205 و من خطبة له ع
اللَّهُمَّ أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْ عِبَادِكَ- سَمِعَ مَقَالَتَنَا الْعَادِلَةَ غَيْرَ الْجَائِرَةِ- وَ الْمُصْلِحَةَ فِي الدِّينِ وَ الدُّنْيَا غَيْرَ الْمُفْسِدَةِ- فَأَبَى بَعْدَ سَمْعِهِ لَهَا إِلَّا النُّكُوصَ عَنْ نُصْرَتِكَ- وَ الْإِبْطَاءَ عَنْ إِعْزَازِ دِينِكَ- فَإِنَّا نَسْتَشْهِدُكَ عَلَيْهِ يَا أَكْبَرَ الشَّاهِدِينَ شَهَادَةً- وَ نَسْتَشْهِدُ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا أَسْكَنْتَهُ أَرْضَكَ وَ سمَاوَاتِكَ- ثُمَّ أَنْتَ بَعْدَهُ الْمُغْنِي عَنْ نَصْرِهِ- وَ الآْخِذُ لَهُ بِذَنْبِهِ ما في أيما زائدة مؤكدة- و معنى الفصل وعيد من استنصره فقعد عن نصره- . و وصف المقالة بأنها عادلة إما تأكيد- كما قالوا شعر شاعر و إما ذات عدل- كما قالوا رجل تأمر و لابن أي ذو تمر و لبن- و يجوز أيضا أن يريد بالعادلة المستقيمة- التي ليست كاذبة و لا محرفة عن جهتها- و الجائرة نقيضها و هي المنحرفة- جار فلان عن الطريق أي انحرف و عدل- .
و النكوص التأخر- . قوله ع نستشهدك عليه أي نسألك أن تشهد عليه- و وصفه تعالىبأنه أكبر الشاهدين شهادة- لقوله تعالى قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ- يقول اللهم إنا نستشهدك على خذلان من استنصرناه- و استنفرناه إلى نصرتك- و الجهاد عن دينك فأبى النهوض- و نكث عن القيام بواجب الجهاد- و نستشهد عبادك من البشر في أرضك- و عبادك من الملائكة في سمواتك عليه أيضا- ثم أنت بعد ذلك المغني لنا عن نصرته و نهضته- بما تتيحه لنا من النصر- و تؤيدنا به من الإعزاز و القوة- و الأخذ له بذنبه في القعود و التخلف- . و هذا قريب من قوله تعالى- وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ- ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ
شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد) ج 11