و من خطبة له عليه السّلام
القسم الأول
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ- وَ الْخَالِقِ مِنْ غَيْرِ مَنْصَبَةٍ خَلَقَ الْخَلَائِقَ بِقُدْرَتِهِ- وَ اسْتَعْبَدَ الْأَرْبَابَ بِعِزَّتِهِ وَ سَادَ الْعُظَمَاءَ بِجُودِهِ- وَ هُوَ الَّذِي أَسْكَنَ الدُّنْيَا خَلْقَهُ- وَ بَعَثَ إِلَى الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ رُسُلَهُ- لِيَكْشِفُوا لَهُمْ عَنْ غِطَائِهَا وَ لِيُحَذِّرُوهُمْ مِنْ ضَرَّائِهَا- وَ لِيَضْرِبُوا لَهُمْ أَمْثَالَهَا وَ لِيَهْجُمُوا عَلَيْهِمْ بِمُعْتَبَرٍ مِنْ تَصَرُّفِ مَصَاحِّهَا وَ أَسْقَامِهَا- وَ لَيُبْصَرُوهُمْ عُيُوبَهَا و حَلَالِهَا وَ حَرَامِهَا- وَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِلْمُطِيعِينَ مِنْهُمْ وَ الْعُصَاةِ- مِنْ جَنَّةٍ وَ نَارٍ وَ كَرَامَةٍ وَ هَوَانٍ- أَحْمَدُهُ إِلَى نَفْسِهِ كَمَا اسْتَحْمَدَ إِلَى خَلْقِهِ- وَ جَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً وَ لِكُلِّ قَدْرٍ أَجَلًا وَ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاباً
اللغة
أقول: المنصبة: التعب.
المعنى
و حمد اللّه باعتبار كونه معروفا بآيات آثاره عند العقول المعرفة المنزّهة عن إدراك البصر المختصّ بالأجسام و لواحقها. ثمّ باعتبار كونه خالقا و موجدا الايجاد المنزّه عن المتاعب لاستلزامها الآلات المستلزمة للجسميّة الّتي من شأنها الضعف و النهاية في القوّة. ثمّ نبّه على استناد الخلايق و النعم المفاضة إلى قدرته ليعتبر السامعون نسبتهم إليه، و باعتبار استعباده الأرباب على كمال عزّه المطلق الواجبىّ المستلزم لخضوع كلّ موجود في ذلّ الإمكان و الحاجة إليه، و بسيادته للعظماء على كمال عظمة وجوده الواجبىّ المطلق المستلزم لفقر كلّ إليه و تعبّده له، ثمّ بنسبة إسكانهم الدنيا و بعثه رسله إلى الجنّ و الإنس منهم كما قال «يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي»«» الآية على كمال لطفه بخلقه و حكمته في إيجادهم في الدنيا. و غاية ذلك أن يكشفوا لهم ما يغطّى بحجب الدنيا عن أعين بصائرهم من أحوال الآخرة الّتي خلقوا لها، و أن يجذبوهم بالتحذير من ضرّ الدنيا و عواقبها و ضرب الأمثال بنسبتها كما في القرآن الكريم «إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ» الآية و أمثالها، و أن يبصروهم عيوبها، و أن يهجموا عليهم بما في تصاريفها من العبرة و هي الصحّة و السقم و ما أحلّ و حرّم على طريق الابتلاء به. و حلالها عطف على تصرّف، و يحتمل أن يكون عطفا على أسقامها باعتبار أنّ الحلال و الحرام من تصاريف الدنيا، و بيانه أنّ كثيرا من المحرّمات لنبىّ كانت حلالا لنبىّ قبله، و بالعكس و ذلك تابع لمصالح الخلق بمقتضى تصاريف أوقاتهم و أحوالهم الّتي هي تصاريف الدنيا. و قوله: و ما أعدّ اللّه. إمّا عطف على معتبر أو على عيوبها: أى و يبصرونهم ما أعدّ اللّه للمطيعين و العصاة. إلى آخره. و قوله: أحمده إلى نفسه كما استحمد إلى خلقه. أى أحمده حمدا يكون في الكيفيّة و الكميّة على الوجه الّذي طلب الحمد لنفسه من خلقه. و قوله: جعل لكلّ شيء قدرا. كقوله تعالى «قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً»«» أى مقدارا من الكيفيّة و الكميّة ينتهى إليه و حدّا يقف عنده، و لكلّ قدر أجلا: أى و لكلّ مقدار وقت يكون، انقضاؤه فيه و فناؤه و لكلّ أجل كتابا و أراد بالكتاب العلم الإلهى المعبّر عنه بالكتاب المبين و اللوح المحفوظ المحيط بكلّ شيء و فيه رقم كلّ شيء. و باللّه التوفيق.
القسم الثاني منها في ذكر القرآن
فَالْقُرْآنُ آمِرٌ زَاجِرٌ وَ صَامِتٌ نَاطِقٌ- حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ أَخَذَ عَلَيْهِ مِيثَاقَهُمْ- وَ ارْتَهَنَ عَلَيْهِمْ أَنْفُسَهُمْ أَتَمَّ نُورَهُ- وَ أَكْمَلَ بِهِ دِينَهُ وَ قَبَضَ نَبِيَّهُ ص- وَ قَدْ فَرَغَ إِلَى الْخَلْقِ مِنْ أَحْكَامِ الْهُدَى بِهِ- فَعَظِّمُوا مِنْهُ سُبْحَانَهُ مَا عَظَّمَ مِنْ نَفْسِهِ- فَإِنَّهُ لَمْ يُخْفِ عَنْكُمْ شَيْئاً مِنْ دِينِهِ- وَ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئاً رَضِيَهُ أَوْ كَرِهَهُ إِلَّا وَ جَعَلَ لَهُ عَلَماً بَادِياً- وَ آيَةً مُحْكَمَةً تَزْجُرُ عَنْهُ أَوْ تَدْعُو إِلَيْهِ- فَرِضَاهُ فِيمَا بَقِيَ وَاحِدٌ وَ سَخَطُهُ فِيمَا بَقِيَ وَاحِدٌ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرْضَى عَنْكُمْ بِشَيْءٍ سَخِطَهُ- عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ- وَ لَنْ يَسْخَطَ عَلَيْكُمْ بِشَيْءٍ رَضِيَهُ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ- وَ إِنَّمَا تَسِيرُونَ فِي أَثَرٍ بَيِّنٍ- وَ تَتَكَلَّمُونَ بِرَجْعِ قَوْلٍ قَدْ قَالَهُ الرِّجَالُ مِنْ قَبْلِكُمْ- قَدْ كَفَاكُمْ مَئُونَةَ دُنْيَاكُمْ وَ حَثَّكُمْ عَلَى الشُّكْرِ- وَ افْتَرَضَ مِنْ أَلْسِنَتِكُمُ الذِّكْرَ وَ أَوْصَاكُمْ بِالتَّقْوَى- وَ جَعَلَهَا مُنْتَهَى رِضَاهُ وَ حَاجَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ- فَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِعَيْنِهِ وَ نَوَاصِيكُمْ بِيَدِهِ- وَ تَقَلُّبُكُمْ فِي قَبْضَتِهِ- إِنْ أَسْرَرْتُمْ عَلِمَهُ وَ إِنْ أَعْلَنْتُمْ كَتَبَهُ- قَدْ وَكَّلَ بِذَلِكَ حَفَظَةً كِرَاماً لَا يُسْقِطُونَ حَقّاً وَ لَا يُثْبِتُونَ بَاطِلًا- وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً مِنَ الْفِتَنِ- وَ نُوراً مِنَ الظُّلَمِ وَ يُخَلِّدْهُ فِيمَا اشْتَهَتْ نَفْسُهُ- وَ يُنْزِلْهُ مَنْزِلَ الْكَرَامَةِ عِنْدَهُ فِي دَارٍ اصْطَنَعَهَا لِنَفْسِهِ- ظِلُّهَا عَرْشُهُ وَ نُورُهَا بَهْجَتُهُ- وَ زُوَّارُهَا مَلَائِكَتُهُ وَ رُفَقَاؤُهَا رُسُلُهُ- فَبَادِرُوا الْمَعَادَ وَ سَابِقُوا الْآجَالَ- فَإِنَّ النَّاسَ يُوشِكُ أَنْ يَنْقَطِعَ بِهِمُ الْأَمَلُ وَ يَرْهَقَهُمُ الْأَجَلُ- وَ يُسَدَّ عَنْهُمْ بَابُ التَّوْبَةِ- فَقَدْ أَصْبَحْتُمْ فِي مِثْلِ مَا سَأَلَ إِلَيْهِ الرَّجْعَةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ- وَ أَنْتُمْ بَنُو سَبِيلٍ عَلَى سَفَرٍ مِنْ دَارٍ لَيْسَتْ بِدَارِكُمْ- وَ قَدْ أُوذِنْتُمْ مِنْهَا بِالِارْتِحَالِ وَ أُمِرْتُمْ فِيهَا بِالزَّادِ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ لِهَذَا الْجِلْدِ الرَّقِيقِ صَبْرٌ عَلَى النَّارِ- فَارْحَمُوا نُفُوسَكُمْ- فَإِنَّكُمْ قَدْ جَرَّبْتُمُوهَا فِي مَصَائِبِ الدُّنْيَا- أَ فَرَأَيْتُمْ جَزَعَ أَحَدِكُمْ مِنَ الشَّوْكَةِ تُصِيبُهُ- وَ الْعَثْرَةِ تُدْمِيهِ وَ الرَّمْضَاءِ تُحْرِقُهُ- فَكَيْفَ إِذَا كَانَ بَيْنَ طَابَقَيْنِ مِنْ نَارٍ- ضَجِيعَ حَجَرٍ وَ قَرِينَ شَيْطَانٍ- أَ عَلِمْتُمْ أَنَّ مَالِكاً إِذَا غَضِبَ عَلَى النَّارِ- حَطَمَ بَعْضُهَا بَعْضاً لِغَضَبِهِ- وَ إِذَا زَجَرَهَا تَوَثَّبَتْ بَيْنَ أَبْوَابِهَا جَزَعاً مِنْ زَجْرَتِهِ- أَيُّهَا الْيَفَنُ الْكَبِيرُ الَّذِي قَدْ لَهَزَهُ الْقَتِيرُ- كَيْفَ أَنْتَ إِذَا الْتَحَمَتْ أَطْوَاقُ النَّارِ بِعِظَامِ الْأَعْنَاقِ- وَ نَشِبَتِ الْجَوَامِعُ حَتَّى أَكَلَتْ لُحُومَ السَّوَاعِدِ- فَاللَّهَ اللَّهَ مَعْشَرَ الْعِبَادِ- وَ أَنْتُمْ سَالِمُونَ فِي الصِّحَّةِ قَبْلَ السُّقْمِ- وَ فِي الْفُسْحَةِ قَبْلَ الضِّيقِ- فَاسْعَوْا فِي فَكَاكِ رِقَابِكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُغْلَقَ رَهَائِنُهَا- أَسْهِرُوا عُيُونَكُمْ وَ أَضْمِرُوا بُطُونَكُمْ- وَ اسْتَعْمِلُوا أَقْدَامَكُمْ وَ أَنْفِقُوا أَمْوَالَكُمْ- وَ خُذُوا مِنْ أَجْسَادِكُمْ فَجُودُوا بِهَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ- وَ لَا تَبْخَلُوا بِهَا عَنْهَا فَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ- إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ- وَ قَالَ تَعَالَى مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً- فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ- فَلَمْ يَسْتَنْصِرْكُمْ مِنْ ذُلٍّ- وَ لَمْ يَسْتَقْرِضْكُمْ مِنْ قُلٍّ- اسْتَنْصَرَكُمْ وَ لَهُ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ- وَ اسْتَقْرَضَكُمْ وَ لَهُ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ- وَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ- وَ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا- فَبَادِرُوا بِأَعْمَالِكُمْ تَكُونُوا مَعَ جِيرَانِ اللَّهِ فِي دَارِهِ- رَافَقَ بِهِمْ رُسُلَهُ وَ أَزَارَهُمْ مَلَائِكَتَهُ- وَ أَكْرَمَ أَسْمَاعَهُمْ أَنْ تَسْمَعَ حَسِيسَ نَارٍ أَبَداً- وَ صَانَ أَجْسَادَهُمْ أَنْ تَلْقَى لُغُوباً وَ نَصَباً- ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ- أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلَى نَفْسِي وَ أَنْفُسِكُمْ- وَ هُوَ حَسْبُنَا وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ
اللغة
أقول: اليفن. الشيخ الكبير.
و القتير: الشيب.
و لهزه: خالطة.
و الجوامع: جمع جامعة و هي الغلّ لجمعها الأيدى إلى الأعناق.
و اللغوب: التعب.
المعنى
و قد وصف القرآن الكريم بالأضداد المتعادية لاختلاف الاعتبارات: فالآمر مع الزاجر. و إطلاقهما عليه مجاز من باب إطلاق اسم السبب على المسبّب. إذ الآمر و الناهى هو اللّه تعالى، و الصامت مع الناطق. و إطلاق لفظ الناطق عليه مجاز. إذ الناطق هو المتكلّم به من باب إطلاق اسم المتعلّق على المتعلّق، و كونه حجّة اللّه على خلقه لاشتماله على وعدهم و وعيدهم، و بيان غاية وجودهم و المطلوب منهم و الإعذار إليهم «أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين» و لأنّه خلاصة ما بعث به الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم و قد بعث رسله مبشّرين و منذرين لئلّا يكون للناس على اللّه حجّة بعد الرسل، و لأنّه أقوى المعجزات الّتي احتجّ بها الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم على الخلق في صدقه. و قوله: أخذ عليهم ميثاقه.
الضمير في أخذ للّه و في ميثاقه للكتاب، و ذلك الأخذ هو خلقهم و بعثهم إلى الوجود إلى أن يعملوا بما اشتمل عليه الكتاب من مطالب اللّه الحقّة، و هو ما أشار إليه القرآن الكريم «وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ» الآية، و التقدير أخذ عليهم ميثاق بما فيه. و قوله: وارتهن عليه أنفسهم. أى جعل أنفسهم رهنا على العمل بما فيه و الوفاء به «فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً»و أتمّ به نوره: أى نور هدايته للخلق، و النور المتمّم هو نور النبوّة و هو المشار إليه بقوله تعالى «يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ» و إطفاؤه بما كانوا يقولونه من كونه صلّى اللّه عليه و آله و سلم معلّم مجنون و ساحر كذّاب، و كون القرآن أساطير الأوّلين اكتتبها. و كذلك أكرم به دينه. و قوله: و قبض نبيّه. إلى قوله: به. كقوله تعالى «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ» الآية، و أحكام الهدى بيان طرقه و كيفيّة سلوكها و تثبيتها في قلوب المؤمنين. ثمّ أمر بتعظيم اللّه سبحانه و تعالى.
يقال: عظّمت من فلان. كما يقال: عظّمته، و ما هنا مصدريّة: أى عظّموه كتعظيمه نفسه: أى اطلبوا المناسبة في تعظيمكم له كتعظيمه نفسه. ثمّ أشار إلى وجه وجوب تعظيمنا له و هو قوله: لم يخف عنكم شيئا من دينه بل كشفه لنا و بيّنه بأجمعه بقدر الإمكان، و لم يترك شيئا من مراضيه و مكارهه إلّا نصب عليه علما ظاهرا أو آية واضحة من كتابه يشتمل على أمر بما يرضيه أو زجر عمّا يكرهه. و قوله: فرضاه فيما بقى واحد و سخطه فيما بقى واحد. إشارة إلى أنّ المرضىّ له من الأحكام أو المسخوط فيما مضى هو المرضىّ أو المسخوط فيما بقى من الأوقات و استقبل من الزمان، و حكمه في كونه مرضيّا أو مسخوطا واحد في جميع الأوقات لا يتغيّر و لا ينقض، و فيه إيماء إلى أنّ رفع شيء من الأحكام السابقة بالقياس و الرأى لا يجوز كما سبق بيان مذهبه عليه السّلام في ذلك. و قوله: أنّه لن يرضى عنكم بشيء سخطه على من كان قبلكم. إلى قوله: قبلكم. تأكيد و تقرير لما سبق: أى أنّ ما سخطه و نهى عنه الصحابة مثلا فلن يرضى عنكم بفعله فليس لكم أن تجوّزوه و تحلّوه باجتهاد، و كذلك ما رضيه لهم و أمرهم به فلن يسخط عليكم بفعله حتّى تحرّموه باجتهاد منكم. و يحتمل أن يريد بقوله: فرضاه فيما بقى واحد و سخطه فيما بقى واحد: أى فيما بقى من الأحكام الجزئيّة الّتي لم يدلّ النصّ عليها بالمطابقة بل يحتاج إلى اجتهاد في إلحاقها بالمنصوص و إدراجها تحت النصوص. و معنى وحدة رضاه و سخطه فيها أنّ الحكم المطلوب أو المكروه فيها واحد لا يجوز الاختلاف فيه حتّى يحكم أحد المجتهدين في الشيء الواحد بالحلّ و يحكم الآخر فيه بالحرمة، و يختلف الفتاوى في تلك القضيّة.
لأنّها إمّا مسخوطة أو مرضىّ. و يكون ذلك نهيا منه عليه السّلام عن الاختلاف في الفتيا كما علمت ذمّه لذلك فيما سبق من الفصول، و يكون قوله: و اعلموا أنّه لن يرضى عنكم. إلى قوله: قبلكم. في معنى النهى عن رفع الأحكام الشرعيّة بالاجتهاد و القياس كما قرّرناه، و قيل: معناه النهى عن الاختلاف في الفتيا أيضا: أى أنّه لن يرضى عنكم بالاختلاف الّذي سخطه ممّن كان قبلكم كما أشار إليه تعالى بقوله «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ» و كذلك ليس يسخط عليكم بالإتّفاق و الاجتماع المرضىّ ممّن كان قبلكم، و قيل: بل المراد أنّه لم يرض عنكم بشىء سخطه ممّن كان قبلكم من الاعتقادات الباطلة في المسائل الإلهيّة، و لم يسخط عليكم بشىء رضيه ممّن كان قبلكم من الاعتقادات الحقّة فيها، و يكون ذلك مختصّا بالاصول دون الفروع. و قوله: و إنّما تسيرون في أثر بيّن. إلى قوله: قبلكم. إشارة إلى أنّ الأدلّة لكم واضحة قد تداولها الأوّلون قبلكم. فأنتم المتكلّمون بها و تردّدونها رجع القول المردّد منهم. و قوله: قد كفاكم مئونة دنياكم. كقوله تعالى «وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ»«» و تلك الكفاية إمّا بخلقها و إيجادها، و إمّا برزقه بكلّ ما كتب له في اللوح المحفوظ. و حثّه على الشكر في تكرار أوامره به. و نقل عن الحسن البصرىّ أنّه قال: إنّ اللّه كفانا مئونة دنيانا و حثّنا على القيام بوظائف ديننا فليته كفانا مئونة ديننا و حثّنا على القيام بوظائف دنيانا، و هو إشارة منه إلى شدّة التحفّظ في الدين و الاحتراز عليه. و قوله: و افترض من ألسنتكم الذكر.
لمّا كان لكلّ من الجوارح عبادة كانت العبادة المفروضة باعتبار اللسان الذكر، و قد علمت أنّه باب عظيم من أبواب السلوك إلى اللّه بل هو روح العبادات كلّها.
إذ كلّ عبادة لم يشفع بالذكر فهي خداج. ثمّ نبّه على التقوى بوصيّة اللّه تعالى فيها، ثمّ بكونها منتهى رضاه و حاجته من خلقه، و لفظ الحاجة مستعار. إذ تنزّه قدسه تعالى عنها، و وجه مشابهته للمحتاج هو الحثّ و الطلب المتكرّر منه حتّى كأنّه محتاج إلى عبادة العباد و تقويهم، و لمّا استلزمت التقوى الحقيقيّة الوصول إلى اللّه لا جرم كانت منتهى رضاه من خلقه. ثمّ أمرهم بها بعد التنبيه عليها. و نبّه على الوجوه الّتي لأجلها تحصل تقوى اللّه و خشيته و هي كونهم بعينه: أى بحيث يعلم ما يعملون، و لفظ العين مجاز في العلم إطلاقا لاسم السبب على المسبّب لاستلزامها إيّاه، و كون نواصيهم بيده: أى في قدرته. و إنّما خصّ الناصية إشارة إلى أنّ أعظم جوارح الإنسان و أشرف ما فيه مملوك. و اليد مجاز في القدرة إطلاقا لاسم السبب القابلىّ على المسبّب، و كذلك كون تقلّبهم في قبضته: أى تصرّفهم في حركاتهم و سكناتهم بحسب تصريف قدرته و حكمه لا خروج عنه في شيء. و قوله: إن أسررتم. كقوله تعالى «يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ».
و قوله: إن أعلنتم كتبه. إلى قوله: باطلا. قد سبقت الإشارة إلى الكتبة غير مرّة. ثمّ أكّد القول في التقوى بقوله: و اعلموا. إلى قوله: من الفتن. و هو لفظ القرآن.
و قوله: من الفتن. تفسير لقوله: مخرجا. و نورا من الظلم. أى من ظلم الجهل بأنوار العلوم الحاصلة عن الاستعداد بالتقوى. و قوله: و يخلده فيما اشتهت نفسه. كقوله تعالى «لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَ هُمْ فِي مَا»«»، و منزل الكرامة هو المنزل المبارك المأمور بطلبه في قوله تعالى «وَ قُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ»«» و الدار الّتي اصطنعها لنفسه كناية عن الجنّة، و نسبها إلى نفسه تعظيما لها و ترغيبا فيها. و ظاهر حسن تلك النسبة فإنّ الجنّة المحسوسة أشرف دار رتّبت لأشرف المخلوقات. و أمّا المعقولة فيعود إلى درجات الوصول و الاستغراق في المعارف الإلهيّة الّتي بها السعادة و البهجة و اللذّة التامّة و هي جامع الاعتبار العقلىّ لمنازل أولياء اللّه و خاصّته و مقامات ملائكته و رسله. و من المتعارف أنّ الملك العظيم إذا صرف عنايته إلى بناء دار يسكنها هو و خاصّته أن يقال إنّها تخصّ بالملك و أنّه بناها. و ظاهر الكلام يدلّ على أنّها في السماوات و أنّ العرش عليها، و في هذه الكلمة لطيفة و ذلك أنّك علمت أنّ العرش يطلق و يراد به الفلك التاسع، و يطلق و يراد به العقل الأوّل باعتبار إحاطة علمه بجميع الموجودات و باعتبار حمله لمعرفة صانعه الأوّل- جلّت عظمته- ، و يطلق و يراد به سلطانه و عظمته. و استعار لفظ الظلّ للعرش بالمعنى الأوّل باعتبار أنّ حركة الفلك من الأسباب المعدّة لوصول النفوس البشريّة و الفلكيّة إلى كمالها بالمعارف الإلهيّة الّتي بها الراحة الكبرى من حرارة نار الجهل كما أنّ بالظلّ يكون الراحة من حرارة الشمس.
و بالمعنى الثاني أيضا هو أنّ المعارف الإلهيّة المفاضة على أسرار المستعدّين من قبل ذلك الملك المقدّس يكون بها الراحة الكبرى كما تكون بالظلّ أيضا. و بالمعنى الثالث أنّ سلطانه تعالى و علوّه هو المستولى على كلّ سلطان و العالى عليه العلوّ المطلق. و إذ هو مبدء راحة جميع النفوس بجميع كمالاتها العقليّة فهو ظلّها الّذي إليه يلجأ. و إطلاق لفظ الظلّ على النعمة و السلطان في العرف ظاهر يقال: أنا في ظلّ فلان و في ظلّ الملك و عدله إذا كان في نعمة منه و عنايته. و قوله: و نورها بهجته. فبهجته تعالى تعود إلى بهائه و كماله المشرق في أقطار العالمين على أسرار النفوس. و ظاهر كونه نور الجنّة الّذي تعشى فيه أبصار البصائر، و يستغرق في الابتهاج به الملائكة المقرّبون. و قوله: و زوّارها ملائكته و رفقاؤها رسله. فيه لطيفة: و ذلك أنّه لمّا كانت النفوس البشريّة متّحدة كانت متقاربة المنازل في الكمال، و ممكن لها ذلك. فعبّر عن الرسل بالرفقاء في الجنّة لسكّانها. و لمّا خالفت أنواع الملائكة السماويّة و المجرّدين عن علايق الأجسام في الحقائق و تفاوتت في الكمالات لا جرم خصّص الملائكة بكونهم زوّارها: أى زوّار ساكنيها.
إذ كان الرفيق ألصق و أقرب من الزائر. و عبّر بتلك الزيارة عن حضور الملأ الأعلى عند النفوس الكاملة عند [حين خ] انقطاعها عن العلايق الحسيّة و التفاتها عنها. و لمّا كان ذلك الحضور غير دايم بل بحسب فلتات النفس أشبه الزيارة فاستعير له لفظها. و إنّما كان الملك هو الزائر دون النفس لأنّ صورته و مثاله هو الواصل إلى النفس عند استعدادها لتصوّره من فيض واهب الصور. ثمّ عاد إلى التذكير بأمر المعاد فأمر بمبادرته إلى المعالجة إلى ما يصلحه و يخلص من أهواله من سائر القربات إلى اللّه. و كذلك مسابقة الآجال. و قوله: فإنّ الناس يوشك أن ينقطع بهم الأمل. أى أمل الدنيا و البقاء فيها. و لأجل ذلك الانقطاع و قربه يجب أن يلتفت إلى صلاح المعاد. و يرهقهم الأجل: أى يلحقهم. فلأجل ذلك اللحوق يجب أن يسارع إلى العمل لما يبقى. و يسدّ عنهم باب التوبة بإدراك الأجل فيجب مبادرتها. و قوله: فقد أصبحتم. إلى قوله: قبلكم. أى أصبحتم في حال الحياة و الصحّة و الأمن و ساير الأسباب الّتي يتمنّى من كان قبلكم الرجعة إليها، و يمكنكم معها العمل. و قوله: و أنتم بنو سبيل. إلى قوله: بالزاد. فالواو في أنتم للحال، و استعار لهم وصف بنو السبيل لكونهم في هذه الدار بالعرض تقصد بهم العناية الإلهيّة غاية اخرى، و تحثّهم بالشريعة على الرحيل عن الدنيا فهم فيها كالمسافرين. فأبواب مدينتهم جود اللّه. و أقرب الأبواب إلى الدنيا الأرحام الّتي منها يخرجون إليها. و أبواب الخروج منها هي الموت. و لفظ السفر مستعار مشهور يقرب من الحقيقة. و ظاهر أنّ دارا لا يبقى الإنسان فيها بل تكون مرافق لطريق دار اخرى ليست بدار للسالك إلى تلك الدار، و نبّه على إيذانهم فيها بالرحيل منها تنفيرا عن الركون إليها و اتّخاذها وطنا، و على أمرهم باتّخاذ الزاد فيها تنبيها على أنّ هناك غاية لها يجب أن يستعدّ للسلوك إليها فيها.
و لفظ الزاد مستعار لتقوى اللّه و طاعته الّتي هي زاد النفوس إلى حضرة ربّ العالمين. و قوله: و اعلموا. إلى قوله: نفوسكم. تذكير بالوعيد على المعاصى، و أمر لهم برحمة نفوسهم. و ذلك بالأعمال الصالحة و اتّباع أوامر اللّه. و قوله: فإنّكم قد جرّبتموها. إلى قوله: شيطان. في قوّة احتجاج على وجوب تلك الرحمة. و تلخيصه أنّكم جرّبتم أنفسكم في هذه الأمور الحقيرة فجزعتم، و كلّ من جزع من أمثال هذه فبالأولى أن يجزع من كونه بين طابقين من نار ضجيع حجر و قرين شيطان، و قد علمت فيما سلف أنّ للنار سبع طبقات و هي دركاتها، و ضجيع حجر من قوله تعالى «وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ»، و قرين شيطان من قوله «فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ وَ جُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ» و هم الشياطين، و قوله «وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ»«» إلى قوله «وَ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ»«». و قوله: أعلمتم أنّ مالكا. إلى قوله: زجرته. من صفات النار المحسوسة ذكرها للتخويف و التحذير. و قوله: أيّها اليفن الكبير. إلى قوله: السواعد. خطاب للشيخ الكبير لأنّه أولى بالإقلاع عن المعصية لقربه من الآخرة. و سؤاله عن حاله سؤاله تقريع و توبيخ على المعصية. و أطواق النار المحسوسة ظاهرة، و أطواقها المعقولة تمكّن الهيئات البدنيّة من أعناق النفوس، و أغلالها من سواعدها. ثمّ أخذ في التحذير من اللّه لغاية العمل بما يرضيه حال الصحّة و الفسحة قبل لحوق ضدّيهما. ثمّ في الأمر بالسعى لغاية فكاك رقابهم من النار. قبل أن تغلق رهائنها بآثامها. و قد علمت وجه الاستعارة هنا للرهن. ثمّ في الأمر بالسهر، و كنّى به عن قطع الليل بالعبادة كقوله تعالى «وَ مِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَ سَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا»«» و إنّما خصّ الليل لأنّه مظنّة الخلوة باللّه و الفراغ من الناس، و لأنّ النهار محلّ عبادة اخرى كالجهاد و الكدح للعيال. ثم بتضمير البطون، و كنّى به عن صيام النهار. ثمّ باستعمال أقدامهم، و كنّى به عن القيام في الصلاة. ثمّ بإنفاق أموالهم، و كنّى به عن الصدقات و الزكوات في سبيل اللّه. ثمّ بالأخذ من أجسادهم، و كنّى به عن إذابتها بالصيام و القيام للصلوات و إيثار القشف المستلزم للإعراض عن تربيته هذه الأجساد لاستلزام ذلك حبّ الدنيا و الإقبال على لذّاتها. و لا شكّ أنّ الأخذ من الجسد بهذه العبادات جود على النفس بملكات الخير و القرب من اللّه تعالى، و لذلك قال: فجودوا بها على أنفسكم و لا تبخلوا بها عنها. و في ذكر أنّ إتعاب الجسد جود على النفس ترغيب فيه. ثمّ استشهد بالآيتين على وعد اللّه بالنصر لمن نصره، و بمضاعفة الأجر لمن أقرضه بعد أمره بنصر اللّه بامتثال أوامره و بقرضه بالصدقات، و وجه استعارة لفظ القرض كثرة الأوامر الإلهيّة الطالبة للصدقات فاشبهت طلب المحتاج المستقرض، و فائدة هذه الاستشهاد إلى قوله: أيّكم أحسن عملا. إعلامهم بانّه الغنّى المطلق عن عباده فيما طلبه منهم من نصرة و قرض، و بيان غاية العناية الإلهيّة منهم بذلك و هو الابتلاء، و قد علمت ابتلاء اللّه تعالى لخلقه غير مرّة. ثمّ أعاد الأمر بالمبادرة إلى أعمال الآخرة لغاية الكون مع خزّان اللّه [جيران اللّه- خ- ] في جنّته مرافقين لرسله كما قال تعالى «وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ»«» و مرافقة رسله كقوله تعالى «وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ»«» و مزارين للملائكة كقوله تعالى «وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ» و تكرمة أسماعهم أن يسمع حسيس نار أبدا كقوله تعالى «لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَ هُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُم ْ خالِدُونَ» و صيانة أجسادهم أن يلقى لغوبا و نصبا كقوله تعالى «لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَ لا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ»«». و قوله: ذلك فضل اللّه الآية. اقتباس للآية و وجه الاقتباس ظاهر. و قوله: أقول. إلى آخره. خاتمة الخطبة، و فيها الاستعانة باللّه على النفوس الأمّارة بالسوء في قهرها و تطويعها للنفوس المطمئنّة فإنّه نعم المعين و نعم الوكيل.
شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحراني)، ج 3 ، صفحهى 396