google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
140-160 خطبه ها شرح ابن میثمخطبه ها شرح ابن میثم بحرانی(متن عربی)

خطبه 149 شرح ابن میثم بحرانی

و من خطبة له عليه السّلام في الملاحم

القسم الأول

وَ أَخَذُوا يَمِيناً وَ شِمَالًا ظَعْناً فِي مَسَالِكِ الْغَيِّ- وَ تَرْكاً لِمَذَاهِبِ الرُّشْدِ- فَلَا تَسْتَعْجِلُوا مَا هُوَ كَائِنٌ مُرْصَدٌ- وَ لَا تَسْتَبْطِئُوا مَا يَجِي‏ءُ بِهِ الْغَدُ- فَكَمْ مِنْ مُسْتَعْجِلٍ بِمَا إِنْ أَدْرَكَهُ وَدَّ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهُ- وَ مَا أَقْرَبَ الْيَوْمَ مِنْ تَبَاشِيرِ غَدٍ- يَا قَوْمِ هَذَا إِبَّانُ وُرُودِ كُلِّ مَوْعُودٍ- وَ دُنُوٍّ مِنْ طَلْعَةِ مَا لَا تَعْرِفُونَ- أَلَا وَ إِنَّ مَنْ أَدْرَكَهَا مِنَّا يَسْرِي فِيهَا بِسِرَاجٍ مُنِيرٍ- وَ يَحْذُو فِيهَا عَلَى مِثَالِ الصَّالِحِينَ- لِيَحُلَّ فِيهَا رِبْقاً- وَ يُعْتِقَ فِيهَا رِقّاً وَ يَصْدَعَ شَعْباً- وَ يَشْعَبَ صَدْعاً فِي سُتْرَةٍ عَنِ النَّاسِ- لَا يُبْصِرُ الْقَائِفُ أَثَرَهُ وَ لَوْ تَابَعَ نَظَرَهُ- ثُمَّ لَيُشْحَذَنَّ فِيهَا قَوْمٌ شَحْذَ الْقَيْنِ النَّصْلَ- تُجْلَى بِالتَّنْزِيلِ أَبْصَارُهُمْ- وَ يُرْمَى بِالتَّفْسِيرِ فِي مَسَامِعِهِمْ- وَ يُغْبَقُونَ كَأْسَ الْحِكْمَةِ بَعْدَ الصَّبُوحِ

اللغة

أقول: إبّان الشي‏ء. بكسر الهمزة و تشديد الباء: وقته. و الربق بكسر الراء و تسكين الباء: حبل فيه عدّة عرى يشدّ به البهم. و الصدع: الشقّ. و الشعب: إصلاحه. و الشحذ: التحديد. و القين: الحدّاد. و الغبوق: الشراب بالعشىّ.
و الصبوح: الشرب بالغداة.

المعنى

فقوله: و أخذوا يمينا و شمالا. إلى قوله: الرشد. إشارة إلى من ضلّ من فرق الإسلام عن طريق الهدى الّتى عليها الكتاب‏ و السنّة و سلكوا طرفى الإفراط و التفريط منها كما قال عليه السّلام فيما قبل: اليمين و الشمال مضلّة و الطريق الوسطى هى الجادّة. و قد سبق تفسير ذلك مستوفي. و مسالك الغىّ: أطراف الرذائل من الفضايل الّتى عدّدناها كالحكمة و العفّة و الشجاعة و العدالة و ما تحتها، و مذاهب الرشد: هى تلك الفضايل، و ظعنا و تركا مصدران قاما مقام الحال.

و قوله: فلا تستعجلوا ما هو كائن مرصد. ذلك الاستعجال إشارة إلى ما كانوا يتوقّعونه من الفتن الّتى أخبر الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن وقوعها في المستقبل، و كانوا في أكثر الوقت يسألونه عليه السّلام عنها فقال: لا تستعجلوا ما هو كائن: أى لا بدّ من وقوعه و هو مرصد معدّ. و لا تستبطئوا ما يجي‏ء به الغد: أى من الفتن و الوقايع.

و قوله: فكم من مستعجل. إلى قوله: لم يدركه. ذمّ للاستعجال و الاستبطاء لهذا الموعود كقوله «وَ عَسى‏ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَ هُوَ شَرٌّ لَكُمْ»«» و ما أقرب اليوم من تباشير غد: أى من البشرى بغد. كقوله: غد ما غد ما أقرب اليوم من غد، و كقوله: و إن غدا للناظرين قريب. ثمّ أخذ في تقريب ذلك الموعود من الفتن فقال: هذا إبّان ورود كلّ موعود به أو وقت دنوّ ظهور ما لا تعرفون من تلك الامور بالتفصيل.

و قوله: ألا و إنّ من أدركها منّا. أى من أدرك تلك الفتن من أهل بيته الأئمّة الأطهار يسرى فيها بسراج المنير. و استعار لفظ السراج لكمالات نفسه الّتى استضاءت بها في طريق اللّه من العلوم و الأخلاق الفاضلة، و لفظ المنير ترشيح. و هو إخبار عن معرفته للحقّ و تمييزه من الباطل، و أنّ تلك الفتن لا توقع له شبهة و لا تأثير لها في عقيدته الصادقة الصافية بل يتصرّف فيها منقادا لأنوار اللّه على صراطه المستقيم لا يلويه عنه ملو بل يقتفى فيه أثر آبائه الصالحين و يلتزم مكارم الأخلاق فيحلّ ما انعقد فيها و أشكل على الناس من الشبه، و يفكّ ربق الشكّ من أعناق نفوسهم أو يفتدى فيها الأسرى فيفكّ ربق أسرهم و يعتقهم، و يصدع ما انشعب و التأم من ضلال يمكنه صدعه، و يشعب ممّا انصدع من أمر الدين ما أمكنه شعبه في ستره عن الناس لا يبصر القائف أثره و لو تابع إليه نظره، و ما زالت أئمّة أهل البيت عليهم السّلام مغمورين في الناس لا يعرفهم إلّا من عرّفوه أنفسهم حتّى لو تعرّفهم من لا يريدون معرفته لهم لم يعرّفهم، و لست أقول لم يعرف أشخاصهم بل لا يعرف أنّهم أهل الحقّ و الأحقّون بالأمر.

و قوله: ثمّ ليشحذنّ فيها قوم. أي في أثناء ما يأتي من الفتن تشحذ أذهان قوم. و تعدّ لقبول العلوم و الحكمة كما يشحذ الحدّاد النصل، و لفظ الشحذ مستعار لإعداد الأذهان، و وجه الاستعارة الاشتراك في الإعداد التامّ النافع فهو يمضى في مسائل الحكمة و العلوم كمضىّ النصل فيما يقطع به، و هو وجه التشبيه المذكور. ثمّ أخذ في تفسير ذلك الشحذة و الإعداد، فقال: تجلّى بالتنزيل أبصارهم: أى تعدّ بالقرآن الكريم و دراسته و تدبّره أبصار بصائرهم لإدراك الحكمة و أسرار العلوم و ذلك لاشتمال التنزيل الإلهىّ عليها، و يرمي التفسير في مسامعهم: أى يلقى إليهم تفسيره على وجهه من إمام الوقت. ثمّ عبّر عن أخذهم الحكمة و مواظبتهم على تلقّفها بعد استعدادهم لها بالغبوق و الصبوح، و لفظ الصبوح و الغبوق مستعاران لكونهما حقيقتين في الشرب المخصوص المحسوس. و هؤلاء المشار إليهم بالاستعداد للحكمة و أخذها هم علماء الأمّة من جاء منهم قبلنا و من في آخر الزمان من المستجمعين لكمالات النفوس السالكين لسبيل اللّه المرتضين في نظره و نظر الأئمّة من ولده بعده.

القسم الثاني منها

وَ طَالَ الْأَمَدُ بِهِمْ لِيَسْتَكْمِلُوا الْخِزْيَ وَ يَسْتَوْجِبُوا الْغِيَرَ حَتَّى إِذَا اخْلَوْلَقَ الْأَجَلُ- وَ اسْتَرَاحَ قَوْمٌ إِلَى الْفِتَنِ- وَ أَشَالُوا عَنْ لَقَاحِ‏ حَرْبِهِمْ- لَمْ يَمُنُّوا عَلَى اللَّهِ بِالصَّبْرِ- وَ لَمْ يَسْتَعْظِمُوا بَذْلَ أَنْفُسِهِمْ فِي الْحَقِّ- حَتَّى إِذَا وَافَقَ وَارِدُ الْقَضَاءِ انْقِطَاعَ مُدَّةِ الْبَلَاءِ- حَمَلُوا بَصَائِرَهُمْ عَلَى أَسْيَافِهِمْ- وَ دَانُوا لِرَبِّهِمْ بِأَمْرِ وَاعِظِهِمْ حَتَّى إِذَا قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ ص رَجَعَ قَوْمٌ عَلَى الْأَعْقَابِ- وَ غَالَتْهُمُ السُّبُلُ وَ اتَّكَلُوا عَلَى الْوَلَائِجِ- وَ وَصَلُوا غَيْرَ الرَّحِمِ- وَ هَجَرُوا السَّبَبَ الَّذِي أُمِرُوا بِمَوَدَّتِهِ- وَ نَقَلُوا الْبِنَاءَ عَنْ رَصِّ أَسَاسِهِ فَبَنَوْهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ- مَعَادِنُ كُلِّ خَطِيئَةٍ وَ أَبْوَابُ كُلِّ ضَارِبٍ فِي غَمْرَةٍ- قَدْ مَارُوا فِي الْحَيْرَةِ وَ ذَهَلُوا فِي السَّكْرَةِ- عَلَى سُنَّةٍ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ- مِنْ مُنْقَطِعٍ إِلَى الدُّنْيَا رَاكِنٍ- أَوْ مُفَارِقٍ لِلدِّينِ مُبَايِنٍ

اللغة

أقول: الأمد: الوقت. و الاشتيال: الرفع. و الوليجة: البطانة، و هي خاصّة الرجل من أهله و عشيرته. و رصّ الأساس: إحكامه. و ما روا: تحرّكوا.

المعنى

و هذا الفصل يستدعى كلاما منقطعا قبله لم يذكره الرضىّ- رضوان اللّه عليه- قد وصف فيه فئة ضالّة قد استولت و ملكت و أملى لها اللّه سبحانه.
و قوله: و طال الأمد بهم ليستكملوا الخزى. كقوله تعالى «إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً»«» و قوله تعالى «وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً»«». و قوله: حتّى إذا اخلولق الأجل. اى صار خلقا و هو كنايه عن بلوغهم غايه مدتهم المكتوبه بقلم القضاء الالهى في اللوح المحفوظ.

و قوله: و استراح قوم إلى الفتن. إشارة إلى من يعتزل الوقائع الّتي ستقع في آخر الزمان من شيعة الحقّ و أنصاره. و يستريح إليها: أى يجد في اشتغال القوم بعضهم ببعض راحة له في الانقطاع و العزلة و الخمول، و اشتيالهم عن لقاح حربهم: رفعهم لأنفسهم عن تهييجها، و استعار لفظ اللقاح بفتح اللام لإثارة الحرب ملاحظة لشبهها بالناقة. و قوله: لم يمنّوا. جواب قوله: حتّى إذا اخلولق. و الضمير في يمنّوا قال بعض الشارحين: إنّه عائد إلى العارفين الّذين تقدّم ذكرهم في الفصل السابق يقول: حتّى إذا ألقى هؤلاء السلّم إلى هذه الفئة الضالّة و عجزوا و استراحوا من منابذتهم إلى فتنتهم تقيّة منهم أنهض اللّه أولئك الّذين خصّهم بحكمته و اطّلعهم على أسرار العلوم فنهضوا و لم يمنّوا على اللّه تعالى بالصبر في طاعته. و في رواية بالنصر: أى بنصرهم له. و لم يستعظموا ما بذلوه من نفوسهم في طلب الحقّ حتّى إذا وافق القدر الّذي هو وارد القضاء و تفصيله انقطاع مدّة هذه الفئة و ارتفاع ما كان شمل الخلق من بلائهم حمل هؤلاء العارفون بصائرهم على أسيافهم، و فيه معنى لطيف يريد أنّهم أظهروا عقايد قلوبهم للناس و كشفوها و جرّدوها مع تجريد سيوفهم فكأنّهم حملوها على سيوفهم فترى في غاية الجلاء و الظهور كما ترى السيوف المجرّدة، و منهم من قال: أراد بالبصائر جمع بصيرة و هي الدم فكأنّه أراد طلبوا ثارهم و الدماء الّتي سفكتها تلك الفئة فكانت تلك الدماء المطلوب ثارها محمولة على أسيافهم المجرّدة للحرب، و أشار بواعظهم إلى الإمام القائم. و أقول: يحتمل أن يريد بالضمير في يمنّوا و ما بعده القوم الّذين استراحوا إلى الفتنة و اشتالوا عن لقاح الحرب، و ذلك أنّهم لم يفعلوا ذلك إلّا لأنّه لم يؤذن لهم في القيام حين استراحتهم و إلقائهم السلّم لهذه الفئة، و لم يتمكّنوا من مقاومتهم لعدم قيام القائم بالأمر فكانوا حين مسالمتهم صابرين على مضض من ألم المنكر الّذي يشاهدونه غير مستعظمين لبذل أنفسهم في نصرة الحقّ لو ظهر من يكون لهم ظهر يلجئون إليه حتّى إذا ورد القضاء الإلهىّ بانقطاع مدّة بلاء هذه الفئة و ظهور من يقوم بنصر الحقّ و دعا إليه حمل هؤلاء بصائرهم على أسيافهم و قاموا لربّهم بأمر من يقوم فيهم واعظا و مخوّفا و داعيا، و هذا الحمل يرجّحه عود الضمير إلى الأقرب و هم القوم.

و قوله: حتّى إذا قبض اللّه و رسوله. إلى آخره. هذا الفصل منقطع عمّا قبله لأنّ صريحه ذكر غاية الاقتصاص حال حياة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و حال الناس قبله و بعده و معه، و ليس في الكلام المتقدّم شي‏ء من ذلك. اللّهم إلّا أن يحمل من طال الأمد بهم في الكلام المتقدّم على من كان أهل الضلال قبل الإسلام حتّى إذا اخلولق أجلهم و استراح قوم منهم إلى الفتن و الوقائع بالنهب و الغارة و اشتالوا عن لقاح حربهم: أى أعدّوا أنفسهم لها كما تعدّ الناقة نفسها بشول ذنبها للقاحها: أى برفعه، و تسمّى شائلا، و يكون الضمير في قوله: لم يمنّوا راجعا إلى ذكر سبق للصحابة في هذه الخطبة حين قام الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيهم و بهم للحرب فلم يمنّوا على اللّه بصبرهم معه و في نصرة الحقّ، و لم يستعظموا بذل أنفسهم له حتّى إذا وافق وارد القضاء انقطاع مدّة البلاء بدولة الجاهليّة و الكفر حمل هؤلاء الّذين لم يمنّوا على اللّه بنصرهم بصائرهم: أى ما كانوا يخفونه من الإسلام في أوّله على سيوفهم: أى كشفوا عقائدهم كما سبق القول فيه أو دمائهم و ثاراتهم من الكفّار، و دانوا لربّهم بأمر واعظهم و هو الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و حينئذ يصلح قوله: حتّى إذا قبض اللّه رسوله.

غاية لذلك الكلام على هذا التأويل. و قوله: رجع قوم على الأعقاب. إلى آخره. أمّا على المذاهب الإماميّة فإشارة إلى عدول الصحابة بالخلافة عنه و عن أهل بيته عليهم السّلام إلى الخلفاء الثلاثة، و أمّا على مذهب من صحّح إمامة الخلفاء الثلاثة فيحتمل أن يريد بالقوم الراجعين على الأعقاب من خرج عليه في زمن خلافته من الصحابة كمعاوية و طلحة و الزبير و غيرهم، و زعموا أنّ غيره أحقّ بهامنه و من أولاده.
و الرجوع على الأعقاب كناية عن الرجوع عمّا كانوا عليه من الانقياد للشريعة و أوامر اللّه و رسوله و وصيّته بأهل بيته، و غيلة السبل لهم كناية عن اشتباه طرق الباطل‏ بالحقّ و استراق طرق الباطل لهم و إهلاكها إيّاهم، و هي الشبه المستلزمة للآراء الفاسدة كما يقال في العرف: أخذته الطريق إلى مضيق، و هي مجاز في المفرد و المركّب: أمّا في المفرد فلأنّ سلوكهم لسبل الباطل لمّا كان عن غير علم منهم بكونه باطلا ناسب الغيلة فأطلق عليه لفظها، و أمّا في المركّب فلأنّ إسناد الغيلة إلى السبل ليس حقيقة. إذ الغيلة من فعل العقلاء. و اتّكالهم على الولائح اعتماد كلّ من رأى منهم رأيا فاسدا على أهله و خواصّه في نصرة ذلك الرأى. و وصلوا غير الرحم: أى غير الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ترك المضاف إليه للعلم به. و كذلك هجروا السبب الّذي امروا بمودّته و لزومه يريد أهل البيت أيضا، و ظاهر كونهم سببا لمن اهتدى بهم في الوصول إلى اللّه سبحانه كما قال الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: خلّفت فيكم الثقلين: كتاب اللّه و عترتى أهل بيتى حبلان ممدودان من السماء إلى الأرض لم يفترقا حتّى يردا علىّ الحوض. فاستعار لهم لفظ الحبل، و السبب في اللغة الحبل و أمرهم بمودّته كما في قوله تعالى «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏»«».

و قوله: و نقلوا البناء عن رصّ أساسه فبنوه في غير موضعه. إشارة إلى العدول بأمر الخلافة عنه و عن أهل بيته إلى غيرهم، و صلة غير الرحم خروج عن فضيلة العدالة إلى رذيلة الظلم، و عدم مودّة اولى القربى رذيلة التفريط من تلك الفضيلة الداخلة تحت العفّة، و كذلك نقل البناء عن موضعه دخول في رذيلة الظلم. ثمّ وصفهم وصفا إجماليّا بكونهم معادن كلّ خطيئة: أى إنّهم مستعدّون لفعل كلّ خطيئة، و مهيّئون لها. فهم مظانّها، و لفظ المعادن استعارة، و كذلك أبواب كلّ ضارب في عمرة، و استعار لفظ الأبواب لهم باعتبار أنّ كلّ من دخل في غمرة جهالة أو شبهة يثير بها فتنة، و استعان بهم فتحوا له ذلك الباب و ساعدوه و حسّنوا له رأيه فكأنّهم بذلك أبواب له إلى مراده الباطل يدخل منها.

و قوله: قد ما روا في الحيرة. أى تردّدوا في أمرهم فهم حائرون لا يعرفون جهة الحقّ فيقصدونه، و ذهلوا:أى غابت أذهانهم في سكرة الجهل فهم على سنّة من آل فرعون و طريقته، و إنّما نكّر السنّة لأنّه يريد بها مشابهتهم في بعض طرائقهم، و آل فرعون أتباعه.

و قوله: من منقطع إلى الدنيا. إلى آخره. تفصيل لهم باعتبار كونهم على سنّة من آل فرعون فمنهم المنقطع إلى الدنيا المنهمك في لذّاتها المكبّ على تحصيلها، و منهم المفارق للدين المباين له و إن لم يكن له دنيا، و المنفصلة مانعة الخلوّ بالنسبة إلى المشار إليهم، و يحتمل أن يريد مانعة الجمع، و يشير بمفارق الدين إلى من ليس براكن إلى الدنيا ككثير ممّن يدعى الزهد مع كونه جاهلا بالطريق فتراه ينفر من الدنيا و يحسب أنّه على شي‏ء مع أنّ جهله بكيفيّة سلوك سبيل اللّه يقوده يمينا و شمالا عنها. و باللّه التوفيق.

شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحراني)، ج 3 ، صفحه‏ى 213

 

Show More

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

Back to top button
-+=