و من كلام له عليه السّلام
قد وقعت مشاجرة بينه و بين عثمان فقال المغيرة ابن أخنس لعثمان: أنا أكفيكه. فقال أمير المؤمنين عليه السّلام:
يَا ابْنَ اللَّعِينِ الْأَبْتَرِ- وَ الشَّجَرَةِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَ لَا فَرْعَ- أَنْتَ تَكْفِينِي- فَوَ اللَّهِ مَا أَعَزَّ اللَّهُ مَنْ أَنْتَ نَاصِرُهُ- وَ لَا قَامَ مَنْ أَنْتَ مُنْهِضُهُ- اخْرُجْ عَنَّا أَبْعَدَ اللَّهُ نَوَاكَ ثُمَّ ابْلُغْ جَهْدَكَ- فَلَا أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ إِنْ أَبْقَيْتَ
أقول: هذه المشاجرة كانت في زمن ثوران الفتنة على عثمان في خلافته، و كان الناس يستسفرونه عليه السّلام إليه.
اللغة
و الأبتر: كلّ أمر انقطع من الخير أثره. و النوى: المقصد الّذي ينويه المسافر من قرب أو بعد. و النوى: لغة في النأى: و هو البعد.
المعنى
و قد ذمّ المغيرة بسقوط الأصل، و لعنه. و استعار لبيته لفظ الشجرة، و كنّى بنفى أصلها و فرعها عن سقوط بيته و دناءته و حقارته في الناس. ثمّ استفهمه عمّا ادّعى من الكفاية له استفهاما على سبيل الإنكار و الاستحقار له، و أقسم أنّ اللّه لا يعزّ من هو ناصره، و إنّما يعزّ اللّه من نصره أولياء اللّه و أهل عنايته، و من لم يعزّ اللّه لم يقم من نهضته كقوله تعالى «إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَ إِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ»«». ثمّ دعا عليه بإبعاد اللّه مقصده. و قوله: أبلغ جهدك. أى في الأذى فلا أبقى اللّه عليك إن أبقيت، أى لارعاك و لا رحمك إن راعيتنى.
يقال: أبقيت على فلان إذا راعيته و رحميته.
شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحراني)، ج 3 ، صفحهى 164