119 و من كلام له ع
تَاللَّهِ لَقَدْ عُلِّمْتُ تَبْلِيغَ الرِّسَالَاتِ- وَ إِتْمَامَ الْعِدَاتِ وَ تَمَامَ الْكَلِمَاتِ- وَ عِنْدَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ أَبْوَابُ الْحُكْمِ وَ ضِيَاءُ الْأَمْرِ- أَلَا وَ إِنَّ شَرَائِعَ الدِّينِ وَاحِدَةٌ وَ سُبُلَهُ قَاصِدَةٌ- مَنْ أَخَذَ بِهَا لَحِقَ وَ غَنِمَ- وَ مَنْ وَقَفَ عَنْهَا ضَلَّ وَ نَدِمَ- اعْمَلُوا لِيَوْمٍ تُذْخَرُ لَهُ الذَّخَائِرُ- وَ تُبْلَى فِيهِ السَّرَائِرُ- وَ مَنْ لَا يَنْفَعُهُ حَاضِرُ لُبِّهِ- فَعَازِبُهُ عَنْهُ أَعْجَزُ وَ غَائِبُهُ أَعْوَزُ- وَ اتَّقُوا نَاراً حَرُّهَا شَدِيدٌ- وَ قَعْرُهَا بَعِيدٌ وَ حِلْيَتُهَا حَدِيدٌ- وَ شَرَابُهَا صَدِيدٌ- . أَلَا وَ إِنَّ اللِّسَانَ الصَّالِحَ- يَجْعَلُهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمَرْءِ فِي النَّاسِ- خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْمَالِ يُورِثُهُ مَنْ لَا يَحْمَدُهُ رواها قوم لقد علمت بالتخفيف و فتح العين- و الرواية الأولى أحسن- فتبليغ الرسالات تبليغ الشرائع- بعد وفاة الرسول ص إلى المكلفين- و فيه إشارة إلى قوله تعالى- يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَ يَخْشَوْنَهُ- وَ لا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ و إلى قول النبي ص في قصة براءة لا يؤدي عني إلا أنا و رجل مني- .
و إتمام العدات إنجازها- و فيه إشارة إلى قوله تعالى- مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ و إلى قول النبي ص في حقه ع قاضي ديني و منجز موعدي- . و تمام الكلمات تأويل القرآن- و فيه إشارة إلى قوله تعالى- وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا و إلى قول النبي في حقه ع اللهم اهد قلبه و ثبت لسانه- . و خلاصة هذا أنه أقسم بالله- أنه قد علم أو علم- على اختلاف الروايتين- أداء الشرائع إلى المكلفين- و الحكم بينهم بما أنزله الله- و علم مواعيد رسول الله التي وعد بها- فمنها ما هو وعد لواحد من الناس بأمر- نحو أن يقول له سأعطيك كذا- و منها ما هو وعد بأمر يحدث- كأخبار الملاحم و الأمور المتجددة- و علم تمام كلمات الله تعالى- أي تأويلها و بيانها الذي يتم به- لأن في كلامه تعالى المجمل- الذي لا يستغني عن متمم و مبين يوضحه- .
ثم كشف الغطاء و أوضح المراد- فقال و عندنا أهل البيت أبواب الحكم- يعني الشرعيات و الفتاوي- و ضياء الأمر يعني العقليات و العقائد- و هذا مقام عظيم لا يجسر أحد من المخلوقين- أن يدعيه سواه ع- و لو أقدم أحد على ادعائه غيره لكذب و كذبه الناس- . و أهل البيت منصوب على الاختصاص- . و سبله قاصدة أي قريبة سهلة- و يقال بيننا و بين الماء ليلة قاصدة و رافهة- أي هينة المسير لا تعب و لا بطء- . و تبلى فيه السرائر أي تختبر- .
ثم قال من لا ينفعه لبه الحاضر و عقله الموجود- فهو بعدم الانتفاع بما هو غير حاضر-و لا موجود من العقل عنده أولى و أحرى- أي من لم يكن له من نفسه و من ذاته وازع و زاجر عن القبيح- فبعيد أن ينزجر- و أن يرتدع بعقل غيره و موعظة غيره له- كما قيلو زاجر من النفس خير من عتاب العواذل- . ثم ذكر النار فحذر منها- . و قوله حليتها حديد يعني القيود و الأغلال- . ثم ذكر أن الذكر الطيب- يخلفه الإنسان بين الناس- خير له من مال يجمعه و يورثه من لا يحمده- وجاء في الأثر أن أمير المؤمنين جاءه مخبر فأخبره أن مالا له- قد انفجرت فيه عين خرارة- يبشره بذلك- فقال بشر الوارث بشر الوارث يكررها- ثم وقف ذلك المال على الفقراء- و كتب به كتابا في تلك الساعة
شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد) ج 7