهم إنك عودتني عادة جريت عليها- فإن كان ذلك قد انقضى فاقبضني إليك- فلم يلحق الجمعة الأخرى- . وكان الحسن بن علي ع يدعو فيقول اللهم وسع علي فإنه لا يسعني إلا الكثير- .
قوله فأسترزق منصوب لأنه جواب الدعاء- كقولهم ارزقني بعيرا فأحج عليه- بين ع كيفية تبذل جاهه بالإقتار- و فسره فقال بأن أطلب الرزق ممن يطلب منك الرزق- . و أستعطف الأشرار من الناس- أي أطلب عاطفتهم و إفضالهم- و يلزم من ذلك أمران محذوران- أحدهما أن أبتلى بحمد المعطي- .
و الآخر أن أفتتن بذم المانع- . قوله ع و أنت من وراء ذلك كله- مثل يقال للمحيط بالأمر- القاهر له القادر عليه كما نقول للملك العظيم- هو من وراء وزرائه و كتابه- أي مستعد متهيئ لتتبعهم و تعقبهم- و اعتبار حركاتهم لإحاطته بها و إشرافه عليها- . و ولي مرفوع بأنه خبر المبتدإ- و يكون خبرا بعد خبر- و يجوز أن يكون ولي هو الخبر- و يكون من وراء ذلك- جملة مركبة من جار و مجرور منصوبة الموضع لأنه حال
شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد) ج 11