و من كلام له عليه السّلام
قاله للبرج بن مسهر الطائى، و قد قال له بحيث يسمعه: «لا حكم إلا للّه»، و كان من الخوارج
اسْكُتْ قَبَحَكَ اللَّهُ يَا أَثْرَمُ- فَوَاللَّهِ لَقَدْ ظَهَرَ الْحَقُّ فَكُنْتَ فِيهِ ضَئِيلًا شَخْصُكَ- خَفِيّاً صَوْتُكَ حَتَّى إِذَا نَعَرَ الْبَاطِلُ نَجَمْتَ نُجُومَ قَرْنِ الْمَاعِزِ
اللغة
أقول: هو البرج بالباء المضمومة و الجيم.
و قبّحه اللّه: نحّاه عن الخير.
و أثرم: ساقط الثنية.
و الضئيل: الصغير الحقير النحيف.
و نعر: صاح.
و نجم: طلع.
المعنى
و كان البرج شاعرا مشهورا من شعراء الخوارج نادى بشعارهم بحيث يسمعه عليه السّلام فزجره و قبّحه و دعاه بآفته إهانة له و انتقاصا كما هو العادة في إهانة ذوى العاهات بذكر آفاتهم، و كنّى بضئولة شخصه عند ظهور الحقّ عن حقارته في زمن العدل بين الجماعة و خمول ذكره- و ظهور الحقّ زمان قوّة الإسلام و قبل ظهور الفتن و قوّة الباطل- ، و بخفاء صوته عن عدم الالتفات إلى أقواله و حقارته، و استعار لفظ النعير لظهور الباطل ملاحظة لشبهه في قوّته و ظهوره بالرجل الصائل الصائح بكلامه عن جرأة و شجاعة، و شبّه ظهوره بين الناس و ارتفاع ذكره عند ظهور الباطل و قوّته بظهور قرن الماعز في السرعة بغتة: أى طلعت بلا شرف و لا شجاعة و لا قدم بل على غفلة كنبات قرن الماعز و من البلاغة تشبيه من يراد إهانته بالمهين الحقير و تشبيه من يراد تعظيمه بالعظيم الخطير، و باللّه التوفيق.
شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحراني)، ج 3 ، صفحهى 409