و قال عليه السّلام لما اضطرب عليه أصحابه فى أمر الحكومة
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ أَمْرِي مَعَكُمْ عَلَى مَا أُحِبُّ- حَتَّى نَهِكَتْكُمُ الْحَرْبُ- وَ قَدْ وَ اللَّهِ أَخَذَتْ مِنْكُمْ وَ تَرَكَتْ- وَ هِيَ لِعَدُوِّكُمْ أَنْهَكُ- . لَقَدْ كُنْتُ أَمْسِ أَمِيراً فَأَصْبَحْتُ الْيَوْمَ مَأْمُوراً- وَ كُنْتُ أَمْسِ نَاهِياً فَأَصْبَحْتُ الْيَوْمَ مَنْهِيّاً- وَ قَدْ أَحْبَبْتُمُ الْبَقَاءَ وَ لَيْسَ لِي أَنْ أَحْمِلَكُمْ عَلَى مَا تَكْرَهُونَ
اللغة
أقول: نهكتكم: خلقتكم.
المعنى
فقوله: على ما أحبّ.
أى من الطاعة لى، و لفظ النهك و استناده إلى الحرب استعارة لاضعافها لهم ملاحظة لشبههم بالثوب الّذي أخلقه اللبس، و تشبّهها بمستعملة في كونها سببا لذلك الإضعاف: أى لم أزل كذلك إلى تلك الغاية.
و قوله: و اللّه أخذت منكم و تركت.
كناية عن تصرّفها فيهم بوجوه التصرّف و هو كالعذر لهم، و إرادته بقوله: و هى لعدوّكم أنهك لكى لا يتعاجزوا بعذر إنها كهالهم. ثمّ أخذ في التشكّى منهم إليهم و عتابهم على عصيانهم له و حكمهم عليه بالرجوع إلى التحكيم حتّى صار مأمورا لهم و منهيّا بعد كونه آمرا فيهم و ناهيا، و ذلك من معكوس الحكم و مضادّ لما ينبغي لهم. و قوله: و قد أحببتم البقاء. أى بترك القتال و هو كالتوبيخ لهم على ذلك. و قوله: و ليس. إلى آخره. أي ليس لى قدرة على ذلك و إن كان له ذلك بحسب المصلحة و الشرع.
شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحراني)، ج 4 ، صفحهى 16