خطبه 130شرح ابن میثم بحرانی

و من كلام له عليه السّلام

أَيَّتُهَا النُّفُوسُ الْمُخْتَلِفَةُ وَ الْقُلُوبُ الْمُتَشَتِّتَةُ- الشَّاهِدَةُ أَبْدَانُهُمْ وَ الْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ- أَظْأَرُكُمْ عَلَى الْحَقِّ- وَ أَنْتُمْ تَنْفِرُونَ عَنْهُ نُفُورَ الْمِعْزَى مِنْ وَعْوَعَةِ الْأَسَدِ- هَيْهَاتَ أَنْ أَطْلَعَ بِكُمْ سَرَارَ الْعَدْلِ- أَوْ أُقِيمَ اعْوِجَاجَ الْحَقِّ- اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ- أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الَّذِي كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فِي سُلْطَانٍ- وَ لَا الْتِمَاسَ شَيْ‏ءٍ مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ- وَ لَكِنْ لِنَرِدَ الْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ- وَ نُظْهِرَ الْإِصْلَاحَ فِي بِلَادِكَ- فَيَأْمَنَ الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ- وَ تُقَامَ الْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ- اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَنَابَ- وَ سَمِعَ وَ أَجَابَ- لَمْ يَسْبِقْنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ ص بِالصَّلَاةِ- وَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَالِي عَلَى الْفُرُوجِ- وَ الدِّمَاءِ وَ الْمَغَانِمِ‏ وَ الْأَحْكَامِ- وَ إِمَامَةِ الْمُسْلِمِينَ الْبَخِيلُ- فَتَكُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُهُ- وَ لَا الْجَاهِلُ فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِهِ- وَ لَا الْجَافِي فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِهِ- وَ لَا الْحَائِفُ لِلدُّوَلِ فَيَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْمٍ- وَ لَا الْمُرْتَشِي فِي الْحُكْمِ- فَيَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ- وَ يَقِفَ بِهَا دُونَ الْمَقَاطِعِ- وَ لَا الْمُعَطِّلُ لِلسُّنَّةِ فَيُهْلِكَ الْأُمَّةَ

اللغة

أقول: أظأركم: أعطفكم. و وعوعة الأسد: صوته. و سرار العدل: ما خفى منه، و النهمة: الحرص على الدنيا.

المعنى

و قد أيّه بالنفوس بصفة الاختلاف: أي اختلاف الأهواء و القلوب المتشتّتة: أى المتفرّقة عن مصالحها و ما خلقت لأجله. و أراد بغيبة عقولهم ذهولها عن رشدها، و إصابة وجه الحقّ بانصرافها عن دعائه إلى ما ينبغي، و شبّه نفارهم بنفور المعزى من صوت الأسد، و وجه التشبيه شدّة نفارهم عن الحقّ، ثمّ استبعد إظهاره للعدل و إقامة الدين بمثلهم على ما هم عليهم من قلّة طاعته. ثمّ عقّب ذلك باستشهاد اللّه سبحانه على أنّ قصده بمنافسته في أمر الخلافة لم يكن في سلطان و لا لفضل حطام دنيويّ، و لكن للغاية الّتى ذكرها من ردّ معالم الدين و هى الآثار الّتى يهتدى بها و كذا سائر ما عدّده من المصالح. ثمّ تلا ذلك الاستشهاد باستشهاده على أنّه أوّل من أناب. أي رجع إلى اللّه تعالى عمّا لعلّه كان يعدّ في حقّه ذنبا، و سمع: أى أطاع اللّه و أجاب: أي داعى اللّه. ثمّ استثنى سبق الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى الدين بالصلاة و ذلك أمر معلوم من حاله، و إنّما يقول خصمه: إنّه حين تبع الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان طفلا لا اعتداد بإسلامه. و سنذكر ذلك في موضعه من الخطبة المسمّاة بالقاصعة، و غرضه من هذا الاستشهاد مع ما بعده من الإشارة إلى الرذائل الّتى ينبغي أن يكون الإمام منزّها عنها تقرير فضيلته، و نبّه على أنّ فيه من الفضائل ما يقابل تلك الرذائل بتعديدها و نفيها عن الإمام الوالى لامور المسلمين، و الإشارة إلى وجوه المقاصد اللازمة عنها، و تذكيرهم بما علموه من ذلك بقوله. و قد علمتم. إلى آخره:

أمّا البخيل فلشدّة حرصه على ما في أيدى الناس من الرعيّة و قد عرفت ما يستلزمه من نفارهم عنه و عدم انتظام الأحوال به، و أمّا الجاهل فلأنّه لجهله بقوانين الدين و تدبير امور العالم ضالّ و ضلاله يستلزم ضلال من اقتدى به و ذلك ضدّ مقصود الشارع، و أمّا الجافي فلأنّ جفاءه يستلزم النفرة و الانقطاع عنه و ذلك ضدّ الالفة و الاجتماع المطلوب للشارع، و أمّا الخائف من الدول فيخصّص بعنايته من يخافه دون غيره و ذلك ظلم لا ينتظم معه نظام العالم، و أمّا المرتشى في الحكم فلظلمه و ذهابه بالحقوق و الوقوف فيها على الحيف دون المقاطع الحقّة. فترى أحد هؤلاء إذا أراد فصل قضيّة دافع بها طويلا و صعّب الحقّ و عرّض بغموضه و أشار بالصلح بين الخصمين مع ظهور الحقّ لأحدهما و كانت غايته من ذلك تخويف صاحب الحقّ من فواته ليجنح إلى الاصلاح [الصلح. خ‏] و الرضى ببعض حقّه مع أنّه قد يأخذ منه رشوة أيضا، و ربّما كانت في المقدار كرشوة المبطل منهما. و لهم في ذلك حيل يعرفها من عاناهم. و اللّه المستعان على ما يصفون، و أمّا المعطّل للسنّة فلتضييعه قوانين الشريعة و إهمالها المستلزم لفساد النظام في الدنيا و الهلاك الدائم في الاخرى. و باللّه التوفيق.

شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحراني)، ج 3 ، صفحه‏ى 148

 

دیدگاه‌ها

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.